من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

عبد الرحمن الجشطولي



الشيخ شمس الدين محمد بن سالم الحفني ( ت 1190 هـ 1767 م ) وهو أحد أهم أعلام الصوفية في مصر إذا يعتبر من أهم رجال الطريقة الخلوتية، وعلى رغم كثرة من تناول سيرته من إخواننا المشارقة في مصر فإن أحداً منهم لم يشر إلى أثره في الجزائر فهو من أصول جزائرية.
وهذا الأثر الصوفي المهم كان عن طريق الشيخ عبد الرحمن الجشطولي مؤسس الطريقة الرحمانية , إحدى فروع الطريقة الخلوتية في المغرب العربي , وُلد الشيخ عبد الرحمن الجشطولي , الجرجري , في بلدة أيت إسماعيل ببلاد القبائل الكبرى بالجمهورية العربية الجزائرية , سنة 1130 هـ , وتلقى تعليمه في زاوية الشيخ صديق في بلدة أيت براثن , ثم ارتحل إلى مدينة الجزائر العاصمة . وفي سنة 1146 هـ خرج قاصداً بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج في رحلة طويلة جداً استغرقت سبعةً وثلاثين سنةً متصلةً ابتدأها بتوقّفٍ في العاصمة المصرية القاهرة لمدةٍ غير قصيرةٍ اجتمع خلالها بالشيخ محمد بن سالم الحفني وصحبه وتربىّ على يديه وأخذ عنه الطريقة الخلوتية , ومن القاهرة إلى الديار المقدسة حيث أدى فريضة الحج وجاور لمدةٍ وأعطى الطريقةً الخلوتيةً لمن شاء الله لهم ذلك , وواصل توغله في القارة الآسيوية ناشراً للطريقة مُعلماً ناصحاً آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر حتى بلغ الهند مروراً بإستانبول .
ورجع بعد الجهاد الطويل المكلل بالإخلاص والتوفيق في الدعوة إلى الله تعالى إلى بلده الجزائر, حيث نشر الطريقة الخلوتية التي سميت منذ أول يوم ابتدأ في نشرها فيه في الجزائر باسم الطريقة الرحمانية , ولإقبال الناس عليه وتحلقهم حوله وائتمارهم بأمره وانتهائهم بنهيه خاف الوالي التركي منه , فدبّر له مع شرذمةٍ من علماء السوء الذين لا يخلو منهم بلاط الحاكم عادةً , مؤامرةً تمثلت في إصدار فتوى فقهية ضد طريقته ولكن نور الله لا تذهبه نفخات الحاقدين والمرضى فقد انتشرت الطريقة الرحمانية في بلاد القبائل الكبرى والصغرى أيضاً وأخذ عن الشيخ عبد الرحمن خلفُ لا يحصون وبلغت الطريقة أوسع انتشارها وأسس في بلدة جرجرة بشمال الجزائر زاويةً كبيرةً اعتُبرت هي زاوية الطريقة الرحمانية الأم ومنها انتشرت هذه الطريقة المباركة في دول المغرب العربي حيث أسست لها الزوايا الكبرى بعد وفاة شيخها في قسنطينة , ونفطة في تونس وإطرابلس بليبيا .
واستمر مدد الله سبحانه , وسارت هذه الطريقة على أكمل وجه وأتمه حتى انتقل الشيخ عبد الرحمن إلى جوار الرحمن في سنة 1208 هـ الموافق 1793 م ودُفن في بلدة أيت إسماعيل بالجزائر .
واشتهر بعد موته بلقب ( بوقبرين ) وسبب هذا اللقب أن الأتراك خافوا تكاثر المريدين والقبائل حول ضريحه فنقلوا جثمانه إلى العاصمة الجزائر وأودعوه قبراً هناك ليكون الزائر له تحت سمعهم وبصرهم , فنبش رجال القبائل قبره في إيت إسماعيل فوجد كأنه دفن اليوم , فلقب بهذا اللقب .
ومن أبرز رجال الطريقة الرحمانية الشيخ محمد أمزيان الحداد شيخ زاوية صدوق الرحمانية , قائد الجهاد في شرق الجزائر سنة 1871 م ضد فرنسا وقد عمدت فرنسا على إثر انخراط كل مريدي الطريقة الرحمانية الذين قُدر عددهم بمائة ألف في حركة الجهاد واشتباكهم مع جند الإحتلال في معارك ضارية إلى إغلاق زاويتهم الرئيسة في جرجرة ثم استطاعت القبض على الشيخ الحداد وابن الشيخ عبد الرحمن الجشطولي المجاهد الكبير الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن الجشطولي حتى سنة 1875 م حيث استطاعت القوات الفرنسية تسجيل انتصارٍ عسكريًّ ساحقٍ عليهم .
تكملة الموضوع

ترجمة سيدي محمد بلقايد الشريف الحسني الإدريسي ''قدّس الله سرّه''

الولـي الذاكـر ذي النسب الزاهر سيدي محمد بلقايد الشريف الحسني الإدريسي ''قدّس الله سرّه''

يقول أحد العارفين بالله:
أسرد حديث الصالحين و سمّهم فبذكرهم تتنزّل الرحمات واغش مجالسهم تنل بركاتهم و قبورهم زرها إذا ما ماتوا ومن بين هؤلاء الصالحين الذين تتنزّل - إن شاء الله تعالى - بذكرهم الرحمات، وتعمّ الخيرات سيدي محمد بلقايد الشريف الحسني الإدريسي·
ولد - رضي الله عنه - بجوهرة الغرب الجزائري تلمسان سنة ,1911 وبها دفن في مقبرة العالم الربّاني سيدي السنوسي رضي الله عنه سنة ,1998 إثر وفاته بمدينة وهران يوم الجمعة 28 ربيع الثاني 1419 هـ الذي يوافق 21 أوت .1998


سيدي محمد بلقايد و ابنه و وارثه سيدي محمد عبد اللطيف و هو كهل قدّس الله سرهما


ويمتد نسبه الشريف إلى ياقوتة الأنام سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها، بنت الحبيب المصطفى وبضعته صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى باب مدينة العالم الخليفة الراشد سيدنا ومولانا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ورضي عنه·
ويمتد نسبه الروحي من حيث طريق القوم إلى سيدي محمد الهبري المتصل السند بمولانا العربي الدرقاوي، عن سيدنا أبي الحسن الشاذلي، عن سيدنا عبد السلام بن مشيش رضي الله عنهم وعن إخوانهم أجمعين·

ترعرع في بيت العزّ والشرف والعلم الظاهري والباطني...

فحفظ القرآن الكريم في الثالثة عشرة من عمره، وارتوى من معين علمي الشريعة والحقيقة عن طريق علماء أجلاء بحاضرة تلمسان، وعن والده وجدّه قدس الله أسرار الجميع، وكانت له، في طلب العلم جولات وسياحات روحية عبر حواضر الوطن، وبلدان المغرب والمشرق العربيين، فأجازه الكثير من المشايخ الشوامخ، وتصدى للتربية الروحية في تواضع العارفين بالله، فكان أهلا لها، وارتوى من ورده خلق كثير، إذ له أتباع في عدة جهات من المعمورة حيث طبقت شهرته الآفاق، ومن مريديه من هم ذائعو الصيت، ما زالت علومهم عن طريق مؤلفاتهم و- دروسهم المتلفزة والمذاعة - تشفي الغليل، أمثال العلاّمة الفهامة الشيخ سيدي متولي الشعراوي رضي الله عنه، الذي يظهر في الصورة المرفقة يجثو إجلالا لسيدي بلقايد، واعترافا بفضله وشكرا لله سبحانه وتعالى القائل عزّ من قائل: ''ولا تنسوا الفضل بينكم''، واقتداء بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم القائل:''من لم يشكر الناس لم يشكر الله''·

وقد أشفع الشيخ الشعراوي الفعل بالقول إذ منّ الله تعالى عليه - عقب خروجه من خلوة الشيخ بلقايد بسيدي عفيف رضي الله عنه بتلمسان - بقصيدة عصماء ستظلّ عربون وفاء، وعنوان تقدير وثناء، أبرز فيها مزايا الطريقة الهبرية وسجايا المنتسب إليها، والممثل لها سيدي محمد بلقايد عليه رضوان الله .

ويقول فيها:

نور الوجود وريُّ روح الوارد * هبرية تدنـي الوصـول لعابـد
تزهـو بسلسلـة لهـا ذهبيـة * من شاهدٍ للمصطفى عن شاهـد
طَوَّفتُ في شرق البلاد وغربها * وبحثتُ جهدي عن إمام رائـد
أشفي به ظمـأ لغيـب حقيقـة * وأهيمُ منه في جـلال مشاهـد
فهدانيَ الوهـابُ جـلّ جلالـه * حتى وجدت بتلمسان مقاصـدي
واليوم آخذُ نورها عن شيخنـا * محيِ الطريـقِ محمـد بلقايـد
ذقنا مواجيـد الحقيقـة عنـدهُ * وبه عرجنا في صفاء مصاعـد
عن شيخه الهبري درِّ كنـوزه * فاغنم لآلئـهُ وجـدّ وجاهـد
دنـدنْ بمـا لُقِّنتَـه مـن ورده * بصفاء نفـس متيّـم متواجـد
إيّاكَ من لفـتِ الفـؤادِ لغيـره * واجعل سبيلكَ واحـداً للواحـد
شاهد رسـول الله فيـه فإنّـه * إرثٌ توُورثَ ما جدا عن ماجـد
فإذا وصلتَ به لنور المصطفـى * فالمصطفـى لله أهـدى قـائـد
وهناك تكشِفُ كلّ سرّ غامـض * وتشاهد الملكوت مشهد راشـد
وإذا البصائرُ أينعـتْ ثمراتهـا * نالتْ بها الأبصارُ كـل شـوارد
لا تُلـقِ بـالاً للعـذولِ فـإنّـه * لا رأي قطُّ لفاقـد فـي واجـدِ
لو ذاقَ كانَ أحدّ منـك صبابـةً * لكنّـه الحرمـان لـجَّ بجاحـد
سر في طريقك يا مريد ولا تًعِرْ * أذناً لصيحـة منكـرٍ ومعانـد
لا يستوي عند العقولِ مجاهـدٌ * في الله قـوّامُ الدّجـى بالرّاقـد
اللهَ قلِ بحوى الهيـامِ وذرهـمُ * يتخبّطـونَ بكـل زورٍ فـاسـد
ثابر أخَيَّ علـى تجـارة رابـحٍ * واترك لحزبهمُ تجـارة كاسـد
اللهُ قصدكَ و الرّسولُ وسيلـةٌ * وخطاك خلـف محمـد بلقايـد







صورة نادرة للشيخ محمد متولي الشعراوي وسيدي محمد بلقايد قدس الله سرهما

وستظل زاويته العامرة في سيدي معروف رضي الله عنه بوهران مقصد طلاب العلم، ومجمع العلماء لاسيما بعد ازديانها بسلاسل الدروس المحمدية التي تنوّر الفضاءات الثقافية في الجزائر وفي العالم الإسلامي مشفوعة بنفحات شهر رمضان المعظم ومقرونة ببركاته وخيراته، فالحمد لله والشكر لله·

تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |