من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

حمل كتاب سفينة السكينة بتراجم كبراء التجانيين بقسنطينة

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 
 


كتاب: سفينة السكينة بتراجم كبراء التجانيين بقسنطينة.

ترجمة المؤلف:

هو الشريف المقدم الكبير صاحب التصانيف العالم المحقق الفهامة المدقق سيدي محمود بن محمد بن محمود ابن المطماطية رضي الله عنه، فقيه صوفي وأديب نحوي، وعالم جليل من أجلة أعلام الطريقة التجانية في عصره، ولد رضي الله عنه بمدينة قسنطينة "شرق بلاد الجزائر"عام 1298هـ ، من أسرة حسنية إدريسية، يرتفع نسبها الشريف للشيخ القطب المولى سيدي عبد السلام بن مشيش قدس الله سره، دفين جبل العلم بقبيلة بني عروس، إحدى قبائل منطقة جبالة بالمغرب الأقصى.

تلقى العلم عن جماعة من أكابر علماء بلده، فتفوق في تحصيله تفوقا عجيبا، و كان آية في الفهم و الحفظ و الإستيعاب و الإتقان، أخذ الطريقة التجانية عن القطب المكتوم سيدي الحاج علي التماسيني رضي الله عنه و تهذب بها أيما تهذيب، و ألف فيها عشرات المؤلفات القيمة الزاخرة بالمعارف و الفوائد و الفرائد، و هي كثيرة تزيد على 200 مصنفا، منها سفينة السكينة بتراجم كبراء التجانيين بقسنطينة، و أنياب القسورة لكسر عظام من حرَّف الجوهرة، و أشرف الأوصاف في التعريف بأهل عين ماضي الأشراف، وجلائل العلوم في رسائل و نصائح القطب المكتوم، و دلائل الحق المتينة في الرد على من أنكر طريقتنا بقسنطينة، و يا حبيب الرحمن إياك ونزغات الشيطان و غيرها...

توفي رضي الله عنه عام 1371 هـ - 1952م.
 

رابط التحميل

هنـــــا
تكملة الموضوع

حمل كتاب القول الأعم في بيان أنساب قبائل الحشم

كتاب القول الأعم في بيان أنساب قبائل الحشم للعلامة الشيخ الطيب بن المختار الغريسي المختاري، متبوع بكتاب شرح المنظومة المسماة بغية الطالب للعلامة سيدي عيسى بن موسى التيجيني الغريسي شرحها العلامة سيدي محمد الأعرج الغريسي الفاسي المتوفى في فاس في نحو سنة 1340.

للأمانة الكتاب هذا منقول عن منتديات الجلفة و يعود الفضل في ذلك أولا الأخ المرابط التلمساني ، جزاه الله كل خير وثانيا لصاحب الموقع الذي والله أعجز عن إيجاد الكلمات لأوفي له حقه وليست هذه مجاملة مني أو إشهارا مني للموقع حاشا لله بل هي الحقيقة فمنتديات الجلفة غنية عن كل تعريف وهي معلم ومرجع لكل طلبة العلم في وطننا العربي الكبير.

فجزى الله كل القائمين عليها ونفع الله بهم لما يبذلونه في نشر العلم...

ملاحضة/

الكتابان تم طرحهما بصيغة (TIFF) وقد قمت باستخراج "Extracting" صورهما إلى صيغة (PNG) لتسهيل قراءتهما.

الكتاب الأول: القول الأعم في بيان أنساب قبائل الحشم
الحجم: 4,04 Mo




الكتاب الثاني: شرح المنظومة المسماة بغية الطالب
الحجم: 6,59 Mo



تكملة الموضوع

حمل مخطوط العقد النضيد في نسب البوازيد

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه صلاة تكون لنا طريقاً لقربه، وتأكيداً لحبه، وباباً لجمعنا عليه، وهدية مقبولة بين يديه، وسلم وبارك كذلك أبداً، وارض اللهم عن آله وصحبه السُعدا، واكسنا حُلل الرضا، و ألطف بنا بلطفك في القضا.

*.*.*

مخطوط "العقد النضيد في نسب البوازيد" للعلامة الشيخ سيدي عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن البُزيدي قدس سره، أضعه اليوم بين أيديكم وذلك بناءا على رغبة وطلب من بعض الإخوان، وادعوا الله تعالى أن ينتفع به الجميع.

*.*.*



جاء في مقدمته بعد البسملة والصلاة والسلام على سيد الأنام وآله وصحبه الكرام ما يلي:

يقول أفقر العبيد إلى عفو مولاه الفتى عبد الله بن احمد بن عبد الرحمان البُزيدي عامله الله بلطفه الخفي، آمين، الحمد لله الذي اوجب على الكافة تعظيم ذرية نبيئهم وفرض حبهم على الأمة وطهرهم من الأرجاس والأدناس وميزهم بأنهم الحائزون لقصب السبق في كل كمال ومضمار واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له الكريم الغفار اشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله النبي المختار صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه صلاة وسلاما تتعاقبان تعاقب الليل والنهار قطعت براهين علومهم وشرفهم حجج كل مكثار ومهدار... أما بعد فقد طلب مني بعض إخواننا الأشراف جمع هذا الكتاب في بيان الأشراف ونسبهم .....

إلى أن يقول:

قال كاتب النسخة التي نقلت منها تمت بحمد الله وحسن عونه على يد الفقير لربه أسير ذنبه محمد العيد بن الأعجال البزيدي، غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين والمسلمات أمين، في 13 جمادى الثانية عام 1347 هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية آمين.
انتهى على يد كاتبها عبد ربه اضعف الورى وخديم الفقراء مختاري محمد ابن القاسم بن بولانوار نجل الشيخ المختار الجلالي اخذ الله بيده في الدارين آمين نسختها إلى أخينا ومحبنا في الله الصديق المحترم صغيري الحاج عبد الجبار بن السيد احمد ابن رميلة البزيدي صاحب زاوية القصيعات الكائنة.....



*.*.*


اللهم صل على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء، وارحم سيدنا محمداً و آل سيدنا محمد حتى لا يبقى من الرحمة شيء، وبارك على سيدنا محمد على آل سيدنا محمد حتى لا يبقى من البركة شيء، وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد حتى لا يبقى من السلام شيء.
تكملة الموضوع

حمل كتاب السلسلة الوافية و الياقوتة الصافية للعشماوي



كتاب السلسلة الوافية والياقوتة الصافية في أنساب أهل البيت المطهر أهله بنص الكتاب، وهو الكتاب الثاني من مجموع النسب والحسب ، للشيخ الإمام أحمد بن محمد العشماوي ثم المكي ( أحمد بن محمد بن أبي القاسم بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد العشماوي ثم المكي رحمه الله تعالى).

الكتاب هام ونادر جدا ذو قيمة تاريخية لا تقدر بثمن أنصح الجميع باقتنائه خاصة من له اهتمام بعلم التراجم والأنساب ولأهميته وحفاظا على هذا الكنز قمنا برفعه على أكثر من سيرفر ...




للأمانة الكتاب هذا أول من قام بنشره على الشبكة هي منتديات الجلفة ويعود الفضل والسبق في ذلك لمدير الموقع بارك الله فيه وفي أولاده واجزيه اللهم عنا وعن كل من قرأ حرفا فيه كل الخير والبركة ووفقه إلى ما تحبه وترضاه بجاه سيدنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم تسليما.
تكملة الموضوع

حمل كتاب عقد الجمان النفيس في ذكر الأعيان من أشراف غريس



مقدمة: أهمية المخطوط ومحتواه وهي دراسة توثيقية للأستاذ معاشو بووشمة...
باحث أكاديمي متخصص في مجال الأنساب / جامعة الجزائر
المعروف باسم محمد البوخاري جزاه الله كل خير ونفع به.

عنوان الكتاب: عقد الجمان النفيس في ذكر الأعيان من أشراف غريس
تأليف الشيخ العلامة : سيدي أبي زيد بن عبد الرحمن بن عبد الله التوجينّي
(ق 11 هـ / 17 م)
مطبعة: دار الخليل القاسمي للنشر والتوزيع بوسعادة (ولاية المسيلة)


 مصادر الأنساب والتراجم في الجزائر

تعتبر منطقة غريس من أكبر وأغنى السهول شرق ولاية معسكر(الراشدية) والمحصورة بين تيارت الرستمية وسهول الوانشريس بما فيها نهر شلف غرب الجزائر ، ويعتبر موقعها الجغرافي - المتميز- منطقة خصبة وآمنة أغرت الكثير بالهجرة إليها في فترات تاريخية متعاقبة ومختلفة .ففر إليها أكثر مسلمو الأندلس بعد طردهم منها ، وهاجر إليها بعض سكان تلمسان كما سنرى في المخطوط الذي نتناوله بالدراسة .زيادة على أن منطقة غريس يسكنها بقية باقية من عرب الفتح القدامى أو ما يسمى الحشم ومن بينهم القرشيون المسمون الأجواد.

ويشكل المخطوط أهم مصادر الأنساب - الأكثر ثقة- باعتبار منهجيته واعتماده على مصادر موثوقة .وباعتبار مؤلفه المتوفي سنة1098 وهو تلميذ أغلب الذين ترجم لهم.قريب العهد بمن يوثق لهم وبالمرحلة التي يؤرخ لها ولعلمائها ، ونظرا لاعتاده مصادر معروفة لديهم وهي نادرة ومفقودة اليوم .نذكر على سبيل المثال لا الحصر نقله عن عثمان بن عيسى جد شيخه دح بن زرفة وهو نسابة موثوق ومحقق إن صح التعبير.

والمؤلف يعتمد منهجية- حسب السائد- معروفة فيذكر مصادره ومرجعياته، ويقلب الموضوع في كل أوجهه، وحين يشكل عليه الأمر يعرضها كلها على القارئ ولكي نحيط بجميع مواضيع المخطوط وجوانبه التوثيقية نفكك ونركب أهم جوانبه كما يلي:

أولا: عقد الجمان الكتاب والمؤلف



عنوان الكتاب: ذكره ابن سودة المري بهذا العنوان في دليل مؤرخ المغرب(1 ).عقد الجمان النفيس في ذكر الأعيان من أشراف غريس.وذكره الشيخ محمد الأعرج الغريسي :"عقد الجمان النفيس في ذكر الأعيان من أشراف غريس"( 2). ثم الشيخ أبو راس الناصري المعسكري (3 )الذي وضع عليه شرحين فيسميه "شرح العقد النفيس في ذكر الأعيان من أولياء غريس"(4 ) وشرح آخر هو في الأصل شرح على شرح يسمى" فتح الرحمن بشرح عقد الجمان" (5 )كاتبه هومحمد الجوزي المزيلي الراشدي( 6) فوضع عليه الناصري شرحا سماه "شرح الجمان للشيخ عبد الرحمن"( 7) . ويكتب مختصرا عقد الجمان النفيس .بيد أن إبن سودة ذكر للناصري شرحا آخر سماه "إيضاح الغميس وأنوار البرجيس بشرح عقد الجمان النفيس"( 8) كما يذكر مختصرا في سلسلة الأصول للشيخ حشلاف، وتعريف الخلف برجال السلف للشيخ الحفناوي.وحتى علماء غريس والمؤرخين ممن اهتموا بموضوع التراجم وكتبوا في الأنساب فيختصرونه بقولهم العقد تارة ويحيلون إليه كاملا في أخرى مثل قول الشيخ الطيب الغريسي المختاري في القول الأعم "..وترجمة جدهم في العقد.." ( 9) وقوله في ترجمة أولاد عبد القادر بن المختار أسلاف الأمير عبد القادر الجزائري "..وهو أحد رجال العقد.." (10 ). أما الكتاب فهو مخطوط في ملكية الكثير من الناس والخزانات وقد نشربدون تحقيق وباختصارات مخلة في عدة كتب معروفة ماعدا نشرة دار الخليل القاسمي ونتعرض لها لاحقا.

-الأول: تعريف الخلف برجال السلف لأبي القاسم الحفناوي الجزء الثاني صفحة 231.ونعتبره الأقرب الى الكتاب الأصلي وياتي لاحقا تفصيله.

- الثاني: سلسلة الاصول في أبناء الرسول للقاضي الشيخ علي حشلاف صفحة109.عليه زيادات ولنا عليه ملاحظات نعود اليها في مناسبة خاصة.

- الثالث: نشر مقتطفات منه في شرح المنظومة بغية الطالب للعلامة عيسى بن موسى التجيبي الغريسي والتي شرحها محمد الأعرج الغريسي و نشرت ضمن مجموع الحسب والنسب للهاشمي بن بكار الغريسي قاضي معسكر صفحة 380 وما بعدها.

- الرابع: منشور مترجما إلى اللغة الفرنسية في المجلة الإفريقية سنة 1891.

الخامس: أما الخامس فهو أحسن إخراجا ودراسة إلى حد الآن فقد قامت به مجموعة دار الخليل القاسمي للنشر والتوزيع وهو عمل جيد فيما يبدو وللإشارة فقد نظمه الشيخ شعيب الجليلي قاضي تلمسان في رجز نشره حشلاف ضمن سلسلة الأصول لمن أراد الإطلاع عليه.

تبقى مشكلة الكتاب أنه لم يحقق تحقيقا علميا دقيقا – أعمل عليه- رفقة دراسة يمكن اعتبارها مواصلة عمل المؤلف بالمراكمة على جهوده، وذلك عن طريق محاولة سد الفراغ في الهوية الوطنية – الذي خلقه المستعمر بابتكار اللقب العائلي- ووصل الأنساب الحالية بتلك الضائعة أو المدفونة في كتب النسب .لذلك يذهب أغلب عملي إلى تسجيل أو ربط الأجيال الحالية بالماضية وعدم التوقف في التاريخ الذي توقف فيه المؤلف.

المؤلف:

يقول ابو القاسم سعد الله معرفا بهذا الكتاب "...وحوالي القرن الحادي عشر ألف عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد التجاني رسالة في صلحاء ناحية غريس قرب معسكر سماها ( عقد الجمان النفيس في ذكر الأعيان من أشراف غريس ..وقد تناول هذه الرسالة بالشرح عدد من المعاصرين لها والمتأخرين، منهم أبوراس الناصر الذي عاش في نفس المنطقة واطلعنا على شرح لهذه الرسالة قام به محمد الجوزي بن محمد الراشدي المزيلي سماه ( فتح الرحمن في شرح عقد الجمان ) . وقد أخبر المزيلي أنه لقي مؤلف العقد فسلمه نسخة منه وكلفه بشرحه بعد تردد . ويبدو أن العلاقة بين الرجلين كانت علاقة الشيخ بتلميذه فقد جرت العادة أن لا يشرح الند لنده ، إلا إذا كانا متفاوتين سنّاً ، ومع ذلك فإن المزيلي لم يخبر أنه كان تلميذاً للتجاني ولا يذكره بألفاظ توحي بذلك ،وإنما أخبر أن ( عقد الجمان ) قد أعجبه وشعر بأهميته فتاقت نفسه إلى شرحه...ومهما كان الأمر فإن محمد المزيلي قد أوضح خطته في شرحه منذ البداية فقال إنه وشحه بأحاديث رائقة ، وقصص لائقة وأخبار فائقة ، وختمه بتكميل ذكر فيه الخلفاء الأبرار والملوك والثوار ، في كل النواحي والأقطار..." (11 ) وعليه فيبدو ان لااحد من المؤلفين يستطيع ان يقدم ترجمة ولو مختصرة للمؤلف وحتى شارحه.اما نسبه فقد تلاعبت به ايدي لا علاقة لها بهذا العلم فقال كل من شاء ما شاء.

مضمون الكتاب:

يعرف الكتاب في مجمله بتراجم علماء غريس في القرن الحادي عشر ويرصد أنسابهم محاولا تدقيقها والتثبت منها و تفصيل معطياتها حسبما توافر لديه من مرجعيات أو ما هو متداول علميا حسب المنهجية والشروط التي يلتزم بها كتاب تلك الفترة .ويقدم الكتاب معلومات ضافية حول بعض الزوايا والشيوخ والتلاميذ، كما يعرض معلومات وافرة حول الكتب المؤلفة وتلك التي كانت تدرس في تلك الفترة مما يساعد على استخراج نوع الدراسات والمناهج المتبعة في التدريس.وهي كلها معلومات ذات قيمة توثيقية للحياة العلمية في تلك الفترة.مما يجعل له قيمة تسجيلية وأنثروبولوجية لدراسة المجتمع الجزائري في تلك الفترة من التاريخ والهوية الوطنية.

الكتاب و المؤلف محاولة تعريف ثانية:

1- نسب المؤلف :

المؤلف شريف النسب ،وقد وقع الكثير من المؤلفين- من المتأخرين- الذين علقوا على كتاب العقد في وهم النسبة إلى الأرض(الموطن) فظنوا أن التجاني هو نسب المؤلف، ومنهم على وجه الخصوص الدكتور أبو القاسم سعد الله .بينما الأصح أن نسب المؤلف مختلف تماما وسمي التجاني نسبة الى البلد او المنطقة التي سكنها وفيما يلي من السطور إثبات نسبه الشريف.

قال الشيخ الطيب بن المختار الغريسي في القول الأعم في بيان انساب قبائل الحشم "...ومنهم اولاد سيدي العيد ويعرفون الأن ببني ماقضة والأشهر أنهم من بني العباس بن عبد المطلب والجد الذي يجمع هذه القبيلة سيدي أحمد بن محمد وكان مشهورا بالخير والصلاح معتقدا في عصره وحبس عليه معاصروه عقارا كثيرا من جملته وطن عين الزيتون الذي هو الآن بيد أولاد سيدي عطاالله وولده السيد أبو زيد هو الذي ألف عقد الجمان النفيس وحفيده سيدي العيد ابن أبي زيد كان مشهورا بالشجاعة معروفا بالرماية وأخباره في ذلك كثيرة ومئاثره في حروب سبانيول وقت إقامته بوهران شهيرة وقد إنتقل سيدي أبو زيد هذا لضيم أدركه من بعض الظلمة واستوطن بلاد المحال قرب واد مينة وعقبه بها يعرفون بأولاد أبي حواء ..." (12 ) ويقول بن عودة المزاري في طلوع سعد السعود " وأما الوناونية فنسبة لجدهم ونان بن العيد ،وأصلهم من بني ماقضة وهم أولاد سيدي العيد من التجاجنة من أهل غريس ..." ( 13).

وقال أبي راس الناصري في عجائب الأسفار ولطائف الأخبار "...من بين علمائهم ...الشيخ أحمد بن محمد وولده عبد الله ثم حفيده الشيخ أبو زيد بن عبد الله وهذا كان معاصرا للباشا شعبان الزناقي وتوفي سنة 1098للهجرة النبوية..." (14).

وفي وثائق زاوية الهامل العريقة وبعض شيوخها، وحتى شيوخ البوازيد يعد (سيدي العيد )هذا من البوازيد-أولاد أبي زيد- الأشراف الأدارسة ففي وثائقهم في تعداد فروعهم "...منهم أولاد سيدي العيد في غريس..." (15 ).

والمعروف المشهور في مناطق الغرب الجزائري أنه لاتطلق كلمة سيدي إلا على الشريف وفي النادر المرابط .لاعتقادهم السائد حينها بأن الولاية الدينية كثيرا ما تقتصر على أهل البيت.ولرفعة هذا النسب أيضا ومنه- والخبر أو الادعاء قد حفته القرائن أولا ومتفشي بين الناس إنتسابهم للدوحة النبوية ثانيا وهي أمور يقطع بها في النسب على ما قال علماء هذا العلم- نستنتج أنه شريف النسب وإنما سمي التجيني نسبة إلى أرض بني توجين والتي هي غريس.لكننا نرجح أنه من بني العباس بن عبد المطلب كما قال الغريسي الأقرب منهم ،ولإحتمال وجودهم رفقة جموع العرب ضمن قبائل الحشم الغريسية.ويدعمه أيضا قرينة – قد تكون باهتة- هي وجود أيضا فريق من الحشم في السوس المغربي ، والمعروف أن بالسوس الكثير من بني العباس وعلماؤهم هناك كثرة وتكفي إطلالة سريعة على كتاب المختار السوسي المعسول للتحقق من ذلك.

2- الكتاب

وهذا هو الكتاب كما وصفه ونقله - لخصه- الشيخ الحفناوي في الجزء الثاني بداية من الصفحة 431.

فقال: فائدة "عقد الجمان النفيس " إسم لأربع ورقات كبار (من الجرم النصفي) قال فيه مؤلفه، ولا نذكر إن شاء الله في هذا الديوان إلا من ثبت شرفه عند أهل القرن الحادي عشر فممن ثبت له في هذا الامر نسبه، وصفا له مشربه السيد الفاضل لمولى الكامل ابو عبد الله بن عبد الرزاق ،اخذ عن ابن غازي محشي المختصر وغيره من علماء فاس واخذ عنه كثيرون واجازهم وذكر له كرامات الى ان قال: ومنهم ذوي المزايا الجميلة والمناقب الجليلة السيد ابو الحسن علي بن عبد الجبار الفجيجي، من ابناء عبد الجبار بن عمرو بن سالم بن عبد الجبار بن فرج بن محمد بن احمد بن عبيد الله بن ادريس بن ادريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن ابي طالب كرم وجهه ورضي عنه.

ومنهم العالم الجليل الرئيس النبيل النحوي اللغوي الحيسوبي الفرضي الموحد المحدث الامام السيد ابو محمد بن عبد القادر بن احمد أي المعروف بابن خدة بن محمد من ابناء عبد القوي، وانظر هل هو عبد القوي بن علي بن احمد بن عبد القوي بن خالد بن يوسف بن احمد بن بشار بن احمد بن محمد بن مسعود بن طاووس بن يعقوب بن عبد القوي بن احمد بن محمد بن ادريس، او هو عبد القوي بن عبد الرحمن بن ادريس بن اسماعيل بن موسى بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن الحسين بن علي كرم الله وجهه، والذي يظهر الاول ولكليهما عقب، وللاول تلامذة ، الكثير منهم الف في التوحيد وغيره،ويعتمدون على ما في حاشيته على الصغرى، ويعبرون عنه بشيخنا ابو محمد عبد القادر بن خدة الراشدي، وقبره معروف رضي الله عنه وارضاه وجعل دار السلام مأواه.

اقول: واليه ينتهي الأمير عبد القادر وعائلته واقاربه، اذ هو عبد القادر بن محي الدين بن مصطفى بن محمد بن المختار بن عبد القادر بن احمد بن عبد القادر بن محمد بن عبد القوي كما مر في ترجمته فاعرفه.

ومنهم عبد الرحمن بن عيسى بن عثمان بن عقيل بن احمد بن محمد بن احمد من ابناء راشد بن يحيى بن علي بن حمود بن ميمون بن علي بن عبد الله بن عمر بن ارديس بن ادريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن،تفقه على الشيخ عبد القادر بن خدة ،والشيخ ابي علي والشيخ محمد بن علي ابهلول المجاجي وعنه اخذ الطريقة.

قال: واخبرني ان يحيى ابا راشد هذا مات قتيلا، وترك الحسن، وادريس وعليا ويوسف وعامرا،وراشد في بطن امه نفلما وضعته بقرب موته وكبر ، فسكن عامر مع البرابرة في كرسوط ، وبه توفي عن ابناء يسمون الان ابناء عامر ونحا راشد نحو هوارة وتزوج منهم بامراة ولدت له احمد وابراهيم وانتقل ابراهيم الى طنجة ،وبها اولاده سيدي ابراهيم الراشدي وبقي احمد في موضعه الى ان مات عن اثنى عشر ولدا،وهم اصول بني راشد ،وبهم سميت معسكر وضواحيها الراشدية ،وقد وقفت على النسب المذكور والخبر المتصل به بخط العالم الشهير الولي الكبير سيدي عثمان بن عيسى جد الشيخ عبد الرحمن ،وله رحمه تلامذة منهم السيد عبد الرحمن الدرعي،والسيد محمد بن حسنا وقبره براس الماء معروف ومعه تليمذه الدرعي وهو اول من دفن معه.

ومنهم صدر الاصفياء وزبدة الاولياء الولي الكبير شيخنا الكبير شيخنا ابو الحسن علي المشهور بالشريف،سكن قرية معسكر ، وكان امام مسجدها المعروف بمسجد سيدي علي الشريف جمع الله له بين الشريعة والحقيقة ، مجاب الدعوة واكن بينه وبين شيخنا عبد الرحمن بن زرفة مودة عظيمة ، وسمعته يقول لابن زرفة انت شريف الاصلين وقرأت عليه ما وجدته بخط سيدي عثمان بن عيسى جده وفيه نسبه ونسب غيره لكثرة اظلاعه وكنت اعتقد انهم من ابناء محمد بن ادريس.انتهى

واخبرني انه وقف على ذلك في كتاب الشيخ محمد بن احمد النفراوي وله ذرية وقبره بناحية وادي الحمام من احواز معسكر.

ومنهم الشيخ ابو يعقوب يوسف بن علي من ابناء يوسف بن علي بن عامر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن احمد بن محمد بن احمد بن حمود بن ميمون بن علي بن عبد الله هكذا في اصل صحيح يعتمد عليه.

تفقه فيما يكفيه على الشيخ محمد بن علي ابهلول وعنه اخذ الطريقة وكان فاضلا عابدا ورعا كثير الصوم قليل النوم وكان بينه وبين السيد ابي جلال المشرفي (من ذرية سيدي يوسف بن عيسى الشريف الحسنس علةى ما وقفت عليه من الوثائق للعلماء) ما يسوءه ثم اصلح بينهما.
ومنهم السيد ابو عمرو عثمان بن عمرو من ابناء مسعود بن عبد الله بن بن سعيد بن ابي القاسم بن عبد الجبار بن عثمان بن عمر بن سالم بن عبد الجبار بن فرج ،مشهور بالزهد والورع ،كان يرعى معزه بنفسه مخافة وقوعه في زرع الغير ،وعند موته بكت امه فقال لها :انفعك بعد موتي كما كنت انفعك في حياتي،تاتي الى قبري وتحثيني فاحدثك،ففرحت وبعد مدة جاءته شاكية فكلمته فلم يجبها، ورجعت اليه مرارا نحو الاحد عشر يوما نثم كلمها يا امي لا تقولي وعد واخلف ،فاني لما اوقفني الله بين يديه الهمني حسن الجواب ،ولم يكن علي ذنب لمخلوق بحفظه سبحانه سوى اني كنت مجتازا ذات يوم فتعلق بي شيئ من الزرب بحيرة فلان سماه لها، فرميته ببحيرة فلان سماه ايضا ،فشدد علي بعدله تشديد الملوك على وزرائهم ،ثم عفا عني بمحض فضله .له عقب وقبره قريب من قرية اولاد علي بن صناج.

ومنهم ابو عمرو عثمان بن زيان المشهور بالصنهاجي ،ذكره سيدي عيسى بن موسى بقوله وللشيخ عثمان بن زيان والذي...... يلقب بقدار لأعلى المراتب اتحفه الله بنسل صالحين مؤلفين في النحو والتوحيد والفقه وقبره بقرية اولاد علي بنص ناج.

ومنهم السيد ابو موسى ،طود عظيم في الزهد والورع ،بدا بذكره السيد عيسى بن موسى في نظمه ،ولا عقب له قال وعليه يكون الاقتصار روما للاختصار.

الهوامش:

( 1 ) ابن سودة المري دليل مؤرخ المغرب.ص- 76.
(2 ) محمد الاعرج الغريسي شرح بغية الطالب المنشورة ضمن مجموع الحسب والنسب للهاشمي بن بكار.ص380.
( 3) ابوراس محمد الناصري المعسكري من علماء معسكر صاحب التاليف العديدة منها في النسب والتاريخ والفقه ولد بمعسكر وتوفي بها سنة 1233.
( 4) محمد ابي راس الناصري فتح الاله ومنته ص-180.
( 5) توجد منه نسخة في ملكية الشيخ بشير محمودي في أكثر من 400 صفحة ونسخة في ملكية الشيخ بلقاسم ضيف . وذكره المختار الغريسي بهذا العنوان ايضا كما ذكره ابو القاسم سعد بنفس الاسم ويبدو انه اطلع على نسخة منهكما سياتي.
( 6 ) هو محمد بن عبد الرحمن ويسمى الجوزي وله مؤلفات اخرى في الفقه والراشدي نسبة لمعسكرقلعة بني راشد .
(7 ) فتح الإله مرجع سابق ص-180.
( 8) دليل مؤرخ المغرب .مرجع سابق ص- 76.
( 9 ) القول الأعم في بيان أنساب قبائل الحشم.ص-332.
( 10 ) المرجع نفسه 337.
( 11) ابو القاسم سعد الله ، تاريخ الجزائر الثقافي (2/129).
( 12 ) القول الاعم مرجع سابق.ص-336.
( 13) بن عودة المزاري طلوع سعد السعود في تاريخ مخزن وهران .ج2.ص-341
( 14 ) ابو القاسم سعد الله ، تاريخ الجزائر الثقافي (2/129).
( 15 ) وثائق مخطوطة خاصة بالبوازيد.



تحميل الكتاب ولأهميته وكثرة الطلب عليه قمنا بإعادة رفعه مرة أخرى
تكملة الموضوع

ترجمة العلامة الشيخ سي عطية مسعودي (مفتي أولاد نائل)


هو الشيخ الكامل و الإمام العارف الفاضل عطية ابن مصطفى مسعودي الإدريسي الحسني ( نسبة إلى إدريس الأكبر و إلي الحسن السبط ) ابن على بن أبي طالب كرم الله وجهه و هو من قبيلة أولاد نائل.

ولد بالبادية قرب زاوية الجلالية على مشارف مدينة الجلفة سنة 1900 م ، من أسرة كريمة عريقة في المجد، و نشأ نشأة صالحة في عائلته بين أبيه و إخوته.

ختم القرآن الكريم و حفظه و عمره لا يتجاوز تسع سنوات على يد أخيه الأكبر العلامة سي الهادي، أستاذ الزاوية المذكورة، وأخذ عنه بعض المبادئ في العلوم الدينية ثم إنتقل إلى زاوية الشيخ عبد القادر بن مصطفى طاهري مؤسس زاوية الزنينة (الإدريسية حاليا) و درس عنده علم التوحيد و الفقه.

اتصل به الشيخ نعيم النعيمي و لزمه سبع سنوات كانت كلها دراسة و بحثا في علوم الشريعة الإسلامية و قد كانت فترة ذهبية للتزود بالمعرفة.

سياحته:

دفعته رغبته في طلب العلم إلى السفر إلى مختلف جهات القطر الجزائري حيث درس في زوايا بلاد القبائل وقرر الذهاب إلى جامع الزيتونة بيد أن ظروف الحرب منعته من ذلك.

ثم عاد إلى العاصمة و درس عند العلامة عبد الحليم بن سماية مفتي العاصمة في العشرينيات ( أحد تلاميذ الشيخ محمد عبده) الذي كان يتجوّل يوميا بين أحياء العاصمة ممتطيا فرسه لإلقاء دروس في فنون مختلفة على الطلاب في مساجد العاصمة، فكان الشيخ عطية مسعودي من بين أولائك الطلبة الذين يحضرون تلك الدروس.

مكث أكثر من سبع سنوات عند عائلة سيدي محي الدين أولاد الباي حيث كان يذكرها دائما بكرم الضيافة و حسن الرعاية ، و انتقل إلى زاوية الشيخ عبد القادر الحمامي و درس بها . و اجتمع بالعالم الأصولي الشيخ بن اشيط أثناء رجوعه إلى مدينة الجلفة توقف بالبليدة ليحضر دروس الشيخ الفقيه سيدي محمد بن جلول حيث تعلم منه الكثير.

تولّى التدريس بالمدرسة الحرة الوحيدة بمدينة الجلفة التابعة لجمعية العلماء المسلمين بتاريخ افتتاحها سنة 1943م، و حضر له بعض الدروس الشيخ عبد الحميد ابن باديس، و قد أُعجب الشيخ الإمام أيّما إعجاب بأدب و ذكاء أستاذنا حيث التمس منه أن يقترح له عنوان المحاضرة التي يريد إلقاءها على مسامع الجمهور الحاضر ، فاقترح أستاذنا على الشيخ الإمام قول الله تبارك و تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرّقوا" فقال له الشيخ بن باديس : بورك في اختيارك لهذه الآية الكريمة.

عين إمام خطيبا بالمسجد الكبير بالجلفة و أسند له بعض المجاهدين في جيش التحرير الإفتاء و القضاء بين الناس في تلك الفترة ( إبان الثورة التحريرية ) و استمر في القضاء حتى الفترة الانتقالية لتشكيلة الحكومة.

مراسلاته:

كانت له اتصالات و مراسلات مستمرة مع شيوخ الزوايا و العلماء منهم من لحق بالرفيق الأعلى و منهم من ينعم بالصحة و هؤلاء منهم :الشيخ سيدي المختار بن علي حسني بوشندوقة الحمدي الذي كان قاضيا بمدينة البيض، و الشيخ بلكبير بأدرار و الشيخ بيوض ( شيخ المذهب الإباضي ) و الشيخ عبد القادر عثماني بزاوية طولقة و شيخ زاوية الهامل و الشيخ الطاهر العبيدي (الذي أجاز الشيخ سي عطية لما زار مدينة الجلفة) و شيوخ الزاوية التيجانية و الشيخ الصالح ابن عتيق و ابن أشبط و الشيخ الرابحي مفتي مدينة البليدة و الشيخ الزبير بالبليدة أيضا و الشيخ سي أحمد الخطابي و بعض علماء باكستان و الأزهر الشريف و العراق .

وقد استشهد به الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في عدة محاضرات.

توفي أسبغ الله عليه رضاه يوم الأربعاء بعد صلاة الفجر لسنة 1989 م يوم 27 من شهر سبتمبر ، و ترك وراءه مكتبته الخاصة و التي تحتوي أكثر من ألف عنوان، ومن عينات شعره ديوانه قصيدة "الأخبار المذاعة في أشراط الساعة" و كذا "القصيدة المزدوجة" في علم الكلام أي فن التوحيد، و قصيدة "نصيحة الشباب و حلية الآداب " التي تحوي نصائح عالية و توجيهات غالية... وبعض المؤلفات التي ستطبع مستقبلا منها : - باقات من الشعر - مجموعة أحاديث نبوية و بعض المخطوطات - فتاوى شرعية في فقه المالكية ..الخ .

*.*.*

الترجمة من كتاب الشيخ سي عبد القادر بن أبي زيد الشطي

عن موقع الجلفة للاخبار
تكملة الموضوع

ترجمة سلطان الأولياء سيدي عبد الرحمن الثعالبي قدس الله سره



سلطان الأولياء فخر الجزائر المحروسة سيدي عبد الرحمن الثعالبي قدس الله سره
(786هـ / 1385م - 875هـ / 1471م )


أ ـ نسبـــه:

هو القطب الغوث الجامع بين الشريعة والحقيقة الولي الصالح الزاهد سيدي أبو زيد عبد الرحمان، بن محمد،بن مخلوف، بن طلحة، ابن عامر ابن نوفل ، بن عامر، بن موصور بن محمد، بن سباع، بن مكي ابن ثعلبة بن موسى، بن سعيد بن مفضل، بن عبد البر، ابن فيسي، ابن هلال، ابن عامر، بن حسان، بن محمد بن جعفر، بن أبى طالب ، فهو جعفري النسب.

ب ـ مولده ونشأته :

ولد الثعالبي في سنة 785هـ الموافق لـ : 1384 م بواد يسر على بعد 86 كلم بالجنوب الشرقي من عاصمة الجزائر. ونشأ هناك بين أحضان أبويه، نشــأة علم وصلاح وأخلاق مرضية، وقد تلقى مبادئ قراءته وتعلمه بالجزائر العاصمـــة وضواحيها، وقد كان حاضرا يوم غزى الاسبان " تـدلس " في دولة بنى عبد الـواد ، واخوتهم من بنى مرين، وكان عمره 15 سنة .

ج ـ رحلته لطلب العلم :

نزح الثعالبي من مسقط رأسه صحبة والده محمد بن مخلوف في أواخر القرن الثامن الهجري وأواخر القرن الرابع عشر الميلادي طالبا المزيد من العلوم والعـرفان باحث عن مكانها في مناكب الأرض وقصد المغرب الأقصى حـيث اجتمع ببعض علمائها الفطاحل وأخذ عنهم ما تيسر أخذه وقد سمع ورأى هناك عن عالم الدنيا، محمد بن احمد بن محمد ابن مرزوق العجيسي التلمساني المعروف بالحفيد وكان الثعالبـي إذ ذاك يناهز البلوغ ثم يمم شطر بجاية فدخلها صحبة والده أيضا سنة 802 هـ الموافق لـ1392م فـمكث بها زهاء سنة ثم توفى والده ودفن هناك، وعلى إثر وفاة والده عاد إلى الجزائر قصد زيارة أقاربه ثم رجع إلى بجاية أيضا، حيث قضى ما يقارب من السبع سنوات تلقى خلالها دروسا شتى في مختلف الفنون عن زمرة من فطاحل العلماء وفي سنة 809 هـ الموافق لـ 1406م انتقل إلى تونس حيث مكث حوالي ثماني سنوات انتفع خلالها بمعظـم علمائها وأجازوه فيما هو أهل أن يجاز فيه، وفي سنة 817 ـ 1414 م توجه إلى مصر حيـث أفاد واستفاد وأجازه بعض علمائها ولم يلبث طويلا هناك بل يمم شطر تركيا، ونزل بـ "بورصة " حيث استقبل استقبالا كريـما، وقد أقيمت له زاوية هناك، وما تزال تـلك الزاويـة وقـفا محبسا على الثعالبي إلى يومنا هذا. ومن هناك توجه صوب الحرميـن الشرفيـن ، حيث أدى فريضة الحج واغتنم الفرصة فأخذ عن بعض علماء الحجاز وأجازه فـي فنون شتى ثم عاد إلى مصر وفي سنة 819 هـ 1414م عاد إدراجه إلى بلده المحبـوب الجزائـر بعدما غاب عنه حوالي عشرين سنـة قـضاها كلها في اكتناز المعـــارف واغتـراف العلوم ، أين كانت وحيث بانت ، وهكذا استقر بمدينة الجزائر، حيث راح يشتغل بعبادة ربه ، وبث العلوم الشريفة بين أبناء ملته خصوصا في الجامع العتيق ( الكبير) الذى ألف فيه كتابه "العلوم الفاخرة في النظر فى أمور الآخرة " و "الجامع الكبير" وغيرهــم من المصنفات، وقد زاول التعليم إلى أن ناداه آجله المحتوم صبيحة يوم الجمعة 23 من شهر رمضان المعظم سنة 875 هـ الموافق لـ : 15 مارس لسنة 1479 م بعد أن قضى تسعين ربيعا، كانت كلها طاعة ومرضاة لله عز وجل ووقفا على مصالح العباد.

نقلت جتثه الكريمة من منزله إلى مكان يقع على ربوة خارج "باب الواد " تعرف آنذاك بجبانة الطلبة ودفن هناك، ومنذ ذلك اليوم أصبح ضريحه مزارا يتبـرك به ولم يـزل الزائـرون يقصدونه ذكور وإنـاثا يوميا وطوال السنة إلى وقت غـير معلوم ، رحم الله الـولى الصالـــح، سيدى عبد الرحمان الثعالبي وقد دفن معه شيخه المسمى أبي جمعة المكناسي رحمهم الله.

رحل رحمة الله مخلفا وراءه مؤلفات ومصنفات له تقريبا مائة كتاب فى علم التألـيف ومن أهم مؤلفاته "الجواهر الحسان في تفسير القرآن" وله العلوم الفاخرة في النظر في أمـور الآخرة .

وقد دفن معه شيخه المسمى بأبي جمعة ابن الحسين المكناسي رحمهما الله في الضريح المسمى بإسمه، وقد بناه له الأتراك وأعيد ترميمه في كل مناسبة عندما تطول المدة ، يعاد ترميمه وإصلاحه إلى يومنا هذا وهو بصدد الترميم والإصلاح ومن بين المدفونين معه بعض بناته وبعض الأتراك وبعض من الأولياء الصالحين .

من مخلفــاتـــه :



لقد اهتم سيدي عبد الرحمن الثعالبي رضي الله عنه بالتدوين والتأليف لخدمة الشريعة الإسلامية المطهرة وله في ذلك الباع الطويل. فلقد ترك رضي الله عنه ما يزيد عن المائة مؤلف بين رسائل وشروح وحواشي وتعاليق وكتـب مستقلة في الوعظ والرقائق والتذكير والتفسير والفقه والحديث واللغة والتراجم التاريخ وغيرها...

منها :

01 كتاب: "الجواهر الحسان في تفسير القرآن" في أربعة أجزاء
02 كتاب: المعجم الغوي
03 كتاب: الرؤى
04 كتاب: "روضة الأنوار و نزهة الأخيار" في الفقه
05 كتاب: "جامع الهمم في أخبار الأمم" في سفرين ضخمين
06 كتاب: جامع الأمهات في أحكام العبادات
07 كتاب: الإرشاد في مصالح العباد
08 كتاب: رياض الصالحين و إرشاد السائلين
09 كتاب: جامع الخيرات
01 كتاب: التـقاط الدرر
11 كتاب: نور الأنوار ومصابيح الظلام
12 كتاب: الأنوار المضيقة بين الشريعة والحقيقة
13 كتاب: تحفة الإخوان في إعراب بعض الآيات من القرآن
14 كتاب: الذهب الإبريز في غرائب القرآن العزيز
15 كتاب: العلوم الفاخرة في أحوال الآخرة
16 كتاب: الأربعين في الوعظ
وكتب أخرى كثيرة لا تحصى بين مطبوع ومخطوط وما هذه إلا نقطة من بحر لا ساحل له وأغلب هذه الكتب ألفها بأرض السودان...

لقد كانت كتبه عبارة عن خزانة علم عظيمة لا يقدر قدرها فكان الكتاب قبل أن ينتهي النساخ من نسخه ينتظرونه لشرائه والانتفاع به وما هذا إلا سر إلاهي لم يتسنى لمن سبقه كالغزالي وغيره من أئمة الهدى.

II ـ وصفه عام لمحيط الثعالبي :

تولى سيدي عبد الرحمن الثعالبي القضاء بالجزائر ومشيختها ولكنه تخلى عنهما ورفضهما وفضل القيام بالتعليم، فالقضاء والمشيخة رأى أنه موجود من يقوم بهما وبقي في وسعه أن يصلح بين الناس ويرشدهم لما فيه الخير والفلاح(1) ولهذا أصبح الثعالبي يتمتع باحترام تام لدى الخاص والعام وخاصة وجهاؤهم، وقد دفع هذا الاحترام والتبجيل إلى بناء مسجد قرب منزله وأسموه باسمه "مسجد سيدي عبد الرحمن الثعالبي" وبعد موته دفن بالمكان الذي كان يعلم فيه الطلبة وكان يمسى آنذاك بـ :"جنان الطلبة" قرب بيته.

نظرا للمكانة الخاصة التي يتمتع بها الثعالبي لدى كل الجزائريين دفعتهم إلى أن يبنوا حول ضريحه المبارك مقاما يكون لهم بمثابة تعبير صادق عن شعورهم الخاص ولباسهم الروحي نحو طاعة شيخهم الموقر حيا وميتا(2) كان الضريح في السنين الأولى ـ يتوسط المقام ـ وبعد تجديد بنيان المقام على عهد الأتراك زيد في مساحته في ناحية الشرق، فأصبح الضريح جانبا كما و الآن، نجده عن اليمين عند دخولنا المقام.

تظم القاعة ضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي المغطى بتابوت خشبي وعند قدميه يوجد قبر سيدي أبي جمعة بن الحسين المكناسي، وعند شمال المحراب يوجد قبر السيدة روزة بنت محمد الخزناجي زوجة يحي آغا وعند منتهى الشمال الشرقي يوجد الشيخ علي بن الحفاف، وقبور أخرى منها قبر لحسن باشا، وقبر لمصطفى باشا، وقبر لعمر باشا وقبر للحاج أحمد داي(3).

1 ـ الحياة السياسية لعصر الثعالبي :

سقطت الدولة المؤمنية في القرن السابع للهجرة فبدأ الانحطاط وكثر الملوك واشتد الصراع على السلطة، وسادت الفوضى، كما شهد المغرب الإسلامي في هذا القرن انقساما سياسيا جديد إلى ثلاث دول مستقلة، سببها انهيار دولة الموحدين، وبهذا يكون القرن الثامن للهجرة عصر صادت فيه الفتن والحروب بين القبائل والولاة، خاصة بين الحفصيين، الزيانيين والمرنيين الذين كانوا يتنافسون حول السلطة، وفي هذه الظروف ولد عبد الرحمن الثعالبي.

نتيجة لهذا الصراع ضعفت مملكة الموحدين وظهرت على انقاضها دويلات جزأت المغرب فاستقل الحفصيون في تونس "واستقل بنو عبد الواد تحت قيادة" يغمراسن مؤسس هذه الدولة بتلمسان وضواحيها واستولى بنو مرين على فاس (4).

وبهذا اقتسم بنو مرين وبنو عبد الواد بلاد المغرب فاختص بنو مرين بالمغرب الأقصى، في حين استقل بنو عبد الواد بالمغرب الأوسط، وهكذا تم انفصال المغربين عن دولة الموحدين التي استقلت عنهم بقيادة زكريا الحفصي.

وكان قادة هذه الدويلات يهدفون إلى إعادة توحيد المغرب العربي وكل يمني نفسه بوضعه موحدا تحت سلطته.

وفي هذه الأثناء كان للثعالبة دورا كبيرا في الحرب التي خضوها ضد المرنين والحفصيين وبني عبد الواد لهذا بدأت الجزائر العاصمة تتقهقر خاصة بعد قتل زعيمهم "سالم التومي" وتتبع إخوانه وقبيلته فأصبحت الجزائر لا تستطيع فرض نفسها كمدينة مستقلة تحت سلطة الثعالبة، المتمركزة في متيجة.

فالملاحظ أن عبد الرحمن الثعالبي عاش في عصر يسوده الانحطاط الحضاري في مختلف الميادين، لكن كل هذا لم يمنعه بأن يكون علامة كبيرا ونابغة في علم التصوف، بل كان منقذا للدولة الجزائرية خاصة بخطابه الواقعي الذي كان يلقيه أمام الجماهير التي تؤيده(5).

2 ـ الحياة الاجتماعية لعصر الثعالبي :

لقد ولد الثعالبي في عصر يموج بالفتن وكل مظاهر التخلف الحضاري بسبب الحروب القبلية الدائرة بين المغرب العربي وخاصة بين الحكام والولاة، هذا ما دفع بالمواطن المغربي للهروب إلى أشياء أخرى كالتصوف وأهل التصوف وإلى التصديق بالكرامات والمعجزات، وتقديس الأولياء(6) سيما من له شرف النسب كأبي مدين التلمساني والشيخ أحمد بن يوسف الملياني واشيخ بعد الرحمن الثعالبي.

3 ـ الحياة الثقافية لعصر الثعالبي :

كانت الحياة الثقافية في المغرب الإسلامي في الفترة ما بين القرن الثالث عشر والقرن السادس عشر ميلادي تتميز بظهور مدارس في فاس وتلمسان وبجاية وتونس على غرار المدارس التعليمية الدينية، التي عرفها المشرق الإسلامي اتسمت هذه المدارس بالإشراف الرسمي للحكام، وبهذا انتصر الإسلام السني وساد المذهب المالكي واستعملت المدارس الرسمية منهجين متعارضين : هما الاجتهاد والاعتقاد، فبالرغم من إن شاء المدارس لتعليم القوانين الشرعية والعلوم اللغوية، فقد انتشر فيها التصوف أكثر بالرغم من معاداة الفقهاء للمتصوفين، فظهر عدد من المتصوفين في القرن الخامس عشر ميلادي فكان الحكام في الممالك الثلاث يخصون الصوفيين بتقدير خاص.

خاصة بعد انتشار تصوف الغزالي ابتداءا من القرن الثاني عشر ميلادي.

فتأثر الشيخ عبد الرحمن الثعالبي آنذاك كثيرا بالحركة الصوفية التي كانت في أنشط فتراتها. فظهرت بعض المدارس التي أنجبت شعراء ورجال التربية كما عرفت اللغة العربية ازدهارا بعدما كانت تتخبط في طي النسيان فأسس مجمع العلم والبحث والثقافة إذا كان يقصده كل طالب علم ومحو الأمية(7).


III ـ انتشار التصوف السني :

خلال القرنين الثالث والرابع للهجرة نجد أن مشايخ الصوفية الكبار كالجنيد والسري السقطي والخراز وغيرهم اهتموا بجمع المريدين حولهم من أجل التربية والإصلاح، ومن هنا ظهرت الطرق الصوفية المتمثلة في المدارس التي تلقن المريدين أصولا في التربية والتكوين علما وعملا.



1 ـ الإمام الغزالي والتصوف السني :

وجاء بعده حجة الإسلام الإمام الغزالي، حيث أقام للصوفية الصحيحة بنيانها وبين لها شروطها وأركانها ورفض رفضا قاطعا الأفكار الدخيلة ونزهها عن كل ما يتنافى مع الشرع، وكرس لسانه وقلمه في خدمة التصوف الحقيقي، فألف العديد من الكتب تظهر الأفكار الإسلامية الصوفية الصحيحة كما قام بتطبيق سلوكيات الصوفي ودعا إلى التصوف الحقيقي القائم على الشريعة.

إذ يرى الغزالي أن التصوف الحقيقي يكمن في تطهير القلب بالكلية عما سوى الله تعالى، واستغراقه في ذكر الله وعدم انشغاله إلا بذكر الله، ويوضح الغزالي طريقة التصوف فيقول "طريقة طهارتها ـ وهي أول شروطها تطهير القلب بكلية عما سوى الله تعالى، ومفتاحها الجاري منها ـ مجرى التحريم من الصلاة ـ استغراق القلب بالكلية بذكر الله وآخرها الفناء بالكلية الله" (11).

أقام الإمام الغزالي مدرسة تربي فيها المئات من طلبة العلم والحقيقة فهؤلاء نشروا التصوف وازدهر بهم، فانتشر التصوف الحقيقي بعده، وبعده انتشر التصوف السني الصحيح، هذا التصوف القائم على الكتاب والسنة.

فاختص الصوفية المحققون من أهل السنة في معتقدهم وسلوكهم الذي يجب أن يكون مؤسس على الشرع باستنباط حقائق الشرع من ظاهر معاني الكتاب ومدلولاته العقلية : وجعل الشرع بألفاظه ومعانيه معيارا لتلك الحقائق العليا المستنبطة في مجموع الشريعة كتابا وسنة : وإرجاع القضايا إلى نصوص الشرع بعد التفقه فيه و التأدب بأدبه، قبل أن يسلكوا طريق التصوف، ثم الاهتداء ثانيا بهدي الكتاب والسنة حال سلوكهم.

فكان صوفية أهل السنة علماء بعلوم الشرع، وعلماء بنظم المعتقد على أساس العقل، وعلماء بالله والنفس (12).

2 ـ تصوف الثعالبي :

ألف سيدي عبد الرحمن الثعالبي العديد من الكتب منها "تفسير الجواهر الحسان" و "روضة الأنوار ونزهة الأخيار" وكتاب "الأنوار في معجزات النبي المختار" و"الأنوار المضيقة بين الشريعة والحقيقة".

نظرا لما لهذه المؤلفات من فوائد فإن العديد من العلماء أجازوا سيدي عبد الرحمن الثعالبي منهم الشيخ أبي زرعة العراقي بقوله : "الشيخ الصالح الأفضل الكامل المحرر المحصل الرحال أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي ..".

وحلاه الشيخ العلامة الإمام سيدي عيسى بن سلامة البسكرى في كتابه "لوامع الأسرار في منافع القرآن والأخبار" "بالشيخ الصالح الزاهد العالم العارف أبو زيد عبد الرحمن الثعالبي"(13).

وقال هو عن نفسه :"ولم يكن بتونس يومئذ من يفوتني في علم الحديث إذا تكلمت انصتوا وقبلوا ما أرويه تواضعا منهم وإنصافا واعترافا بالحق"(14).

تعد أعمال الثعالبي في إطار تصوف إسلامي صحيح يسند أصوله من الكتاب و السنة إذا استوحى الثعالبي تصوفه من المدرسة الغزالية فنلمس ذلك من جل كتبه خاصة و أن النزعة الغزالية كانت سائدة آنذاك وما دفع الثعالبي إلى التصوف والزهد حالة العصر التي كانت سائدة آنذاك، وتتمثل في الركود والضعف في المجال السياسي والتمزق الاجتماعي، وخاصة معالم البذخ والانحلال في المجتمع الجزائري التي حملها النازحون من بلاد الأندلس، كما كان التصوف الثعالبي ضد الفتن والأجواء السياسية والمجادلات العقلية والعصبيات المذهبية لا سيما ما كان منها يعود إلى الحياة الاجتماعية والحضارية عامة من ألوان الترف والبذخ.

فحاول الثعالبي أن يتفلسف في إطار الكتاب والسنة، كما فعل من قبله شيخه الروحي الغزالي.

*منهج الثعالبي : لقد سلك الثعالبي في منهجه الصوفي مسلك معظم المتصوفة فاتخذ من التوبة والورع والزهد والتوكل وسائل لبلوغ غايته، كما أنه اعتنى عناية كبيرة بعلم الكلام وهذا ما نكتشفه من مؤلفاته في التعريف تشمل أكثرعلى تحديد المصطلحات الكلامية بالإضافة إلى تحديد مصطلحات في التصوف فيعرف علم الكلام فيقول "هوالعلم بأحكام الألوهية، وإرسال الرسل، وصدقهم في جميع أخبارهم، وما يتوقف عليه شيء من ذلك خالصا له بقوة هي مظنة لرد الشبهات وحل المشكلات وجلى الشكوك"(15).

لقد كان تصوف الثعالبي يقوم على توفيقه بين الشريعة والحقيقة الصوفية والدعوة إلى التحرر من الحياة المادية كمظاهر البذخ والترف والغفلة عن ذكر الله والتمسك الشديد بالكتاب والسنة في كل أحكامه وموافقة الظاهر للباطن في جميع تصرفاته تحقيقا لكسب رضى الله(16).

كما أن الثعالبي ربط بين الدين والأخلاق بل اعتبر الأخلاق جزءا أساسيا من الدين منها أخلاق اجتماعية، وهي التي تتعلق بالقلوب والأقوال والأفعال، وإلى أخلاق نفسية وهي ما يتصل بالخوف والرجاء والصبر والشكر والمحبة.

2 ـ علاقة المؤسس بالإرشاد الديني :



في عصر بني عبد الواد الجزائر عرفت بعض التوترات عندما كان أبو حمو الأول مضطر لمواجهة المرينيين في الغرب والحفصيين في الشرق، وبهذا السبب بدأت الجزائر العاصمة تتقهقر عندما أصبحت عاجزة عن فرض نفسها كمدينة مستقلة تحت سلطة الثعالبة التي كانت متمركزة في متيجة، كل هذه التوترات أدت إلى ظهور عبد الرحمن الثعالبي كمنقذ لها، وما ساعده في ذلك الخطاب الواقعي الذي كان يلقيه أمام الجماهير، وكانت الجزائر بالمقابل تستعد لتصبح عاصمة المغرب العربي للبحر الأبيض المتوسط بفضل التوسعات التي كانت تكتسبها عن طريق ربط علاقات مع الدول الأوروبية المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط، حيث كان ميناء الجزائر يتمتع بمركز استراتيجي نظرا لمرور السفن الأوروبية فكانت تربط الجزائر علاقات اقتصادية مع الدول الأوروبية الأخرى(الايطالية والاسبانية)، فضلا عن إدخال ميناء الجزائر ضمن الخرائط البحرية عند الأوروبيين لأهميته الاقتصادية.

كما عرفت الجزائر في هذه الفترة إشعاعا علميا وثقافيا موازيا للدول الإسلامية والأخرى في الشرق الأوسط، والمغرب العربي بفضل العمل الكبير الذي قام به عبد الرحمن الثعالبي، فعرفت الجزائر العاصمة ظهور بعض المدارس والمراكز الثقافة التقليدية منها المدرسة الثعالبية التي تدرس فيها كل المواد العلمية والروحية والتدريس التقليدي (كعلم النجوم، التاريخ والجغرافيا، والقواعد) أصبحت هذه المدارس تثير اهتماما كبيرا من طرف الجماهير خاصة بعد اختصاصها في تدريس مادة أو مجموعة مواد، لهذا أصبح طلبة سيدي عبد الرحمان الثعالبي يمثلون فئة كبيرة من السكان، فأسس الجزائريون آنذاك ما سموه بـ (مجمع العلم والبحث والثقافة) حيث كان يقصده كل طالب علم ومحو الأمية، فلقد زاره أحد وزراء المغرب وهو أبو الحسان العالي، ابن محمد التمكروتي عندما كان متوجها إلى اسطمبول فقال عن ذلك المجمع "الجزائر مكتظة بالسكان كثر طالبي العلم إذ أصبح عددا هائلا من الطلاب مثقفين، كما كانت الجزائر موسوعة علمية لوجود عدد هائل من الكتب"(17).

ساهمت المدرسة الثعالبية في جمع عدد هائل من الطلبة، وبالتالي من السكان وكذلك المسجد الذي يسمى باسمه "مسجد سيدي عبد الرحمن الثعالبي" الذي أصبح مركزا عمرنيا بدأت البنايات حوله تكثر وتزداد يوما بعد يوم حتى شكل هذا النسيج العمراني الملتف حول المسجد مدينة، لذا قيل أن بناء المسجد في الإسلام أساس العمران في المدن الإسلامية، إذ لا يلبث العمران أن ينموا حول المسجد حتى صار المسجد نقطة التحول في الدراسة الطبوغرافية التاريخية للمدينة الإسلامية(1.

نستنتج من هذا أن لسيدي عبد الرحمن الثعالبي دورين هامين في مدينة الجزائر العاصمة تمثلا في التمركز السكاني والتمركز الثقافي.

ولهذا أصبحت مدينة الجزائر العاصمة مقترنة في اسمها بعبد الرحمن الثعالبي إلى اليوم" مدينة سيدي بعد الرحمن ـ أولاد سيدي عبد الرحمن".

لقد كثر هذا التعبير في الأغاني والأهازيج الشعبية إذ لا يكاد أحد من عامة الشعب أن يذكر الجزائر إلا مقترنة بعبارة "مدينة سيدي عبد الرحمن الثعالبي".


ضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي قدس الله سره

الهــــوامــــش

نور الدين (عبد القادر) صفحات في تاريخ مدينة الجزائر (من أقدم عصورها إلى إنتهاء (العهد التركي) مطبعة البحث، قسنطينة ط2 ، ص 1956 ص 171.
محمد (بن ميمون) التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بلاد الجزائر المحمية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر ، ط2 ،1981، ص 348.
محمد بن ميمون مرجع سابق، ص : 351.
عبد الرزاق (قسوم) ، عبد الرحمن الثعالبي والتصوف، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر 1978 رقم النشر 701 ـ 78 ساند ص 13.
عبد الرزاق (قسوم) مرجع سابق ، ص 16
علي محي الدين (القرة الداعي) ، للإمام أبي حامد الغزالي، الوسط في المذهب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لدولة قطر الجزء الأول ، 1993، ص : 201
علي محي الدين (القرة الداعي)، مرجع سابق ، ص : 202
علي محي الدين (القرة الداعي)، المرجع نفسه، ص : 202
علي محي الدين (القرة الداعي)، مرجع سابق ، ص : 201
محمد جلال (شرف) دراسات في التصوف الإسلامي (شخصيات ومذاهب)، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت ، 1984، ص : 154
عبد الرحمن (الجيلالي) تاريخ المدن الثلاث : الجزائر ومليانة والمدية ط2 ، 1972 ص : 273.
الحفناوي ، تعريف الخلف برجال السلف، غير موقع للنشر ج1، 1991، ص : 74 – 75
عبد الرزاق (قسوم) عبد الرحمن الثعالبي والتصوف ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ، الجزائر ، 1978 ، ص : 42.
عبد الرزاق (قسوم) عبد الرحمن الثعالبي والتصوف ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر 1978، ص : 75.
عبد العزيز (سالم) تاريخ المسلمين وأثارهم في الأندلس ، من الفتح العربي حتى سقوط الخلافة بقرطبة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، بيروت ص ت
مكتبة الأبحاث التاريخية والأثرية ، 1981 ، ص : 376
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |