من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

حمل مخطوط الطراز في ضبط الخراز للإمام التنسي الجزائري



كتاب يُعد أصل في بابه جاء في تعريف مصحف الملك فهد بن عبد العزيز ما نصه: "وأُخِذَت طريقةُ ضبطه مما قرره علماء الضبط على حسب ما ورد في كتاب "الطراز على ضبط الخراز" للإمام التَّنسي مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمد وأتباعه من المشارقة ، بدلا من علامات الأندلسيّين والمغاربة"ا.هـ

الطراز في شرح ضبط الخراز

تأليف العلامة أبي عبد الله محمد بن عبد الله التَّنسي الجزائري

بطاقة الكتاب:

العنوان : الطراز في شرح ضبط الخراز .
المؤلف : الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله التَّنسي .
تحقيق : د. أحمد بن أحمد شرشال .
دار النشر : مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف .
سنة الطبع : الطبعة الأولى (1420 هـ) .
نوع التغليف : مجلد ( 798 صفحة ).

التحميل

الرابط الأول : من موقع أرشيف وهي طبعة دار النشر "مجمع الملك فهد لطباعة المصحف"


الرابط الثاني :

نسخة مخطوطة نادرة جدا بخط مغربي واضح وأنيق ...
صورة من المخطوط



تحميل النسخة الأولى

تحميل النسخة الثانية

هوامش:

الإمام العلامة أبي عبد الله محمد بن عبد الله التَّنسي سبق وأن وضعنا له ترجمة خاصة بالمدونة

على هذا الربط
تكملة الموضوع

حمل كتاب أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض للمقري التلمساني



أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض للعلامة أبي العباس أحمد بن محمد المقري التلمساني الجزائري (ت 1041هـ)

موسوعة ضخمة، تقع في خمسة مجلدات. جعل المقّري محورها أخبار القاضي عياض، كما جعل محور كتابه (نفح الطيب) أخبار الوزير لسان الدين ابن الخطيب. وجمع في كل من الموسوعتين ألواناً من المعارف التاريخية والأدبية واللغوية.

شرع في جمعه وهو في مدينة فاس سنة 1013هـ تلبية لرغبة أهالي بلده (تلمسان) في التعريف بالقاضي عياض، عالم المغرب الأقصى وقاضيه الأشهر. وقد ألمّ في هذا الكتاب بكثير من شؤون بلاد الأندلس، وأحوال المسلمين في عصر الجلاء عنها، وفيها الكثير من مشاهداته، وأخبار تنقلاته في البلاد.

ويمتاز باحتفاظه بطائفة كبيرة من الأخبار والنصوص المغربية والأندلسية، التي لم ترد في نفح الطيب، ولا غيره من الكتب المطبوعة، وإنما بادت أصولها، أو هي لا تزال سراً مطوياً في خزائن الكتب. طبع الجزء الأول منه لأول مرة في تونس سنة 1322هـ ثم طبعت الأجزاء الثلاثة الأولى منه سنة 1939م في بيت المغرب في القاهرة، برعاية سمو الأمير مولاي الحسن بن المهدي، الخليفة السلطاني سابقاً بالمنطقة الشمالية من المملكة، ثم أعيدت هذه الطبعة، مع طباعة الجزئين المتبقيين، من الكتاب سنة 1978م برعاية صندوق إحياء التراث الإسلامي المشترك بين المملكة المغربية، ودولة الإمارت العربية المتحدة.

فرغ المقري من كتابة (أزهار الرياض) في حدود سنة 1038هـ.



عدد الأجزاء: 5





تكملة الموضوع

ترجمة العلامة أبي عبد الله محمد بن عبد الله التَّنسي الجزائري

أولا تعريف بمدينة تنس التي ينتمي إليها صاحب ترجمتا اليوم العلامة أبو عبد الله محمد التنسي


باب البحر بـ: مدينة تنس "أسوار يرجع تاريخها إلى القرون الوسطى"

تقع مدينة تنس على الساحل الأوسط للجزائر بين شرشال ومستغانم تربض مدينة تنس في هدوء رهيب و جمال مهيب و تنس إلتقاء لونين زرقة بإخضرار مع فسيفساء التاريخ و همسات الأمم الغابرة يعود تأسيس المدينة إلى القرن الثامن قبل الميلاد على يد الفنيقيين أجداد العرب الأوائل الذين سيطرت أساطيلهم آنذاك على حوض المتوسط و بعد إندحار سلطان الفنيقيين تعاقب على مدينة تنس الإحتلال الوندالي الروماني ومن ثم الفتح العربي الإسلامي إلى غاية الإحتلال الإسباني عام 1510 لتحررعلى يد المجاهد بابا عروج الذي طرد جيشه الإنكشاري الإسبان من كل سواحل الجزائر و من تنس عام 1517 و ظلت تنس تنعم بالأمن والنماء إلى غاية الإحتلال الفرنسي لها عام 1843 بعد قتال مرير بقيادة القائد بومعزة دفاعا عن تنس و الظهرة.

العلامة أبي عبد الله محمد بن عبد الله التَّنسي الجزائري

تمهيد:

أيها الإخوة الأفاضل إذا قرأ أحدكم في المصحف الشريف فلينظر بعد الانتهاء من القراءة المعلومات المتعلقة بهذا المصحف الشريف - و ليكن المصحف المطبوع "بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة" أو من المصاحف المطبوعة بمصر أو سوريا ، لأن المصاحف المطبوعة في الجزائر – مع الأسف الشديد لا تذكر المعلومة التي سأشرحها لك - و ليطالعوا المعلومات الخاصة بالجهة التي طبعت المصحف و هي مذكورة في الصفحات الأخيرة ، و التعريف به ، فسيطالعون من بين المعلومات هذه الجملة :


'' وأخذت طريقة ضبطه مما قرره علماء الضبط على حسب ما ورد في كتاب الطراز على ضبط الخراز للإمام التنسي ''.
و الكثير من الجزائريين يجهلون أن الإمام التنسي هذا هو ابن مدينة تنس ( ولاية الشلف)، فمن هو هذا الامام؟



اسمه و نسبه:

الإمام، المحدث، الحافظ، المقرئ، الفقيه، الأديب، المؤرخ ، الناظم : أبو عبد الله محمد بن عبد الجليل بن عبد الله التنسي التلمساني ، ولد بمدينة تنس ، ولم أقف على سنة مولده في جميع الكتب التي ترجمت له و هذا امر غريب في حق عالم مشهور كالتنسي ؟ لكنني وجدت الامام السخاوي ذكر في ترجمته رقم 274 قال : '' بلغني في سنة ثلاث وتسعين بأنه حي مقيم بتلمسان جاز الستين '' ولما كان السخاوي قد فرغ من تبييض كتابه في ربيع الآخر من سنة (896هـ) كما هو معروف، يمكنني القول – والله اعلم- انه ولد بين سنوات 832 الى 834 هـ .

شيوخه و طلبه للعلم :

أول شيوخه هو والده عبد الجليل الذي حفظ على يديه القرآن الكريم و علوم العربية و آدابها ، و الحديث الشريف ، انتقل بعدها الى حاضرة الزيانيين مدينة تلمسان حيث قرأ التفسير و القراءات و الحديث و الفقه عن علماء أجلاء منهم ابن مرزوق الحفيد [الامام الحبر أبي الفضل محمد بن أحمد بن محمد ابن أحمد بن مرزوق الحفيد (قطف الثمر ج1/ص111)]، والولي أبي إسحاق إبراهيم التازي، وأبي الفضل بن الإمام، وأحمد ابن زاغو، وقاسم بن سعيد العقباني، ممن كانت لهم "مشاركة في العلوم العقلية والنقلية" ( البستان في ذكر أولياء تلمسان لابن مريم ص 248، 249 )، و قد انتقل الى مدينة فاس حيث أخذ عن علمائها ، و سافر ايضا الى المشرق ليستفيد مما يرويه محدثيه و علمائه.

تلامذته و سعة علمه :

لقد تخرج على يد الامام التنسي تلامذة كثيرين ، كما حضر دروسه التي كان يلقيها لسنين طويلة في مساجد تلمسان خلق لا يعد و لا يحصى يدل على ذلك قول تلميذه العالم أبو عبد الله ابن الامام ابن العباس [شيخ شيوخ وقته في تلمسان، من كتبه (شرح لامية الافعال) لابن مالك، في الصرف، و (شرح جمل الخونجي) في المنطق، و (العروة الوثقى في تنزيه الانبياء عن فرية الالقا) و (فتاوي) توفي سنة 871هـ ] .
"لازمت مجلس الفقية العالم الشهير، سيدي التنسي عشرة أعوام، وحضرت إقراءه تفسيرا، وحديثا، وفقها وعربية، وغيرها".

و تتلمذ عليه الشيخ العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي الفضل بن سعيد بن سعد الانصاري ،ابن صعد مؤلف "النجم الثاقب فيما لأولياء الله من المناقب"، ومؤلف "روضة النسرين في مناقب الأربعة المتأخرين". و " مفاخر الاسلام " و " في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم" توفي سنة 901 هـ ]

و من تلامذته أيضا حفيد الحفيد ابن مرزوق [ محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر من مرزوق العجيسي (766 - 842 هـ = 1364 - 1438 م) : عالم بالفقه والاصول والحديث والادب، له كتب وشروح كثيرة، منها " المفاتيح المرزوقية لحل الاقفال واستخراج خبايا الخزرجية "و " أنواع الذراري في مكررات البخاري " و " نور اليقين في شرح أولياء الله المتقين " و " تفسير سورة الاخلاص " وثلاثة شروح على " البردة " و " المتجر الربيح " في شرح صحيح و غيرها ] و من بين تلاميذته ، المتصوف الشهير أحمد زروق و غيرهم ، أن هذه الاسماء الاعلام تدل على علو كعب هذا الامام و سعة علمه.

كما عرف الامام التنسي باهتمامه الكبير بالأدب شعرا ونثرا، وكثير اهتمامه بالتاريخ. وإذا كان معاصروه والمترجمون له، قد انتبهوا لقوة حافظته، ولسعة اطلاعه، ولتبحره في علم الحديث النبوي الشريف، وفي الفقة فإننا نلاحظ أنهم حرصوا كل الحرص، على إظهار ميله إلى التاريخ والأدب، مع أن الاهتمام بالمادتين كما هو معروف، كان قليلا في ذلك العصر الذي تغلبت فيه العلوم الدينية والتصوف على الحياة العلمية، فوصف أحمد الونشريسي صاحب "المعيار المعرب، والجامع المغرب عن فتاوي علماء إفريقية والأندلس والمغرب" الامام التنسي: "بالفقيه، الحافظ، التاريخي، والأديب الشاعر"، و قد أورد المقري أبو العباس أحمد في كتابه :" أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض: 1/ 85 " كيف انه كان بنتقد و يعلق على قصائد الشعراء و منهم الشاعر الاديب ابن الخطيب ، قال المقري : (...و كان الفقيه ذو الوزارتين أبو عبد الله بن الخطيب المذكور آنفا كثيرا ما يوجه إليه بالأمداح [السلطان أبو حمو الزياني ] ومن أحسن ما وجه له قصيدة سينية فائقة وذلك عندما أحس بتغير سلطانه عليه فجعلها مقدمة بين يدي نجواه لتمهد له مثواه وتحصل له المستقرة إذا ألجأه إلى الأمر إلى المفر فلم تساعده الأيام كما هو شأنها في أكثر الأعلام وهي هذه:

أطلعن في سدف الفروع شموسها ... ضحك الظلام لها وكان عبوسا
و عطف قضبا للقدود نواعما ... بوئن أدواح النعيم غروسا

قال الحافظ أبو عبد الله التنسي رحمه الله ورضى عنه : حذا أبن الخطيب في هذه السينية حذو أبي تمام في قصيدته التي أولها:

أقشيب ربعهم أراك دريسا ... تقري ضيوفك لوعة ورسيسا
و أختلس كثيرا من ألفاظها ومعانيها) انتهى.

وقد اشتهر الإمام التنسي أيضا بالإفتاء كباقي كبار العلماء. ومما يثبت اهتمامه بالافتاء، جوابه الطويل في "قضية يهود توات"، وقد بسط هذه النازلة الإمام أحمد بن يحي الونشريسي في موسوعته الفقهية: "المعيار المعرب عن فتاوى إفريقية والأندلس والمغرب".

و ملخصها :

'' ....وأصل المشكلة هو أن بعض المسلمين من "توات"، تلك الناحية المتواجدة على ضفاف نهر "الساورة" في وسط الصحراء الجزائرية، والتي تضم عددا من الواحات أو القصور كما يسميها سكان الجنوب، قد أنكروا على اليهود القاطنين في المنطقة، سلوكهم، ومخالفتهم للقوانين، وللتراتيب التي حددها لهم الفقهاء المسلمون، على مر العصور. وتفاقمت الأزمة بعد أن شيد أولئك السكان من اليهود، كنيسة جديدة لهم في "تمنطيط". وقد أثار هذا الخبر ثائرة المتشددين، الذين اعتبروا تشييد معبد جديد، مخالفة صريحة للشريعة التي تسمح للذميين بإصلاح معابدهم القديمة فقط، وتحظر عليهم بناء معابد جديدة، غير أن بعض العلماء المحليين، وعلى رأسهم قاضي المدينة، خالفوا أولئك المتشددين وقالوا: إن اليهود ذميون، لهم ما لأهل الذمة من الحقوق المنصوص عليها في كتب الفقه. وقد احتج كل فريق بأحاديث نبوية، وبأقوال السلف من الأئمة والفقهاء. غير أن كلا الفريقين لم يقو على فرض آرائه، وعلى استمالة عامة الناس إليه. وكان في مقدمة الناقمين على اليهود، العالم الكبير محمد بن عبد الكريم المغيلي. وقد اشتهر هذا الفقيه بنشاطه، وبحيويته في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وفي نشر تعاليم الإسلام ببلاد الزنوج، فأصدر فتوى في حق اليهود القاطنين في مدينة توات وفي بعض مدن الشمال الإفريقي، أكد من خلالها أن سيطرة اليهود على عموم نواحي الحياة في تلك الديار، وبخاصة النواحي الاقتصادية، يتنافى مع مبدأ الذلة والصغار التي اشترطها الإسلام مقابل حمايتهم وعيشهم بين ظهراني المسلمين. وعليه فإن هذا التفوق لليهود وإمساكهم بزمام السلطة من خلال سيطرتهم على التجارة، يستوجب - في نظر هذا العالم - محاربتهم وهدم كنائسهم وكسر شوكتهم ليعودوا إلى الذل والصغار. وقد أثارت هذه الفتوى، من قبل الإمام المغيلي، ردود فعل كثيرة في أوساط معاصريه من العلماء بين مؤيد ومعارض.

ولما حمي الوطيس بين الفريق المناصر لمحمد بن عبد الكريم المغيلي، والفريق المعارض له، واشتد الخلاف بين المسلمين، راسل كلا الفريقين أكبر علماء العصر في تلمسان، وفي فاس، وفي تونس، [وكانت المدن الثلاث العواصم السياسية، والدينية، والثقافية للأجزاء الثلاثة من المغرب الإسلامي. يستفتيانهم في القضية، وكان كل فريق يأمل تأييد موقفه ضد موقف الفريق الآخر، المتهم بمخالفة تعاليم الشريعة. وقد كان مترجمنا الإمام التنسي في تعداد العلماء الأجلاء الذين قصدهم الفريقان. ومما لا شك فيه، أن تحاكم الفريقين بتوات إلى الحافظ التنسي، لدليل على رفعة مكانته في عيون معاصريه، كما قدمنا.
وذكر أحمد الونشريسي في المعيار، مختلف الفتاوى التي تلقاها الفريقان، وقد انقسم أصحاب الأجوبة من الفقهاء إلى مؤيدين للمغيلي، وإلى مخالفين لموقفه. وكان محمد التنسي من جملة من وافق المغيلي الموافقة الحاسمة، وأيد موقفه المناهض لليهود ولأنصارهم. ويقول المؤرخون: إنه فور وصول جواب الإمام التنسي لواحة تمنطيط بتوات ، حمل المغيلي وأنصاره السلاح و الفؤوس و الآلات ، وانقضوا على كنائس اليهود، فهدموها.''

[ لمن أراد الاطلاع على جواب التنسي في هذه النازلة عليه عليه بمراجعتها في كتاب الونشريسي "المعيار المعرب، والجامع المغرب عن فتاوي علماء إفريقية والأندلس والمغرب" تحت العنوان التالي "نازلة يهود توات من قصور صحراء المغرب الأوسط"، وذلك في 16 صفحة من الطبعة التي قام بتحقيقها الباحث المغربي محمد حجي].

ثناء العلماء عليه:

لقد احتل الامام التنسي منزلة رفيعة بين العلماء ، تدل على ذلك تلك الألقاب والنعوت التي اطلقها عليه معاصروه و تلامذته و العلماء الذي ترجموا له ، فقد سموه بالحافظ، وأصبحت الكلمة التي تدل على إتقانه لعلوم الحديث النبوي الشريف وحفظه، مقرونة باسمه. فلم يدع في كتب التراجم، إلا باسم الحافظ التنسي أو بالإمام. كما اختص التنسي بالوصف بالأديب، وبالمؤرخ. وقد سماه تلميذه أحمد ابن داوود البلوي الأندلسي "بقية الحفاظ، وقدوة الأدباء"، وذكر عن البلوي المذكور أنه لما خرج من تلمسان سئل عن علمائها فقال:" العلم مع التنسي والصلاح مع السنوسي والرياسة مع ابن زكري"، ووصفه الونشريسي في المعيار المعرب: " بالحافظ ، المحدث ،الفقيه".

ووصفه الامام السخاوي – بالعالم ، المصنف - لما ترجم له في الضوء اللامع : " محمد بن عبد الله التنسي - نسبة لتنس من أعمال تلمسان - المغربي المالكي.....مشار إليه بالعلم، وله تصانيف ".
وقال ابن مريم في ترجمته :" الفقيه الجليل الحافظ الاديب المطلع كان من اكابر علماء تلمسان الجلة و محققيها "


آثاره :

ان آثار الامام محمد التنسي تدل على المنزلة المرموقة التي اكتسبها بين معاصريه، في القرن التاسع الهجري -الخامس عشر الميلادي - الذي زخر بالعلماء، وبرز فيه عدد كبير منهم في المغرب الأوسط، وذلك رغم الفت ترك الامام التنسي مؤلفات في علوم متعددة تدل على تبحره و سعة علمه منها :

- "الطراز في شرح ضبط الخراز "، و هو من أشهر مؤلفاته ،وقد أصدر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف طبعة لهذا الكتاب دراسة وتحقيق الدكتور / أحمد بن أحمد شرشال – جزائري من مدينة شرشال - . ( في فن الضبط وهو علم يعرف به ما يدل على عوارض الحرف، التي هي الفتح والضم والسكون والكسر والشدّ والمدّ ونحو ذلك، ويرادف الضبط الشكل ).

- فهرسته ( و فيها ذكر لشيوخه و مروياته ، و أثباته و قد ذكرها عبد الحي الكتاني في "فهرس الفهارس" )

- "تعليق على مختصر ابن الحاجب "( وهو كتاب في الفقه من تأليف عثمان بن الحاجب الذي يعتبر من أشهر فقهاء المالكية، والعلماء المختصين في دراسة اللغة ). وهو في حكم المفقود.

- " راح الأرواح، فيما قاله المولى أبو حمو من الشعر وقيل فيه من الأمداح، وما يوافق ذلك على حسب الاقتراح" (جمع فيه القصائد، التي قالها الملك الأديب أبو حمو موسى الثاني، من أسرة بني عبد الواد الذي تربع على عرش المغرب الأوسط من سنة 760 هـ إلى سنة 791 هـ (1359/1389م). كما يضم الكتاب القصائد التي مدح بها هذا الملك، بعض معاصريه من شعراء تلمسان. وقد اشتهر من بينهم محمد بن يوسف القيسي الثغري، ومحمد بن أبي جمعة لشهير بالتلالسي) و هذا الكتاب في حكم المفقود أيضا ، لكن أحمد المقري نقل منه نقولا و فقرات طويلة في موسوعته الأدبية "نفح الطيب في غصن الاندلس الرطيب " وفي كتابه الثاني "أزهار الرياض".

- "نظم الدر والعقيان، في بيان شرف بني زيان، وذكر ملوكهم الأعيان، ومن ملك من أسلافهم فيما مضى من الزمان" ( و هو موسوعة تاريخية و أدبية عن تاريخ بني زيان، وتاريخ المغرب الأوسط و يعتبر المصدر العربي الوحيد، لفترة من تاريخ هذه الدولة، تزيد على سبعين سنة كما و صفه محققه الدكتور محمود بوعياد مدير المكتبة الوطنية الجزائرية والمستشار الثقافي برئاسة الجمهورية حيث قال: " وفيما عدا "نظم الدر" لا يتوفر للمؤرخ، مصدر تاريخي عربي آخر شامل الأخبار، لدراسة تلك الفترة الطويلة نسبيا، من تاريخ دولة بني عبد الواد التي أسسها يغمراسان بن زيان في المغرب الأوسط، على أنقاض دولة الموحدين. وذلك رغم تأخر تلك الحقبة من التاريخ، ورغم قربها من عصرنا").

- الطراز في شرح ضبط الخراز:

و الآن أيها الأخوة الأفاضل اسمحوا لي ان أنقل لكم جزءا مختصرا مما جمعته من التعاليق عن الكتاب التحفة: " الطراز في شرح ضبط الخراز " وذلك من الدراسة التي نشرها المحقق الجزائري المهدي البوعبدلي – رحمه الله – تحت عنوان " الاقراء و القراء في الجزائر " و كذلك ما اورده الدكتور عبد الهادي حميتو – حفظه الله – في رسالته للدكتوراه المعنونة : "قراءة الإمام نافع عند المغاربة من رواية أبي سعيد ورش" 2 / 469 – 472 ):
(كتاب الطراز في شرح ضبط الخراز لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الجليل المغراوي التنسي (ت 899 هـ).
يعتبر أشهر شروح الضبط للخراز، وأسيرها شرقا وغربا، ولذلك كانت نسخه الخطية متوافرة ، وصفه أبو جعفر أحمد بن علي البلوي الوادي آشي تلميذ مؤلفه بقوله: "أجاد فيه وأفاد، وأحسن ما شاء وأراد"
شرح به منظومة"مورد الضمآن في رسم أحرف القرآن "، وهو أرجوزة في ضبط رسم القرآن الكريم، وما قام بشرحه محمد التنسي هو قسم من أرجوزة طويلة خصص منها صاحبها الخراز 454 بيتا للرسم، والباقي وهو 154 بيتا للضبط، ومنظومة أبي عبد الله الشريشي استهلها بقوله:
هذا تمام نظم رسم الخط ........وها أنا اتبعه بالضبط
كي ما يكون جامعا مفيداً.....على الذي ألفيته معهوداً
وقد شرح الامام التنسي هذا النظم مستهلا اياه بقوله: "الحمد لله الذي لا ينبغي الحمد إلا له، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث بختم الرسالة صلاة وسلاما يخصان ويعمان أصحابه وآله.
"وبعد فإني لما رأيت من تكلم على ضبط الأستاذ أبي عبد الله الشريشي الشهير بالخراز، وجدتهم بين مختصر اختصارا مخلا، ومطول تطويلا مملا، فتاقت(في بعض النسخ "فاشتاقت" مع إسقاط حرف الجر "إلى") نفسي إلى أن أضع عليه شرحا متوسطا يكون أنشط لقارئه، وأقرب لفهم طالبه، فشرعت فيه مستعينا بالله تعالى، وسميته ب "الطراز، في شرح ضبط الخراز"، نسأل الله تعالى أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به النفع العميم، إنه رحمان رحيم، قال رحمه الله:
ذا تمام نظم رسم الخط...وهاأنا أتبعه بالضب.

... ثم أخذ في شرح مفردات البيت إلى أن قال: "والنظم الذي أراد هو ما نظمه أولا، وجعل هذا الضبط موصولا به، فعيب عليه إذ لم يعين فيه ما للمقنع ولا ما للمنصف ولا ما للتنزيل ولا ما للعقيلة، فبدل أكثره حتى يعين ما لكل كتاب منها من الأحكام، وترك الضبط على حاله، لأن أحكامه متفق عليها في الأكثر..."

وعلى العموم فإن كتاب الطراز مطابق لاسمه في كونه طرازا عاليا في مباحث فن النقط والضبط، وقد ناقش مؤلفه أهم مسائله المعتبرة وقارن فيها بين مذاهب أئمة الفن ونبه على القوي والضعيف منها وما تقوم عليه من علة، ولهذا كان عمدة المتأخرين في هذا الشأن، كما اعتمدته اللجان والهيئات المشرفة على طبع المصاحف كما نجد التنبيه عليه في كثير من الملاحق التي ذيلت بها مختلف الطبعات في البلدان الإسلامية.

وقد كتب على الطراز غير واحد من الأئمة وتعددت الحواشي عليه، فمنها:

- حاشية على الطراز لأبي علي الحسن بن يوسف بن مهدي الزياتي (ت 1023 هـ)
توجد مخطوطة في بعض الخزائن الرسمية، ومنها أربع نسخ بالخزانة الحسنية بالرباط.
والمؤلف من أعلام المدرسة المغربية في المائة العاشرة وما يليها، درس بفاس وقرأ القراءات وغيرها على أبي العباس أحمد بن قاسم القدومي (ت 992 هـ) ونزل جبل "كورت" من بلاد عوف بشمال المغرب، وتوفي هناك.

- حاشية على الطراز لأبي العلاء إدريس المنجرة وولده أبي زيد عبد الرحمن أو تعاليق أبي العلاء المنجرة وولده" ذكرها له بعض الباحثين، وقد قام بجمعها تلميذ الثاني منهما: إبراهيم بن محمد المخلوفي.

- حاشية على الطراز أيضا لأبي زيد عبد الرحمان المنجرة المذكور، وهي مخطوطة في نسختين بالخزانة الحسنية.

- طرر على الطراز لعبد الواحد بن عاشر صاحب فتح المنان المروي بمورد الظمآن.
أثنى عليه فيها القادري في نشر المثاني فقال: وله طرر عجيبة على شرح الإمام أبي عبد الله محمد التنسي لذيل مورد الظمآن في الضبط.

وفاته :

توفي الامام التنسي سنة ( 899 هـ - 1494 م) بمدينة تلمسان ،بعد أن عاش حياة كرسها لنشر العلم و التأليف و التدريس ، فهو بحق مفخرة من مفاخر الجزائر و العالم الاسلامي، فرحمة الله عليه رحمة واسعة.
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي محمد بن علي أبهلول المجاجي


مقام سيدي محمد بن علي أبهلول المجاجي

- قال العلامة الشهير الشريف سيدي العربي المشرفي الحسني الإدريسي في كتابه " ياقوتة النسب الوهاجة في التعريف بسيدي محمد بن علي مولى مجاجة": قال أحمد بن محمد المغراوي في تمييز الأنساب:" أما نسبه الطيني ـ رضي الله عنه ـ فمن شرفاء الأندلس بني حمود الحسني"وقال الجعفري:" هو من شرفاء غرناطة بني عدي ابن عبد الرحمن بن داود بن عمرو بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن علي بن إسحاق بن أحمد بن محمد بن أبي زيد الشريف بن عبد الرحمن بن داود بن إدريس بن إدريس الحسني، الأول أنهى نسبه إلى عمرو بن إدريس بن إدريس الحسني، إذ حمود هو بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبد الله بن محمد ( فتحا ) بن عبد الرحمن بن القاسم بن إبراهيم بن يحي بن عمر بن إدريس الحسني، ولعله جاءه الغلط من كونه رآه منسوبا إلى شرفاء الأندلس، وهم جموع كثيرة كما ذكرناه آنفا، والثاني قيده من شرفاء غرناطة، وكانوا ملوكا بها، ومن قيد أولى ممن أطلق، فهو موافق لصاحب " سمط اللآلي" حيث عرف بسيدي محمد بن علي المجاجي، وقال:" كان أسلافه تشم فيهم رائحة الملك، فهو رضي الله عنه من بيوت الملوك"ا .هـ. ولا زالت ذريته تمتد لها الأعناق في النجدة والسماحة والجود، ويحتمي الجاني بساحتهم، ولهم حرمة وتعظيم عند الملوك."


ضريح سيدي محمد بن علي أبهلول المجاجي

- قال العلامة المشرفي:" وأرجع لنسب الشيخ سيدي محمد بن علي كان إماما هماما عالما زاهدا عابدا تفرد بهذه الأوصاف الشريفة على سائر علماء وقته، واشتهر بالصلاح والتقوى، وكان للناس فيه اعتقاد عظيم، وكانت كراماته أوضح من شمس الضحى، وهي دليل استقامته، وكانت له بركة عظيمة ودعاء مستجاب، تشد إليه الرحال في المسائل العلمية، وهذب النقول ونقحها، وكسا علم التصوف طلاوة وبهجة" إلى أن قال:" وله الباع الطويل العريض في الشعر والقريض، وقفت له على قصيدة طنانة سالمة من عيوب الشعر، توسل فيها للمولى جل وعلا مفوضا أمره إليه في المبغضين له، والحاسدين من أهل زمانه، أولها:

فوضت أمري للذي فطر السما ...

احتوت على أمثال وحكم، وكان رضي الله عنه يطعم الطعام ويفشي السلام" ا. هـ

وقال في " إكمال البغية " كانت زاوية سيدي محمد بن علي معدة لإقراء الأضياف"

وقال الشيخ أبو الحسن الشريف:" خرجنا إلى ثغر تنس، فلقينا سيدي محمد بن علي وأنزلنا بزاويته مجاجة، وكنا في جوع ونحن نحو 1300 نفس، وقصدناه للزيارة فأكرمنا خارج الزاوية لكثرتنا، وكانت خيولنا ذكورا وإناثا، فقال لنا:" اتركوها من ألف بين قلوبكم يؤلف بينها" وأمرنا بالجلوس على 24 جلسة ، وأفاض علينا الثريد واللحم والعسل والسمن، قال:" وبعد ذلك توفي الشيخ قدس الله سره، وقبره مشهور مزار لقضاء الحوائج، ومات رحمه الله تعالى قتيلا سنة 1002 هجرية، وولد عام 945 هـ، ورثاه تلميذه علامة الجزائر سيدي سعيد قدورة رضي الله عنهما بقوله:

مصاب جسيم كاد يصمي مقاتلي *** ورزء عظيم قاطع للمفاصل

ألمت دواهي أذهلت كل ذي حجى *** وأي امرئ من مذهل غير ذاهل

فلم أر خطبا كافتقاد أحبة *** ثووا في الثرى ما بين صم الجنادل

ونحن نيام غافلون عن الذي *** يراد بنا فويح نومان غافل

فهمنا بدنيا قد حلت وهي جيفة *** وكل امرئ يلهو بها غير عاقل

فكم ذا أنا لم أتخذ زاد رحلة *** كأني من دنياي لست براحل

ومالي لم أعمل بما قد علمته *** فيا أسفا من عالم غير عامل

أضيع فيما لا يدوم سروره *** حياتي كأن العيش ليس بزائل

فما زهرة الدنيا وزخرفها الذي *** له هادم اللذات أسرع نازل

وأي سرور للذي ضاع عمره *** وأنفقه في كل لهو وباطل

أنوح على نفسي وفقد أحبتي *** فقد هاج قلبي ذكر فقد الأفاضل

ولم لا أهل العلم بانوا وأقفرت *** ديارهم بعد اعتمار المنازل

كأن قد نأى عنا قتيلا فأصبحت *** عليه عيون دمعها مثل وابل

لقد فقئت عين المكارم فانزعج *** لإطفاء نور وقت فقد القنادل

تبدد شمل الدين وانهد ركنه *** لبدر فقدنا في الخلائق كامل

فقدنا إماما ما له في خصاله *** نظير ولا في عصره من معادل

على علم الأعلام غرة عصره *** حزنت وما حزني عليه بزائل

يحق لأهل العلم أن يشهروا الأسى *** لنجم هوى من أنجم الأرض آفل

خليلي ما أولى الأحبة بعده *** بفيض نفوس من بكاء ثواكل

فأين الذي قد كان ركنا لشدة *** وأين الذي قد صار قصدا لنائل

فأف لدهر جار فيه تطاولت *** على العلما الجهال أي تطاول

أرى الغرب يقضي أمره بعده أسى *** تآمر أوباش ونهب أراذل

وتخفق في ناديه راية فتنة *** تلم بمفضول وتزري بفاضل

فأعني به شيخ الشيوخ محمدا *** أبهلولا الباهي أجل البهالل

توفي شهيدا في تحنثه الذي *** ينال به في الخلد أفضل نائل

إمام إذا ما جئته تجدنه *** لدى الدرس بحر العلم من غير سائل

فما جئته في الدرس إلا وجدته *** من العلماء العاملين الأوائل

له طيب أخلاق وحسن سياسة *** وهو المداري كل قاس وجاهل

فمن للأسارى والأرامل في الظما *** ومن للبرايا يوم صوله صائل

ومن لفنون العلم نحوا ومنطقا *** وفقها وتوحيدا وفتوى لسائل

لمنزله كانت تشد رحالنا *** فمن راكب يسعى إليه وراجل

ومن قاصد يبغي انكشاف ملمة *** ومن وافد يرجو التماس نوافل

ففي طاعة الرحمن أنفق عمره *** فلله من شيخ زكي الشمائل

فما خاف في الرحمن لومة لائم *** ولم يختش في الحق قتلة قاتل

أمستجلب الخسران والطرد والردى *** وأقوى البلايا عاجلا غير آجل

ومن قد تعدى طوره سفها ومن *** له زين الشيطان قبح الفعائل

أحقا قتلت الألمعي تعمدا *** على قول حق لا على قول باطل

أحقا دم الشيخ المصون سفكته *** إلى أن سقيت الأرض منه بهاطل

أحقا عدو الله أنت تركته *** على الأرض ملقيا قتيلا بناصل

أحقا رفعت السيف حتى ضربته *** بقاطعة ضرب العدو المخاتل

أحقا صدور المؤمنين جرحتها *** وفي فرح خلفت أهل الأباطل

جنيت على الإسلام أي جناية *** وما الله عما قد فعلت بغافل

قتلت امرأ من شأنه العلم والتقى *** فيا خير مقتول ويا شر قاتل

ستقتل كالحجاج سبعين قتلة *** لأنك لم تترك له من مماثل

عدوت على الضرغام يا كلب خدعة *** ولم يك قط كفؤا لنائل

عذابك في الدنيا لقتل وروعة *** وهيهات تنجو لا نجاة لقاتل

ورائك كم من ثائر عن دم الذي *** على ثأره جميع القبائل

فما لك يوم العرض إلا جهنم *** تقاد إليها صاغرا بالسلاسل

وإن عشت في الدنيا حقيرا ففي غد *** تخلد في النيران أسفل سافل

أعزي بنيه والسري أبا علي *** على قدر ماض من الله نازل

فيا أوليائي سلموا الأمر واصبروا *** عليه وكفوا من دموع هواطل

وأبقاك للإسلام كهفا أبا علي *** مصونا على الأعدا وجمع العواذل

وقد صار روح الشيخ في جنة العلا *** واسكنه في الخلد أعلى المنازل

عليه من الرحمن أوسع رحمة *** وأزكى سلام في الضحى والأصائل

- وأسلافه الكرام ـ رضي الله عنهم ـ لهم درجة عالية في العلم، وقد توسل بهم صالح زمنه العلامة أديب الدين والدنيا سيدي عبد الله بن حواء الرقيق ( بالتصغير والقاف المعقود )، كما توسل بغيرهم من علماء القرن التاسع فقال:

وبذوي العلوم والعناية *** والرقي في معارج الولاية

سيدنا علي البهلول *** ووارثيه الجلة الفحول

يعني بوارثيه سيدي محمد بن علي المجاجي وأخاه سيدي أبى علي، وله أحفاد من أولاده على قدمه في الجود والكرم وحسن الخلق والمروءة والتواضع لخلق الله، ولا تخلو زاويتهم من علم، وقد ساقتنا إليها الأقدار سنة 1249 هـ فلقينا بها عالمين جليلين، وثالثا جزائريا هاجر إليها يسمى بالقاسم البزاغتي، وبين أهل مجاجة والمشارفة أخوة صالحة في القديم لعلها كانت بمصاهرة.

ومن نظم سيدي محمد بن علي رضي الله عنه قوله:

لقد فاز أهل الجد بالصدق والوفا *** فحول رجال الله في حضرت القدس

أجل دأبهم حسب الإله وطوعه *** وقد أعرضوا زهدا عن الجن والإنس

وأنفسهم تسموا على كل رتبة *** وغابت عن الأكوان والعرش والكرسي

فليس لهم في غير ذي العرش مطلب *** وما عندهم ( إلا ) التلذذ بالأنس

من الملك الحق المبين مقامهم *** مكين علي قد تجلى عن الدوس

أنالهم المولى الكريم كرامة *** فمكنهم فضلا من المنح والحبس

يحق لمن ولاهم جر ذيله *** وفي حلل يزهو فلن يخش من بأس

فلا فرق في أحكامها بين سالك *** مرب ومجذوب وحي وذي رمس

وذي الزهد (والتقوى) فالكل كامل *** ولكنما البدور ليست كما الشمس

فبعض يسمى بالنقيب وبعضهم *** يسمى النجيب فادر كلا بلا نقس

وبعض بأعمد وقطب جميعهم *** هو الغوث في القول الأصح لذي الحس

مراتبهم تفاوتت بمواهب *** فصولا وإنما الولاية كالجنس

أسادتنا عبيدكم جاء قاصدا *** إليكم يريد العون منكم على النفس

بأذيالكم أهل الوداد تعلقي *** وفي حبكم طيبي وفي ذكركم أنسي

أيا ليتني أفوز منكم بنظرة *** فأغنى عن الأكوان طرا بلا خنس

بكم يغتني المريد عن كل كائن *** ويصبح في المعنى وفي الحس في جفس

فكم سالك دللتم طرق سلكه *** وأنزلتموه منزل القرب والأنس

وكم من وضيع قد رفعتم وفاجر *** وضعتم وجاهل بكم عالما ( يمسي)

وكم من لهيف قد أغثتم وكربة *** كشفتم كمثل الظل في الأرض بالشمس

وكم من خائف أمنتم من مهالك *** وقايتكم تغني عن الدرع والترس

وكم من حزين قد تبدل حزنه *** سرورا بكم في الحين يفخر ذا عرس

وكم من عليل قد تأذى بسقمه *** بجاهكم يشفى من الداء والبأس

وكم من فقير جاءكم يشكو فقره *** فجدتم أساداتي بما هو كالطيس

لقد خاب من لم يتعلق بذيلكم *** فيا ويح من تعرض لكم بالكرس

فكم قادح سلبتم من إيمانه *** وكم ظالم قصمتموه على الحس

فطوبى لمن قد فاز منكم بلحظة *** وشيد من لا حظتموه على الأوس

بجاه النبي الهاشمي محمد *** وأصحابه أهل الصفاء بلا دنس

إلهي بجاه هؤلاء وجاههم *** وقدرهم لديك والعرش والكرسي

توسلت ارحم والدي اعف عنهما *** وأسكنهما الجنان فضلا بلا بخس

ونلني توفيقا عليه توفني *** ورزقا به أغني على كل ذي نفس

كفاية أشرار الخلائق كلها *** وسترا على الدوام من أجمل اللبس

وثم صلاة الله ثم سلامه *** على خير خلق الله في الغد والأمس

ا . هـ

- وقد سأله العلامة مفتي الجزائر سيدي الحاج محمد المطماطي عن حكم الله في العبيد من المسلمين بقوله:

الحمد لله حمدا بالآلاء حوى *** على الرسول صلاة ما بدا البلج

يا سادتي فقهاؤنا اكشفوا كربا *** ثوى سواد الفؤاد ما له فرج

عم الأقاليم أمره وليس له *** من الأدلة ما تصفى له المهج

بأي وجه نرى استخدام أعبدنا *** والخير فيهم بدا منهم لنا سرج

كيف التملك والرسول أخبرنا *** بعد الشهادة لا ملك ولا حرج

إذ قد بدا فيهم الإسلام قبل فما *** لملكهم من سبيل لا ولا نهج

يأتون قد عرفوا الدين معالمه *** على التأسي بنهج الشرع قد عرجوا

وإنما لسماع جلب بعضهم *** بعضا عداوة بينهم لها لجج

إن كان شأنكم العلم فدونكم *** نظما سؤالا لكم يهدي لنا حجج

فيكم شفاء الغليل إن شكوت لكم *** فمرهم النص يبري من به سفج

وليس من شرطه رد مجانسة *** فالنظم والنثر يشفى بهما الفج

ثم الصلاة على المختار ما غربت *** شمس بأبرحها وصالت الحجج

فأجابه الشيخ سيدي محمد بن علي أبهلول رضي الله عنه وعنا به آمين بقوله:

الحمد لله مبدي الحكم للحكم *** ومظهر الحق والحق له حجج

ثم الصلاة على من بشريعته *** يلوح نور الهدى ليبطل الهرج

وبعد فالمنع للملك محجته *** بسمط نثرك مثل الدر يبتهج

فسبق إسلامهم للملك يمنعه *** وما إليه سبيل تبتغي المهج

إذ لا يسوغ لنا بالرق ملكهم *** والقلب منهم بالإيمان ممتزج

قد نص من علمت بالحلم رتبته *** عليه فالقلب بالصواب مبتهج

ومن يجيب بأن الأصل كفرهم *** فليس في ملك مسلميهم حرج

فلتردنه بأن الأصل حجته *** قد بطلت بانتهاج نهج ما لهجوا

إذ حيث ما ثبت النقل عليه فلا *** يعبأ به وبذا أهل العلم قد لهجوا

ومن يرى حدث التقليد تكذبه *** حلية الملك إذ للكفر قد خرجوا

فقول ذا غير مقبول وحجته *** ليست بمرضية وما لها أرج

فكيف يقبل قول أو يباح به *** ملك جميع عوام الناس ذا سمج

فرد ذا القول يكفي فيه ما شرحوا *** أهل الكلام فهم لجمعنا سرج

أمن يريد الهدى والرشد يطلبه *** ومن يريد النجاة ما بدت لجج

فالمنع في الدين والدنيا النجاة وقد *** دلت دلائله وشهدت حجج

ولو وجدت نصيرا أو يساعدني *** قمت بنصرتهم وإن بدا الهرج

أسعى سريعا بسيف النصر مجتهدا *** في فكهم من رباق الرق ينزعج

فليت ساع على ذا القصد يسعفني *** وليت ساع لعل الكرب ينفرج

إليه أشكو إله العرش من كرب *** إذ ليس يدركني من غيره فرج

ثم الصلاة على المختار سيدنا *** خير الخلائق ما قد انتهى الفلج

وله أيضا في ألقاب الإعراب والبناء :

من يبتغ العز (يرفعن) همته *** بـ(الضم) عن كل مخلوق يرى عجبا

وبين عينيه (ينصبن) منيته *** بـ(فتح) باب لليث الموت قد نصبا

بذا (يجر) لها النفع مجاهدها *** فإن عصته رمى بسهمه عذبا

و(اجزم) على اللهو نفسك إذا اضطربت ***وبـ(السكون) يكون الجزم خذ أدبا

إعراب هذا الذي قدرت خذ يا فتى *** لم يعربنه كذا من نحوه صعبا

أعرب به كل فعل قد بدا فترى *** منه قبول إله العرش قد قربا

نظم الحقير الذليل عند مالكه *** محمد بن علي ملجأ الغربا

رب العباد توسلت بأحمد أن *** تغفر ذنوبي وذنب الوالدين حبا

صلى عليه إله العرش ما برزت *** دنيا وأخرى بالحبيب صبا

ا.هـ من خط الأخ في الله الشيخ محمد الونوغي مفتي الأصناب ملتمسا مني إدراجه في ترجمة سيدي محمد بن علي ، وهذه رسالة الالتماس:

- "العلامة الشيخ الحفناوي بن الشيخ ومن شملته حضرتكم الشريفة السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد: فإن محب الجميع السيد الحاج بوطيبة يطلب من فضلكم أن تصححوا له منظومات لجده الولي الصالح العلامة سيدي محمد بن علي وتلميذه سيدي سعيد قدورة الجزائري وغيرهما، وبعد أن تحرروها يرجو منكم إثبات بعضها في ترجمة جده المذكور إن تمكن لكم، وهاهي في الأوراق كما وجدت في الأصل المنقول منه، ولكم الأجر التام أعانكم الله على مقاصدكم الخيرية والسلام من محبكم الوانوغي بن أحمد أبي مزراق المقراني والآغا السيد الحاج أبي طيبة."

- أقول: من ذرية سيدي محمد بن علي معاصرنا الفاضل الوجيه والأديب النبيه الآغا السيد آمنة الحاج أبو طيبة، رجل تقلب في المناصب الدولية وترقى فيها إلى رتبة الآغوية، ونال بصدقه في الوظيفة وسامات الفخر والتشريف من أولها إلى رتبة التطويق، وله أدب فائق، وتواضع مطلوب، وسياسة نافذة عند الحكومة والرعية، وأولاد صالحون مثله متعه الله بحياتهم،وأدام وجوده لهم آمين.

- وله ابن عم عالم محبوب في الناحية، كريم الطبع بشوش عليه رونق العلم والمعرفة، وهو الشيخ محمد بن عشيط، صاحب محاضرة حسنة وفقه ظاهر، يستحضر نص خليل بسرعة، وله مشاركة في الفنون المعهودة ببر الجزائر، واجتمعنا به مرارا فكنا نستأنس منه بما كان عليه فقهاؤنا من الهيأة الممتازة عن العوام، ويذكرنا الأوائل بأقواله وأحواله، كما يذكرنا الآغا السيد الحاج أبو طيبة بزيه المستطرف تواضع الأشراف وترفع الكرام، أحيانا الله وإياهم في عافية وصحة وافية، وأعاذنا من شر الحساد، آمين.

المصادر:

- الترجمة منقولة حرفيا من كتاب" تعريف الخلف برجال السلف" لأبي القاسم محمد الحفناوي الجزء الثاني، صفحة 279 دار موفم للطباعة والنشر.
- موقع الشيخ الجيلالي الفارسي للتعريف بأعلام وتاريخ ولاية الشلف.
تكملة الموضوع

ترجمة شيخ المشايخ العلامة سيدي محمد بن دوبة


01 نسبه ومولده:

هو العارف بالله والمستغرق في طاعته والناشر لكتابه وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم المربي الورع صاحب الفضائل الكثيرة سيدي محمد بن عبد القادر بن دوبة، ولد بالتقريب سنة 1841م في بلدية حرشون ولاية الشلف، وهو ينحدر كما سمعنا من أخوال الأمير عبد القادر.

02 طلبه للعلم:

نشأ وتربى وحفظ القرآن رضي الله عنه على يد أبيه شيخ الناحية وفقيهها اللامع، ثم انتقل إلى مناطق عدة يطلب المزيد من العلم والمعرفة إلى أن وصل به الترحال إلى زاوية سيدي عبد الرحمن ببلدية العزازاقة ولاية تيزي وزو حيث أخذ من شيخها جائزة حفظ القرآن ومبادئ الفقه. ثم ارتحل إلى زاوية سيدي الميسوم بقصر البخاري ومكث بها إلى أن تمكن بامتياز من أنواع المعرفة والعلم التي كانت تدرس في زاوية سيدي الميسوم وقتذاك كمكافأة له أقام له شيخه حفلا مهيبا حضره مشايخ وعلماء الجهة أمثال سيدي محمد بن أحمد البربري وأذن له بالإرشاد والتربية والنصيحة لله ولرسوله اثر انتهاء هذا الحفل الخاص به اصطحبه محمد بن أحمد وجاء به إلى منطقة الروينة جنوبا وبنى له جامعا ليدرس فيه ما تعلمه من شيخه سيدي الميسوم وما أذن له بتعليمه ونشره وبعد مدة أذيع صيته واتسع نوره عبر الوسط الجزائري وبهذا صار محطة طلاب العلم والمعرفة والوجهة المحببة لديهم ففي هذه الزاوية التي تقع جنوب وادي الروينة بنحو كيلومترين كرس الشيخ محمد بن دوبة حياته كلها في تعليم الفقه وفنون اللغة بدون من ولا مقابل، فانتشر علمه وكرمه وأخلاقه وصار كالنجم الساطع يضيء بعلمه كامل سكان المنطقة الأمر الذي جعلهم يلتفتون حوله في إصلاح ذات البين بين الناس ونسج الخير بينهم وربط أواصر المحبة بين الأفراد والجماعات وإزالة الخلافات والمنازعات في ما بينهم.

03 محنته مع الإستعمار الفرنسي:

بقي رحمه الله يمارس هذه المهام الخيرية التي أقلقت رئيس بلدية الروينة المسمى " بييي" أدت به إلى نفيه إلى بلدية عين الدفلى، أين قضى بها 9 سنوات ورغم نفيه فإنه لم ينقطع على نشر الرسالة التي قطع على نفسه العهد بنشرها مهما كانت العراقيل والصعوبات، ففي منفاه هذا درس عليه الحاج أحمد المعراجي المكنى العربي والسيد أحمد العرفيت المكنى المعطاوي وكثير غيرهما ممن تتلمذوا عليه وهو في عين الدفلى، وفي آخر المطاف عاد إلى زاويته ودأب يعمل كعادته إلى إن توفي رحمه الله سنة 1906م بوادي الروينة.


ولاية شلف وسط المدينة

04 آثاره رضي الله عنه:

ترك الشيخ المرحوم ثروة كبيرة من الكتب الدينية والفقهية واللغوية نسخها بيده ضاع الكثير منها ولا زال جزء منها عند أحفاده بمدينة وادي الروينة إلى اليوم وترك رحمه الله عددا من الرسائل التي كانت صلة بينه وبين علماء عصره وهذه نسخة واحدة منها عند أولاده وأحفاده. لقد خلف الشيخ المرحوم ولدا فقيها صالحا تقيا مثله هو الشيخ الفاضل الحاج أحمد بن دولة رحمه الله ولد سنة 1882م.

05 الإشراف على الزاوية:

تولى الإشراف على تسيير زاوية أبيه وقام بما قام به والده المرحوم خير قيام، وأبقاها عامرة لطلاب العلم إلى غاية 1958م، اليوم الذي أحرق المستعمر الفرنسي الغاشم الزاوية وشرد طلابها شر طرد بدعوى أن القائمين عليها والملازمين لها يمدون يد المساعدة للثوار، توفي الولد الشيخ العالم في 27 مارس 1962 م مخلفا ستة عشر أبنا وهم على التوالي السادة: محمد عبد الرحمن ، بن دوبة ، بن شرقي ، العربي ، موسى ، عمر ، الميسوم ، عبد القادر ، الجيلالي ، عبد الله ، عبد السلام ، أحمد ، إبراهيم ، يحي ، مصطفى. انتهج بعضهم سيرة والدهم في تعليم الناس أمور دينهم ودنياهم وهو من أنبل الأعمال وأشرفها على الإطلاق، إذ أن معظمهم يهمل في سلك التربية والتعليم إلى اليوم، ولا غرابة في ذلك وقد قيل :" من جاء على أصله فلا عجب عليه ".

المصدر:

- نقلا من حفدة الشيخ محمد بن دوبة الحاج عبد السلام ، الحاج إبراهيم.
- منتدى تاريخ وأعلام ولاية الشلف وضواحيها.
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي أحمد بن الطاهر بوبكر الزموري



01/ مولده ونشأته:

ولد الشيخ سيدي أحمد بن الطاهر بمدينة الأبيض سيدي الشيخ، يمتـد نسبه إلى سيدي عـبد الـقادر بن محمد الملقـب بسيدي الشيـخ(ت1616م)، والذي تنسب إليه الثورات الشعبية المعروفة في التاريخ بثورات أولاد سيدي الشيخ.

02/ انتقاله إلى الأغـواط:

انتقل إلى الأغواط برفقة والديه، وأقام بها مدة طويلة، واشتـرى بها أرضا ودارا،وقد أقرّ بالخيرات التي نالها من هذه البلدة الطيبة فقال:"ما ربحت إلا من هذا المحل".

03/ شيخه في التصوف:

لما قـدم الشيخ سيدي موسى بن حسن المصري إلى الأغـواط سنة 1829م ، أخذ عنه الشيخ أحمد الطريقة الشاذلية ولازمه ملازمة تامة وانتفـع بسره غاية الانتفاع، والشيخ موسى بن حسن المصري هـو قطب من أقـطاب الطريقة الشاذلية، تذكره كتب التاريخ باسم موسى الدرقاوي، نسبة إلى الطريقة الدرقاوية المنبثقة عن الطريقة الشاذلية، ولد بدمياط بمصر،أخذ طريق التصوف عن الشيخ حمزة ظافر المدني عندما التقى به بمدينة طرابلس الغرب سنة 1826م، اندمج جنديا في الدولة العثمانية مدة اثنتي عشرة سنة، وجاب عدة أماكن من القطر الجزائري مجاهدا ومؤسسا للزوايا،وخلف العديد من التلاميذ والمريدين،ففي الأغواط خلف سيدي أحمد بن الدين صاحب كتاب مواهب المنن بملاقاة الشيخ موسى بن حسن،وببني يعلى (قنزات) خلف سيدي محمد بن قري،وفي برج بوعريريج خلف سيدي الحاج عبد القادر بن قويدر العبزوزي...

مات الشيخ موسى شهيدا في معركة الزعاطشة مع جمع من مريديه في يوم عاشوراء من شهر الله الحرام سنة1265هـ/1849م.

من مؤلفاته المخطوطة:

الوصية السنية في الطريقة المدنية(236صفحة).

04/ انتقال الشيخ أحمد إلى زمورة:

استشهد شيخه في معركة الزعاطشة،وخلف أولادا فاشترى لهم سيدي أحمد دارا،وهو الذي قال في شأنهم:"لو لم يلاقيني الله تعالى بأولاد الشيخ لخشيت على نفسي من الكفر"، ثم انتقل إلى زمّورة وأسس بها زاوية في قرية أولاد البواب.

وفيه قال الشاعر سيدي بوبكر بن حامد البوسعادي:

"زمورة الغراء فزت بالرضا ما بال ريم بطاحكم سكن الجبل"

اعتقلته السلطات الفرنسية وزجت به في سجن كورسيكا لمدة عام(1865م)، ليعود بعد ذلك إلى زمورة مستأنفـا جهاده في تربية المريدين إلى أن وافـته المنية في 03 ربيع الثاني 1295هـ الموافق لـ05 أفريل1878م.

05/ آثاره:

ـ كتاب تنقيح الأذكار ولواقح الأفكار(مفقود).
ـ ثلاث قصائد في التصوف.
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي محمد بن فرج التجاني


النسب الشريف :

هو سيدي محمد بن أحمد بن فرج بن قدور بن فرج، حيث ينتهي نسبه إلى سيدنا الحسين بن سيدنا علي بن ابي طالب والسيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأمه هي الفاضلة مسعودة بنت بلول الفرجاني ، أما أبوه الحاج أحمد بن فرج فقد كان رجلا صالحا ينتمى إلى الطريقة القادرية نشأ بين قبيلة الفرجان (وهم عرب رحل) يتمنع بوجاهة ومكانة كبيرة عندهم، يتنقل بين قرية النخلة1 أين عاش وانجب جل أولاده وبلدة نفطة التونسية التي أقام بها زاوية لاطعام الوافدين من أهل سوف خاصة طلبة العلم.

ولقد عرف الحاج أحمد بن فرج بوقوفه على الصلاة والدعوة إليها فكان لا يسمح لتارك الصلاة بالأكل من طعامه أو الميت عنده ومما يحكى في هذا الشأن ، أن رجلا لا يصلي قدم عليه وهو بتوزر فسأله الشيخ أحمد ...هل تصلي. فأجاب الرجل نعم وهو لا يصلى فوضع له الطعام ..فأكله .. وعند مغادرته الزاوية تقيأ الرجل ما أكله .. وقال : صدق الشيخ أحمد.

مولده ونشأته:

ولد سيدي محمد بن فرج سنة 1266 هـ الموافق لـ 1850م بقرية النخلة ( بلدية النخلة ولاية الوادي (الجزائر) تقع على بعد 14 كلم من مدينة الوادي ) ونشأ في أحضان والده في أسرة ميسورة الحال ، ولما بلغ السابعة من عمره رحل مع أبيه الى بلدة نفطة بالقطر التونسي أين أقام واستقر، وبزاويتها حفظ القران الكريم حفظا جيدا وبها تعلم المبادئ الأولى للعلوم الشرعية انتقل بعدها الى مدينة تونس والتحق بجامع الزيتونة . حيث تلقى على يد علمائه الاجلاء الكثير من العلوم الشرعية واللغوية، ومن أبرز الشيوخ الذين درس عليهم حينذاك الشيخ محمد الشافعي النفطي الذي أخذ عنه التفسير والحديث والفقة والسيرة النبوية وغيرها من العلوم .. حتى أنه منحه إجازة في الحديث الشريف تمكنه من تدريس كتب الحديث الستة , كما منحه إجازة علمية مطلقة في مختلف العلوم الشرعية.

عرف سيدي محمد بالفطنة والذكاء وقوة الحافظة وفصاحة اللسان وطلاقة البيان وقوة الحجة وسعة الاطلاع كما برع في التفسير والحديث واشتهر بحفظه للقران الكريم حفظا دقيقا ومحكما ... كل هذه المواصفات جعلت منه رجلا متميزا وشخصية فذة أكسبته عند الناس تقديرا ومهابة .

الشيخ في القيروان :

لسنا ندري ما هي الظروف التي دفعته إلى الاستقرار مدة طويلة من حياته بمدينة القيروان حيث عمل بها إماما ومدرسا بأحد مساجدها وتزوج بامرأة هناك ، فكانت هي الزوجة الأولى في حياته ، ورزقه الله منها بنتا وبعد مرور زمن على استقراره بالقيروان ، وقد ناهز سيدي محمد الخامسة والخمسين من عمره وظهر الشيب علي رأسه بدأ الحنين يراوده إلى مسقط رأسه حيث الهدوء والسكون . فقرر العودة إلى سوف للاستقرار النهائي بها ،عرض الأمر على زوجته وخيرها بين الرحيل معه ،أو البقاء بالقيروان فاختارت البقاء مع أهلها ، فسرحها بالمعروف ليعود إلى سوف وحده، أما البنت فلم يكتب لها العيش طويلا .فقد توفيت بعد زمن قليل من رحيل والدها الشيخ في سوف استقر سيدي محمد بن فرج بقرية النخلة وعمل اماما ومدرسا ومعلما بأحد مساجدها وتزوج بالسيدة الفاضلة فاطمة عمامرة بنت محمد البهلي من أسرة تجانية من عرش أولاد جامع كانت تسكن بقرية قطاي التي اشترى بها غابة نخيل من مدخراته التي أتى بها من القيروان.

وقطاي منطقة فلاحية ببلدية المقرن ولاية الوادي، تبعد عن المقرن بـ 14 كلم و عن مدينة الوادي بـ 44 كلم، عمرها أولاد جامع وغيرهم خلال فترة الاحتلال الفرنسي ثم رحلوا عنها بعد الاستقلال.

دخوله في الطريقة التجانية :

واثناء ذهابه لقطاي أين يزور اصهاره ويتفقد نخيله تعرف على جدي علي بن حميد الجامعي المقدم بالطريقة التجانية فكانا يتحاوران ويتذاكران . وفي أحد تلك الزيارات أعاره كتاب "جواهر المعاني وبلوغ الاماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني" (رضي الله عنه) للعلامة سيدي علي حرازم ،وبهامشه كتاب "رماح حزب الرحيم في نحور حزب الرجيم" للحاج عمر بن سعيد الفوتي, فقرأ الشيخ سيدي محمد بن فرج الكتاب قراءة متمعنة ودرسه دراسة العالم العارف فوجد فيه بغيته وطلبه ، فشرح الله صدره , وقرر سلوك الطريقة التجانية الاحمدية بحماس وشغف وعجلة , فرجع الى المقدم سي علي بن حميد وطلب منه الورد، فبعثه الى الشيخ سيدي العيد بن يامة كبير مقدمى سوف، ففرح به أيما فرح واخذه الى المقدم سيدي مسعود بوسنينة ( الوادي ) وعرض عليه الأمر، فقال له : مثلك لا يأخذ الطريقة إلا عن الشيخ سيدي محمد حمه رضى الله عنه وكان الشيخ سيدي محمد حمة في ذلك الوقت مقيما بالزاوية التجانية بقمار، وهكذا ذهبوا جميعا الى قمار لمقابلة الشيخ هناك وأثناء المقابلة تم التعريف بالزائر الجديد ، فقالوا له : هذا سيدي محمد بن فرج الفرجاني . فقال الشيخ : بل قولوا ... "التجاني" ليصبح لقبا له ولذريته من بعده ، ونظرا لما يتمتع به سيدي محمد بن فرج من مناقب وخصال كالنسب الشريف والعلم الواسع والصدق والإخلاص والهمة العالية والسمعة الطيبة فقد أعطاه الشيخ سيدي محمد حمه الورد واجازه بالتقديم والاطلاق في تلك الجلسة من الزيارة المباركة ومن حينها تغير مسار حياته ، فقد فتح الله عليه بالفهم والمعرفة فأحب الطريقة وتفانى في خدمتها.

عمله في الطريقة :

وبعد مدة ليست بالطويلة كلفه الشيخ سيدي محمد حمة بالتوجه نحو الجنوب التونسي بهدف تعليم الناس الاسلام الصحيح ، ودعوتهم الى إصلاح ذات البين والخير ، وعرض الطريقة لمن يقبل بها، والجنوب التونسي في ذلك الوقت يعيش فراغا دينيا رهيبا فقد ابتعد الناس عن أخلاق الاسلام وآدابه السمحة وضيعوا الفروض انتهكوا الحدود ، وفشت فيهم المنكرات والنزاعات فكانوا في حاجة الى مرشد رباني يردهم إلى دينهم ردا جميلا ويبعث فيهم معاني وقيم التراحم والاخوة من جديد .فكان هذا المرشد الداعية هو الشيخ سيدي محمد بن فرج التجاني وعمره قد تجاوز الستين عاما، و كان لسيدي محمد بن فرج رحلتين مشهورتين الى الجنوب التونسي و أخرى الى العاصمة تونس.

الرحلة الاولى :(1912)

فقد ذهب إلى بلدة تطاوين برفقة ولده الصغير سي عبد الوهاب و آخرون وذلك في ربيع سنة 1912 تقريبا تحت غطاء قافلة تجارية لبيع التمور ودامت هذه الرحلة الى آخر السنة، كان أول اتصال له بالعدل العالم الزيتوني سيدي سعد بن الحاج نصر كادي وبعد تجديد العهد له انطلق سيدي محمد بن فرج في مهمته فبعد تطاوين انتقل الى قربة غمراسن ثم الى مضارب بالطيب،ثم الى الخربة ثم اللبابدة، وكل منطقة ينزل بها يتصل بأهل الوجاهة والعلم والسلطان فيعرض عليهم دعوته ويجيب عن اسئلتهم ويرد الشبهات التي تثار هنا وهناك بما عنده من يقين ومعرفة وقوة بيان ، ثم يلتقي بالناس يدعوهم الى الخير ويحذرهم من الفتن ويرغبهم في الطريق وهكذا استطاع في أشهر قليلة أن يحقق أهداف رحلته فقد جمع الله به الشمل وفتح به القلوب، وهدى به العقول الى جادة الصواب، وقد أجاز خلال الرحلة الأولى على ما يقال عشرين مقدما من أعيان مناطق وقبائل مختلفة وفي أثناء هذه الرحلة توفي الشيخ سيدي محمد حمه يوم الأثنين 06 محرم 1331 هـ الموافق لــ 16 ديسمبر 1912م . وخلفه ابنه الشيخ سيدي محمد البشير التجاني ، وكان خلال هذه الرحلة يراسل صديقه ورفيق دربه وشقيق روحه الشيخ سيدي العيد بن يامة .

الرحلة الثانية:(1914)

بعد رجوعه من الرحلة الأولى والا طمئنان على الأهل والاحباب بدأ سيدي محمد بن فرج الاستعداد للرحلة الثانية فنقل أهله من النخلة الى البياضة ، واكترى لذلك منزلا ليكون أهله وأولاده عند رحيله تحت رعاية سيدي العيد بن يامة. وبعد أيام انطلق الشيخ نحو الجنوب التونسي ليتم ما بدأه فأكمل مهمته بتنصيب مقاديم جدد وتأسيس زاويتين الأولى بتطاوين والاخرى جرجيس . وكانت له في هذه الرحلة مناظرة مع بعض العلماء المنتقدين بدار كبير القضاة بمدنين ، وكان معة سيدي سعد كادي فلما شاهد أحد خصومه أن الشيخ سيدي محمد بن فرج يفحمهم بالدليل القاطع والبرهان الساطع ، واراد أن ينسحب من المناظرة قال: "إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم ويذهبا بطريقتكم المثلى" (الآية) فقال له سيدي محمد بن فرج صدقت : فقد قالها فرعون في حق موسى وهارون عليهما السلام ...وأنت على قدمه فيما قلت.



الكوكبة الأولى :

وقد أجاز سيدي محمد بن فرج في الرحلتين في ولايات تطاوين ومدنين وقابس كوكبة نيرة من المقاديم نذكر منهم:

الشيخ سعدبن الحاج نصر كادي و السيد محمد الدكالى و الامام بلقاسم بن محمد و السيد محمد الحبيب بن الحاج عبد العزيز و السيد محمد الحبيب بن عمر و السيد محمد بن علي بوطالب و الامام محمد بن علي بن عمر و السيد محمد بن المبروك بن محمد و الشيخ ضو بن محمد العباسي و السيد محمد الطاهر بن محمد بوعجيلة و السيد محمد بن يحي بن مذكور و السيد محمد البوصيري بن بلقاسم و السيد عبد السلام بن محمد و السيد الحاج أحمد بن علي الجليدي و السيد أحمد بن حسن و السيد أحمد بن حسن بن ساسي و شيخ قطوفة محمد بن عبد الله بن ساسي و السيد محمد الطاهر بن العربي و السيد الحاج عبد الله بن الحاج مبروك و السيد سليم بن محمد حرار و الامام الشيخ أحمد بن محمد و السيد عبد الرحمن بن الحاج مبروك و السيد عبد الله بن بلقاسم و السيد علي بن محمد الازرق و السيد الوزير صالح بن بلقاسم بن مصطفى و السيد علي بن يحي و السيد المختار بن محمد الصادق و الامام الحاج البشير ونتوقع أن الرحلة الثانية دامت حوالى ثلاثة أشهر من جمادى الأولى الى شعبان من عام 1332. وهذا من خلال مضمون وتاريخ الرسالتين اللتين بعث بهما سيدي العيد بن يامة الى سيدي محمد بن فرج الاولي بتاريخ : 11 رجب1332(جويلية 1914) و الثانية بتاريخ : 10 شعبان 1332(أوت 1914) والتي يطلب فيها عودته قبل شهر رمضان، علما بأنه كانت هناك محاولات متعددة لرحلات أخرى إلا أنها لم تتحقق بسبب عدم ترخيص سلطات الاحتلال لهذه الرحلات بالاضافة الى الظروف الصعبة التي دخلت فيها المنطقة بسبب قيام الحرب العالمية الاولى سنة 1914 الى غاية 1918.

الرحلة الثالثة (1932):

وكان للشيخ سيدي محمد بن فرج رحلة ثالثة الى تونس العاصمة لعلاج ابنه سي أحمد من مرض بعينيه ، فمر في طريقه الى تونس على قرية '' المحرس'' القريبة من صفاقس . وفي المحرس كان له لقاء مع بعض المريدين الذين قدموا من '' تطاوين'' والمناطق الاخرى المجاورة مع بعض سكان القرية المذكورة ثم واصل طريقه الى تونس أين التقى بالعلماء وناظر بعضهم . حتى قال عنه الشيخ محمد مناشو ( وهو أستاذ مدرس من الطبقة الأولى بجامع الزيتونة و مدير المدرسة الاهلية التونسية وهو من علماء الطريقة التجانية و له مؤلفات ) :
هذا الشيخ يجيب عن أسئلتكم بباطن العلوم لا بظاهرها.

الشيخ يراسل:

واستمر الشيخ سيدي محمد بن فرج يتصل بمريديه عبر الرسائل التي كان يرسلها إليهم باستمرار وكان ابنه سي عبد الوهاب همزة الوصل بينه وبين الأحباب ، تلك الرسائل التي يدور محتواها على:
- تفقد أحوال الأحباب والسؤال عن أوضاعهم
- الإرشاد إلى التزام أحكام الشريعة والوقوف عند حدودها
- تذكير بآداب الطريق وشروطه ومقوماته .
- إجابات عن أسئلة فقهية... أو طلبات
- تحذير من الفتن والمفتنين .
وله رسائل كثيرة ومفيدة وبها حقائق ومعلومات عن تلك الفترة ، نقترح العمل على جمعها ودراستها قبل فوات الأوان.

الشيخ المرشد : يشرح ويفيد

وفي هذه الفترة ألف كتابه "الشرح المفيد على منية المريد '' وكان الفراغ منه في 14 رجب سنة 1341 (1923) وهو شرح لطيف ومركز لمتن منية المريد في حياة وأوراد وفضائل شيخ الطريقة التجانية للشيخ التجاني بن بابا الشنقيطى رضي الله عنه ، وعدد صفحات المخطوط 229 صفحة ،فضلا عن عنايته بمريديه فقد كان الشيخ سيدي محمد بن فرج ينتقل الى بعض القرى خاصة في المناسبات العامة والخاصة وهو في كل أحواله معلما ومرشدا و موجها أينما حل او ارتحل، كما كانت له لقاءات اسبوعية بسوق الوادي يلتقي فيها بأعز أصدقائه واحبائه منهم المقدم سيدي مسعود بوسنينة والشيخ سيدي العيد بن يامة والمقدم سي المختار بالرحومة والمقدم الحاج عثمان بده ، المقدم سي محمد الصالح التجاني، والمقدم سي محمد بالطوالب.. وغيرهم وهي جلسات للتواصل الروحي والعلمي يقصدها العامة أيضا للسؤال والفتوى.

الشيخ يستقر بقطاي:

ولما بلغ الشيخ سيدي محمد من العمر 75 عاما رغب في الاستقرار في '' قطاي'' فالمكان بعيد عن العمران والحركة فيه قليلة، مما يوفر له الراحة وفرصة التأمل والتعبد ، ومن ثم قرر الرحيل مع أسرته إلى قرية قطاي - هذا سنة 1925 - هذه الأسرة المتكونة من الزوجة والأبناء والبنات وهم :

عبد الوهاب (1322هـ) مباركة (1325هـ) أحمد ( 1328هـ) الحبيب (1333هـ) مريم (1335هـ) مبروكة (1340هـ).
أما سيدي العروسي فقد ولد بقطاى سنة (1345هـ - 1926م) .
ورغم بعد المكان إلا أن الناس كانت تزوره باستمرار بمحل إقامته للتبرك و طلب الدعاء وللعلم ويروون عنه كرامات عديدة .
- ملك الشيخ بقطاي أكثر 400 نخلة والكثير من الابل والغنم .
- تفرغ للعبادة في أخر حياته .

وفـاتـه :

توفي بعد أن صلى العشاء مع أولاده بقطاي ليلة الخميس 14 صفر 1366 الموافق لـ26 جانفي 1947 عن عمر يناهز 100 سنة هجرية و 97 سنة ميلادية، جرت مراسيم صلاة الجنازة بقطاي حضرها جمع غفير من الأحباب تحت اشراف المقدم سي محمد بن الطوالب ( المقرن).

خلافته :

وبعد حضور الشيخ سيدي العيد بن يامة مع المقدم سي العروسي محمدي وبعد تقديم واجب العزاء طلبا من ابنه سيدي العروسى أن يعطيهم وصية والده ، وتمت قراءة الوصية ليعلنا أن الشيخ سيدي العروسي بن محمد التجاني هو خليفة دار سيدي محمد بن فرج التجاني.

الإجازات :

نظرا للمرتبة المرموقة التي احتلها الشيخ سيدي محمد بن فرج التجاني والمكانة العالية التي شرف بها في الطريقة فقد حظي بعناية كافة المشايخ والخلفاء الذين عاصرهم ، ومنحوه إجازات اعترافا له بالمرتبة والفضل من ذلك :
- إجازة الشيخ سيدي محمد حمة -
- إجازة الشيخ سيدي محمد البشير-
- إجازة الشيخ سيدي محمد العيد بن سيدي البشير-
- إجازة الشيخ سيدي أحمد بن سيدى محمد حمة -
- إجازة الشيخ سيدي محمود بن سيدي البشير بن سيدي محمد الحبيب -
- إجازة الشيخ سيدي محمد الكبير بن سيدي العيد بن سيدي محمد الصغير-
- إجازة الشيخ سيدي علي بن الصديق -

هذه الصفحات غيض من فيض عن حياة هذا الرجل الفذ ، الذي تميز بعقيدة صلبة ، وإيمان عميق ، وعلم غزير ، وصلابة في الدين لا نظير لها ، حتى لقبه الشيخ سيدي محمد البشير التجاني التماسيني بالمظهر الأحمدي ، و وصف سيرته ومهمته بأروع بيان فقال " .. المحب المقدم الفاضل الابر الزكي التقي الفقية النبيه ... أنه ذو سياسة وذو عقل تام وسيرة حميدة وعلم نافع ومتبع في أقواله وأفعاله ... وقد كان سافر لتلك النواحي ومكث بها مدة طويلة قبل، وتعرف بأناس تلك النواحي ودخلت على يديه أناس كثيرة في طريقتنا ورتب بها مقاديم وشواش من أعيان تلك البلدان، وله كلمة نافذة في تلك النواحي ومعرفة باعيان أهلما جملة وتفصيلا..." ونوه به الشيخ سيدي أحمد بن سيدي محمد حمة فقال :'' ان مرتبته لم يصلها إلا اثنين في عصره '' وقال عنه أيضا أن '' سيدي محمد بن فرج مذهب في الطريقة '' سمي هذا المذهب بالمشرب الفرجي.

إن حياة هذا الرجل تحتاج إلى بحث واسع وقراءات في رسائله العديدة التي كان يكتبها إلى مريديه ، ومن خلالها يمكن أن نكتشف الكثير من الوقائع التاريخية و الحقائق العرفانية ، واللطائف الربانية ، كما يمكن تحديد معالم وخصائص المشرب الفرجي، ومن دون شك أن الحركية العلمية الهادئة و الهادفة التي تعيشها الطريقة تبعث همة الباحثين وطلبة العلم نحو المزيد من التنقيب عن حياة هؤلاء الأعلام الكرام لتنتفع بهم الأجيال كما انتفع بهم من عاصرهم من الرجال.

والله الموفق للصواب.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجعين.

تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي عدة بن غلام الله البوعبدلي



القطب سيدي عدة بن غلام الله البوعبدلي (1202 هـ - 1283 هـ) شيخ الطريقة الشاذلية.

سيدي عدة بن غلام الله قدس الله سره:

ولد الشيخ سيدي عدة بن محمد الموسوم بن غلام الله البوعبدلي الحسني في العام الثامن من القرن الثالث عشر هجري بـ“مشتى الفقراء“ ببطحاء الشلف القريبة من جديوية من ولاية غليزان، وهو شريف حسني.

شيخ العلم والصلاح والتقى والورع:

نشأ الشيخ سيدي عدة بن غلام الله في أسرة عريقة.. شريفة، معروفة بالعلم والصلاح والتقوى.. أصابه في صباه مرض منعه عن المشي، ولم يتسن له المشي إلا في العام الرابع من عمره ولما بلغ سن الخامسة من عمره صحبه جده معه إلى شيخه في الطريقة الرحمانية، الشيخ سيدي بلمهل المازوني القاطن بقرية بوعلوفة، حيث طلب من شيخه تزويده ببركة دعائه أن يشفي الله الصبي، ويرزقه العلم والولاية.

ولما شفي من مرضه، أدخله جده الكتاب لتعلم القرآن الكريم، حيث أتم حفظه وهو في السادسة عشرة من عمره، وأثناء حفظه للقرآن الكريم كان والده يعلمه مبادئ العلوم الشرعية والعربية وبعد حفظه للقرآن وأخذه لمبادئ العلوم بعثه جده إلى القلعة حيث مسجد الشيخ بن حمو بغليزان، فجد واجتهد في طلب العلم، وأثناء ذلك تعرض والده لعملية اغتيال، فكفله جده الذي أوصى له بكامل ثروته، ولما كانت همة سيدي عدة طلب العلم، عالية لم يهتم بتصرف الأموال، بل صرف همته في السعي الجاد على الاغتراف من منابع العلم بمازونة.

وبعد تخرجه وحصوله على إنجازات من علماء ومشايخ المنطقة الذين درس عليهم، وبعد تبوئه مقعد العلم والفقه، عاد إلى مسقط رأسه، فأسس مسجدا استجابة لنداء الحق سبحانه وتعالى:”في بيوت أذن الله أن تُرفع ويذكر فيها اسمه“.. فكان رحمه الله تعالى يؤم الناس في الصلوات ويتولى تعليم القرآن الكريم، عملا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم:” خيركم من تعلم القرآن وعلمه“, بالإضافة إلى ذلك كان يعقد مجالسا لتدريس الفقه وعلوم الشريعة والعربية.

وبعد فترة من الزمن تخلى الشيخ سيدي عدة عن إمامة الناس بالمسجد، وانقطع إلى الخلوة، حيث اجتهد في القرب من مولاه سبحانه وتعالى بالأذكار على الطريقة الرحمانية التي كان قد أخذها عن والده قبل موته. ثم جدد أخذ الطريقة عن الشيخ سيدي عبد القادر بن الأحول بزاوية وادي الخير من أعمال مستغانم. وبعد عودته إلى أهله، ومكوثه بينهم قليلا، رأى الشيخ سيدي عدة ضرورة الالتحاق بالشيخ الصالح والعالم الرباني الشيخ بالقندوز صاحب الجامع بوادي مينة قرب غليزان.

ثم قام بزيارة المشايخ والعلماء. فاتجه غربا نحو المغرب الأقصى فزار علماء وجدة وأخذ عنهم، ثم ساح شرقا فزار بلاد زواوة وجلس إلى علمائها. وهكذا ظل يتجول في ربوع هذا الوطن العزيز حتى فرغت يده من المال، فعاد إلى قريته وأهله ، فلزم بيته وانقطع إلى العبادة.

الشيخ سيدي عدة الفقيه والمفتي:

انقطع الشيخ في خلوته لعبادة ربه ومناجاة خالقه، والقرب من حضرة سيده ومولاه، إذ جاءه الشيخ العارف مولاي العربي بن عطية العمار البوعبدلي الونشريسي، مستفتيا في قضية فقهية، مفادها: أن هذا الشيخ اكترى دابة تحمله إلى المغرب الأقصى لزيارة شيخه في الطريقة، الشيخ مولاي العربي الدرقاوي، فهلكت الدابة وطالبه صاحبها بغرم القيمة، فاختلفا، ثم قال الشيخ مولاي العربي بن عطية لصاحب الدابة:” أنظر لنا عالما نستفتيه“, فأشار عليه بالترافع أمام الشيخ سيدي عدة الفقيه، فقضى بينهما بالعدل.

توسم الشيخ سيدي مولاي العربي بن عطية في الفقيه المفتي سيدي عدة ملامح العلم والصلاح والتقى والورع، فدعاه لزيارته في جبل الونشريس، فأجاب الفقيه سيدي عدة دعوة الشيخ، وما أن لقيه حتى تتلمذ عليه، وأصبح سيدي عدة من أقرب المريدين إلى الشيخ سيدي مولاي العربي بن عطية العماري الونشريسي وعمره إذ ذاك أربعون سنة، وظل سيدي عدة يتردد على شيخه إلى أن ورد عليه كتاب من الأمير عبد القادر يكلفه بالقضاء في المنطقة.

فاستشار شيخه سيدي مولاي العربي بن عطية فأشار عليه بالقبول، فتولى سيدي عدة القضاء بوادي سلي، ومينة وظهرة ونحوها، وكان يتنزه عن قبول راتبه، مما زاده رفعة في عين الأمير فأحبه واحترمه وأكرمه، وهذا لما كان في سهل شلف، ولما توجه الأمير عبد القادر نحو الجنوب اصطحب الشيخ معه إلى أن استقر في طاقين قرب الشلالة، حيث أقام الزمالة.. ومنها عاد سيدي عدة إلى قبيلته “أولاد خويدم“ حيث توجه الأمير عبد القادر إلى المغرب.

وقد أقام الشيخ سيدي عدة بعد سفر الأمير بين أهله في أولاد خويدم، حيث انقطع إلى العبادة وتعليم القرآن، ونشر العلم، إلى أن قدم عليه الشيخ أحمد بن المختار البوعبدلي القاطن بـ “محنون“ من ولاية تيارت، وكان الشيخ أحمد بن المختار قد توفي أبوه معلم القرآن الكريم، وقد تركه هو وأخوين وأختا لهم أرملة أحد الشهداء، فعرض عليه أن يأتيهم إلى محنون ليعلمهم فقبل سيدي عدة الدعوة، فأقام بـ“محنون“, حيث تزوج الأرملة وأنشأ زاوية، وتولى بنفسه عملية التدريس، والإرشاد، والدعوة إلى الثبات، والتمسك بالدين الإسلامي الحنيف والابتعاد عن مخالطة الفرنسيين.

مؤلفاته:

وهو في زاويته بجبل محنون، انقطع للتأليف في الحديث، والتصوف، ومراسلة الإخوان والأصدقاء. فألف عددا من الكتب بقي منها:
أ- في التصوف:
* رسالة الكراس في زوال الشك والالتباس.
* كتاب الرسائل لأهل الوسائل.
* كتاب الأجوبة لأهل المحبة.
ب - في الحديث: صنف عدة كتب جمع فيها الأحاديث حيث حسب المواضيع الفقهية والأخلاقية، وكانت تقرأ أورادا في مساجد المنطقة.
ج- قصائد في المناجاة.

وفاته:

توفي سيدي عدة سنة 1283 من هجرة الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد رثاه معظم علماء ومشايخ المنطقة لمكانته بينهم، وتسجيل مراثيهم من طرف ولد الشيخ محمد بن المختار في سفر لترجمة والده، ما يزال مخطوطا مع ما تبقى من تأليف الشيخ في الزاوية.

من آثاره رضي الله عنه:

الصلاة المنجية وهي طويلة جدا...يقول فيها قدس الله سره:

اللهم صل وسلم على المرتجى سيدنا محمد أهلا للرجا
شفيعنا محمد سفينة النجا صلاة تكون لناالفرجا
وتفتح لنا أبواب النجا فتحا قريبا منفرجا
الحمد لله لكل ماجا والشكر له على الفرجا
إذا ضاق الحال عليك بالنجا بذكر الله ترى الفرجا
إلجأ إليه باسم النجا الإسم الأعظم مفتاح الحجا

تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |