من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

الأجوبة المكية عن الأسئلة الحجازية للشيح محمد المكي بن عزوز

الحمد لله ربّ العالمين و الصّلاة و السّلام على أشرف الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين و بعد :
فمن الأجوبة المانعة التي يعي فيها طالب العلم مدى تبحر صاحبها رسالة عتيقة الطبع للعالم النحرير سليل العلماء الأفاضل السيد محمد المكي بن عزوز الحسني البرجي الجزائري ثم النفطي التونسي المغربي المالكي المتوفى سنة 1334هـ، وهو النظم الذي أجاب به عن سؤال نظمه الشيخ عبد الحفيظ القاري الطائفي له حول بعض المسائل التي تتعلق بالقرآن الكريم.
وسؤال الطائفي كان يدور حول خمس مسائل:
المسألة الأولى: حول تحريف القرآن العظيم في التلاوة وتغيير بعض الحروف التي اتحدت مخرجها.
المسألة الثانية: في بيان مخرج الضاد وكيفية النطق به.
المسألة الثالثة: بيان وقوف القرآن الكريم وهدي السلف في ذلك.
المسألة الرابعة: التغني بالقرآن الكريم وبيان الجائز والمحظور من ذلك.
المسألة الخامسة :فيما يتعلق بتفسير القرآن الكريم بمقتضى الرأي والأفكار الحادثة الجديدة؟
فبعد الثناء على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ذكر الشيخ عبد الحفيظ القاري الطائفي سبب تأليف هذا السؤال، وهو لما وجد عند سفرته من الحجاز إلى مصر وغيرها من تضييع لحق القرآن وتحريف لحروفه وتفسير مخالفٍ، خطر على باله أن يسأل العلماء نصحا لكتاب الله تعالى وللمسلمين، فقدم (سؤاله المنظوم إلى علامة العرب والروم) الشيخ محمد المكي بن عزوز.
وتمثل السؤال في أبيات عددها (40) حلاها ناظمها بذكر مكانة الشيخ المكي العلمية وتبحره في الفنون، وأن الذي يكشف مثل هذه المعضلات لا يكون إلا عالما حقا، قد طال باعه واتسعت معارفه، وكيف لا "وقد عرف الشيخ المكيّ بن عزوز بسعة الاطلاع وغزارة المادّة العلميّة وتنوّعها، وكان ميله إلى الأثر ومدرسة الحديث ملموسا في كتبه، مع دعوته إلى السنة واتباع السلف في التوحيد، ونبذه للتقليد الأعمى رافعًا شعار السلف " إذا صحّ الحديث فهو مذهبي" وأثرى منهجه العلمي باطلاعه على الأفكار والتيّارات المستحدثة في عصره، فلم يكن بمعزل عنها، وهذا هو وصف العالم المصلح في قومه، الذّابّ عن دينه وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم."(1)
ثم أتبع كل هذا بذكر المسائل المسؤول عنها.
فجاء جواب العالم الشيخ محمد المكي بن عزوز في (131) بيتا، كافيا ووافيا للمقصود، أزال به ما أشكل على الكثير بأسلوب أدبي رائق، حتى جاء في آخر الرسالة ما نصه (6):
"ومن اللطائف أن بعض أدباء الشرق لمّا سمع هاته القصيدة قال: ما رأينا نظما علميًّا مكتسيًا جلباب الأدبيات غير هاته القصيدة، ومعلوم أن ذلك لا يتم إلا لطويل الباع من الجهتين" انتهى
حول المطبوع:
طبعت الرسالة لأول مرة بالمطبعة المحمدية المصرية بجوار الأزهر سنة 1322هـ، يعني في نفس السنة التي كتبها فيها الشيخ محمد بن مكي، ونجد هذا مصرحا به في طرة الكتاب:
"طبعت بعد الإذن من المشار إليهما على نفقة السادات أحمد ناجي الجمالي ومحمد أمين الخانجي وأخيه لتعميم الفائدة. توزع للفقراء من طلبة العلم مجانا"
وجاء في آخر الرسالة :" تمّ بحمد الله وحسن توفيقه طبع هذه القصيدة الغراء الجامعة لما تشتّت في بطون الكتب المؤلفة في تحرير هذه المسائل المحتوية على ما لم (هكذا) يوجد في غيرها، وكان انتهاء ذلك في أواخر شهر جمادى الآخرة سنة 1322هجرية على صاحبها أفضل الصلاة والتحية.
و يقع المطبوع في ستة أوراق عليه حاشية لتفسير بعض الكلمات، طبع كما ذكرنا آنفا منذ قرن وثمان سنوات، فارتأيت بعد معونة الله تعالى أن أكتب الأبيات وأضعها للقراء الكرام، عسى الله تعالى أن يقيض لهذا النظم الفائق والفن الرائق من يخدمه خدمة علميّة تليق بمقام النظم وصاحبه الشيخ محمد المكي بن عزوز، ضبطا وشرحا، والله أسأل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همومنا وغمومنا، راجيا القارئ الكريم أن لا ينس ناظمه وكاتبه بالدعاء والمغفرة إنه تعالى جواد شكور.
بداية السؤال :

الحمد لله الّذي خصّ لغة العرب بالضّاد وميّزهم بما خوّلهم عن مشابه ومضاد ، و الصّلاة والسّلام على من قال اقرؤوا القرآن بلحون العرب صلّى الله عليه و على آله وصحبه الّذين بإتباعه نالوا الأرب وسلّم تسليما كثيرا إلى يوم الدّين وبعد فيقول الحقير المعترف بتقصيره في خدمة الباري عبد الحفيظ بن عثمان القاري انه لما زالت ركابي عن الرّحاب الحرميّة والأقطار الحجازيّة وسارت في السّياحة إلى الأقطار المصريّة والممالك الرّومية سمعت في كلام الله عزّ وجلّ ما يوجب الانزعاج ويجلب الوجل من تحريف وتفسير مخالف وألحان يفترض إنكاره على كل إنسان ، خطر خاطري الفاتر وفكري القاصر أن أسأل العلماء الأعلام عمّا دهى الإسلام في هذه الأعوام ليبيّنوا للمسلمين عموما وللقرّاء خصوصا الحلال والحرام فقدّمت هذا السّؤال المنظوم إلى علاّمة العرب والرّوم الأستاذ الكامل جامع الفضائل ومقدم الأفاضل السّيد محّمد مكّي بن عزّوز التّونسي سلّمه الله تعالى واسأل الله التوفيق والله يهديني والمسلمين لأقوم طريق آمين .
1- ما قولكم يا صفوة العلمـاء أنتم شموس العلم عين هداء
2- أنتم هداة الخلق إذ عم العمى أنتم بذور الحق ضد شـقاء
3- أنتم نجوم العدل وراث الهدى بالحق عن طه لدى الإنبـاء
4- أنتم شفاء الداء إن عدم الدوا أنتم دواء الجهل في الأحياء
5- انتم قذى في عين كل معاند لم يلق نورا بل حظى بعماء
6- هذا كلام الله غير لفــظه عمدا بكـل تعنت ومراء
7- فالثاء سين أبدلت و الذال زا والوقف لا تسل عن الخلطاء
8- والضاد ظاء أبدلت يا سادتي وكظل ضل بنطق كل هجاء
9- هل مخرج للضاد يتلى أم له ثان أفيدوا جملـة العلماء
10- وهل التفشي من صحاح صفاته في قول حبر جـاء للقـراء
11- هل م الطواحن مخرج أم في التي وليت لأضراس لدى الإقراء
12- كم فيه معترك الفحول من الألى سلفوا تآليف كسيف قضاء
13- لكنه في الكتب مندرس لقد أسمعت إن كانوا من الأحياء
14- لا يفقهون نصوص علم سطرت والشمس قد تخفى على الرمداء
15- وسمعت ظا لا مخرج فاءت له عن غير معتمد أتت بهواء
16- قالوا هي الضاد التي قد أنزلت في لفظ قرآن على الفصحاء
17- لم تعرف العرب الذي بلسانهم نزل الهدى حرفا بغير ثواء
18- أم هو اختراع في زمان قل فيـ ـه العلم والإنكار من علماء
19- هل في الصلاة تجوزون قراءة من غير تجويد و فرط عناء
20- ما الحكم إن تاليه غير مخرجا مع قدرة للضاد أو للظاء
21- لا يستحي لما يخاطب ربه باللحن في جهر وفي إخفاء
22- ما حكمه في الشرع يا أهل النهى حال التعمد في دعا و ثناء
23- هذا كلام الله معجزه خلقه هو للقلوب جلا وعين شفاء
24- هو حافظ تنزيله بجلاله وموفق يحميه من أعداء
25- حارت عقول الكفر في إعجازه ما استكشفوا وجدوه في الإحصاء
26- قد صححوا ألفاظه في طبعه والغمر يقرؤه كلحن غناء
27- هل جائز وضع المثاني كالأغا ني في المعاني مجلس السفهاء
28- أو وضعه في آلة قد أحدثت للصوت حفظا عند قصد حداء
29- كالذكر يمنع ما أتى للدين من خطب الأذان لمنهج الحنفاء
30- أو فسروا طيرا أبابيل بمكـ روب و سجيلا بطين حماء
31- فمن اهتدى فبفهمه قد أخرج الـــــــ ــعلم الغزير إلى عيون الرائي
32- من نرتجي للدين يكشف غمة عمت على الإسلام بالإغماء
33- غير ابن عزوز إمام للهدى بالحق يفتي لا بأخذ رشاء
34- من مغرب في مشرق يبدي السنا في المطلعين له ضيا كذكاء
35- من ذا الذي يرقى ويبلغ شأوه هذا لعمري واحد الفضلاء
36- إن كان فينا قائم فهو الذي بالعلم يرقى ذروة الجوزاء
37- أفتوا الأنام بكشف ما وضحته في ذا السؤال لمعشر القراء
38- فالقارئ المضطر يدعو دائما بخلاصنا من حالة الغرباء
39- يا رب طه بالنبي وآله نصرا لجند الحق عند لقاء
40- وصلاة ربي ما دعا داعي الفلا ح على النبي وآله النبهاء
المقر بالتقصير في خدمة الباري خادم العلماء عبد الحفيظ القاري لطف الله به.
الجواب
1- وافت تبختر في سنا وسناء ليرى الأنام نموذج الحوراء
2- أقلادة في جيدها اتسقت فما تركت جمال النظم للجوزاء
3- أم ثغرها اللألاء أومأ برقه لوصال مضناها وقطع جفاء
4- ما ذا السواد أذي ذوائب فتنة برزت لتصبي كُمل العظماء
5- أم ذي عيونُ كواعب صفّت لكي تغتال أُسدا وهي سرب ظباء
6- كلا وفهم الجدّ فافهم إن في ذوق المعاني نشوة الصهباء
7- في عالم الأفكار أضعاف لما يهواه جسم إذ يراه الرائي
8- ولكل مرتبة وكل دراية أهل فجد بالعذر للجهلاء
9- ايه أخ النصح المبين فهات لي ما يستطاب لدى ذوي الاحجاء
10- يا ذا الحبيب تحركت بك غيرة دينية في همة شمّاء
11- لما رأيت مراسم الإسلام في نقص وكانت في انتظام نماء
12- وتلاوة القرآن ثم صلاتنا قد ضيعا في السر والإبداء
13- قد ضيعا بالجهل أو بتساهل إيثار حظ النفس والأهواء
14- فطفقت ترشد معربا سنن الهدى بالجهد سالك مسلك النصحاء
15- تبغي المعين وأنت في زمن به ذو الدين وفق النص في الغرباء
16- من أجل ذا استفتيت والفتوى بما ستراه ليست عنك ذات خفاء
17- فقريضكم يحوي مباحث خمسة تدقيقها للروح خير غذاء
18- فقريضكم ضيف عزيز ما ارتضى نزلا بغير منصة الأحساء
19- لكن بما يقري قنوعا هكذا أخذا وتركا عزة الكبراء
20- فخذ الجواب ولكل علم إجابة بدئت مزيته بالاستفتاء
مبحث تحريف القرآن العظيم في التلاوة
21- تحريف لفظ من كتاب الله عن عمد ضلال فيه كل شقاء
22- ومن التعمد من تلا مستعجلا عجلا يخالف مجمع القراء
23- ولعادة ولرب تابع عادة ضلت مراشده بظن نجاء
24- من ذاك قلب الذال زايا صافرا والسين يجعله محل الثاء
25- لو كان فاعل شبه ذلك أعجما لا يستطيع تلفظ العرباء
26- أو كان يخطئ ذاهلا فالشرع قد منح المكلف عثرة الإخطاء
27- ولقد سمعنا قارئا في مسجد يتلوه أعجم راكب الهوجاء
28- وبذلك النادي تلاه محررا مثل الأعارب معدن الفصحاء
29- هذا تلاعب عامد أم جاهل بمكانة القرآن ذي استزراء
30- قال الرضا القاضي عياض والرضا ملا علي القاري قِرَى الكرماء
31- تبديل حرف مجمع عنه إذا عمدا جرى كفر بلا استثناء
32- وأفادنا النووي هذا الحكم من إجماع هذي الأمة الغراء
33- تجويده لا سيما بصلاتنا حتم ومأمور بالاستيفاء
34- وصلاة ذي لحن على خطر ففي بطلانها خُلْفٌ لدى العلماء
35- وخليل(1) أفهم في إمامة لاحن تفصيل حكم ضيق الأرجاء
36- إن كان في أم الكتاب عثاره لا خُلفَ في البطلان للفقهاء
37- واختار بناني فاس صحة ميلا ليسر الملة السمحاء
38- لكن مع التحريم إن وجد الذي يدري حدود مبيني الإقراء
39- ومتابعوا النعمان أرجح قولهم للغانمي(2) المشرق الأضواء
40- بطلانها إن كان أهل تعلم أما العوام فأفت بالإعفاء
41- وشبيهها فتوى الرضا النووي في شرح المهذب درة العرفاء
42- والهيتمي(3) الفذ عالم مكة أبداه معتمدا بحسن جلاء
__________
(1) خليل المالكي صاحب المختصر.
(2) الشيخ علي بن غانم المقدسي.
(3) ابن حجر.
بحث النطق بالضاد
43- ثم امتياز الضاد سهل عند من عاناه بالتلقين والإلقاء
44- وله التباس غالب بالظا فمن عرف الحدود يفوز بالعلياء
45- الضاد مخرجه بحافة مقول يمنى أو اليسرى بغير عناء
46- بلصوقه الأضراس وهو بمخرج فرد على الجهتين في الأنحاء
47- فردٌ بوصف الاستطالة ماله زحْمٌ كمثل الأحرف الشركاء
48- وبكونه لمقدم الفم عنده قرب قليل جاوزوا للظاء
49- والحال بين المنطقين تغاير فرق جلي مثل شمس ضحاء
50- والصاد بالإطباق فارق سينه فأولا(1) أمام الفم خطّ سواء
51- ومن الخطا في الظاء يلفظ حرفه دالا يفخمه مع استعلاء
52- أو باللسان يمس جلد الحنك أو شفة عن الأضراس نطق نائي
53- والبعض يلفظه كلام فخمت والكل منعوت بنعت عداء
54- للفظ بدله مع المعنى وذا التحريــــف من يرضي عدا البلداء
55- للضاد شرط لا يكون لغيره فاسمعه فيه العون للإملاء
56- ريح من الفم بانضغاط بارز معه فتسمعه كنقر إناء
57- لكن بغير تعسف كتعمد بالنّفخ والغالي(2) رعين بلاء
58- ويظنّ بعض المعتنين وأخطؤوا أن استطالته بطول بِطاء
59- يمضي زمانا في تكلف نطقه فيفوته قصد مع الإعياء
60- فالاستطالة في مكان حازه لا في الزمان و لابصوت هواء
61- صفة التفشي ما فشت ومفيدها الــــطود الخليل من القدا(3) الفضلاء
62- فتعقبوه ورد فالأحرى به شين هو المقروء في الانداء
63- الضاد مضبوط مبين ما رأتْ فيه التفشي دقة البصراء
64- ووجوبه نطقا بلا ريب فمن يلغيه زهدا يلق شر جزاء
________
(1) اسم اشارة مثل هؤلاء.
(2) صاحب الغلو الافراط في كل شيء.
(3) القدا:جمع قدوة.
مبحث وقوف القرآن
65_ أما الوقوف فتركها لا ينبغي وبعين جاهلها عظيم غشاء
66_ لولا المواقف ما استبان تعلق لكثير آي الذكر و الأنباء
67_ كان الصحابة يحفظون وقوفه كالحل و التحريم باستقراء
68_ وجمال رونقه يزيد بوقفه و الخلط شأن بصيرة عمشاء
69_ وقفوا من أنفسكم(1) عزيز وابتدوا بعليه ما بدء حليف جفاء
70_ فاختل فهم القصد واعجب أسسوا ذا في المصاحف منه مسرى الداء
71_ وسواه قس وهَلِ التدبر ممكن مع خلط نسق أمامها بوراء
__________
(1) قوله تعالى :لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم (التوبة : 128 ) معنى عزيز عليه ما عنتم : شديد عليه عنتكم، وبالوقف على عزيز والبدء بما بعد يتبدل المعنى تبدلا سيئا كما لا يخفى.
مبحث قراءة القرآن بأنغام الأغاني
72_ أما الأغاني في التلاوة مبتلى أصحابها بمصيبة دهماء
73_إلا بجمع شروطها فاسمع لما يُتلى عليك وشُدّه بوِكاء
74_أن لا يقدم نغمة التحسين في صوت على قانون علم أداء
75_مدا لمقصور وقصر مديده كالإدِّغام وغنة إخفاء
76_و سواه من آدابها فمفرط تبعا لأنغام من الجُنّاء(1)
77_هذي الشروط بالاتفاق لقارئ أما الذي ينحوه للإصغاء
78_وافى لسمع الذكر إلا أنه يختار صوتا راق أهل ذكاء
79_فالقصد يستمع الكتاب تدبرا لا لاشتهاء النفسِ صوتَ غناء
80_ودليله أن لا يفارق قلبه معنى الكلام بنغمة حسناء
81_ ومن المشاهد أن مستمعي أولا يتأوّهون كمُشتكي الأرزاء
82_ والبعض يطربه السماع وربما يهتزُّ صائِحَ صيحة السَّراء
83_ سَلْهُم أمعنى الذكر وقتئذ دَرَوْ كلا وربِّ الغيث والأنواء
84_ ما ثَمَّ جوفٌ يحتوي قلبين دَعْ تلبيس أهل الغَيِّ والإغواء
85_ ما جيء للقرآن إلا للهدى بحضور قلبِ تخشعٍ وبكاء
86_ ما يستحون من اتخاذ كلامه سبحانه للهو سترَ وقاء
87_ وسماعه من آلةٍ وأذانها لعبا وتتلوا خطبة الخطباء
88_ هزؤا بدينهم لطمس بصيرة تبّا لمعشر شِقوة سفهاء
89_ وارْدِفْهُ ذكر معقبات صلاتهم يَزقِي(2) مسبِّحُهُم كهزلِ مُكاء
90_ فالذّاكِرُون تَلعثَمُوا غَلَطًا به والمنصِتُون لَهَوْ بِسَمْعِ حداء
91_ واسمع لبدعيٍّ ينادي بالدُّعا تنميقه في سجعة الوَرْقَاء(3)
92_ آمين آمين المُغَنَّى باسمها أجمالُ صوتٍ مُسرِعٌ بعطاء
93_ أَوَرَبُّك الرحمن في بُعدٍ غَدَا يحتاج من داعٍ رفيعَ نداء
94_ أمر النبي بخفض صوت مسبح وتضرعٍ ذِي خُفْية بدعاء
95_ وبه كتاب الله جاء مصرِّحا أيثاب ذكرُ تصنعٍ ورياء
96_ لم يعلموا من كان يعمل مثل ذا للاقتراب يجابُ بالإقصاء
97_ والعلة الكبرى التي منها البَلا داءُ التَّعَوّدِ معضل الأدواء
98_ كم بدعة ورذيلة سهلت على قومِ بها اعتادوا بلا استحياء
99_ كم سنة وفضيلة سبقت لمن ما اعتاد ينظرها من البَلْوَاء
100_ أين التقى يا خير أمة اخرجت للناس ذات شريعة زهراء
101_ أمرا بمعروفٍ ونهيِ مناكرٍ يا فوز شهمٍ آمرٍ نهّاء
_______
(1) جمع جان من الجناية.
(2) يزقي يصيح.
(3) الورقاء الحمامة.
بحث تفسير القرآن بمقتضى الأفكار الجديدة
102_ أما الذين يفسرون كلامه سبحانه بالحَدْثِ والآراء
103_ ولعوا بفلسفة رأَوْها حجة معصومة من زلة وخطاء
104_ شمّوا روائحها و بعض قلَّدوا صُبغ القرين بصِبغة القرناء
105_ وتجرّؤا حتى بها وزنوا لهم أخبار غيب صحّ بالإيحاء
106_ هذا من الإلحاد في آياته والملحدون معاضدوا الأعداء
107_ إيماننا بالغيب أول مطلع في المصحف المتبوع للسعداء
108_ تفسيرهم طيرا أبابيل بمكـــــروب تعدٍّ جالب الأسواء
109_ أي اضطرار موجبٌ لعدولنا عن ظاهرٍ بمحجّةٍ بيضاء
110_ والشرط في التأويل رد العقل ما في ظاهر بالقطع قطع مضاء
111_ للعقل أيضا منتهى من جازه في الحال يُصْمَ بفتنةٍ عمياء
112_ جزموا بظنِّيَاتِهم شغفا بها والظن غير الحق في الأشياء
113_ مست عقائد في الصريح ورودها قالوا اقتضته قواعد الحكماء
114_ يا قوم ما لكُمُ خلطتم ذا بذا لا تَعقِدُوا عقدا بغير ضياء
115_ تصديق ما شادوا بنهج ضائع لا ضير تسليما إلى الخبراء
116_ إذ ثم مكتشفاتُهُمُ والدين لا ينفي حقائقها لدى العقلاء
117_ أما الذي هو من وراء فُهُومِهم حَجَرٌ على فَمِ مُعتَدٍ خطّاء
118_ سبحانك اللهم هذا منكر بهتانُ فاكتبنا من البرآء
119_ شكرا لمن أسدى لنا أنشودة تزري ببهجة روضة غناء
120_ هذا وقد هيجتَ لي أسفا خبا(1) وأثرت لي أملا لنجع دواء
121_ فعسى نهوضك فيه نفعٌ للورى إذ كنت صالحَ نيةٍ بصفاء
122_ أهل لها عبد الحفيظ وخدنها في فطنة ومعزّة قعساء(2)
123_علم كعلمك نافعٌ تَهدِي به والنفعُ رأسُ الشُّكرِ للنَّعماء
124_ اقبل جوابا تمَّ ضِمْنَ قصيدةٍ طَاغَتْ قوافيها بلا استثناء
125_ وَافَتْكَ تَرْفُلُ في مطارف قدرها محمورة الوجنات ذات حياء
126_ للمصلحين تمتعٌ وكفيلةٌ ببصارة الأنوار والظلماء
127_ ولمن تعدّى الحدّ شرعا سهمُه منها شرارة منذرِ الاصلاء
128_ كعصا الكليم له متاعٌ والبغـــــات أتتهم في حية رقطاء
129_ يا رب وفق والذنوب اغفر لنا وكن الوليَّ لنا وجُدْ برضاء
130_ وصِلِ الصلاة مع السلام على الذي ختم النبوة سيد الشفعاء
حرره محمد المكي بن عزوز بالأستانة العلية غرة جمادى الأولى سنة 1322هـ.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ناسخه آل شطارة الجزائري.
________
(1) قوله خبا أي سكن وهو اشارة إلى غلبة الشر على الخير في هذا الزمان حتى خرت عزائم الصالحين من أهل الإحساس.
(2) أي ثابة كالعز الأقعس.

ورحم الله سيدي محمد المكي بن عزوز ونفعنا ببركاته آمين
الفاتحة

0 التعليقات :

إرسال تعليق

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |