من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة العلامة محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بجاوي

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


العلامة محمد بجاوي  [19091992م]=[13271413هـ]

توطئة:

قادمة من عمق الأزمنة ملتحفة بإشراق العلماء، ومشبعة أرضها الطيبة بفيوضاتهم الربانية " برج بن عزوز" بلدة العلم والعلماء، نائمة في أحضان النخيل تحفظ وتحافظ على إرث ثقيل كان له تأثيره في العقل العربي والوجدان الإسلامي.

"برج بن عزوز" من أشهر بلدات منطقة الزيبان (بسكرة) في الجنوب الشرقي الجزائري، كانت ولمّا تزل منارة علمية ومعرفية لأزمنة طويلة، وحق لها أن تفاخر بما أنجبت من أعلام وعلماء أجلاء ابتداءا بشيخ المشايخ الولي الصالح سيدي محمد بن عزوز البرجي، الذي عُلمت البلدة باسمه وعلماء آخرين أثروا المكتبات العربية والإسلامية بنِتاجاتهم المتنوعة في علوم كثيرة... ومن بين هؤلاء الأعلام الشيخ العلامة الفقيه المحدث المربي سيدي محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بجاوي.

وقبل إضاءة سيرة شيخنا نتقدم بجميل الشكر وعميق التقدير والعرفان للذين قدموا لنا العون والمساعدة من أجل إنجاز هذه الترجمة من أبناءه وحفدة جزاهم الله كل خير.

*-*-*

ولد الشيخ محمد بجاوي عام 1909م بقرية برج بن عزوز دائرة طولقة التي تبعد عن مقر الولاية بسكرة بحوالي 40 كلم وعن العاصمة الجزائر بـ 400 كلم، وفي كتاتيبها حفظ القرآن الكريم ثم واصل تعليمه في الزاوية العثمانية بطولقة، وما أن حصّل على قسط من العلم والمعرفة حتى التحق  بمدينة قسنطينة وتتلمذ على يد الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله.

كما واصل تعليمه في جامع الزيتونة بتونس فتخرج بشهادة التطويع سنة 1939، ولما رجع إلى مسقط رأسه أسس بها وبمدينة طولقة مدرستين عصريتين وأنشأ أفواجا من الكشافة الإسلامية لكن السلطة المحلية ضايقته فانتقل إلى مدينة الجزائر بأمر من جمعية العلماء فدرس في المداس الحرة التابعة للجمعية ابتداءا من بوزريعة ثم بلعباس وبعدها في مدينة عين تموشنت بالغرب الجزائري.


ولنشاطه الإصلاحي اتهمته السلطات الفرنسية مرة أخرى بالتحريض على الثورة وحرق مزارع المعمرين، اعتقل في بداية عام 1956 ونقل إلى مدينة وجدة المغربية وحُكِم عليه بعشرين سنة سجنا مع الأشغال الشاقة ثم نقل بعد ذلك إلى سجن البرواقية بمدينة المدية ومكث هناك إلى غاية الاستقلال، وهو ذات السجن الذي اعتقل فيه البطل الشهيد عيسات إيدير مؤسس وأول أمين عام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، كذلك شاعر الثورة الجزائري مفدي زكريا ونظم فيه قصيدته الشهيرة "وقال الله" تخليدا للذكرى الثالثة لاندلاع الثورة الجزائرية المجيدة.

وبعد الاستقلال استقر بمدينة عين تموشنت فعُيّن أستاذا بثانوية البشير الإبراهيمي ثم إمام في مسجد عبد الحميد ابن باديس حتى سن التقاعد.


لقد ورث محمد بجاوي بعض البساتين فأوقفها ومنزله الذي بناه بماله الشخصي حبسا ووقفا لوجه الله الكريم.

توفي الشيخ محمد بجاوي وارتحل  إلى جوار ربه بمدينة عين تموشنت ودفن فيها وذلك بتاريخ السابع عشر من شهر جانفي 1992 إفرنجي، بعد أن سار طويلا على طريق الحق هاديا ومرشدا ومُعلما، ولا ريب أن ارتحاله أعقب حزنا وفراغا جسيما لدى أهالي البلدة، ولكن عزاءنا الوحيد هو وجود بقية صالحة من أبناءه وحفدته وتلامذته يسيرون على خطاه ونهجه، فرحم الله شيخنا الجليل رحمة واسعة وجزاه عن المسلمين كل الخير آمين.
تكملة الموضوع

حمل كتاب الجواهر المكنونة والعلوم المصونة

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


- كتاب: الجواهر المكنونة والعلوم المصونة.
- تصنيف: الشيخ سيدي عبد الحفيظ الخنقي البسكري الجزائري.
- دار النشر: المطبعة الرسمية التونسية.
- رقم الطبعة: الأولى.
- تاريخ الإصدار: 1315هـ.

رابط التحميل


نبذة:

كتاب المجموع الفائق والدستور الرائق المسمى "بالجواهر المكنونة والعلوم المصونة" وهو يشتمل على تآليف عديدة جامعة لشتات الآداب واللطائف، منهمرة بين المعارف والعوارف في علوم الحقيقة، للمنار الأبهر النوراني  والقطب الجامع الأشهر الرباني، شمس الهداية والإرشاد وبحر الفيض والإمداد، قدوة الأنام وملاذ الخاص والعام، إنسان عين السادة الخلوتية الرحمانية الشيخ سيدي عبد الحفيظ ابن محمد بن أحمد الخنقي الشريف البسكري الجزائري قدس الله  روحه ونور ضريحه.

يحتوي  هذا المجموع النفيس والنادر على أربعة وعشرون رسالة تُعد من أبرز مؤلفات الشيخ:


1- في بيان الذكر والسلوك وأحوال المريدين.
2- رسالة في امتزاج النفس بالطبائع وأسرار القلب وصفات الشيخ والمريد.
3- حزب جميل وكنز جليل مذيل بجدول مختوم ببعض خواص اسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
4- رسالة في سر دائرة الأولياء وأحوالهم.
5- جواب سؤال وجه له في  الاسم الأعظم عرفنا الله به.
6- رسالة نصرة المقتدي  ونصرة للمبتدي في أحوال عظمة الولي.
7- رسالة في صفة أرض المحشر.
8- جواب سؤال هل يجوز لمشايخ الخلوتية العطايا الدنيوية.
9- رسالة في نبذة من بيان سر التفكر في آلاء الله ونعمه.
10- وصية الشيخ للإخوان في كل زمان.
11- رسالة في صفة العبد وعظم خلقته العبد وعجائب صنعته.
12- شرحه منظومته المعروفة بغنية الفقير.
13- فصل ذكر فيه أشعار بعض المحبين.
14- منظومة في شروط حضرة القديس.
15- المنظومة المعروفة بنزهة الطريقة الخلوتية.
16- المنظومة المسماة بفراسة الكمل.
17- رسالة ذكر فيها ما ورد في مذهب أهل الحق.
18- القصيدة المسماة بالحفيظية.
19- قصيدة أخرى في التربية.
20- قصيدة في فضل الحجة التي حج فيها.
21- قصيدة في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم.
22- قصيدة في بيان فضل الطريقة الخلوتية الرحمانية.
23- قصيدة في التربية بالطريقة الخلوتية.
24- قصيدة مسماة ببغية المتوسلين بالتحقيق.
تكملة الموضوع

حمل مخطوط الأسرار الخفية الموصلة إلى الحضرة العلية

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


- مخطوط: الأسرار الخفية الموصلة إلى الحضرة العلية.

[وهو شرح على حكم أبي مدين شعيب التلمساني]

- تصنيف: العارف بالله سيدي علي البيومي.
- مصدر المخطوط: مخطوطات الأزهر الشريف.


أوله:

" ... فيقول العبد الفقير إلى الله تعالى علي البيومي الشافعي مذهبا، الأحمدي خرقة، هذا شرح لطيف لحكم العارف بالله تعالى سيدي شعيب أبي مدين التلمساني وسميته بالأسرار الخفية الموصلة إلى الحضرة العلية..."


آخره:

" ... وكان الفراغ من كتابة هذا الشرح يوم الأربعاء شهر سفر الخير سنة أربعة وستين وماية وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكي التحية والتسليم وعلى آله وصحبه أجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..."

رابط التحميل



ترجمة المؤلف:

سيدي علي البيومي (11081183هـ)

العالم العامل والقطب الكامل شيخ الشريعة والحقيقة وإمام الطريقة ومرشد السالكين ومربي المريدين والملقب بسلطان الموحدين سيدي علي ابن حجازي البيومي الشافعي وينتهي نسبه إلى الدوحة النبوية الشريفة إلي سيدي الحسن المثني ابن الإمام الحسن السبط سيد شباب أهل الجنة وابن الإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه زوج سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت خير خلق الله كلهم سيدنا محمد صلي اللهم عليه وعلي آله وصحبه وسلم.

 شهرته سيدي علي البيومي نسبا لولادته ببلده "بيوم" وهي إحدى القرى التابعة لمنية غمر (ميت غمر حاليا) التابعة لمحافظة الدقهلية بدلتا مصر وذلك في حدود سنة 1108 هـ، حفظ القرآن الكريم في صغره وتعلم العلم بالأزهر الشريف علي يد شيخه العلامة سيدي عمر ابن عبد السلام التطواني المغربي، وتلقـن الطريقة الخلوتيـة من السيد حسين الدمرداش العادلي وسلك بها مدة ثم أخذ طريق الأحمدية عن جماعـة ثم حصل له جذب ومالت إليه القلوب وصار للناس فيه اعتقاد عظيم‏،‏ وانجذبت إليه الأرواح ومشى كثير من الخلق على طريقته وأذكاره وصار له أتبـاع ومريـدون، وكـان يعقـد حلـق الذكـر فـي مسجـد الظاهـر خـارج الحسينيـة الذي كان يقيم به هو وجماعته لقربه من بيته. 

ورغم أنه كان أحمدياً إلا أنه صار صاحب طريقة مستقلة وأتباع ومريدين وأوراد، والتي سميت من بعده بالطريقة البيومية، وهذا ما يرشدنا إلى اكتمال هذا الولي المحمدي، ولمّا ضاق المقام بسيدي علي البيومي بقريته " بيوم " لكثرة أتباعه ومريديه انتقل إلى حي " الحسينية " بالقاهرة والذي مازال مقامه الشريف هناك ومسجده.

وحي الحسينية أحد أشهر الأحياء الشعبية في القاهرة ومن أقدمها وهو حي له تاريخ ليس في العمارة فقط ولكن في السير الشعبية وفى الثورات والشجاعة فالحسينية عرف بحي الفتوات "فتوات الحسينية"، ومن أبرز منشآت الحسينية جامع الظاهر بيبرس ومدرسة خليل آغا ومصنع الطرابيش الذي أصبح الآن مجرد ذكرى بعد إلغاء لبس الطربوش مع بداية ثورة 1952 يشارك سيدي علي البيومي في هذا الحي من الأولياء الصالحين سيدي على البنهاوي بمقامه الكريم هناك، ولما استطاب المقام لسيدي علي البيومي بحي الحسينية اجتمع الناس حوله لكلامه العال في التصوف، وكـان ذا واردات وفيوضـات وأحوالـه غريبـة‏.

كتبه ومؤلفاته:

للشيخ رضي الله عنه كُتبا عديدة نذكر منها:

1.شـرح الجامـع الصغيـر.
2. شـرح الحكم لابن عطاء الله السكندري.
3. شرح الإنسان الكامل للجيلي.
4. شرح الأربعين النووية.
5. رسالـة فـي الحـدود.
6. شـرح علـى الصيغـة الأحمديـة.
7. شـرح علـى الصيغـة المطلسمـة للشيخ الأكبر.
8. رسالة في خواص الأسماء الإدريسية.
9. رسالة في تلقين الأسماء السبعة.
10. المنتخب النفيس في الفقه على المذاهب الأربعة.
11. شرح حكم سيدي أبي مدين شعيب التلمساني (مخطوط)... وهو كتابنا اليوم.
12. شرح الأسماء السهروردية.
13. رسالة غريق النور.
14. النور الساطع في الاسم الجامع.
15. رسالة التنزيه المطلق.

وغيرها من المؤلفات العظيمة التي لا يتسع المقام لسردها....

وله أيضا منظومة في أسماء الله الحسنى وتقع في حوالي ستين بيتاً من النظم الشعري، تدل على مدى تبحر الرجل في علمي الشريعة والحقيقة ومنها:

 تباركت يا الله يا دائم العـطــا *** أقمنا على التقوى وبالرشد قونـا
بذاتك بالسر المصون بما حـوى *** بأسمائك الحسنى دعونا ربـنـا     
بنقطة أصل بالفناء وبالبـقــاء *** بمخفي كنز فيك أن تخلق الدنـا
بأوصافك العليا وأسرارها التـي *** ينال بها الداعي المقاصد والمنـا
فيا من هو الله الذي ليس غيـره *** إلهاً ورحمانا رحيماً تــولـنـا
من الملك القدوس أرجـو تخلصاً **** عن النقص سلم يا سلام ووقنـا
ويا مؤمن في الحشر أمن مخافتي *** ودبر أموري يا مهيمن واهـدنـا

كراماته:

ومن كراماته "ما ذكر الجبرتي" حيث قال أنه كان يُتَوِّب العُصاة من قطاع الطريق وغيرهم  ويردهم عن حالهم فيصيرون بقدرة قادر مريدين له ومنهم حتى من صار من السالكين، وكان تارة يربطهم بسلسلة عظيمة من حديد في عمدان مسجد الظاهر وتارة بالشوك في رقبتهم يؤدبهم بما يقتضيه رأيه‏.‏

وكان إذا ركب ساروا خلفه بالأسلحة والعصي وكانت عليه مهابة الملوك وإذا ورد المشهد الحسيني يغلب عليه الوجد في الذكر حتى يصير كالوحش النافر في غاية القوة فإذا جلس بعد الذكر تراه في غاية الضعف‏.‏

ولما كان بمصر مصطفى باشا مال إليه واعتقده وزاره فقال له‏:‏ إنك ستطلب إلى الصدارة في الوقت الفلاني فكان كما قال له الشيخ‏، فلما ولي الصـدارة بعـث إلـى مصـر وبني له المسجد المعروف به بالحسينية وسبيلًا وكتابًا وقمة وبداخلها مدفن للشيخ علي على يد الأمير عثمان أغا وكيل دار السعادة.

وفاته:

توفي رضي الله عنه سنة 1183هجرية ودفن بمسجده العامر بالحسينية بمدينه القاهرة وكانت جنازته في مشهد عظيم وصُليَ عليه بالأزهر الشريف رضي الله عنه وألحقنا الله به مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.



من حكمه وأقوله:

- حرام علي قلب عرف الله أن يسكن إلي غيره.
- الوصول إلي الله بدوام الذكر وصحبة أهله.
- كن بمراد الله لا بمرادك.
- اطرح الدنيا علي أربابها وأقبل علي مولاك بعدم الاشتغال بأسبابها.
- أنوار الربوبية لا تشرق إلا لمن طهر ظاهره من المخالفات وعمر باطنه بالمشاهدات.
تكملة الموضوع

ترجمة الشيخ العارف بالله العلامة مبروك خلفي البرجي

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


الشيخ العارف بالله العلامة مبروك خلفي (1921م - 1989م)

[واحد من أعلام بلدة برج بن عزوز]

بـقَـلم الأستاذ الشاعر: أحمَد جَـلال البـرجي

عفواً أيُّـها الشَّيخُ الوقُور، ثُـم عفوا سيّدي أيُّـها العبْدُ الشَّـكُور، لستُ من صنفِ الجَحُود لستُ كالعبد الكفُور، غَـيرَ أنّـي لا أَفِـرُّ من ذُنــوبي لفـتُـوري...

وأقِـرُّ أنّني كنتُ سهوت،  وبنفسي قد لهوت،  عن كرامِ الأهلِ مَن غابوا بموت...

قـيّدَ النّـسيانُ فكرًا والبصيرة، حَـدّدَ الشُّـغلُ مَـسَـارًا والوتيرَة، وعزائِي أنَّـني أقفُوا المسيرَة، ظلّ قلبي مع نفسي في اجترار اللّومِ من ثِقلِ الجَـريرَة...

*.*.*

مولده ونشأته:

* كانتْ بلدتُـهُ (بـرج بن عزوز) مسقطَ رأسهِ مِن الأبويْن محمد بن المولود والخالديّة خلفي من نـفسِ الأسرة التي تعُودُ إلى عائِلة "غربالْ" من غـمْرة من أولاد عبد المومن والتي يـرجع أصلها  إلى الأدارسة.

ولِـدَ الطّفلُ بصيرًا، ولسوءِ حظِّـه، ما اكتَـحَـلتْ عَـيْـنَـاهُ إلاّ بنُـورِ بَلدته وأسرته حيثُ أُصيبتَـا بمرضٍ أفقدهُـمَـا نعمَـةَ البصر في الشهر السادس من عمره، كما أنّه فقد والده في حداثة سنّـه، بيْد أنّ رعاية الأمِّ وحنوَّهَـا الغامر، عوّضه الشّيء الكَـثِير هوَ وإخوتِه وأخواته، وكانت امرأة صالحة، فطنةً، متديّنَة محبّةً للعلـمِ والقرآن الكريم فَـتقدّمتْ بولديْـها المبروك والصالح إلى الكتّـاب ليتعلّما مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، كدأب أبناء وبنات بلدته.

شيوخه:

* كان الشّيخ الطالب لخضر بن عبد الرحـمن الذي وفد إلى البلدة من أولاد بـراهم بولاية برج بوعريريج حالياً (منطقة سطيف سابقا ) كان أوّل مَن تولّـى تحفيظَـهُ القرآن الكريم، وفتح الله عليه، وحـفظهُ في سنِّ السّادسة، وأعـاده في العاشــرة، ثم أخذ الفقه وعلم الفرائِض وشرح الرّحبيّة (منظومة في علم الفرائض) على يد الشيخ محمد بـن الحاج بجاوي البرجي، كما قد ساهم في تعليمِه كلٌّ من الشّيوخ: السعدي يخلف سيدي العياشي مزوز، والأخضر القاسمي بـن الرّبيع.

يومياته:

* كان شيخنا مبروك خلفي مولعاً بمجالسِ العلم والعلماء، فكان يُجالسُ الشّيخ الطّاهر شريــف، المــعروف بِـ سي الطّاهـر بن شريف الذي كان رحـمه اللهُ لغــويـّا، ضليعًــا في علوم القرآن وتحفيظه، متميّزا في الإفتاء، جادّ امتروّيا مـتـثـبّـتاً صارماً، كما كان يجلس إلى جانب الشّيخ عبد الحفيظ جلاّب، والمولود بن حميدة حضري، يتناولون أطراف الحديث في أمور الدّين والدّنيا، وقد أنعم اللّه عليه بحدّة البصيرة وقوّة الذّاكرة، فيستـمع بكلّ اهتمام، فيلتقط المعلومةَ ويُقوّم خطأها، ويقدّم الصّواب بأُسلوب شيّق واضح مفهوم.

كانت الإذاعـةُ المسموعـةُ أهمّ الوسائط المتاحة لهُ في عـصره وبيئتـه، فكان يُـتابـعُ من خلالها برنامج الشّيخ عبد الرّحمن الجيلالي (رأي الدّين) الذي كان يُبثُّ من خلال الإذاعة الوطنـيّة المسموعـة، وكان يُـتابـع نشرات الأخبار الوطنيـّة والعربيـّة والدّولـيّة مِن مختلف الإذاعات، خاصّةً الإذاعـة البريطانيّة (هنا لندن).


عُرف الشّيخ مبروك بتواضعه الكبير، يُجالس كلّ فئات المـجتـمع، يُـفـتي وينصح يُـنبّه السّاهي، يُذكّرُ النّاسي، يعظُ  العاصي، ويُرشد الضّال، - كان وحيدَ بـلـدته المقصودَ في عقد القران، والإفتاء وتـقسيم التّركات، حتّى قال عنه أحد العارفين مخاطباً أهل البلدة قائلاً: " لو يغيب عنكم سي المبروك يُصيـبُكم العمى". 

* لقد ربّـى الشّيخُ أجيالاً وعلّـمَ، وحفَّظَ بدءًا بأخيه الصالح الذي أصبَحَ مساعدهُ  الأوّل فـي الزاوية  (الكتّاب)  المعروفة بزاوية بن الوافي المفتوحة لكل أبناء وبنات البلدة كما كانت تساعده مجموعة من معلّمي القران منهم: الشّيخ عبد الله رحمه، والشّيخ علي حرابي والشّيخ الأخذاري قويدر، وبعض من كبار الطّلبة الحافظين من كتاب الله، وكان الشّيخُ بينهم كالبدر، وهم النّجوم، يستـمدّون منه الضّياء داخل قلعتهم وخارِجها يستشيرونه في مسائل الكتاب والسنّة والفقه والميراث، ولـمّا تقادم مبنى الزاوية زاوية بن الوافي أو "بن اللافي" وهو الاسم المشهور بين أهالي البلدة، وتهاوت بعض أركانه، انتقل هو وطقمه إلى الزاوية المجاورة التي بنـاها أحد المحسنين المسمّـى عبد القادر دودان، وذلك لتحفيظ القرآن الكريم، وظَـلَّ هذا الخـيِّــرُ بتكفَّلُ بدفع رواتب معلميها مدة طويلة حتى زمنٍ قريب.


طريقته ومنهجه التعليمي:

* ظَـلّت الزاوية غاصّة بالبنين والبنات كبارًا وصغَـارً، غير أنّ لكل فئة جانبها الخاص يتنافسون في الحفظ مثْـنى وثُلاث ورباعَ، وكان للدورة التّحفيظيّة مراحلها فترة للحفظ، وثانية للاستظهار، وثالثة للمحو، ورابعة للكتابة، وخامسة للتّكرار، كلُّ ذلك في نظام وانسجام، وإذا أخـلَّ أحد بنظام هذا المجال الحيويّ الروحانيّ، يعرّض نفسهُ للّوم ويقع تحت طائلة التّأديب،  وكان لشيخنا طريقته في التّأديب، فلا تصاحبه عصا طويلة، ولا يرفـع قدمي أحد لتطبيق أسلوب "الفَلاقَة"، فطريقته العمليّة العلميّة تـربويّة نظيفة، حيثُ كان يُمسك بـرأْس الطّفل المراد تأديبه، بيديه الاثنتين ويسحبه إلى صدره برفق ذلك ليحفظ الرأس وما يوعى، والوجه وما حوى، ثُم يَـمُدُّ كفّيْه إلى ظهر الطفل بضربٍ خفيف وكأنه المسح مصحوبًا بعبارات اللّوم والتّـأنيب دون تعنيف ولا تجريح، وبهذه الطريقة وهذا الأسلوب، كان الإقبال عليه وعلى زاويته كبيرًا برغبة ومحبّة وبهذه الثقة الخالصة التي غاصت جذورها في ثرى المحبّة والأمل، امتدت بـراعم عطائها وأثمرتْ.

تلاميذه:

من الأسماء التي بقيت عالقة بذاكرتنا من تلاميذ الشيخ، الذين مروا من تلك الزاويـة في تلك الحقبة، والذين لاشكّ لهم ذكـرياتـهم بها: أ.د/ محمد قـويــدري ابن الطاهر، والدكتور كمال عجالي، والدكتور محمد نجيب جلاب وكلّما نبشت ذاكرتي واستثـرتها وجدت جُلّ مَن كان يـرتادها استقر في وظيفة مرموقة ومنصب محترم، والكثير منهم أساتذة ومعلمون، لذلك كلما تذكّرنا مَن عاش أجواء هذه الزاوية ومثيلاتها ونهل من معينها إلاّ وجدناه قائدًا لا مقوّدًا، معلما، أستاذا، إمامًا، قاضيا، مجاهدا،  فلّاحا صالحا، عاملا مُتقناً، صانـعــاً مخلصا ، عدا مَن لمْ يخلص لمخلصيها...

هكذا كانت الزاويةُ والكـتّابُ والمدرسةُ، وكان المعهدُ والجامعة، جاهــدةً موفّـقـةً في صنـعِ الفردِ الصّالح، وهكذا كان رجالها مخلصين موفّقين في بناء المجتمع الصّالح.

وفاته:

ويرحل الشّيخ حين تخطَّفَه الموت، وتغربُ به سنة 1989 فجأةً، وقد أدّى واجباً وزيادة، ولم يأْخذ بعض ما يستحقّ، ويغيب تاركاً فراغاً كبيراً كان يملـؤُه.

ما قيل فيه:

- قال عنه علي حرابي وهو أحد شيوخ البلدة ومجالسيه: "لقد انطفأ مصباح بـرج بـن عزوز"
- وقال عنه الشّيخ خالد رحمه، رحمه الله تعالى، وكان أحدَ جُلسائه والعارفين به:  "لم تعد للحياة قيمةٌ بعد وفاة الطّالب سي المبروك ".

- وقال عنه الشّيخ  العلاّمة عبد المجيد حبّه رحمه اللّه: " إنّ الشّيخ مبروك خلفي عالمٌ بحق ولكنّه مغبون"، وقال أيضاً: "لا يمكن أن أفتي لأهل الزّاب وفيهم الشّيخ الجليل مبروك خلفي".

*.*.*

رحمه الله تعالى شيخنا مبروك خلفي، وغفر له، وتقبّل منه صالح أعمـال، وأسكنه فسيحَ جنّاته.
تكملة الموضوع

حمل محاضرة حول حياة الشيخ محمد بن عزوز ألبرجي ومدرسته الصوفية

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



- عنوان المحاضرة: الشيخ محمد بن عزوز ألبرجي نور الصحراء  ومدرسته الصوفية ودورها العلمي والجهادي.

***

- إعداد: أ.د/ قويدري محمد بن الطاهر- مفتش بوزارة العدل و باحث في التاريخ.

ألقيت هذه المحاضرة في الملتقى العاشر للجمعية الخلدونية 
[بسكرة عبر التاريخ]
(الزوايا الصوفية ودورها في المحافظة على الشخصية الوطنية)
أيام من 20 إلى 22/12/2011م

مقدمة:

 تعريف التصوف ونشأته وتطوره وتعريف الزوايا:

لقد اختلف المتصوفة وغيرهم في القديم والحديث في تعريف التصوف والطرائق الصوفية، وذلك لاختلافه باختلاف العصور التاريخية التي مر بها واختلاف أفكار وأقوال وأفعال المتصوفة والأشخاص المنتسبين إليه أو لغير ذلك من الاعتبارات وذهب البعض من العلماء والفقهاء والمتصوفة بأن للتصوف أكثر من ألف تعريف ونقتصر على ذكر المشهور منها:

أولا: تعريف التصوف لابن خلدون في تاريخه ج 1 .ص .من 683 إلى ص 1961:

 (...هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة، وأصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبار الصحابة والتابعين، ومن بعدهم طريقة الحق والهداية وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى، والإعراض عن الدنيا وزينتها، والزهد في ما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة )، وهذا ما كان عليه السلف الصالح ولما أقبل الناس على الدنيا وترفها، اختص الذين تمسكوا بالعبادة باسم الصوفية، فالتصوف عنده هو عبادة ومجاهدة للنفس ومحاولة لإدراك الحقيقة، وقال: (ولا يزال المريد يترقى من مقام إلى مقام إلى أن ينتهي إلى التوحيد والمعرفة التي هي النهاية المطلوبة للسعادة)، وقال (بأن أصل التصوف ويسميه الطريقة وطريقة القوم هو محاسبة النفس على الأفعال والتروك)، كما جاء في كتابه "المقدمة" في تعريفه لعلم التصوف (الفصل الحادي عشر) بأن هذا العلم من العلوم الشرعية في الملة وانتقد فيما يدعونه من الكشف وحمل ساخطا على من يقول بوحدة الوجود والحلول، ولابن خلدون رسالة خاصة كتبها عن التصوف سماها "شفاء السائل لتهذيب المسائل" جوابا عن سؤال طرح عليه لمعرفة معتقدات وأعمال أهل التصوف وكشف الغطاء في طريق الصوفية وأجاب بن خلدون عن ذالك ولخص العبادة في مجهودات ثلاث:

الأولى: مجاهدة التقوى، وهي فرض عين تحصل بالورع، والثانية: مجاهدة الاستقامة وهي التخلق بخلق القرآن والأنبياء وهي فرض عين في الأنبياء ومشروعة في حق طالب الدرجات العلى والكلام عنها من الأمور الكسبية ويصح الوصول إليهما بالكتب وبلا شيخ، والثالثة: مجاهدة الكشف والإطلاع، وهي رفع الحجاب بسلوك خاص على هيئة خاصة لإخماد القوى البشرية وخلع الصفات البدنية بمنزلة ما يقع للبدن بالموت وهذا لا يكون إلا بشيخ سالك قد خبر المجاهدات وقطع بها الله وارتفع الحجاب وتجلت الأنوار... 

نكتفي بهذا القدر ويمكن تحميل المحاضرة كاملة

تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |