حمل كتاب الأمير عبد القادر للمفكر برونو إتيين

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 



- كتاب: الأمير عبد القادر
- تأليف: برونو إتيين
- ترجمة: المهندس ميشيل خوري
- الطبعة الأولي: سنة 1997
- الناشر: دار عطية للنشر بيروت.لبنان

- انتهج المؤلف في هذا الكتاب سرد الأحداث التاريخية للأمير بلون من ألوان السرد القصصي، يصف لنا من خلاله المشاهد والوقائع التي عايشها الأمير بأسلوب تفصيلي، وما يظهر جليا للقارئ أن المؤلف في كثير من فقرات هذا الكتاب اعتمد لونا من ألوان الكتابة العرفانية، تماما كالتي نراها عند الشيخ الأكبر ابن عربي قدس الله سره، فكثيرا ما نراه يستدل بالفتوحات المكية وقد اخترت فقرة من مقدمة الكتاب تشعر وكأنه يريد أن يبين للقارئ في هذا المشهد عن آداب المريد مع شيخه (السلوك والتربية الروحية) وكذا عن المقام والمكانة العالية التي كان يحظى بها سيدي عبد القادر الجزائري قدس الله سره في أرض الشام الطاهرة.

*.*.*



- يقول المؤلف:

آذار مايو 1883 م دمشق...
الغروب يسكب ألوانا زاهية على المسجد الأموي الواسعة. ووحده الحفيف المتطفل للعديد من الحمائم المعشعشة في النواتئ يعكر صفو السكون في هذا المكان الوقور وانسجامه.

بساطة هندسية وتوجه:

وعبد القادر يجلس في زاويته المفضلة على السجاّد الذي يفرش أرض المسجد، مستندا إلى الحوض الصغير الجميل، ذي الحجر الوردي، وقد أنهى للتوّ درسه، ولم يلاحظ التلاميذ، حتى من كان منهم في الصفّ الأوّل إلاّ زفرات التنفس الصادرة عن الجسم المترنح، فالمعروف أن الأمير تعوّد أن يرجّح جذعه قليلا وهو يشرح فكرته، بينما يسجل المستمعون الجالسون حوله في هذا السكون الملائم أملياته دون أن يرفعوا رؤوسهم، لكن في هذه المرّة أحسّ العايش، صديقه الأثير، أن شيئا ما قد حدث، فمعلمه الجليل يسعل منذ بدء الشتاء القاسي الذي اضطر فيه الأمير أن يعود من المزرعة والثلج يتساقط، رغم أنه الآن قد تجاوز السبعين من العمر.
تفرّق التلاميذ، وأذان صلاة المغرب يعلو، وتجمع العديد من المؤمنين بخطوات صامتة، مولين وجوهم نحو القبلة – إتجاه مكة المكرّمة.

*.*.*

ساعد العايش معلمه في النهوض وأسنده من تحت إبطه ليصطحبه إلى منزله عبر الشوارع الفاترة، وأصحاب الحوانيت يحيّون بإجلال الموكب المألوف للرجل الوقور ذي القدر الكبير.

سكن الأمير عبد القادر عند بدء إقامته في دمشق في المسكن الذي توفي فيه، للعام 638 هـ / 1240 م، معلمه ابن العربي، الشيخ الأكبر بعد أن وضعه تحت تصرفه والي دمشق عزت باشا، لكنه ارتضى بعد ذلك بسبب كثرة أفراد عائلته وتعدّد ضيوفه أن ينتقل إلى مقر رائع أكثر سعة، يقع في نهاية رّدب على بعد بضع الخطوات من الجامع.

*.*.*



انهمكت النساء، وتصايح الخدم، وذعر كل من في المنزل الداخليين، وتزاحموا على السلالم.
قال عبد القادر، (( أريد أن أبقى وحدي فترة)).

قاده العايش إلى مكتبته، مكانه الأثير حيث يعمل وفق وصية النبي صلى الله عليه وسلم: أطلبوا العلم ولو في الصين...

قال لتلميذه، كالرسول صلى الله عليه وسلم نفسه – ولتحل عليّ بركته هذه الساعة، أخشى، يا بنيّ، ألا تبرد قدماي حتى يتنازعوا على ميراثي فإليك إذا أريد أن أعهد بوصيتي الروحية، أما تلك الدنيوية فإنني أخشى أن تغدو موضوع منازعات تستمر طويلا ... تذكّر مشهد النبي صلى الله عليه وسلم – والله قد شرفه وقوّاه على نشر رسالته – عندما طلب كاتبين، وهو على فراش الموت ثم عاف الدنيا، وأدار وجهه إلى الحائط قبل أن تنطق روحه إلى باريها وهو مستند إلى كتف عائشة. أتعتقد أنني أجهل ما سيحدث ما أن ألمح رئيس الملائكة جبريل ؟... ثم توجه بالدعاء، أنت أيّها الإله الحي القيوم، أتضرّع إليك أن تلطّف ليلي، وتغمض عيني... إنا لله وإنا إليه راجعون... اغفر يا الله للأحياء والأموات، وللحاضرين والغائبين، وللصغار والكبار، وللرجال والنساء، أنت العليم بحلنا وترحالنا.اهـ

*.*.*

صراحة كتاب رائع جدا لن تمل أبدا من قراءته

الحجم: 16,0 Mo

صفحة التحميل



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق