من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة الولي الصالح سيدي يعقوب ابن الحاج التلمساني


مسجد سيدي يعقوب

(أ)1- أصله :

هو سيدي يعقوب بن الحاج التلمساني ويرجع أصله إلى الجد الأكبر سيدي يعقوب الشريف دفين جبل مغراوة بالظهرة مازونة.

و قد قال العلامة لعشماوي عن الجد انه خلف سبعة عشر ولدا و غصون شجرته و أثمرت...

و من بين هذه الغصون و الفرق يقول :

...و منهم فرقة بولهاصة تعرف بأولاد سيدهم و فرقة تعرف بأولاد يعقوب الحاج.

و الجد الجامع لشعبهم الشيخ يعقوب الشريف بن أحمد عبد الله بن عبد الخالق بن علي بن عبد القادر بن عامر بن رحو بن مصباح بن سعيد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مولانا سليمان بن عبد الله الكامل.

2- مولده و نشأته :

ولد الولي سيدي يعقوب في أواخر القرن 13 م و قد تتلمذ على والده الشيخ الحاج التلمساني و ختم القرآن الكريم في الثامنة من عمره ، و بعدها أصبح الفتى طالبا في عداد طلبة الفقه و أصوله والعلوم لعربية التي كانت سائدة في تلك الفترة.

3-* رحلاته لطلب العلم :

وتقول الروايات الشفهية أنه سافر إلى فاس بالمغرب ، و مكث بها ، ثم رجع إلى مسقط رأسه ليتسلم القضاء.

ب)- نزول الولي إلى بلدة ولهاصة:

و بسبب الفتن نزل الولي إلى بلدة ولهاصة الغرابة الساحلية – بولاية عين تموشنت حاليا- في النصف الأول من القرن 14 م فاتخذ له مكانا بجوار البحر يسمى باسمه "مرسى سيدي يعقوب " كان الولي يتعبد و يراقب حركة البواخر وبالخاصة المسيحية منها ، لأن قراصنتها الإسبان و البرتغال كانوا يتحرشون على سواحل المغرب العربي(1)

(1) : المعالم العشرون لغرب وهران الأب لوتوليو ص 160

و في أواخر القرن14م وبداية القرن 15م أصبح المرابطون ''الأولياء" يتزعمون المقاومة بسبب ضعف الأمراء سواء بالمغرب أو بغرب الجزائر لرد الغزو الأوربي على لسواحل الإفريقية فشيدوا المعسكرات في شكل رباطات لحراسة السواحل ، فإن لكل معلم بحري ولي يحميه سيدي يعقوب يبقى نموذجا فريد لهؤلاء الأولياء .



ج- تشييد المسجد و الزاوية :

ولذكر الكيفية التي شيد بها الولي زاويته إلى جانب المسجد، تقول الزاويات المشهورة أبا عن جد و حتى عند سكان الجهة، أنه بينما كان يتعبد بجوار البحرإذ بسفينة تجارية أندلسية تنحرف بقرب المرسى " مرسى سيدي يعقوب " فسارع الولي لمساعدة بحارتها و لرد الجميل طلب رئيس الباخرة من الولي هل يقبل المكافأة ، فرد عليه سيدي يعقوب : " أنا بحاجة إلى خشب لإقامة بناء "

وذكرالولي الكيفية التي تشحن بها الأخشاب قال :" إذا عدتم إلى بلدكم إرموا بالحزم إلى البحر و قولوا : " هذه أمانتك "يايعقوب" و ستصل الشحنة إلى المكان المعلوم بإذن الله ". ففعل البحارة ما أمروا به، و لما وصلت الحزم أراد سكان القرى المجاورة الإستلاء عليها بالقوة فحاولوا سحبها على الشاطئ لكنهم لم يستطيعوا لأنها ثقيلة ثقل الرصاص بقوة من الله . فغضب منهم الولي على فعلتهم و أمر معلمي البناء " حمو و بوليفة" الذي أحضرهما بتلمسان أو فأس بنقل الخشب و بمساعدة بعض السكان إلى المكان المعين للبناء و الذي يبعد عن البحر بحوالي 700 م.

د- وصـف المسجد و الزاوية :

1- موقع المسجد :

أقيم المسجد وبجانبه الزاوية سنة 1338م الموافق739ه ، تحت هضبة تطل على شاطئ صخري بحيث يحتجب عن العيون من عرض البحر، وحتى الطريق الذي يربط الشاطئ بالمسجد فهو عبارة عن ولد صخري مسلكه وعرة، والحكمة تكمن في الوقاية من الاعتداء و التحرش على يد القراصنة الأوربيين وخاصة الأسبان منهم والبرتغال ، لأن هذا ما كان سائدا في تلك الفترة بحيث تعرضت هنين وأرشقون إلى الاعتداء و القصف.

- وصف المسجد :



شيد المسجد في شكل بناءات مربعة جدرانها عريضة سمكها بالمدخل الرئيسي يبلغ المترين ، وقد زين المبنى بقبة و بثلاثة صفوف قرميدية حمراء متوازية و متناسقة على الطراز الأندلسي ثم يبقى منها سوى صفين ، تستند على أعمدة و أقواس عريضة.

و أما السقف فهو مزين بالخشب المنقوش المتشابك كما هو الحال بمساجد تلمسان وفاس ، و المئذنة مربعة الشكل على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه لازالت قائمة تتحدى الطبيعة.

و زاوية الولي لصيقة بالمسجد جدرانها منقوشة تآكلت بفعل الزمان، وسقفها على شكل قبة رسم بها أشكال دائرية مجردة جميلة، أعيد تجديدها من طرف القائد حمزة الخليفة على تلمسان في القرن 18م. (1145هـ ، 1731م). (1)

ويحتوي المسجد على ساحة بمدخله الجنوبي حفر فيها جب عمقه 5 م جدرانه من الأجر الأحمر المملوء سعته حوالي 250م3 كان يستقبل مياهه من الأمطار المتساقطة على سطح المبنى حيث تصب وتتسرب عبر قنوات جوفية كانت تستعمل للوضوء وللتنظيف، أما المياه الصالحة للشرب فكانت تجلب من عيون بواد قريب لازالت تستغل إلى يومنا هذا.

و بجوار المسجد وجدت مطامر عديدة وواسعة متصلة ببعضها البعض، من المرجع أنها كانت تستعمل للأيام الحالكة كالشتاء أو سنوات الجفاف ، وهذا دليل على آن الزاوية كانت تحتوي على إقامة للطلبة الوافدين م بعيد و لعابري السبيل.

نشاط الزاوية :

وبعد إقامة المسجد أخذ يتوافد عليه المصلون من كل جهة لأداء صلاة الجمعة خاصة ، ليس من ولهاصة وحدها بل حتى من بني خلاد ومديونة وهذا بناءا على الشهادات الشفهية.

و يروى أن أخد المواطنين على صلاة الجمعة تأخر عن الصلاة وليكفر عن خطيئته حبس أرضا لصالح الزاوية .

وقد عمر الولي العالم إلى سن متأخرة تناهز المائة مواكبا على التبليغ والوعظ والإرشاد و قد أنار ربوع ولهاصة وجزء من الوطن بعلمه إذ كان بحق المعلم والفقيه و الإمام والصوفي. توفي رحمه الله سنة 1410 م(1). ودفن داخل زاويته.

و قد لعب دورا هاما في التثقيف و تحفيظ القرآن والنهوض بالعلوم الإسلامية واللغوية وقد بلغ ذروته في الفكر إذ تخرج منه حفظة القران الكريم وأئمة وفقهاء.

و المعروف أن " قرى أهل ولهاصة المحادي لعرش بني خالد والمشهورة لإيواء حفظة القرآن الكريم و بكثرة حفاظ أبناءها للقرآن الكريم إلى اليوم .(2)

و ها هي شهادة الشيخ العلامة أبي عبد الله البوعبدلي عن نشاط الزاوية يقول للحضور ممن صحبوه في زيارة إليها مايلي :

أنهم من الآن في حرمة أناس أصحاب علم و كرم و أخلاق وشهامة وغيرة على الدين، وحفظة القرآن الكريم يحترمون الضيف ويوفرون له كل الراحة اللازمة ولا يشعر بالغربة (2).

أما المتخرجون من الزاوية فهم كثيرون جدا، لا نستطيع حصرهم بل سنكتفي بذكر البعض منهم و تحديدا في القرنين 09م و 20 م وهذا لقلة المصادر.

- العلامة الشيخ سيدي يعقوب أحمد الذي هاجر إلى بلاد المشرق لطلب العلم في بداية القرن 19م.وصاحب كتاب مخطوط (نور البصائر لمعرفة تسيير السائر).

- العلامة الشيخ سيدي يعقوب ميسوم بن أحمد العلامة المذكور أنفا، كان معلما وإماما بالمسجد الكبير بتلمسان.

- العلامة الشيخ أبي عبد الله البوعبدلي صاحب الزاوية البوعبدلية بأرزيو الجديد.(3)

- الشيخ سيدي يعقوب محمد بن أحمد بن محمد

-الشيخ العلامة سيدي يعقوب بلقاس

-الشيخ سيدي يعقوب عبد القادر ، كان معلما و إماما لفترة طويلة بزاوية سيدي يعقوب.

- والشيخان المذكوران سالفا هما صديقان حميمان للشيخ العلامة أبي عبد الله البوعبدلي

- الشيخ سيدي يعقوب خضير.

- الشيخ سيدي يعقوب لخضر كان معلما و إماما بالمسجد الكبير بتي صاف.

- الشيخ سيدي يعقوب أحمد أخو الأخضر.

- الشيخ سيدي يعقوب ميلود كان معلما وإماما بالمسجد العتيق بحي بوكردان بني صاف.

- الشيخ الأستاذ سيدي يعقوب أمحمد خريج جامع القرويين بالمغرب ، كان أستاذا بمدينة وهران و كان يلقي الدروس الرمضانية عبر التلفزة الوطنية.

-الشيخ سيدي يعقوب عبد الرحمان إنه معلما و إماما والشيخ الزاوية حاليا سيدي يعقوب.

- الشهيد الفقيه سيدي يعقوب محمد المدعو سي علال، كان مسؤولا ومفتيا في جيش التحرير لوطني.

- الشهيد الفقيه سيدي يعقوب عبد الوهاب، كان مفتيا لصالح جبهة التحرير الوطني.

وجل شهداء حرب التحرير الوطني من أبناء الزاوية ، حفظة القران الكريم.

------------------

(1) سواحل لغرب وهران –الأب لوتوليو-ص 160

(2) تاريخ الانبياء المختصرللعلامة أبي عبد الله البوعبدلي تحقيق و دراسة الدكتور مخطار بوعناني ص 22

(3) نفس المصدر

دور الزاوية في الدفاع عن الأرض والأعراض:



ولم يقتصر دور الزاوية على تعليم القران الكريم والعلوم لشرعية ، بل كانت تؤمن الطرقات ونسعف الفقراء وتذود عن الأرض والأعراض ، فأتباعها لم يتوانوا يوما عن رد الأعداء ومقاومتهم فكانوا جبهة و قلعة في وجه الغزاة الصليبيين الذين عاثوا في الأرض فسادا، إلى أن أخرجوهم منها يجرون ذيل الهزيمة.

1)- معركة مرسى سيدي يعقوب 1503 م :

وفي هذا السياق سجل أحد الآباء المسيحيين معركة وقعت سنة 1503 م بمرسى سيدي يعقوب بين المقاومين من المنطقة و القراصنة البرتغاليين يقول :

" نفس هؤلاء البرتغاليين المدعمين بمراكب حربية تكبدوا هذه المرة خسائر كبيرة في الأرواح بشواطئ ترارة ولهاصة بمقاطعة تلمسان ، حيث تصدى لهم المركسيون، الأفارقة القدامى(أي البربر) هم رجال يحبون الحرب ومتمرسين عليها و يجيدون استعمال شتى أنواع الأسلحة من حراب و أقواس وبنادق مقاومون لا ينهزمون" (1).

و يقول الراوي ديقوسوراس(2) أن الحادثة وقعت شرق هذين، غير بعيد عنها أي مكان تواجد قبيلة ولهاصة، إما بالوردانية أو سيدي جامع أغرام أو أيضا سيدي يعقوب و هذا الأخر أكثر ترجيحا نظرا للدور الذي كان يقوم به الولي كما أشرنا إليه سابقا (3).

و قد قلنا فيما سيق أن الولي سيدي يعقوب كان يراقب السواحل هو و أتباعه بعده و أشرنا كذلك إلى أن الزاوية كانت رباطا ضد الغزاة الصليبين.

2)- معركة سيدي يعقوب36 18

و لكون الزاوية تقع قرب الطريق الرابط بين أرشقول و تلمسان، نشبت معركة مشهورة أيام المقاومة تحت لواء الأمير عبد القادر وخليفته على تلمسان البوحميدي الولهاصي بسيدي يعقوب بتاربخ 25 أفريل 1836

حيث أحشد جيش الأمير والمتكون من 700 جندي نظامي وحوالي 5000 متطوع حول مسجد سيدي يعقوب لقطع الطريق أمام الجيش الغازي الفرنسي الذي حاول فتح الطريق بين أرشقون – مصب نهر تافنا- و تلمسان.

وكان تعداد الجيش الفرنسي 3500 جندي نظامي وضابط تحت إمارة الجنرال دارلانج بمساعدة الكولونيل موسيون الكولونيل لومارسي والكولونيل كوربان وعدة ضباط آخرين.

و في ليلة 24 أبريل 1836 م و لكي يحاول دارلانج فك الحصار المضروب عليه برشقون – مصب نهر تافنا- خرج على رأس قوة تتكون من 1800 جندي وضابط محملين بـ 8 مدافع وساريتان من سلاح الهندسة باتجاه سيدي يعقوب فسارع لملاقاته الأمير وجيشه بحماس متقطع النظير، ويقول الدكتور أديب الحرب : " و قد اشتدت عن قوات الأمير عبد القادر أنها كانت تحشد في ساحة المعركة تتدخل فيها بأقصى درجة من القوة ولاندفاع في سبيل غاية سعت لتحقيقها و هي طرد الفرنسيين من ديارها (4).

و عند الظهر كان المقاومون قد شتتوا الجيش الفرنسي الذي أصيب جنراله دارلانج بجراح بليغة هو ورئيس أركانه الكولونيل لوماسي .

لم يتمكن الفرنسيون من فك الحصار عليهم في معسكر أرشقون – مصب تافنا- إلا بوصول الجنرال بجو عن طريق البحر بثلاثة فيالق تعدادها 3500 جندي و ضابط.

هذا و لم يجرؤ بيجو على فتح الطريق من أرشقون إلى تلمسان بل قفل راجعا إلى وهران و من تم إلى تلمسان .

و بذلك سجلت المقاومة الجزائرية في سيدي يعقوب انتصارا عظيما سيكزن لها أثارا عميقة ألا و هي الدخول بقوة في مفاوضات حول السلام حيث سيتم التوقيع على المعاهدة التي ستحمل اسم النهر الذي هزم عند مصبه، الجيش الفرنسي.

- معاهدة تافنا(5) وذلك في 30 ماي 1837.

3)- ثورة التحرير المباركة:

وقد كان المسجد الشرارة الأولى للتوعية وشرح أبعاد ثورة لتحرير المباركة، إذ لبى نداء أهل الزاوية وجل أتباعها لاحتضان هذه الثورة.

وتعرض سكان المنطقة والمناطق المجاورة إلى الإذلال والتهجير والاعتقال والقتل.

ففي سنة 1958 تعرض المسجد إلى قصف مدفعي وحشي شاركت فيه دبابات ومدرعات العدو مما أدى إلى إتلاف جزء منه، أعيد ترميمه غداة الاستقلال من طرف السكان و بوسائلهم الخاصة.

وقد صفى العدو أثناء ثورة التحرير المظفرة من أبناء الزاوية وحدها حوالي أربعة عشر شهيدا و شهيدة أغلبهم حفظة القرآن الكريم و فقهاء.

------------------------

(1) و(3)المعالم العشرون لغرب وهران- الأب لتولو ص 138

(2)المجلة الإفريقية سنة 1865 ص 2514

(4) الدور الإداري والعسكري للأمير عبد القادر لجكتور أديب حرب

(5) المقاومة الجزائرية تحت لواء الأمير عبد القادر – إسماعيل العربي - 148

هذا الموضوع منقول لكم من موقع سيدي يعقوب وذلك لتعم الفائدة على الجميع فمن أراد الإستطلاع أكثر فإليه رابط الموقع

تكملة الموضوع

مخطوط شجرة سيدي ثامر قدس الله سره (بوسعادة)

صورة لمخطوط شجرة سيدي ثامر بن محمد الليثي المشيشي قدس الله سره



وهذا نصها بالتمام والكمال:

فهذه شجرة سيدي ثامر بن محمد الليثي المشيشي الإدريسي الفاطمي قدس الله سره ونفعنا به وببركاته آمين وهو الذي اختط بلده أبي سعاده ، وهو معاشر القرن الثامن واهل أول القرن التاسع ومن ذلك سيدي عبد الرحمن الثعالبي دفين بالجزائر قدس الله سره ، وسيدي يحيى العيدلي ، وسيدي التواتي صاحب ابجاية قدس الله سر الجميع .
وأما الشيخ الأول فهو سيدي سليمان بن ربيعة بن عبد الرحمن بن بوزيد بن علي دفين جبل العمور ثم بعده خدم أهل الكمال حتى صار كاملا من الأولياء الكمل ويتصرف في أحوال أهل الله وان مثل ما كان يتصرف في أهل الظاهر حين كان سلطانا وله كرامات كثيرة وبراهين جليلة ومن نجله علماء أجله مثل سيدي محمد بن الموفق دفين بسكرة العلم والولاية أنظر الرحلة الورثلانية . ومن نجله أيضا سيدي عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن قاسم دفين بالعامري في الولاية والعلم ورأيت له تأليفا في الفرائض والحساب نظم مثل الدرة البيضاء ، ومن ذريته سيدنا ثامر خليفة بن أحمد بن ثامر بن محمد وأمثاله كالشيخ بن ثامر والسيخ أبو عبد الله والشيخ الخذير والشيخ النوى والشيخ الواضح والشيخ أحميدة وأمثالهم وأما نسبه فهو سيدي ثامر بن محمد بن عبد الرحمن بن سالم بن يحيى ولقبه مليك بن عبد الله بن عيسى بن عبد الواحد الليث بن عبد الكريم بن عمر بن محمد بن علي بن محمد بن ريسون بن موسى أخو القطب سيدي عبد السلام بن مشيش واسمه منصور بن ابي بكر واسمه إبراهيم علي بن حرمة واسمه رباح بن عيسى بن سلام واسمه أبو بلقاسم بن ميمون ولقبه مروان ابن علي لقبه حيدره بن محمد بن مولانا ادريس هذا على رواية ابن جزي ، وأما رواية ابن فرحون فقال : محمد بن احمد بن عبد الله بن مولانا ادريس بن ادريس بن عبد الله بن الحسني المثنى به الحسن السبط بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجة علي بن ابي طالب كرم الله وجهه وهذا النسب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مدركة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن نظر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن فزز بن معد بن عدنان وقال صلى الله عليه وسلم لا ترفعو لي فوق عدنان .

وانظر النبذة المبهجة في ذكر منهاج سيدي ثامر تجده ، وأما سيدي علوان فهو تلميذ سيدي ثامر بن محمد وإليه يبلغ نسب سيدي زيان بن علوان ، وسيدي علوان هو مروان بن عقلة ابي بكر الشريف . وأما سيدي عبد الرحمن بن بلقاسم فهو صاحب السجادة وهو الذي حرر العامري من الغرامة في زمن الترك وهو بن سيدي ثامر وأخوه سيدي علي رجل صالح . وأما أولاد سيدي أبوزيد بن علي بن مهدي منهم كثيرون متفرقون واهل الشارف ابناء عمهم وايضا جدهم يقال له ابو زيد بن صفوان ومن نجله سيدي عبد العزيز الحاج انتهاء تمت الشجرة.

تعريف بمسجد سيدي ثامر النخلة العتيق بوسعادة وهو أول بناء في مدينة بوسعادة بني قبل 9 قرون تقريبا :



سقيفة المسجد عند المدخل الرئيس

من أشهر ما يعتز به أبناء مدينة سيدي ثامر بوسعادة مسجدهم العتيق الضارب في اعماق التاريخ والذي يحكي تاريخ المنطقة وبداية تاسيس المدينة واعمارها من أسمائه المعروفة *جامع النخلة *لوجود نخلة في داخل المسجد و*مسجد سيدي ثامر* نسبة لمؤسسه الولي الصالح سيدي ثامر.و*جامع القصر* لتموقعه في حي يسمى القصر وهو عبارة عن مساكن وحارات قديمة تشبه قصور مدينة غرداية .او *المسجد العتيق*كما يسميه البعض .


المحراب والمنبر

يعود تاريخ بدايات تأسيسه الى القرن العاشر الميلادي اي ان عمره حوالي سبعة قرون أسس المسجد على التقوى والخير ونشر تعاليم الإسلام السمحة وإصلاح شؤون السكان والفصل في قضاياهم ولم شملهم ولقد كان للجامع فضل على اهل المنطقة وعلى الجزائر فقد ساند الثوار إبان الاستدمار الفرنسي وساهم في حماية تراث وهوية المنطقة من الطمس والتبشير وخرج ثلة من العلماء والمصلحين وكان له صيت واسع في منطقة الجنوب شانه شان زاوية الهامل العريقة ومازال حتى بعد الاستقلال الى حد اليوم واقفا باجلال وفخر يقوم بتبليغ رسالته للأجيال كما وضعها مؤسسوه ويدرس القرءان ويخرج جحافل القراء والحفظة اعلاءا لكلمة الحق ومساهمة في الحفاظ على هوية سكان منطقة بوسعادة وما جاورها .للمسجد اسرار كما يقول مرتادوه فكلما دخلت اليه تحفك السكينة والوقار وتتذكر الرسول عليه الصلاة والسلام وهو متربع في مسجده النبوي والصحابة عن يمينه وشماله ينصحهم ويعلمهم الدين الحنيف .وتجتاحك مشاعر بالرهبة والرغبة وانت بين أكناف جدرانه الطينية العتيقة ونوافذه الضيقة المنيرة وأسقفه المبنية من أخشاب العرعارتنبعث منها روائح المكان
والزمان.



ومصابيحه المعلقة الشاهدة عن كل من ارتاده على مر القرون من المصلين والتائبين الانبين الشيوخ والصبيان والنساء والعجائز والعلماء والأئمة والدعاة وترمقك الأعمدة الخشينة الرافعة لسقف المسجد بنظرات القوة والصمود على مر الأزمنة والعصور الغابرة.
ويقف المنبر في استعلاء وكبرياء معلنا الوحدانية والطاعة للواحد القهار مبشرا ونذيرا وقد رفع عليه اجل العلماء والدعاة والمشايخ من المنطقة وخارجها.


صورة لمدخل عين سيدي ثامر


رضي الله عن سيدي ثامر ونور ضريحه
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي الحاج محمد بن بحوص رضي الله عنه



بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد وآله وصحبه الطيبين الطاهرين .

نبدة تاريخية عن الشيخ سيدي الحاج محمد بن بحوص رضي الله عنه

مؤسسة " الزاوية الشيخية" بعين السخونة ولاية سعيدة الجزائر
--------------------------------------------
-هو الشيخ الولي الصالح سيدي زوي محمد من مواليد سنة 1894 بأربوات البيض ابن بحوص بن الحاج بن محمد بن الطيب بن يؤسف بن سليمان بن الحاج الشيح بـــــن سيدي عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ المنحدر من ذرية سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ولامه فاطنة بنت الشيخ بن محمد البودواوي من ذرية سيدي الشيخ.

-تربى وترعرع في أحضان والده بمسقط رأسه ورحل مع والده إلى منطقة الشط الشرقي ضواحي الرقاصة البيض " الجزائر " تعلم القرآن الكريم ومبادئ الفقه والسيرة النبوية عن عدة مشايخ منهم الشيخ الفاضل والعلامة الجليل سيدي الحاج محمد بن عبد القادر الشريف التاجرونى بمدينة البيض ولازمه حتى الوفاة أخذ عنه الطريقة القادرية والإذن في تلقينها، وجددها عن الشيخ مولاي عبد الله من أحفاد الولي الصالح سيدي الحاج بن عامر بمدينة البيض ، وأخذ الطريقة التيجانية والطريقة الطيبية عن الشيخ الولي الصالح مولاي التهامي بالمغرب، وهكذا أصبحت زاويته تسمى زاوية الطرق الصوفية .

-في الثلاثين من عمره انتقل إلى زاوية الشيخ بوعمامة بمنطقة برقم عين بني مطهر - جرادة وجدة - بالمغرب عند الشيخ القطب الشهير سيدي الحاج الطيب بن سيدي بوعمامة فتتلمذ له واخذ عنه الطريقة الشيخية الشاذلية، وهنالك حصل له الفتح الأكبر ،وأخذ الإذن في فتح زاويتين الأولى زاوية الموحدين لنشر الطريقة الشيخية ببلدية الرقاصة ولاية البيض هذا في سنة 1933 والثانية الزاوية بعين السخونة ولاية سعيدة في سنة 1946 كلاهما يتميزان عن باقي الزوايا بحفريات تتمثل بمسجد وقاعة لضيوف ومطبخ ودار للعبادة *الخلوة*وعدة بيوت لزوار ولازالت موجودة كمعالم تاريخية وسياحية وثقافية إلى الآن اتخذت قبلة لزائرين للتبرك .

-نظرا للسمعة الطيبة وتقواه وورعه والمعاملات الحسنة والكرامات العديدة التي شهد له بها العام والخاص نال حب واحترام الجميع مما ارتقى إلى مقام المشيخة للطريقة الشيخية ببلاد الجزائر، بتأييد من جميع شيوخ واعيان وجهاء أولاد سيدي الشيخ ومما ذكره الدكتور عبد القادر خليفي في كتابه الطريقة الشيخية في الصفحة28 متحدثا عن ما قاله الجنرال بيجي اوندري في كتابه coutrubition à l'ètude des confrèriès الجزائر 1956الصفحة 240 تحت عنوان شيوخ الطريقة بعد الشيخ بوعمامة ، الواقع انه بعد وفاة الشيخ بوعمامة سنة 1808 انتقلت المشيخة إلى ابنه الشيخ سيدي الحاج الطيب بالعيون سيدي ملوك بالمغرب .

-وفي سنة 1949 وبعد حدوث شقاق بين أولاد سيدي الشيخ، بين سيد العربي بن الدين بن حمزة المعين باشا آغا على أولاد سيدي الشيخ وبين حمزة بوبكر الذي سيصبح عميد مسجد باريس تدخل سيدي الشيخ عبد الحاكم بن سيدي الحاج الطيب بن الشيخ بوعمامة ممثل أولاد سيدي الشيخ الغرابة خليفة والده سيدي الطيب على الطريقة الشيخية للصالح منهما انعقد على اثر ذالك اجتماع ضم معظم أعيان أولاد سيدي الشيخ للبيض وعين بي مطهر في 05 أوت 1949بمدينة البيض بحضور لعرج سي عبد الرحمان من زاوية القنادسة الذي عرض وساطته بين الطرفين وقد قرر المجلس إبقاء السي العربي على رأس الزاوية ومع ذلك تمت تسمية سيد الحاج محمد بن بحوص مقدم زاوية عين السخونة المعروف بتقواه والذي يحضا بكل الاحترام كشيخ لطريقة الشيخية ومسئول على محافظة عقيدتها الروحية بالجزائر ،وسمي حمزة بوبكر أمينا عاما للجمعية وقد ساهمت هذه الإجراءات في توحيد الطريقة الشيخية وبعد سيدي الحاج محمد بن بحوص انتقلت مشيخة زاوية السخونة إلى ابنه سيدي الحاج المختار الذي قد وافته المنية في 18 مارس 2007 ومما جاء في الصفحة 66 من كتاب الطريقة الشيخية لمؤلفه الدكتور عبد القادر خليفي أورد الدكتور احمد بن نعوم في كتابه أولاد سيدي الشيخ الذي حصل على شهادة دكتورا دولة من بروفانس بفرنسا رواية مفادها أن السي الحاج محمد مول السخونة كان يحب عبد القادر الجيلاني وينضم فيه أشعار مديحية ويتأثر بذالك حتى يبكي وذات يوم قرر السفر إلى بغداد لزيارة ضريحه خرج كسائح ينتقل من زاوية إلى أخرى إلى أن وصل لبلدة متليلي ، وكان وهو في الطريق يرى في الحلم حيوانا متوحشا _ورن_ يهدده بقطعة حجر كانت بين يديه وهو يقول له عد وإلا قتلتك ولما وصل إلى متليلي رأى سيد الشيخ يقول له عد وستجد عندي ما ترغب فيه فعاد إلى الأبيض سيدي الشيخ حيث مدفنه ، أما للزاويتين دور هام في تعليم القرآن الكريم ونشر تعاليم الدين الإسلامي ونشر الطرق الصوفية وحل جل المشاكل الاجتماعية كالصلح بين الناس والتحريض إلى الجهاد النفسي والروحي والدفاع عن الوطن و إطعام الفقراء والمساكين وإيواء الأيتام والمحرومين ، ومن مواقفه الخاصة انه في سنة 1945م عام المجاعة قام الحاكم الفرنسي بجمع حوالي 375 معوز من مختلف الشرائح شيوخ وأطفال ويتامى ومعوزين مصابين بعدت أمراض وأوبئة مختلفة وسلمهم إلى سي الحاج محمد بزاوية الموحدين ابن حضي جميعهم بالرعاية التامة حيث شفيا بعضهم ومات الآخرون وطلب من الشيخ بان لا يتقرب منهم تفاديا للعدوى والأوساخ وغير ذلك فرد عليهم اللهم أحيني مسكينا وامتني مسكينا واحشرني في زمرة المسكين ـ لقد تخرج على يده الكثير من المشايخ والمريدين وأتباع الطرق الصوفية عدد لا يحصى ولا يعد ومنهم الولي الصالح والعارف بالله الشهير الشيخ سيدي الحاج أحمد بن بحوص بن حمزه من ذرية سيدي الحاج بن الدين، الذي فتح زاويته المشهورة بمدينة متلتلي الشعانبة ولاية غرداية لنشر الطريقة الشيخية بمنطقة الجنوب الشرقي كما عين ابنه الحاج الشيخ بزاوية الموحدي و ابنه الشيخ سيدي الحاج المختار على الطريقة الشيخية بزاوية عين السخونة .

ـ الشيخ سيدي محمد بن بحوص من كبار المجاهدين المناضلين، ضد المستعمر الفرنسي آخذا مشعل الجهاد عن والده سيدي بحوص بن الحاج احد قادت الشيخ بوعمامة وعن شيخه المجاهد الشيخ سيد الحاج الطيب بن بوعمامة مواصلا لمقاومات أولاد سيدي الشيخ .



-وفي يوم الاثنين 26 شوال الموافق ل 07/07/1954 توفي الشيخ رحمة الله عليه وتعمده الله برحمته الواسعة واسكنه فسيح جنانه بزاويته بعين السخونة ودفنا بداخل بيت كان مخصصا للعبادة وأصبحت في ما بعد ضريحا يتبرك به .

ـ لقد كتب عن مآثره مخطوطا تحت عنوان " بلغة المحتاج في مناقب سيدي محمد بن بحوص الحاج" من تأليف الدكتور طواهرية عبد الله " ولاية أدرار" هو الآن تحت الطبع ووفاه شعراء عصره تمدح فيه الأخلاق والكرم والزهد و الكرامات الكثيرة والخصال الحميدة .

نسأل الله عز وجل أن يتغمده برحمته تعالى وينفعنا ببركته ويلحقنا به مسلمين لا مبدلين ولا مغيرين {آمين والحمد لله رب العلمين}

--------------
المراجع:

جمع وتحقيق خادم الطريقة الشيخية بفرنسا : مصطفى حاكمي .
عن حفيده سيدي زوي محي الدين " حمزة "
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي محمد بن علي المعروف بـ:سيدي هجرس


ضريح سيدي هجرس رضي الله عنه

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، سيدنا محمد وآله وصحبه ومن ولاه.

01) أولا ذكر شجرة نسب سيدي هجرس رضي الله عنه الصحيحة التي لا خلاف فيها.

هو الولي الصالح سيدي محمد المُكنى بــ: "سيدي هجرس" بن على بن سيدي بوزيد بن علي بن موسى بن علي بن المهدي بن صفوان بن يسار بن موسى بن عيسى بن سيدنا إدريس الأصغر بن سيدنا إدريس الأكبر بن سيدنا عبد الله الكامل بن سيدنا الحسن المثنى بن سيدنا الحسن السبط بن سيدنا علي كرم الله وجهه وإبن سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام ابنة سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد عليه أفضل الصّلاة وأزكى التّسليم .

02) ترجمة الولي الصالح سيدي هجرس رضي الله عنه

1- مولده ونسبه الشريف:

هو الولي الصالح الزاهد صاحب الكرامات سيدي محمد بن علي المكنى بــ: "سيدي هجرس" المنحدر من سلالة الأدارسة، بن علي بن بوزيد بن علي بن موسى ، وقع ازدياده رضي الله عنه بقرية تُسمى "أسلا" بالمغرب الأقصى غرب مدينة فاس سنة 500 هجرية ولما بلغ من العمر 20 عشرين سنة انتقل من أسلا المغربية واتجه إلى قلعة الحمادية حيث مكث بها عدة سنوات حتى سنة 540 هجرية ثم خرج منها وسار وله أتباع ومريدين كُثر لعظم بركاته وسلطانه حتى بلغ برج الطابية الذي الآن معالمه موجودة إلى يومنا هذا الذي بناه مولاي عثمان الإدريسي وخلاه منه بسره الإلهي وسلم له جميع الأراضي وله أخبار شتى تدل على سلطانه وفي آخر حياته ترك كل ما كان عليه من أملاك وتفرغ للخلوة واجتهد في العبادة حتى أتاه اليقين، وكانت وفاته حوالي سنة 598 هجرية.

2- أولاده:

بعد وفاة الولي الصالح سيدي هجرس ترك ثلاثة أولاد:

- سيدي قديم المكنى بــ: "سيدي يحيا الحر" الذي بجبل أفول ببلدية تطري المغربية.
- سيدي عبد الرحمان المكنى بـ: "سيدي زرزور" الذي كساه الزرزور بواد بسكرة وقبره يزار هناك يتوسط هذا الوادي فكني به أي سيدي زرزور بالجزائر.



ضريح سيدي زرزور رضي الله عنه بـ:ولاية بسكرة "الجزائر"

- سيدي عامر الذي بقي في المنطقة وقد خلف سيدي عيسى والتي تعرف المنطقة باسمه وهم فرقة أولاد عيسى حاليا أيضا بالجزائر.

3- ومن ذريتهم:

سيدي أسعيد والذي تعرف الفرقة باسمه أي "أولاد سعيد".
وسيدي عبد الله الذي تعرف الفرقة حاليا "بأولاد عمرة".
وسيدي التواتي وتعرف الفرقة باسمه أي "أولاد التواتي" حاليا الواقعة قرب بن يلمان .
وسيدي أعمر والذي تعرف الفرقة باسمه "أولاد عيشة".

هذا ما استطعت جمعه من معلومات حول حياة هذا الولي الصالح المشهور بسيدي هجرس ، صاحب الكرامات العديدة التي لا يزال أهالي تلك المنطقة يذكرونها في ما بينهم إلى يومنا هذا مما يدل على علو شأنه ومقامه عند الله ،فرضي الله عنه ونور ضريحه واسكنه أعلى الجنات مع المقربين آمين ... هذا والله أعلم فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان وصلي اللهم وبارك على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تكملة الموضوع

ترجمة العلامة سيدي عبد الوهاب الشعراني التلمساني دفين مصر


مسجد سيدي عبد الوهاب الشعراني

المبحث الأول في شجرة نسب سيدي عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه

1 ترجمة حرفية من كتاب الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية



أسرة الشعراني:

إلى الدوحة الهاشمية العلوية يرتفع نسب الشعراني فجده الأعلى هو محمد ابن الحنفية بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.

وقد هاجر أجداده إلى المغرب الأقصى في الموجات المهاجرة من البيت العلوي التي اختارت الأطراف النائية من الإمبراطورية الإسلامية وفرارا من الملاحم المتتابعة بينهم وبين البيت الأموي تارة والبيت العباسي تارة أخرى .

وكان الملك في مدينة - تلمسان - وما جاورها لقبيلة بني زغلة، وإلى تلك القبيلة ينتسب:عبد الوهاب الشعراني.

ولقد أرخ الشعراني لنفسه في كتابه لطائف المنن فلنستمع إليه وهو يحدثنا عم نفسه بأسلوبه الخاص به :
... أحمد الله تعالى حيث جعلني من أبناء الملوك فإني بحمد الله تعالى عبد الوهاب بن أحمد بن علي بن احمد بن محمد بن زوفا بن الشيخ موسى المكنى في بلاد البهنسا بابي العمران جدي السادس السلطان احمد بن السلطان سعيد بن السلطان فاشين بن السلطان يحيا بن السلطان زوفا بن السلطان ريان بن السلطان محمد بن موسى بن السعيد بن محمد بن الحنفية بن الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه.



وكان جدي السابع وهو السلطان احمد سلطانا في مدينة تلمسان في عصر الشيخ أبي مدين المغربي ولما اجتمع به جدي موسى قال له الشيخ أبو مدين : لمن تنتسب ؟ قال والدي السلطان أحمد فقال له : إنما عينت نسبك من جهة الشرف فقال أنتسب إلى السيد محمد بن الحنفية فقال له ملك، وشرف ، وفقر ، أي التصوف لا يجتمعن ، فقال يا سيدي قد خلعت ما عدا الفقر، فرباه فلما كمل في الطريق أمر بالسفر إلى صعيد مصر وقال أسكن بناحية (هو) فإن بها قبرك فكان الأمر كما قال.

ولم يحدد لنا التاريخ السنة التي هاجر فيها موسى إلى مصر ولكن كتب التاريخ حددت لنا تاريخ وفاته فقد توفي ببلدة (هو) عام 707 هـ بعد أن نجحت دعوته واهتدى يهديه الصوفي جمهور في الصعيد الأعلى.

واستمرت أسرة الشعراني في الصعيد حتى مطلع القرن التاسع هجري فهاجر عميدها احمد إلى ساقية أبي شعرة بالمنوفية وأسس بها زاوية للعلم والعبادة وأتنقل إلى جوار ربه عام 828 هـ .

المراجع:

كتاب الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية



المبحث الثاني ترجمة الشيخ من كتاب " شذرات الذهب"

الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراني الشافعي



قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في طبقاته :

هو شيخنا الإمام العامل العابد الزاهد الفقيه المحدث الأصولي الصوفي المربي المسلك من ذرية محمد بن الحنفية ، ولد ببلده ونشأ بها ومات أبوه وهو طفل ،ومع ذلك ظهرت فيه علامة النجابة ومخايل الرياسة والولاية، فحفظ القرآن وأبا شجاع والأجرومية وهو ابن نحو سبع أو ثمان ثم انتقل إلى مصر سنة إحدى عشرة وتسعمائة وهو مراهق فقطن بجامع الغمري وجد واجتهد فحفظ عدة متون منها المنهاج والألفية والتوضيح والتلخيص والشاطبية وقواعد ابن هشام ، بل حفظ الروض إلى القضاء وذلك من كراماته ،وعرض ما حفظ على علماء عصره ثم شرع في القراءة فأخذ عن الشيخ أمين الدين إمام جامع الغمري قرأ عليه ما لا يحصى كثرة منها الكتب الستة ،وقرأ على الشمس الدوخلي والنور المحلي والنور الجارحي ومنلا على العجمي وعلى القسطلاني والاشموني والقاضي زكريا والشهاب الرملي ما لا يحصى أيضا.

ثم قال :

{ هو فقيه النظر صوفي الخبر له دراية بأقوال السلف ومذاهب الخلف }

إلى أن قال :

{ أقبل على الاشتغال بالطريق فجاهد نفسه مدة وقطع العلائق الدنيوية ومكث سنين لا يضطجع على الأرض ليلا ولا نهارا}

ثم قال:

{ أخذ عن مشايخ الطريق فصحب الخواص والمرصفي والشناوي فتسلـّك بهم ثم تصدى للتصنيف فألف كتبا...}

منها:
الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية
مختصر الفتوحات وسنن البيهقي الكبرى
ومختصر تذكرة القرطبي والميزان
والبحر المورود في المواثيق والعهود
وكشف الغمة عن جميع الأمة
والمنهج المبين في أدلة المجتهدين
والبدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير
ومشارق الأنوار القدسية في العهود المحمدية
ولواقح الأنوار
واليواقيت والجواهر في عقائد الأكابر
والجوهر المصون في علوم الكتاب المكنون
وطبقات ثلاثة
ومفحم الأكباد في مواد الاجتهاد
ولوائح الخذلان على من لم يعمل بالقرآن
وحد الحسام على من أوجب العمل بالإلهام
والبراق الخاطف لبصر من عمل بالهواتف
ورسالة الأنوار في آداب العبودية
وكشف الران عن أسئلة الجان
وفرائد القلائد في علم العقائد
والجواهر والدرر
والكبريب الأحمر في علوم الكشف الأكبر
والاقتباس في القياس
وفتاوي الخواص
والعهود ثلاثة
وغير ذلك مما لا يعد ولا يحصى ...

وحسده طوائف فدسوا عليه كلمات يخالف ظاهرها الشرع وعقائد زائغة ومسائل تخالف الإجماع وأقاموا عليه القيامة وشنعوا وسبوا ورموه بكل عظيمة فخذلهم الله واظهره عليهم وكان مواظباً على السنة مبالغا في الورع مؤثرا لذوي الفاقة على نفسه حتى بملبوسه متحمل للأذى موزع أوقاته على العبادة ما بين تصنيف وتسليك وإفادة، واجتمع بزاويته من العميان وغيرهم نحوه مائة فكان يقوم بهم نفقة وكسوة، وكان عظيم الهيبة وافر الجاه والحرمة تأتي إلى بابه الأمراء ، وكان يسمع لزاويته كدوي النحل ليلا ونهارا ، وكان يحي ليلة الجمعة بالصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم ،ولم يزل مقيماً على ذلك مُعظـَماً في صدور الصدور إلى أن نقله الله تعالى إلى دار كرامته .

انتهى من كتاب " شذرات الذهب " .

من أقواله رضي الله عنه :

1. إن الطاعة إذا لم تكن خالصة فأنها تورث صاحبها الجفاء وقساوة القلب .
2. لا يتجسس على العورات إلا فاسق ، فان القلب المطهر من السوء لا يظن في الناس إلاّ خيراً.
3. دوروا مع الشرع كيف كان .
4. إياك يا أخي إذا عرفت العلم أن تتخذه سلاحا تقاتل به كل من له عليك حق ، فان ذلك حق أُريد به باطل.
5. اعلم يا أخي إن كل ما حصل لك بواسطة مجالسته إثم فهو جليس سوء .
6. اعلم يا أخي انه كلما كثر علم العبد كثر حسابه، وكذلك القول في المال والعمر ، فيسأل العالم عن كل مسألة تعلمها هل عمل بها أم لا، وعن كل درهم اكتسبه هل فتش عليه من حيث الحل أم لا وهكذا .


ضريح سيدي عبد الوهاب الشعراني قدس الله سره.
رضي الله عنه وأرضاه ونور ضريحه وأمدنا بأسراره وأنواره آمين آمين آمين والحمد لله رب العالمين.

هوامش/
تلمسان: مدينة تقع غرب الجزائر وبها ضريح سيدي أبي مدين الغوث قدس الله سره

تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي سليمان بن أبي سماحة.


ضريح سيدي سليمان بن ابي سماحة بني ونيف ولاية بشار الجزائر

مولده ونسبه الشريف:

هو الفقيه الأديب المحدث العلامة الإمام القطب المربي الصوفي الشهير، العارف بالله تعالى والدال عليه : سيدي الشيخ أبو داود سليمان بن أبي سماحة البكراوي نسبه إلى جده سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه إزداد حوالي سنة 865 ه 1461م يقال عن مكان ولادته، قرب أربا، أو أكثر غربا ، نحو الشلالة الظهرانية ( الجزائر ) تعلم في طفولته في المركز الذي أسسه والده سيدي أبو سماحة رئيس البوبكرية، وفجيج التي أشرف عليها المعلمون الأدارسة، في هذين الموضعين اللذين يؤويان أشهر مؤسسات الناحية تعلم أصول الدين الشرعية ( القرآن الكريم، العقيدة الأشعرية، النحو، الحديث، التفسير، الفقه المالكي ).

اسفاره ورحلاته:

غادر سيدي سليمان ناحية مسقط رأسه للدراسة في المغرب، وإسبانيا المسلمة، إثنى عشرة سنة دراسة ومن عدة جهات من شمال إفريقيا ثم الأندلس ليتابع في غرناطة دروس مشائخ أجلاء كالشيخ سيدي خليل، وإبن أردون والعلامة السبكي وغيرهم، وأنه لجأ إلى فاس حيث كلف بالتدريس في جامع القرويين الشهير، مهمة أداها مدة سبع سنوات أجاد وأفاد.

زواجه:

تزوج سيدي سليمان من السيدة عائشة الشريفة بنت سيدي عبد الجبار الفجيجي، وهي من عائلة علماء أدارسة معروفة جدا في فجيج، ومن هذا الزواج ولد سيدي أحمد المجدوب جد المجادبة حسب الرواية كان سيدي سليمان في هذه الحقبة قد تزوج من إمرأة إدريسية أخرى تسمى السيدة المالحة سليلة سيدي عبد الرحمان الودغيري شرفاء بني ونيف أم سيدي محمد، وحسب بعض الروايات فقد تزوج من إمرأة أخرى من أحلاف تيوت قد تكون أم للا صفية جدة أولاد أنهار وهناك روايات عديدة تضيف سيدي التومي، المدفون قرب المكان الذي دفن فيه سيدي إبراهيم في الأبيض سيدي الشيخ، وعبد الله المتوفي في سن مبكر والمدفون قرب أبيه في بني ونيف ( الجزائر ).

إتصاله بعلماء وأولياء عصره:

جذبته الحركة الصوفية فزار الزوايا النشيطة للجنوب المغربي حتى إلتقى بالشيخ القطب سيدي أحمد بن يوسف الملياني شيخ الطريقة الشاذلية في عصره ونال مراده في فترة وجيزة " إثر قصة المذابيح " حيث إستقر غير بعيد من قصر بني ونيف، المكان المسمى الصالحين، أسس هناك زاوية علم فيها طريقة سيدنا أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه داعيا للإسلام يثقف الأهالي، كما أسلم على يديه عدد كبير من المسيحيين الإسبان، قابله جل المواطنين بالحفاوة والترحاب واستحق لقب " مذبوح سيدي أحمد بن يوسف " ونال مقدم في طريقته وجلب إليها " البوبكرية والقبائل الحليفة لهم، الرزاينة، أولاد زايد، العكرمة و حميان".

بعض ألقاب سيدي سليمان بن أبي سماحة :

سماحي، حمياني، بوداود، بودواية، أحمر اللحية، أحمر الشيب .
نعرف بأنه إشتغل كثيرا إماما وخطيبا صوفيا في فجيج، تعرض إلى مضايقات عديدة في القرية الصعبة المعاشرة أين يحتكر الأدارسة العلم منذ ما يقارب ستة قرون وأين كانت المجموعات الأثنية المتناثرة في صراع دائم، إلا أن أحسن مثال نجده لإعطاء فكرة عن الشهرة التي حظي بها، هو نقل الرأي النهائي لأهل فجيج في رواية سجلها " الهاشمي بن محمد " أنه " توفي سيدي سليمان في فجيج أين كان موقرا، قبل وفاته كانت قصور فجيج تتصارع على شرف إمتلاك جثته ... ".

أما " أ- مزيان " فإنه لا يتردد في الكتابة بكل بساطة في دراسته الشهيرة عن فجيج بأن " سيدي سليمان كان كبير الأولياء " . في الناحية .

وفاته :

توفي سيدي سليمان رحمه الله حوالي 945 هـ 1539 م عن عمر يناهز 80 سنة تحكي الروايات : أن سيدي سليمان أمر أن يوضع جسده بعد وفاته على بغلة يخلى سبيلها وفي المكان الذي تتوقف فيه يدفن، هكذا كان فدفن الولي الصالح في قرية بني ونيف ( الجزائر ) أعاد الله علينا من بركاته أمين.
تكملة الموضوع

ترجمة العلامة أبي العباس أحمد بن محمد المقري التلمساني



من أعلام الفكر العربي في الجزائر أثناء عهدها العثماني (930- 1246هـ/ 1514- 1830م) شخصية متميزة فكرياً، توزّع هواها بين أقطار العروبة مشرقاً ومغرباً، ولد في الجزائر، وهام بالمغرب الأقصى كما كبر وجده بالحجاز، وأحب (دمشق) وأهلها، والقاهرة ورجال علمها، حيث لقي ربه، وفي نفسه حنين إلى وطنه الأول (الجزائر) وشوق الرحلة إلى (دمشق) التي حالت دونها المنية، بعدما ارتوى صدره من أريج الأرض الطاهرة في البقاع المقدسة.

-----------------

إنه العلامة الأديب اللامع: أحمد المقري (986- 1041هـ/ 1578- 1631م) صاحب عملين فكريين جادين، بدأ بأوّلهما حياته في التأليف، وهو كتاب "روضة الآس العاطرة الأنفاس، في ذكر من لقيته من أعلام الحضرتين: مراكش وفاس"(1) وكان الثاني خاتمة مؤلفاته، عشية وفاته، وهو كتاب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب"(2).

-----------------


و(المقرْي) من أسرة علم بالجزائر، عاشت في قرية (مقرة) شرق مدينة (المحمدية) أي (المسيلة) حالياً، بنحو ثلاثين كيلو متراً، وهي لا تزال تنطلق هكذا (مَقْرَة) حتى اليوم، بسكون القاف، فشيوع نسبته إليها اليوم بفتح على تشديد القاف (المقّري) خطأ، لا مبرر له، غير جهل بضبط النسبة إلى القرية المذكورة، حتى في كتابات باحثين جزائريين منذ أوائل هذا القرن، مثل (الحفناوي) الذي بقي متردّدا فقال: "المقرّي بفتح الميم وتشديد القاف…

-----------------


وقيل بفتح الميم وسكون القاف لغتان… قرية من قرى تلمسان"(3) أو (الزاب) فنقل مكان القرية من جنوب الجزائر الشرقي إلى غربها غير واثق.

انتقل جد (أحمد المقري) الأعلى من (مقرة) قرب (المسيلة) إلى (تلمسان) وبها برز علماء أجلاء، في الأسرة، من بينهم عم (أحمد) العلامة (سعيد المقري) وفيها ولد المؤلف (أحمد بن محمد المقري) المكنّى (أبا العباس) سنة (986هـ/ 1578م) ودرس على أمثال عمّه السالف الذكر، وفي وقت كانت (الرحلة) إلى (العلم) من مكملات التكوين العلمي، انتقل (المقري) إلى (فاس) سنة (1009هـ/1600م) للدراسة، حيث لفت أنظار رجال العلم والسياسة، ومنهم الشيخ (إبراهيم بن محمد الآيسي) الذي اصطحب (المقري) من (فاس) إلى (مراكش) حيث قدمه للسلطان (أحمد المنصور الذهبي) الذي أجلّه، كما أعجب (المقري) به، مثلما طرب للجوّ العلمي في (مراكش) ورجاله، ولم يكد يعود إلى (تلمسان) سنة (1011هـ/ 1601م) حتى شرع يبرّح به الشوق إلى (فاس) ومناخها العلمي الزاخر، فسافر إليها سنة (1013هـ/ 1604م) إماماً ومفتياً وخطيباً ذا مكانة مرموقة، غير أن هناءه وراحته نغصهما عليه الجو السياسي، في الصراع بين أبناء السلطان (أحمد المنصور) على السلطة، بعد وفاته (1012هـ/ 1603م) فقرر الرحيل تاركاً أسرته بمدينة (فاس) في رمضان (1027هـ/ 1618م) متجهاً نحو الحجاز، لأداء فريضة الحجّ، فمر بوطنه، وتونس براً، ثم إلى (مصر) بحراً، ومنها إلى الحجاز، فوصل (مكة) المكرمة في ذي القعدة (1028هـ / 1619م) فاعتمر، ثم حجّ، وفكر في الإقامة، التي حالت دونها عوائق أشار إليها ولم يحدّدها، فعاد إلى (مصر) في شهر المحرم (1029هـ/ 1630م) حيث أعاد الزواج من (مصرية) وشرع يدّرس في (الأزهر).

-----------------


ومن (مصر) شرع يكرر رحلاته إلى البقاع المقدسة، فقال سنة (1029هـ/ 1631م) عن زيارته (مكة) و(المدينة) و(بيت المقدس) إنه زار مكة "خمس مرات، وحصلت بالمجاورة فيها المرات، وأمليت فيها على قصد التبرك دروساً عديدة… ووفدت على طيبة المعظمة ميمّماً مناهجها السديدة سبع مرات، وأطفأت بالعود إليها الأكباد الحرار، واستضأت بتلك الأنوار… وأمليت الحديث النبوي بمرأى منه عليه الصلاة ومسمع… ثم أبت إلى مصر مفوّضاً لله جميع الأمور، ملازماً خدمة العلم الشريف بالأزهر المعمور…

فتحركت همتي… للعودة للبيت المقدس وتجديد العهد بالمحل الذي هو على التقوى مؤسس، فوصلت أواسط رجب وأقمت فيه نحو خمسة وعشرين يوماً بدا لي فيها بفضل الله وجه الرّشد وما احتجب، وألقيت عدة دروس بالأقصى والصخرة المنيفة، وزرت مقام الخليل ومن معه من الأنبياء ذوي المقامات الشريفة"(4). ومن هناك اتجه إلى (دمشق) حيث سرّ كثيراً بأرضها وإنسانها، فدرّس (البخاري) ولقي الإعجاب وحظي بتقدير عوّضه ما عاناه في (مصر) فقرّر الانتقال إليها من (مصر) بتشجيع من رجال (دمشق) أنفسهم، فعاد إلى(مصر) للانتهاء من تحرير (نفح الطيب) وتصفية شؤونه فيها على نية السفر إلى (دمشق) لكن الأجل أدركه في (مصر) سنة (1041هـ/ 1631م) وروحه في (دمشق) التي قال فيها أعذب المشاعر، كمشاعر الحنين إلى وطنه، وهو القائل فيها "الاعتراف بالحق فريضة ومحاسن الشام وأهله طويلة عريضة، ورياضه بالمفاخر والكلمات أريضة، وهو مقرّ الأولياء، والأنبياء، ولا يجهل فضله إلا الأغمار الأغبياء"(5).

-----------------


وخلال رحلة الحياة الذاتية والروحية والعلمية، وجد (المقري) في (المغرب الأقصى) أولاً وفي (المشرق العربي) ثانياً المناخ العلمي الصحي الذي فتّق مواهبه الأدبية وإمكاناته العقلية فأثر في الحياة الدينية، خصوصاً في (فاس) و(دمشق) وأنجز ما يقرب من ثلاثين كتابا، من بينها كتابان دلالتهما مهمة، تعبيراً عن ميوله، وصلاته الفكرية، أولهما كما سبقت الإشارة: "روضة الآس العاطرة الأنفاس" وثانيهما: "نفح الطيب…".

بالكتاب الأول افتتح (المقري) حياته الفكرية والأدبية، وقد جاء من وحي المحيط العلمي الصحي الذي عاشه في (فاس) و(مراكش) فاختلط بعلماء البلد وفقهائه، وسياسييه، وأعجب بهم، كما أعجبوا به، فشرع يكتب كتابه هذا في (فاس) بعد لقائه بالسلطان المغربي (أحمد المنصور) للتعريف بمن لقيهم من علماء المدينتين (فاس) و(مراكش) ليكون الكتاب هدية للسلطان في النهاية.

شرع يكتب عمله وهو في (فاس) وتابعه بعد عودته إلى (تلمسان) سنة (1011هـ) لكنه حين عاد بالعمل جاهزاً إلى (فاس) سنة (1013هـ/ 1904م) كان السلطان المغربي، قد لقي ربه قبل ذلك بسنة. فبقي الكتاب هدية للمكتبة العربية في أكثر من ثلاثمائة وخمسين صفحة، عن رجال الحاضرتين المغربيتين الذين بلغ عددهم أربعاً وثلاثين شخصية، وتكفّل بالسهر على طبعه وإخراجه إلى الناس، الأستاذ: (عبد الوهاب بن منصور) مشكوراً.

-----------------



أما كتابه (نفح الطيب) فقد ختم به حياته، وأنجزه في (مصر) سنة (1038هـ/ 1628م) فقامت عليه شهرته، بمادته وأسلوبه، أما المحرّض على تأليفه فهو المحيط العلمي (الدمشقي) حين كان(المقري) مقيماً فيها سنة (1037هـ/ 1627م)، فلمس لدى القوم شغفاً علمياً، ووداً صافياً طاهراً استحوذ على فؤاده، فيذكر أن حديثه لهم عن (الأندلس) و(لسان الدين بن الخطيب) جعل أحد علمائهم (ابن شاهين) يطلب منه تأليفاً في الموضوع "كنا في خلال الإقامة بدمشق المحوطة، وأثناء التأمّل في محاسن الجامع والمنازل والقصور والغوطة، كثيراً ما ننظم في سلك المذاكرة درر الأخبار الملقوطة، ونتفيأ من ظلال التبيان مع أولئك الأعيان في مجالس مغبوطة، نتجاذب فيها أهداب الآداب، ونشرب من سلسال الاسترسال ونتهادى لباب الألباب… ونستدعي أعلام الأعلام، فينجرّ بنا الكلام والحديث شجون، وبالتفنن يبلغ المستفيدون ما يرجون، إلى ذكر البلاد الأندلسية، ووصف رياضها السندسية… فصرت أورد من بدائع بلغائها ما يجري على لساني، من الفيض الرحماني، وأسرد من كلام وزيرها لسان الدين بن الخطيب السلماني… ما تثيره المناسبة وتقتضيه، وتميل إليه الطباع السّليمة وترتضيه من النظم الجزل في الجدّ والهزل… فلما تكرر ذلك غير مرة على أسماعهم لهجوا به دون غيره حتى صار كأنه كلمة إجماعهم، وعلق بقلوبهم، وأضحى منتهى مطلوبهم، ومنية آمالهم وأطماعهم… فطلب مني المولى أحمد الشاهيني إذ ذاك، وهو الماجد المذكور، ذو السعي المشكور أن أتصدى للتعريف بلسان الدين في مصنف يعرب عن بعض أحواله وأنبائه وبدائعه وصنائعه ووقائعه مع ملوك عصره وعلمائه وأدبائه…" فحاول (المقري) الاعتذار لكن صاحبه يلحّ، فلم يقو على ردّ ملحّ لعزيز، فأقدم على عمله، وكله عزم وحزم، فقدم للمكتبة العربية مرجعاً هاماً، وتحفة أسلوبية ذات تميّز عربي، ببيانها على لسان أحد أبناء الضاد في (الجزائر) خصوصاً، وفي المغرب العربي عموماً.

فكان (المجلد الأول): عن (الأندلس) تاريخاً ومدناً وإنتاجاً، وطوائف وفتحاً، وأعلاماً، في السياسة، والفكر والدين والشعر والأدب، (في 704 صفحة).

وكان (المجلد الثاني) عن بعض "من رحل من الأندلسيين إلى بلاد المشرق" فشمل نحو (307 شخصية) بينما ضم (المجلد الثالث) "بعض الوافدين على الأندلس من أهل المشرق". والحصيلة أكثر من (475 شخصية) ويتلاحق ذلك في معظم صفحات (المجلد الرابع)، أكثر من (700 شخصية) متبوعة بحديث عن "تغلّب العدوّ على الأندلس واستغاثة أهلها معاصريهم لإنقاذها" في أكثر من (مئتي صفحة).

ثم يستأثر (لسان الدين بن الخطيب) بثلاثة مجلدات: (الخامس) و(السادس) و(السابع) عن أسلافه، ونشأته، ومشائخه، وصلاته بالملوك والأكابر، مع جملة نماذج مطولة من إنتاجه، نثراً وشعراً، ثم أولاده، وبعض صلاته الأخرى المختلفة.

وقد أفرد المحقق والناشر (المجلد الثامن) للفهارس المختلفة ذات النفع الكبير بالنسبة للباحثين، عرباً وأجانبَ.

فالكتاب صورة أدبية فكرية سياسية للأندلس التي أنجبت رجالاً واستقطبت أعلاماً، فبنت لها مجداً أتلفه (ملوك الطوائف) فسحقوه تحت (حوافرهم) صراعاً على المواقع و(المغانم).

لقد أحبّ (المقري) الأندلس وأديبها (ابن الخطيب) كما أحبّ (دمشق) وأهلها، مثل هيامه الروحي بالبقاع المقدسة، مهبط الرسالة المحمدية، مثلما بقي الشوق مقيماً في نفسه إلى وطنه (الجزائر) التي تنفس هواءها، مثل (فاس) التي وضعت قدميه على طريق المجد عالماً فقيهاً مصنفاً أديباً.

فكان علماً عربياً، بحسّ قومي تغلغل في أعماقه، وأنجز أعمالاً خدمت أمته وعبرت عن إمكانياته وظروف عصره سياسياً، وأدبياً.

-----------------


فإن بقي أول عمل له (روضة الآس) إحدى الخطوات الأولى الناجحة له في معاجم الأعلام، فإن آخر عمل له (نفح الطيب) صورة متوهجة، حية لآخر الأنفاس في (الأدب المغاربي) عموماً، و(الأدب الجزائري) خصوصاً قبل أن يتدحرج نحو الهاوية، في عصر (الظلمات) كما هو صورة في الوقت ذاته للمستويات الشعرية في الأندلس بهذا الفيض من النماذج التي أشبع بها المؤلف صفحات (النفح) التي بلغت أربعة آلاف وثمانمئة وخمسين صفحة (4850 ص) وهو تراث مشترك بين جناحي الوطن العربي (مشرقه ومغربه) له كله على (المقري) فضل، كما لهذا على وطنه الأكبر جميعه دين في تقدير جهده، المقرون بالحب والإخلاص. للذين يعطون أوطانهم بسخاء، من دون منّ ولا أذى.

هوامش

(1)- مطبوعات القصر الملكي، تقديم الأستاذ: عبد الوهاب بن منصور المطبعة الملكية، الرباط، 1383هـ/ 1964م).

(2)- من أهم طبعاته الطبعة اللبنانية، في ثمانية مجلدات، تحقيق الدكتور إحسان عباس، دار صادر، بيروت (1388هـ/ 1968م).

(3)- أبو القاسم الحفناوي، تعريف الخلف برجال السلف، ص: 2، ص:58، المكتبة العتيقة، تونس (1405هـ/ 1985م).

(4)- أحمد المقري نفح الطيب، تحقيق: د. إحسان عباس، ج1، ص: 56- 57.

(5)- المرجع نفسه، ص:68.


تحميل كتاب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب" بكامل أجزاءه

تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |