ترجمة العلامة المحدث محمد العربي بن التباني السطايفي الجزائري


ترجمتنا اليوم هي لعلم من أعلام القرآن وواحد من أجلة المشايخ المحدثين في العشرينيات من القرن الماضي بالحرمين الشريفين إنه الإمام الفقيه، المحدث، الحجة، الحافظ، الزاهد، الورع، المحقق الكبير، فارس المنقول والمعقول، البركة، الشيخ الهمام العلامة سيدي محمد العربي بن التباني بن الحسين بن عبد الرحمن بن يحيى السطايفي (نسبة على مدينة سطيف بالجزائر).


مولده ونسبه الشريف:

هو الإمام العالم العلامة المحدث الفقيه "سليل الدوحة النبوية المباركة" سيدي محمد العربي بن التباني بن الحسين الجزائري الحسني المالكي بن عبد الرحمن بن يحيى بن مخلوف بن أبي قاسم بن علي بن عبد الواحد ...من ذرية سيدي القطب عبد السلام بن مشيش قدس الله سره بن أبي بكر بن علي بن محمد حرمة بن عيسى بن سلام بن مزوار بن علي حيدرة بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وقع ازدياده رضي الله عنه عام 1315هـ /1898م بقرية راس الوادي من أعمال سطيف بالجزائر.

نشأته:

نشأ في كنف والديه الكريمين فحفظ القرآن الكريم في كتّاب قريته رأس الوادي فتلقى تعاليمه الأولى حيث حفظ القرآن الكريم وعمره أثنا عشر عاماً وحفظ معه بعض المتون الصغار مثل الأجرومية والعشماوية والجزرية تلقى ذلك وهو في كفالة والده ثم شرع في التوسع وبدأ في تلقي بعض المبادئ في العقائد والنحو والفقه على يد عدة مشايخ وعلماء أفاضل من أجلهم الشيخ عبد الله بن القاضي اليعلاوي رحمه الله تعالى.

رحلاته:

وبعد بلوغه رحل إلى تونس ومكث بها أشهراً درس أثناءها على أيدي بعض مشايخ جامع الزيتونة المشهورين في الفقه والنحو والصرف والتجويد أداء وقراءة مع حفظ بعض المتون الأخرى، وبعد هذه الرحلة أكرمه الله تعالى برحمة أخرى إلى المدينة المنورة الشافية قرية الأنصار على صاحبها ومنورها أفضل الصلاة وأزكى التسليم حيث لازم فيها كبار العلماء خاصة منهم المالكية كالعلامة أحمد بن محمد خيرات الشنقيطي التندغي وقرأ على يديه (الدردير على مختصر خليل) وأيضاً الرسالة البيانية ومسيرة ابن هشام وديوان النابغة وسنن أبي داود ولازم بها أيضاً العالم المشهور العلامة حمدان بن احمد الونيسي المتوفى عام 1338هـ حيث قرأ عليه تفسير الجلالين وألفية ابن مالك بشرح ابن عقيل ومن مشائخه أيضاً ببلد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام الشيخ عبد العزيز التونسي المتوفى عام 1336هـ حيث قرأ عليه كماً كبيراً من موطأ مالك مع الشرح للزرقاني وقطعة من مختصر خليل وممن لازمه شيخنا العربي التباني اللغوي الشهير محمد محمود الشنقطي.

*.*.*.*.*

ثم بعد ذلك رحل إلى دمشق الشام حيث مكث فيها شهوراً وكان يزور مكتبة الملك الظاهر المعروفة بالظاهرية وأحياناً كان يتردد على دار الحديث الإشرافية، ثم خرج من دمشق قاصدا أم القرى مكة المكرمة بعد أن تكبد مخاطر الطريق ومشاق السفر حيث وصل مكة المكرمة في شهر رجب عام 1336هـ وبدأ بالدراسة والحضور في حلقات العلم بالمسجد الحرام و أخذ من تلك الأنوار حيث أخذ عن الشيخ عبد الرحمن الدهام المتوفى عام 1337هـ دروساً في فنون شتى فقرأ عليه شرح زكريا الأنصاري وأخذ عن الشيخ مشتاق أحمد الهندي شرح القطبي على الشمية ولبراعته وحذاقته في الفهم ختم مع القراءة والمطالعة كثيراً من الكتب الكبيرة والصغيرة والرسائل وجميعها في الطبقات والتراجم والسير والتاريخ، وفي عام 1338هـ عين مدرساً بمدرسة الفلاح بمكة المكرمة نظراً لتفوقه ونبوغه فاشتغل بالتدريس تحت أروقة الحرم المكي الشريف فتخرج من تحت يديه تلاميذ كثيرون أصبحوا بعده قناديل تضيء ساحات الحرم، منهم العلامة الكبير سيدي محمد علوي المالكي الحسني المكي الذي يلقب بـ محدّث الحرمين وشيوخ أخرون سنأتي على ذكر أسماءهم تبعا في الترجمة.

شيوخه:

منهم الشيخ عبد الله بن القاضي اليعلاوي، والشيخ أحمد بن محمد خيرات الشنقيطي، والشيخ حمدان بن أحمد الونيسي، والشيخ محمد بن محمد بن عبد القادر الفاسي، والشيخ عبد العزيز الوزير التونسي، والشيخ المكي بن عزوز التونسي، أحد أحفاد الولي الصالح سيدي محمد بن عزوز البرجي ناشر الطريقة الرحمانية بالجنوب الجزائري، والشيخ بالقاسم بن منيع القسنيطني، والشيخ أحمد الخياط الزكاري، والشيخ أحمد بن عبد السلام البناني، والشيخ محمد بن محمود الشنقيطي، والشيخ عبد الرحمن دهان، الشيخ فالح بن محمد الظاهري، والشيخ محمد بخيت المطيعي، والشيخ محمد جعفر الكتاني، والشيخ محمد عبد الحي الكتاني، والشيخ مشتاق أحمد الهندي، والشيخ طاهر بن عمر الرياحي، والشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني، والشيخ شنون الجزائري، وغيرهم رحمهم الله تعالى أجمعين.

دروسه:

شارك العلماء في التدريس بالمسجد الحرام في حصوة باب القطبي ، وبين بابي الباسطية وزيادة وفي حصوة باب الزيادة، وأخيراً في رواق باب العمرة، وفي داره العامرة في الشامية وفي العتيبية "اللصوص" كعادة علماء البلد الحرام، إضافة إلى تدريسه في المسجد النبوي الشريف حال زيارته.

تلاميذه:

هم أغلب علماء الحرمين الشريفين الذين أصبحوا فيما بعد علماء يلقون الدروس في الحرم الشريف وازدهرت بهم جنبات الحرم وأصبحت حلقاته العلمية نورا يضيء أروقة الحرم مثل فضيلة الدكتور محمد علوي مالكي والعلامة الفاضل الشيخ محمد نور سيف بن هلال والعالم الصالح محمد أمين كتبي ومن تلاميذه أيضاً و لسيد محمد أمين كتبي، والشيخ محمد نور سيف، والشيخ عبد الله اللحجي، والعلامة علوي بن عباس المالكي والشيخ عبد الله دردوم، والشيخ محمد أمين ميرداد، والشيخ إسماعيل الزين، والشيخ أحمد جابر جبران، وغيرهم كثير رحمهم الله تعالى أجمعين.

وظائفه:

1ـ مدرساً بالمسجد الحرام من عام 1338 هـ إلى عام 1390 هـ.
2ـ مدرساً بمدرسة الفلاح من عام 1338 هـ إلى عام 1390 هـ.
3ـ مدرساً بالمسجد النبوي الشريف أثناء الزيارات.
4ـ مدرساً بمدرسة المطوفين بالمسجد الحرام عام 1347 هـ.

مؤلفاته:

لشيخنا مصنفات كثيرة نافعة ومفيدة منها
1 مختصر تاريخ دولة بني عثمان.
2 براءة الأشعريين من عقائد المخالفين.
3 براءة الأبرار ونصيحة الأخيار من خطل الأغمار.
4 خلاصة الكلام في المراد بالمسجد الحرام.
5 التعقيب المفيد من هدي الرزعي الشديد.
6 حلبة الميدان ونزهة الفتيان في تراجم الفتاك والشجعان.
7 إسعاف المسلمين والمسلمات بجواز القراءة ووصول ثوابها إلى الأموات.
8 إتحاف ذوي النجابة بما في القرآن والسنة من فضائل الصحابة.
9 تنبيه الباحث السري إلى مافي رسائل وتعليقات الكوثري.
10 النصيحة والاستدراكات على كتاب المحاضرات للخضري "تحذير العبقري".
11 محادثة أهل الأدب بأخبار وأنساب جاهلية العرب.
12 اعتقاد أهل الإيمان بنزول المسيح ابن مريم عليه وعلى نبينا السلام آخر الزمان.
وكتاب آخر لايزال مخطوطا و لم يطبع بعد هو "إدراك الغاية من تعقب ابن كثير في البداية".

وفاته:

وبعد حياة حافلة بالخير ومسيرة إسلامية طيبة درس خلالها تحت أروقة الحرم المكي تشع أنواره في أرجاء الحرم معلما لمبادئ الدين الإسلامي توفي شخينا السيد الشريف العربي التباني وانتقل إلى الرفيق الأعلى يوم الخميس الثاني والعشرون من شهر صفر الخير عام 1390هـ /أبريل 1970م بمكة المكرمة وصلى عليه بالمسجد الحرام ودفن بمقابر المعلاة في شعبة النور بجوار قبر السيدة أسماء الصديقية " ذات النطاقين" واشترك في تشيعه عدد كبير من العلماء وأهل العلم ومحبيه وتلاميذه وعارفي فضله وهكذا ودع أهل مكة عالما من علمائها الأجلاء الأفاضل الأفذاذ وصالحاً من الصالحين وفقدت مكة بوفاته رجلاً من الأعيان والأعلام وقطب من أقطاب المعرفة، ولفراقه عم حزن كبير أرجاء مكة المكرمة، رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته وجزاه الله عن العلم والعلماء خير الجزاء نظير ما قدم من علم وعمل وجعل الجنة مثواه.

المصدر:

الترجمة منقولة بتصرف عن مقال بقلم الأستاذ الفاضل الكاتب الكبير عبد الرحمن عربي المغربي.

هناك تعليقان (2):

  1. رحمه الله ونفعنا به

    ردحذف
  2. هذا العلامة هو فخر للجزائر والسطايفيين وكل التبانيين رحمه الله

    ردحذف