من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

أقوال العلماء في التصوف




الإمام النووي

الإمام أبوحامد الغزالي

الإمام فخر الدين الرازي

أبوالفضل عبد الله الصّدّيق الغماري

الامام العز بن عبد السلام

العلامة الشيخ محمد أمين الكردي

العلامة الشريف الجرجاني

الدكتور أبو الوفا التفتازاني

ابن خلدون

الشيخ محمد أبو زهرة

الإمام أبو حنيفة

الإمام مالك

الإمام الشافعي

الإمام أحمد بن حنبل

الشيخ تاج الدين السبكي

القاضي شيخ الإسلام زكريا الأنصاري

الامام أبي عبد الله الحارث المحاسبي

الإمام عبد القاهر البغدادي

الإمام أبي القاسم القشيري

الدكتور يوسف القرضاوي

الإمام الشاطبي

الشيخ محمد متولي الشعراوي

الاستاذ عبد الباري الندوي

الفقيه ابن عابدين

ابن عجيبة

الشيخ ابن تيمية

الشيخ رشيد رضا

الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي

الاستاذ عباس محمود العقاد

الدكتور عبد الحليم محمود

أبو الأعلى المودودي

جلال الدين السيوطي

الشيخ حسني حسن الشريف



■ الإمام النووي (توفي سنة 676 هـ):

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في رسالته "مقاصد الإمام النووي في التوحيد والعبادة وأصول التصوف": (أصول طريق التصوف خمسة:

1. تقوى الله في السر والعلانية

2. اتباع السنة في الأقوال والأفعال

3. الإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار

4. الرضى عن الله في القليل والكثير

5. الرجوع إلى الله في السراء والضراء)

■ الإمام أبوحامد الغزالي (توفي سنة 505 هـ):

وها هوذا حجة الاسلام الامام أبوحامد الغزالي رحمه الله تعالى يتحدث في كتابه "المنقذ من الضلال" عن الصوفية وعن سلوكهم وطريقتهم الحقة الموصلة إلى الله تعالى فيقول:

(ولقد علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة وأن سيرتهم أحسن السيرة وطريقتهم أصوب الطرق وأخلاقهم أزكى الأخلاق...ثم يقول ردا على من أنكر على الصوفية وتهجم عليهم: وبالجملة فماذا يقول القائلون في طريقة طهارتها- وهي أول شروطها- تطهير القلب بالكلية عما سوى الله تعالى، ومفتاحها الجاري منها مجرى التحريم من الصلاة استغراق القلب بالكلية بذكر الله، وآخرها الفناء بالكلية في الله).

ويقول أيضاً بعد أن اختبر طريق التصوف ولمس نتائجه وذاق ثمراته: (الدخول مع الصوفية فرض عين، إلا يخلوأحد من عيب إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام).

■ الإمام فخر الدين الرازي (توفي سنة 606 هـ):

قال العلامة الكبير والمفسر الشهير الامام فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى في كتابه (اعتقادات فرق المسلمين والمشركين": "الباب الثامن في أحوال الصوفية: اعلم أن أكثر من حصر فرق الأمة لم يذكر الصوفية وذلك خطأ، لأن حاصل قول الصوفية أن الطريق إلى معرفة الله تعالى هوالتصفية والتجرد من العلائق البدنية، وهذا طريق حسن.. وقال أيضا: والمتصوفة قوم يشتغلون بالفكر وتجرد النفس عن العلائق الجسمانية، ويجتهدون ألا يخلوسرهم وبالهم عن ذكر الله تعالى في سائر تصرفاتهم وأعمالهم، منطبعون على كمال الأدب مع الله عز وجل، وهؤلاء هم خير فرق الآدميين

■ أبوالفضل عبد الله الصّدّيق الغماري

إن التصوف كبير قدره، جليل خطره، عظيم وقعه، عميق نفعه، أنواره لامعة، وأثماره يانعة، واديه قريع خصيب، وناديه يندولقاصديه من كل خير بنصيب، يزكي النفس من الدنس، ويطهر الأنفاس من الأرجاس، ويرقي الأرواح إلى مراقي الفلاح، ويوصل الإنسان إلى مرضاة الرحمن. وهو إلى جانب هذا ركن من أركان الدين، وجزء متمم لمقامات اليقين.

خلاصته: تسليم الأمور كلها لله، والالتجاء في كل الشؤون إليه. مع الرضا بالمقدور، من غير إهمال في واجب ولا مقاربة المحظور. كثرة أقوال العلماء في تعريفه، واختلفت أنظارهم في تحديده وتوصيفه، وذلك دليل على شرف اسمه ومسماه، ينبئ عن سموغايته ومرماه.. وإنما عبر كل قائل بحسب مدركه ومشربه. وعلى نحواختلافهم في التصوف اختلفوا في معنى الصوفي واشتقاقه.

ثم: إن التصوف مبني على الكتاب والسنة، لا يخرج عنهما قيد أنملة.

والحاصل: أنهم أهل الله وخاصته، الذين ترتجى الرحمة بذكرهم، ويستنزل الغيث بدعائهم، فرضي الله عنهم وعنا بهم.

ومن أوصاف هذه الطائفة: الرأفة، والرحمة، والعفو، والصفح، وعدم المؤاخذة.

أما تاريخ التصوف فيظهر في فتوى للإمام الحافظ السيد محمد صديق الغماري رحمه الله، فقد سئل عن أول من أسس التصوف؟ وهل هوبوحيٍ سماوي؟ فأجاب: (أما أول من أسس الطريقة فلتعلم أن الطريقة أسسها الوحي السماوي في جملة ما أسس من الدين المحمدي، إذ هي بلا شك مقام الإحسان الذي هوأحد أركان الدين الثلاثة التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما بينها واحدا واحدا ديناً بقوله: هذا جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم، وهوالإسلام والإيمان والإحسان.فالإسلام طاعة وعبادة، والإيمان نور وعقيدة، والإحسان مقام مراقبة ومشاهدة، وأول من تسمى بالصوفي في أهل السنة أبوهاشم الصوفي المتوفي سنة 150 وكان من النساك، ويجيد الكلام، وينطق الشعر كما وصفه الحفاظ).

■ الامام العز بن عبد السلام (توفي سنة 660 هـ):

قال سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام رحمه الله تعالى: (قعد القوم من الصوفية على قواعد الشريعة التي لا تنهدم دنيا وأخرى، وقعد غيرهم على الرسوم، مما يدلك على ذلك ما يقع على يد القوم من الكرامات وخوارق العادات، فانه فرع عن قربات الحق لهم، ورضاه عنهم، ولوكان العلم من غير عمل يرضي الحق تعالى كل الرضى لأجرى الكرامات على أيدي أصحابهم، ولولم يعملوا بعلمهم، هيهات هيهات" المصدر:"نور التحقيق" للشيخ حامد صقر).

■ العلامة الشيخ محمد أمين الكردي:

ينبغي لكل شارع في فن أن يتصوره قبل الشروع فيه ؛ ليكون على بصيرة فيه، ولا يحصل التصور إلا بمعرفة المبادئ العشرة المذكورة..

فحدّ التصوف: هوعلم يُعرف به أحوال النفس محمودها ومذمومها، وكيفية تطهيرها من المذموم منها، وتحليتها بالاتصاف بمحمودها، وكيفية السلوك والسير إلى الله تعالى، والفرار إليه..

وموضوعه: أفعال القلب والحواس من حيث التزكية والتصفية.

وثمرته: تهذيب القلوب، ومعرفة علام الغيوب ذوقاً ووجداناً، والنجاة في الآخرة، والفوز برضا الله تعالى، ونيل السعادة الأبدية، وتنوير القلب وصفاؤه بحيث ينكشف له أمور جليلة، ويشهد أحوالاً عجيبة، ويُعاينُ ما عميت عنه بصيرة غيره.

وفضله: أنه أشرف العلوم ؛ لتعلقه بمعرفة الله تعالى وحبه، وهي أفضل على الإطلاق.

ونسبته إلى غيره من العلوم: أنه أصل لها، وشرط فيها ؛ إذ لا علم ولا عمل إلا بقصد التوجه إلى الله، فنسبته لها كالروح للجسد.

وواضعه: الله تبارك تعالى، أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله ؛ فإنه روح الشرائع والأديان المنزلة كلها..

واسمه: علم التصوف، مأخوذ من الصفاء، والصوفي: مَن صفا قلبُه من الكدر، وامتلأ من العِبَر، واستوى عنده الذهبُ والمَدَر..

واستمداده: من الكتاب والسنة والآثار الثابتة عن خواص الأمّة.

وحكم الشارع فيه: الوجوب العيني ؛ إذ لا يخلوأحد من عيب أومرض قلبي، إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام..

ومسائله: قضاياه الباحثة عن صفات القلوب، ويتبع ذلك شرح الكلمات التي تُتَداول بين القوم (كالزهد والورع والمحبة والفناء والبقاء).

■ العلامة الشريف الجرجاني في (التعريفات):

التصوف مذهب كله جد فلا يخلطونه بشيء من الهزل، وهو تصفية القلب عن مواقف البرية، ومفارقة الأخلاق الطبيعية، وإخماد صفات البشرية، ومجانبة الدعاوي النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلق بعلوم الحقيقة واستعمال ما هو أولى على السرمدية، والنصح لجميع الأمة، والوفاء لله تعلى على الحقيقة، واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشريعة.

■ الدكتور أبو الوفا التفتازاني:

في كتابه (مدخل إلى التصوف الإسلامي): ليس التصوف هروبا من واقع الحياة كما يقول خصومه، وإنما هو محاولة الإنسان للتسلح بقيم روحية جديدة، تعينه على مواجهة الحياة المادية، وتحقق له التوازن النفسي حتى يواجه مصاعبها ومشكلاتها.

وفي التصوف الإسلامي من المبادئ الإيجابية ما يحقق تطور المجتمع إلى الأمام فمن ذلك أنه يؤكد على محاسبة الإنسان لنفسه باستمرار ليصحح أخطاءها ويملها بالفضائل، ويجعل فطرته إلى الحياة معتدلة، فلا يتهالك على شهواتها وينغمس في أسبابها إلى الحد الذي ينسى فيه نفسه وربه، فيشقى شقاء لا حد له. والتصوف يجعل من هذه الحياة وسيلة لا غاية، وبذلك يتحرر تماما من شهواته وأهوائه بإرادة حرة.



■ ابن خلدون (توفي 808 هـ):

وقال ابن خلدون رحمه الله تعالى في كلامه عن علم التصوف: (هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة، وأصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريقة الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع الى الله تعالى، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة. وكان ذلك عاما في الصحابة والسلف، فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده، وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا، اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية) المصدر: مقدمة ابن خلدون.

■ الشيخ محمد أبو زهرة:

نحن في عصرنا هذا أشد الناس حاجة إلى متصوف بنظام التصوف الحقيقي وذلك لأن شبابنا قد استهوته الأهواء وسيطرت على قلبه الشهوات.. وإذا سيطرت الأهواء والشهوات على جيل من الأجيال أصبحت خطب الخطباء لا تجدي، وكتابة الكتاب لا تجدي، ومواعظ الوعاظ لا تجدي، وحكم العلماء لا تجدي، وأصبحت كل وسائل الهداية لا تجدي شيئا.

إذا لا بد لنا من طريق آخر للإصلاح، هذا الطريق أن نتجه إلى الاستيلاء على نفوس الشباب، وهذا الاستيلاء يكون بطريق الشيخ ومريديه، بحيث يكون في كل قرية وفي كل حي من أحياء المدن وفي كل بيئة علمية أو اجتماعية رجال يقفون موقف الشيخ الصوفي من مريديه.

■ الإمام أبو حنيفة :

نقل الفقيه الحنفي صاحب الدر المختار: أن أبا علي الدقاق رحمه الله تعالى قال: (أنا أخذت هذه الطريقة من أبي القاسم النصر اباذي، وقال أبوالقاسم: أنا أخذتها من الشبلي، وهومن السري السقطي، وهومن معروف الكرخي، وهومن داود الطائي، وهوأخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة رضي الله عنه، وكل منهم أثنى عليه وأقر بفضله." ثم قال صاحب الدر معلقا: " فياعجباً لك يا أخي ! ألم يكن لك أسوة حسنة في هؤلاء السادات الكبار؟ أكانوا متهمين في هذا الإقرار والافتخار، وهم أئمة هذه الطريقة وأرباب الشريعة والطريقة؟ ومن بعدهم في هذا الأمر فلهم تبع، وكل من خالف ما اعتمدوه مردود مبتدع).

ولعلك تستغرب عندما تسمع أن الإمام الكبير، أبا حنيفة النعمان رحمه الله تعالى، يعطي الطريقة لأمثال هؤلاء الأكابر من الأولياء والصالحين من الصوفية.

يقول ابن عابدين رحمه الله تعالى، في حاشيته متحدثا عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، تعليقا على كلام صاحب الدر الآنف الذكر: (هوفارس هذا الميدان، فان مبنى علم الحقيقة على العلم والعمل وتصفية النفس، وقد وصفه بذلك عامة السلف، فقال أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في حقه: إنه كان من العلم والورع والزهد وإيثار الآخرة بمحل لا يدركه أحد، ولقد ضرب بالسياط ليلي القضاء، فلم يفعل. وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى: ليس أحد أحق من أن يقتدى به من أبي حنيفة، لأنه كان إماما تقيا نقيا ورعا عالما فقيها، كشف العلم كشفا لم يكشفه أحد ببصر وفهم وفطنة وتقى. وقال الثوري لمن قال له: جئت من عند أبي حنيفة: لقد جئت من عند أعبد أهل الأرض). وقال فيه الشافعي الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة.

■ الإمام مالك (توفي 179 هـ):

يقول الإمام مالك رحمه الله تعالى: (من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق) المصدر: حاشية العلامة علي العدوي على شرح الامام الزرقاني على متن العزيه في الفقه المالكي. وشرح عين العلم وزين الحلم للامام ملا علي قاري.

■ الإمام الشافعي (توفي 204 هـ):

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: (صحبت الصوفية فلم استفد منهم سوى حرفين، وفي رواية سوى ثلاث كلمات: قولهم: الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك. وقولهم: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل. وقولهم: العدم عصمة). المصدر "تأييد الحقيقة العلية" للامام جلال الدين السيوطي.

وقال الشافعي أيضا: (حبب إلي من دنياكم ثلاث: ترك التكلف، وعشرة الخلق بالتلطف، والاقتداء بطريق أهل التصوف) المصدر: "كشف الخفاء ومزيل الالباس عما اشتهر من الأحاديث عل ألسنة الناس" للامام العجلوني.

■ الإمام أحمد بن حنبل (توفي 241 هـ):

كان الإمام رحمه الله تعالى قبل مصاحبته للصوفية يقول لولده عبد الله رحمه الله تعالى: ( يا ولدي عليك بالحديث، وإياك ومجالسة هؤلاء الذين سموا أنفسهم صوفية، فانهم ربما كان أحدهم جاهلا بأحكام دينه. فلما صحب أبا حمزة البغدادي الصوفي، وعرف أحوال القوم، أصبح يقول لولده: يا ولدي عليك بمجالسة هؤلاء القوم، فانهم زادوا علينا بكثرة العلم والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمة). المصدر: "تنوير القلوب" للعلامة الشيخ أمين الكردي.

وقال العلامة محمد السفاريني الحنبلي رحمه الله تعالى عن إبراهيم بن عبد الله القلانسي رحمه الله تعالى أن الامام أحمد رحمه الله تعالى قال عن الصوفية: (لا أعلم قوما أفضل منهم. قيل: إنهم يستمعون ويتواجدون، قال: دعوهم يفرحوا مع الله ساعة...). المصدر:"غذاء الألباب شرح منظومة الآداب"

■ الشيخ تاج الدين السبكي (توفي سنة 771 هـ):

وقال الشيخ تاج الدين عبد الوهاب السبكي رحمه الله تعالى: في كتابه "معيد النعم ومبيد النقم" تحت عنوان الصوفية: (حياهم الله وبياهم وجمعنا في الجنة نحن وإياهم. وقد تشعبت الأقوال فيهم تشعبا ناشئا عن الجهل بحقيقتهم لكثرة المتلبسين بها، بحيث قال الشيخ أبومحمد الجويني: لا يصح الوقف عليهم لأنه لا حد لهم. والصحيح صحته، وأنهم المعرضون عن الدنيا المشتغلون في أغلب الأوقات بالعبادة... ثم تحدث عن تعاريف التصوف إلى أن قال: والحاصل أنهم أهل الله وخاصته الذين ترتجى الرحمة بذكرهم، ويستنزل الغيث بدعائهم، فرضي الله عنهم وعنا بهم).

■ القاضي شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله :

قال عن التصوف: (هوعلم تعرف به أحوال تزكية النفوس وتصفية الأخلاق، وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية).

■ الامام أبي عبد الله الحارث المحاسبي (توفي سنة 243 هـ):

من كتابه "كتاب الوصايا" وهومن أمهات الكتب:

يقول الامام المحاسبي رحمه الله تعالى متحدثا عن جهاده المرير للوصول إلى الحق حتى اهتدى إلى التصوف ورجاله: (...فقيض لي الرؤوف بعباده قوما وجدت فيهم دلائل التقوى وأعلام الورع وإيثار الآخرة على الدنيا، ووجدت إرشادهم ووصاياهم موافقة لأفاعيل ائمة الهدى. . . فأصبحت راغباً في مذهبهم مقتبساً من فوائدهم قابلاً لآدابهم محباً لطاعتهم، لا أعدل بهم شيئاً، ولا أوثر عليهم أحداً، ففتح الله لي علماً اتضح لي برهانه، وأنار لي فضله، ورجوت النجاة لمن أقرَّ به أو انتحله، وأيقنت بالغوث لمن عمل به، ورأيت الاعوجاج فيمن خالفه، ورأيت الرَّيْن متراكماً على قلب من جهله وجحده، ورأيت الحجة العظمى لمن فهمه، ورأيت انتحاله والعمل بحدوده واجباً عليَّ، فاعتقدته في سريرتي، وانطويت عليه بضميري، وجعلته أساس ديني، وبنيت عليه أعمالي، وتقلَّبْت فيه بأحوالي. وسألت الله عز وجل أن يوزِعَني شكرَ ما أنعم به عليَّ، وأن يقويني على القيام بحدود ما عرَّفني به، مع معرفتي بتقصيري في ذلك، وأني لا أدرك شكره أبداً).

■ الإمام عبد القاهر البغدادي (توفي 429 هـ):

قال الإمام الكبير حجة المتكلمين عبد القاهر البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه "الفرق بين الفرق": (الفصل الأول من فصول هذا الباب في بيان أصناف أهل السنة والجماعة. اعلموا أسعدكم الله أن أهل السنة والجماعة ثمانية أصناف من الناس:....والصنف السادس منهم: الزهاد الصوفية الذين أبصروا فأقصروا، واختبروا فاعتبروا، ورضوا بالمقدور وقنعوا بالميسور، وعلموا أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك مسئول عن الخير والشر، ومحاسب على مثاقيل الذر، فأعدوا خير الإعداد ليوم المعاد، وجرى كلامهم في طريقي العبارة والاشارة على سمت أهل الحديث دون من يشتري لهوالحديث، لا يعملون الخير رياء، ولا يتركونه حياء، دينهم التوحيد ونفي التشبيه، ومذهبهم التفويض إلى الله تعالى، والتوكل عليه والتسليم لأمره، والقناعة بما رزقوا والإعراض عن الإعتراض عليه. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذوالفضل العظيم).

■ الإمام أبي القاسم القشيري (توفي سنة 465 هـ):

قال الإمام أبوالقاسم القشيري رحمه الله تعالى في مقدمة رسالته المشهورة "الرسالة القشيرية" متحدثا عن الصوفية: (جعل الله هذه الطائفة صفوة أوليائه، وفضلهم على الكافة من عباده بعد رسله وأنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم، وجعل قلوبهم معادن أسراره، واختصهم من بين الأمة بطوالع أنواره، فهم الغياث للخلق، والدائرون في عموم أحوالهم مع الحق بالحق. صفاهم من كدورات البشرية، ورقاهم إلى محل المشاهدات بما تجلى لهم من حقائق الأحدية، ووفقهم للقيام بآداب العبودية، وأشهدهم مجاري أحكام الربوبية، فقاموا بأداء ما عليهم من واجبات التكليف، وتحققوا بما منه سبحانه لهم من التقليب والتصريف، ثم رجعوا إلى الله سبحانه وتعالى بصدق الافتقار ونعت الانكسار، ولم يتكلوا على ما حصل منهم من الأعمال أوصفا لهم من الأحوال، علما بأنه جل وعلا يفعل ما يريد، ويختار من يشاء من العبيد، لايحكم عليه خلق، ولا يتوجه عليه لمخلوق حق، ثوابه ابتداء فضل وعذابه حكم بعدل، وأمره قضاء فصل).

ويقول أيضاً في "الرسالة القشيرية": (اعلموا رحمكم الله، أن المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتسمّ أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لا أفضلية فوقها، فقد قيل "الصحابة" ولما أدرك العصر الثاني، سمي من صحب الصحابة "التابعين" ورأوا ذلك أشرف تسمية، ثم قيل لمن بعدهم "أتباع التابعين" ثم اختلفت وتباينت المراتب فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بأمر الدين "الزهاد والعباد" ثم ظهرت البدع وحصل التداعي بين الفرق، فكل فريق ادعوا بأن منهم زهادا، فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله تعالى، الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم "التصوف" واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر بعد المائتين للهجرة).

■ الدكتور يوسف القرضاوي :

قال الشيخ يوسف القرضاوي في معرض سؤاله عن صوفية الإخوان المسلمين في أنها دعوة صوفية كما جاء في تعريف جماعة الإخوان للمؤسس الشيخ حسن البنا على موقع إسلام أون لاين على صفحة الفتاوى:

مقتطفات من إجابة الدكتور يوسف القرضاوي:

إن الإخوان المسلمين هي دعوة صوفية لأنهم يعملون على أساس التزكية وطهارة النفس، ونقاء القلب، والمواظَبة على العمل، والإعراض عن الخلق، والحبِّ في الله، والارتباط على الخي. فهذا هوالتصوّف، وهذه هي الصوفية الحقيقية عند حسن البنا.

التصوف الحقّ عند حسن البنا يتمثّل أوّلَ ما يتمثّل في:

طهارة النفس ونقاء القلب، فتزكية النفس هي أوّل سبيلِ الفَلاح {ونَفْسٍ ومَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجورَها وتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} الشمس 7-10 والقلب هوالمُضغة التي إذا صَلُحت صَلُح الإنسان كلُّه، وإذا فسَدت فسَد الإنسان كلُّه، وسلامتُه أساس النجاة يوم القيامة {يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ ولاَ بَنونَ. إِلاّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَليمٍ} الشعراء 88-89 . فلابد من المجاهَدة لنقاء هذا القلب وصفائه وطهارته من معاصي القلوب وأخطارِها.

والمواظَبة على العمل الصالح واجب على المسلم، فإن أحبَّ الأعمال إلى الله أدوَمُها وإن قلَّ.

والإعراض عن الخلق بالإقبال على الخالق: من صفات الرَّبّانِيّين من أصحاب الرسالات {الذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالات اللهِ ويَخْشَوْنَهُ ولاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاّ اللهَ}الأحزاب39. وهم المَوصوفون في قوله تعالى {يَا أَيُّها الذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ أَذِلّةٍ عَلَى المُؤمِنينَ أَعِزّةٍ عَلَى الكَافِرينَ يُجاهِدونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ولاَ يَخافونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} المائدة: 54. فهم لإعراضهم عن الخلق، لا يخافون لومةَ لائم منهم، ولا يخشَون أحدًا إلا الله سبحانه؛ لأنهم يُوقنون أن الخلق لا يملِكون لهم ضَرًّا ولا نفعًا، ولا حياة ولا موتًا، وأن الأرزاق التي يطمع الناس فيها، والأعمار التي يخاف الناس عليها، كلتاهما بيد الله وحدَه، لا يملِك أحد أن يَنقُصهم لقمةً من رزقهم، ولا أن يقدِّم من أجَلهم لحظة أويؤخِّر {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرونَ سَاعَةً ولاَ يَسْتَقْدِمونَ} الأعراف: 34.

والحبُّ في الله: دِعامة من الدّعائم التي تقوم عليها الجماعة المؤمنة، فكما تربط بينها المفاهيم المشتركة، والفكرة الواحدة، تربط بين أبنائها العواطف المشتركة. وأعظمُ هذه العواطف وأخلدها وأعمقها هوالحبُّ في الله. فهوحبٌّ لا يقوم على عرَض من الدنيا، أومال أوجاهٍ أومُتعة، أونحوذلك، بل يقوم على الإيمان بالله تعالى، والتقرُّب إليه، والرَّغبة في نصرة الإسلام، وأوثَق عُرَى الإيمان: الحبّ في الله، والبُغض في الله.

لقد استفاد الأستاذ البَنّا من تجربته الصوفيّة، أخذ منها ما صفا، وترك ما كَدِرَ، وهوموقف كل الرجال الرَّبّانيين، كما رأينا عند شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم، فلم يكونا ضِدّ التصوف بإطلاق، كما يَتصوّر أويُصوّر بعض من يزعُم الانتساب إلى مدرستِهما، بل كانا من أهل المعرفة بالله، والحبّ له، ومن رجال التربية الإيمانيّة والسلوك الرَّبّاني، كما بدا ذلك في مجلدين من مجموع فتاوى ابن تيمية، وفي عدد من كتب ابن القيم، أعظمها: مدارج السالكين شرح منازل السائرين إلى مقامات "إيّاكَ نعبُد وإيّاك نستعين".

ومن أبرز ما يتميّز به الصوفيّة الصادِقون ثلاثة أشياء: الاستقامة، والمحبّة، وطاعة الشيخ، وهذه مقوّمات أساسيّة في التربية الإخوانيّة، والله أعلم.

ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي أيضاً في معرض سؤاله عن التصوف بين مادحيه وقادحيه:

التصوف لا يذم في حد ذاته، بل هومطلوب لكل مسلم إذا أريد به الاهتمام بالروح اهتماما لا يطغى ولا يضر بالجسد، وعلينا أن نزن أعمال التصوف بميزان الكتاب والسنة، فما وافقهما قبلناه وما خالفهما تركناه.

وقد جاء الإسلام بالتوازن في الحياة، يعطي كل ناحية حقها، ولكن الصوفية ظهروا في وقت غلب على المسلمين فيه الجانب الماديّ والجانب العقليّ.

الجانب الماديّ، نتج عن الترف الذي أغرق بعض الطبقات، بعد اتساع الفتوحات، وكثرة الأموال، وازدهار الحياة الاقتصادية، مما أورث غُلوًّا في الجانب المادي، مصحوبًا بغلوآخر في الجانب العقلي، أصبح الإيمان عبارة عن "فلسفة" و"علم كلام" "وجدل"، لا يشبع للإنسان نهمًا روحيًا، حتى الفقه أصبح إنما يعنى بظاهر الدين لا بباطنه، وبأعمال الجوارح. لا بأعمال القلوب وبمادة العبادات لا بروحها.

ومن هنا ظهر هؤلاء الصوفية ليسدُّوا ذلك الفراغ، الذي لم يستطع أن يشغله المتكلمون ولا أن يملأه الفقهاء، وصار لدى كثير من الناس جوع روحيّ، فلم يشبع هذا الجوع إلا الصوفية الذين عنوا بتطهير الباطن قبل الظاهر، وبعلاج أمراض النفوس، وإعطاء الأولوية لأعمال القلوب، وشغلوا أنفسهم بالتربية الروحية والأخلاقية، وصرفوا إليها جُلَّ تفكيرهم واهتمامهم ونشاطهم. حتى قال بعضهم: التصوف هوالخُلق، فمن زاد عليك في الخُلق فقد زاد عليك في التصوف. وكان أوائل الصوفية ملتزمين بالكتاب والسنة، وقَّافين عند حدود الشرع، مطارِدين للبدع والانحرافات في الفكر والسلوك.

ولقد دخل على أيدي الصوفية المتبعين كثير من الناس في الإسلام، وتاب على أيديهم أعداد لا تحصى من العصاة، وخلّفوا وراءهم ثروة من المعارف والتجارب الروحية لا ينكرها إلا مكابر، أومتعصب عليهم.

والحقيقة أن كل إنسان يؤخذ من كلامه ويترك، والحكم هوالنص المعصوم من كتاب الله ومن سنة رسوله. فنستطيع أن نأخذ من الصوفية الجوانب المشرقة، كجانب الطاعة لله. وجانب محبة الناس بعضهم بعضًا، ومعرفة عيوب النفس، ومداخل الشيطان، وعلاجها، واهتمامهم بما يرقِّق القلوب، ويذكِّر بالآخرة. نستطيع أن نعرف عن هذا الكثير عن طريق بعض الصوفية كالإمام الغزالي.

■ الإمام الشاطبي (توفي سنة 790 هـ):

ذكرت "المسلم" مجلة العشيرة المحمدية تحت عنوان: الإمام الشاطبي صوفي سلفي للسيد أبي التقى أحمد خليل: كتاب الاعتصام من الكتب التي يعتبرها المتسلفة مرجعا أساسيا لبعض آرائهم، ويرون في الشيخ أبي اسحاق الشاطبي إماما لهم، وقد عقد الإمام الشاطبي في كتابه هذا فصولا كريمة عن التصوف الإسلامي، وأثبت أنه من صميم الدين، وليس هومبتدعا، ووفى المقام هناك بما تخرس له الألسن، وتسلم له العقول والقلوب فاستمع إلى الإمام الشاطبي يقول:

(إن كثيرا من الجهال يعتقدون في الصوفية أنهم متساهلون في الاتباع والتزام ما لم يأت في الشرع التزامه مما يقولون به ويعملون عليه، وحاشاهم من ذلك أن يعتقدوه أويقولوا به. فأول شيء بنوا عليه طريقهم اتباع السنة واجتناب ما خالفها، حتى زعم مذكرهم وحافظ مأخذهم وعمود نحلتهم أبوالقاسم القشيري: إنهم إنما اختصوا باسم التصوف انفرادا به عن أهل البدع. فذكر أن المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتسم أفاضلهم في عصرهم باسم علم سوى الصحبة، إذ لا فضيلة فوقها، ثم سمي من يليهم التابعين، ثم اختلف الناس وتباينت المراتب، فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية في الدين: الزهاد والعباد. قال: ثم ظهرت البدع وادعى كل فريق أن فيهم زهادا وعبادا، فانفرد خواص أهل السنة، المراعون أنفسهم مع الله، والحافظون قلوبهم عن الغفلة باسم التصوف، فتأمل تغنم، والله أعلم) المصدر عدد شهر ذي القعدة 1373 هـ من "المسلم" مجلة العشيرة المحمدية.

■ الشيخ محمد متولي الشعراوي:

يقول فيما يرويه لنا كتاب (أصول الوصول) للشيخ زكي إبراهيم: الصوفي يتقرب إلى الله بفروض الله، ثم يزيدها بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، من جنس ما فرض الله، وأن يكون عنده صفاء في استقبال أقضية العبادة فيكون صافيا لله، والصفاء هو كونك تصافي الله فيصافيك الله. والتصوف رياضة روحية لأنها تلزم الإنسان بمنهج تعبدي لله ما فرضه. وهذه خطوة نحو الود مع الله. وهكذا يمن الله تعالى هؤلاء المتصوفين ببعض العطاءات التي تثبت لهم أنهم على الطريق الصحيح، تلك العطاءات هي طرق ناموس ما في الكون، ويكون ذلك على حسب قدر صفاء المؤمن، فقد يعطي الله صفحة من صفحات الكون لأي إنسان، فينبئه به أو يبشره به ليجذبه إلى جهته. وعندما يدخل الصوفي في مقامات متعددة وجئنا بمن لم يتريض ولم يدخل في مقامات الود وحدثناه بها، فلا شك أنه يكذبها ولكن تكذيبها دليل حلاوتها. والمتصوف الحقيقي يعطيه الله أشياء لا تصدقها عقول الآخرين، ولذلك فعليه أن يفرح بذلك ولا يغضب من تكذيب الآخرين له.

■ الاستاذ عبد الباري الندوي:

يقول في كتابه (بين التصوف والحياة)، في عدة صفحات متفرقة من كتابه: يجب أن يعرف المسلمون أنه لا حظ لهم من الدنيا إذا لم يتمكن في أعماق نفوسهم الإيمان الخالص. ومن الظلم والجور العظيمين أن تنفق في تحصيل العلم الظاهر سنوات عديدة ولا تبذل لإصلاح الباطن عدة شهور، إن التصوف أو العلم الباطني بالغ فيه الناس مبالغة عظيمة، وصوروه تصويرا شائها، وشرحوه شرحا طبعه بطابع الضلالة إلا أنه قانون لأعمال القلب والباطن.. ونجد تفاصيل أحكام التصوف منصوصة في الكتاب والسنة مثل ما نجد أحكام الفقه تماما وتتبين أهمية أحكام التصوف وأفضليته من نصوص القرآن والحديث التي تصرح بها أو تلمح إليها.

فإن أبى شخص أن يعترف بالتصوف كعلم بعينه وفن بذاته فلم لا ينفر ويشمئز من المصطلحات الدينية الأخرى، من تفسير ومفسر، وتجويد ومجود، وكلام ومتكلم، وغيرها، أما أولئك الذين رأوا التصوف والطريقة والحقيقة والمعرفة ضدا للبشرية فهؤلاء الذين وقعوا في ضلالة أشد خطأ وأطم.

■ الفقيه ابن عابدين (توفي سنة 1252 هـ):

وتحدث خاتمة المحققين العلامة الكبير والفقيه الشهير الشيخ محمد أمين المشهور بابن عابدين رحمه الله تعالى في كتابه المسمى "مجموعة رسائل ابن عابدين" الرسالة السابعة "شفاء العليل وبل الغليل في حكم الوصية بالختمات والتهاليل" عن البدع الدخيلة على الدين مما يجري في المآتم والختمات من قبل أشخاص تزيوا بزي العلم وانتحلوا اسم الصوفية، ثم استدرك الكلام عن الصوفية الصادقين حتى لا يظن أنه يتكلم عنهم عامة فقال:

(ولا كلام لنا مع الصدق من ساداتنا الصوفية المبرئين عن كل خصلة ردية، فقد سئل إمام الطائفتين سيدنا الجنيد: إن إقواما يتواجدون ويتمايلون؟ فقال: دعوهم مع الله تعالى يفرحون، فانهم قوم قطعت الطريق أكبادهم، ومزق النصب فؤادهم، وضاقوا ذرعا، فلا حرج عليهم إذا تنفسوا مداواة لحالهم، ولوذقت مذاقهم عذرتهم في صياحهم).

■ ابن عجيبة :

(التصوف لب الإسلام، وهوعلم يعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك، وتصفية البواطن من الرذائل، وتحليتها بأنواع الفضائل، وأوله علم وأوسطه عمل وآخره موهبة. وأصله " أي التصوف" أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة التابعين، ومن بعدهم طريقة الحق والهداية وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد في ما يقبل عليه الجمهور من لذة مال وجاه والانفراد عن الخلق، والخلوة للعبادة، وكان ذلك عاما في الصحابة والسلف، فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده، وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا، اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة، فمن هذه النصوص، يتبين لنا أن التصوف ليس أمرا مستحدثا جديدا، ولكنه مأخوذ من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحياة أصحابه الكرام، فالصحابة والتابعون وإن لم يتسموا باسم المتصوفين، كانوا صوفيين فعلا، وإن لم يكونوا كذلك اسما).

■ شيخ الإسلام ابن تيمية :

تحدث الشيخ أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى عن تمسك الصوفية بالكتاب والسنة في الجزء العاشر من مجموع فتاويه فقال: (فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشايخ السلف مثل الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد بن محمد، وغيرهم من المتقدمين، ومثل الشيخ عبد القادرالجيلاني والشيخ حماد والشيخ أبي البيان، وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوغون للسالك ولو طار في الهواء أو مشى على الماء أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين، بل عليه أن يعمل المأمور ويدع المحظور إلى أن يموت. وهذا هوالحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف، وهذا كثير في كلامهم).

■ الشيخ رشيد رضا رحمه الله

قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله تعالى (لقد انفرد الصوفية بركن عظيم من أركان الدين، لا يطاولهم فيه مطاول، وهو التهذيب علماً وتخلقاً وتحققاً، ثم لما دونت العلوم في الملة، كتب شيوخ هذه الطائفة في الأخلاق ومحاسبة النفس..) .

مجلة المنار السنة الأولى ص726 من كتاب حقائق عن التصوف

■ الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله:

مقتطفات من إجاباته على أسئلة الزوار في موقعه على الإنترنت:

الصوفية تعني العمل على تصفية النفس من أخلاقها الذميمة عن طريق كثرة الذكر‏،‏ وكثرة الالتجاء إلى الله بالدعاء. أما تخلص الإنسان من ارتكاب المحرمات‏،‏ فذلك لا يتحقق إلا للرسل والأنبياء أما غيرهم‏ ،‏ فيظلون معرضين للمعاصي‏ ،‏ وكل بني آدام خطاء وخير الخطائين التوابون.

كلمة ‏(‏‏التصوف‏‏‏)‏ تعني العمل على تطهير النفس من الصفات المذمومة‏،‏ وهذا هو لب الإسلام وجوهره‏،‏ وكلمة ‏(‏‏‏التصوف‏‏‏)‏ ككلمة ‏(‏التزكية‏)‏‏‏ الواردة في القرآن كلاهما بمعنى واحد. وعلى هذا فكل مسلم صادق في إسلامه مستجيب لأوامر الله الواردة في كتابه‏،‏ لابدَّ أن يكون متصوفاً أو بتعبير آخر مهتماً بتزكية نفسه.

الصوفية المنضبطة بالكتاب والسنة لبّ الإسلام وجوهره.

علماء التصوف كعلماء الشريعة‏،‏ وكعلماء الأدب واللغة العربية... إلخ، فكما أن في هؤلاء العلماء من يخطئ في الفتوى وفي التعليم‏،‏ بل قد تجد فيهم من يدجّل‏،‏ فكذلك في علماء التصوف من أخطؤوا في فهمه أو فهم جوانب منه‏،‏ بل ربما تجد فيهم دجاجلة كاذبين. إذن التصوف من حيث هو ليس خطأ والمتصوفة ليسوا مخطئين ولكن كثيراً ما يتسرب إليهم جاهلون أو دجالون.

الطُّرق الصُّوفية يحكم لها أو عليها حسب موافقتها أو مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية التي دلَّ عليها كتاب الله وسنّة رسوله. إن هذه الطُّرق‏،‏ على تنوُّعها واختلافها‏،‏ لا تخرج عن كونها مناهج متعددة ومختلفة إلى تربية النفس وتطهيرها من الرُّعونات والآفات.. ولا شكَّ أن هذا الهدف مشروع ومطلوب‏،‏ كيف لا ومدار الشريعة الإسلامية كلها على تزكية النفس والسُّموّ بها إلى مكارم الأخلاق. ولكن لا يكفي أن يكون الهدف وحده نبيلاً ومشروعاً‏،‏ بل لا بدَّ أن تكون السُّبل إليه مشروعة أيضاً. ولا شكَّ أن كثيراً من المرشدين والقائمين على رعاية الطُّرق الصوفية‏،‏ يتجاوزون حدود الشريعة الإسلامية في كثير من مناهجهم وأساليبهم التَّربوية التي يأخذون بها مريديهم‏،‏ إن بقصد أو دون قصد.. هذه الطرق تصبح باطلة غير مشروعة في هذه الحال‏،‏ مهما قيل عن أهدافها المشروعة والنبيلة‏،‏ بل كُن على يقين أن الهدف المشروع في ميزان الإسلام لا يتحقق إلاّ من خلال التَّمسُّك بميزان الإسلام ذاته.

ما نقل عن الجنيد البغدادي والشبلي مما ذكرت (في سؤالك) كذب عليهما. وقد كان كل منهما مضرب المثل في التمسك بالكتاب والسنة والتحذير من أفكار وحدة الوجود.

كما قال في كتابه (هذا والدي): كان أبي رحمه الله يجزم بأن التصوف النقي هو جوهر الإسلام ولبابه وكان يؤكد أن المسلم إذا لم يكن قد تشرب حقيقة التصوف فقد حبس نفسه في معاني الإسلام ولم يرق صعدا إلى حقيقة الإيمان.

وقال أيضاً : التصوف الحقيقي لا يمكن إلا أن يكون مأخوذا من كتاب الله وسنة رسوله، ذلك لأن السعي إلى الوصول إلى ثمرات الإيمان بالله في القلب واجب، رسمه القرآن وأكدته السنة، ولم يكن رحمه الله يقيم وزنا لتصوف لم ينهض على أساس من العلم السليم بكتاب الله وسنة رسوله، وكان يرى أن صدق الانفعال بثمرات الإيمان التي هي حقيقة التصوف ولبه لا يأتي إلا من سعة العلم بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليهم وسلم وبالشرائع والأحكام التي خاطب الله بها عباده.

وقال حفظه الله أيضا في كتاب (السلفية): التصوف بمعناه الحقيقي السليم هو لب الإسلام، وجوهره الكامن في أعماق فؤاد الإنسان المسلم وبدونه يغدو الإسلام مجرد رسوم ومظاهر وشعارات، يجامل بها الناس بعضهم بعضا وهذا اللباب يتمثل في الرغبة والرهبة إذ تهيمن على قلب المسلم حبا له ومخافة منه فيتطهر فؤاده من أدران الضغائن والأحقا وحب الدنيا. ولا توقفنك إزاء هذه الحقيقة مشكلة الاسم، فلقد كان التحلي بهذا اللباب في صدر الإسلام مسمى لا اسم له إلا الإسلام، ثم سمي فيما بعد بـالتصوف. (بتصرف)

■ الاستاذ عباس محمود العقاد:

يقول في كتابه (الفلسفة القرآنية): التصوف في الحقيقة غير دخيل في العقيدة الإسلامية كما قلنا في كتابنا عن أثر العرب في الحضارة الأوروبية، ومثبوت في آيات القرآن الكريم، مستكن بأصوله، في عقائد صريحة.

■ الدكتور عبد الحليم محمود (شيخ الأزهر سابقا):

يقول في كتابه (قضية التصوف): التصوف لا يعدو أن يكون جهادا عنيفا ضد الرغبات ليصل الإنسان إلى السمو أو إلى الكمال الروحي، ليكون عارفا بالله، وإن الذين يربطون بين التصوف من جانب أو الكرامات وخوارق العادات من جانب آخر كثيرون، ولكن التصوف ليس كرامات ولا خوارق للعادات.

■ أبو الأعلى المودودي:

قال العلامة الكبير الاستاذ أبو الأعلى المودودي في كتابه مبادئ الإسلام تحت عنوان التصوف: إن علاقة الفقه إنما هي بظاهر الإنسان فقط، ولا ينظر إلا هل قمت بما أمرت به على الوجه المطلوب أم لا؟ فإن قمت فلا تهمه حال قلبك وكيفيته، أما الشيء الذي يتعلق بالقلب ويبحث عن كيفيته فهو التصوف.

إن الفقه لا ينظر في صلاتك مثلا إلا هل أتممت وضوءك على الوجه الصحيح أم لا؟ وهل صليت موليا وجهك شطر المسجد الحرام أم لا؟ وهل أديت أركان الصلاة كلها أم لا؟ وهل قرأت في صلاتك بكل ما يجب أن تقرأ فيها أم لا؟ فإن قمت بكل ذلك فقد صحت صلاتك بحكم الفقه، إلا أن الذي يهم التصوف هو ما يكون عليه قلبك حين أدائك هذه الصلاة من الحالة، هل أنبت فيها إلى ربك أم لا؟ وهل تجرد قلبك فيها عن هموم الدنيا وشؤونها أم لا؟ وهل أنشأت فيك هذه الصلاة خشية الله واليقين بكونه خبيرا بصيرا، وعاطفة ابتغاء وجهه الأعلى وحده أم لا؟ وإلى أي حد نزهت هذه الصلاة روحه؟ وإلى أي حد جعلته مؤمنا صادقا عاملا بمقتضيات إيمانه؟ فعلى قدر ما تحصل له هذه الأمور وهي من غايات الصلاة وأغراضها الحقيقية في صلاته تكون صلاته كاملة في نظر التصوف، وعلى قدر ما ينقصها الكمال من هذه الوجهة تكون ناقصة في نظر التصوف. فهكذا لا يهم الفقه في سائر الأحكام الشرعية إلا هل أدى المرء الأعمال على الوجه الذي أمره به لأدائها أم لا. أما التصوف فيبحث عما كان في قلبه من الإخلاص وصفاء النية وصدق الطاعة عند قيامه بهذه الأعمال، ويمكنك أن تدرك هذا الفرق بين الفقه والتصوف بمثل أضربه لك:

إنك إذا أتاك رجل نظرت فيه من وجهتين، إحداهما: هل هو صحيح البدن كامل الأعضاء؟ أم في بدنه شيء من العرج أو العمى؟ وهل هو جميل الوجه أو ذميمه؟ وهل هو لابس زسا فاخرا أو ثيابا بالية.

والوجهة الأخرى: إنك تريد أن تعرف أخلاقه، وعاداته، وخصاله، ومبلغه من العلم والعقل ولاصلاح. فالوجهة الأولى وجهة الفقه، والوجهة الثانية وجهة التصوف، وكذلك إذا أردت أن تتخذ أحدا صديقا لك، فإنك تتأمل في شخصيته من كلا الوجهتين، وتحب أن يكون جميل المنظر وجميل الباطن معا، كذلك لا تجعل في عين الإسلام إلا الحياة التي فيها اتباع كامل صحيح لأحكام الشريعة من الوجهتين الظاهرة والباطنة.

ثم قال: إنما التصوف عبارة في حقيقة الأمر عن حب الله ورسوله الصادق، بل الولوع بهما والتفاني في سبيلهما، والذي يقتضيه هذا الولوع والتفاني ألا ينحرف المسلم قيد شعرة عن اتباع أحكام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فليس التصوف الإسلامي الخالص بشيء مستقل عن الشريعة، وإنما هو القيام بغاية من الإخلاص وصفاء النية وطهارة القلب.

■ جلال الدين السيوطي رحمه الله:

قال العلامة المشهور جلال الدين السيوطي رحمه اله تعالى في كتابه (تأييد الحقيقة العلية): إن التصوف في نفسه علم شريف، وإن مداره على اتباع السنة وترك البدع، والتبري من النفس وعوائدها وحظوظها وأغراضها ومراداتها واختياراتها والتسليم لله والرضى به وبقضائه، وطلب محبته واحتقار ما سواه.. وعلمت أيضا أنه قد كثر فيه الدخيل من قوم تشبهوا بأهله وليسوا منهم، فأدخلوا فيه ما ليس منه، فأدى ذلك إلى إساءة الظن بالجميع، فوجه أهل العلم للتمييز بين الصنفين ليعلم أهل الحق من أهل الباطل، وقد تأملت الأمور التي أنكرها أئمة الشرع على الصوفية فلم أر صوفيا محققا يقول بشيء منها، وإنما يقول بها أهل البدع والغلاة الذين ادعوا أنهم صوفية وليسوا منهم.

■ الشيخ حسني حسن الشريف حفظه الله :

التصوف عندنا تزكية للقلب، لحفظ لطيفته، كحفظ الطب للأبدان، حتى يبقى القلب دائما محلاً طاهراً لنظر الله عز وجل.

وجملة القول أن أهل هذا الطريق أشهر وأسمى من أن يُحتاج في التعرف عليهم إلى لفظ مشتق أو قياس على هذا اللفظ، فالسالك لا يهمه الاسم الذي يطلق عليه مهما كان، طالما أنه مع الله والى الله في عمله وقصده، وإنما همه ومبتغاه هو أن يكون مع خالقه بلا غرض ولا مطلب ولا تحقيق شهوة دنيوية؛ اللهم إلا علاقة الشكر الدائم الذي لا ينقطع، والشعور بالقصور، والشعور بالقرب بعد كدورة البعد {اعْمَلُوا ءَالَ دَاوُدَ شُكْرًا} (13 سبأ).

وسواء سمي السالك صوفياً، أو أي اسم آخر، فهذا ليس بالأمر المهم، فنحن لا نهتم بالألفاظ والمسميات بقدر ما نهتم بالحقائق والمبادئ، فإذا ذكر أمامنا لفظ الصوفي أو التصوف، تبادرت إلى أذهاننا معاني تزكية النفوس، وصفاء القلوب، والسعي حثيثاً لإصلاحها، وصولاً إلى مرتبة الإحسان التي هي مقام كل العارفين الربانيين، الذين تحققوا من معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير الإحسان (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك). فهذه الحقائق سميت في القرن الثاني للهجرة تصوفاً، ولنا أن نسميه الآن: «الجانب الروحي في الإسلام» أو «أخلاق الإسلام» أو «التحقق من معاني الإحسان» أو أي اسم يتفق مع معاني شريعتنا الغراء وما جاء به الكتاب والسنة، وهما مصدر التصوف وحقيقته.

أما إنكار بعض الناس على هذا اللفظ (التصوف) بأنه لم يُسمع في عهد الصحابة والتابعين فهو مردود جملةً وتفصيلاً، لأن معظم الاصطلاحات أُحدثت بعد زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، واستعملها جيل الصحابة والتابعين، ولم تُنكر من كبار الصحابة وأئمة التابعين، كألفاظ التابعين، وتابعي التابعين، وأمير المؤمنين، وألفاظ النحو والفقه والمنطق وعلوم الإدارة و الدواوين وعلوم القرآن والتفاسير وعلوم الحديث والجرح والتعديل، كل هذه الاصطلاحات لم تكن تستعمل زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعملت فيما بعد ولم تنكر.

من كتاب الدلالة النورانية .
تكملة الموضوع

كتاب "المواقِف الرُوحية والفُيوضَات السّبُوحيَة"

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 




كتاب: "المواقِف الرُوحية والفُيوضَات السّبُوحيَة" للعالم المجاهد الصوفي العارف بالله رمز الجزائر والعروبة والتحرر سَيّدِي الأمير عبد القادر الجزائري رضي الله عنه وأرضاه.



تعريف بالكتاب:

من أبرز التعاريف التي حضي بها هذا الكتاب الشهير و النادر ما أورده المؤرخ الجزائري الدكتور أبو القاسم سعد الله في موسوعته تاريخ الجزائر الثقافي الجزء السابع

قال حفظه الله تعالى وأطال عمره :" ومن أشهر مؤلفات الأمير كتاب ( المواقف ) الذي يقع في ثلاثة مجلدات ، وكان الأمير قد استغرق في التصوف منذ حجّه ، وقد اختلى في غار حِراء أثناء مجاورته.
- وفي دمشق كانت له خلوة يتعبد فيها. وفي آخر سنواته ازداد تعمقاً في هذا الباب ، وكان يطالع أمهات كتب التصوف ومنها الفتوحات المكية وفصوص الحكم لابن العربي ، الذي يعده شيخه الأكبر.

- ويبدو أنه قد تأثر به كثيراً في ( المواقف ) إذ بناها على نظريات شيخه، حسب العارفين بهذا الفن،،، وكتاب ( المواقف ) يضم 372 موقفاً ، وقد طبع مرتين أولاهما كانت في عهد ابنه محمد ، أي سنة 1911.

- وقد قدم الأمير كتابه بعبارات صوفية مغرقة ووشح ذلك بمقامة أدبية -خيالية عن معشوقة تشبه معشوقة ابن الفارض ، وكل موقف من مواقفه تقريباً يبدأ بآية ذات معنى توحيدي أو صوفي ، ثم يأخذ في شرح الآية شرحاً صوفياً يتغلب عليه الفكر الباطني الذي يعبر عنه بالأسرار والغيبة عن الشهود ، وطالما عرّ ض الأمير بأهل الرسوم وعلماء الظاهر الذين لا يدركون أسرار الوجود ولا الحقيقة الإلهية.


- وقد أورد عدداً من المرايا التي حدثت له ، وجاء بأخبار و ( مواقف ) حدثت له ، يقظة أو مناماً منذ كان في الجزائر ، ولا سيما منذ حج ثانية . يقول الأمير في المقدمة : " هذه نفثات روحية ، وإلقاءات سبوحية ، بعلوم وهبية ، وأسرار غيبية ، من وراء طول العقول ، وظواهر النقول ، خارج عن أنواع الاكتساب ، والنظر في كتاب ، قيدتها لإخواننا الذين يؤمنون بآياتنا ".

- ومن الواضح أنه كتب المواقف "لإخوانه" الصوفية أو الذين لهم استعدادات صوفية ، مؤمنين بمبادئ أهل الباطن ذوي اللقاءات السبوحية...


آمن الأمير بوحدة الوجود تبعاً لشيخه ابن عربي . وهو يتمنى أن يكون إيمانه كإيمان العجائز.
ومما يذكر أن الناشر للمواقف اعتمد على عدة نسخ . منها نسخة الأمير بخط يده.
وقوبلت على نسخة جمال الدين القاسمي التي كانت بدار الكتب الظاهرية ، ثم نسخة عبد الرزاق البيطار ( وهو صديق الأمير وتلميذه ) وكانت على هذه النسخة تعاليق بخط الأمير نفسه.

المصدر:

تاريخ الجزائر الثقافي للدكتور أبو القاسم سعد الله الجزء السابع.

بيانات الكتاب:

- كتاب: المواقف الروحية والفيوضات السبوحية.
- تصنيف: الأمير عبد القادر الجزائري الحسني.
- تحقيق: الشيخ الدكتور عاصم إبراهيم الكيالي الحُسيني الشاذلي الدرقاوي.
- رقم الطبعة: الأولى.
- تاريخ الإصدار: 1425هـ/ 2004م.
- طباعة ونشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان.
- منشورات: محمد علي بيضون.
- عدد الأجزاء: 2 تم دمجهم للتسلسل.
- الحجم بالميجا: 30,2 Mo.



  
تحميل الكتـاب


تكملة الموضوع

منظومة رسالة المريد في قواطع الطريق وسوالبه وأصوله

بسم الله الرحمن الرحيم


وصلى اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رسالة المريد في قواطع الطريق وسوالبه وأصوله

للشيخ العلامة سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه وأرضاه ونور ضريحه وأمدنا بأسراه وعلومه آمين.







تكملة الموضوع

ترجمة العلامة الولي الصالح سيدي عبد القادر بن محمد



تعريف:

هو العارف بالله ، العلامة الولي الصالح، قدوة السالكين، مربي المريدين، فريد الزمان، الحامل لواء أهل العرفان، إمام الصوفية، سليل الدوحة البكرية، سلطان الأولياء سيدي الشيخ أبو عبد الله عبد القادر بن سيدي محمد بن سيدي سليمان بن ابي سماحة بن ابي ليلى بن عيسى ابي الحياء بن معمر بن سليمان ابي العالية بن سعيد بن عقيل بن حفص حرمة الله بن عساكر بن زيد بن حميد بن عيسى التادلي بن محمد الشبلي بن عيسى بن زيد بن يزيد بن الطفيل الزغاوي بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان بن الصحابي الجليل الخليفة الراشدي الأول سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

مولده:

ازداد سيدي الشيخ سنة 940 هـ - 1533م بالشلالة الظهرانية مستقر اسلافه (الجزائر). أمه تسمى السيدة شفيرية بنت الشريف الولي الصالح سيدي علي بن سعيد رحمهم الله.

مبلغ علمه:

قرأ القرآن الكريم صغيرا واستظهره ، ودرس العلوم الشرعية على يد عدة شيوخ نذكر منهم الولي الصالح سيدي الحاج بن عامر وسيدي عبد الجبار وسيدي موسى الحسن الكرزازي... وكان يصحب والده في زيارته لشيخه القطب سيدي محمد بن عبد الجبار الفجيجي. يحكى مرة أن الشيخ سيدي أحمد بن يوسف الملياني رحمه الله نظر ذات يوم إلى تلميذه أنذاك سيدي سليمان بن بوسماحة وقال له:" سيخرج منك نور ويخرج من هذا النور نور آخر يملأ الدنيا كلها." فكان النور الأول هو والده الولي الصالح سيدي محمد بن سليمان، أما النور الذي ملأ الدنيا كلها هو صاحب الترجمة رحمه الله. أنظر كتاب الطريقة الشيخية في ميزان السنة لمؤلفها الشيخ أحمد بن عثمان حاكمي حفظه الله.

إنتسابه للطريقة الشاذلية:

أخذ الطريقة الشاذلية عن القطب الشهير الشيخ سيدي محمد بن عبد الرحمان السهلي. كان على جانب عظيم من الأدب تجاه شيخه وكان يتعاهده بما يدخل السرور على قلبه، وكثيرا ما جربه الشيخ فوجده معه ماضي العزيمة، فنال منه مالا يدخل تحت حصر من الخيرات والبركات والعلوم والأسرار.

تأسيسه للزاوية:

استقر أولا بفجيج التي أقام بها زاويته المعلومة قبل أن يؤسس مجموعة من الزوايا الأخرى ومنها على الخصوص زاوية الأبيض. توفي شيخه سيدي محمد بن عبد الرحمان السهلي سنة 990 هـ وضريحه بالقصر القديم بالسهلي مشهور يزار أعاد الله علينا من بركاته. وامتدت شهرة سيدي عبد القادر بن محمد شرقا وغربا فقصده الزوار الملتمسون لبركته والتتلمذ له من كل حدب وصوب . غير أن بعض فقهاء فجيج كما هو الشأن بين أهل الظاهر والباطن تعرضوا له بالطعن وخاصة ابن أبي محلي الذي رماه بالعظائم وانتهك من حرمته مالا يجوز إلى أن قتل على أبواب مراكش أثناء محاولته الإستلاء عليها سنة 1022هـ - 1613م على يد القائد يحيى بن عبد الله الحاحي السوسي. ولعل ذلك من بين الأسباب التي حدت بسيدي الشيخ إلى انشاء قصيدته للرد على منتقديه مبرزا فيها تجربته الصوفية ومعراجه الروحي اتباعا للكتاب والسنة وعلى هدي شيوخ الطريقة الشاذلية دون ذكر اسم أو قدح في عرض، وذلك ادل دليل على علو همته وتنزهه عن سفاسف الأمور.اتصف رحمه الله بالصفات المأهلة للكمال من علم وعبادة وكرم سارت بحديثه الركبان ، وتحمل الأذى من القريب والبعيد وخبره الوارد في صفحه عن الثلاثة الذين حاولوا قتله واكرامه لهم وامداده اياهم باربعمائة درهم عند سفرهم مشهور كما كان محبا لآل البيت مواسيا لهم بماله وجاهه مساهما في الحياة الاجتماعية متوسطا فى حل النزاعاة بين الأفراد والجماعات ناهيا عن التعدى والظلم مرشدا لسبيل الخير وكل هذا له شواهد مكتوبة في سيرته ومناقبه حتى لقب بقاضي الصحراء ويحمل سيدي عبد القادربن محمد لقبه الشهير سيدي الشيخ الذي اصبح اسمه الشائع حتى ان حفدته تسمى باولاد سيدي الشيخ ويعود سبب حمله لهذا الاسم الى كرامة شهيرة متواترة مفادها ، ان امراة تلميذة للشيخ سقط ابنها ذات يوم في جب فنادت باعلى صوتها :"يا القادر يا عبد القادر" فاذا بشيخين يحملان معا اسم عبد القادر هبا لانقاذ الطفل اما شيخ المرأة فقد أعد يده من الأسفل قبل أن يسقط في الماء ، وأما الشيخ سيدي عبد القادر الجيلاني فسارع لإمساكه من الأعلى ، ولما لاحظ هذا الشيخ أن الطفل مستقر في يد شيخ آخر علم أنه يشاركه في الإسم ، فتوجه له بالقول :" ميز إسمك عن إسمي يا شيخ." علما منه أنه لا يستطيع القيام بإغاثة من هذا القبيل إلا شيخ كامل ، فأجابه سيدي عبد القادر بن محمد :" هو ذاك يا شيخ من الآن فصاعدا سأحمل إسم الشيخ الذي شرفتني به." وهكذا تمت له الشهرة بهذا اللقب على حساب إسمه الحقيقي عبد القادر .

وفاته:

توفي رحمه الله شهيدا عن 85 سنة إثر جروح أصيب بها في معركة ضد الإسبان بناحية وهران"طلقات نارية ، وضربات سيوف." ورجع متحملا بجروحه تلك إلى منزله، وأوصى أن لا يكشف أمره إلى حين وفاته، فلما توفي أخبرت زوجته التي كانت تتولى تمريضه بسبب موته، ثم إن الذين تولوا غسله أخبروا بالجروح التي وجدوها بجسده، ولا يحتج هنا بالقول أن الشهيد لا يغسل، لأنه لم يمت في أرض المعركة أولا، إذ كان بين إصابته وموته أكثر من أسبوع. ولما أحس بقرب أجله بعث في طلب أولاده وكانوا في أماكن متفرقة بعيدة، فاجتمعوا في أقصر مدة وأوصاهم بتقوى الله عز وجل وملازمة السنة، والتناصح والقيام بأمر الزاوية وإسعاف ذوي الحاجات... وكانت وفاته رحمه الله يوم الجمعة الثاني من ربيع الأول سنة 1025 هـ - 1616م. ونقل بناء على وصيته للأبيض (الجزائر) حيث دفن يوم الرابع من نفس الشهر يومه الأحد، وصلى عليه تلميذه وصهره سيدي محمد عبد الله الجراري بوصية منه كذلك. وضريحه بالأبيض مشهور جدا يزار ويقام عليه موسم سنوي يجتمع فيه مقاديم وفقراء وأحباب الشيخ رحمه الله. وله ضريح آخر رمزي بمدينة فجيج (المغرب) وهو مزار معلوم. ورثاه تلميذه الفقيه العلامة أبو العباس إبن فودي بقصيدة مطولة 117 بيتا ، سماها " روضة الأحزان ، ومهجة قلوب الإخوان ، لتعلم كيف قتل قطب الزمان ، شيخنا وقدوتنا نجل أبي داوود سليمان ."

بعض ألقابه التي عرف بها:


سيدي الشيخ، الشيخ السماحي، ابن أبي سماحة، المير، السلطان، بوعمامة، القرمامي، مولفرعة، دباب الداهشين، مول سبعة أقباب، رحلة البيضاء، إمام الصوفية، فارس المشالي، الغوث الرباني، مول الشهبة، ابن الدين...

أولاده:

لقد خلف الشيخ رحمه الله ثمانية عشر ولدا، مات منهم سبعة قبل أن يخلفوا والباقي أحد عشر ولدا تتكون من ذرياتهم قبائل أولاد سيدي الشيخ...

وهم:


- سيدي الحاج بن الشيخ وأمه من بني عامر.
- سيدي الحاج عبد الحاكم، سيدي الحاج ابراهيم، وسيدي محمد عبد الله وأمهم من توات.
- سيدي الحاج أبو حفص، سيدي عبد الرحمان، سيدي المصطفى وأمهم بنت سيدي أحمد المجدوب.
- سيدي الحاج أحمد، وأمه نصرانية أسلمت وهي دفينة خميس مليانة.
- سيدي محمد، سيدي التاج، سيدي بن عيسى لعرج، وأمهم بنت سيدي عبد الجبار الفجيجي.

المصدر: انظر موقع الطريقة الشيخية
تكملة الموضوع

ترجمة مجدد الطريقة الشيخية الشاذلية سيدي بوعمامة




هوالعارف بالله تعالى، والدال عليه، قطب زمانه، وفريد أوانه، المجاهد البطل العلامة، صاحب الكرامات والمكاشفات الكثيرة، سيدي الشيخ محمد أبوعمامة البوشيخي الصديقي بن سيدي العربي بن سيدي الشيخ بن سيدي الحرمة بن سيدي محمد بن سيدي ابراهيم بن سيدي التاج بن شيخ الطريقة وشمس الحقيقة سيدي الشيخ عبد القادر بن محمد رحمهم الله .

مولده:

إزداد حوالي1840م في واحة فجيج وكانت فجيج أو فكيك في تلك الفترة لا تزال ضمن النفوذ الجزائري وتابعة لإقليم الصّحراء قبل معاهدة لالّة مغنية سنة 1845م، وهو ينتمي إلى قبيلة أولاد سيدي الشيخ الجزائرية، وحتّى بعد معاهدة “لالّة مغنية” ظلّ أولاد سيدي الشيخ غير مكترثين ببنود هذه المعاهدة ولا يخضعون لأي سلطة، فكان الشّيخ إبراهيم بن التّاج جدّ الشيخ بوعمامة سيّدا مستقلا، وقد تمكّن من هزيمة سلطان الأسرة الفلالية مولاي الرشيد الذي حاول أن يُخضعه بالقوّة، قرأ القران الكريم صغيرا والعلوم الشرعية في الزوايا على مجموعة من الشيوخ نخص بالذكر منهم والده الفقيه الصالح، سيدي العربي بن الشيخ، وفي وسط عرف بالفضل والدين والصلاح، نشأ سيدي أبوعمامة نشأة عربية إسلامية كان لثورات أولاد سيدي الشيخ ضد الاحتلال كبير الأثر في نفسية الشيخ، وغرست فيه رغبة الجهاد، إتصل بكل أبناء عمومته أولاد سيدي الشيخ وأحبابهم من القبائل (اولاد سيدي أحمد المجدوب، المهاية، العمور، الشعانبة، الأغواط .....). جمع الصفوف ووحد الكلمة استعدادا لخوض المعركة.

حياته:

تربى الشيخ سيدي بوعمامة وترعرع على يد مقدم سيدي الشيخ،سيدي محمد بن عبد الرحمان، وهو الذي أشار عليه بالذهاب الى مغرار التحتاني جنوب ولاية النعامة الجزائر، حيث أسس زاويته حوالي 1875م، إحياء لطريقة الجد سيدي الشيخ في بلدة مغرار، حاول الشيخ أن يوحد كلمة أولاد سيدي الشيخ بعد أن تفرقت كلمتهم عقودا طوالا، وقد عمل بكل جد وإخلاص إحياء الطريقة الشيخية وإعطائها روح جديدة، بعد أن كادت تنمحي بسبب الصراع بين طوائف أولاد سيدي الشيخ حول الزعامة والأمور الدنيوية، وبنى هناك زاوية بمساعدة سكان البلدة، وأعلن أنه مرتبط دائما بالطريقة الشيخية، أي أنه لم يبدع طريقة جديدة، كما لم يعلن انفصاله عنها، أي أنه لم ينشئ طريقة خاصة بل هي بوعمامية شيخية متفتحة لكل المسلمين بدون تحفظ ولاتميز وقد التف حوله المريدون من مختلف القبائل، واكتسب سمعة حسنة بينها بالجزائر والمغرب، لتواضعه وتقواه ولأخلاقه المثالية فقد ذكربعض من عرفه أنه لم يؤثر عنه منذ أن بلغ أشده أنه ضحك القهقهة، ولم يكن ضحكه الا تبسما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت عنه أنه مد رجله في جماعة، وحتى في أيام شيخوخته، ولم يصح أنه أخر وقت الصلاة .

مجالسه رضي الله عنه:

كانت مجالسه روضة من رياض الجنة، حافلة بالعلم والذكر الجماعي خاصة دور سيدي الشيخ لاإله إلا الله، والتذكير والتناصح، لا يذكر أحدا من البشر بسوء حيا كان أو ميتا، كانت مجالسه كلها دعوة الى الله عز وجل وإلى طريقة أسلافه وتهاطلت عليه الوفود من كل جهت تحمل معها الهدايا والزيارات، إبتغاء البركة، وتجديد الطريقة، فإتسعت الصلات وتوثقت مع مختلف الطوائف، وكان الشيخ أنذاك لا يتوانى عن زيارة جده وشيخه سيدي الشيخ، المتواجد ضريحه ببلدة البيض الجزائر إلى أن إنتقلت إليه المشيخة بعد أن وقع له الفتح الكبير .

ما يحكى: أن الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد : سيدي الشيخ كانت لديه ياقوتة وهي عبارة عن شيء يشبه كرة متوسطة توارثها مشائخ الطريقة.


أوصى بها لإبنه سيدي الحاج أبوحفص ثم إنتقلت بعد موته إلى أخيه سيدي الحاج عبد الحاكم ثم لإبنه سيدي بحوص الحاج ثم لإبن عمه سيدي بن الدين الذي أعادها إلى مكانها قبيل موته أي داخل ضريح سيدي الشيخ قائلا: لا أحد يقدر على مسها أو حملها لأن عندها الإسم صاحبها لم يظهر بعد : وتذكر الرواية أن عددا كبيرا من أولياء الله تمنوا أن تكون من نصيبهم، تعبدوا الله وترددوا على : قبة سيدي الشيخ : دون أن يحصلوا على مبتغاهم، إلى أن ظهر الشيخ بوعمامة، الذي كان يتردد هو بدوره على : قبة جده : إلى أن قيل له ذات مرة أنت صاحب الياقوتة، أنت صاحب المنزولة، وهي الآن عند شيخنا سيدي الحاج حمزة بوعمامة.

----------------





من أقوال شيخنا الهمام، سيدنا البطل المجاهد الشيخ محمد بلعربي الملقب بأبوعمامة رحمه الله:

يقول الشيخ أبوعمامة للجينيرال الفرنسي اليوتي "

"لن تضعوا يدكم علي أبدا، نادوا على جيشكم الكبير، أما أنا فجيشي هو الايمان، اذا كان لا بد من مواجهتكم، فسأواجهكم بعد نفاد ذخيرتي بالعصي والأسلحة البيضاء، لقد ولدت لأموت من أجل أن يعيش أبناء بلدي أوفياء لتعاليم القرآن، نسأل الله النصر في الدنيا وفي الآخرة .... الجهاد. الجهاد .....

هذه المقولة قالها الشيخ للحاكم العام لا فيريار :

" اذا سمعتم رنين الرصاص بعد دفني، فاعلموا أني لا زلت في حرب ضد فرنسا " .

هذا رد الشيخ أبوعمامة على دعوة الجينيرال اليوتي عندما طلب منه كف تحرشاته على القوات الفرنسية واعلانه الطاعة لها .
" قل لمن أرسلك أن الطاعة معناها قبول السيادة الفرنسية وخيانة الله القوي، رايتنا هي راية الرسول عليه الصلاة والسلام، أنا لا أتمنى لقاء العدو وسأقاتل الى آخر قطرة من دمي .

يقول الجينيرال اليوتي في احدى رسائله المؤرخة في 14- 11- 1903م
يبدو أن بوعمامة هو الذي يجب أن نعزوا جميع همومنا، وما نعانيه دائما من مضايقات، فموقفه واضح العداء منذ مدة طويلة، اننا نجد أثره في كل مكان، في حارت " تاغيت" وفي قضية " المنقار" وحتى في الجيوش التي تضايقنا في العين الصفراء، ويرى أنصارنا جميعا هو عدونا اللذوذ، وان الزوابع والفتن والاضطرابات هو الذي يقف وراءها، وهو الذي يجب أن نقضي عليه، فاذا ما سقط، سقطت معه تقريبا جميع المتاعب التي تعاني منها جيوشنا على حدودنا في الجنوب الوهراني، كل المسلمين ينظرون الى الشيخ أبوعمامة أنه القائد الكبير الذي قاتل المسيخ في الجزائر باسم الله ومحمد، ويبقى في أعينهم رمز الجهاد والمقاومة ضد الغزو وضد الأفكار العصرية والصليب .

لقد عرض الفرنسيون على الشيخ أبوعمامة رحمه الله التوقف عن القتال مقابل الجاه والمنصب، له ولأبنائه كما جاء في الرواية الشفوية، وألقوا القبض على ابنه البكر السيد الطيب وهددوه بقتله اذا لم يستسلم لهم، ولكنه كان يرفض دائما تلك العروض، بل تخلى عن ابنه وفلذة كبده من أجل هدفه الأسمى ومبدئه في تحرير البلاد من الأعداء، لأنه يعرف أن الأعمار بيد الله .
لقد كان الشيخ ذا حدة وصرامة في الحق لم يملك الدنيا ولم تملكه، فهاهي الهبات والمنح والمناصب البراقة تعرض عليه مقابل العدول عن هدفه لكنه يؤثر تحمل المتاعب باختيار الجهاد والنضال وهو في سن متأخرة، أي رجل وأية نفس؟؟ وأية فطرة هذه المطبوعة على الصلابة والصرامة والقوة؟؟ أنها الآفاق التي تصبو اليها الجماهير الشعبية في رفض الدنية والسمو بالانسان الى عالم المثل ......
ولقد صوره الوجدان الشعبي بطلا حتى في جنازته اذ فرت القبائل المناوئة له من طريق حاملي جثمانه بعد أن رأت قوة شكيمة مشيعيه وبأسهم حتى وهم يدفنون زعيمهم .
وهاهي أمثلة عما أثر عن مقاومة الشيخ أبوعمامة.

يقول الشاعر البشير ولد حمو مذكرا بشجاعة الشيخ وأولاده :
أشتد اليوم أطراد الأبطال == رايس القوم أولاد بوعمامة
سيدي بمحاله كل يوم غلغال == على جيش الرومي بغى الزدمة .

الشاعر المقدم المهناني في قصيدة رثائية طويلة مطلعها :
عزوني يالناس في شيخ العربان == عزي وعنايتي ومفتاح أورادي
تبكي عيني عليه ما طال الزمان == طول الحياة والدموع على خدي .
لو شفتم ما فعل بشينين الديوان == لو كنتم يوم تيقري وخبر فندي
تشاهدوا ما ذا فعل الشيخ == بوعمامة بالماريشال اليوتي .

ومن المقطوعات الشعبية :

صلوا على النبي وأصحابه == يا ألي شفتوا بوعمامة سيدي
خيمة كبيرة قنطاسه عالي == يا ألي شفتوا بوعمامة سيدي
بين الجبال مبيح دواره == يا ألي شفتوا بوعمامة سيدي
بحر الطعام والبارود الزلزالي == يا ألي شفتوا بوعمامة سيدي
هو بعيد والرومي جار علينا == يا ألي شفتوا بوعمامة سيدي
يعطي الطعام يخدم في الروحاني == يا ألي شفتوا بوعمامة سيدي .


لقد انطفأت شمعة الشيخ محمد بن العربي " أبوعمامة" سنة 1908ه ولكن ذكراه باقية في قلوبنا وقلوب أبنائنا
تكملة الموضوع

ترجمة العارف بالله الشيخ محمد بن يلس التلمساني رضي الله عنه






هو العارف بالله محمد بن يلس, تلمساني الأصل و المنشأ, كان ممثل الطريقة الدرقاوية بمدينته, أخذ الطريق عن الشيخ محمد الهبري ثم عن الشيخ محمد بن الحبيب البوزيدي الذي أذن له في الإرشاد و الدعوة إلى الله كما ذكره في قوله:

بالهبري تم المرادرقاني إلى الأوراد
و مقام الإرشادمن البوزيدي مأخوذ

و الشيخ محمد الهبري و الشيخ محمد البوزيدي تربيا على يد الشيخ محمد ابن قدور الوكيلي الكركري و هما الإثنان مأذونان بالإرشاد فلمّا قرب انتقال الشيخ سيدي محمد ابن قدّور الوكيلي رضي الله عنه إلى جوار ربه كان يردد هذه الكلمات: "أخذ البوزيدي الِقربة برباطها ! " و الِقربة هي وعاء من جلد الشاة للسقاية, و هذه إشارة واضحة بأن سيدي البوزيدي اخذ السّر من شيخه رضي الله عنهم أجمعين و طلب منه أن يخلفه في الإشراف على زاويته بجبل كركر.

ثم بعد وفاة شيخه محمد البوزيدي بايع الشيخ محمد بن يلس الشيخ أحمد العلوي على الخلافة عام 1909م / 1327هـ كما يروي ذلك الشيخ العلوي بنفسه:

يقول الشيخ العلوي و هو يتكلم عن الفترة التي كان ينوي فيها هجرة الجزائر حينما توفي شيخه محمد البوزيدي رضي الله عنه :" لما انقضى نظر الفقراء أن لا يسمحوا لي بالذهاب، وساعدتهم الأقدار على ذلك، فعزموا على اجتماع عمومي يكون بزاوية الأستاذ رضي الله عنه، ولما وقع الإجتماع تحت أنظار كبار الفقراء، وكان من جملتهم حضرة العارف بالله (الحاج محمد بن يلّس التلمساني) المهاجر الآن بمدينة دمشق بالشام، فتولى خطاباً يذكر ما يحتاج إليه المقام، ثم وقعت البيعة من جميعهم قولاً، وهكذا استمرت على ذلك من أكابر الفقراء " إهـ

قصد محمد بن يلس بلاد الشام في 20 من رمضان 1329 هـ الموافق ل 14 سبتمبر 1911 مارا بطنجة براً ثم إلى مرسيلبا بحراً ثم إلى الشام بحراً كذلك فأصبح بذلك ممثل الطريقة الشاذلية الدرقاوية , إذ لم تأخد الطريقة إسم صاحبها الشيخ العلوي إلاَّ سنة 1914 / 1332 هـ

وسبب هجرته إلى الشام هو تأهب فرنسا أنذاك لإحتلال المغرب الأقصى و الحضر على الأهالي في الجزائر أن لا يجتمعوا بالعلماء سواء بالجزائر أو بالمغرب حيث كان التنقل حرا بين هاذين البلدين , فعزم الكثير من أهل العلم و الصلاح على الهجرة إلى المشرق و قد سميت هذه المرحلة من التاريخ الجزائري بفترة الفارِّين بدينهم أو هجرة التلمسانيين , الشيخ محمد بن يلس و كذا محمد بن الهاشمي الذي كان من أتباعه كانا من بين هؤلاء

عملت الحكومة التركية آنذاك على تفريق جميع الجزائريين ففرقت بين محمد يلس الذي بقي بدمشق و محمد بن الهاشمي الذي ذهب إلى تركيا و أقام في أضنة ,حتى لمَّ الله شملهما بعد عامين من الزمن بدمشق

توفي رحمه الله و رضي عنه يوم الثلاثاء 26 ديسمبر 1927م الموافق لـ 11 من جمادى الثاني 1346هـ بدمشق بالشام
تكملة الموضوع

اللبؤة الجزائرية البطلة الشهيدة لالا فاطمة نسومر



الصورة الوحيدة المعروفة للالا فاطمة نسومر


لالة فاطمة نسومر (1830-1863)

تظل « لالا فاطمة نسومر » نموذجاً فذاً لكفاح المرأة الجزائرية بتمردها على الظلم والطغيان ، وأسطورة تروى جيلا بعد جيل ،.فهذه المرأة استطاعت بكل ما تملك الأنثى من سلاح أن تقهر أعلى الرتب العسكرية في الجيش الفرنسي الاستعماري الذي أراد أن يقتحم عرين اللبؤة ،ناهيك عما امتازت به من الأدب والتصوف والذكاء الخارق ، وما انفردت به من بطولة وشجاعة ودراية وحنكة في إدارة المعارك ، وهي التي واجهت عشرة جنرالات من قادة الجيش الفرنسي فلقنتهم دروس البطولة والفروسية . فهي قد نشأت في أسرة تنتمي في سلوكها الاجتماعي والديني إلى الطريقة الرحمانية ، فأبوها سيدي « محمد بن عيسى » مقدم الشيخ الطريقة الرحمانية ، وكانت له مكانة مرموقة بين أهله وكان يقصده العامة والخاصة لطلب المشورة وأمها هي لالا خديجة التي تسمى بها جبال جرجرة بالجزائر .

المولد:

ولدت لالا فاطمة بقرية ورجة سنة 1246هـ/1830م وتربت نشأة دينية. لها أربعة إخوة أكبرهم سي الطاهر. و تذكر المصادر التاريخية ما كان للمرأة من خصائص تميزها عن بنات جبلها، من سحر الجمال و رقة الأدب و الذكاء الخارق.

النشأة:

نشأت لالا فاطمة نسومر في أحضان أسرة تنتمي في سلوكها الإجتماعي و الديني إلى الطريقة الرحمانية، أبوها سيدي محمد بن عيسى مقدم زاوية الشيخ سيدي احمد امزيان شيخ الطريقة الرحمانية. كان يحظى بالمكانة المرموقة بين أهله، إذ كثيرا ما كان يقصده العامة و الخاصة لطلب النصح و تلقي الطريقة ، أما أمها فهي لالا خديجة التي تسمى بها جبل جرجرة و عند بلوغها السادسة عشر من عمرها زوجها أبوها من المسمى يحي ناث إيخولاف إذ قبلت به على مضض بعدما رفضت العديد من الرجال الذين تقدموا لخطبتها من قبل ، لكن عندما زفت إليه تظاهرت بالمرض و أظهرت كأن بها مسّ من الجنون فأعادها إلى منزل والدها و رفض أن يطلقها فبقيت في عصمته طوال حياتها.

تصوفها و إنتسابها للطريقة الرحمانية:

آثرت حياة التنسك و الانقطاع و التفرغ للعباة، كما تفقهت في علوم الدين و تولت شؤون الزاوية الرحمانية بورجة. و بعد وفاة أبيها وجدت لالا فاطمة نسومر نفسها وحيدة منعزلة عن الناس فتركت مسقط رأسها و توجهت إلى قرية سومر أين يقطن أخوها الأكبر سي الطاهر، و إلى هذه القرية نسبت .تأثرت لالاّ فاطمة نسومر بأخيها الذي ألّم بمختلف العلوم الدينية و الدنيوية مما أهله لأن يصبح مقدما للزاوية الرحمانية في المنطقة و أخذت عنه مختلف العلوم الدينية، ذاع صيتها في جميع أنحاء القبائل. قاومت الاستعمار الفرنسي مقاومة عنيفة أبدت خلالها شجاعة و بطولة منفردتين، توفيت في سبتمبر 1863، عن عمر يناهز 33 سنة.

جهادها ضد الغزو الفرنسي:



تصوير مطبوع يظهر لالا فاطمة نسومر أثناء القتال

برهنت فاطمة على أن قيادة المقاومة الجزائرية ليس حكر على الرجال فقط بل شاركت فيها النساء، و فاطمة نسومر شبت منذ نعيم أظافرها على مقت الاستعمار و مقاومتها له رغم تصوفها و تفرغها للعبادة و التبحر في علوم الدين التنجيم، إلا أن هذا لم يمنعها من تتبع أخبار ما يحدث في بلاد القبائل من مقاومة زحف الغزاة الفرنسيين و المعارك التي وقعت بالمنطقة لا سيما معركة تادمايت التي قادها المجاهد الجزائري الحاج عمر بن زعموم ضد قوات الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال بيجو سنة 1844، كما أنها لم تكن غافلة على تمركز الغزاة الفرنسيين في تيزي وزو بين 1845-1846، و في دلس 1847 تم محاولة الجنرال روندون من دخول الأربعاء ناث إيراثن عام 1850التي هزم فيها هزيمة منكرة . و لما واتتها الظروف انضمت إلى المقاومة حيث شاركت بجانب بوبغلة في المقاومة و الدفاع عن منطقة جرجرة و في صد هجومات الاستعمار على أربعاء ناث إيراثن فقطعت عليه طريق المواصلات و لهذا انضم إليها عدد من قادة الأعراش و شيوخ الزوايا و القرى، و لعل أشهر معركة قادتها فاطمة نسومر هي تلك التي خاضتها إلى جانب الشريف بوبغلة (محمد بن عبد الله) في مواجهة الجيوش الفرنسية الزاحفة بقيادة الجنرالين روندون و ماك ماهون فكانت المواجهة الأولى بربوة تمزقيدة حيث أبديا استماتة منقطعة النظير، إلا أن عدم تكافؤ القوات عدة وعددا إضطر الشريف بوبغلة بنصيحة من فاطمة نسومر على الإنسحاب نحو بني يني ، وهناك دعيا إلى الجهاد المقدس فاستجاب لهما شيوخ الزوايا و وكالاء مقامات أولياء الله فجندوا الطلبة و المريدين و اتباعهم واتجهوا نحو ناحية واضية لمواجهة زحف العدو على قراها بقيادة الجنرالين زوندون و يوسف التركي و معهما الباشا آغة الخائن الجودي، فاحتدمت المعركة وتلقت قوات العدو هزيمة نكراء، و تمكنت لالا فاطمة نسومر من قتل الخائن الجودي بيدها كما استطاعت أن تنقذ من موت محقق زميلها في السلاح الشريف بوبغلة حينما سقط جريحا في المعركة.

بالرغم من الهزيمة النكراء التي منيت بها قوات روندون بتشكرت ، إلا أن ذلك لم يثنه من مواصلة التغلغل بجبال جرجرة، فاحتل عزازقة في سنة 1854 فوزع الأراضي الخصبة على المعمّرين الوافدين معه، و أنشأ معسكرات في كل المناطق التي تمكّن منها، وواصل هجومه على كل المنطقة . بالرغم من التغلغل والزحف لم يثبّط عزيمة لالة فاطمة نسومر من مواصلة هجوماتها الخاطفة على القواة الغازية فحققت انتصارات أخرى ضد العدو بنواحي يللتن و الأربعاء و تخلجت و عين تاوريغ و توريرت موسى، مما أدى بالقوات الفرنسية إلى الاستنجاد بقوات جديدة و عتاد حديث، إضطرت على إثرها فاطمة نسومر إلى إعطاء الأوامر بالإنسحاب لقواتها إلى قرية تاخليجت ناث عيسو، لا سيما بعد اتبّاع قوات الاحتلال أسلوب التدمير و الإبادة الجماعية، بقتل كل أفراد العائلات دون تمييز و لارحمة.



المارشال جاك لوي رندون 1795-1871


و لم يكن انسحاب فاطمة نسومر انهزام أو تقهقر أمام العدو أو تحصننا فقط بل لتكوين فرق سريعة من المجاهدين لضرب مؤخرات العدو الفرنسي و قطع طرق المواصلات و الإمدادات عليه.

الشيء الذي أقلق جنرالات الجيش الفرنسي و على رأسهم روندون المعزز بدعم قواة الجنرال ماكمهون القادمة من قسنطينة . خشي هذا الجنرال من تحطم معنويات جيوشه أمام هجمات فاطمة نسومر، فجند جيشا قوامه 45 ألف رجل بقيادته شخصيا، اتجه به صوب قرية آيت تسورغ حيث تتمركز قوات فاطمة نسومر المتكونة من جيش من المتطوعين قوامه 7000 رجل و عدد من النساء وعندما احتدمت الحرب بين الطرفين خرجت فاطمة في مقدمة الجميع تلبس لباسا حريريا أحمر كان له الأثر البالغ في رعب عناصر جيش الاحتلال.

على الرغم من المقاومة البطولية للمجاهدين بقيادة فاطمة نسومر فإن الانهزام كان حتميا نظرا للفارق الكبير في العدد و العدة بين قوات الطرفين، الأمر الذي دفع فاطمة نسومر إلى طرح مسألة المفاوضات و إيقاف الحرب بشروط قبلها الطرفان.

إلا أن السلطات الاستعمارية كعادتها نقضت العهود ،إذ غدرت بأعضاء الوفد المفاوض بمجرد خروجهم من المعسكر حيث تمّ اعتقالهم جميعا ، ثم أمر الجنرال روندون بمحاصرة ملجأ لالا فاطمة نسومر و تم أسرها مع عدد من النساء.

وفاتها:

و خوفا من تجدد الثورة بجبال جرجرة أبعدت لالا فاطمة نسومر مع 30 شخصا من رجال و نساء إلى زاوية بني سليمان بتابلاط و بقيت هناك لمدة سبع سنوات إلى أن وافتها المنية عن عمر يناهز 33 سنة ، على إثر مرض عضال تسبب في شللها.

رحم الله البطلة المقاومة لالا فاطمة نسومر و أسكنها فسيح جنانه.
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |