من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة الولي الصالح سيدي يعقوب ابن الحاج التلمساني


مسجد سيدي يعقوب

(أ)1- أصله :

هو سيدي يعقوب بن الحاج التلمساني ويرجع أصله إلى الجد الأكبر سيدي يعقوب الشريف دفين جبل مغراوة بالظهرة مازونة.

و قد قال العلامة لعشماوي عن الجد انه خلف سبعة عشر ولدا و غصون شجرته و أثمرت...

و من بين هذه الغصون و الفرق يقول :

...و منهم فرقة بولهاصة تعرف بأولاد سيدهم و فرقة تعرف بأولاد يعقوب الحاج.

و الجد الجامع لشعبهم الشيخ يعقوب الشريف بن أحمد عبد الله بن عبد الخالق بن علي بن عبد القادر بن عامر بن رحو بن مصباح بن سعيد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مولانا سليمان بن عبد الله الكامل.

2- مولده و نشأته :

ولد الولي سيدي يعقوب في أواخر القرن 13 م و قد تتلمذ على والده الشيخ الحاج التلمساني و ختم القرآن الكريم في الثامنة من عمره ، و بعدها أصبح الفتى طالبا في عداد طلبة الفقه و أصوله والعلوم لعربية التي كانت سائدة في تلك الفترة.

3-* رحلاته لطلب العلم :

وتقول الروايات الشفهية أنه سافر إلى فاس بالمغرب ، و مكث بها ، ثم رجع إلى مسقط رأسه ليتسلم القضاء.

ب)- نزول الولي إلى بلدة ولهاصة:

و بسبب الفتن نزل الولي إلى بلدة ولهاصة الغرابة الساحلية – بولاية عين تموشنت حاليا- في النصف الأول من القرن 14 م فاتخذ له مكانا بجوار البحر يسمى باسمه "مرسى سيدي يعقوب " كان الولي يتعبد و يراقب حركة البواخر وبالخاصة المسيحية منها ، لأن قراصنتها الإسبان و البرتغال كانوا يتحرشون على سواحل المغرب العربي(1)

(1) : المعالم العشرون لغرب وهران الأب لوتوليو ص 160

و في أواخر القرن14م وبداية القرن 15م أصبح المرابطون ''الأولياء" يتزعمون المقاومة بسبب ضعف الأمراء سواء بالمغرب أو بغرب الجزائر لرد الغزو الأوربي على لسواحل الإفريقية فشيدوا المعسكرات في شكل رباطات لحراسة السواحل ، فإن لكل معلم بحري ولي يحميه سيدي يعقوب يبقى نموذجا فريد لهؤلاء الأولياء .



ج- تشييد المسجد و الزاوية :

ولذكر الكيفية التي شيد بها الولي زاويته إلى جانب المسجد، تقول الزاويات المشهورة أبا عن جد و حتى عند سكان الجهة، أنه بينما كان يتعبد بجوار البحرإذ بسفينة تجارية أندلسية تنحرف بقرب المرسى " مرسى سيدي يعقوب " فسارع الولي لمساعدة بحارتها و لرد الجميل طلب رئيس الباخرة من الولي هل يقبل المكافأة ، فرد عليه سيدي يعقوب : " أنا بحاجة إلى خشب لإقامة بناء "

وذكرالولي الكيفية التي تشحن بها الأخشاب قال :" إذا عدتم إلى بلدكم إرموا بالحزم إلى البحر و قولوا : " هذه أمانتك "يايعقوب" و ستصل الشحنة إلى المكان المعلوم بإذن الله ". ففعل البحارة ما أمروا به، و لما وصلت الحزم أراد سكان القرى المجاورة الإستلاء عليها بالقوة فحاولوا سحبها على الشاطئ لكنهم لم يستطيعوا لأنها ثقيلة ثقل الرصاص بقوة من الله . فغضب منهم الولي على فعلتهم و أمر معلمي البناء " حمو و بوليفة" الذي أحضرهما بتلمسان أو فأس بنقل الخشب و بمساعدة بعض السكان إلى المكان المعين للبناء و الذي يبعد عن البحر بحوالي 700 م.

د- وصـف المسجد و الزاوية :

1- موقع المسجد :

أقيم المسجد وبجانبه الزاوية سنة 1338م الموافق739ه ، تحت هضبة تطل على شاطئ صخري بحيث يحتجب عن العيون من عرض البحر، وحتى الطريق الذي يربط الشاطئ بالمسجد فهو عبارة عن ولد صخري مسلكه وعرة، والحكمة تكمن في الوقاية من الاعتداء و التحرش على يد القراصنة الأوربيين وخاصة الأسبان منهم والبرتغال ، لأن هذا ما كان سائدا في تلك الفترة بحيث تعرضت هنين وأرشقون إلى الاعتداء و القصف.

- وصف المسجد :



شيد المسجد في شكل بناءات مربعة جدرانها عريضة سمكها بالمدخل الرئيسي يبلغ المترين ، وقد زين المبنى بقبة و بثلاثة صفوف قرميدية حمراء متوازية و متناسقة على الطراز الأندلسي ثم يبقى منها سوى صفين ، تستند على أعمدة و أقواس عريضة.

و أما السقف فهو مزين بالخشب المنقوش المتشابك كما هو الحال بمساجد تلمسان وفاس ، و المئذنة مربعة الشكل على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه لازالت قائمة تتحدى الطبيعة.

و زاوية الولي لصيقة بالمسجد جدرانها منقوشة تآكلت بفعل الزمان، وسقفها على شكل قبة رسم بها أشكال دائرية مجردة جميلة، أعيد تجديدها من طرف القائد حمزة الخليفة على تلمسان في القرن 18م. (1145هـ ، 1731م). (1)

ويحتوي المسجد على ساحة بمدخله الجنوبي حفر فيها جب عمقه 5 م جدرانه من الأجر الأحمر المملوء سعته حوالي 250م3 كان يستقبل مياهه من الأمطار المتساقطة على سطح المبنى حيث تصب وتتسرب عبر قنوات جوفية كانت تستعمل للوضوء وللتنظيف، أما المياه الصالحة للشرب فكانت تجلب من عيون بواد قريب لازالت تستغل إلى يومنا هذا.

و بجوار المسجد وجدت مطامر عديدة وواسعة متصلة ببعضها البعض، من المرجع أنها كانت تستعمل للأيام الحالكة كالشتاء أو سنوات الجفاف ، وهذا دليل على آن الزاوية كانت تحتوي على إقامة للطلبة الوافدين م بعيد و لعابري السبيل.

نشاط الزاوية :

وبعد إقامة المسجد أخذ يتوافد عليه المصلون من كل جهة لأداء صلاة الجمعة خاصة ، ليس من ولهاصة وحدها بل حتى من بني خلاد ومديونة وهذا بناءا على الشهادات الشفهية.

و يروى أن أخد المواطنين على صلاة الجمعة تأخر عن الصلاة وليكفر عن خطيئته حبس أرضا لصالح الزاوية .

وقد عمر الولي العالم إلى سن متأخرة تناهز المائة مواكبا على التبليغ والوعظ والإرشاد و قد أنار ربوع ولهاصة وجزء من الوطن بعلمه إذ كان بحق المعلم والفقيه و الإمام والصوفي. توفي رحمه الله سنة 1410 م(1). ودفن داخل زاويته.

و قد لعب دورا هاما في التثقيف و تحفيظ القرآن والنهوض بالعلوم الإسلامية واللغوية وقد بلغ ذروته في الفكر إذ تخرج منه حفظة القران الكريم وأئمة وفقهاء.

و المعروف أن " قرى أهل ولهاصة المحادي لعرش بني خالد والمشهورة لإيواء حفظة القرآن الكريم و بكثرة حفاظ أبناءها للقرآن الكريم إلى اليوم .(2)

و ها هي شهادة الشيخ العلامة أبي عبد الله البوعبدلي عن نشاط الزاوية يقول للحضور ممن صحبوه في زيارة إليها مايلي :

أنهم من الآن في حرمة أناس أصحاب علم و كرم و أخلاق وشهامة وغيرة على الدين، وحفظة القرآن الكريم يحترمون الضيف ويوفرون له كل الراحة اللازمة ولا يشعر بالغربة (2).

أما المتخرجون من الزاوية فهم كثيرون جدا، لا نستطيع حصرهم بل سنكتفي بذكر البعض منهم و تحديدا في القرنين 09م و 20 م وهذا لقلة المصادر.

- العلامة الشيخ سيدي يعقوب أحمد الذي هاجر إلى بلاد المشرق لطلب العلم في بداية القرن 19م.وصاحب كتاب مخطوط (نور البصائر لمعرفة تسيير السائر).

- العلامة الشيخ سيدي يعقوب ميسوم بن أحمد العلامة المذكور أنفا، كان معلما وإماما بالمسجد الكبير بتلمسان.

- العلامة الشيخ أبي عبد الله البوعبدلي صاحب الزاوية البوعبدلية بأرزيو الجديد.(3)

- الشيخ سيدي يعقوب محمد بن أحمد بن محمد

-الشيخ العلامة سيدي يعقوب بلقاس

-الشيخ سيدي يعقوب عبد القادر ، كان معلما و إماما لفترة طويلة بزاوية سيدي يعقوب.

- والشيخان المذكوران سالفا هما صديقان حميمان للشيخ العلامة أبي عبد الله البوعبدلي

- الشيخ سيدي يعقوب خضير.

- الشيخ سيدي يعقوب لخضر كان معلما و إماما بالمسجد الكبير بتي صاف.

- الشيخ سيدي يعقوب أحمد أخو الأخضر.

- الشيخ سيدي يعقوب ميلود كان معلما وإماما بالمسجد العتيق بحي بوكردان بني صاف.

- الشيخ الأستاذ سيدي يعقوب أمحمد خريج جامع القرويين بالمغرب ، كان أستاذا بمدينة وهران و كان يلقي الدروس الرمضانية عبر التلفزة الوطنية.

-الشيخ سيدي يعقوب عبد الرحمان إنه معلما و إماما والشيخ الزاوية حاليا سيدي يعقوب.

- الشهيد الفقيه سيدي يعقوب محمد المدعو سي علال، كان مسؤولا ومفتيا في جيش التحرير لوطني.

- الشهيد الفقيه سيدي يعقوب عبد الوهاب، كان مفتيا لصالح جبهة التحرير الوطني.

وجل شهداء حرب التحرير الوطني من أبناء الزاوية ، حفظة القران الكريم.

------------------

(1) سواحل لغرب وهران –الأب لوتوليو-ص 160

(2) تاريخ الانبياء المختصرللعلامة أبي عبد الله البوعبدلي تحقيق و دراسة الدكتور مخطار بوعناني ص 22

(3) نفس المصدر

دور الزاوية في الدفاع عن الأرض والأعراض:



ولم يقتصر دور الزاوية على تعليم القران الكريم والعلوم لشرعية ، بل كانت تؤمن الطرقات ونسعف الفقراء وتذود عن الأرض والأعراض ، فأتباعها لم يتوانوا يوما عن رد الأعداء ومقاومتهم فكانوا جبهة و قلعة في وجه الغزاة الصليبيين الذين عاثوا في الأرض فسادا، إلى أن أخرجوهم منها يجرون ذيل الهزيمة.

1)- معركة مرسى سيدي يعقوب 1503 م :

وفي هذا السياق سجل أحد الآباء المسيحيين معركة وقعت سنة 1503 م بمرسى سيدي يعقوب بين المقاومين من المنطقة و القراصنة البرتغاليين يقول :

" نفس هؤلاء البرتغاليين المدعمين بمراكب حربية تكبدوا هذه المرة خسائر كبيرة في الأرواح بشواطئ ترارة ولهاصة بمقاطعة تلمسان ، حيث تصدى لهم المركسيون، الأفارقة القدامى(أي البربر) هم رجال يحبون الحرب ومتمرسين عليها و يجيدون استعمال شتى أنواع الأسلحة من حراب و أقواس وبنادق مقاومون لا ينهزمون" (1).

و يقول الراوي ديقوسوراس(2) أن الحادثة وقعت شرق هذين، غير بعيد عنها أي مكان تواجد قبيلة ولهاصة، إما بالوردانية أو سيدي جامع أغرام أو أيضا سيدي يعقوب و هذا الأخر أكثر ترجيحا نظرا للدور الذي كان يقوم به الولي كما أشرنا إليه سابقا (3).

و قد قلنا فيما سيق أن الولي سيدي يعقوب كان يراقب السواحل هو و أتباعه بعده و أشرنا كذلك إلى أن الزاوية كانت رباطا ضد الغزاة الصليبين.

2)- معركة سيدي يعقوب36 18

و لكون الزاوية تقع قرب الطريق الرابط بين أرشقول و تلمسان، نشبت معركة مشهورة أيام المقاومة تحت لواء الأمير عبد القادر وخليفته على تلمسان البوحميدي الولهاصي بسيدي يعقوب بتاربخ 25 أفريل 1836

حيث أحشد جيش الأمير والمتكون من 700 جندي نظامي وحوالي 5000 متطوع حول مسجد سيدي يعقوب لقطع الطريق أمام الجيش الغازي الفرنسي الذي حاول فتح الطريق بين أرشقون – مصب نهر تافنا- و تلمسان.

وكان تعداد الجيش الفرنسي 3500 جندي نظامي وضابط تحت إمارة الجنرال دارلانج بمساعدة الكولونيل موسيون الكولونيل لومارسي والكولونيل كوربان وعدة ضباط آخرين.

و في ليلة 24 أبريل 1836 م و لكي يحاول دارلانج فك الحصار المضروب عليه برشقون – مصب نهر تافنا- خرج على رأس قوة تتكون من 1800 جندي وضابط محملين بـ 8 مدافع وساريتان من سلاح الهندسة باتجاه سيدي يعقوب فسارع لملاقاته الأمير وجيشه بحماس متقطع النظير، ويقول الدكتور أديب الحرب : " و قد اشتدت عن قوات الأمير عبد القادر أنها كانت تحشد في ساحة المعركة تتدخل فيها بأقصى درجة من القوة ولاندفاع في سبيل غاية سعت لتحقيقها و هي طرد الفرنسيين من ديارها (4).

و عند الظهر كان المقاومون قد شتتوا الجيش الفرنسي الذي أصيب جنراله دارلانج بجراح بليغة هو ورئيس أركانه الكولونيل لوماسي .

لم يتمكن الفرنسيون من فك الحصار عليهم في معسكر أرشقون – مصب تافنا- إلا بوصول الجنرال بجو عن طريق البحر بثلاثة فيالق تعدادها 3500 جندي و ضابط.

هذا و لم يجرؤ بيجو على فتح الطريق من أرشقون إلى تلمسان بل قفل راجعا إلى وهران و من تم إلى تلمسان .

و بذلك سجلت المقاومة الجزائرية في سيدي يعقوب انتصارا عظيما سيكزن لها أثارا عميقة ألا و هي الدخول بقوة في مفاوضات حول السلام حيث سيتم التوقيع على المعاهدة التي ستحمل اسم النهر الذي هزم عند مصبه، الجيش الفرنسي.

- معاهدة تافنا(5) وذلك في 30 ماي 1837.

3)- ثورة التحرير المباركة:

وقد كان المسجد الشرارة الأولى للتوعية وشرح أبعاد ثورة لتحرير المباركة، إذ لبى نداء أهل الزاوية وجل أتباعها لاحتضان هذه الثورة.

وتعرض سكان المنطقة والمناطق المجاورة إلى الإذلال والتهجير والاعتقال والقتل.

ففي سنة 1958 تعرض المسجد إلى قصف مدفعي وحشي شاركت فيه دبابات ومدرعات العدو مما أدى إلى إتلاف جزء منه، أعيد ترميمه غداة الاستقلال من طرف السكان و بوسائلهم الخاصة.

وقد صفى العدو أثناء ثورة التحرير المظفرة من أبناء الزاوية وحدها حوالي أربعة عشر شهيدا و شهيدة أغلبهم حفظة القرآن الكريم و فقهاء.

------------------------

(1) و(3)المعالم العشرون لغرب وهران- الأب لتولو ص 138

(2)المجلة الإفريقية سنة 1865 ص 2514

(4) الدور الإداري والعسكري للأمير عبد القادر لجكتور أديب حرب

(5) المقاومة الجزائرية تحت لواء الأمير عبد القادر – إسماعيل العربي - 148

هذا الموضوع منقول لكم من موقع سيدي يعقوب وذلك لتعم الفائدة على الجميع فمن أراد الإستطلاع أكثر فإليه رابط الموقع

1 التعليقات :

Unknown يقول...

شكرا على المعلومات,أخجل من نفسي و تدمع عيناي و ينزف قلبي على حاضرنا و ما نقدم و نصنع بأنفسنا ,اللهم إرزقنا خيرا من علم اجدادنا .آمين.

إرسال تعليق

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |