من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة الولي الصالح سيدي محمد بن فرج التجاني


النسب الشريف :

هو سيدي محمد بن أحمد بن فرج بن قدور بن فرج، حيث ينتهي نسبه إلى سيدنا الحسين بن سيدنا علي بن ابي طالب والسيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأمه هي الفاضلة مسعودة بنت بلول الفرجاني ، أما أبوه الحاج أحمد بن فرج فقد كان رجلا صالحا ينتمى إلى الطريقة القادرية نشأ بين قبيلة الفرجان (وهم عرب رحل) يتمنع بوجاهة ومكانة كبيرة عندهم، يتنقل بين قرية النخلة1 أين عاش وانجب جل أولاده وبلدة نفطة التونسية التي أقام بها زاوية لاطعام الوافدين من أهل سوف خاصة طلبة العلم.

ولقد عرف الحاج أحمد بن فرج بوقوفه على الصلاة والدعوة إليها فكان لا يسمح لتارك الصلاة بالأكل من طعامه أو الميت عنده ومما يحكى في هذا الشأن ، أن رجلا لا يصلي قدم عليه وهو بتوزر فسأله الشيخ أحمد ...هل تصلي. فأجاب الرجل نعم وهو لا يصلى فوضع له الطعام ..فأكله .. وعند مغادرته الزاوية تقيأ الرجل ما أكله .. وقال : صدق الشيخ أحمد.

مولده ونشأته:

ولد سيدي محمد بن فرج سنة 1266 هـ الموافق لـ 1850م بقرية النخلة ( بلدية النخلة ولاية الوادي (الجزائر) تقع على بعد 14 كلم من مدينة الوادي ) ونشأ في أحضان والده في أسرة ميسورة الحال ، ولما بلغ السابعة من عمره رحل مع أبيه الى بلدة نفطة بالقطر التونسي أين أقام واستقر، وبزاويتها حفظ القران الكريم حفظا جيدا وبها تعلم المبادئ الأولى للعلوم الشرعية انتقل بعدها الى مدينة تونس والتحق بجامع الزيتونة . حيث تلقى على يد علمائه الاجلاء الكثير من العلوم الشرعية واللغوية، ومن أبرز الشيوخ الذين درس عليهم حينذاك الشيخ محمد الشافعي النفطي الذي أخذ عنه التفسير والحديث والفقة والسيرة النبوية وغيرها من العلوم .. حتى أنه منحه إجازة في الحديث الشريف تمكنه من تدريس كتب الحديث الستة , كما منحه إجازة علمية مطلقة في مختلف العلوم الشرعية.

عرف سيدي محمد بالفطنة والذكاء وقوة الحافظة وفصاحة اللسان وطلاقة البيان وقوة الحجة وسعة الاطلاع كما برع في التفسير والحديث واشتهر بحفظه للقران الكريم حفظا دقيقا ومحكما ... كل هذه المواصفات جعلت منه رجلا متميزا وشخصية فذة أكسبته عند الناس تقديرا ومهابة .

الشيخ في القيروان :

لسنا ندري ما هي الظروف التي دفعته إلى الاستقرار مدة طويلة من حياته بمدينة القيروان حيث عمل بها إماما ومدرسا بأحد مساجدها وتزوج بامرأة هناك ، فكانت هي الزوجة الأولى في حياته ، ورزقه الله منها بنتا وبعد مرور زمن على استقراره بالقيروان ، وقد ناهز سيدي محمد الخامسة والخمسين من عمره وظهر الشيب علي رأسه بدأ الحنين يراوده إلى مسقط رأسه حيث الهدوء والسكون . فقرر العودة إلى سوف للاستقرار النهائي بها ،عرض الأمر على زوجته وخيرها بين الرحيل معه ،أو البقاء بالقيروان فاختارت البقاء مع أهلها ، فسرحها بالمعروف ليعود إلى سوف وحده، أما البنت فلم يكتب لها العيش طويلا .فقد توفيت بعد زمن قليل من رحيل والدها الشيخ في سوف استقر سيدي محمد بن فرج بقرية النخلة وعمل اماما ومدرسا ومعلما بأحد مساجدها وتزوج بالسيدة الفاضلة فاطمة عمامرة بنت محمد البهلي من أسرة تجانية من عرش أولاد جامع كانت تسكن بقرية قطاي التي اشترى بها غابة نخيل من مدخراته التي أتى بها من القيروان.

وقطاي منطقة فلاحية ببلدية المقرن ولاية الوادي، تبعد عن المقرن بـ 14 كلم و عن مدينة الوادي بـ 44 كلم، عمرها أولاد جامع وغيرهم خلال فترة الاحتلال الفرنسي ثم رحلوا عنها بعد الاستقلال.

دخوله في الطريقة التجانية :

واثناء ذهابه لقطاي أين يزور اصهاره ويتفقد نخيله تعرف على جدي علي بن حميد الجامعي المقدم بالطريقة التجانية فكانا يتحاوران ويتذاكران . وفي أحد تلك الزيارات أعاره كتاب "جواهر المعاني وبلوغ الاماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني" (رضي الله عنه) للعلامة سيدي علي حرازم ،وبهامشه كتاب "رماح حزب الرحيم في نحور حزب الرجيم" للحاج عمر بن سعيد الفوتي, فقرأ الشيخ سيدي محمد بن فرج الكتاب قراءة متمعنة ودرسه دراسة العالم العارف فوجد فيه بغيته وطلبه ، فشرح الله صدره , وقرر سلوك الطريقة التجانية الاحمدية بحماس وشغف وعجلة , فرجع الى المقدم سي علي بن حميد وطلب منه الورد، فبعثه الى الشيخ سيدي العيد بن يامة كبير مقدمى سوف، ففرح به أيما فرح واخذه الى المقدم سيدي مسعود بوسنينة ( الوادي ) وعرض عليه الأمر، فقال له : مثلك لا يأخذ الطريقة إلا عن الشيخ سيدي محمد حمه رضى الله عنه وكان الشيخ سيدي محمد حمة في ذلك الوقت مقيما بالزاوية التجانية بقمار، وهكذا ذهبوا جميعا الى قمار لمقابلة الشيخ هناك وأثناء المقابلة تم التعريف بالزائر الجديد ، فقالوا له : هذا سيدي محمد بن فرج الفرجاني . فقال الشيخ : بل قولوا ... "التجاني" ليصبح لقبا له ولذريته من بعده ، ونظرا لما يتمتع به سيدي محمد بن فرج من مناقب وخصال كالنسب الشريف والعلم الواسع والصدق والإخلاص والهمة العالية والسمعة الطيبة فقد أعطاه الشيخ سيدي محمد حمه الورد واجازه بالتقديم والاطلاق في تلك الجلسة من الزيارة المباركة ومن حينها تغير مسار حياته ، فقد فتح الله عليه بالفهم والمعرفة فأحب الطريقة وتفانى في خدمتها.

عمله في الطريقة :

وبعد مدة ليست بالطويلة كلفه الشيخ سيدي محمد حمة بالتوجه نحو الجنوب التونسي بهدف تعليم الناس الاسلام الصحيح ، ودعوتهم الى إصلاح ذات البين والخير ، وعرض الطريقة لمن يقبل بها، والجنوب التونسي في ذلك الوقت يعيش فراغا دينيا رهيبا فقد ابتعد الناس عن أخلاق الاسلام وآدابه السمحة وضيعوا الفروض انتهكوا الحدود ، وفشت فيهم المنكرات والنزاعات فكانوا في حاجة الى مرشد رباني يردهم إلى دينهم ردا جميلا ويبعث فيهم معاني وقيم التراحم والاخوة من جديد .فكان هذا المرشد الداعية هو الشيخ سيدي محمد بن فرج التجاني وعمره قد تجاوز الستين عاما، و كان لسيدي محمد بن فرج رحلتين مشهورتين الى الجنوب التونسي و أخرى الى العاصمة تونس.

الرحلة الاولى :(1912)

فقد ذهب إلى بلدة تطاوين برفقة ولده الصغير سي عبد الوهاب و آخرون وذلك في ربيع سنة 1912 تقريبا تحت غطاء قافلة تجارية لبيع التمور ودامت هذه الرحلة الى آخر السنة، كان أول اتصال له بالعدل العالم الزيتوني سيدي سعد بن الحاج نصر كادي وبعد تجديد العهد له انطلق سيدي محمد بن فرج في مهمته فبعد تطاوين انتقل الى قربة غمراسن ثم الى مضارب بالطيب،ثم الى الخربة ثم اللبابدة، وكل منطقة ينزل بها يتصل بأهل الوجاهة والعلم والسلطان فيعرض عليهم دعوته ويجيب عن اسئلتهم ويرد الشبهات التي تثار هنا وهناك بما عنده من يقين ومعرفة وقوة بيان ، ثم يلتقي بالناس يدعوهم الى الخير ويحذرهم من الفتن ويرغبهم في الطريق وهكذا استطاع في أشهر قليلة أن يحقق أهداف رحلته فقد جمع الله به الشمل وفتح به القلوب، وهدى به العقول الى جادة الصواب، وقد أجاز خلال الرحلة الأولى على ما يقال عشرين مقدما من أعيان مناطق وقبائل مختلفة وفي أثناء هذه الرحلة توفي الشيخ سيدي محمد حمه يوم الأثنين 06 محرم 1331 هـ الموافق لــ 16 ديسمبر 1912م . وخلفه ابنه الشيخ سيدي محمد البشير التجاني ، وكان خلال هذه الرحلة يراسل صديقه ورفيق دربه وشقيق روحه الشيخ سيدي العيد بن يامة .

الرحلة الثانية:(1914)

بعد رجوعه من الرحلة الأولى والا طمئنان على الأهل والاحباب بدأ سيدي محمد بن فرج الاستعداد للرحلة الثانية فنقل أهله من النخلة الى البياضة ، واكترى لذلك منزلا ليكون أهله وأولاده عند رحيله تحت رعاية سيدي العيد بن يامة. وبعد أيام انطلق الشيخ نحو الجنوب التونسي ليتم ما بدأه فأكمل مهمته بتنصيب مقاديم جدد وتأسيس زاويتين الأولى بتطاوين والاخرى جرجيس . وكانت له في هذه الرحلة مناظرة مع بعض العلماء المنتقدين بدار كبير القضاة بمدنين ، وكان معة سيدي سعد كادي فلما شاهد أحد خصومه أن الشيخ سيدي محمد بن فرج يفحمهم بالدليل القاطع والبرهان الساطع ، واراد أن ينسحب من المناظرة قال: "إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم ويذهبا بطريقتكم المثلى" (الآية) فقال له سيدي محمد بن فرج صدقت : فقد قالها فرعون في حق موسى وهارون عليهما السلام ...وأنت على قدمه فيما قلت.



الكوكبة الأولى :

وقد أجاز سيدي محمد بن فرج في الرحلتين في ولايات تطاوين ومدنين وقابس كوكبة نيرة من المقاديم نذكر منهم:

الشيخ سعدبن الحاج نصر كادي و السيد محمد الدكالى و الامام بلقاسم بن محمد و السيد محمد الحبيب بن الحاج عبد العزيز و السيد محمد الحبيب بن عمر و السيد محمد بن علي بوطالب و الامام محمد بن علي بن عمر و السيد محمد بن المبروك بن محمد و الشيخ ضو بن محمد العباسي و السيد محمد الطاهر بن محمد بوعجيلة و السيد محمد بن يحي بن مذكور و السيد محمد البوصيري بن بلقاسم و السيد عبد السلام بن محمد و السيد الحاج أحمد بن علي الجليدي و السيد أحمد بن حسن و السيد أحمد بن حسن بن ساسي و شيخ قطوفة محمد بن عبد الله بن ساسي و السيد محمد الطاهر بن العربي و السيد الحاج عبد الله بن الحاج مبروك و السيد سليم بن محمد حرار و الامام الشيخ أحمد بن محمد و السيد عبد الرحمن بن الحاج مبروك و السيد عبد الله بن بلقاسم و السيد علي بن محمد الازرق و السيد الوزير صالح بن بلقاسم بن مصطفى و السيد علي بن يحي و السيد المختار بن محمد الصادق و الامام الحاج البشير ونتوقع أن الرحلة الثانية دامت حوالى ثلاثة أشهر من جمادى الأولى الى شعبان من عام 1332. وهذا من خلال مضمون وتاريخ الرسالتين اللتين بعث بهما سيدي العيد بن يامة الى سيدي محمد بن فرج الاولي بتاريخ : 11 رجب1332(جويلية 1914) و الثانية بتاريخ : 10 شعبان 1332(أوت 1914) والتي يطلب فيها عودته قبل شهر رمضان، علما بأنه كانت هناك محاولات متعددة لرحلات أخرى إلا أنها لم تتحقق بسبب عدم ترخيص سلطات الاحتلال لهذه الرحلات بالاضافة الى الظروف الصعبة التي دخلت فيها المنطقة بسبب قيام الحرب العالمية الاولى سنة 1914 الى غاية 1918.

الرحلة الثالثة (1932):

وكان للشيخ سيدي محمد بن فرج رحلة ثالثة الى تونس العاصمة لعلاج ابنه سي أحمد من مرض بعينيه ، فمر في طريقه الى تونس على قرية '' المحرس'' القريبة من صفاقس . وفي المحرس كان له لقاء مع بعض المريدين الذين قدموا من '' تطاوين'' والمناطق الاخرى المجاورة مع بعض سكان القرية المذكورة ثم واصل طريقه الى تونس أين التقى بالعلماء وناظر بعضهم . حتى قال عنه الشيخ محمد مناشو ( وهو أستاذ مدرس من الطبقة الأولى بجامع الزيتونة و مدير المدرسة الاهلية التونسية وهو من علماء الطريقة التجانية و له مؤلفات ) :
هذا الشيخ يجيب عن أسئلتكم بباطن العلوم لا بظاهرها.

الشيخ يراسل:

واستمر الشيخ سيدي محمد بن فرج يتصل بمريديه عبر الرسائل التي كان يرسلها إليهم باستمرار وكان ابنه سي عبد الوهاب همزة الوصل بينه وبين الأحباب ، تلك الرسائل التي يدور محتواها على:
- تفقد أحوال الأحباب والسؤال عن أوضاعهم
- الإرشاد إلى التزام أحكام الشريعة والوقوف عند حدودها
- تذكير بآداب الطريق وشروطه ومقوماته .
- إجابات عن أسئلة فقهية... أو طلبات
- تحذير من الفتن والمفتنين .
وله رسائل كثيرة ومفيدة وبها حقائق ومعلومات عن تلك الفترة ، نقترح العمل على جمعها ودراستها قبل فوات الأوان.

الشيخ المرشد : يشرح ويفيد

وفي هذه الفترة ألف كتابه "الشرح المفيد على منية المريد '' وكان الفراغ منه في 14 رجب سنة 1341 (1923) وهو شرح لطيف ومركز لمتن منية المريد في حياة وأوراد وفضائل شيخ الطريقة التجانية للشيخ التجاني بن بابا الشنقيطى رضي الله عنه ، وعدد صفحات المخطوط 229 صفحة ،فضلا عن عنايته بمريديه فقد كان الشيخ سيدي محمد بن فرج ينتقل الى بعض القرى خاصة في المناسبات العامة والخاصة وهو في كل أحواله معلما ومرشدا و موجها أينما حل او ارتحل، كما كانت له لقاءات اسبوعية بسوق الوادي يلتقي فيها بأعز أصدقائه واحبائه منهم المقدم سيدي مسعود بوسنينة والشيخ سيدي العيد بن يامة والمقدم سي المختار بالرحومة والمقدم الحاج عثمان بده ، المقدم سي محمد الصالح التجاني، والمقدم سي محمد بالطوالب.. وغيرهم وهي جلسات للتواصل الروحي والعلمي يقصدها العامة أيضا للسؤال والفتوى.

الشيخ يستقر بقطاي:

ولما بلغ الشيخ سيدي محمد من العمر 75 عاما رغب في الاستقرار في '' قطاي'' فالمكان بعيد عن العمران والحركة فيه قليلة، مما يوفر له الراحة وفرصة التأمل والتعبد ، ومن ثم قرر الرحيل مع أسرته إلى قرية قطاي - هذا سنة 1925 - هذه الأسرة المتكونة من الزوجة والأبناء والبنات وهم :

عبد الوهاب (1322هـ) مباركة (1325هـ) أحمد ( 1328هـ) الحبيب (1333هـ) مريم (1335هـ) مبروكة (1340هـ).
أما سيدي العروسي فقد ولد بقطاى سنة (1345هـ - 1926م) .
ورغم بعد المكان إلا أن الناس كانت تزوره باستمرار بمحل إقامته للتبرك و طلب الدعاء وللعلم ويروون عنه كرامات عديدة .
- ملك الشيخ بقطاي أكثر 400 نخلة والكثير من الابل والغنم .
- تفرغ للعبادة في أخر حياته .

وفـاتـه :

توفي بعد أن صلى العشاء مع أولاده بقطاي ليلة الخميس 14 صفر 1366 الموافق لـ26 جانفي 1947 عن عمر يناهز 100 سنة هجرية و 97 سنة ميلادية، جرت مراسيم صلاة الجنازة بقطاي حضرها جمع غفير من الأحباب تحت اشراف المقدم سي محمد بن الطوالب ( المقرن).

خلافته :

وبعد حضور الشيخ سيدي العيد بن يامة مع المقدم سي العروسي محمدي وبعد تقديم واجب العزاء طلبا من ابنه سيدي العروسى أن يعطيهم وصية والده ، وتمت قراءة الوصية ليعلنا أن الشيخ سيدي العروسي بن محمد التجاني هو خليفة دار سيدي محمد بن فرج التجاني.

الإجازات :

نظرا للمرتبة المرموقة التي احتلها الشيخ سيدي محمد بن فرج التجاني والمكانة العالية التي شرف بها في الطريقة فقد حظي بعناية كافة المشايخ والخلفاء الذين عاصرهم ، ومنحوه إجازات اعترافا له بالمرتبة والفضل من ذلك :
- إجازة الشيخ سيدي محمد حمة -
- إجازة الشيخ سيدي محمد البشير-
- إجازة الشيخ سيدي محمد العيد بن سيدي البشير-
- إجازة الشيخ سيدي أحمد بن سيدى محمد حمة -
- إجازة الشيخ سيدي محمود بن سيدي البشير بن سيدي محمد الحبيب -
- إجازة الشيخ سيدي محمد الكبير بن سيدي العيد بن سيدي محمد الصغير-
- إجازة الشيخ سيدي علي بن الصديق -

هذه الصفحات غيض من فيض عن حياة هذا الرجل الفذ ، الذي تميز بعقيدة صلبة ، وإيمان عميق ، وعلم غزير ، وصلابة في الدين لا نظير لها ، حتى لقبه الشيخ سيدي محمد البشير التجاني التماسيني بالمظهر الأحمدي ، و وصف سيرته ومهمته بأروع بيان فقال " .. المحب المقدم الفاضل الابر الزكي التقي الفقية النبيه ... أنه ذو سياسة وذو عقل تام وسيرة حميدة وعلم نافع ومتبع في أقواله وأفعاله ... وقد كان سافر لتلك النواحي ومكث بها مدة طويلة قبل، وتعرف بأناس تلك النواحي ودخلت على يديه أناس كثيرة في طريقتنا ورتب بها مقاديم وشواش من أعيان تلك البلدان، وله كلمة نافذة في تلك النواحي ومعرفة باعيان أهلما جملة وتفصيلا..." ونوه به الشيخ سيدي أحمد بن سيدي محمد حمة فقال :'' ان مرتبته لم يصلها إلا اثنين في عصره '' وقال عنه أيضا أن '' سيدي محمد بن فرج مذهب في الطريقة '' سمي هذا المذهب بالمشرب الفرجي.

إن حياة هذا الرجل تحتاج إلى بحث واسع وقراءات في رسائله العديدة التي كان يكتبها إلى مريديه ، ومن خلالها يمكن أن نكتشف الكثير من الوقائع التاريخية و الحقائق العرفانية ، واللطائف الربانية ، كما يمكن تحديد معالم وخصائص المشرب الفرجي، ومن دون شك أن الحركية العلمية الهادئة و الهادفة التي تعيشها الطريقة تبعث همة الباحثين وطلبة العلم نحو المزيد من التنقيب عن حياة هؤلاء الأعلام الكرام لتنتفع بهم الأجيال كما انتفع بهم من عاصرهم من الرجال.

والله الموفق للصواب.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجعين.

تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي عدة بن غلام الله البوعبدلي



القطب سيدي عدة بن غلام الله البوعبدلي (1202 هـ - 1283 هـ) شيخ الطريقة الشاذلية.

سيدي عدة بن غلام الله قدس الله سره:

ولد الشيخ سيدي عدة بن محمد الموسوم بن غلام الله البوعبدلي الحسني في العام الثامن من القرن الثالث عشر هجري بـ“مشتى الفقراء“ ببطحاء الشلف القريبة من جديوية من ولاية غليزان، وهو شريف حسني.

شيخ العلم والصلاح والتقى والورع:

نشأ الشيخ سيدي عدة بن غلام الله في أسرة عريقة.. شريفة، معروفة بالعلم والصلاح والتقوى.. أصابه في صباه مرض منعه عن المشي، ولم يتسن له المشي إلا في العام الرابع من عمره ولما بلغ سن الخامسة من عمره صحبه جده معه إلى شيخه في الطريقة الرحمانية، الشيخ سيدي بلمهل المازوني القاطن بقرية بوعلوفة، حيث طلب من شيخه تزويده ببركة دعائه أن يشفي الله الصبي، ويرزقه العلم والولاية.

ولما شفي من مرضه، أدخله جده الكتاب لتعلم القرآن الكريم، حيث أتم حفظه وهو في السادسة عشرة من عمره، وأثناء حفظه للقرآن الكريم كان والده يعلمه مبادئ العلوم الشرعية والعربية وبعد حفظه للقرآن وأخذه لمبادئ العلوم بعثه جده إلى القلعة حيث مسجد الشيخ بن حمو بغليزان، فجد واجتهد في طلب العلم، وأثناء ذلك تعرض والده لعملية اغتيال، فكفله جده الذي أوصى له بكامل ثروته، ولما كانت همة سيدي عدة طلب العلم، عالية لم يهتم بتصرف الأموال، بل صرف همته في السعي الجاد على الاغتراف من منابع العلم بمازونة.

وبعد تخرجه وحصوله على إنجازات من علماء ومشايخ المنطقة الذين درس عليهم، وبعد تبوئه مقعد العلم والفقه، عاد إلى مسقط رأسه، فأسس مسجدا استجابة لنداء الحق سبحانه وتعالى:”في بيوت أذن الله أن تُرفع ويذكر فيها اسمه“.. فكان رحمه الله تعالى يؤم الناس في الصلوات ويتولى تعليم القرآن الكريم، عملا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم:” خيركم من تعلم القرآن وعلمه“, بالإضافة إلى ذلك كان يعقد مجالسا لتدريس الفقه وعلوم الشريعة والعربية.

وبعد فترة من الزمن تخلى الشيخ سيدي عدة عن إمامة الناس بالمسجد، وانقطع إلى الخلوة، حيث اجتهد في القرب من مولاه سبحانه وتعالى بالأذكار على الطريقة الرحمانية التي كان قد أخذها عن والده قبل موته. ثم جدد أخذ الطريقة عن الشيخ سيدي عبد القادر بن الأحول بزاوية وادي الخير من أعمال مستغانم. وبعد عودته إلى أهله، ومكوثه بينهم قليلا، رأى الشيخ سيدي عدة ضرورة الالتحاق بالشيخ الصالح والعالم الرباني الشيخ بالقندوز صاحب الجامع بوادي مينة قرب غليزان.

ثم قام بزيارة المشايخ والعلماء. فاتجه غربا نحو المغرب الأقصى فزار علماء وجدة وأخذ عنهم، ثم ساح شرقا فزار بلاد زواوة وجلس إلى علمائها. وهكذا ظل يتجول في ربوع هذا الوطن العزيز حتى فرغت يده من المال، فعاد إلى قريته وأهله ، فلزم بيته وانقطع إلى العبادة.

الشيخ سيدي عدة الفقيه والمفتي:

انقطع الشيخ في خلوته لعبادة ربه ومناجاة خالقه، والقرب من حضرة سيده ومولاه، إذ جاءه الشيخ العارف مولاي العربي بن عطية العمار البوعبدلي الونشريسي، مستفتيا في قضية فقهية، مفادها: أن هذا الشيخ اكترى دابة تحمله إلى المغرب الأقصى لزيارة شيخه في الطريقة، الشيخ مولاي العربي الدرقاوي، فهلكت الدابة وطالبه صاحبها بغرم القيمة، فاختلفا، ثم قال الشيخ مولاي العربي بن عطية لصاحب الدابة:” أنظر لنا عالما نستفتيه“, فأشار عليه بالترافع أمام الشيخ سيدي عدة الفقيه، فقضى بينهما بالعدل.

توسم الشيخ سيدي مولاي العربي بن عطية في الفقيه المفتي سيدي عدة ملامح العلم والصلاح والتقى والورع، فدعاه لزيارته في جبل الونشريس، فأجاب الفقيه سيدي عدة دعوة الشيخ، وما أن لقيه حتى تتلمذ عليه، وأصبح سيدي عدة من أقرب المريدين إلى الشيخ سيدي مولاي العربي بن عطية العماري الونشريسي وعمره إذ ذاك أربعون سنة، وظل سيدي عدة يتردد على شيخه إلى أن ورد عليه كتاب من الأمير عبد القادر يكلفه بالقضاء في المنطقة.

فاستشار شيخه سيدي مولاي العربي بن عطية فأشار عليه بالقبول، فتولى سيدي عدة القضاء بوادي سلي، ومينة وظهرة ونحوها، وكان يتنزه عن قبول راتبه، مما زاده رفعة في عين الأمير فأحبه واحترمه وأكرمه، وهذا لما كان في سهل شلف، ولما توجه الأمير عبد القادر نحو الجنوب اصطحب الشيخ معه إلى أن استقر في طاقين قرب الشلالة، حيث أقام الزمالة.. ومنها عاد سيدي عدة إلى قبيلته “أولاد خويدم“ حيث توجه الأمير عبد القادر إلى المغرب.

وقد أقام الشيخ سيدي عدة بعد سفر الأمير بين أهله في أولاد خويدم، حيث انقطع إلى العبادة وتعليم القرآن، ونشر العلم، إلى أن قدم عليه الشيخ أحمد بن المختار البوعبدلي القاطن بـ “محنون“ من ولاية تيارت، وكان الشيخ أحمد بن المختار قد توفي أبوه معلم القرآن الكريم، وقد تركه هو وأخوين وأختا لهم أرملة أحد الشهداء، فعرض عليه أن يأتيهم إلى محنون ليعلمهم فقبل سيدي عدة الدعوة، فأقام بـ“محنون“, حيث تزوج الأرملة وأنشأ زاوية، وتولى بنفسه عملية التدريس، والإرشاد، والدعوة إلى الثبات، والتمسك بالدين الإسلامي الحنيف والابتعاد عن مخالطة الفرنسيين.

مؤلفاته:

وهو في زاويته بجبل محنون، انقطع للتأليف في الحديث، والتصوف، ومراسلة الإخوان والأصدقاء. فألف عددا من الكتب بقي منها:
أ- في التصوف:
* رسالة الكراس في زوال الشك والالتباس.
* كتاب الرسائل لأهل الوسائل.
* كتاب الأجوبة لأهل المحبة.
ب - في الحديث: صنف عدة كتب جمع فيها الأحاديث حيث حسب المواضيع الفقهية والأخلاقية، وكانت تقرأ أورادا في مساجد المنطقة.
ج- قصائد في المناجاة.

وفاته:

توفي سيدي عدة سنة 1283 من هجرة الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد رثاه معظم علماء ومشايخ المنطقة لمكانته بينهم، وتسجيل مراثيهم من طرف ولد الشيخ محمد بن المختار في سفر لترجمة والده، ما يزال مخطوطا مع ما تبقى من تأليف الشيخ في الزاوية.

من آثاره رضي الله عنه:

الصلاة المنجية وهي طويلة جدا...يقول فيها قدس الله سره:

اللهم صل وسلم على المرتجى سيدنا محمد أهلا للرجا
شفيعنا محمد سفينة النجا صلاة تكون لناالفرجا
وتفتح لنا أبواب النجا فتحا قريبا منفرجا
الحمد لله لكل ماجا والشكر له على الفرجا
إذا ضاق الحال عليك بالنجا بذكر الله ترى الفرجا
إلجأ إليه باسم النجا الإسم الأعظم مفتاح الحجا

تكملة الموضوع

ترجمة لإمام المقرئ المحدث أبو القاسم الهذلي البسكري



هذه ترجمة لعالم مقرئ محدث مجود من أبناء مدينة بسكرة عروس الزيبان الجزائري، وهبه الله همة عالية، تَبَزُّ الجبالَ مطاولتُها في الرحلة و التجوال والبحث والتنقيب وطلب العلم، أحرز قصب السبق في أشياء ثلاثة لم يسبق اليها سابق، ولم يلحقه بها لاحق، شهد له بها علماء ومشايخ الإسلام وعلى رأسهم علامة الرجال الإمام شمس الدين الذهبي ، وعلامة القراءات الحافظ ابن الجزري و المحدث الحافظ ابن حجر العسقلاني وهي:
- رحلته الطويلة و العجيبة في طلب العلم.
- كثرة الشيوخ والعلماء الذين أخذ عنهم.
- شمولية وغزارة مادة كتابه الكامل الذي هو ثمرة رحلته، ونتاج عمره.
وكل من يطالع سيرة هذا الرجل، أو يقرأ كتابه " الكامل في القراءات" ، يتأكد أن ذلك كله توفيق كبير من الله عز وجل لصدق الرجل وحسن نيته وشغفه بطلب العلم وحفظه وتدوينه ، وكيف جد وأجتهد وثابر، وما كل و لا مل من طول المسافات وصعوبة وبعد المسالك و الممالك، حتى انه لما وصل إلى أقصى مشرق تركستان بعد أن سمع والتقى بأكثر من 365 شيخا وعالما، قال :" " ...ولو علمت أحداً تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته"
إنها الروح العالية الطموحة ، والعزيمة الصادقة في حب خدمة كتاب الله عز وجل وسنة رسولنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وتأمل أخي الكريم هذا الكلام الجميل الذي ينافح فيه عن كتاب الله العزيز، ويدحض بالدليل و البرهان أقوال الرافضة الذين يزعمون أن الصحابة كتموا شيئا من القرآن الكريم ولم يظهروه يقول في مقدمة كتاب العدد الذي هو جزء من كتابه (( الكامل في القراءات )) : " ولا خلاف في سِتَةِ الآلافِ ومئتين [ 6200 : عدد آيات القرآن الكريم ] ... و لا عبرة بقول الروافضة و العامة ستة آلاف وستُ مئة وستٌ وستون[ يزعم الشيعة الرافضة أن عدد آيات القرآن الكريم هو 6666 ، والناقص حسب قولهم ، هي آيات حذفها الصحابة رضي الله عنهم لأنها نزلت في ولاية ووصاية الإمام علي رضي الله عنه وأهل البيت]، وزعموا أن آيات نزلت في أهل البيت وفي علي كتمها الصحابة ، وقد ضلوا ضلالا بعيدا ، وخسروا خسرانا مبينا ، إذ لو كتموا بعضه لجاز أن يكتموا الكل ، أو يحرفوه ، وأيضا علي كان آخر الخلفاء ، ومصحفه معلوم ولو تُرك منه شيء لأظهره في مصحفه ولذكره في وقت خلافته، ألا ترى ما روي كميل بن زياد قال خرج علي عليه السلام يوم توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رجل : هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل البيت بشيء ؟ قال : لا. إلا ما في قراب سيفي هذا ، وأخرج كتابا فيه الديات و الزكاة أو علما أعطاه الله رجلا ، وقيل : أوفَهْمًا .
يحققه قوله عز وجل : { إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] وحفظه من الزيادة و النقصان في التحريف و التبديل ، ولو كان كذلك لما خص بستة الآلاف .وستة مئة وست وستين ولجاز الزيادة عليها زلا النقصان أو ذكره بعض أهل العلم كيف؟؟ ومن أهل العلم الحسن و الحسين وجعفر بن محمد وغيرهم ، وابن عباس حبر القرآن الكريم وترجمانه ، ولم يأت عن هؤلاء الأكابر ، وهم فحول الأمة وعلماؤها شيء يخالف ما رويناه ، أو يزيد على ما نقلناه ، فكيف يُرى كتمُ أربع مئة آية ، وعشر آيات أو ثلاثين آية ؟
دل على أن الزيادة على ما روينا محال، ومن زاد فيه أو نقص منه، على ما روينا، فقد كفر بالله العظيم ، وخرق الإجماع ، و لا حكم للاشتغال بكلام أهل البدع وإيراده .."
فجزاه الله كل خير ورحمه رحمة واسعة.
- والله أعلم -

إسمه وكنيته ونسبه:

يوسف بن على بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سوادة بن مكناس بن وربليس بن هديد بن جمخ بن خبا بن مستلمخ بن عكرمة بن خالد - وهو أبو ذؤَيب الهذَلي الذي توفي أثناء الفتح الإسلامي لإفريقية في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه – فالهذلي، نسبة إلى قبيلة هذيل التي ينحدر منها أصله ، فقبيلة هذيل أستوطن بعض بطونها منطقة الزاب بعد الفتح الإسلامي للمغرب العربي كما قال ابن خلدون في تاريخه: ((...فأما هذيل فهم بنو هذيل بن مدركة، وقد افترقوا في الاسلام على الممالك ولم يبق لهم حى بطرف وبافريقية منهم قبيلة بنواحي باجة يعسكرون مع جند السلطان ويؤدون المغرم)) ثم يضيف قائلا: (( ومواطنهم ما بين تبسة إلى صامتة إلى جبل الزنجار إلى إطار على ساحل تونس وبسائطها ويجاورهم متساحلين إلى ضواحي باجة قبيلة أخرى من هوار يعرفون ببنى سليم ومعهم بطن من عرب نصر من هذيل من مدركة بن الياس جاؤا من مواطنهم بالحجاز مع العرب الهلاليين غد دخولهم إلى المغرب وأوطنوا بهذه الناحية من افريقية واختلطوا بهوارة وحملوا في عدادهم)). ( تاريخ ابن خلدون: 6/142).
يكنى: أبو الحجاج و أبو القاسم ، والبسكري نسبة إلى مدينة بسكرة عروس الزيبان وهي مدينة بالجنوب الجزائري وتعتبر بوابة الصحراء الكبرى من إقليم الزاب الصغير.

مولده ورحلته العجيبة في طلب العلم :

ولد في رمضان سنة ثلاث وأربعمائة ( 403 هـ ) على أصح الأقوال ، و لم أجد في كل المصادر التي ترجمت له وطالعتها رغم كثرتها ذكرا لطلبه العلم في صغره ، وإنما اتفقت كلها على أنه سافر بعد أن حفظ القرآن الكريم وتعلم العربية و بعض متون الفقه و التوحيد، سنة خمس وعشرين وأربع مائة ( 425 هـ) في رحلة تعتبر من أشهر و أوسع و أعجب الرحلات التي سُمِعَ بها في طلب القراءات و الحديث الشريف و الرواية فزار ونزل في أكثر من سبعين مدينة لقي فيها ما يربو على الثلاثمائة وستين شيخا ، وقد قال عنها و عنه الحافظ ابن الجزري ( غاية النهاية في طبقات القراء ) صفحة 397 - 398 ترجمة رقم 3929 : "وطاف البلاد في طلب القراءات، فلا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولا لقي من لقي من الشيوخ"
وهذه الرحلة الطويلة العجيبة بدأها سنة سنة خمس وعشرين وأربع مائة ( 425 هـ) و عمره لم بتجاوز الإثنين و عشرين سنة من بسكرة ، عاقدا العزم على أن يبلغ بذلك مبلغا لم يسبق اليه، فقدر الله له ذلك وكتب له فكان مما قاله بعد أن بلغ به المطاف أقصى الشرق : " ...ولو علمت أحداً تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته".
وقد جمعت الأقاليم و المناطق و المدن التي شملتها هذه الرحلة المباركة فهاكموها:
إفريقية :
- كانت الإنطلاقة من مدينته بسكرة إلى مدينة فاس.
- ومن مدينة فاس إلى القيروان.
- ومن مدينة القيروان إلى طرابلس.
- ومن مدينة طرابلس اتجه الى:
- مصر وقد نزل و زار مدنها التالية:
الاسكندرية ، تنيس [ جزيرة في بحر مصر قريبة من البر، معجم البلدان 2 / 51 ، وهو المصدر الذي أعتمدته لتحديد ومعرفة مواقع هذه المدن و الأماكن ] ، دمياط ، القاهرة.
ثم انتقل الى:
الحجاز:
حيث قرأ و أخذ عن علماء مكة المكرمة و المدينة المنورة.
ومنها انتقل إلى:
الشام :
- الشام وهي تضم الأقطار العربية المعروفة اليوم ( فلسطين لبنان الأردن و سوريا ) فنزل المدن التالية حسب الاقطار العربية:
1- فلسطين : عسقلان ، أرسوف ، بيت المقدس ، الرملة.
2- لبنان : صيدا ، صور ، بيروت.
3- سوريا : اللاذقية ، دمشق ، المعرة ، قنسرين ، حلب ، حران ، الرقة ، الخانوقة ، الرحبة.
ثم انتقل الى:
العراق:
عانة، هيت الانبار بغداد ، الموصل ، آمد ، ميافارقين ، جزيرة ابن عمر ، دير العاكول ، جرجرايا ، الكوفة ، البصرة ، واسط ، الاهواز ، الأبلة.
ومنها اتجه الى بلاد:
فارس وما وراء النهرين:
- فارس ( ايران و ما جاورها) فنزل وزار المدن التالية:
كازرون ، وفا ، شيراز ، كرمان ، اصبهان ، همذان ، نيسابور ، بخارى ، سمرقند ، بست.
ثم اتجه الى:
- تركستان [ على الحدود الروسية اليوم ] وزار من مدنه فرغانة.
بعد هذه الرحلة الطويلة الفريدة من نوعها عاد مترجمنا ليستقر في نيسابور بطلب من الأمير نظام الملك، معلما للقراءات و العلل في المدرسة النظامية ، وتلميذا بين يدي علمائها الى وفاته رحمه الله.

شيوخه:

ان المتتبع لسيرة مترجمنا يتعجب من تلك الهمة العالية و الإصرار الكبير على طلب العلم ، فقد أنعم الله عليه بفضل حب العلم و ملاقاة الشيوخ ، وقد رأينا كيف طاف البلدان في مشارق الأرض و مغاربها التقى خلالها و أخذ عن 365 شيخا ، ولو أنه سمع بآخرين لقصدهم ، وقد ذكر عدتهم في مقدمة كتابه " الكامل في القراءات " فقال ما نصه : " فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخاً من آخر المغرب إلى باب فرغانة يميناً وشمالاً وجبلاً وبحراً ولو علمت أحداً تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته "
لم يسم أبو القاسم جميع شيوخه في كتابه ، ولم ينسب كل من ذكره نسبة تامة ، بل اقتصر على ذكر أسماء جملة منهم بشكل مختصر قد تصل إلى ذكر اسم الشهرة أو الكنية أو النسبة، مما جعل أمر نسبتهم و التعرف عليهم ليس بالأمر الهين.
وهو أمر أقر به الإمام الحافظ الذهبي إذ قال حين ذكر شيوخه : " إنما ذكرت شيوخه ، وإن كان أكثرهم مجهولين ، ليعلم كيف كانت همة الفضلاء في طلب العلم ".
وقد أورد الحافظ شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن محمد الجزري في كتابه (( النشر في القراءات العشر )) 122 شيخا بأسمائهم مع ذكر المدن و الأماكن التي أخذ فيها عنهم مع تعاليق له وفوائد -
وقد أحصى د. مصطفى عدنان الدليمي ود. عمار أمين الددو – حفظهما الله – لما حققا كتاب " العدد" وهو أحد الكتب التي اشتمل عليها كتاب: "الكامل في القراءات الخمسين". مائة و إثنين واربعين ( 142 ) شيخا أوردوهم كلهم مع ترجمة مختصرة لكل واحد مهم.

علمه وجلوسه للتدريس:



أشتهر أبو القاسم الهذلي في علم القراءات، وسماعها وبرع فيها حتى أصبح مرجعا لا يستغنى عنه فيها ، غير أن علمه لم يقتصر على القراءات فقط بل عرف عنه بأنه كان محدثا بارعا و إن لم يبلغ مبلغ الحفاظ الكبار، فقد سمع الحديث الشريف رواية ودراية أيضا من كبار حفاظه كالحافظ أبي نعيم الاصبهاني ، وأبي بكر احمد بن منصور بن خلف.
كما كان مقدما في علمي النحو و الصرف ، يدرس النحو ويفهم الكلام والفقه، عارفا بالعلل مواظبا على حضور دروس ابي القاسم القشيري في النحو ويأخذ منه الأصول وكان القشيري يراجعه في مسائل النحو والقراءات ويستفيد منه.
ونظرا للمكانة التي بلغها بين العلماء بما اكتسبه من سعة العلم و علو الكعب في علم القراءات فقد عينه الأمير نظام الملك في المدرسة النظامية بنيسابور التي بقي مدرسا بها للقراءات و العلل ثماني سنوات ( من سنة 458 هـ إلى ان توفي سنة 564 هـ ).
جاء في ( كتاب تكملة الكمال لابن نقطة : 2 / 23 ) :" ذكر عبد الغفار الفارسي أن نظام الملك أرسله [ أبو القاسم الهذلي البسكري ] إلى مدرسة نيسابور فقعد سنين وأفاد وكان مقدما في النحو والصرف وعلل القراءات..". وانظر أيضا هامش ( الكمال لابن ماكولا 2 / 45 تحقيق المعلمي ).
وهذه الثقافة الموسوعية ، و قوة الحجة و سعة العلم هي التي جعلت العلماء يأخذون ويقتبسون من علمه ويستفيدون من كتبه ، فقد اعتمد عليه الحافظ ابن الجزري في كتابيه ( غاية النهاية في طبقات القراء ) و ( النشر في القراءات العشر ) اعتمادا كبيرا ونقل عنه الكثير ، ونصوصه موجودة في الكامل .
كما اعتمد عليه الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي في كتابه ( طبقات القراء) ، ونقل من كتابه الكامل الكثير من تراجم وأسماء الشيوخ .

تلاميذه:

لقد أستفاد من ثقافة وعلم هذا الإمام المقرئ المجود المحدث النحوي الأديب خلق لا يعد و لا يحصى سواء أثناء رحلاته أو أثناء جلوسه للتدريس في المدرسة النظامية ، لذا لا سبيل لحصر تلامذته لكثرتهم وهذا ذكر لأربعة من أشهرهم مع ترجمة مختصرة لهم :
- سهل بن محمد بن أحمد بن حسين بن طاهر أبو علي الإصبهاني الحاجي ( ت 543 هـ): " شيخ كبير، فاضل، مُكثر من الحديث، أديب، خيّر، مبارَك.
سمع: أبا القاسم يوسف بن جُبارة الهُذَلي، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، ونظام المُلك الوزير، وأبا المظفّر منصور بن محمد السمعاني، ومحمد بن أحمد بن ماجة الأبهري، وسليمان بن ابراهيم الحافظ، والقاسم بن الفضل الثقفي.
وولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وقيل: ولد بعد سنة خمسين وختم خلقاً كثيراً.
وكان شيخ القراء بإصبهان. وهو آخر من حدّث عن الهُذلي، مصنّف الكامل في القراءات. [ الامام الذهبي تاريخ الاسلام: 8 / 270 ]
- اسماعيل ابن الأخشيد ( ت 524 هـ ) : " الشيخ الأمين المسند الكبير أبو سعد إسماعيل بن الفضل بن أحمد بن محمد بن علي بن الأخشيذ الأصبهاني التاجر ويعرف بالسراج سمع أبا القاسم عبدالرحمن بن أبي بكر الذكواني وأبا طاهر بن عبدالرحيم الكاتب وعلي بن القاسم المقرئ وأبا العباس بن النعمان الصائغ وأبا الفضل الرازي المقرئ وأحمد بن الفضل الباطرقاني وعدة من أصحاب ابن المقرئ وغيره وكناه بأبي سعد أبو طاهر السلفي ووثقه وحدث عنه هو وأبو موسى المديني ويحيى بن محمود الثقفي وناصر الويرج وخلف بن أحمد الفراء وأسعد بن أحمد الثقفي وأبو جعفر الصيدلاني وجمع كثير ... كان سديد السيرة قرأ بروايات ونسخ أجزاء كثيرة وكان واسع الرواية موثوقا ....قلت توفي في شعبان وقيل في رمضان سنة أربع وعشرين وخمس مئة".[ الإمام الذهبي ، سير أعلام النبلاء 5/ 553 ،الترجمة رقم 322 ].
- محمد بن الحسين بن بندار الواسطي القلانسي ( ت 521 ): " القلانسي الإمام الكبير شيخ القراء أبو العز محمد بن الحسين بن بندار الواسطي القلانسي صاحب التصانيف في القراءات ،ولد سنة خمس وثلاثين وأربع مئة وتلا بالعشر على أبي علي غلام الهراس وأخذ عن أبي القاسم الهذلي صاحب الكامل ... قال خميس الحوزي هو أحد الأئمة الأعيان في علوم القرآن برع في القراءات قلت تلا عليه سبط الخياط وأبو الفتح بن زريق الحداد وأبو بكر بن الباقلاني وعلي بن عساكر البطائحي وعدد كثير واشتهر ذكره مات في شوال سنة إحدى وعشرين وخمس مئة" [ الامام الذهبي سيرأعلام النبلاء 3 / 498 ، ترجمة رقم 286 ].
- أبو المظفر السكري المعروف بشيدة ( ت 524 هـ ): "
عبد الواحد بن حمد بن شيدة بكسر المعجمة وياء ساكنة آخر الحروف وذال معجمة أبو المظفر السكري الأصبهاني، أخذ القراءات عرضاً عن أبي نصر محمد بن عمر البقال وروى كتاب الكامل للهذلي عنه، حدث به عنه الحافظ الإمام أبو العلاء الهمذاني ومحمود بن محمد الشحامي ومحمد بن أبي القاسم المعلم ومحمود بن أبي الرجاء وقرأ عليه بعض القرآن النقاش ومحمد بن الحسن بن إسماعيل الهروي.[ غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري 1/ 474 ، الترجمة رقم 1922]

" أبو المظفر عبد الواحد بن حمد بن عبد الله المقرئ السكري المعروف بشيدة من أهل أصبهان ، شيخ صالح سديد من أهل القرآن ... كتب إلي الإجازة بجميع مسموعاته وكانت ولادته في سنة أربع وأربعين وأربعمئة وتوفي في سنة أربع وعشرين وخمسمئة [الامام أبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني التميمي : التجبير في المعجم الكبير 1/497 ].

آثاره و مؤلفاته :



لقد رأينا سويا كيف أن مترجمنا رحمه الله كان منشغلا بالرحلة وطلب العلم ، ثم كيف عين للتدريس في المدرسة النظامية ، ولعل هذا ما شغله عن التأليف و الكتابة ، ورغم هذا فقد ترك ثلاث مؤلفات جليلة ذكرها في مقدمة كتابه الكامل في القراءات وهي:
الوجيز في القراءات ( مفقود).
الهادي في القراءات ( مفقود).
الكامل في القراءات العشر والأربعين الزائدة عليها : وهو أجل كتبه و أشهرها و سأتعرض له بتعليق مختصر.

وفاته:

لقد أضرت به كثرة القراءة و المطالعة فعمي في كبره، وتوفي بنيسابور سنة خمس وستين وأربع مائة ( 465 هـ ) غريبا عن بلده ، رحمه الله وشهد جنازته الأمير ومن دونه.




أقوال وثناء العلماء عليه :

كان ابو القاسم الهذلي البسكري رحمه الله موضع تقدير العلماء و الشيوخ الذين أثنوا عليه في حفظه وفي علمه وتبحره وبصره في علم القراءات و عللها وعلم العدد و النحو ، وكانت رحلته الطويلة الواسعة وهمته العالية في طلب العلم موضع إعجاب كل من عرفه و تحدث عنه أو كتب عنه، فلم يدع في كتب التراجم إلا بالإمام المقرئ الجوال الرحال الراويه:

- قال عنه الإمام شمس الدين الذهبي :" أحد الجوالين في الدنيا في طلب القراءات ، لا اعلم احدا رحل في طلب القراءات ، بل و لا الحديث أوسع من رحلته ".
- قال عنه الحافظ ابن الجزري في غاية النهاية " الأستاذ الكبير الرحال والعلم الشهير الجوال، ...طاف البلاد في طلب القراءات فلا أعلم أحداً في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته ولا لقي من لقي من الشيوخ، ... قلت كذا ترى همم السادات في الطلب".
- قال عنه الحافظ عبد الغفار الفارسي كما في المنتخب من السياق في تاريخ نيسابور - انتخاب الصريفيني-: " يوسف بن علي المغربي أبو القاسم الإمام المقرىء الضرير من وجوه القراء ورؤس الأفاضل عالم بالقراءات كثير الروايات ، بعثه نظام الملك ليقعد في المدرسة في المسجد للإقراء وأجرى عليه المرسوم فقعد فيه سنين واستفاد منه القراء وكان مقدما في النحو الصرف عارفا بالعلل كان يحضر مجلس زين الإسلام أبي القاسم ودرسه ويقرأ شيئا من الأصول عليه والإمام يراجعه في مسائل النحو ويستفيد منه وكان حضوره في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة إلى أن توفي ".

كتاب الكامل في القراءات الخمسين:

ويسمى ب:
- " الكامل في القراءات " وهو ما يذكره المؤلف نفسه في بداية كل جزء.
- " الكامل في القراءات المشهورة و الشواذ " ( تاريخ الإسلام للذهبي حوادث 451 – 461 هـ ، ص 514 ).
- " الكامل في القراءات العشر و الاربعين الزائدة عليها".( ينظر النشر في القراءات العشر للامام الحافظ ابن الجزري ص 191 ).
- " الكامل المحكم على كتاب أهل العصر في القراءات" ( كما في مشيخة القزويني ص123).
وهو كتاب ألفه صاحبه جامعا فيه القراءات العشر المشهورة و الزائدة ورواياتها وطرق تلاوتها وقد ذكر ذلك في المقدمة فقال : " ألفت هذه الكتاب فجعلته جامعاً للطرق المتلوة والقراءات المعروفة ونسخت به مصنفاتي كالوجيز والهادي ".
ويؤكد محتوى وموضوع الكتاب الحافظ الجزري الذي قرأه و أطلع عليه و استفاد منه قائلا في كتابه " النشر في القراءات العشر" لما ترجم لأبي القاسم الهذلي قائلا: " ألف كتابه الكامل جمع فيه خمسين قراءة عن الأئمة وألفاً وأربعمائة وتسعة وخمسين رواية وطريقاً".
وهذا الكتاب يعد من أوسع وأغزر كتب القراءات رواية، فهوأشمل كتاب عرف في القراءات ، جمع بين دفتيه القراءات العشر المشهورة و الاربعين الزائدة عليها ، من خمسين رواية و أكثر من ألف طريق ، بالاضافة الى باب واسع في الأسانيد، كما أشتمل على أسماء عدد كبير من القراء لا ذكر لهم في غيره ، وفي كل ورقة من ورقات كتاب (غاية النهاية في طبقات القراء) للإمام الحافظ ابن الجزري دليل على ذلك ، فهو أصل من أصوله ، وركن اساسي من أركانه ، وأصل من اصول كتابه (النشر في القراءات العشر)، وأثره واضح في كتب الإمام الحافظ الذهبي و غيره من كتب طبقات القراء و رجال القراءات.
وقد احتوى على كنوز من المعرفة المتعلقة بالقراءات والتجويد و فضائل سور القرآن الكريم وفضل قارئ القرآن الكريم ، وفضائل المقرئين السبعة و الأخبار الواردة في الأحرف السبعة التي نزل بها ، و بعضا من حوادث أسباب النزول ، وذِكْرُ عَدَدِ آيات القرآن الكريم وما ورد فيها من المجمل و البسط ، وذكر ما نَزلَ بمكة المكرمة و بالمدينة المنورة، و ما نَزَل مرتين، والوقف و الإبتداء ، وغيرها من الكنوز و الفوائد.
كما أشتمل الكتاب على قراءات لا تجدها في أي كتاب آخر إلا عنده.
وحفظ لنا الكتاب جانبا من الحديث الشريف برواية مؤلفه ، فقد عرف عنه انه كان محدًثا، ولم يصل لنا شيئ من روايته إلا ما كان في صدر الكتاب.

المصادر و المراجع:

- سير أعلام النبلاء، للحافظ الذهبي ، تحقيق شعيب الأرناؤوط و محمد نعيم العرقسوسي، دار النشر : مؤسسة الرسالة لبنان ، الطبعة 9 ، 1413هـ.
- تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ،- الإمام الذهبي، تحقيق عمرو عبد السلام تدمري - دار الكتاب العربي - بيروت - الطبعة الأولى 1411هـ 1990م.
- معرفة القراء الكبار على الطبقات و الأعصار للإمام الذهبي ، تحقيق د.بشار عواد معروف و شعيب الارناؤوط و د. صالح مهدي عباس ، الطبعة الأولى ، مؤسسة الرسالة لبنان 1984 م.
- غاية النهاية في طبقات القراء، ابن الجزري، دار الكتب العلمية الطبعة الثالثة 3 ، 1982م.
- النشر في القراءات العشر، ابن الجزري - راجعه الشيخ علي محمد الضباع- دار الكتاب العربي - بدون تاريخ.
- لسان الميزان لابن حجر العسقلاني ، الناشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت
الطبعة الثالثة ، 1406 – 1986، تحقيق و مراجعة: دائرة المعارف النظامية – الهند.
- التجبير في المعجم الكبير، الامام أبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني، تحقيق منيرة ناجي سالم، الناشر رئاسة ديوان الأوقاف ، بغداد العراق. سنة النشر 1395هـ- 1975م.
- معجم البلدان، ياقوت الحموي ، مكان النشر: دار صادر ، بيروت لبنان الطبعة الثانية سنة 1995 م‍.
- الصلة، لأبي القاسم خلف بن عبد الملك ابن بشكوال، الدار المصرية للتأليف والنشر، القاهرة 1966م.
- الاعلام لخير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين لبنان ، الطبعة الخامسة أيار (مايو) 1980.
- الاكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الاسماء والكنى والانساب تأليف الامير الحافظ ابن ماكولا ، دار الكتاب الاسلامي الفارق الحديثة للطباعة والنشر ، تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمى.
- تكملة الإكمال لمحمد بن عبد الغني البغدادي ابن نقطة، تحقيق : د. عبد القيوم عبد رب النبى، دار النشر : جامعة أم القرى - مكة المكرمة – 1410هـ الطبعة : الأولى.
- كتاب العدد لأبي القاسم الهذلي البسكري ، تحقيق د. مصطفى عدنان الدليمي ود. عمار أمين الددو – حفظهما الله - مجلة الشريعة و القانون جامعة الامارات العربية المتحدة – السنة :20 ، العدد:25، ذو الحجة 1426 هـ/ يناير 2006م.

هوامش:

نيسابور:

مدينة إيرانية قديمة تقع شمال شرقي البلاد وهي مدينة عظيمة ذات فضائل جسمية. (الموسوعة العربية العالمية 25/625). اختلف في تسميتها بذلك، قيل إن "سابور" (ملك ايران) مرّ بها وفيها قصب، فقال يصلح أن يكون ههنا مدينة، فقيل لها نيسابور ("ني" بمعني القصب)، وقيل في تسمية نيسابور إن "سابور" لما فقدوه حين خرج من مملكته لقول المنجمين، خرج أصحابه يطلبونه، فبلغوا نيسابور، فلم يجدوه، فقالوا نيست ساور، اي ليس "سابور". (معجم البلدان 4/331)
وقال العلامة الذهبي في سير أعلام النبلاء (3/20): «نزل عبد الله بن عامر بـ "ابر شهر" وبها بنتا كسری، فحاصرها فصالحوه ثم صار معتمراً من نيسابور إلی مكة شكراً لله».

أبو القاسم القشيري:

هوالإمام عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة أبو القاسم القشيري إمام الصوفية، وصاحب الرسالة القشيرية في علم التصوف، ومن كبار العلماء في الفقه والتفسير والحديث والأصول والأدب والشعر، (376 هـ - 465 هـ)، الملقب بـ "زين الإسلام".
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي محمد السائح دفين "بلدة عمر"


هو الولي الصالح والقطب الجامع سيدي محمد الملقب بـ : السائح وقد كني بهذا الإسم لكثرة سياحته عبر مناطق متعددة من الوطن وخارج الوطن ، ويلقب أيضا ب : عطاف الحقات ، ولد بمدينة تلمسان وتوفي بصحاري ولاية الجلفة ، ودفن ب : بلدة عمر قرب مدينة تقرت وله ضريح يزار على مر أيام السنة قرب خلوته مكان تعبده على ربوة تسمى جلالة .

نسبه الشريف:

وهو إبن سيدي أحمد بن علي نجل سيدي يحي بن محمد بن يعلى ، ولد بتلمسان من أم اسمها العامرية بنت المرازقة المشهورين في التاريخ بعلمهم وسلطانهم وسيادتهم كما إستوزروا لدى ملوك وسلاطين زمانهم، وجدهم ابن المرزوق الخطيب وأحفاده التلمسانيون ، وهو يدعى المرزوق العيسي، عاش آل مرزوق الفترة من القرن الخامس الهجري الى القرن الحادي عشر،عرفوا بالعلم والورع والتقى والحكمة وذاع صيتهم ، كما ذكر في مِلفات محمد بن مرزوق : المسند الصحيح الحسن في مآثر ومحاسن مولانا أبي الحسن وكتب أخرى كثيرة .



مولده ووفاته رضي الله عنه:

ولد محمد السائح بتلمسان سنة 820 هـ تقريبا، وتوفي في أو أخر القرن التاسع وبداية القرن العاشر الهجري وعلى المشهور سنة:900هـ، سيدي محمد السائح من أولياء الله الصالحين الذين لهم عدة كرامات مشهود له بها، وهو عالم جليل لايشق له غبار وكان معتنقا للطريقة القادرية، ضريحه موجود ب بلدة عمر قرب مدينة تقرت على مقربة من الطريق الوطني رقم: 33 من ذأزيد من خمس قرون يوجد عرش أولاد سيدي محمد السايح أصحاب الشيم والأخلاق الفاضلة بالجنوب الشرقي الجزائري وتحديدا بـ: بلدية العالية حاليا وقرية الطيبين التابعة لها، وبلديات الطيبات القبلية ولاية ورقلة ، كما يتوزعون على كافة مدن تقرت الكبرى وورقلة والقرارة وغرداية والأغواط والوادي وجامعة والمرارة وتيارت وأفلو والجزائر العاصمة وباقي المدن الأخرى، ومن مشاهير فرق أولاد سيدي محمد السائح أولاد سيدي المبارك،أولاد سيدي عبد القادرالبوطي،أولا دسيدي سليمان وأولاد إبنه سيدي معمر بـ:الطيبين الظهراوية،أولاد سيدي محمد السايح الإبن بالطيبات القبلية، أولاد سيدي محمد بلعلمي ومنهم الرحالة سيدي عبدالمالك الشهير صاحب القصعة،وسيدي اللقاني وسيدي الهاشمي بالمدينة المنورة،أولا دسيدي أحمد،أولا دسيدي النواري،أولاد سيدي بلعباس،أولاد سيدي التواتي ومنهم العالم العلامة سيدي محمدبن المشري كاتب سر سيدي أحمد التجاني صاحب الطريقة التجانية،أولاد سيدي الموهوب،أولاد سيدي بن الصديق وغيرهم .

والد الولي الصالح سيدي محمد السائح،من الوفادين من الساقية الحمراء بالمغرب وهو من البطون الثمانية الفارين من الملاحقة آنذاك، فسيدي محمد السائح من أسرة عالمة ومحترمة ومبجلة،والشاهد على ذلك أن والده تزوج بنت المرازقة بتلمسان، ولو لم يكن أبوه ذاك الشريف العالم لما زوجوه من تلك الأسرة ذات الصيت الواسع والباع النافذ والمكانة العلمية،كماأن له أوخوين وهما سيدي أحمد وسيدي الخروب الذي إنتقل الى أميزور وأما سيدي أحمد إنتقل الى البرابر،و سيدي محمد السائح إنتقل إلى المشرق مرورا بصحراء سيدي عيسى والأغواط ثم إستقر بالعطف بـ:غرداية التي مكث بها حالي13 سنة ثم إنتقل إلى وادي ريغ حيث حط رحاله واستقر إلى أن وافته المنية رحمه الله .

سيدي محمد الملقب بالسائح هــو محمد بن أحمد بن على بن يحي بن محمد بن يعلى بن هاشم بن بلقاسم بن علي بن أحمد المعروف بالسبع النازلين أولاده الآن سنة إثنتين وأربعين وثلاثمائة بعد الألف بـ:تاغسرين حوزة مراكش وهم بن عبد العزيز بن خليفة بن محمد بن إسماعيل بن هلال بن عمران المدفون بقصر الملوك الستة ببلدة زرهونة، بن زكرياء بن زين العابدين بن هاشم بن محمد بن علي بن يسار بن يوسف بن أحمد مزوار بن علي حيدرة بن مولانا محمد بن مولانا إدريس الأصغر بن الإمام إدريس الأكبر النازل بالمغرب تراب طنجة عام إثنتين وسبعين بعد المائة هجري بن الإمام عبد الله الكامل بن الإمام سيدنا الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط بن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وسيدتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين بنت سيدنا وحبيبنا ومولانا محمد بن عبد الله رسول الله ونبيه الذي من بين الخلائق بالرسالة إصطفاه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ، تمت كتابة ما ذكر من طرف المرحوم الشيخ محمد الطاهر بن عمارة الجريدي يوم الجمعة الثامن والعشرون من ذي القعدة سنة إثنان وأربعون وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة ، منقولا من المشجرة التي بلغ طولها ستة أمتار بعرض قدره خمسين سنتيمترا مع القصيدة الخاصة بأولاد سيدي محمد السائح والتي بلغ عدد أبياتها 188 بيتا وللعلم أن هذه المعلومات قد نشرت في جريدة السفير الأسبوعية الجزائرية لسنة: 2002/2003 م في أعدادعا :160،185،157،87،86 للصحفية سامية مازوي السائحية ، نشكر كل من السيدين محمد قادري بن الصغير والتجاني حماني اللذان أمدا بهذه المشجرة والمعلومات الأخ الباحث عبد القادر سليمان موهوبي السائحي الإدريس صاحب كتاب : آل البيت في الجزائر والعالم العربي والإسلامي،تحفة الأولاد في سند الأجداد الذي صدر مؤخرا للوجود، تحت رقم الإيداع القانوني: 251-2009 مطبعة بن سالم الأغواط .

المصدر:
مجلة أصوات الشمال بقلم : تيجاني سليمان موهوبي
عنوان المقال الولي الصالح سيدي محمد السايح
رابط الموضوع
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |