من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة شاعر الجزائر الشيخ سيدي محمد العيد آل خليفة



- هو شاعر الجزائر الكبير محمد العيد بن محمد علي بن خليفة حمو من محاميد وادي سوف, والده سي محمد علي مقدم بالطريقة التجانية، ولد وعاش بكوينين كان رجلا فاضلا، مارس مهنة تجارة التمور بين التل والصحراء مما دعاه إلى الانتقال إلى عين البيضاء ثم إلى بسكرة.

*.*.*

وفي أحضان أسرة عريقة في التدين ولد محمد العيد بعين البيضاء يوم 27 جمادى الأولى 1322هـ الموافق لـ 28 أوت 1904، فنشأ في ذلك الجو الأسري المفعم بالتقوى والعفة والورع فتشربت نفسه العقيدة الإسلامية، والأخلاق الفاضلة، والإيمان العميق بعز الإسلام وفخر الوطن.



*.*.*

انتقل مع أسرته إلى مدينة بسكرة ليكمل بها حفظ القرآن الكريم ويجلس في دروس الشيخ علي بن إبراهيم العقبي إلى سنة 1921, حين ألزم الشيخ سيدي العيد الثاني والده بإرساله إلى جامع الزيتونة للدراسة بعد أن كان ينتدبه للعمل معه في التجارة, وهذا مما جعل الشاعر محمد العيد يعطي المقام حقه, فقد رثا صاحب نعمته حين وافاه الأجل ببسكرة, انتسب محمد العيد إلى جامع الزيتونة, وأصبح طالبا في الطبقة الثالثة (سبع طبقات) وبعد سنتين توقف عن الدراسة بتونس لأسباب صحية ليعود إلى بسكرة ويكمل مشواره العلمي على يد علمائها ومشايخها منهم الشيخ المختار اليعلاوي أرطبار في دروسه الليلية بالمسجد العتيق ليدرس عنه الفقه والحساب والفلك... والبشير الإبراهيمي بالزاوية التجانية ببسكرة في دروس اللغة والأدب والطيب العقبي في مسجد بكار في دروس التفسير والحديث.

*.*.*

شارك منذ شبابه في حركة الانبعاث فاتخذ من شعره أداة للتعبير عن مصالح الأمة والدفاع عن قضاياها، وجعل من التعليم خير وسيلة لتربية الجيل الجديد الذي يحمل لواء الحرية والاستقلال، ومن الصحافة منبرا لإصلاح الأمة بنشر الوعي الثقافي والاجتماعي والسياسي, أطلق عليه الشيخ عبد الحميد بن باديس لقب: "أمير شعراء الجزائر" والشيخ البشير الإبراهيمي الذي قال: "رافق شعره النهضة الجزائرية في جميع مراحلها, وله في كل نواحيها, وفي كل طور من أطوارها، وفي كل أثر من آثارها القصائد الغر والمقاطع الخالدة، شعره لو جمع؛ سجل صادق لهذه النهضة وعرض رائع لأطوارها", وهو يعتبر احد ابرز العلماء والمدرسين والشعراء الجزائريين الذين كافحوا الإحتلال, وخدموا دينهم وأمتهم ووطنهم.

*.*.*

وفي سنة 1927 انتدبته جمعية الشبيبة الإسلامية بالجزائر العاصمة معلما بمدرستها فمكث بها معلما لمدة ثلاث سنوات ثم مديرا لها خلفا للشاعر محمد الهادي السنوسي إلى غاية 1941 ليعود إلى بسكرة فمكث بها عدة أشهر ثم انتقل إلى باتنة, وخلال هذه الفترة انخرط في نشاط جمعية العلماء المسلمين، وكان شعره أداة من أدواتها وسجلا لمواقفها وكتابا لتاريخها, وفي مدينة باتنة مكث 06 سنوات يدير مدرسة التربية والتعليم التابعة لجمعية العلماء إلى غاية سنة 1944 حيث منع من التعليم وقدم للمحاكمة ثم أغلقت المدرسة.



جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ... - محمد العيد آل خليفة - الصورة الأولى "وقوفا"

*.*.*

ظل محمد العيد يواصل نشاطه العلمي والإصلاحي بباتنة إلى غاية سنة 1947 حيث اتجه إلى مدينة عين مليلة ليشرف على إدارة مدرسة العرفان المستقلة، وفي الوقت نفسه يؤم المصلين ويخطب فيهم بأحد مساجدها الحرة، وظل الاحتلال يلاحقه ويراقبه طوال إقامته بعين مليلة إلى غاية اندلاع ثورة التحرير الكبرى.

*.*.*

واصل محمد العيد رسالته في التغني بالحرية والتبشير بالنصر والاستقلال والدعوة إلى دعم الثورة، ليجد نفسه وجها لوجه أمام آلة الاحتلال، فقد دعاه قاضي التحقيق للتصديق على مناشير تندد بالثورة تحت طائل التهديد بالسجن، فرفض رفضا قاطعا، وهكذا أوقف عن العمل بالمدرسة ثم أغلقت المدرسة نفسها وحولت إلى ملحقة لثكنة عسكرية، فواصل نشاطه النضالي بالمسجد والساحات، ليؤخذ في شهر جوان 1955 مكبلا إلى سجن المدينة ثم إلى سجن الكدية بقسنطينة وبعد 14 يوما قدم للمحكمة بتهمة التحريض ضد السلطة والدعوة للثورة ومساندتها.

*.*.*

وبعد إطلاق سراحه عاود نشاطه من جديد إلى آخر السنة حيث اقتحموا عليه منزله بتهمة التحريض على إعدام المستوطن الفرنسي "جوليان" لتفرض عليه الإقامة الجبرية بمنزله ببسكرة تحت الحراسة المشددة، فظل حبيس جدران بيته طوال أيام الثورة، أما بعد الإستقلال فقد لازم الاعتكاف ببيته متعبدا ذاكرا زاهدا في الدنيا قليل المشاركة في النشاطات العامة والخاصة، فكان يقضي نصف السنة ببسكرة ونصفها الآخر بباتنة.

*.*.*

توفي بمستشفى مدينة باتنة يوم الأربعاء 07 رمضان 1399هـ الموافق لـ 31 جويلية 1979م، ونقل جثمانه إلى بسكرة حيث دفن بمقبرة (العزيلات) بعد يومين من وفاته.

له ديوان شعر من 600 صفحة، وقصائد كثيرة لم تنشر، وله أيضا عدد كبير من القصائد في مديح شيوخ الطريقة التجانية منها قصيدته: "تحية الزيارة" وفيها 46 بيتا معلقة بضريح الخليفة الأعظم سيدي الحاج علي التماسيني رضي الله عنه جاء في مطلعها:

سلام وارث الختم التجاني عليك مبارك سامي المعاني
أقدمه أسير الذنب مضني كسير القلب معقود اللسان
لعلك أن تشـرفني بـرد كريم من تـحياك الحسان
أتيتك زائرا أرجوك عفوا وهل يرجوك عفوا غير جاني

نشرت عنه دراسات ومقالات متعددة كلها لا تشير إلى نسبه التجاني, انتخب سنة 1972 عضوا بمجمع اللغة العربية بدمشق.


وقد مدح أيضا الشيخ الحاج علي بن الحاج عيسى التماسيني التجاني رحمه الله بقصيدة محفوظة ومكتوبة في الزواية وهي بعنوان فزت بالمنى يقول في مطلعها:




أَيا زائرا هذا الحمى فزت بالمنى *** فثق فيه بالبشرى ودع كل تَخمين
لقد جئت باب الله من غير مرية *** ومن جاء باب الله خُصَّ بتامين
تأدّب بآداب الملوك فهاهنا *** مليك بحكم الله صاحب تمكين
فسلّم وقف مستشفعا بجنابه *** الى ربـّك الأعلى وسـل تعط في الحين
هنا وارث الختم التجاني رتبة *** خليفة الأرض علي التماسيني
حمى كل مظلوم هدى كل حائر *** رضى كل مهموم عنى كل مسكين
فيـا سيّدي إني أتيتك زائرا *** نزيلا وهـل يشقى نزيل السلاطين
ضريحك علويّ وإن كان في الثّرى *** وقبرك من طيب وإن كـان من طين
تنمُّ به عن طيب سـرّك نفحة *** سماوية من برزخيّ الرياحين
فلا بُدّ أن يُعط نزيلك سؤله *** فيرضى وإن يُحمى فيحضى بتحصين
أثب حسن ضنّي بالقبول وبالرضى *** بجاه بنيك الأكرمين الميامين
بقوا قادة للأحمدية سادة *** وهــُم رُفعاء الهام شُمُ العرانين
ودمت وجيها عند ربّك شافعا *** ولازلت في الدُنيا عليّا وفي الدّين.



فيديو لضريح سيدي الحاج علي التماسيني تظهر فيه قصيدة محمد العيد آل خليفة






المصدر:

من كتاب "دليلُ الحَـائِر" إلى صور ومواقف من جهاد التجانيين في الجزائر لـ: ديدي السعيد

هوامش: كوينين

- كوينين هي إحدى قرى ولاية الوادي بالجنوب الشرقي الجزائري تعود نشأتها إلى عام القرن السادس عشر للميلاد وكان ذلك من قبل بعض قبائل بني سليم، وقد تأسست القرية على أنقاض ثلاث قرى سابقة ويعود أقدم مساجدها إلى عام 1035هـ / 1625م وهو مسجد ثلمود كما توجد بها العديد من المساجد القديمة الأخرى ومن أهمها : مسجد باب الغربي ومسجد بئر فصيل الذي يعود تأسيسه إلى عام 1777على صعيد آخر افتتحت أول مدرسة بكوينين عام 1888، غير أنه لم يكن بها عام 1944 إلا قسم واحد وافتتحت أول وكالة بريد عام 1924.


مسجد أبو بكر الصديق بكوينين وادي سوف

من مشاهير أبنائها:

لا شك هو شاعرنا الجزائري العظيم صاحب الترجمة سيدي محمد العيد آل خليفة رحمه الله وطيب ثراه.

2 التعليقات :

غير معرف يقول...

جميل أن يحظى اهل الفضل بالمدح وان كان المدح لا يستوفي الفضل فيهم

Unknown يقول...

يفترض أن يتم تصحيح مكان الولادة في الكتب المدرسية الجزائرية .

إرسال تعليق

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |