من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة مجدد الطريقة الشيخية الشاذلية سيدي بوعمامة




هوالعارف بالله تعالى، والدال عليه، قطب زمانه، وفريد أوانه، المجاهد البطل العلامة، صاحب الكرامات والمكاشفات الكثيرة، سيدي الشيخ محمد أبوعمامة البوشيخي الصديقي بن سيدي العربي بن سيدي الشيخ بن سيدي الحرمة بن سيدي محمد بن سيدي ابراهيم بن سيدي التاج بن شيخ الطريقة وشمس الحقيقة سيدي الشيخ عبد القادر بن محمد رحمهم الله .

مولده:

إزداد حوالي1840م في واحة فجيج وكانت فجيج أو فكيك في تلك الفترة لا تزال ضمن النفوذ الجزائري وتابعة لإقليم الصّحراء قبل معاهدة لالّة مغنية سنة 1845م، وهو ينتمي إلى قبيلة أولاد سيدي الشيخ الجزائرية، وحتّى بعد معاهدة “لالّة مغنية” ظلّ أولاد سيدي الشيخ غير مكترثين ببنود هذه المعاهدة ولا يخضعون لأي سلطة، فكان الشّيخ إبراهيم بن التّاج جدّ الشيخ بوعمامة سيّدا مستقلا، وقد تمكّن من هزيمة سلطان الأسرة الفلالية مولاي الرشيد الذي حاول أن يُخضعه بالقوّة، قرأ القران الكريم صغيرا والعلوم الشرعية في الزوايا على مجموعة من الشيوخ نخص بالذكر منهم والده الفقيه الصالح، سيدي العربي بن الشيخ، وفي وسط عرف بالفضل والدين والصلاح، نشأ سيدي أبوعمامة نشأة عربية إسلامية كان لثورات أولاد سيدي الشيخ ضد الاحتلال كبير الأثر في نفسية الشيخ، وغرست فيه رغبة الجهاد، إتصل بكل أبناء عمومته أولاد سيدي الشيخ وأحبابهم من القبائل (اولاد سيدي أحمد المجدوب، المهاية، العمور، الشعانبة، الأغواط .....). جمع الصفوف ووحد الكلمة استعدادا لخوض المعركة.

حياته:

تربى الشيخ سيدي بوعمامة وترعرع على يد مقدم سيدي الشيخ،سيدي محمد بن عبد الرحمان، وهو الذي أشار عليه بالذهاب الى مغرار التحتاني جنوب ولاية النعامة الجزائر، حيث أسس زاويته حوالي 1875م، إحياء لطريقة الجد سيدي الشيخ في بلدة مغرار، حاول الشيخ أن يوحد كلمة أولاد سيدي الشيخ بعد أن تفرقت كلمتهم عقودا طوالا، وقد عمل بكل جد وإخلاص إحياء الطريقة الشيخية وإعطائها روح جديدة، بعد أن كادت تنمحي بسبب الصراع بين طوائف أولاد سيدي الشيخ حول الزعامة والأمور الدنيوية، وبنى هناك زاوية بمساعدة سكان البلدة، وأعلن أنه مرتبط دائما بالطريقة الشيخية، أي أنه لم يبدع طريقة جديدة، كما لم يعلن انفصاله عنها، أي أنه لم ينشئ طريقة خاصة بل هي بوعمامية شيخية متفتحة لكل المسلمين بدون تحفظ ولاتميز وقد التف حوله المريدون من مختلف القبائل، واكتسب سمعة حسنة بينها بالجزائر والمغرب، لتواضعه وتقواه ولأخلاقه المثالية فقد ذكربعض من عرفه أنه لم يؤثر عنه منذ أن بلغ أشده أنه ضحك القهقهة، ولم يكن ضحكه الا تبسما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت عنه أنه مد رجله في جماعة، وحتى في أيام شيخوخته، ولم يصح أنه أخر وقت الصلاة .

مجالسه رضي الله عنه:

كانت مجالسه روضة من رياض الجنة، حافلة بالعلم والذكر الجماعي خاصة دور سيدي الشيخ لاإله إلا الله، والتذكير والتناصح، لا يذكر أحدا من البشر بسوء حيا كان أو ميتا، كانت مجالسه كلها دعوة الى الله عز وجل وإلى طريقة أسلافه وتهاطلت عليه الوفود من كل جهت تحمل معها الهدايا والزيارات، إبتغاء البركة، وتجديد الطريقة، فإتسعت الصلات وتوثقت مع مختلف الطوائف، وكان الشيخ أنذاك لا يتوانى عن زيارة جده وشيخه سيدي الشيخ، المتواجد ضريحه ببلدة البيض الجزائر إلى أن إنتقلت إليه المشيخة بعد أن وقع له الفتح الكبير .

ما يحكى: أن الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد : سيدي الشيخ كانت لديه ياقوتة وهي عبارة عن شيء يشبه كرة متوسطة توارثها مشائخ الطريقة.


أوصى بها لإبنه سيدي الحاج أبوحفص ثم إنتقلت بعد موته إلى أخيه سيدي الحاج عبد الحاكم ثم لإبنه سيدي بحوص الحاج ثم لإبن عمه سيدي بن الدين الذي أعادها إلى مكانها قبيل موته أي داخل ضريح سيدي الشيخ قائلا: لا أحد يقدر على مسها أو حملها لأن عندها الإسم صاحبها لم يظهر بعد : وتذكر الرواية أن عددا كبيرا من أولياء الله تمنوا أن تكون من نصيبهم، تعبدوا الله وترددوا على : قبة سيدي الشيخ : دون أن يحصلوا على مبتغاهم، إلى أن ظهر الشيخ بوعمامة، الذي كان يتردد هو بدوره على : قبة جده : إلى أن قيل له ذات مرة أنت صاحب الياقوتة، أنت صاحب المنزولة، وهي الآن عند شيخنا سيدي الحاج حمزة بوعمامة.

----------------





من أقوال شيخنا الهمام، سيدنا البطل المجاهد الشيخ محمد بلعربي الملقب بأبوعمامة رحمه الله:

يقول الشيخ أبوعمامة للجينيرال الفرنسي اليوتي "

"لن تضعوا يدكم علي أبدا، نادوا على جيشكم الكبير، أما أنا فجيشي هو الايمان، اذا كان لا بد من مواجهتكم، فسأواجهكم بعد نفاد ذخيرتي بالعصي والأسلحة البيضاء، لقد ولدت لأموت من أجل أن يعيش أبناء بلدي أوفياء لتعاليم القرآن، نسأل الله النصر في الدنيا وفي الآخرة .... الجهاد. الجهاد .....

هذه المقولة قالها الشيخ للحاكم العام لا فيريار :

" اذا سمعتم رنين الرصاص بعد دفني، فاعلموا أني لا زلت في حرب ضد فرنسا " .

هذا رد الشيخ أبوعمامة على دعوة الجينيرال اليوتي عندما طلب منه كف تحرشاته على القوات الفرنسية واعلانه الطاعة لها .
" قل لمن أرسلك أن الطاعة معناها قبول السيادة الفرنسية وخيانة الله القوي، رايتنا هي راية الرسول عليه الصلاة والسلام، أنا لا أتمنى لقاء العدو وسأقاتل الى آخر قطرة من دمي .

يقول الجينيرال اليوتي في احدى رسائله المؤرخة في 14- 11- 1903م
يبدو أن بوعمامة هو الذي يجب أن نعزوا جميع همومنا، وما نعانيه دائما من مضايقات، فموقفه واضح العداء منذ مدة طويلة، اننا نجد أثره في كل مكان، في حارت " تاغيت" وفي قضية " المنقار" وحتى في الجيوش التي تضايقنا في العين الصفراء، ويرى أنصارنا جميعا هو عدونا اللذوذ، وان الزوابع والفتن والاضطرابات هو الذي يقف وراءها، وهو الذي يجب أن نقضي عليه، فاذا ما سقط، سقطت معه تقريبا جميع المتاعب التي تعاني منها جيوشنا على حدودنا في الجنوب الوهراني، كل المسلمين ينظرون الى الشيخ أبوعمامة أنه القائد الكبير الذي قاتل المسيخ في الجزائر باسم الله ومحمد، ويبقى في أعينهم رمز الجهاد والمقاومة ضد الغزو وضد الأفكار العصرية والصليب .

لقد عرض الفرنسيون على الشيخ أبوعمامة رحمه الله التوقف عن القتال مقابل الجاه والمنصب، له ولأبنائه كما جاء في الرواية الشفوية، وألقوا القبض على ابنه البكر السيد الطيب وهددوه بقتله اذا لم يستسلم لهم، ولكنه كان يرفض دائما تلك العروض، بل تخلى عن ابنه وفلذة كبده من أجل هدفه الأسمى ومبدئه في تحرير البلاد من الأعداء، لأنه يعرف أن الأعمار بيد الله .
لقد كان الشيخ ذا حدة وصرامة في الحق لم يملك الدنيا ولم تملكه، فهاهي الهبات والمنح والمناصب البراقة تعرض عليه مقابل العدول عن هدفه لكنه يؤثر تحمل المتاعب باختيار الجهاد والنضال وهو في سن متأخرة، أي رجل وأية نفس؟؟ وأية فطرة هذه المطبوعة على الصلابة والصرامة والقوة؟؟ أنها الآفاق التي تصبو اليها الجماهير الشعبية في رفض الدنية والسمو بالانسان الى عالم المثل ......
ولقد صوره الوجدان الشعبي بطلا حتى في جنازته اذ فرت القبائل المناوئة له من طريق حاملي جثمانه بعد أن رأت قوة شكيمة مشيعيه وبأسهم حتى وهم يدفنون زعيمهم .
وهاهي أمثلة عما أثر عن مقاومة الشيخ أبوعمامة.

يقول الشاعر البشير ولد حمو مذكرا بشجاعة الشيخ وأولاده :
أشتد اليوم أطراد الأبطال == رايس القوم أولاد بوعمامة
سيدي بمحاله كل يوم غلغال == على جيش الرومي بغى الزدمة .

الشاعر المقدم المهناني في قصيدة رثائية طويلة مطلعها :
عزوني يالناس في شيخ العربان == عزي وعنايتي ومفتاح أورادي
تبكي عيني عليه ما طال الزمان == طول الحياة والدموع على خدي .
لو شفتم ما فعل بشينين الديوان == لو كنتم يوم تيقري وخبر فندي
تشاهدوا ما ذا فعل الشيخ == بوعمامة بالماريشال اليوتي .

ومن المقطوعات الشعبية :

صلوا على النبي وأصحابه == يا ألي شفتوا بوعمامة سيدي
خيمة كبيرة قنطاسه عالي == يا ألي شفتوا بوعمامة سيدي
بين الجبال مبيح دواره == يا ألي شفتوا بوعمامة سيدي
بحر الطعام والبارود الزلزالي == يا ألي شفتوا بوعمامة سيدي
هو بعيد والرومي جار علينا == يا ألي شفتوا بوعمامة سيدي
يعطي الطعام يخدم في الروحاني == يا ألي شفتوا بوعمامة سيدي .


لقد انطفأت شمعة الشيخ محمد بن العربي " أبوعمامة" سنة 1908ه ولكن ذكراه باقية في قلوبنا وقلوب أبنائنا
تكملة الموضوع

ترجمة العارف بالله الشيخ محمد بن يلس التلمساني رضي الله عنه






هو العارف بالله محمد بن يلس, تلمساني الأصل و المنشأ, كان ممثل الطريقة الدرقاوية بمدينته, أخذ الطريق عن الشيخ محمد الهبري ثم عن الشيخ محمد بن الحبيب البوزيدي الذي أذن له في الإرشاد و الدعوة إلى الله كما ذكره في قوله:

بالهبري تم المرادرقاني إلى الأوراد
و مقام الإرشادمن البوزيدي مأخوذ

و الشيخ محمد الهبري و الشيخ محمد البوزيدي تربيا على يد الشيخ محمد ابن قدور الوكيلي الكركري و هما الإثنان مأذونان بالإرشاد فلمّا قرب انتقال الشيخ سيدي محمد ابن قدّور الوكيلي رضي الله عنه إلى جوار ربه كان يردد هذه الكلمات: "أخذ البوزيدي الِقربة برباطها ! " و الِقربة هي وعاء من جلد الشاة للسقاية, و هذه إشارة واضحة بأن سيدي البوزيدي اخذ السّر من شيخه رضي الله عنهم أجمعين و طلب منه أن يخلفه في الإشراف على زاويته بجبل كركر.

ثم بعد وفاة شيخه محمد البوزيدي بايع الشيخ محمد بن يلس الشيخ أحمد العلوي على الخلافة عام 1909م / 1327هـ كما يروي ذلك الشيخ العلوي بنفسه:

يقول الشيخ العلوي و هو يتكلم عن الفترة التي كان ينوي فيها هجرة الجزائر حينما توفي شيخه محمد البوزيدي رضي الله عنه :" لما انقضى نظر الفقراء أن لا يسمحوا لي بالذهاب، وساعدتهم الأقدار على ذلك، فعزموا على اجتماع عمومي يكون بزاوية الأستاذ رضي الله عنه، ولما وقع الإجتماع تحت أنظار كبار الفقراء، وكان من جملتهم حضرة العارف بالله (الحاج محمد بن يلّس التلمساني) المهاجر الآن بمدينة دمشق بالشام، فتولى خطاباً يذكر ما يحتاج إليه المقام، ثم وقعت البيعة من جميعهم قولاً، وهكذا استمرت على ذلك من أكابر الفقراء " إهـ

قصد محمد بن يلس بلاد الشام في 20 من رمضان 1329 هـ الموافق ل 14 سبتمبر 1911 مارا بطنجة براً ثم إلى مرسيلبا بحراً ثم إلى الشام بحراً كذلك فأصبح بذلك ممثل الطريقة الشاذلية الدرقاوية , إذ لم تأخد الطريقة إسم صاحبها الشيخ العلوي إلاَّ سنة 1914 / 1332 هـ

وسبب هجرته إلى الشام هو تأهب فرنسا أنذاك لإحتلال المغرب الأقصى و الحضر على الأهالي في الجزائر أن لا يجتمعوا بالعلماء سواء بالجزائر أو بالمغرب حيث كان التنقل حرا بين هاذين البلدين , فعزم الكثير من أهل العلم و الصلاح على الهجرة إلى المشرق و قد سميت هذه المرحلة من التاريخ الجزائري بفترة الفارِّين بدينهم أو هجرة التلمسانيين , الشيخ محمد بن يلس و كذا محمد بن الهاشمي الذي كان من أتباعه كانا من بين هؤلاء

عملت الحكومة التركية آنذاك على تفريق جميع الجزائريين ففرقت بين محمد يلس الذي بقي بدمشق و محمد بن الهاشمي الذي ذهب إلى تركيا و أقام في أضنة ,حتى لمَّ الله شملهما بعد عامين من الزمن بدمشق

توفي رحمه الله و رضي عنه يوم الثلاثاء 26 ديسمبر 1927م الموافق لـ 11 من جمادى الثاني 1346هـ بدمشق بالشام
تكملة الموضوع

اللبؤة الجزائرية البطلة الشهيدة لالا فاطمة نسومر



الصورة الوحيدة المعروفة للالا فاطمة نسومر


لالة فاطمة نسومر (1830-1863)

تظل « لالا فاطمة نسومر » نموذجاً فذاً لكفاح المرأة الجزائرية بتمردها على الظلم والطغيان ، وأسطورة تروى جيلا بعد جيل ،.فهذه المرأة استطاعت بكل ما تملك الأنثى من سلاح أن تقهر أعلى الرتب العسكرية في الجيش الفرنسي الاستعماري الذي أراد أن يقتحم عرين اللبؤة ،ناهيك عما امتازت به من الأدب والتصوف والذكاء الخارق ، وما انفردت به من بطولة وشجاعة ودراية وحنكة في إدارة المعارك ، وهي التي واجهت عشرة جنرالات من قادة الجيش الفرنسي فلقنتهم دروس البطولة والفروسية . فهي قد نشأت في أسرة تنتمي في سلوكها الاجتماعي والديني إلى الطريقة الرحمانية ، فأبوها سيدي « محمد بن عيسى » مقدم الشيخ الطريقة الرحمانية ، وكانت له مكانة مرموقة بين أهله وكان يقصده العامة والخاصة لطلب المشورة وأمها هي لالا خديجة التي تسمى بها جبال جرجرة بالجزائر .

المولد:

ولدت لالا فاطمة بقرية ورجة سنة 1246هـ/1830م وتربت نشأة دينية. لها أربعة إخوة أكبرهم سي الطاهر. و تذكر المصادر التاريخية ما كان للمرأة من خصائص تميزها عن بنات جبلها، من سحر الجمال و رقة الأدب و الذكاء الخارق.

النشأة:

نشأت لالا فاطمة نسومر في أحضان أسرة تنتمي في سلوكها الإجتماعي و الديني إلى الطريقة الرحمانية، أبوها سيدي محمد بن عيسى مقدم زاوية الشيخ سيدي احمد امزيان شيخ الطريقة الرحمانية. كان يحظى بالمكانة المرموقة بين أهله، إذ كثيرا ما كان يقصده العامة و الخاصة لطلب النصح و تلقي الطريقة ، أما أمها فهي لالا خديجة التي تسمى بها جبل جرجرة و عند بلوغها السادسة عشر من عمرها زوجها أبوها من المسمى يحي ناث إيخولاف إذ قبلت به على مضض بعدما رفضت العديد من الرجال الذين تقدموا لخطبتها من قبل ، لكن عندما زفت إليه تظاهرت بالمرض و أظهرت كأن بها مسّ من الجنون فأعادها إلى منزل والدها و رفض أن يطلقها فبقيت في عصمته طوال حياتها.

تصوفها و إنتسابها للطريقة الرحمانية:

آثرت حياة التنسك و الانقطاع و التفرغ للعباة، كما تفقهت في علوم الدين و تولت شؤون الزاوية الرحمانية بورجة. و بعد وفاة أبيها وجدت لالا فاطمة نسومر نفسها وحيدة منعزلة عن الناس فتركت مسقط رأسها و توجهت إلى قرية سومر أين يقطن أخوها الأكبر سي الطاهر، و إلى هذه القرية نسبت .تأثرت لالاّ فاطمة نسومر بأخيها الذي ألّم بمختلف العلوم الدينية و الدنيوية مما أهله لأن يصبح مقدما للزاوية الرحمانية في المنطقة و أخذت عنه مختلف العلوم الدينية، ذاع صيتها في جميع أنحاء القبائل. قاومت الاستعمار الفرنسي مقاومة عنيفة أبدت خلالها شجاعة و بطولة منفردتين، توفيت في سبتمبر 1863، عن عمر يناهز 33 سنة.

جهادها ضد الغزو الفرنسي:



تصوير مطبوع يظهر لالا فاطمة نسومر أثناء القتال

برهنت فاطمة على أن قيادة المقاومة الجزائرية ليس حكر على الرجال فقط بل شاركت فيها النساء، و فاطمة نسومر شبت منذ نعيم أظافرها على مقت الاستعمار و مقاومتها له رغم تصوفها و تفرغها للعبادة و التبحر في علوم الدين التنجيم، إلا أن هذا لم يمنعها من تتبع أخبار ما يحدث في بلاد القبائل من مقاومة زحف الغزاة الفرنسيين و المعارك التي وقعت بالمنطقة لا سيما معركة تادمايت التي قادها المجاهد الجزائري الحاج عمر بن زعموم ضد قوات الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال بيجو سنة 1844، كما أنها لم تكن غافلة على تمركز الغزاة الفرنسيين في تيزي وزو بين 1845-1846، و في دلس 1847 تم محاولة الجنرال روندون من دخول الأربعاء ناث إيراثن عام 1850التي هزم فيها هزيمة منكرة . و لما واتتها الظروف انضمت إلى المقاومة حيث شاركت بجانب بوبغلة في المقاومة و الدفاع عن منطقة جرجرة و في صد هجومات الاستعمار على أربعاء ناث إيراثن فقطعت عليه طريق المواصلات و لهذا انضم إليها عدد من قادة الأعراش و شيوخ الزوايا و القرى، و لعل أشهر معركة قادتها فاطمة نسومر هي تلك التي خاضتها إلى جانب الشريف بوبغلة (محمد بن عبد الله) في مواجهة الجيوش الفرنسية الزاحفة بقيادة الجنرالين روندون و ماك ماهون فكانت المواجهة الأولى بربوة تمزقيدة حيث أبديا استماتة منقطعة النظير، إلا أن عدم تكافؤ القوات عدة وعددا إضطر الشريف بوبغلة بنصيحة من فاطمة نسومر على الإنسحاب نحو بني يني ، وهناك دعيا إلى الجهاد المقدس فاستجاب لهما شيوخ الزوايا و وكالاء مقامات أولياء الله فجندوا الطلبة و المريدين و اتباعهم واتجهوا نحو ناحية واضية لمواجهة زحف العدو على قراها بقيادة الجنرالين زوندون و يوسف التركي و معهما الباشا آغة الخائن الجودي، فاحتدمت المعركة وتلقت قوات العدو هزيمة نكراء، و تمكنت لالا فاطمة نسومر من قتل الخائن الجودي بيدها كما استطاعت أن تنقذ من موت محقق زميلها في السلاح الشريف بوبغلة حينما سقط جريحا في المعركة.

بالرغم من الهزيمة النكراء التي منيت بها قوات روندون بتشكرت ، إلا أن ذلك لم يثنه من مواصلة التغلغل بجبال جرجرة، فاحتل عزازقة في سنة 1854 فوزع الأراضي الخصبة على المعمّرين الوافدين معه، و أنشأ معسكرات في كل المناطق التي تمكّن منها، وواصل هجومه على كل المنطقة . بالرغم من التغلغل والزحف لم يثبّط عزيمة لالة فاطمة نسومر من مواصلة هجوماتها الخاطفة على القواة الغازية فحققت انتصارات أخرى ضد العدو بنواحي يللتن و الأربعاء و تخلجت و عين تاوريغ و توريرت موسى، مما أدى بالقوات الفرنسية إلى الاستنجاد بقوات جديدة و عتاد حديث، إضطرت على إثرها فاطمة نسومر إلى إعطاء الأوامر بالإنسحاب لقواتها إلى قرية تاخليجت ناث عيسو، لا سيما بعد اتبّاع قوات الاحتلال أسلوب التدمير و الإبادة الجماعية، بقتل كل أفراد العائلات دون تمييز و لارحمة.



المارشال جاك لوي رندون 1795-1871


و لم يكن انسحاب فاطمة نسومر انهزام أو تقهقر أمام العدو أو تحصننا فقط بل لتكوين فرق سريعة من المجاهدين لضرب مؤخرات العدو الفرنسي و قطع طرق المواصلات و الإمدادات عليه.

الشيء الذي أقلق جنرالات الجيش الفرنسي و على رأسهم روندون المعزز بدعم قواة الجنرال ماكمهون القادمة من قسنطينة . خشي هذا الجنرال من تحطم معنويات جيوشه أمام هجمات فاطمة نسومر، فجند جيشا قوامه 45 ألف رجل بقيادته شخصيا، اتجه به صوب قرية آيت تسورغ حيث تتمركز قوات فاطمة نسومر المتكونة من جيش من المتطوعين قوامه 7000 رجل و عدد من النساء وعندما احتدمت الحرب بين الطرفين خرجت فاطمة في مقدمة الجميع تلبس لباسا حريريا أحمر كان له الأثر البالغ في رعب عناصر جيش الاحتلال.

على الرغم من المقاومة البطولية للمجاهدين بقيادة فاطمة نسومر فإن الانهزام كان حتميا نظرا للفارق الكبير في العدد و العدة بين قوات الطرفين، الأمر الذي دفع فاطمة نسومر إلى طرح مسألة المفاوضات و إيقاف الحرب بشروط قبلها الطرفان.

إلا أن السلطات الاستعمارية كعادتها نقضت العهود ،إذ غدرت بأعضاء الوفد المفاوض بمجرد خروجهم من المعسكر حيث تمّ اعتقالهم جميعا ، ثم أمر الجنرال روندون بمحاصرة ملجأ لالا فاطمة نسومر و تم أسرها مع عدد من النساء.

وفاتها:

و خوفا من تجدد الثورة بجبال جرجرة أبعدت لالا فاطمة نسومر مع 30 شخصا من رجال و نساء إلى زاوية بني سليمان بتابلاط و بقيت هناك لمدة سبع سنوات إلى أن وافتها المنية عن عمر يناهز 33 سنة ، على إثر مرض عضال تسبب في شللها.

رحم الله البطلة المقاومة لالا فاطمة نسومر و أسكنها فسيح جنانه.
تكملة الموضوع

حمل موسوعة الحبيب للدراسات الصوفية، التصوف الإسلامي من الرمز إلى العرفان








أولا تعريف بالمؤلف ...
هو الدكتور محمد بن بريكة البوزيدي الحسني أصغر أستاذ في تاريخ الجامعة الجزائرية إذ إلتحق بجامعة الجزائر بصورة دائمة وعمره22سنة ,يرجع نسبه إلى قبيلة البوازيد وهم أشراف حسنيون عمروا مدينة الدوسن ضاحية معروفة من عمالة بسكرة بالواحات الجزائرية نشا في بيت علم درج أفراده على حفظ القرآن والمتون وسلوك طريق التصوف كابرا عن كابر?يعمل أستاذا محاضرا في التصوف والفلسفة الإسلامية بجامعة الجزائر حصل على شهادة دكتوراه الدولة في التصوف الإسلامي بتقدير مشرف جدا مع التهاني والتوصية بالطبع,وقبل ذالك على شهادة المنهجية في البحث وشهادة الماجستيرفي نفس المبحث أي التصوف?تولى مهام عديدة منها إدارة الدراسات ثم الدراسات العليا ثم رئاسة المجلس العلمي وعضوية اللجنة الوطنية لإصلاح برامج التعليم العالي ونيابة رئاسة اللجنة الوطنية للعلوم الإنسانية والإجتماعية ,تنصب نشاطات الدكتور محمد بن بريكة البوزيدي الحسني بالداخل والخارج على التعريف بالتصوف وأعلامه شرع في طبع موسوعة الحبيب للدراسات الصوفية التي تعتبر عملا رائدا بكل المقاييس ومنها أخذنا هذ التعريف الموجز لدكتورنا وأخانا العزيز أطال الله في عمره ونفعنا بعلومه بجاه سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه والتابعين آمين.


موسوعة الحبيب للدراسات الصوفية



 التصوف الإسلامي من الرمز إلى العرفان
- دار المتون للنشر والطباعة والتوزيع.
- الطبعة الأولى 2006 م / 1427 هـ.

رابط تحميل الموسوعة

هنــــــــا
 
موسوعة الحبيب للدراسات الصوفية مطبوعة جزائرية من 500 صفحة تضم أهم ما جاء عن الصوفية منذ الأزمان الأولى ، كما أنها تتضمن حقائق علمية جديدة تؤكد أهمية الخلق التي هي من أهمية الخالق العظيم الذي صور هذا الكون الفسيح وقد ركز الأستاذ بن بريكة على أن تتضمن موسوعة الحبيب كل ما هو جدي ووعلمي فلي مجال هذا العلم الواسع الجميل. كما لا يمكن تجاهل جهود دار المتون للنشر والترجمة والطباعة والتوزيع بهدف طباعة الأجزاء المتبقية التي هي إجمالا 21 جزاءا طبع منها الكتاب الأول في إتظار ميلاد بقية الأجزاء.
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |