من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

زاويـة خنقة سيدي ناجي:



مقدم الشيخ محمد بن عزوز البرجي، الشيخ عبد الحفيظ الخنقي، كان قد ورث عن آبائه زاوية الخنقة، وبها نشر تعليم الطريقة الرحمانية، بعد وفاة شيخه. شاركت بطلبتها وأتباعها ومريديها في ثورة الزعاطشة سنة 1849.
وأصبحت في ظرف وجيز من أكبر معاقل الطريقة في الجنوب الجزائري, وتفرعت منها عدة زوايا أخرى في تونس والجنوب الجزائري، حيث خرج الشيخ الحفناوي بن عبد الحفيظ إلى تونس وأسس زاوية هناك، وخرج محمد الأزهري إلى خيران أين أسس زاوية مستقلة.
وبقي تسيير الزاوية الأم بيد أبناء الشيخ الأزهري بخنقة سيدي ناجي.
تكملة الموضوع

ترجمة الإمام العلاَمة المحدث المؤرخ ابن قنفذ القسنطيني



نسبه و مولده:

هو الإمام العلاَمة المتفنَن الرحَالة القاضي الفاضل المحدَث المسند المبارك المصنَف المفسَر المؤرخ أبو العباس أحمد بن حسن بن علي بن حسن بن علي بن ميمون بن قنفذ ، القسنطيني الجزائري الشهير بابن الخطيب وبابن قنفذ.

ولد في حدود سنة 740 هـ بمدينة قسنطينة ( عاصمة الشرق الجزائري ) نشأ في بيت علم وفضل ، إذ كان جده لأبيه ( علي بن ميمون ) إمام و خطيب مسجد قسنطينة مدة خمسين سنة، توفي قبل مولد حفيده ابن قنفذ بسبع سنين ( حوالي سنة 733 هـ )، والده حسن بن علي عرف بعلمه و شغفه بجمع الكتب و استنساخها، توفي ولما يبلغ مترجمنا العاشرة من العمر، فتولى كفالته جده لأمه : يوسف بن يعقوب الملاري.

كفالة جده له و تعليمه:

تولى رعايته بعد وفاة والده جده لأمه : يوسف بن يعقوب الملاري ( و هو من شيوخ الطريقة الرحمانية ت 764 هـ ودفن في زاويته بملارة ) و قد تكفل برعايته و تعليمه فأكمل على يديه حفظ القرآن الكريم ، كما لقنه علوم العربية من نحو وصرف و أدب و الحديث ، ثم أرسله ليتعلم التفسير و الحديث الشريف و الفقه على يد الامامين الفقيهين المحدثين حسن بن خلف الله بن حسن بن أبي القاسم ميمون بن باديس القيسي القسنطيني و الفقيه القاضي الحاج أبو علي ( ولد سنة 707 هـ ، ت 784 م )).
وقد ترجم لهذا الأخير في كتابه " الوفيات " فذكره قائلا: ((شيخنا الفقيه القاضي العدل الخطيب الحاج المرحوم أبو علي روينا عنه الحديث وغيره، ولد في حدود سبعة وسبعمائة روى عن ابن غريون وغيره، وأخذ عن ابن عبد السلام وغيره وتوفي وهو قاض بقسنطينة)) و غيرهم من العلماء و المشايخ.

رحلته الى تلمسان:

انتقل إلى مدينة تلمسان حاضرة العلم و الأدب فأخذ عن شيوخ أجلاء التفسير و الحديث الشريف ( رواية و دراية ) و الفقه و الأدب و النحو، نذكر منهم: الإمام أبو عبد الله محمد بن يحيى الشريف الحسني التلمسان ( ت 771 هـ ) ، و الفقيه القاضي الشهير المحدث أبو علي حسن بنأبو القاسم بن باديس ( ت 787 هـ ) ، الامام المحدَث الرحالة الخطيب أبو عبد الله محمد بن الشيخ الصالح أبي العباس أحمد بن مرزوق التلمساني المعروف بالجد( ت 781 هـ) ، قال لسان الدين ابن الخطيب في حقه : [ نقلها أبو العباس المقري في " نفح الطيب: 5 / 390 " و ابن مريم في " البستان " ص 186 ]:(( سيدي وسند أبي ، فخر المغرب، وبركة الدول وعلم الأعلام، ومستخدم السيوف والأقلام، ومولى أهل المغرب على الإطلاق، أبقاه الله تعالى وأمتع بحياته وأعانني على ما يجب في حقه )) ،أما مترجمنا فقد ذكره في " الوفيات" فقال عنه : ((شيخنا الفقيه الجليل الخطيب أبو عبد الله محمد بن الشيخ الصالح أبي العباس أحمد بن مرزوق التلمساني.....كان له طريق واضح في الحديث، ولقي أعلاماً من الناس وأسمعنا حديث البخاري وغيره في مجالس مختلفة، ولمجلسه جمال ولين معاملة، وله شرح جليل على العمدة في الحديث والبردة)).
و غيرهم من العلماء.

هجرته إلى المغرب الأقصى:


و بعد أن ارتوى من نبع مدينة العلم و العلماء تلمسان الشريفة انتقل إلى المغرب الأقصى ليستقر فيها لمدة ثمانية عشر سنة – من 759 هـ إلى سنة 777هـ يتعلم في حواضرها المشهورة فاس ، مكناس ، سبته و سلا و غيرها ، و قد أخذ عن علمائها و مشايخها التفسير والحديث و الفقه ، و السيرة و التراجم و الأدب – و اسمحوا لي بنقل طرفا من ترجمات شيوخه بدون ترتيب – :

- الشيخ المتفنن الصالح أبو زيد عبد الرحمن بن الشيخ الفقيه أبي الربيع سليمان اللجائي ( ت 771 هـ) ، قال عنه في كتابه " الوفيات ص 31 " : ((شيخنا ومفيدنا الفقيه الحافظ المفتي بمدينة فاس أبو محمد عبد الله الوانغيلي الضرير من تلامذة أبي الربيع اللجائي وقرأت عليه مختصر ابن الحاجب، في الأصول، والجمل في المنطق وحضرت مدة درسه في المدونة)).
- الشيخ الحافظ أبو عمران موسى بن محمد بن معطي الشهير بالعبدوسي ( ت 776 هـ )، قال عنه في " الوفيات ص 30 ": ((شيخنا ومفيدنا طريقة الفقه الشيخ الحافظ أبو عمران موسى بن محمد بن معطي شهر بالعبدوسي سنة ست وسبعين وسبعمائة بمكناسة الزيتون وكان له مجلس في الفقه لم يكن لغيره في زمانه ولازمته في درس المدونة والرسالة بمدينة فاس مدة ثمان سنين)).
- الفقيه أبو القاسم محمد بن أحمد الشريف الحسني السبتي ( ت 771 هـ ) قال عنه في " الوفيات ص 29 ": (( قاضي الجماعة بغرناطة حرسها الله تعالى، أبو القاسم محمد بن أحمد الشريف الحسني السبتي وكتب لي بالإجازة العامة بعد التمتع بمجلسه وله شعر مدون سماه جهد المقل وله شرح الخزرجية في العروض، وقدم عليها بعد أن عجز الناس عن فكها. وكان إماماً في الحديث والفقه والنحو، وهو على الجملة ممن يحصل الفخر بلقائه. ولم يكن أحد بعده مثله بالأندلس)).
- الأديب الشهيد لسان الدين ابن الخطيب ( 771 هـ ) ترجم له في "الوفيات ص 30 " فقال في حقه : ((شيخنا الفقيه الكاتب الشهير أبو عبد الله لسان الدين محمد بن الخطيب الغرناطي صاحب [ كتاب الإحاطة في تاريخ غرناطة ] وكتاب " رقم الحلل في نظم الدول". وسمعت جملة من تواليفه بقراءته هو في مجالس مختلفة)).
- الفقيه الحافظ أبو العباس أحمد القباب ( ت 779 هـ) ترجم له في " الوفيات ص 31 " فقال عنه : ((الفقيه المحقق الحافظ أبو العباس أحمد القباب سنة تسع وسبعين وسبعمائة وله شرح حسن على قواعد القاضي عياض، وشرح على بيوع ابن جماعة التونسي، ولازمت درسه كثيراً بمدينة فاس في الحديث والفقه والأصلين)).
كما أخذ القراءات و النحو بمدينة فاس عن العالم اللغوي النحوي الأستاذ أبو عبد الله محمد بن حياتي ( ت 781 هـ ).
و أخذ الجزولية في النحو و علم المنطق عن الشيخ أبو العباس أحمد بن الشماع المراكشي.

رحلته إلى تونس :

بعد هذه الرحلة المباركة و إقامته مدة 18 سنة في المغرب الأقصى كما قلنا قفل راجعا إلى موطنه و مدينته قسنطينة ، لكنه لم يلبث إلا أياما قليلة ليسافر بعدها إلى تونس المحروسة ليأخذ عن علمائها غير أن إقامته بها لم تدم طويلا و لعلها - شهورا قليلة – و من العلماء التونسيين الذين أخذ عنهم كما ذكرهم في " الوفيات ص 33 " :
- (( الفقيه المميز الخطيب الصالح أبو الحسن محمد بن الشيخ الفقيه الشهير الراوية أبي العباس أحمد البطرني [ ت 780 هـ ] ، إبتدأ الرواية عام تسعة وسبعمائة وتمتعت به بتونس سنة سبع وسبعين وسبعمائة )).
- ((شيخنا الإمام الحجة أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة [ ولد سنة 717 هـ ، ت 783 هـ ] الورغمي نسباً، التونسي بلداً... وله مصنفات أرفعها المختصر الكبير في فروع المذهب قرأت عليه بعضه وأنعم بمناولته وإجازته وذلك سنة سبع وسبعين وسبعمائة بدويرة جامع الزيتونة. ووجدته من حال اجتهاد في العلم والقيام بالخطبة. ثم لقيته قبل وفاته بسنة وبه ضعف وبعض نسيان. وبلغت مدة إمامته بجامع الزيتونة في بلده خمسين سنة رحمه الله تعالى ونفع به)).

عودته الى الجزائر و توليه القضاء :

رجع مترجمنا بعد رحلته القصيرة إلى تونس ليستقر في مدينته قسنطينة حتى وفاته بها سنة 810 هـ - عليه رحمة الله تعالى - ليتولى الإمامة و الخطابة في مسجدها الجامع ، وليقوم بإلقاء دروسا في التفسير و الحديث الشريف و الفقه فينتفع بعلمه الكثير من التلامذة و طلاب العلم
سواء بمسجد المدينة أو في بيته ، وتم تعيينه في وظيفة القضاء - التي رفضها في أول الأمر - لكن إلحاح الأمير أبو الحسن عليه جعله يتراجع عن قراره ، ورغم هذه المهام التي كان يتولاها فقد وجد الوقت الكافي للتأليف و الكتابة فاخرج لنا عددا من الكتب القيمة التي تتسم بالعمق في الموضوع وأحياناً الإبتكار مما يدل على سعة إطلاعه و غزارة علمه ، وإليك أسماء ما وقفت عليه من تلكم الدرر الغالية.

آثاره و مؤلفاته:



- " شرف الطالب في أسنى المطالب " وهو شرح على القصيدة المسماة (القصيدة الغزلية في ألقاب الحديث لابن فرح الإشبيلي في (20) بيتاً ، و هي المنظومة الشهيرة ب " غرامي صحيح " ، و أول من نشرها هو المستشرق الهولندي (ريش) بمدينة ليدن مع شرحها لعز الدين بن جماعة ومع ترجمة وتعاليق بالألمانية سنة 1885م ، ثم طبعتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ( توجد منها نسخة مخطوطة بخط محمد بن المنور بن عيسى التلمساني بالمكتبة الوطنية الجزائرية تحت رقم :2849ـ2970).

- " أنوار السعادة في أصول العبادة - مخطوط - " ( وهو عبارة عن شرح لحديث " بني الإسلام على خمس "، التزم فيه أن يسوق في كل قاعدة من الخمس أربعين حديثا وأربعين مسألة) [ فهرس الفهارس للكتاني: 2 / 975].

- " وسيلة الإسلام بالنبي صلى الله عليه وسلم " ( وهو من أجل الموضوعات في السيرة النبوية الشريفة لإختصاره له ) [ فهرس الفهارس للكتاني: 2 / 975]

- " علامات النجاح في مبادئ الاصطلاح " وهو كتاب في مصطلح الحديث ( مخطوط بالمكتبة الوطنية ).


- " تيسير المطالب في تعديل الكواكب " ( في علم الفلك و قد طبع طبعة حجرية بدون تاريخ ، قال في وصفه: "لم يهتد أحد إلى مثله من المتقدمين": ص 4 ).

- " الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية " ( نشر على الحجر بباريس سنة 1847م ، و هو كتاب تاريخ و أدب تناول فيه تاريخ بني حفص ألفه للأمير أبي فارس عبد العزيز المريني – توجد نسخة مخطوطه في مكتبة باريس - ).

- " أنس الفقير وعز الحقير " ( في ترجمة الشيخ أبي مدين وأصحابه (طبع عام 1965) ، قال في وصفه محمد الكانوني (1311 هـ)في كتابه " جواهر الكمال في تراجم الرجال : 1 / 44 - 46 ": "هو شبه رحلة تقصى فيها تنقلاته بالمغرب الاقصى ومن لقي من أهل العلم والصلاح) ( الأعلام للزركلي : 1 / 117 ).

- " شرح منظومة ابن أبي الرجال " ( مخطوط في علم الفلك ).

- " أنس الحبيب عن عجز الطبيب " .

- " القنفذية في إبطال الدلالة الفلكية " ( توجد مخطوطته في المكتبة الظاهرية بدمشق ).

- " تحفة الوارد في اختصاص الشرف من قبل الوالد".

- " بغية الفارض من الحساب والفرائض ".

- " سراج الثقات في علم الاوقات ".

- شرح الرسالة( في أسفار).

- شرح الخونجي ( في جزء صغير).
- شرح أصلي ابن الحاجب.

-شرح تلخيص ابن البنَا.

- شرح ألفية ابن مالك .

- كتاب " الوفيات " و يعتبر ذيلا لكتابه الأوَل " شرف الطالب في أسنى المطالب " حيث أرَخ فيهمن سنة 11 هـ [ وهي سنة وفاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي استهل بها كتابه ] إلى سنة 807 هـ قبل وفاته بثلاث سنوات ، و يوجد كتاب بنفس العنوان " الوفيات " لابن خلكان رحمه الله فلينتبه.و قد ذكر الزركلي في موسوعته ( الأعلام : 8 / 349 ): أن أول طبعاته كانت سنة 1912م بمدينة كلكته بالهند لكن الطبعة كانت ناقصة بالمقارنة مع المخطوطة حيث حذف منها الفصل الذي ذكر فيه ابن قنفذ تصانيفه).
ثم طبع الكتاب بمطبعة دار الآفاقالجديدة ببيروت سنة 1971 م في (398) صفحة بتحقيق عادل نويهض الذي قدم له بمقدمة رائعة ، و همش له بهوامش أزالت الكثير من الغموض الذي قد يجده البعض في التراجم التي تعرض لها ابن قنفذ فجزاه الله خيرا.

و استسمحكم بنقل بعض التعاليق على هذا الكتاب.

- قالالأستاذ عادل نويهض في مقدمة تحقيقه : (....هذا الكتاب عبارة عن تاريخ صغير لوفياتالصحابة و العلماء و المحدَثين و المفسَرين و المؤلَفين رتَبه ابن قنفذ على القرونو على تواريخ و فياتهم و استهلَه بوفاة سيَد الأوَلين و الآخرين النبيَ العربيَالكريم محمد بن عبد الله صلوات الله سلامه عليه سنة 11هـ، و انتهى به إلى العشرةالأولى من المائة التاسعة ..( هكذا في المقدَمة ) و لكون هذا الكتاب من المراجعالسهلة التي اعتمدها و يعتمدها المؤلفون لمعرفة تاريخ و فيات مشاهير الرجال منأبناء الأمَة الإسلامية و خصوصا العلماء منهم فقد أفرده كثير من القارئين على حده وفصلوا بينه و بين" شرف المطالب " وقد نال انتشارا كبيرا .. فالتنبكتي [ ت 1036 هـ ] نقل عنه في " نيل الابتهاج " و ابن مريم التلمساني في " البستان " و الزركلي في " الأعلام(من مقدَمة المحقَق صفحة 17 – 18).

وقد أحصيت أيها الإخوة الأفاضل، أيتها الاخوات الفضليات بعد مطالعتي للكتاب و مقارنتها بما كتبه الباحث حسن ظاظا، عدد المترجم لهم فوجدته يحتوي على (511 ترجمة) ركز في المائتين السابعة و الثامنة على الأعلام الجزائريين و خاصة أبناء مدينته قسنطينة ، و التراجم موزعة كالتالي:
( 139 ترجمة لأعلام المائة الأولى منهم (116) من الصحابة _ رضي الله عنهم-).
(85 ترجمة لأعلام المائة الثانية).
(56 ترجمة لأعلام المائة الثالثة).
(36 ترجمة لأعلام المائة الرابعة).
(38 ترجمة لأعلام المائة الخامسة).
(51 ترجمة لأعلام المائة السادسة).
(46 ترجمة لأعلام المائة السابعة).
(57 ترجمة لأعلام المائة الثامنة).
(03 ترجمة لأعلام المائة التاسعة).

و قد أقتصر في المائة التاسعة على ترجمة ثلاثة أعلام منهم شيخه أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي ، و الفقيه الحافظ أبو علي عمر ابن نصر بن صالح البلقيني، الفقيه الحافظ المفتي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن المراكشي الضرير من أهل بلدنا ببونة في آخر ذي الحجة تكملة سنة سبع وثمانمائة. وكانت ولادته سنة تسع وثلاثين وسبعمائة.
و هكذا نرى أنه توقف عند سنة 807 هـ ، أي ثلاثة سنوات قبل وفاته

و قد قام محمد بن عيسى الفشتالي، المغربي (ت 1021 هـ ) كاتب السلطان المنصور أبو العباس أحمد الشريف الحسني بتأليف كتاب بعنوان : " الممدود والمقصور من سنا السلطان المنصور " ذيل به وفيات الاعيان لابن قنفذ بلغ به الى آخر المائة العاشرة.

المصادر و المراجع:

- نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب – ابو العباس المقري.
- فهرس الفهارس - عبد الحي الكتاني.
- معجم المؤلفين - عمر كحالة.
- إيضاح المكنون - إسماعيل باشا البغدادي.
- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر – المحبي.
- الأعلام - خير الدين الزركلي
- البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان - ابن مريم أبو عبد الله محمد.
- تعريف الخلف برجال السلف – الحفناوي.
- جواهر الكمال في تراجم الرجال - محمد الكانوني.
تكملة الموضوع

ترجمة شيخ زاوية قجال العلامة الصديق حمادوش



ترجمة الولي الصالح شيخ زاوية قجال العلامة الصديق حمادوش

مقدمة:

الجزائر في مواجهة تداعيات الاحتلال الفرنسي:

الحديث عن العلامة الشيخ الصديق بن حمادوش هو حديث عن جيل من الجزائريين الذين تحملوا مسؤولية الممانعة الثقافية في ظروف غزو استعماري بغيض يريد محو أمة من الوجود وذلك باستئصال كل علاقة لها بماضيها بكل أركانه ومقوماته .
فما أعظم ما حُمِّل ذلك الجيل الذي وجد نفسه في مواجهة جبهات متعددة مفتوحة على خطوب جسيمة وأخطار محدقة بمستقبل الأمة ومصيرها !.
لقد فتحت فرنسا الحرب على الجزائريين بالتقتيل والإبادة لكل فعل مقاوم، وبالتشريد والترحيل والتمزيق لكل عرش من العروش، وبالإذلال والقهر لكل مسالم أعزل، وبالتجويع والتجهيل لكل مواطن شريف، وبالتهديم والتشويه لكل معلم من معالم ديننا وحضارتنا وتاريخنا، وبالحصار لكل عمل تعليمي أو ديني. إنها الحرب الشاملة التي فرضتها فرنسا على الجزائر والجزائريين .فما العمل وما الوسيلة ؟
من رحم هذه الأحداث ولدت أجيال للرفض والمقاومة بكل أنواعها المسلحة والسلمية والسياسية والاقتصادية والثقافية التعليمية. وكان جيل المقاومة والممانعة الثقافية في مقدمها الذي تحصن بالزوايا والجوامع وحمل سلاح الكلمة والقلم لمواجهة الغزو الثقافي الاستعماري ،ومن هذا الجيل كان الشيخ الصديق حمادوش رحمه الله .

نسبه :

هوالشيخ الصديق بن الطاهر بن محمد بن أحمد بن الصالح بن احمدوش , ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب .

مولد ه:

نستطيع أن نأخذ تاريخ ميلاد الشيخ الصديق من رخصة طلب فيها كمية من البرود من الإدارة الفرنسية مؤرخة في 1874/03/16 وكتب في خانة المعلومات : عمره أربعون سنة. فإذا قمنا بعملية طرح أربعين سنة من أربع وسبعين سنة ،يكون مولده سنة 1834م

نشأته وتعلمه :

ولد الشيخ الصديق بقرية قجال وحفظ القرآن على يد والده الشيخ الطاهر وأخذ عنه مبادئ اللغة العربية والفقه. انتقل بعد ذلك إلى العديد من زوايا الطريقة الرحمانية بالحامــــة والسوالم ثم قسنطينة.

إجازته :

أخذ الشيخ الصديق عن شيخه بن عبد الكريم السلامي الشافعي الإجازة في التربية والتعليم،على الطريقة الرحمانية الحفناوية البكرية الخلوتية التي شهد له فيها بالكفاءة العلمية والروحية وأعلن ذلك على رؤوس الأشهاد من العلماء والمشايخ والأعيان وعامة الناس .

إدراك الشيخ الصديق للمرحلة ، وتحديد دوره:

ما إن أدرك الشيخ الصديق ظروف البلاد الجديدة التي فرضتها السياسة الاستعمارية حتى حدد لنفسه دوره في المواجهة وربما كان ذلك بتوجيه من أبيه أو بتوجيه من الشيوخ الذين تتلمذ عليهم . فلئن سلبت الأمة السيادة في الوطن, فلا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تسلب دينها ولغتها ولذلك كان عليه أن يتخندق في جبهة الممانعة والمقاومة الثقافية التعليمية التي تحفظ للأمة قرآنها وشريعتها ولغتها تحصينا لها من الذوبان والاضمحلال إلى أن يأتي الله بدور جديد تأخذ فيه الأمة مسؤوليتها في تحرير الوطن السليب .
ولكن ما العمل ؟وقد صادرت الإدارة الاستعمارية أغلب أراضه الخاصة بسبب انخراط والده في المقاومة المسلحة ، والأملاك الوقفية للزاوية قد صادرتهاالإدارة الاستعمارية الفرنسية من قبل بموجب القوانين الاغتصابية الظالمة التي قضت بتحويل كل الأملاك الوقفية في الجزائر إلى"الدومان". وبلغ الحصار الاستعماري مداه بالهيمنة على المساجد والزوايا التي أراد أن لاتتحرك إلا في الإطار الذي يخدم مصالح الاستعمار وأهدافه .

استئناف الزاوية لرسالتها التربوية التعليمية :

في البداية سعى الشيخ الصديق للحصول على ترخيص من المجلس العلمي بسطيف الذي وضعت الإدارة الاستعمارية الفرنسية يدها عليه بظاهر تنظيم وضبط العمل في المؤسسات الدينية والإشراف على المساجد ولكن القصد كان الهيمنة على المساجد والزوايا من أجل محاصرتها وتحجيم دورها إلى أقصى حد ممكن للقضاء عليها نهائيا ،لأنها كانت ومازالت حصونا منيعة لرجال المقاومة والجهاد والممانعة الثقافية .
واستأنفت الزاوية العتيدة رسالتها العلمية من جديد ، وباشر الشيخ الصديق العمل فيها بنفسه وكان عمره إذاك لا يتجاوز الثالثة والعشرين سنة وتوافد على الزاوية طلبة العلم ، وحفظة القرآن الكريم من كل صوب وحدب .

الإنفاق على طلبة العلم :

كان الشيخ الصديق ينفق على الطلبة من عائداته الفلاحية ، فلم يكن يقبل من الناس الصدقات ولا أموال الزكاة ولا التبرعات . ولما توسعت نفقات الزاوية حاول أن يستعيد بعضا من أراضيه المصادرة من قبل الإدارة الاستعمارية ، فراسل كلا من نائب عامل العمالة بسطيف والحاكم العام بالجزائر طالبا استعادة أرضه الفلاحية الخاصة التي كانت تقدر حوالي مئة وعشرين هكتارا بعضها في يد الفرنسيين والبعض الآخر كان تحت يد القايد الذوادي كما ذكر في رسالتيه اللتين بعث بإحداهما إلى الحاكم العام في الجزائر والثانية بعث بها إلى "السوبريفي " بسطيف .

الشيخ الصديق قاضيا :

اشتغل الشيخ الصديق بالإضافة إلى التدريس في الزاوية قاضيا للشريعة الإسلامية في محكمة سطيف من سنة 1862م إلى سنة 1882م .

الشيخ الصديق يتفرغ للتدريس :

بعد ذلك الشيخ الصديق للتدريس بالزاوية ،وقد كللت جهوده بالنجاح الباهر ، فتخرج علي يده ما يقرب من أربعين طالب علم وقيل ستين . نذكر منهم :
الشيخ المختار بن الشيخ وأخاه أحمد الشريف - والشيخ المنور مليزي – والشيخ الطيب قرور- والشيخ محمد الشريف بن علي إدريسي - والشيخين الأخويين أحمد بن حافظ ، والمختار بن حافظ- والشيخ عبد الرحمن رحماني - والشيخ علي بن الحامدي - والشيخ موسى بن مروش – والشيخ الميهوب بن إدريس – والشيخ الأخضر بن إدريس – والشيخ صالح عبد العزيز- والشيخ خلفي بوزيد وغيرهم ، وقد كان لهؤلاء الطلبة بعد تخرجهم دور كبير في نشر الثقافة العربية والعلوم الفقهية بين أبناء الوطن من خلال الزوايا والمساجد والكتاتيب والمدارس التي تم فتحها على أيديهم أو تم توظيفهم فيها أئمة ، كما اشتغل بعضهم قضاة في المحاكم الشرعية ،وبعضهم سافر لأتمام دراسته بقسنطينة أو بجامع الزيتونة بتونس أو بالجامع الأزهر بالقاهرة .

فضائل الشيخ الصديق:

تميز الشيخ الصديق رحمه الله بشخصية ذات ورع شديد، وتقى منقطع النظير، ورجاحة في العقل،وعمل دؤوب، وحذر من مضلات الفتن ومعرفة بالناس ،وزاده الله إلى ذلك غزارة في العلم ونورا في الفهم وزينة في الخلق ورأفة في القلب .

اهتمامه بالعلم :

لم تكن اهتمامات الشيخ الصديق العلمية قاصرة على الفقه والأحكام ،وعلوم النحو والبلاغة فقط بل كان له اهتمام بعلوم المنطق والحساب والفلك والنجوم والتصوف.ونظرا لندرة الكتاب في ذلك الوقت كان الشيخ الموهوب زروق ينسخ له الكتب التي يحتاجها كما كان يطلب نسخ الكتب النادرة من بعض طلبته وقد عثرنا فيما بقي من كتبه على العديد من الكتب المنسوخة منها كتاب في المنطق وكتاب في الفلك وكتاب في علم النجوم وأوراق في الاستعارة ومنظومتان في التصوف للشيخ عبد الرحمن الأخضري .
كان للشيح الصديق مكتبة زاخرة,وكانت كتب العلم عنده أعزعليه من ماله وولده ، وهو على فراش الموت كان ينظر إلى مكتبته فتسقط دموعه لاحظ عليه ذلك وحيده الشيخ الطيب وكان شابا في مقتبل العمر فظنه يبكي حزنا على تركه وحيدا في جوار لايرحم ،فقال له : لاتحزن ياأبي ،أنا على ثقة أن الله يحرسنا من بعدك.فنظر الشيخ الصديق إلي كتبه وقال : ياولدي إنما أبكي على هذه الكتب من لها بعدي ؟.

تعظيمه لشعائر الله :

عرف الشيخ الصديق بتعظمه لشعائر الله وحدوده ، والتزامه بالسنة النبوية وتورعه عن الشبهات ؛ روى أكثر من واحد أنه كان يرفض رفضا قاطعا ما ينتشر في بعض الزوايا من بدع وحضرة ووعدات وتجمعات تسيئ إلى الدين أكثر مما تحافظ عليه ، كما كان ينكر على الذين يعلنون في الناس الكرمات –التي يكرم الله بها بعض عباده الصالحين- لاستمالة قلوب العامة والبسطاء منهم . وكان يتقدم الفلاحين الذين يكلفهم بفلاحة أرضه ويشاركهم في العمل فإذا حضرت الصلاة أوقف العمل وأقام الصلاة تعظيما لعماد الدين وركنه الركين التي من أقامها أقام الدين كله ومن تركها ترك الدين كله .
وكان شديد الحذر من الفتن، يفر منها ومن أ هلها فراره من الأسد الضاري . وقعت فتنة بين عرشين أشعلتها أيادي فرنسا الخفية، وحاولت أطراف من الفريقين أن تزج به في الصراع، فرحل عن قرية قجال مع عائلته نائيا بنفسه عن الصراع وتوجه إلى أرضه "بوغنجة" بأولاد صابر حيث نصب هناك خيمة وأقام بها، فلما انتهت الفتنة عاد إلى قجال ويقال أن ابنه الطيب ولد هناك .

صوفية الشيخ الصديق:

ولم تؤثر هذه الروح الصوفية عند الشيخ الصديق رحمه الله سلبا على حياته فتصرفه عن أعماله الدنيوية ونشاطاته الاجتماعية ،أو تدفعه إلى التواكل والانعزال بل كان يمارس حياته العملية بنفسه دون الإخلال بنشاط على حساب الآخر؛ فهو المعلم في المسجد مع الطلبة، وهو الفلاح في الحقل مع الفلاحين، وهو المتسوق في السوق لاقتناء حاجاته وهو الإنسان المتواضع للناس الساعي في قضاء حاجة المحتاج والتنفيس عن المكروب وإصلاح ذات البين . وقد حفظ عنه أحفاده قوله :" كن مع الله صادقا مخلصا له الدين ، وكن مع عباده متواضعا لهم مداريا لهفواتهم ."

وصيته:

أدى الشيخ الصديق مناسك الحج رفقة ابن أخته الشيخ المختار بن الشيخ والشيخ عبد الرحمن رحماني .وقد ألم به مرض خطير أدرك من خلاله قرب أجله ،ولم يكن له من الأبناء الذكور الذين يعتمد عليهم بعد وفاته إلا ابنه الطيب الذي مازال في ريعان الشباب ولم يتخط بعد العقد الثاني من عمره ، فأودع وصيته على ابنه والزاوية للشيخ الدراجي العيادي الذي قام بعده بالتعليم في الزاوية ،وكان نعم الوصي والمرشد لولده.
روى لي الشيخ رابح عيادي أن الشيخ الدراجي كان حريصا على مرافقة الشاب الطيب في كل شؤونه. وفي ليلة زفافه أخذ الشيخ الدراجي ينتظر خروجه للصلاة بالناس بقلق شديد، فلما أذن المؤذن للفجر خرج العريس في ليلته من بيته وأمَّ الناس للصلاة .عند ذلك فرح الشيخ الدراجي واطمأنت نفسه وعلم أنه أدى الوصية على أكمل وجه ،لأن المحافظة على الصلاة وخاصة صلاة الصبح في وقتها هي العنوان الأبرز في اكتمال الشخصية الإيمانية لدى المؤمن ،فإذا أضفنا لها إمامة الناس وفي أشد الظروف حساسية يكون الشيخ الطيب قد أصبح مؤهلا لخلافة والده في البيت والزاوية عن جدارة.

قصة لقب حمادوش:

كان لقب الشيخ الصديق العائلي"بن إدريس" ورد ذلك في عدة وثائق. وقيل لظروف خاصة اختار لقب "حمادوش" نسبة إلى جده الرابع حمادوش حسب ما جاء في كتاب حفيده الشيخ محمد الصديق الذي ذكر فيه سلسلة أجداده. وقد ورد أيضا اسم "حماد وش" في كتاب نسخه الشيخ الزادي وأهداه إلى الشيخ الصديق. ونص الإهداء كما يلي :" نسخته لأخي في الله وشيخي سيدي الصديق بن سيدي إدريس الملقب بحماد وش ،جده سيدي علي حمادوش المكناسي أهلا، الحسني جدا، من أبناء سيدنا الحسن بن فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم" .
ومن هو سيدي علي بن حمادوش المكناسي هذا ؟ هل هو صاحب المقام المعروف بزاوية الحمادشة الواقعة على مسافة 20كم من مدينة مكناس بالمغرب الأقصى الذي عاش في القرن السابع عشر الميلادي ؟ تروي عائلتنا أن سيدي علي بن حمادوش وكان الوحيد الذي بقي من أفراد عائلته التي تعرضت للاغتيال بالسم من طرف أعداء لهم ،فحملته والدته رضيعا وقيل جنبنا إلى أخواله "عائلة بوجملين ببلاد القبائل " الذين أطلقوا عليه لقب حمادوش ،ثم عاد إلى قجال في حماية رجل عالم ، وتزوج وأنجب ولدا سماه الصالح. فلما بلغ معه السعي تركه في قجال ورحل مهاجرا في أرض الله الواسعة . ( يحتاج الأمر إلى تحقيق لتأكيد ما إذا كان سيدي علي بن حماد وش هو صاحب المقام بالقرب من مكناس).

وفاته :

توفي الشيخ الصديق في اليوم الخامس من شهر سبتمبر سنة 1893 م ودفن بجنب والده الشيخ الطاهر وجده الشيخ محمد بمقبرة قجال وقد ترك من البنين ولدا واحدا وبنتين رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .

آثار الشيخ الصديق :

لم يترك الشيخ الصديق مؤلفات رغم أنه كان يعرف بالعالم الأديب ،إلا أننا عثرنا في أوراقه الخاصة على مجموعة من الأدعية والأوراد من ضمنها قصيدة في الشعر الصوفي الجميل وقصيدة أخرى في مدحه،ومدح الشيخ الموهوب زروق.


جل الله ربي:

يقـــول جل اللــــه ربي: أنا المقصود ،لا تطلب سواي
تجدني أين تطلبني ،عبدي وإن تطلب سواي ،لا تجدني
تجدني في سواد الليل ،عبدي قريبا منك ، فاطلبني تجدني
تجدني في سجودك لي ، قريبا كثيرالخير، فاطلبني تجدني
تجدني حين تدعوني ،مجيبا أنا الحنان، فاطلبني تجدني
تجد ني ،غافرا برا رؤوفا عظيم العفو، فاطلبي تجدني
تجدني ،مستغاثا بي، مغيثـا أنا الوهاب، فاطلبني تجدني
أتذكر ليلة ناديت فيها ألم أسمعك ، فاطلبني تجدني
وقد بارزتني بالذنب جهرا فلم أكشفك، فاطلبني تجدني
وكم قد رام ضرك من عدو فلم أخذلك، فاطلبني تجدني
إذا اللهفان نادني كظيما أقل لبيك، فاطلبني تجدني
إذا المضطر قال : ألا تراني نظرت إليه، فاطلبني تجدني
وأية عثرة لك لم أقلها فلم نضررك فاطلبني تجدني
إذا عبدي عصاني لم يجدني سريع الأخذ ، فاطلبني تجدني


قصيدة في مدح الشيخين الصديق حمادوش والموهوب زروق
للشاعر محمد بن علي بن أحمد الملقب بابن دعاس الريفي

خليفة الشيخ لاتسلني فإننـــــــي
على الباب واقف متطفـــــــــل
فنطلب منكم الفوز ياعلم الورى
بإرشاد للخيرات وانفكاك القفل
عن القلب يضحى زايلا عنه ذا العمى
فينكشف الغطاء وتنفرج الأحــــــوال
إمام حؤز للفضائل كلـــــها
بإحيائه للسنة وانخذال الجهــــل
أنارت به الشريعة، سيِّــــــدٌ
قد فاز على الأقران علم وعمـل
فبالشرف الرفيع قد شاع ذ كـــــره
فحوَّله الثناء بما هو حاصــــــــــل
فشيخ من الكمَّال نوره زائـــــــــــد
كمثل الهـــلال فاق عنــــــه وأجمـل
فليس له مثيل في عصرنا وما
حذاه من الأعصار بالعلم عامـــل
فقد رغم الحسود أنفـه بالــذي
قد أوهبه الإله بالسبق واصـــــــل
محمد الصديق والنسب شهــرا
بابن إدريس إن كنت سائـــــــــــل
ومسكنه قجال والمنشأ قل بـــه
سلالة مجد نص عنها الأوائـــــــل
فلله در ذا الإما م لأنــــــــــــــه
شجاع عند الحروب نسل الأفاضل
تقوَّل في العلوم حتى ارتقى بها
مكانة أهل الصدق وأعلا المنــازل
فذوا كرم وفخر لا يقاس بمثلـه
ترفَّــل في الأنــوار،إيََّـاك تجهـــــل
قد اقتبس الأنوارمن شيخه حتى
ضاء به المكان، إيَّاك تغفــــــــل
فزره مرارا تغتنم بركاتـــــــــه
بها سعد الدارين ، ليس له مثـــــــل
تواضعه مشهور وكذا زهــــده
قد شابه شيخه في كل الخصائـــــل
محمد بن عبد الكريم عَـلَـمــــــه
ونسبته السُّلامي والكسنى والأصـل
وقد شاع في الوطن المذكور مقامــــــــه
فمقصد للأيتام ومأوى الأرامـــــــــــــل
كرامته لاتحصى بحر المعارف
ومُحي قلوب الخلق موقظ الغافــل
جواد بسيط الكف حتى لو أنـــه
دعاها لقبض لم تجبه الأنامـــــــل
فيارب طوِّل للأنام بقدرحياتـــه
إمام جليل القدر حاز التفضـــــــل
عليه من الله الكريم رضوانــــه
مدى الدهر،مادامت شهور تهلــل
كذا سيدي الموهوب من نسـل زروق
فياله من شيخ حميد الخصائـــــــل
له كرامات شهدناهـا يــافتى
منها أمر للمحتاج عند التحـــــول
فأنواره تلوح للعبد. ذوالتــقى
وقائم بالفروض ثم النوافـــــــــــل
مع النصح للمخلوق غاية جهـده
فلا زال في حفظ الإله مبجّــــــــل
يـود الـذي لاقـاه ألايـفارقـــــــه
فبالحق قائم وكاره الباطــــــــــــل
ونظمه الفقير إلى ربه محمــــد
فابن علي يرتجي محو الزلــــــــل
ضعيف الورى وأحوج الخلق كلهم
إلى رحمة المولى العظيم المتعــــــــال
لعلكم تدركوه بفضلكــــــــــم
فياسدتي إني عنكم عامــــــــــــــــل
وصل يارب على نبيك أحمـــد
كذا الآل والأصحاب جمع مفضل


يوم 14 شوال 1302 هـ/ 1885 م
تكملة الموضوع

الشيخ أحمد الأمين بن عزوز رضي الله عنه



الشيخ أحمد الأمين بن عزوز: (1277 ـ 1354 هـ= 1860 ـ 1935م)
هو أحمد الأمين بن محمد المدني بن المبروك بن أحمد بن إبراهيم بن عزوز الجزائري، البرجي الخلوتي، عالم صالح مسند جوال، سليل أسرة بن عزوز من الجنوب الجزائري، وتلميذ الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي في التصوف والطريقة.
-----------------
ولد في مدينة نفطة عام 1277هـ = 1860م. نشأ في رعاية والده الشيخ محمد المدني بن عزوز شيخ شيوخ عصره. كما أخذ عن شيوخ زاوية نفطة، انتقل بعد ذلك إلى جامع الزيتونة وأخذ عن علمائه منهم الشيخ محمد الطيب النيفر ومن في طبقته من الأعلام.
-----------------
عمل بالتدريس في زاوية نفطة وأقام بها مدة من الزمن، وانتقل إلى الجزائر فأخذ الطريقة الرحمانية عن الشيخ محمد بن أبي القاسم بالهامل وسلك على يديه، جاور بالمدينة المنورة سنين عديدة، وأخذ عن شيوخ أجلة بها: حسب الله المكي، علي بن ظاهر الوتري، عثمان الداغستاني...
-----------------
تولى التدريس بالحرم النبوي والإشراف على أوقاف زاوية الهامل بالمدينة المنورة، التي خصصتها للحرمين الشريفين. كان كثير التردد على زاوية الهامل ويقيم بها المدد الطويلة مدرسا ومربيا. فمعرفته قديمة بالزاوية القاسمية، ثم أنه ينتمي إلى الأسرة العزوزية التي تربطها بالزاوية علاقات وطيدة علمية وروحية وجهادية.
-----------------
أخذ عنه شيوخ الهامل منهم: الشيخ أبي القاسم، الشيخ أحمد، الشيخ مصطفى، الشيخ محمد المكي، الشيخ محمد بنعزوز...
له: قصيدة في أهل بدر، عدة قصائد في التوسل بآل البيت، وديوان شعر. توفي بالمدينة المنورة سنة 1354هـ = 1935م ودفن بالبقيع.

نقلا عن:
مركز القاسمي للدراسات والأبحاث الصوفية

تكملة الموضوع

مؤسس الطريقة الرحمانية سيدي عبد الرحمن الأزهري






سيدي محمد بن عبد الرحمن الأزهري قدس الله سره


هو الشيخ القطب العالم العلامة البحر الفهامة صاحب الكرامات سيدي محمد بن عبد الرحمن الأزهري رضي الله عنه الذي ينتهي نسبه إلى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أي من آل البيت عليهم السلام ولد حوالي سنة 1133هـ= 1715م, بقرية بوعلاوة، التي تقع ببلاد جرجرة، وإلى هذه الأرض ينسب، كما لقب بالأزهري نسبة إلى الأزهر الشريف الذي جاوره مدة طويلة.
----------
نشأ ببلاد زواوة، تتلمذ في بداية أمره على يد الشيخ الصديق بن آعراب، ثم ذهب إلى الحج في حوالي التاسعة عشر من عمره أي حوالي سنة 1152هـ= 1734م، وفي طريق عودته أعجب بالأوضاع العلمية بمصر فاستقر هناك مجاورا للأزهر الشريف، وتلقى العلوم على أيدي علماء أجلاء منهم: أحمد بن محمد بن أبي حامد العدوي المعروف بـ" الدردير" (ت1201 هـ), علي بن أحمد الصعيدي (ت 1189هـ)، الشيخ علي العمروسي المتوفي سنة 1173هـ، وعلى يد "المنور التلمساني"(ت 1173هـ).
----------
وبعد تحصيل العلوم الفقهية من هؤلاء الأعلام، اتجه إلى الشيخ محمد بن سالم الحفناوي الخلوتي، وسلك على يديه، الذي كلفه بنشر الطريقة والدعوة في بلاد السودان والهند، فأقام ست سنوات في دار فور يقرئ السلطان ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى صار له أتباع كثيرون، وحصل له الإقتداء في هذه المنطقة، ثم أمره شيخه بالعودة إلى القاهرة وألبسه الخرقة وكلفه بالتوجه إلى الجزائر لنشر الطريقة هناك, وكان ذلك سنة 1177هـ= 1758م.
----------
استقر الشيخ بن عبد الرحمن فترة بمسقط رأسه، ثم انتقل إلى قرية "الحامـة" قرب مدينة الجزائر, واستقر هناك وتصدى للتعليم ولنشر الطريقة الخلوتية، والتف حوله عدد كبير من الطلاب، فعلا صيته وذاعت شهرته، وبنى زاويته التي اتخذها مركزا لنشر الطريقة وملتقى للإخوان والمريدين ولم تمض فترة طويلة على استقراره بـ"الحامـة" حتى بدأت المشاكل والمتاعب تترى من طرف علماء الظاهر، فبدأوا بشن الحملات عليه وإثارة الـداي محمد عثمان عليه، مما جعله ينصب له مجلسا للحكم في أمره وللنظر في الاتهامات الموجهة إليه، وظهرت حججه على آرائهم الباطلة وبرئ من تهمة الزندقة التي وجهت إليه. وبالرغم من موقف الداي إلا أن الشيخ رأى وجوب مغادرة الجزائر والعودة إلى مسقط رأسه آيت إسماعيل بجرجرة وأسس هناك زاوية جديدة وتفرغ للتعليم والطريقة. توفي سنة 1208هـ = 1793م. ودفن بزاويته.
----------
ترك الشيخ بن عبد الرحمن الأزهري مجموعة كبيرة من التلامذة كانوا بدورهم من شيوخ الطريقة ونشروها في مختلف البقاع، ومـن أشهـر تلامـذته: علي بن عيسى المغربي، عبد الرحمن باش تارزي، محمد بن عزوز البرجي، محمد العمـَّالي والد حميدة العمالي...
----------
أما عن مؤلفاتـه، فيذكر الشيخ الحفناوي في تعريف الخلف برجال السلف: " أن للأزهـري رسائل كثيرة في تعليم الخلق وإرشادهم إلى طريق الخير، اعتنى بجمعها أكابر رجـال طريقته، ولو طبعت لكانت مجلدا كبير الحجم كثير العلم ".
ومن أشهر مؤلفاته: رسالة فتح الباب، رسالة طي الأنفاس، دفتر الدفاتر، شرح على الريفاوي وهو شرح لقصيدة ( قوته قولي) لصاحبها عبد الله الريفاوي، شرح لامية الزقاق وهي في الأقضية، قال عنه أنه ألفه بإذن شيخه الحفناوي، زلزلة النفوس وكان لا يفارقه لعزته عليه, وغيرها من المؤلفات والرسائل.
----------
توفي الشيخ بن عبد الرحمن وكان قد أوصى بالخلافة بعده إلى تلميذه الشيخ علي بن عيسى المغربي، وترك له جميع كتبه وأوقافه وأشهد على ذلك أهل آيت إسماعيل، وظل الشيخ علي بن عيسى يدير شؤون الزاوية إلى وفاته 1251هـ= 1836م. تولى بعده سي بلقاسم بن محمد الحفيد من المعاتقة- وفي عهده بدأ ظهور النزعة الاستقلالية لدى بعض الزوايا الرحمانية والانفصال عن الزاوية الأم بآيت إسماعيل، ولم يدم عهده إلا سنة.تولى بعده سي الحاج البشير وهو أيضا من المغرب (1836- 1841). تولى بعده محمد بن بلقاسم نايت عنان لمدة سنة واحدة أيضا (43-1844) ولم يكن يتمتع بسمعة طيبة ولا قدرة على القيادة وفي عهده تم الانفصال بين الزاوية الأم وزوايا الجنوب الرحمانية.تولى بعده الحاج عمار سنة 1844, وأدى دورا هاما في مقاومة زواوة 1857، وقد هدمت الزاوية في عهده على يد الجنرال "ديفو" واضطر الحاج عمار إلى الهجرة إلى الحجاز. وكانت الرحمانية في هذه الفترة هي زعيمة الطرق في زواوة.
----------
وهذا التضييق والهدم أدى إلى انتشار سريع للطريقة، عكس ما كانت تتوقعه السلطات الاستعمارية، وافتتحت زوايا أخرى كزاوية الكاف مثلا وزاوية نفطة.
وبعد الحاج عمار تولى الشيخ محمد الجعدي والذي لم تطل مدة ولايته، إذ انتخب الأعيان والسادة والشيوخ الشيخ محمد أمزيان الحداد شيخا للطريقة مع الاستقرار بصدوق، وفي عهده اشتهرت زاوية صدوق بالعلم، وعادت للطريقة حركيتها ومكانتها السابقة، ورغم سمعته الطيبة ومكانته السامية لم يستطع الشيخ الحداد توحيد فروع الطريقة الرحمانية، حتى في زواوة نفسها، فكانت قسنطينة، الخنقة، طولقة، الهامل، أولاد جلال، نفطة. وفي عهده أيضا قامت ثورة 1871 ـ التي كان من نتائجها سجن الشيخ الحداد وإغلاق الزاوية وتهديدها. وأوصى الشيخ الحداد قبل وفاته بالخلافة للشيخ الحاج الحملاوي شيخ الزاوية الحملاوية بتلاغمة بنواحي قسنطينة.
تكملة الموضوع

ترجمة الشيخ الحاج العسالي بن مصطفى رحمه الله



هو العالم العلامة الشيخ الحاج العسالي بن مصطفى ينتمي نسبه إلى سيدي نائل.

مولده:

ولد عام 1329هـ الموافق لــ 1911م بمسعد ولاية الجلفة، ذاق طعم اليتم منذ صباه... عاش بالبادية يرعى الغنم و من شدة شغفه بالعلم كان يحمل معه " اللوح " يتلو القرآن الكريم أثناء رعيه، إلا أنه كان يرى أن هذه الطريقة لم تساعده كثيرا على حفظ القرآن فتوجه إلى زوج خالته الشيخ مقواس عبد الرحمان، و مكث عنده مدة من الزمن حفظ فيها قسطا من القرآن الكريم، ثم اشتاقت نفسه لطلب العلم فطلب الإذن من والدته بالسماح له بالذهاب إلى زاوية الشيخ المختار بأولاد جلال فرفضت أمه طلبه رفضا شديدا في بداية الأمر، إلا أنها رحمها الله لما رأت إصراره و إلحاحه الشديدين، نزلت عند رغبته و سمحت له بالذهاب داعية له بالخير...

أسفاره وطلبه للعلم:

سافر الشيخ إلى زاوية الشيخ المختار أحد مريدي العلامة سيدي محمد بن عزوز البرجي ... الكائنة بأولاد جلال من عمالة بسكرة و مكث فيها مدة سنتين حفظ فيهما القرآن الكريم و كان محبوبا عند شيوخه و رواد الزاوية، ثم بأمر من شيخه رحل إلى زاوية "سيدي خالد"، و كثيرا ما كان شيخه يدعو له بالدعاء الصالح و يقول له: ( يا عسالي أنت عسل و لا يخرج منك إلا عسل ) و مكث أيضا بزاوية "سيدي خالد" مدة سنتين، ثم رحل إلى زاوية الهامل حيث أهله شيوخه ليتعلم الفقه و علوم اللغة العربية فنال منها قسطا وافراو واصل دراسته للتعمق في علوم الدين على يد ابن عمه الشيخ مصطفى حاشي – رحمه الله – الملقب بالمحكمة المتنقلة لإلمامه و تضلعه بالفقه المالكي...
قرأ أيضا على الشيخ سي عطية بن مصطفى – رحمه الله – و استفاد منه و ذكر بعض من كانوا ملازمين لدروس الشيخ عطية أنه كان من بين الفينة و الأخرى يحدث بعض النقاش بين الشيخين في المسائل الفقهية يثري المجلس و يجعله أكثر حيوية...

و لم يكتف الشيخ رحمه الله بهذا القدر من العلم و المعرفة بل كان يقضي كل أوقاته في المسجد في عمل متواصل ما بين دارس متعلم، أو ما بين مفت يرشد و يعلم الناس شؤون دينهم و كان يشرح دروسه باللغة العامية تبسيطا منه للفهم رغم أنه يملك ثروة لا يستهان بها من علم اللغة العربية...

استقراره وتوليه إمامة الزاوية:

في سنة 1959 م استقر الشيخ بمدينة الجلفة، و بدأ يدرس القرآن الكريم بحي السعادة إلى أن احتاج مسجد علي بن دنيدينة إماما فوقع الاختيار على الشيخ لحفظه القرآن الكريم و إتقانه لرسمه و قد استجاب الشيخ لطلب الجماعة فالتحق بالمسجد إماما، و كان رحمه الله ولوعا بالعلم محبا له و لأهله منكبا على قراءة أمهات الكتب و لا يسمع بمجلس علم إلا و طلبه و قد عرف بقوة ذكائه و حفظه السريع...

صفاته:

و من صفاته – رحمه الله – التقوى و الورع ... لا يجرؤ على الفتوى حتى يرى من صاحبها إلحاحا يحمله على ذلك عملا بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم، و التابعين و العلماء العاملين رضي الله عنهم أجمعين، كانوا يحتاطون كثيرا في إفتاء سائليهم فلا يجيب الواحد منهم إلا بما يتأكد من صوابه أو بعدما يتأكد و يتحرى من علم غيره.

وفاته:

هكذا كان دأبه مدة حياته إلى أن رجعت نفسه الزكية إلى جوار ربها راضية مرضية و كانت وفاته يوم الجمعة 22 صفر 1418هـ الموافق لــ 27 جوان 1997م بالجلفة
رضي الله عنه وارضاه وطيّب ثراه.
----------
المصدر: منتديات الجلفة
تكملة الموضوع

ترجمة الشيخ سيدي أحمد الصغير صادقي رَحمهُ الله




ولد الإمام الفاضل و العلامة الكامل الشيخ سيدي أحمد الصغير صادقي سنة : 1325هـ ــ (1907م ) ببلدية الزعفران ( ولاية الجلفة ) حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ سيدي عبد الرحمان خالدي –رحمه الله- في زاوية جدّه الشيخ سيدي أحمد الكبير ( بوادي القصب ) بالزعفران و تعلم مبادئ علوم الدين على يد جدّه شيخ الزاوية.

---------------------

التحق بزاوية الشيخ سيدي محمد بن أبي القاسم الهاملي و ذلك سنة: 1341هـ ــ ( 1922م) فتزود من ثمارها و كنوز أسرارها فأتقن علوم القرآن الكريم و نبغ في العلوم الدينية من فقه و تفسير و حديث، و تضلع في علوم اللغة العربية على يد شيخ الزاوية سيدي بلقاسم الهاملي و على الشيخين سيدي بن عزوز و سيدي المكي ـ رحمهم الله ـ و أخذ عن شيخه سيدي بلقاسم الهاملي الورد في الطريقة الرحمانية و أجازه في تلقينه لمستحقيه، و نال منه كمال الرتب و رتب الكمال و حصل بهمّته على المراد.

---------------------


و عاد إلى مسقط رأسه سنة : 1344 هـ ــ 1925 م و قصد زاوية جده بوادي القصب و شرع في تدريس الفقه الإسلامي ( بإذن من جده ) إلى حين اندلاع الثورة التحريرية و شارك فيها مشاركة فعالة ماديا و معنويا، و في سنة 1960 م تولى الإمامة بمسجد الزعفران و تصدر للتدريس فأقبل عليه طلاب العلم فأفاد و أجاد، و قد وفقه الله تعالى لحج بيته الحرام و زيارة قبر نبيه عليه الصلاة و السلام و ذلك سنة : 1373 هـ ــ 1953 م.

---------------------


و كانت له صلة صداقة و محبة قوية بالمربي الكبير و القطب الشهير شيخ زاوية القيشة سيدي بن امحمد بن عطية ـ رضي الله عنه ـ حيث كان لا يغفل عن زيارته كلما سنحت له الفرصة لذلك و يقول في شأنه " إنه شيخي في ذكر التحميد ( الحمد لله ) هذه الكلمة الطيبة التي لا يفتر لسانه عن ذكرها في السراء و الضراء طوال حياته ". و بدوره كان الشيخ سيدي بن امحمد بن عطية ـ رحمه الله ـ يزوره سنويا مرفوقا ببعض الإخوان و كان الإمام الجليل ـ رحمه الله ـ علامة عصره و إمام وقته له اليد الباسطة في المذهب المالكي و شهدوا له بذلك أقرانه من السادة مشايخ العلم بالمنطقة و من صفاته ـ رحمه الله ـ الزهد و الورع و الحياء و لم يلف نظيره في الجود و الكرم، و كان فوق هذا خفيف الظل لا يمل الناس حديثه مهما طال.

---------------------


و كان ـ رحمه الله ـ مواظبا على العبادات و خادما أمينا لعامة المخلوقات غنيهم و فقيرهم سيدهم و وضيعهم، إلى أن ناداه الله و فارق الحياة الدنيا و عرجت روحه الزكية إلى الرفيق الأعلى و استقرت مع الذين نزلت في حقهم الآية الكريمة : (( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا )) النساء / 69

---------------------


و شيع جنازته إلى جانب العلماء و الأئمة و الأعيان خلق لا يحصون ، و دفن بمقبرة وادي القصب بالزعفران و كانت وفاته ـ رحمه الله ـ يوم الأربعاء 19 رمضان المعظم 1419 هـ (06/01/1999 م).



صورة بعد صلاة الجنازة


---------------------


و قد رثاه تلميذه الشيخ مصطفى شحطة بمقطوعة رثاء كان لها وقع مثير في نفوس الحاضرين...


و هذه هي:


أيا أحمد أتاك اليــــــــقيـــــــــن *** فبشرت لحظة يوم السفـــــــــر

فناداك ربّك في العـــــــــالميــن *** نداء لعبد صبور شكــــــــــــور

فلبيت ذاك النــــــــــدا بيقيــــــن *** لتسكن جنته و نهـــــــــــــــــــر

و هذا المقام إلى المتقيـــــــــــن *** من استغفر الله عند السحــــــر

بشوقك لمن قد مضوا من سنين *** كحاشي و مسعود حبر أبــــــر

فنادوا عليك نداء الحنيـــــــــن *** فهيا لنا قد وفيت العمـــــــــــــر

فكنتم جمانة عقد ثميــــــــــــن *** و قمتم جميعا بسعي و بـــــــــر

و للشعب ستر بحق مبيــــــن *** مصابيح علم هداة البشـــــــــــر

و أنت لشعبك حصن حصيـن *** تقيهم وقاء جليد و حــــــــــــــر

و كيف تركت وراك البنيــــن *** و كيف الجماعة قل ما الخبـــر

و ما حال مسجدكم في التقلين *** فأنت له كصديق العمـــــــــــــر

و يا مسجد قد سمعنا الحنيـــن *** نحن كجذع أحن لخير البشــــر

أيا أحمد أتاك اليــــــــقيـــــــــن *** فبشرت لحظة يوم السفــــــر

فكنت تذود بعلم و ديـــــــــــــن *** بذا كنت فيهم كنور البصــــر

ببذل و جود سخاء قميــــــــــن *** بحلم و لين أديب جديـــــــــر

و قد ظهر النفع للظاهريـــــــن *** نتائج صدق كغيث المطــــــر

لشيخك و جدك كنت الأميـــــن *** بل للقاسمي كريح الزهـــــــر

و صادف موتك الفتح المبيــــن *** فوافق قبرك وتر العشــــــــر

رضاء عليكم من السابقيـــن *** سلام عليكم ممن قد حضـــــر

سلام عليكم من الوافديـــــن *** و طبتم مقاما و طاب الأثـــــر


---------------------


رحم الله شيخنا الإمام وأسكنه فسيح جنانه،وجعل من عقبه خير خلف.

عن كتاب "تنبيه الأحفاد بمناقب الأجداد بمنطقة الجلفة و ضواحيها"
تكملة الموضوع

ترجمة العارف بالله سيدي محمد باي بلعالم رحمه الله



نسبه الشريف :

هو الشيخ الولي الصالح العارف بالله سيدي باي أبو عبد الله بن محمد عبد القادر بن محمد بن المختار بن أحمد العالم القبلوي الجزائري (مالكي المذهب) الشهير بالشيخ سيدي باي يرجع نسبه إلى قبيلة فلان والتي تضاربت حولها الأقوال واختلفت فيها الآراء والشهير أن أصولها تعود إلى قبيلة حمير القبيلة العربية المشهورة باليمن ولد الشيخ عام 1930 م في قرية ساهل من بلدية اقبلي بدائرة أولف ولاية أدرار بجنوب الجزائر، وله أربعة إخوة هو خامسهم وترتيبه بينهم الثالث، كان والده محمد عبد القادر فقيها وإماما ومعلما ، من مؤلفاته: ( تحفة الولدان فيما يجب على الأعيان – منظومة الولدان في طلب الدعاء من الرحمن – منظومة حال أهل الوقت – وله عدة قصائد في مدح سيد الوجود محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم) ، أمه خديجة بنت محمد الحسن كان والدها عالما قاضيا في منطقة تيديكلت ، تربى في أسرة اشتهرت بالعلم والمعرفة، اهتمت بتعليمه، فقد بدأ تعليمه بدراسة القرآن الكريم في مدرسة ساهل أقبلي ،هذه القرية التي كانت تعد منارة للعلم والمعرفة والتي تخرج منها العديد من العلماء والفقهاء ، فدرس القران الكريم على يد المقرئ الحافظ لكتاب الله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن المكي بن العالم ، ثم قرأ على يد والده المبادئ النحوية والفقهية ، ودرس على يد الشيخ محمد عبد الكريم المغيلي مدة من الزمن ، ثم انتقل إلى زاوية الشيخ مولاي أحمد بن عبد المعطي السباعي ، ومكث فيها سبع سنوات ، قرأ فيها الفقه المالكي وأصوله ،النحو ، والفرائض ، والحديث ، والتفسير
وخلال فترة دراسته تحصل على عدد من الإجازات منها:
إجازة عامة من الشيخ الطاهر بن عبد المعطي عند انتهاء الدراسة .
وإجازة عامة من السيد الحاج أحمد بن محمد الحسن بأسانيد متعددة.
وإجازة من السيد علي البودليمي في الحديث .
إجازة من الشيخ السيد محمد علوي المالكي المكي رحمه الله تعالى .
شهادة الليسانس في العلوم الإسلامية من وزارة الأوقاف ( الشؤون الدينية حاليا ) عام 1971م.
بعد أن تخرج الشيخ من الزاوية المذكورة آنفا انتقل إلى مدينة أولف حيث قام بتأسيس مدرسة للعلوم الشرعية تعنى بتدريس الطلاب والطالبات الأمور الدينية واللغوية للمساهمة في رفع المستوى الثقافي الديني لدى أبناء وطنه إبان الاستعمار الفرنسي وقد كان نظام الدراسة فيها خارجيا أسماها مدرسة مصعب بن عمير الدينية ، ولما تغلغلت الثورة في الجزائر واستحكمت قرّر إغلاق المدرسة مؤقتا خوفا على طلبته من المعارك التي كانت تدور آنذاك ، ولما حصل الشعب الجزائري على حريته ونالت الدولة استقلالها واستتبّ الأمن أعاد افتتاح المدرسة من جديد لتستقبل الطلاب بأعداد كبيرة وأضاف إليها قسما داخليا جديدا ، وفي سنة 1964 التحق بالسلك الديني فأصبح من الناحية الرسمية إماما وخطيبا ومفتيا ومدرِّسا معترفا به من قبل الدولة لمسجد أنس بن مالك ومدرسة مصعب بن عمير الدينية ، وفي عام 1971 م شارك في مسابقة وزارة الأوقاف التي أجرتها لمجموعة من المشايخ لتحديد مستواهم العلمي ، فتحصل على شهادة تعادل الليسانس في العلوم الإسلامية، وفي عام 1981م قام بتوسيع مدرسته وأضاف إليها قسما جديدا خاصا بالإناث، فأصبحت تستقبل أعدادا كبيرة من الفتيات على غرار ما تستقبله من الفتيان، وقام بتوسيع الأقسام الداخلية بحيث أصبحت تستوعب طلابا من خارج البلاد.
ورغم انشغاله وجسامة المسؤوليات الملقاة على عاتقه إلا انه لم يتوقف عن التحصيل العلمي فقد ارتحل إلى عدد من البلدان العربية والتقى فيها بعدد من طلبة العلم والمشايخ فأفاد واستفاد، من هذه البلدان : تونس والمغرب الأقصى وليبيا والمملكة العربية السعودية، حيث كانت زيارته الأولى للمملكة العربية السعودية عام 1964م، بقصد الحج والزيارة، وعاد إليها عام 1974م للمرة الثانية ، ومنذ ذلك العام لم يتخلف عن أداء هذه الفريضة إلى عامنا هذا ، فله اليوم 01 محرم 1430هـ 29 ديسمبر 2008م : 37 حجة و14 عمرة نسأل الله له الزيادة.
تزوج عام 1954م فأنجب ثلاثة أبناء ذكور على الترتيب: عبد الله، محمد عبد القادر، أحمد العالم، وجميعهم موظفون في الحكومة، وله أيضا ست بنات.



صورة تذكارية له مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

أسفار الشيخ ورحلاته :

سافر الشيخ رحمه الله إلى عدة بلدان في داخل الوطن و خارجه، وكانت له في جميع رحلاته لقاءات مع العلماء وطلبة العلم ، مفيدا ومستفيدا، فزار ( تونس والمغرب الأقصى وليبيا والمملكة العربية السعودية ) حيث كانت أول زيارة له إلى المملكة العربية السعودية من أجل أداء فريضة الحج سنة 1964 م ، ليعود إليها سنة 1974م للمرة الثانية ، ومنذ ذلك العام لم يتخلف عن أداء هذه الفريضة ، فله أكثر من 30 حجة . تقبل الله منه طاعته. وكان رحمه الله في الحج يعقد الجلسات العلمية في الحرم المكي في السطح غالبا، وفي المخيم في "منى" ويجتمع عليه طلبة العلم، وكثير من المحبين له.
وقد دون الشيخ رحمه الله رحلاته في كتابه " الرحلة العلية " جمع فيه أخبار هذه الرحلات وأحوال المناطق التي زارها.

برنامجه في التدريس :

يعكف الشيخ في كل عام على إتمام ختم صحيح البخاري وتدريسه كاملا ما بين شعبان وذي الحجة ، حيث يختم في الأربعاء الأخيرة من شعبان من كل سنة ، ويدرس أيضا موطأ الأمام مالك كاملا ، وشرح صحيح مسلم كل سنتين ، كما يدرس تفسير القران الكريم وله في ذلك خمسة أيام في الأسبوع ويقوم بتدريس المتون والكتب التي ألفها ، كما يعكف على تدريس الطلاب وتأطيرهم مع كوكبة من المشايخ والذين تخرجوا على يده منهم فضيلة الشيخ بن مالك احمد والشيخ لكصاسي محمد والشيخ عبد القادر حامد لمين والشيخ عبد الله حامد لمين والشيخ لعروسي عبد القادر ، فتقوم الزاوية بدور هام في المنطقة فتساهم في تعليم الطلاب أمور دينهم ودنياهم ، حيث يقصد المدرسة القرآنية التابعة لزاوية مئات الطلاب من داخل الوطن وحتى من خارجه فتضم المدرسة عدة أقسام منها قسم لطلبة الداخليين وقسم أخر لطلبة الخارجيين وقسم للبنات وقسم أخر لنساء ، فتضم الزاوية ما يزيد عن 200 طالب وطالبة ، فتدرس الزاوية القران وعلم التجويد والفقه وأصوله والتصوف والنحو والتوحيد ...

كتبه ومؤلفاته :

ألف الشيخ في فنون عديدة وتجازوت مؤلفاته (40) كتابا منها الصغير والكبير في عدة أسفار فكتب و نظم وشرح وحقق في ( علوم القرآن والحديث والفقه وأصوله والتزكية والتصوف والميراث والسيرة والتاريخ والوعظ والإرشاد والتوجيه …). و منها (15) مؤلفا في الفقه المالكي. ومن أهم مؤلفاته:
1- شرح على نظم خليل للشيخ خليفة بن حسن السوفي القماري، والذي نظمه في ما يقرب من عشرة آلاف بيت، شرحه الشيخ بلعالم رحمه الله في عشرة أسفار سماه:
- مرجع الفروع للتأصيل من الكتاب والسنة والإجماع الكفيل شرح نظم الشيخ خليفة بن حسن السوفي على مختصر خليل . وهو تحت الطبع بدار الفكر.
2- إقامة الحجة بالدليل شرح على نظم بن بادي على مهمات خليل في ( أربعة أجزاء ) طبع دار ابن حزم.
3- ملتقى الأدلة الموضح للسالك على فتح الرحيم المالك في ( أربعة أجزاء ) وهو شرح على منظومته (فتح الرحيم المالك في فقه الإمام مالك) والتي تشتمل على(2509) أبيات
4- الإشراق البدري على الكوكب الزهري لنظم المختصر الأخضري. وهو شرح على نظم الأخضري وكلاهما للشيخ رحمه الله.
5- المباحث الفكرية على الأرجوزة البكرية.
6- زاد السالك على أسهل المسالك (في مجلدين)
7- السفر القاطع والرد الرادع لمن أجاز بالقروض المنافع . وهو رد على من أفتى بجواز المعاملة مع البنوك الربوية وفيه فوائد جمة في التنديد بمن يفتي بغير علم.
8- السبائك الإبريزية على الجواهر الكنزية . وهو شرح على نظم المقدمة العزية في الفقه المالكي.
9- الاستدلال بالكتاب والسنة النبوية على نثر ونظم العزية . يقول عنه الشيخ رحمه الله أنه جعل له منهجية خاصة .
10- كشف الجلباب عن جوهرة الطلاب في علمي الفروض والحساب ( شرح على نظم الشيخ عبد الرحمن السكوتي في الفرائض)
11- كشف الدثار على تحفة الآثار ( في مصطلح الحديث)
12- ضياء المعالم على ألفية الغريب لابن عالم وهو شرح على ألفية الشيخ بلعالم الزجلاوي في غريب القرآن (في مجلدين)
13- المفتاح النوراني شرح فيه نظم الشيخ الطاهر التليلي السوفي في غريب القرآن.
14- الدرة السنية في علم ما ترثه البرية (نظم)
15- الأصداف اليمية شرح الدرة السنية
16- فواكه الخريف شرح بغية الشريف في علم الفرائض المنيف
17- ركائز الوصول على منظومة العمريطي في علم الأصول
18- ميسر الحصول على شرح سفينة الأصول
19- فتح المجيب على سيرة النبي الحبيب
20- منحة الأتراب على ملحة الإعراب
21- اللؤلؤ المنظوم على نثر ابن آجروم
22- الرحلة العلية إلى منطقة توات لذكر بعض الأعلام والآثار والمخطوطات والعادات في ( جزأين) ذكر فيها رحلاته التي تزيد عن عشرين رحلة للحج والعمرة، ورحلته إلى المغرب الأقصى.
23- قبيلة فلان في الماضي الحاضر وما لها من العلوم والمعرفة والمآثر .
24- قصيدة في الرد على الزنديق سلمان رشدي أطلعني عليها سنة 1990
25- منحة الأتراب على ملحة الإعراب
26- الغصن الدّاني في حياة الشيخ عبد الرحمن بن عمر التنلاني
27- محاضرة عنوانها كيفية التعليم القرآني والفقهي في منطقة توات.
28- محاضرة عنوانها الرسول المعلم
29- انقشاع الغمامة والإلباس عن حكم العمامة واللباس من خلال سؤال سعيد هرماس
30- قصيدتان في الرد على ألغاز بعث له بها الشيخ مولاي أحمد الطاهري السباعي.
31- قصيدتان في رثاء الشيخ مولاي أحمد الطاهري السباعي.
32- مرثية الشيخ مولاي محمد الرقاني الفقيه.
33- مرثية الشيخ الطالب الزاوي.
34- مرثية الشيخ عبد العزيز شيخ مهدية.

نشاطات الشيخ:

للشيخ باي عدة أنشطة علمية تعليمية اجتماعية أهمها ملاقاته ومدارسته مع بعض أعلام توات مثل شيوخ تمنطيط ، وبعض شيوخ تيمي أدرار ، يذكر منهم: الولي الصالح سيدي محمد بن الكبير رضي الله عنه، والشيخ الحاج عبد القادر البكراوي، والشيخ عبد العزيز المهداوي، والشيخ الحاج الحسن الإنزجميري، والشيخ عبد الرحمن بكراوي، والشيخ سالم بن ابراهيم، والشيخ مولاي التهامي غيتاوي، والشيخ عبد القادر البكري، والشيخ الحبيب بن الحبيب، والشيخ الرقاني محمد، والشيخ مولاي عبد الله الطاهري، والشيخ أحمد البوحامدي، وصنوه، والشيخ أحمادو، والشيخ محمد عبد القادر الفلاني، والشيخ مَحمد بن مالك، والشيخ الحاج أحمد بن مالك، والشيخ محمد بالحاج جعفر، والشيخ محمد البرمكي، والشيخ محمد بالحاج عيسى رحمه الله، والشيخ عبد الكريم الدباغي، والشيخ الحاج عبد الرحمن حفصي (المكلف بالتدريس في المدرسة الدينية مصعب بن عمير، هو والشيخ أحمد الطالب بن مالك، ومحمد لكصاسي، و عبد القادر حامد لمين، وعبد الله حامد لمين، وعبد القادر لعروسي.)
ولا يخفى أن المدارس الدينية في توات مثل مدرسة الشيخ بالكبير في أدرار، ومدرسة الغمارة في بودة، ومدرسة الشيخ الطاهري السباعي، ومدرسة تاسفاوت، و مدرسة نوم الناس، ومدرسة تمنطيط، ومدرسة أولف، ومدرسة تيميمون، قد تخرج منها الكثير من الفقهاء والعلماء والأئمة الأعلام ومعلمي القرآن الكريم ورجال السلك الديني في الشعب الجزائري، ويوجد في بعض الجهات الأخرى من القطر الجزائري مدارس وزوايا قامت بنفس الدور، منها مدارس دينية داخلية في توات يطول ذكرها، أهمها: مدرسة بني مهلال، ومدرسة زاجلو، ومدرسة الكنتي بزاوية كنته، ومدرسة حفصي بأولف، وأما مدارس القرآن في المساجد وغيرها تُعَدّ بالمئات لا يتسع المقام لذكرها.

وقفياته على مكتبة الحرم النبوي الشريف:

وقف فضيلته على مكتبة الحرم النبوي الشريف عدد من الكتب المطبوعة والمخطوطة، منها الكثير من مؤلفاته، ونسخ من المخطوطات، ولوحة للقرآن الكريم مكتوب فيها ثمن يستبشرون ، ولوحة مكتوب فيها ما يكتب للطفل عند دخوله أول مرة للكُـتّاب، وإداوة كتابة، وقلم الكتابة، وما زال حفظه الله كلما تيسر له كتاب يأخذه معه. محمد الكاتب الأول للتعريف هو: (علي الأمين بن يوسف التواجيوي الحسني الإدرسي الشنقيطي ثم المدني بتاريخ: 22 رجب 1419 هـ في قسم المخطوطات بالحرم النبوي الشريف بباب عثمان رضي الله عنه.) جزاه الله خيرا آمين.
توفي الشيخ رحمه الله تعالى يوم الأحد :19 أبريل العام 2009 ميلادية .
تكملة الموضوع

ترجمة مؤسس زاوية الهامل سيدي محمد بن أبي القاسم الهاملي




بسم الله الرحمن الرحيم

ترجمة مؤسس زاوية الهامل الولي الصالح الشيخ سيدي محمد بن أبي القاسم الهاملي

جاء في حلية الأولياء للأصفهاني عند حديثه عن أولياء الله ما يأتي :

"هؤلاء المحبون يتوجهون إلى الله تعالى بصدق الانقطاع إليه سبحانه، فلا يلتفتون إلى هجوم الأرزاق، وقد انخلعوا من الحول والقوة، قلوبهم دائمة الحضور مع حبيبهم حياء منه سبحانه، شديدة الانكسار هيبة لله تعالى، راضية وموافقة لكل ما يفعله المولى بهم، فهم المنخلعون من حظوظهم، التاركون لأحكام نفوسهم... فهؤلاء هم الذين يستحقون لطف البارئ وعنايته ومحبته."
ونجد كل هذه الصفات مجسدة في شخصية مؤسس زاوية الهامل، ومنها نستطيع فهم بعض أسرار سرعة اشتهارها وبروزها على الساحة الدينية في البلاد الجزائرية، واكتسابها هذه المكانة الرفيعة في هذا الظرف الوجيز من الزمن. ومن خلال هذه المفاتيح نستطيع تركيز النور أكثر فأكثر على بعض المعطيات والنقاط الغامضة. نستطيع فهم التطور الذي حصل في هذه المؤسسة العلمية الدينية الرائدة.
مؤسس زاوية الهامل هو الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي الشريف الإدريسي، من أشهر رجالات القرن التاسع عشر في الجزائر، ومن كبار العلماء والمصلحين ورجال التعليم، ينحدر من أسرة شريفة كريمة متمسكة بالدين متحلية بالخلق الكريم.

نسبـه الشريف:

هـو أبو عبد الله محمد بن أبي القاسـم بن ربيح بن محمـد بن عبد الرحيم بن سائب بن منصور بن عبد الرحيم بن أيوب بن عبد الرحيم بن علي بن رباح بن أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الكريم بن موسى بن عبد الرحيم بن عبد الله بن أبو زيـد بن علي بن مهدي بن صفوان بن موسى بن سليمان بن يسار بن سليمان بن مـوسى بن عيسى بن محمد بن عيسى بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامـل بن الحسن المثـنى بن الحسن السبط بن فاطمة بنت رسول الله.
وهو ينتمي بذلك إلى العترة الطيبة من آل البيت الطاهرين، الذين دخلوا الجزائر في حوالي القرن السادس الهجري، وقد كان سيدي بوزيد أول من دخل البلاد من هذه السلالة الكريمة، وهو يعتبر جد معظم الأشراف الموجودين في مناطق الهضاب العليا وشمال الصحراء، كما أكدَّ ذلك كثير من الأساتذة الباحثين المعاصرين، ومن قبلهم العلماء والحكام، من أمثال الشيخ عبد الرحمن الثعالبي، والشيخ محمد بن عرفه، وقد شهدت السلطات التركية بانتماء سيدي بوزيد إلى آل البيت، وذلك في وثاثق رسمية صادرة عن الدايات هنا بالجزائر، وشهادة الشرف لا تمنح من طرف الأتراك إلا بعد التأكد من صحة النسب، لأن ذلك يعني سقوط الضرائب عنهم وتمتعهم بحماية الدولة.
أما صحة انتساب المؤسس إلى سيدي بوزيد هو ثابت بالتواتر، إذ أن أجداد الشيخ محمد بن أبي القاسم الذين قدموا من جبل العمور كانوا هم أحفاد سيدي بوزيد رأسا، وحظيت المنطقة باحترام وتقدير كبيرين من طرف السكان المجاورين، احتراما لمن حلَّ بها من أحفاد الشريف الحسني الإدريسي.

أسـرتـه الكريمة:

ينتمي الشيخ محمد بن أبي القاسم إلى فريق أولاد سيدي علي، أحد فرق شرفة الهامل الخمسة، وهم:
أولاد سيدي أحمد البكاي ـ أولاد سيدي أحمد ـ أولاد سيدي علي ـ أولاد سيدي بلقاسم بن علي الحسينات ـ أولاد سيدي أحمد بوعدي.
أبوه الشيخ "أبو القاسم" الحسني، عرف بسعة علمه وصلاحه وتقواه، وكان صاحب غيرة على الدين والأهل مربيا للأيتام، ولد في بداية القرن الثالث عشر الهجري ( 1201هـ= 1784م)، بمنطقة أولاد نايل، واصل مهمة آبائه بالمنطقة، إذ كانوا قد قدموا من الهامل لتدريس مبادئ الشريعة الإسلامية، بطلب من أهالي الناحية، حج إلى بيت الله الحرام مرتين سيرا على الأقدام، وكان من مريدي الطريقة الرحمانية، ومن أتباع الشيخ المختار بن خليفة شيخ زاوية أولاد جلال. كان يختم نصف القرآن الكريم في اليوم الواحد، خصوصا في أواخر أيامه، ويروى عنه أنه ما ترك قراءة القرآن في اللوح حتى مات.
رزق من الأبناء ثلاثة، توفي أحدهم في شبابه، وعاش الآخران، وهما المترجم له، والشيخ سيدي الحاج امحمد بن أبي القاسم ـ جد الأسرة القاسمية ـ.
توفي رحمه الله غرة ربيع الأول سنة 1278هـ= 1861م بالهامل ودفن بها.
أمه السيدة عائشة بنت مازوز، شريفة حسنية من أقارب والده، اشتهرت هي أيضا بالصلاح والتقوى والزهد ومحبة الصالحين، لا نعرف عنها الشيء الكثير إلا ما رثاها به الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسي :
أم الفضائل ما لهـا في عصرنـا أبدا مـدان في خـلال فاخره
ذات الديانة والصيانة والحيـا والحلم والشيم الحسان الزاهره
صوامة قوامـة قـد خصصت بمعـارف وعـوارف متوافره
لـم تترك الأعمال حتى بضعفها فهـي المسبحة الالـه الذاكره
وقد توفيت رضي الله عنها سنة 1301هـ.
في هذا الوسط الديني المفعم بالتربية الروحية والأخلاق العالية، ولد محمد بن أبي القاسم.

مـولـده:

ولد الشيخ في أول محرم الحرام سنة 1240هـ ـ كما وجدنا ذلك في إحدى الوثائق بخط يده، وهو ما وجدناه أيضا في وثيقة الشرف التي أعدت بإشراف الشيخ محمد بن الحاج محمد ـ والموافق 26 جويليت 1824م. ـ بينما يذكر ابن أخيه الشيخ محمد بن الحاج محمد أن مولده كان في شهر رمضان من سنة 1239هـ، وهو التاريخ الذي تناقلته أقلام الذين ترجموا للشيخ فيما بعد ـ. كما وجدنا في بعض التقارير الفرنسية أنه من مواليد سنة 1820م وهو أمر نستبعده.
وكان مولده ببادية "الحامدية" في ناحية جبل تاسطارة، بين بلديتي دار الشيوخ وحاسي بحبح بولاية الجلفة، وهو أمر لم يقع حوله اختلاف، بل على العكس المكان لا يزال معروفا لدى الخاصة والعامة، ومحاط بمجموعة من الحجارة، وهو من المقامات المقدسة لدى سكان المنطقة.

طلبه العلم:

نشأ على محبة العلم منذ نعومة أظفاره، ولما بلغ سن التعلم وكعادة السادة أشراف الهامل، أرسله والده إلى الكتاب. وفي السنة التي دخل فيها الاحتلال الفرنسي الجزائر بدأ حفظ القرآن الكريم أي سنة 1246هـ = 1830م. وأتم حفظه على يد ابن عم له يدعى محمد بن عبد القادر العروف بـ "كريرش".
في سنة 1252هـ= 1836م ـ حسب الرواية الشفوية المتداولة ـ وعند مرور الأمير عبد القادر بمنطقة بوسعادة اجتمع به أعيان المنطقة ومنهم: الشيخ أبو القاسم والد المؤسس رفقة ابنه وبايعوه على الخلافة، وهي البيعة التي ذكر الشيخ أنه لن ينزعها من عنقه ما حي.
انتقل سنة 1253هـ= 1837م إلى زاوية علي الطيار بمنطقة البيبان رفقة أخيه سيدي الحاج محمد، لمواصلة طلب العلم، فأتقن القراءات السبع وفن التجويد على يد أحد شيوخ الزاوية المسمى "سي الصادق". أقام هناك سنتين. عاد بعدها إلى بلده الهامل.

مقابلة الأمير عبد القادر:

في سنة 1260هـ = 1844م أراد الالتحاق بصفوف المقاومة بجيش الأمير عبد القادر إلا أن هذا الأخير رفض ـ وذلك في مقابلة معه بمنطقة الجبل الأبيض بالبيرين ـ ولاية الجلفة ـ، وفيها جدد البيعة ثانية للأمير عبد القادر ـ ورأى أنه من الأفضل له مواصلة تعلمه والقيام بمهمة التعليم والإرشاد والتوجيه، وكان ذلك في آخر سنوات المقاومة، وعند مرور الأمير عبد القادر بمنطقة الهضاب العليا حوالي سنة 1260هـ.
وفي السنة نفسها نزل بزاوية سيدي السعيد بن أبي داود بزواوة، ـ كما ذكر ذلك الشيخ المؤسس في ترجمته لنفسه، وما وجدناه في ترجمة المؤسس في شجرة الأسرة القاسمية ـ. ويذكر بعض الباحثين أن ذهابه إلى زاوية الشيخ بن أبي داود كان سنة 1256هـ= 1840م.
وزاوية سيدي السعيد بن أبي داود هي من أشهر زوايا القطر آنذاك وعرفت بأنها تقدم الجانب الفقهي على الصوفي، وأما لماذا اختار بالذات زاوية الشيخ سيدي السعيد بن أبي داود، فالنص الذي أورده الشيخ الحفناوي قد يبين لنا الأمر ويجليه، وإن كان يبقى في الأخير مجرد فرضية . وهو أن المعتقد في تلك الزاوية أن الفتح لخريجي زاوية سيدي علي الطيار لا يكون إلا في زاوية سيدي السعيد بن أبي داود، وعليه فطلبة علي الطيار يتوجهون رأسا إلى زاوية سيدي السعيد. ولعل الشيخ محمد بن أبي القاسم لم يشأ الخروج عن العادة والمألوف، ثم لاشتهار أمر هذه الزاوية بالمنطقة.
أقام بالزاوية المذكورة لتعلم الفقه والنحو وعلم الكلام والفرائض والمنطق وغيره، وبرز في ذلك.
وفي السنة الثانية من إقامته بالزاوية كلفه شيخه بتدريس المبتدئين، في السنة الرابعة عينه مناوبا له في الدرس، في السنة الخامسة أمره بالتدريس في زاوية ابن أبي التقى قرب برج بوعريريج، وقام بمهمته أحسن قيام، وترك هناك أثرا طيبا وذكرا حسنا.
في نهاية السنة الخامسة اجتمع ثلاثة من أعيان أشراف الهامل هم: محمد زيان الشريف، إبراهيم بن الحاج، السيد أبو الأجدل بن عمر، بالشيخ أحمد بن أبي داود، وطلبوا منه السماح للطالب محمد بن أبي القاسم بالرجوع معهم إلى قريتهم ونشر العلم هناك، بإذن منهم فكان لهم ما أرادوا، وكتب الشيخ أحمد بن داود جوابا للشيخ يأمره بالتدريس ببلدته، وعاد الطالب إلى بلده وذلك سنة 1265 هـ = 1848م.

تأسيس الزاوية القاسمية بالهامل:



في سنة 1279هـ= 1862م شرع في بناء زاويته المعمورة على جهة الغرب من قرية الأشراف في سفح جبل يقال له "عمران"، فبنى منزلا للعائلة في غاية العلو والارتفاع محفوفا من كل الجهات بالعمارات، وبنى في جنبه من جهة المشرق حوشا يجلس فيه لإرشاد الخلق وتصريف أحوالهم، وتأكل فيه الطلبة والإخوان، وبيتا يطبخون بها التلامذة الطعام تسمى " النوالة"، وعمّر بلصقها مسجدا يصلي فيه الخمس مع خاصة تلامذته الملازمين له، يسمى بمسجد سيدي عبد القادر ويتلى فيه القرآن بمحضره في كل ليلة نحو الخمسة أحزاب، ويدرس به الحديث والنحو والتفسير ويقرأ فيه الموالد النبوية وتنشد فيه المدائح النبوية.
وعمل بلصق الجميع من كل جهة نحو خمسين مسكنا للمصالح الوقتية.
دخل زاويته ـ وكانت الزاوية الوحيدة الموجودة بالمنطقة ـ رفقة الأهل والإخوان أول محرم الحرام 1280هـ= 18 جويليت 1863م.
وفي سنة 1281هـ= 1864م شرع في بناء مسجد للطلبة والإخوان ولدرس الفقه وغيره، فجاء مسجدا عظيما في الاتساع والطراز.
وعمل مساكن للطلبة والإخوان خارجة عن منازله الخصوصية، فكانت نحو المائة مسكن وهي من عمل الطلبة والإخوان بحيث أنه من رغب في السكنى يبني دارا ويحبسها على الزاوية.
ومع اشتغاله بالخلق على كثرة أصنافهم لا يترك الدروس في علوم عديدة منها: الفقه، الحديث، التفسير، النحو، الكلام وغير ذلك.
أما الفقه من سنة 1279هـ= 1863م إلى سنة 1288هـ= 1871م يتولى درسه بنفسه، ولما تكاثرت عليه الأشغال فوّض التدريس إلى نجباء الطلبة.
وختم عدة وافرة من كتب الحديث المعتبرة ختمات عديدة كالموطأ وصحيح البخاري وصحيح مسلم والجامع الصغير وشروح شمائل الترمذي وشرح الأربعين النووية وسيدي عبد الله بن أبي جمرة وشفاء القاضي عياض.... يسرد على التوالي نحو الثلاث كراسات بلا تعب ولا ملل، ولولا سآمة أهل المجلس أو ما يعرض من الحوائج أو أوقات الصلوات ما كان يقطع القراءة.
وذاعت شهرة الشيخ في المناطق المجاورة، فقصد الزاوية الطلبة من كل مكان من: المدية، تيارت، شرشال، سطيف، المسيلة، الجلفة.........
وتوافد على الزاوية الأساتذة والعلماء من جميع الجهات، وتحولت إلى مركز لقاء بينهم ومنتدى علمي ثقافي يؤمه خيرة علماء البلد. وصفها أحد الشيوخ فقال:"كانت الزاوية المعمورة محلا للعلماء العاملين".
وكان يرتادها في هذه الفترة ما بين 200 و300 طالب سنويا. يدرسهم 19 أستاذا على رأسهم الأستاذ نفسه.

من أعماله:

ـ في سنة المجاعة 1285هـ= 1868م (عام الشر) قام الشيخ بإيواء عشرات العائلات والإنفاق عليها.
ـ في سنة 1288هـ = 1871م، ساهم بمد ثورة المقراني بالرجال والسلاح، وبعد الهزيمة أحضر أبناء الزعيم المقراني، وحوالي ثمانين عائلة من الذين تضرروا من اضطهاد سلطات الاحتلال، وأقاموا بالزاوية معززين مكرمين، ولا يزال "حي المقارنة" بالقرية شاهدا على ذلك.
ـ قدم سنة 1304هـ= 1886م إلى زيارة شيخ المشايخ سيدي محمد بن عبد الرحمن وسيدي عبد الرحمن الثعالبي وأهل الله بحاضرة الجزائر، وتتلمذ له جل أهلها من علمائها وفضلائها، وكذا نواحيها كالمدية والبليدة ومتيجة وشرشال والحراش وتابلاط، وفي هذه الزيارة رمم ضريح الشيخ بن عبد الرحمن بالزليج والرخام.
في هذه الزيارة عرضت عليه السلطات الفرنسية الإقامة بالجزائر، وإنشاء مدرسة له، رغبة منها في مراقبته والسيطرة على تحركاته والحد من تأثيره على الأوساط الشعبية، بعد قضائها على مختلف الحركات الثورية، لكن الشيخ رفض طلبها، محتجا بأن بقائه بالجزائر سيؤدي حتما إلى المزيد من المشاكل، ويثير العديد من الهزات الاجتماعية فرنسا في غنى عنها.
وظل يتردد على الجزائر العاصمة كل سنة غالبا، آخرها السنة التي انتقل فيها إلى جوار ربه.
ـ اهتم رضي الله عنه بتعمير الأرض واستصلاحها وزراعتها، وذلك لتأمين مصدر رزق للزاوية، فاستصلح عشرات الهكتارات بوادي الهامل والمناطق المجاورة له، كمرحلة أولى، وبنى به السدود وشق السواقي ورفعها، وجعل كل ذلك وقفا على الزاوية يستفيد منه الطلبة والفقراء والمحتاجين، ثم بدأ في مرحلة ثانية بشراء الأراضي الزراعية في المناطق الأخرى مثل المسيلة والجلفة وتيارت والمدية تيزي وزو وغيرها من المناطق، وجعلها أيضا وقفا على طلبة العلم من رواد زاويته.
ـ أوقف أموالا وعقارات وبساتين على زوايا شيوخه في أولاد جلال، برج بن عزوز، آقبو، طولقة والجزائر العاصمة، على مقام محمد بن عبد الرحمن الأزهري، بل هو الذي بنى الحائط الذي يحمى المقبرة ويحيط بها.
ـ كان ? يدفع مرتبات دائمة لطلبة العلم والقرآن الكريم بالحرمين الشريفين ويساعد العلماء والشيوخ في ذلك، تشهد بذلك مراسلاتهم الكثيرة والمتعددة.
ـ في سنة 1307هـ= 1889م جدد بناء مسجد الأسلاف المشهورين بـ "حجاج الهامل"، محافظا على طرازه القديم.
ـ أنشأ أكثر من ثلاثين زاوية تابعة للزاوية الأم بالهامل.

وفاتـه:

كان ? في طريق عودته من الجزائر، أين جاءه جواب من عند تلامذته في بويرة السحاري، يخبرونه بحدوث هرج ومرج بينهم واستدعوه للقدوم عليهم ليجري الصلح بينهم كما هي عادته في نشر الأمن والعافية، فلبى دعوتهم وأجرى الصلح بينهم، وتوفي بعد ذلك عندهم على الساعة الثانية زوالا من يوم الأربعاء أول محرم الحرام 1315هـ= 2 جوان 1897. عن عمر يناهز 73 سنة. وأخبرت أن السجادة التي توفي عليها لا تزال الأسرة التي كان عندها تحتفظ بها إلى يوم الناس هذا، ورفضت منحها إلى شيوخ الزاوية القاسمية الذين طلبوها منهم.
وقد اشتهر على ألسنة الناس آنذاك أنه مات مسموما، وهو أمر لا نستبعده بالنظر إلى الأوامر التي جاءت من السلطات العسكرية بوجوب إخراج الرجل من الجزائر العاصمة لما أصبح يشكل خطرا على الأمن والاستقرار في المدينة بسبب كثرة الإخوان والمريدين، طلبت إخراجه وحددت أماكن إقامته في المدن التي ينزل بها ومدة إقامته، ولم تراع في ذلك كبر سنه ولا تدهور صحته.
دفن صباح يوم الخميس 2 محرم الحرام على الساعة العاشرة صباحا، وتولى الصلاة عليه الشيخ سيدي محمد. وحضر جنازته جم غفير من العلماء الأبرار والأتقياء الأخيار من أعيان البلدة وأفاضل الأمصار.
وكانت مدة إقامته بزاويته منذ بناها إلى توفاه الله نحو من سبع وثلاثين سنة، ودفن بمسجده بالهامل، وبنيت عليه قبة بمبلغ جسيم من المال سنة 1323هـ= 1904م إلا أنها سقطت سنة 1326هـ= 1907م وأعاد بنائها الشيخ محمد بن الحاج محمد.

مكانته:

بفضل مكانة الشيخ ومستواه وانتمائه إلى أهل البيت، أعطى الشيخ بعدا آخرا للطريقة الرحمانية، وامتد بواسطته تأثيرها إلى أبعد المناطق الممكنة.
جاء في إحدى التقارير السرية للضباط الفرنسيين: "... وشيئا فشيئا بدأ مقدموه بالتوغل في بلاد القبائل، وحتى إلى البلاد التونسية، وذاع اسم الشيخ محمد بن أبي القاسم، أكثر فأكثر".
ربطته علاقات ممتازة ـ دلت عليها المراسلات الكثيرة الموجودة بمكتبة الأسرة القاسمية ـ مع الأسر الثورية في الجزائر: المقراني، بوعزيز، الأمير عبد القادر، وكذا الأسر العلمية: أبناء أبي داود، أسرة محمد بن عزوز البرجي، أسرة علي بن عمر الطولقي، باش تارزي بقسنطينة، الحداد ببلاد القبائل، بن الحفاف بالجزائر العاصمة، الموسوم بقصر البخاري، غلام الله بتيارت...مما حير عقول الضباط الفرنسيين وأثار دهشتهم. كما عبروا على ذلك في تقاريرهم السرية التي كانوا يرفعونها دوريا إلى الحكومة العامة بالجزائر.
ترك ورائه ابنته الوحيدة "لالا زينب" والتي تولت مشيخة الزاوية بعده، وأدارت شئونها مدة سبع سنوات، واتبعت خطوات أبيها خطوة خطوة، ولم تحد عنها قيد أنملة، في التعليم والإرشاد، أتمت بناء المسجد، الذي بدأ بناؤه والدها.

بقلم: الدكتور عبد المنعم قاسمي مدير مركز القاسمي للدراسات والأبحاث الصوفية

www.kacimisoufisme.org
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |