من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة العارف بالله الشيخ محمد بن يلس التلمساني رضي الله عنه






هو العارف بالله محمد بن يلس, تلمساني الأصل و المنشأ, كان ممثل الطريقة الدرقاوية بمدينته, أخذ الطريق عن الشيخ محمد الهبري ثم عن الشيخ محمد بن الحبيب البوزيدي الذي أذن له في الإرشاد و الدعوة إلى الله كما ذكره في قوله:

بالهبري تم المرادرقاني إلى الأوراد
و مقام الإرشادمن البوزيدي مأخوذ

و الشيخ محمد الهبري و الشيخ محمد البوزيدي تربيا على يد الشيخ محمد ابن قدور الوكيلي الكركري و هما الإثنان مأذونان بالإرشاد فلمّا قرب انتقال الشيخ سيدي محمد ابن قدّور الوكيلي رضي الله عنه إلى جوار ربه كان يردد هذه الكلمات: "أخذ البوزيدي الِقربة برباطها ! " و الِقربة هي وعاء من جلد الشاة للسقاية, و هذه إشارة واضحة بأن سيدي البوزيدي اخذ السّر من شيخه رضي الله عنهم أجمعين و طلب منه أن يخلفه في الإشراف على زاويته بجبل كركر.

ثم بعد وفاة شيخه محمد البوزيدي بايع الشيخ محمد بن يلس الشيخ أحمد العلوي على الخلافة عام 1909م / 1327هـ كما يروي ذلك الشيخ العلوي بنفسه:

يقول الشيخ العلوي و هو يتكلم عن الفترة التي كان ينوي فيها هجرة الجزائر حينما توفي شيخه محمد البوزيدي رضي الله عنه :" لما انقضى نظر الفقراء أن لا يسمحوا لي بالذهاب، وساعدتهم الأقدار على ذلك، فعزموا على اجتماع عمومي يكون بزاوية الأستاذ رضي الله عنه، ولما وقع الإجتماع تحت أنظار كبار الفقراء، وكان من جملتهم حضرة العارف بالله (الحاج محمد بن يلّس التلمساني) المهاجر الآن بمدينة دمشق بالشام، فتولى خطاباً يذكر ما يحتاج إليه المقام، ثم وقعت البيعة من جميعهم قولاً، وهكذا استمرت على ذلك من أكابر الفقراء " إهـ

قصد محمد بن يلس بلاد الشام في 20 من رمضان 1329 هـ الموافق ل 14 سبتمبر 1911 مارا بطنجة براً ثم إلى مرسيلبا بحراً ثم إلى الشام بحراً كذلك فأصبح بذلك ممثل الطريقة الشاذلية الدرقاوية , إذ لم تأخد الطريقة إسم صاحبها الشيخ العلوي إلاَّ سنة 1914 / 1332 هـ

وسبب هجرته إلى الشام هو تأهب فرنسا أنذاك لإحتلال المغرب الأقصى و الحضر على الأهالي في الجزائر أن لا يجتمعوا بالعلماء سواء بالجزائر أو بالمغرب حيث كان التنقل حرا بين هاذين البلدين , فعزم الكثير من أهل العلم و الصلاح على الهجرة إلى المشرق و قد سميت هذه المرحلة من التاريخ الجزائري بفترة الفارِّين بدينهم أو هجرة التلمسانيين , الشيخ محمد بن يلس و كذا محمد بن الهاشمي الذي كان من أتباعه كانا من بين هؤلاء

عملت الحكومة التركية آنذاك على تفريق جميع الجزائريين ففرقت بين محمد يلس الذي بقي بدمشق و محمد بن الهاشمي الذي ذهب إلى تركيا و أقام في أضنة ,حتى لمَّ الله شملهما بعد عامين من الزمن بدمشق

توفي رحمه الله و رضي عنه يوم الثلاثاء 26 ديسمبر 1927م الموافق لـ 11 من جمادى الثاني 1346هـ بدمشق بالشام
تكملة الموضوع

اللبؤة الجزائرية البطلة الشهيدة لالا فاطمة نسومر



الصورة الوحيدة المعروفة للالا فاطمة نسومر


لالة فاطمة نسومر (1830-1863)

تظل « لالا فاطمة نسومر » نموذجاً فذاً لكفاح المرأة الجزائرية بتمردها على الظلم والطغيان ، وأسطورة تروى جيلا بعد جيل ،.فهذه المرأة استطاعت بكل ما تملك الأنثى من سلاح أن تقهر أعلى الرتب العسكرية في الجيش الفرنسي الاستعماري الذي أراد أن يقتحم عرين اللبؤة ،ناهيك عما امتازت به من الأدب والتصوف والذكاء الخارق ، وما انفردت به من بطولة وشجاعة ودراية وحنكة في إدارة المعارك ، وهي التي واجهت عشرة جنرالات من قادة الجيش الفرنسي فلقنتهم دروس البطولة والفروسية . فهي قد نشأت في أسرة تنتمي في سلوكها الاجتماعي والديني إلى الطريقة الرحمانية ، فأبوها سيدي « محمد بن عيسى » مقدم الشيخ الطريقة الرحمانية ، وكانت له مكانة مرموقة بين أهله وكان يقصده العامة والخاصة لطلب المشورة وأمها هي لالا خديجة التي تسمى بها جبال جرجرة بالجزائر .

المولد:

ولدت لالا فاطمة بقرية ورجة سنة 1246هـ/1830م وتربت نشأة دينية. لها أربعة إخوة أكبرهم سي الطاهر. و تذكر المصادر التاريخية ما كان للمرأة من خصائص تميزها عن بنات جبلها، من سحر الجمال و رقة الأدب و الذكاء الخارق.

النشأة:

نشأت لالا فاطمة نسومر في أحضان أسرة تنتمي في سلوكها الإجتماعي و الديني إلى الطريقة الرحمانية، أبوها سيدي محمد بن عيسى مقدم زاوية الشيخ سيدي احمد امزيان شيخ الطريقة الرحمانية. كان يحظى بالمكانة المرموقة بين أهله، إذ كثيرا ما كان يقصده العامة و الخاصة لطلب النصح و تلقي الطريقة ، أما أمها فهي لالا خديجة التي تسمى بها جبل جرجرة و عند بلوغها السادسة عشر من عمرها زوجها أبوها من المسمى يحي ناث إيخولاف إذ قبلت به على مضض بعدما رفضت العديد من الرجال الذين تقدموا لخطبتها من قبل ، لكن عندما زفت إليه تظاهرت بالمرض و أظهرت كأن بها مسّ من الجنون فأعادها إلى منزل والدها و رفض أن يطلقها فبقيت في عصمته طوال حياتها.

تصوفها و إنتسابها للطريقة الرحمانية:

آثرت حياة التنسك و الانقطاع و التفرغ للعباة، كما تفقهت في علوم الدين و تولت شؤون الزاوية الرحمانية بورجة. و بعد وفاة أبيها وجدت لالا فاطمة نسومر نفسها وحيدة منعزلة عن الناس فتركت مسقط رأسها و توجهت إلى قرية سومر أين يقطن أخوها الأكبر سي الطاهر، و إلى هذه القرية نسبت .تأثرت لالاّ فاطمة نسومر بأخيها الذي ألّم بمختلف العلوم الدينية و الدنيوية مما أهله لأن يصبح مقدما للزاوية الرحمانية في المنطقة و أخذت عنه مختلف العلوم الدينية، ذاع صيتها في جميع أنحاء القبائل. قاومت الاستعمار الفرنسي مقاومة عنيفة أبدت خلالها شجاعة و بطولة منفردتين، توفيت في سبتمبر 1863، عن عمر يناهز 33 سنة.

جهادها ضد الغزو الفرنسي:



تصوير مطبوع يظهر لالا فاطمة نسومر أثناء القتال

برهنت فاطمة على أن قيادة المقاومة الجزائرية ليس حكر على الرجال فقط بل شاركت فيها النساء، و فاطمة نسومر شبت منذ نعيم أظافرها على مقت الاستعمار و مقاومتها له رغم تصوفها و تفرغها للعبادة و التبحر في علوم الدين التنجيم، إلا أن هذا لم يمنعها من تتبع أخبار ما يحدث في بلاد القبائل من مقاومة زحف الغزاة الفرنسيين و المعارك التي وقعت بالمنطقة لا سيما معركة تادمايت التي قادها المجاهد الجزائري الحاج عمر بن زعموم ضد قوات الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال بيجو سنة 1844، كما أنها لم تكن غافلة على تمركز الغزاة الفرنسيين في تيزي وزو بين 1845-1846، و في دلس 1847 تم محاولة الجنرال روندون من دخول الأربعاء ناث إيراثن عام 1850التي هزم فيها هزيمة منكرة . و لما واتتها الظروف انضمت إلى المقاومة حيث شاركت بجانب بوبغلة في المقاومة و الدفاع عن منطقة جرجرة و في صد هجومات الاستعمار على أربعاء ناث إيراثن فقطعت عليه طريق المواصلات و لهذا انضم إليها عدد من قادة الأعراش و شيوخ الزوايا و القرى، و لعل أشهر معركة قادتها فاطمة نسومر هي تلك التي خاضتها إلى جانب الشريف بوبغلة (محمد بن عبد الله) في مواجهة الجيوش الفرنسية الزاحفة بقيادة الجنرالين روندون و ماك ماهون فكانت المواجهة الأولى بربوة تمزقيدة حيث أبديا استماتة منقطعة النظير، إلا أن عدم تكافؤ القوات عدة وعددا إضطر الشريف بوبغلة بنصيحة من فاطمة نسومر على الإنسحاب نحو بني يني ، وهناك دعيا إلى الجهاد المقدس فاستجاب لهما شيوخ الزوايا و وكالاء مقامات أولياء الله فجندوا الطلبة و المريدين و اتباعهم واتجهوا نحو ناحية واضية لمواجهة زحف العدو على قراها بقيادة الجنرالين زوندون و يوسف التركي و معهما الباشا آغة الخائن الجودي، فاحتدمت المعركة وتلقت قوات العدو هزيمة نكراء، و تمكنت لالا فاطمة نسومر من قتل الخائن الجودي بيدها كما استطاعت أن تنقذ من موت محقق زميلها في السلاح الشريف بوبغلة حينما سقط جريحا في المعركة.

بالرغم من الهزيمة النكراء التي منيت بها قوات روندون بتشكرت ، إلا أن ذلك لم يثنه من مواصلة التغلغل بجبال جرجرة، فاحتل عزازقة في سنة 1854 فوزع الأراضي الخصبة على المعمّرين الوافدين معه، و أنشأ معسكرات في كل المناطق التي تمكّن منها، وواصل هجومه على كل المنطقة . بالرغم من التغلغل والزحف لم يثبّط عزيمة لالة فاطمة نسومر من مواصلة هجوماتها الخاطفة على القواة الغازية فحققت انتصارات أخرى ضد العدو بنواحي يللتن و الأربعاء و تخلجت و عين تاوريغ و توريرت موسى، مما أدى بالقوات الفرنسية إلى الاستنجاد بقوات جديدة و عتاد حديث، إضطرت على إثرها فاطمة نسومر إلى إعطاء الأوامر بالإنسحاب لقواتها إلى قرية تاخليجت ناث عيسو، لا سيما بعد اتبّاع قوات الاحتلال أسلوب التدمير و الإبادة الجماعية، بقتل كل أفراد العائلات دون تمييز و لارحمة.



المارشال جاك لوي رندون 1795-1871


و لم يكن انسحاب فاطمة نسومر انهزام أو تقهقر أمام العدو أو تحصننا فقط بل لتكوين فرق سريعة من المجاهدين لضرب مؤخرات العدو الفرنسي و قطع طرق المواصلات و الإمدادات عليه.

الشيء الذي أقلق جنرالات الجيش الفرنسي و على رأسهم روندون المعزز بدعم قواة الجنرال ماكمهون القادمة من قسنطينة . خشي هذا الجنرال من تحطم معنويات جيوشه أمام هجمات فاطمة نسومر، فجند جيشا قوامه 45 ألف رجل بقيادته شخصيا، اتجه به صوب قرية آيت تسورغ حيث تتمركز قوات فاطمة نسومر المتكونة من جيش من المتطوعين قوامه 7000 رجل و عدد من النساء وعندما احتدمت الحرب بين الطرفين خرجت فاطمة في مقدمة الجميع تلبس لباسا حريريا أحمر كان له الأثر البالغ في رعب عناصر جيش الاحتلال.

على الرغم من المقاومة البطولية للمجاهدين بقيادة فاطمة نسومر فإن الانهزام كان حتميا نظرا للفارق الكبير في العدد و العدة بين قوات الطرفين، الأمر الذي دفع فاطمة نسومر إلى طرح مسألة المفاوضات و إيقاف الحرب بشروط قبلها الطرفان.

إلا أن السلطات الاستعمارية كعادتها نقضت العهود ،إذ غدرت بأعضاء الوفد المفاوض بمجرد خروجهم من المعسكر حيث تمّ اعتقالهم جميعا ، ثم أمر الجنرال روندون بمحاصرة ملجأ لالا فاطمة نسومر و تم أسرها مع عدد من النساء.

وفاتها:

و خوفا من تجدد الثورة بجبال جرجرة أبعدت لالا فاطمة نسومر مع 30 شخصا من رجال و نساء إلى زاوية بني سليمان بتابلاط و بقيت هناك لمدة سبع سنوات إلى أن وافتها المنية عن عمر يناهز 33 سنة ، على إثر مرض عضال تسبب في شللها.

رحم الله البطلة المقاومة لالا فاطمة نسومر و أسكنها فسيح جنانه.
تكملة الموضوع

حمل موسوعة الحبيب للدراسات الصوفية، التصوف الإسلامي من الرمز إلى العرفان








أولا تعريف بالمؤلف ...
هو الدكتور محمد بن بريكة البوزيدي الحسني أصغر أستاذ في تاريخ الجامعة الجزائرية إذ إلتحق بجامعة الجزائر بصورة دائمة وعمره22سنة ,يرجع نسبه إلى قبيلة البوازيد وهم أشراف حسنيون عمروا مدينة الدوسن ضاحية معروفة من عمالة بسكرة بالواحات الجزائرية نشا في بيت علم درج أفراده على حفظ القرآن والمتون وسلوك طريق التصوف كابرا عن كابر?يعمل أستاذا محاضرا في التصوف والفلسفة الإسلامية بجامعة الجزائر حصل على شهادة دكتوراه الدولة في التصوف الإسلامي بتقدير مشرف جدا مع التهاني والتوصية بالطبع,وقبل ذالك على شهادة المنهجية في البحث وشهادة الماجستيرفي نفس المبحث أي التصوف?تولى مهام عديدة منها إدارة الدراسات ثم الدراسات العليا ثم رئاسة المجلس العلمي وعضوية اللجنة الوطنية لإصلاح برامج التعليم العالي ونيابة رئاسة اللجنة الوطنية للعلوم الإنسانية والإجتماعية ,تنصب نشاطات الدكتور محمد بن بريكة البوزيدي الحسني بالداخل والخارج على التعريف بالتصوف وأعلامه شرع في طبع موسوعة الحبيب للدراسات الصوفية التي تعتبر عملا رائدا بكل المقاييس ومنها أخذنا هذ التعريف الموجز لدكتورنا وأخانا العزيز أطال الله في عمره ونفعنا بعلومه بجاه سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه والتابعين آمين.


موسوعة الحبيب للدراسات الصوفية



 التصوف الإسلامي من الرمز إلى العرفان
- دار المتون للنشر والطباعة والتوزيع.
- الطبعة الأولى 2006 م / 1427 هـ.

رابط تحميل الموسوعة

هنــــــــا
 
موسوعة الحبيب للدراسات الصوفية مطبوعة جزائرية من 500 صفحة تضم أهم ما جاء عن الصوفية منذ الأزمان الأولى ، كما أنها تتضمن حقائق علمية جديدة تؤكد أهمية الخلق التي هي من أهمية الخالق العظيم الذي صور هذا الكون الفسيح وقد ركز الأستاذ بن بريكة على أن تتضمن موسوعة الحبيب كل ما هو جدي ووعلمي فلي مجال هذا العلم الواسع الجميل. كما لا يمكن تجاهل جهود دار المتون للنشر والترجمة والطباعة والتوزيع بهدف طباعة الأجزاء المتبقية التي هي إجمالا 21 جزاءا طبع منها الكتاب الأول في إتظار ميلاد بقية الأجزاء.
تكملة الموضوع

رسائل بين الشيخ عبد الرحمان باش تارزي و سيدي محمد بن عزوز


بسم الله الرحمان الرحيم


الرسالة الآولى




من خديم الخدام و مقبل تراب الأقدام , محب الصالحين من الناس و الإخوان , عبده و أ قل عبيده عبد الرحمان .

إلى الحبيب الذي أخد من كل فن بنصيب , سيدي محمد بن عزوز , منحه الله تعالى الرضا و الفوز .

سلام الله عليك و رحمة الله وبركاته , و على كل من تعلق بك من الأهل و الإخوان و التلاميذ و العشائر و الأصحاب و الأحباب كل واحد باسمه .

و بعد . فقد بلغني مكتوبك هذا , و قام لدي مقامك , فان ما عجزت عنه الأقدام تبلغه الأقلام , فوجدته كناب مشتاق , و من بغيته التلاق , جزآك الله خيرا , و كفاك ضيرا و جعلك من العشاق , و هكذا شأن المتحابين في الله , زادك الله تعالى من ذلك . و قولك ( الحمد لله الذي أتى بك و كنا بقيد الحياة ) هكذا كان يقول شيخنا , نفعنا الله تعالى به , طول الله بنا الأعمار في الخير حتى نشبع من طاعة الله تعالى إن شاء الله . و قولك الظريف ( و لقد قامت قلوبنا ) إلى قولك ( و إن كان لنا العيب عند من يقربنا ) إلى قولك ( و لم نر شيئا و لم نستحسن شيئا سوى محبتك ) نعم , ذلك هو المطلوب من السير و السلوك إلى مالك الملوك , فاشكر الله تعالى يزدك .

و لقد حكي لنا الأستاذ رحمه الله تعالى حكاية : رأى معروف الكرخي في المنام , فقيل له : ما فعل الله بك يا معروف ؟ فقال : خيرا إن شاء الله تعالى , فقيل له بورعك أم بزهدك ؟ فقال معروف رضي الله تعالى عنه و نفعنا به : بعملي بموعظة ابن السماك . قال لنا الأستاذ : أعلمكم بموعظة ابن السماك ؟ قلنا : نعم . قال : قال ابن السماك رحمه الله تعالى : من اعرض عن الله بكلياته , أعرض الله عنه جملة , و من أقبل على الله بقلبه , أقبل الله عليه برحمته و بوجوه الخلق إليه , و من تارة فتارة فالله يرحمه . ثم فسر لنا " من أعرض عن الله بكلياته " قال : هو من لم يأخذ وردي , أو أخده و فرط فيه , فهذا هو المعرض عن الله , لقولهم : من أخد الورد و تركه كان كمن ارتد و العياذ بالله تعالى , و من أقبل على الله بقلبه أقبل الله عليه برحمته و بوجوه الخلق إليه , معناه : ألبسه الله تعالى خلعتين , خلعة ظاهرة يعلمها الخلق منه و لا يعلمها هو من نفسه , و خلعة باطنه يعلمها هو من نفسه و لا يعلمها غيره منه .

أشكر الله تعالى . و هذا جوابك . و إن كانت لنا حياة فستأتيك الخلعة الباطنة إن دمت , فالبدوام تنقطع الأوهام . و ينكشف عن القلب الغمام , و اترك الزيارة إلى وقت الإمكان , حيث تعذر الآن الزمان , و أفضلها وقت الأنوار و الأثمار , كما كان يأمرنا به الأستاذ رحمه الله تعالى .

و لا تقل لماذا كتب لي في بطاقتي , و لم يكتب لي في مكتوب أخر . حتى لا يضيق الكتب . و أنت خبير يا سيدي بأن الشيخ رحمه الله تعالى , في الكثير و الغالب لا يكتب إلا في البطاقة المرسلة إليه . و لا يحب كثرة التمجيد و الكلام لغير فائدة . و في الحديث الشريف ( مسألة من العلم خير من الدنيا و ما فيها و من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم ) .

فعليك أيها الحبيب بالإقبال على الله تعالى بقلبك من غير التفات إلى إقبال الخلق م إدبارهم , فيمنحك الله تعالى الخلعتين , و لكن واحدة بعد واحدة . كما جرت عادة الله تعالى بذلك . و عليك بالنصيحة لنفسك أولا , فان من نصح نفسه قدر على نصح غيره . أعننا الله تعالى و إياكم على النصيحة لأنفسنا و لغيرنا , و رزقنا و إياكم الإقبال على الله تعالى بالقلب و اللسان و الجوارح بمنه و كرمه و جوده و فضله , و لم يجعل كلامنا حجة علينا أمـــين .

و بلغ سلامنا إلى من سلم علينا . و يسلم عليكم كافة أولادنا و أهلينا و الإخوان و النقباء و على من ذكر سلاما تاما مبارك عاما . و بلغ سلامنا إلى سيدي المبروك و الوالدة .

و قولك ( خشيت ) الخ . فأنا راض عنك إن رضيت بي , أنت تعلم ذلك من قلبك , فان القلوب لا بعد بينها و لو تباعدت الأجسام . و لقد أخبرني سيدي مصطفى بصدقك و دوام نيتك . و قد كان يذكر لنا الشيخ رحمه الله تعالى مرارا : من دام على عادته , دامت سعادته في الدارين , و من لا , فلا .

و لا بد سيدي أن تنصحني و ننصحك هكذا , و نكون إن شاء الله من المتناصحين في الدين لا غير , خصوصا في هذا الزمان , الذي صار فيه الدين غريبا و القابض عليه كالقابض على الجمر .

جعلنا الله و إياكم من أصحاب الدين المتين , و لا تلتفت لمادح و لا لقادح , و لا تتحرك لذالك كما لا يتحرك جبل من نفخ ناموسه .

و هذا ما ورد علي في الوقت , كتبته عاجلا و عليكم السلام .

أواخر شعبان عام 1214 أربعة عشر و مأتيين و ألف , من هجرة من خلقه الله تعالى على أكمل وصف , سيدنا محمد صلى الله عليه و على أله و صحبه و سلم .

الرسالة الثانية

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله كثيرا كثيرا كثيرا .

من عبد الله سبحانه , عبد الرحمان , إلى الحبيب اللبيب , الفاضل الحبيب الحسيب , سيدي محمد بن عزوز و كافة التلاميذ .

سلام الله تعالى و رحمته و بركاته عليكم و على من تعلق بكم .

و بعد : نحن في خير إن كنتم فيه , و نلتمس منكم الدعاء الصالح في مظان الإجابة , كما هو منا لكم فيها , و على الله القبول , و هو نعم المولى و نعم المسؤول .

و قد بلغنا الزيتون و الحوالة و شيء من التمر جازاكم الله خيرا , و كفاكم ضيرا . و تقبل سعيكم و أوسع عليكم من فضله , و أفرغ عليكم من عطائه و بذله , و رزقكم الله تعالى الطاعة و القبول و السير و الوصول . و لا بد لكم من الجد و الاجتهاد و التعشيق و التنشيط و الإخلاص لقوله عليه السلام ( لو شئت أقسم لكم أن أحبكم إلى الله تعالى المحببون عباد الله إلى الله تعالى المحببون الله تعالى إلى عباده الماشون في الأرض بالنصيحة ) و عليكم بمراتب الطريق إلى الله تعالى ثلاثة : شريعة و طريقة و حقيقة . فالشريعة العلم الذي يجب على كل مكلف معرفته , و الطريقة القصد إلى الله تعالى بذاك العلم , و هو السير إليه تعالى و هو العمل , فأما علما بلا عمل . كما أن عملا بلا علم لا عبرة به و هما متلازمان . و أما الحقيقة فهو ثمرتها و هو الوصول إلى المطلب و مشاهدة النور المرغوب . و منه قول أبي بكر رضي الله تعالى عنه : ما رأيت شيئا إلا رأيت الله تعالى فيه . فالوصول عظمة و اقتدار , لا وصول مسافة و انتظار . و قال في الحكم : وصولك إلى الله تعالى وصولك إلى العلم به , و جل ربنا أن يتصل بشيء , أو يتصل به شيء , و قربك منه أن تكون شاهد القربة , و من أراد السير و السلوك إلى منازل الملوك , فعليه بالأركان الثمانية و إلا فهو في ورد التبرك .

قال في الحكم : إذا التبس عليك أمران فانظر أثقلهما على النفس فاتبعه , فانه ما يثقل عليها إلا ما كان حقا . و قال أيضا : من علامات إتباع الهوى المسارعة إلى نوافل الخيرات , هي الاشتغال بالزيادة على الورد الذي هو الاسم الوجد ليصل به إلى الرب الواحد , و إلا فهو ذو أرباب متفرقون , لقولهم : لا يستحقر الورد إلا جهول . الوارد يوجد في الدار الآخرة , و الورد ينطوي بانطواء هذه الدر , و أولى ما يقتنى ما لا يخلف وجوده .

و أما غير طريقتنا فهي وظائف , و طريقتنا هي الورد . و لا بد من معرفة مراتبه و أركانه و شروطه و أصوله . و قد تقدم الكلام على المراتب باختصار , و أما الأركان الثمانية التي تقدم ذكرها فهي : تقليل الطعام , و تقليل المنام , و تقليل الكلام , و مفارقة الأنام , و فكر تام , و هو ترك الأمل , و نفي الخواطر و حديث النفس . و السادس : ذكر مدام , و دوام طهارة , و صحبة رابطة .

و أما الشروط فتسعة : أربعة عامة تجب على المبتدئ و هي مراتب الورد في القلوب , و بعكسها يبور الورد في القلوب . أولها الإكثار من الذكر , و ثانيها الإكثار من المذاكرة بعد كل حضرة أو قبلها رأسية أو كراسية , و ثالثها الإكثار من الزيارة و اللقاء و النظرة و التعرض لنفحات الرب , لشيخه أو نائب شيخه أو إخوانه فقط فقط فقط . و لا تزور غير من ذكروا . و رابعها الهروب و البعد و التجنب من الأضداد و مرض القلوب و المنهمكين في أمر الدنيا الحريصين على جمعها فقط , فان كان مرض الأجساد يعدي , فمرض القلوب أعدى منه . اه انتهى.


الرسالة الثالثة

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله كثيرا كثيرا كثيرا .

من عبد الله سبحانه , عبد الرحمان , إلى الحبيب اللبيب سيدي محمد بن عزوز.

أعز الله أخانا بعز أهل الكمال , و فتح الله تعالى عليه في الحال و المآل , و كان الله تعالى لنا و له في كل فعل و مقال.

سلام الله تعالى عليكم , و على كل من تعلق بكم من الأهل و الأولاد و الإخوان , و على سيدي المبروك أخيكم , من كافة أهلينا و أولادنا و جميع الإخوان عليكم و على الإخوان .

و بعد . نحن في خير إن كنتم فيه أنتم , و المطلوب دعاؤكم لنا في عامة الأوقات و خاصتها كما منا ذلك لكم , و على الله القبول , و هو نعم المولى و نعم المسئول .

فعليك أيها الحبيب على الله تعالى الإكثار من الورد الذي تعارفنا لأجله من غير استعجال للفتح , و إن لم يكن إلا منحك الله تعالى بالدوام عليه , فقد أعظم عليك منته ظاهرة و باطنة , كما في شرف علمك . قال صاحب الحكم رحمه الله تعالى : إذا رأيت عبدا أقامه الله بوجود الأوراد , و أدامه عليها من طول الإمداد , فلا تستحقرن ما منحه مولاه , لأنه لم تر عليه سيم العارفين و لا بهجة المحبين , فلولا وارد ما كان ورد . و قال الإمام القشيري : الذكر منشور الولاية , فمن أعطي الذكر فقد أعطي المنشور . و قال الشاعر :

حسامي و منهاجي القويم و شرعتي و منقدي في الدارين من كل فتنة

و شافني من أمراض جسمي و باطني و مرهم ترياقي من كل علــــــة

محبة رب العالمـــــــــين و ذكـــره على كل أزماني بقلبي و لهجتــي

فــــما للمــــريد إلا ذكــــــــر مــراده و ما للمحب إلا رضـــاء الأحبـة



و عجبني قولك الظريف : و لو قلت لي ائت وحدك لأتيت , و أبقى عندك زمانا و هو المطلوب و المقصود . قال الشاعر :

و إن ساعدتك الوقت فزت بخلوة ينــم عـليــك من خمايلنــا نذ

أكملك البقــايا مــا دمــت باقيــا بها يشرق القلب و ينتعش الورد



و قولك : و قد جاءني اثنان من سيدي علي بن عيسى الخ . و لا باس أن تكتب له و تطلب منه الدعاء و هي الكل , فانه خليفة الشيخ و نائبه , و بالنية و الصدق و الإخلاص يبلغ القاصر بفضل الله تعالى إلى مرتبة الخواص . و قرأت بطاقتك كلها إلى قولك : فأدعو لي الخ . فانا لا ننساك بالدعاء دائما و أنت كذلك . أصلح الله تعالى منا و منكم الأعمال و الأقوال و الأحوال عاجلا بمنه و فضله و كرمه .

فعليك بتجريد القريحة , و العزم بنفسك للنصيحة , فان الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك . و عجبني تواضعك و انتباهك من غفلتك , زادك الله تعالى منه , و بصرك الله بعيوبها , و غلبك عليها أمين . فان معاداة النفس أصل من أصول الطريق , فلا تركن إليها , و لا تستحسن حالها . قال ابن عطاء الله رحمه الله تعالى : أصل كل معصية و غفلة و شهوة , الرضا عن النفس , و أصل كل طاعة و يقظة و عفة , عدم الرضي منك عنها . فالعاقل من تفطن لمآله , و تبصر بأحواله . و كما في شرف علمكم شروط الورد تسعة : أربعة عامة و خمسة خاصة , فمعنى العامة أنها تجب على المبتدئ و المتوسط و المنتهي , و هي الإكثار من الذكر وحده لأهل السير و السلوك , أقل ما يذكر بين ليل و نهار اثنا عشر ألفا , و أوسطه خمسة و ثلاثون ألفا , و المنتهي سبعين ألفا . و الثاني المذاكرة كراسية و رأسية و الثالث الزيارة و الرابع الفرار من الأضداد و اختيار العزلة على الخلطة لكثرة الفساد , و عليكم بالعض بالنواجذ على هذه الأربعة فإنها تنشط القريحة , و تشفي القلوب الجريحة , و التفريط بها و الإخلال يكون سببا للانحلال , كالخروج من الورد و الانسلال .

قال في الحكم : الحزن على فقدان الطاعة مع عدم النهوض إليها علامة الاغترار . و قال أيضا : لا يخاف أن تلتبس الطرق عليك , و إنما يخاف من غلبة الهوى عليك .

فعليكم أيها الأحباب على الله بدوام طاعته , و أفضلها هو الذكر الذي نحن بصدده . فان الإنسان لم يخاطب بجميع العبادات كما خوطب بالذكر في جميع حالاته , و لم يترك له حالة لم يتعلق به خطابه , و ذلك لشدة اعتناء المذكور بالذاكر , و لو لم يكن إلا قوله تعالى : " فاذكروني أذكركم " لكان كافيا , و بالإنعام و الألطاف وافيا , و عليكم بإقامة الحضرة في كل مكان عندكم في وقت تعقب الملائكة فينا , و هما الغداة و العشي , لقوله تعالى لحبيبه و صفوة خلقه : "وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه " الآية .

و لا بد أن تراعوا شكر الله فيها بترتيبها و إقامتها و إطالتها , حيث رتعكم الله تعالى في رياض جنته . قال تعالى "و لمن خاف مقام ربه جنتان" الآية . و قال عليه السلام ( فإذا دخلتم رياض الجنة فارتعوا , قيل : و ما رياض الجنة يا رسول الله ؟ قال : حلق الذكر ) . نبهني الله و إياكم لإقامة شكره على ما منحنا من فضله بكرمه و جوده و منه .

و السلام عليكم و رحمة الله , و فيه كفاية . كتبته عاجلا لكثرة الأشغال , نقلته من خط الشيخ المذكور حرفا بحرف , و الله يوفقنا إلى محبته أمين . انتهى

وهذه رسالة من الشيخ مصطفى بن عبد الرحمان باش تارزي


إلى الشيخ محمد بن عزوز البرجي
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله كثيرا كثيرا كثيرا . من عبد ربه المنان , مصطفى بن عبد الرحمان , إلى الحبيب في الله تعالى , العارف ربه , بقية أثر الطريق , و رائحة الشيخ على التحقيق , سيدي الشيخ محمد بن عزوز , أعزه الله تعالى بعز طاعته , و جعله من أهل حضرته أمين . بعد السلام و رحمة الله و بركاته و طلب صالح الدعاء , فاني أحمد إليكم الله تعالى , و أشكره على ما أنتم عليه , و لقد أبكاني و ذكرني قولك (غاب عني و تركني يتيما ) . . الخ . فكلنا كذلك . و إني عبد الله أولى بهذه الجملة من غريق , فليت شعري متي يكون الوصال , و الخروج من ربقة هذه الأحوال , و الأوصال ؟ و ما ذكرت من ما حصل لبعض المجدين مثل الوله أو غيره , فالذي يظهر و الله أعلم أنه من صفات أصحاب المقام الثالث , أصحاب النفوس الملهمات , فانهم في هذا المقام لا يقع نظرهم إلا على الله لظهور الحقيقة الإيمانية على باطنهم , و فناء ما سوى الله في شهودهم , فمن ذلك يحصل لهم الوله و الشوق و الهيمان و البكاء و القلق و عدم الاعتراض على الخلق و الاشتغال بالحق , و تطوير و تعاقب القبض و البسط و غير ذلك كما لا يخفى , و لا ينفعهم و لا يعينهم على مطلوبهم إلا الإكثار من ذكر الاسم الثالث في جميع الأوقات بالقيام و القعود و الاضطجاع أناء الليل و النهار , حتى يتخلص السائل ببركاته من خطر هذا المقام , و به ينقطع ما بقي من التفات النفس إلى المقام الأول و الثاني , لأنها لا تخلو من التفات إليهما , لأن الطبع يغلب التطبع الخ . و من عثرت عليه ممن بدت عليه علامة مقام , وجب عليك نصحه نقله إلى الاسم المناسب له , حتى لا يعود أخره على أوله , لأن كل اسم بالنسبة إلى أهله نار لا تبقي و لا تذر . فابذل جهدك في نصح الخليقة على الحقيقة . و قد بلغت السلام كما ذكرت إلى جميع من ذكرت و السلام . و يبلغ السلام إلى سيدي المبروك و كافة الأهل و الإخوان و الطلبة و سائر المعينين على طاعة الله من كاتب الحروف و اخوانه . و يصلكم الظهير المجدد , و الأصل بقي عندي كما ذكرت و السلام . كتب عاجلا , و إن يسر الله تعالى جمعنا فليكن صحبتك تأليف الشيخ رحمه الله بخط يده . اه انتهى .
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |