من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة الولي الصالح سيدي عبد الله مؤسس مدينة مستغانم



سيدي عبد الله مؤسس مدينة مستغانم:

سيدي عبد الله هو المرابط و المجاهد والمؤسس الذي عمر مدينة مستغانم و بوادي مجاهر يقول ابن خلدون إن مستغانم كان بها عرب كثيرة و هم فروع كثيرة . و يذكر الشريف الإدريسي في جغرافيته أن مستغانم كانت موجودة في حدود القرن 5هـ وكانت موجودة في الجاهلية، كانت تسمى "كارتنا" ولكن هناك تاريخ أبعد من هذا، فمستغانم مدينة قديمة كانت قبل دخول الرومان كانت تسمى "موريسطاقا" تعرضت لزلزال عنيف جعل الرومان يعيدون تدشينها في عهد الملك غاليان ثم أسموها "كارتنا" وسميت مشتى غانم ومسك الغنائم ومرسى غانم كان الموقع مأهولا كانت موطنا للقبائل البربرية حتى وصول الهلالين والمرابطين وكانت موجودة في القرن 3هـ تحت حكم الأدارسة على عهد إبراهيم بن محمد بن سليمان واستطاع المرابطون في عهد يوسف بن تشفين أن يضموها إلى مملكتهم. في أواخر القرن 7هـ والقرن 8هـ كانت خاضعة لسلطان الدولة المرينية، ولمستغانم قصة معروفة على نطاق واسع فقد أعيد بناؤها بعد الإسلام تحت قيادة سيدي عبد الله الخطابي الإدريسي الحسني والي مجاهر اول سكان المنطقة فسيدي عبد الله هو مؤسس مدينة مستغانم.

*.*.*

أثناء التجوال بمستغانم هناك مشاهد لاماكن وجدت فيها بقايا يرجع تاريخها إلى الطور الحجري المنحوت و إلى الطور الحجري المصقول، تعاقب على حكمها الكثير من الملوك والأمراء.

*.*.*

* يقول القاضي الحشلاف: في كتاب "سلسلة أصول أبناء الرسول" كانت مسقط الرأس فتعين علينا ترجمتها والكلام عليها قديما وحديثا بمناسبة ذكرها لدفن الشريف الخطابي بها وإن لم نحط بترجمتها فنقول مستغانم وتسمى مشتى غانم وتسمى مسك غانم وتسمى مسك الغنائم وتسمى مرسى غانم وفي القديم تسمى "كارتنا" و يقول أن مستغانم حولها عرب كثيرة تسمى عرب مجاهر بطن من بطون سويد بن عامر بن مالك بن بني زغبة بن ربيعة بن نهيك بن هلال الدين وفدوا من نجد على افريقية في عددهم وعدتهم في أواسط القرن 5 هجري و لمجاهر فروع كثيرة منهم غافير ومالف وبو رحمة و بو كامل وحمدان وبنو سلامة وشافع وغير شافع و الدحيمان كما قرره ابن خلدون في العبر قال البستاني أن مستغانم قديمة البناء كانت موجودة في زمن الجاهلية.

*.*.*

* قال الشريف إدريس في جغرافيته: أن مستغانم كانت موجودة في حدود القرن 5 الهجري ولعله يعني بهذا التاريخ عمارتها التامة وشهرتها بين الإسلام.

* وقال صاحب الفصول:

مستغانم كانت دويرات وكانت رباط للمجاهدين وما اتسعت إلا بعد نزول الشريف سيدي عبد الله الخطابي فعمرها بإشارة على تلميذه أحميدة العبد شيخ قبيلة سويد في أواخر القرن 10هـ ، كثر عمرانها واتسع البناء ونمت تجارتها وتزاحمت على السكن فيها ومجاورة الشريف الخطابي سيدي عبد الله.

* ويقول السنوسي:

في كتاب "الدرر السنية " أن سيدي عبد الله المتولي القطبانية أربعة وعشرين عاما المجاهد المرابط عمر مدينة مستغانم وبوادي مجاهر وكانت العقلية الشعبية مرتبطة بالسلطة الروحية أي التصوف هو الذي كان يجمع شتات القبائل بتوحدهم بالجهاد في سبيل الإسلام والتصدي للغزو الصليبي، كانت القبائل والعشائر تحت حماية الفاتحين عند قدوم الغزو الصليبي يخضعون ويتحالفون معهم من اجل الجهاد ولما تنتهي الحملة تبقى القبائل خاضعة سوى لسلطة مشايخها كانت الوطنية الدينية هي السلطة الروحية و كل مدينة كان لها رمز روحي لان رجال الله جمعوا القبائل المتناحرة وكانت الطرق الصوفية بمثابة الأحزاب السياسية.

*.*.*

الشجرة الخطابية:

سيدي عبد الله هو الشريف الفاضل العاقل خلقا ووصفا القطب الرباني والولي الصالح من أحفاد الرسول ابن سيدي خطاب بن سيدي علي بن سيدي يحي بن سيدي راشد بن سيدي احمد المرابط بن منداس بن عبد القوي بن عبد الرحمان بن يوسف بن زيان بن زين العابدين بن سيدي يوسف بن الحسن بن إدريس بن السعيد بن يعقوب بن داوود بن حمزة بن علي بن عمران بن إدريس الأصغر بن مولانا إدريس الأكبر بن سيدي عبد الله الكامل بن السيد الحسن المثنى بن الحسن السبط بن السيد علي ابن طالب كرم الله وجهه وفاطمة الزهراء رضي الله عنها إبنة الر سول صلى الله عليه وسلم،فهو الإدريسي الحسني.


خريطة لمدينة مستغانم القديمة في عهد الإستعمار و هي خريطة قديمة جدا

الأدارسة أسرة كبيرة من آل البيت ، جدها الأعلى الهاشمي الكبير عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي كرم الله وجهه ، حكم في مكة والمدينة ويعتبر سيدي عبد الله من الفرع الإدريسي التاسع هو من فرع مولانا عمران بن إدريس ويعرفون في مستغانم بالسادات الخطابيون ، سيدي عبد الله دفين المطمر بمستغانم وله قبر ثان بقرية عيزب، ابن سيدي خطاب دفين مابين وادي شلف ووادي مينا ، ابن بلعسل دفين وادي أرهيو منطقة آل خطاب التي كانت بها قبائل مغراوة.

*.*.*

* يقول القاضي حشلاف: ينسب شرفاء العمرنيين الى ابناء عمران بن ادريس الاصغر بن ادريس الاول بن عبد الله الكامل بن الحسن بن الحسن السبط بن علي بن ابي طالب و فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله ... و عمران انجب علي و علي انجب حمزة الذي انجب داود الذي انجب يعقوب الذي انجب سعيد الذي انجب حمزة الذي انجب احمد الذي انجب عبد الله الذي خلف ادريس الذي خلف حسن الذي خلف يوسف ويوسف خلف زين العابدين الذي خلف زيان الذي خلف ولدان هما احمد ويوسف وقد خلف يوسف عبد الرحمن الذي خلف تلاتة ابناء هم احمد جد البراكنة وجعفر جد المقارنة و عبد القوي وخلف عبد القوي ولدان هما محمد ومنداس ومنداس خلف راشد الذي خلف كل من عبد الله ويوسف ويحي و قد خلف يحي علي الذي خلف خطاب والد سيدي عبد الله بن الخطاب جد الخطابيين بمستغانم.

ويقول القاضي حشلاف :

من الفروع العمرانية سادات خطابيون يعرفون باولا سيدي عبد الله دفين ثغر مدينة مدينة مستغانم بالمطمر عليه مزار يقصده الزوار سيدي عبد الله بن الخطاب دفين ما بين وادي شلف ووادي مينا مصبها في وادي شلف أي منطقة مجاهر قريبا من بلدة غيليزان بن احمد المرابط بن منداس بن عبد القوي سلطان تقدمت بن عبد الرحمن سلطان تالوت الغرب بن يوسف بن زيان سلطان تلمسان بن زين العابدين بن يوسف بن حسن بن ادريس بن سعيد بن يعقوب بن داوود بن حمزة بن علي بن عمران بن ادريس الاصغر بن ادريس الاكبر .

سيدي عبد الله من سلالة الأدارسة والتي انحدرت فروعها سائر أنحاء العالم و الجزائر وهناك فروع في مستغانم ، ويذكر أن الأدارسة حكموا في مستغانم في القرن 3ھ ، وهناك فروع أخرى متصلة بالادارسة هم بنو سليمان متمثلون في سيدي يوسف قبره بضريح "سيدي عبد الله" بالمطمر وسيدي يعقوب ضريحه في تيجديت ، من هذه الأسرة السلالة الخطابية الادريسية الحسنية "سيدي عبد الله" وسلالته بمستغانم ونواحيها ، هناك ألقاب وأسماء كثيرة معرفون في مستغانم بأولاد سيدي عبد الله.

*.*.*

سيدي عبد الله:

يعتبر سيدي عبد الله الولي الصالح الفاضل العاقل خلقا ووصفا شخصية بارزة في منطقة مستغانم هو سيدي عبد الله بن الخطاب المتولي القطبانية اربعة وعشرون سنة المرابط و المجاهد الذي عمر مدينة مستغانم وبوادي مجاهر هو الأب الروحي للمنطقة أمر بتوسيع المدينة كانت له المدرسة القرآنية في المطمر ،حرص على تسيير شؤون المدينة الاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية ، فبالمطمر كانت مجموعة من المطامر التي كان سيدي عبد الله يخزن فيها المئونة فهو الحاكم وصاحب الدولة، كما يذكر أن مستغانم بلاد سيدي عبد الله بحضرته يتوفر الأمن والأمان لسكانها ولقاصديها فكل من دخلها فهو امن و مقولته عند المقطع تنقطع يعتبر سيدي عبد الله سلالة مجد واحترام وهمة عالية. عمل سيدي عبد الله على نشر تعاليم الإسلام وحرص على تعاليم الرسالة المحمدية السمحة التي توفر للناس الحياة الكريمة المهذبة التي تصل بهم إلى أعلى درجات الرقي والكمال بتدعيم الروابط الإنسانية على أساس الحب والرحمة والإخاء والمساواة والعدل.



*.*.*

عرفت مستغانم الكثير من الأولياء والطرق الصوفية والعديد من الزوايا وهذا دال على الوعي الديني والثقافي مع التحفظ لسكانها كل هده المكتسبات كان لها دور في الحفاظ على الهوية العربية الجزائرية الإسلامية فأرض مستغانم أرض طاهرة فهي قبلة الأولياء.

مدينة مستغانم:

يقول القاضي حشلاف: أن مستغانم مدينة مرتفعة البناء طيبة الهواء باهية المنظر يكسوها رونقا على ضفة البحر الأبيض المتوسط، هي مدينة قديمة متوسطة لا كبيرة ولا صغيرة كانت بها أسواق عامرة و تجارة وأرباح متوسطة يقصدها التجار من الأماكن البعيدة كما يقصدها السكان لما بها من الخصب والرخص وتيسير المعيشة والأمن و ما اتسعت مستغانم إلا بعد نزول الشريف سيدي عبد الله. تحف مستغانم البساتين من كل النواحي ، غالبا غرسها العنب كثيرة الفواكه اللحم اللبن والسمك ويجلب لها القمح والشعير والسمن والعسل والصوف من باديتها .بها حمامات ومساجد كثيرة منها المسجد العتيق الذي بناه السلطان المنصور بالله أبو الحسن علي بن عبد الحق المريني.

*.*.*

مستغانم تاريخ وحاضر:




مدينة مستغانم مدينة صوفية ارض طاهرة ارض الصالحين ابدية شاهقة ترفض بأن تكون مركبة كالمدن الاخرى ,لا تكشف عن وجهها الا بتمزيق الحجاب انها هناك خارج الزمن لا ماض لها ولا مستقبل بل تعيش في الان الابدي,مازالت وافية لجوهرها مند الاف السنين ,لا ترحب الا باهلها وتقف شامخة في وجه التغريب والتزييف ,وتدرك جيدا معنى "وقد صار قلبي قابلا كل صورة" او كما يقال تعدد الطرق بتعدد الأنفس..

*.*.*

هوامش:

الشجرة الخطابية: هي شجرة مضبوطة ومعروفة كتبها عن المصدر محمد بن علي السنوسي ، و نقلها القاضي حشلاف في كتاب سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول عليه الصلاة والسلام وذكرها عبد القادر بن المختار الخطابي.

مغراوة: أول القبائل البربرية التي اعتنقت الإسلام في الجزائر.

المصدر:

موقع مستغانم كوم
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح العارف بالله سيدي الشريف بن الأحرش


صورة للأمير عبد القادر و الشريف بن الأحرش

نسبه ومولده:

هو الولي الصالح المجاهد الصوفي العارف بالله سيدي الشريف بن الأحرش ولد رضي الله عنه في شهر جوان سنة 1803م، و ذلك في أرجح الروايات، و نشأ نشأة دينية في حضن أهله و حجر والديه، و لما بلغ من العمر 18 عاما، بلغ به الظمأ العلمي أقصاه، فانتقل إلى الزاوية المختارية الرحمانية بأولاد جلال طالبا للعلم و مريدا ينشد أعلى المقامات، و كان الشيخ المختار ابن عبد الرحمن حينذاك و فريد العصر و الأوان في التقوى و الصلاح، و عالما متمكنا من شتى العلوم الدينية، يحكي صاحب كتاب ( تعطير الأكوان بنشر شذا نفحات أهل العرفان ) عن تتلمذ الشيخ الشريف بن الأحرش عن الشيخ المختار ابن عبد الرحمن -رحمهم الله جميعا – قائلا : ( .. فأخذ عنه العهد، و لقنه الأسماء، و جعله في الخلوة خمسين يوما، فظهرت عليه الأسرار الربانية، و الأحوال النورانية، فأحبه حبا ملأ ما بين جوانحه واغتبط به اغتباط الأم بوحيدها ..)

*.*.*

و قد أخذ الشيخ الشريف العلم عن علماء أجلة آخرين .. منهم الشيخ محمد بن السعيد بن بركات، و الشيخ محمد الزين بن بركات، و قد كانا ذوي باع لا يلحق شأوه في علوم الفقه و التفسير، وقد أجاد الشيخ دراسة الصحيحين و الموطأ و الشفاء للقاضي عياض و شمائل الترميذي و المواهب اللدنية و الجامع الصغير، و تمكن من النحو و البيان و المنطق و الفلك و الأصول و علم التصريف و علم التصوف .. و أظهر تفوقا كبيرا في كل هذه العلوم .. و لما ظهرت للشيخ المختار المكانة العلمية العالية التي وصلها في التحصيل تلميذه و مريده كتب له بخط يده : ( .. انك مني كأبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ من النبي صلى الله عليه و سلم ..) و أذن له في إعطاء العهد و تعمير زاوية ببلده .. و طار ذكر الشيخ في الآفاق .. و سمع به الخاص و العام و سارت باسمه الركبان .. و ذكره الناس بسجاياه المصورة و خصاله الرفيعة ... كيف لا وهو مقدم الزاوية المختارية الأول؟! كيف لا و هو سيغدو شيخ زاوية لعبت دورا كبيرا في الحفاظ على الهوية الثقافية و العلمية للوطن و أمدت الأجيال المتعاقبة بفتيل سوف يغدو شعلة تنفجر منها بعد ذلك و بعد حين من الزمن ثورة الفاتح نوفمبر الخالدة.

خليفة الأمير عبد القادر:

كانت قبائل أولاد نائل تتمتع بثراء واسع و عدد هائل، و تتميز بتمرس أبنائها على الفروسية، و لذا كانت محل تنافس بين المتمردين الذين كانوا يظهرون بين الفينة و الأخرى، و الفرنسيين و الأمير الذي كان على ما يبدو يدخرهم كقوة احتياطية إلى ما بعد المعاهدة .. و ندرك اعتناء الأمير عبد القادر بهم و حرصه على استمالتهم من خلال وصفه لخيولهم بأنها من أحسن الخيول.. ففي كتاب ( خيول الصحراء ) للجنرال " أوجان دوما " و ردا على سؤال أجود الخيول، أجابه الأمير: خيول أولاد نائل، و أضاف :(لأنهم لا يتخذونها لشيء غير القتال).

*.*.*

و لعدة أسباب، سياسية و اقتصادية و عسكرية، راح الأمير عبد القادر يراسل أولاد نايل عله يتمكن من إضافة دولة جديدة إلى دولته، و قوة عتيدة إلى قوته، و قد تأتي له ذلك بداية من سنة 1836م، و يكون ابن البوهالي، شيخ قبيلة سعد بن سالم، من الأوائل الذين راسلوا الأمير، و أبدوا رغبتهم في الانضمام إلى دولته .. و تتابعت بقية قبائل أولاد نايل التي قسمت إلى ستة فرق، لكل فرقة قائد، و كانت التالي : محمد بن زبدة قائد على أولاد عيسى، محمد بن عطية قائد على أولاد ضيا، تلي بلكحل قائد على أولاد سي أحمد، الشيخ حران قائد على أولاد أم هاني، الشيخ ابن البوهالي قائد على أولاد سعد بن سالم، و كان يقودها جميعا الشيخ عبد السلام بن القندوز شيخ أولاد لقويني، الذي تنازل عن مهامه تدريجيا لابن أخيه الشيخ الشريف بن الأحرش، الذي كان قد لفت انتباه الأمير، فعينه خليفته بعد ذلك .. و قد تمت مبايعة أولاد نايل للأمير سنة 1837م بالمكان المعروف بالكرمونية، أي الكرم و النية، و هي صفاتهم البارزة .. و قد كان الشريف بن الأحرش صاحب الوساطة بين الأمير و بقية شيوخ القبائل، و الذي لعب الدور الأكبر في هذه البيعة .. بقي أن نشير إلى أن خلافة الشريف بن الأحرش بدأت سنة 1843م بعد أن كان الأمير قد وضع قبائل أولاد نايل تحت سلطة سي الحاج العربي ولد الحاج عيسى خليفته على الأغواط .. و يقول الباحث عمر خضرون إن كل من " درمنغم " و " آرنو " و " ماري مونج " يثبتون الخلافة لسي الشريف بن الأحرش، إذ بعد مقتل خليفة الأغواط الذي لم يكن في مستوى المسؤولية، بل كان يقضي معظم وقته في الدفاع عن نفسه ضد المتمردين من بني قومه يكون الأمير قد رأى في سي الشريف الوحيد من بين الأعيان الذي يستحق أن يكون خليفته المباشر على أولاد نائل.

*.*.*

لقد احبه الأمير عبد القادر حبا عظيما و خصه بمكانة خاصة .. وقد رافقه الشيخ الشريف بن الأحرش إلى عدة أماكن ليعرفه بأعيانها..ففي شهر أوت 1837م قام الأمير برحلة كبيرة وذلك طبعا أثناء معاهدة التافنة، وقد قادته الرحلة إلى جبل عمور و قورو بآفلو..وهناك لقيه الشريف بن الأحرش مع جمع من الأعيان وأكدوا له بيعتهم ..ويروي الباحث "فرانسوا دوفيلاري" أن الشريف بن الأحرش مشى مع الأمير بعد ذلك حتى وصلا مدينة بوسعادة وقد التقيا أثناء ذلك بأعيان مسعد والهامل وطاقين، أين افترقا حين تأكد الأمير من مساندة جميع القبائل وشيوخ الزوايا لمقاومته وكيف لا يكون الأمير قد احبه وقد جعله خليفة له ومن أقرب المقربين إليه، واصطحبه في معظم رحلاته ولجأ معه إلى المغرب وكيف لا يكون الأمير قد أحبه وقد زوجه من الإسبانية "ماريا دولوراس "، التي عثر عليها رجال الأمير في نواحي مليلية بالمغرب مع أختها، فأتوا بهما إلى الأمير الذي زوج الكبرى من الشريف بن الأحرش والصغرى أهداها لعبد السلام بن القندوز الذي زوجها بدوره لابنه محمد.

*.*.*

تزوج إذن الشريف بن الأحرش بماريا، التي عرفت فيما بعد بـ (فاطنة العلجة) ويقول "فرومنتان" عنها وعن أختها "وقد قبلت الفتاتان الملابس والتقاليد العربية كما اتخذتا لسان زوجيهما، ومضيتا بذلك عن اقتناع حتى بعد انتهاء المقاومة " ونشير إلى أن زوجته الأولى حفصة أو أسماء بنت الشيخ المختار قد توفيت قبل ذلك بزمن، مخلفة له أبنا ما لبث أن فارق الحياة ولم يتجاوز 16 عاما بعد.

*.*.*

ونشير كذلك إلى أن ذرية الشريف بن الأحرش تنحدر من العلجة، التى تعرف با سمها اليوم مقبرة بمدينة الجلفة، وهي (المجحودة ) وهي لم تمت مقتولة كما تشير بعض الروايات، بل ماتت موتة طبيعية، و(جحدت) لأنها ليست من الأعيان، فدفنت خارج المقبرة الرسمية التي بها زوجها، والتي هي عبارة عن مصلى بجانب الزاوية، لكن لما رأوا أن قبرها أصبح مقبرة بسبب توافد بقية القبائل على الدفن هناك، قاموا بالتنازل عن نظريتهم الأولى، ودفنوا بقية أعيانهم بالمجحودة..هذه المقبرة التي بدأ اسمها يتغير بعد دفن ولي صالح بها، فأصبحت تعرف بمقبرة ((علي بن دنيدينة))..بقي أن نشير إلى أن مواصلة البحث في حياة الشيخ الشريف بن الأحرش قد تكشف لنا الكثير عنه، وهي مهمة ليست سهلة بعد الإقصاء الطويل الذي عرفه هذا الرجل، ولا أدل على هذا الإقصاء من أن الشيخ الشريف لم يرد ذكره ـ كما يؤكد الباحث عمر خضرون ـ في أي مرجع من المراجع التي تحدث عن خلفاء الأمير المهمين، مثل محمد بن علال، وأحمد بن سالم، ومحمد البركاني، وكذا عن خلفاء أقل أهمية بكثير، والذين ذكروا برغم تلك الأهمية الضئيلة، مثل خليفة الأغواط الآنف الذكر.. هذا إضافة إلى أن الشيخ الشريف بن الأحرش بقي وفيا للأمير ولم يستسلم حتى طلب منه الأمير ذلك خوفا عليه، وحرصا على عائلته وأهله، فاستسلم الشيخ الشريف بن الأحرش سنة 1848م، وقد حبس وعائلته في بوغار بادئ الأمر، ثم وضع تحت الإقامة الجبرية بالمدية وقد أطلق سراحه 1850 م، ليواصل كفاحه ببنائه لزاويته وتعميرها، و ليجعلها ساحة كفاح يتجدد كل وقت وحين ..وقد دفعت مواصفات الخليفة بن الأحرش وبسالته واستماتته الأستاذ عبد الباقي هزرشي إلى القول : (( إن هذه المواصفات تؤهله في نظرنا إلى مرتبة بطولية، و تجعله إحدى الشخصيات المرموقة من تاريخنا المحلي والوطني، وتفرض على باحثينا ومؤرخينا وأحفاده مسؤولية جسمية في التنقيب عن مخفيات دوره وإسهامه التاريخي )).

ولم يفتر جهاد شيخنا الشريف بن الأحرش بالسيف حينا، وبالكلمة حينا، وبالرأي أحيانا أخرى إلى أن قتل خطأ سنة 1864م في شهر أكتوبر، لتبدأ حياته في أرواح خلفه ومحبيه.. ولم يمت حقا إلا يوم أن أهملت زاويته وتاريخه وأشياؤه..وإنها إذا عادت كما كانت فتأكدوا أنه سوف يعود.

*.*.*

زاوية سي الشريف بن الأحرش:


الزاوية المختارية أولاد جلال


عملا بالإذن الذي عهد إليه به شيخه المختار بن عبد الرحمن ـ رحمه الله ـ بدأ الشيخ الشريف بن الأحرش بناء زاويته سنة 1853م ، و استمر البناء عامين ، و تجسد الحلم نهائيا سنة 1855م ، و أرخوا لذلك بالنقش الموجود أعلى المدخل الرئيسي .

بنيت الزاوية بطراز عربي أصيل ، لكن نلمح فيها أن البناء لم يكن هدفا في حد ذاته ، بل كان حصن الثقافة الإسلامية هو الهدف .. تدخل إذا اجتزت الباب الخارجي ساحة كبيرة تطل عليها أجنحة ثلاثة ، مزدانة بالأقواس المعروفة في العهد التركي .. بها غرف مخصصة للقراءة و التدريس .. إنه ذات المكان المثير للنقائض من حيث ذكريات الهلع و الخوف أيام الهيمنة الفرنسية .. و ذكريات الصفاء و الطمأنينة في الجلسات الخلوتية .. هيبة الشيخ و أشياؤه .. مرقعات الدراويش .. سخاء الأثرياء .. مهرجان القراءة و التدريس .. قعقعات الآنية حاملة الوعد بطعام متجدد .. فالزاوية دار الشيخ .. مدينة الطلبة .. مأوى المحتاجين .. مقصد ابن السبيل .. و أمسيات الحديث الصوفي المبدع حول نار الوجد و الحلول .. و المكتسي بأحلى غموض .. إليها يهرع الجمال .. و منها ينفر القبح .. فهي بيت الله...و قد كانت الزاوية تحوي عددا هائلا من الطلبة ، و تأوي عددا كبيرا من أبناء السبيل ، و كان ينادي في كل مساء و عندما تغلق المدينة أبوابها .. أن أيها المحتاجون اهرعوا إلى الزاوية .. أيها الجائعون هلموا إلى الزاوية .. أيها الخائفون فروا إلى الزاوية .. فإذا كانت المدينة تغلق أبوابها ، فإن للزاوية أبواب لا تغلق .

لكن ، لا يجب أن ننسى المخلصين الذين مازالوا إلى يومنا هذا يحافظون على تاريخ الزاوية ، و يريدون لها أن تعود إلى سالف عهدها .. أو على الأقل أن تكون معروفة .. بها متحف يضم أشياء الشيخ الخليفة ووثائقه ، و بها قاعة للمحاضرات أو لإنجاز البحوث .. هؤلاء المخلصون هم من عائلة الشيخ قد تبرعوا بأجنحة مما يملكون من الزاوية لفائدة التراث و الثقافة و السياحة .. نذكر منهم الشيخ زين العابدين بن الأحرش ـ حفظه الله ـ الذي تطوع بغرفتين من الزواية .. و أفراد عائلة محي الدين بن الأحرش ، الذين تطوعوا كذلك بغرفتين .. هذه الغرف الأربع إذا استغلت أحسن استغلال ، فستكون كافية لبعث تاريخ الزاوية .. و تاريخ الشيخ .. و ستكون عونا للباحثين و المؤرخين لكتابة التاريخ الحقيقي للمنطقة ، و من ثم التاريخ الجزائري المعاصر .. لكن يؤسف هؤلاء جميعا أن الهيئات الرسمية لا تلتفت إلى مثل هذه المبادرات الجادة .. و لا تعينها .. مكتفية بالمهرجانية و الكرنفالية .. و إذا و عدت ، فإنها سرعان ما تنسى .. و ما زيارة إدريس الجزائري عنا ببعيد .. و ما إعانة كاتبة الدولة للثقافة للزاوية التيجانية ـ و مواقفها معروفة من مقاومة الأمير ـ و تخصيصها لأربعة عشر مليار لترميم تلك الزاوية عنا ببعيد كذلك .. إن هؤلاء المخلصين و محبي زاوية الجلفة لا يطلبون مبالغ ضخمة بقدر ما يطلبون اهتماما بهذا الرجل و زاويته المغمورة كذلك .. فإنه من لم يعرف قدر سلفه ، لن يعرف قدر ذاته و خلفه .. و من لم يبر والديه ، لن يبره أبناؤه .

*.*.*

رضي الله عن سيدي الشريف بن الأحرش ورحمه الله رحمة الأبرار، وأنزله منازل الأخيار، فى جنة الخلد مع جده المصطفى المختار، صلى الله عليه وسلم تسليما وعلى آله وصحبه الطيبين الأبرار.
تكملة الموضوع

حمل مخطوط الطراز في ضبط الخراز للإمام التنسي الجزائري



كتاب يُعد أصل في بابه جاء في تعريف مصحف الملك فهد بن عبد العزيز ما نصه: "وأُخِذَت طريقةُ ضبطه مما قرره علماء الضبط على حسب ما ورد في كتاب "الطراز على ضبط الخراز" للإمام التَّنسي مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمد وأتباعه من المشارقة ، بدلا من علامات الأندلسيّين والمغاربة"ا.هـ

الطراز في شرح ضبط الخراز

تأليف العلامة أبي عبد الله محمد بن عبد الله التَّنسي الجزائري

بطاقة الكتاب:

العنوان : الطراز في شرح ضبط الخراز .
المؤلف : الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله التَّنسي .
تحقيق : د. أحمد بن أحمد شرشال .
دار النشر : مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف .
سنة الطبع : الطبعة الأولى (1420 هـ) .
نوع التغليف : مجلد ( 798 صفحة ).

التحميل

الرابط الأول : من موقع أرشيف وهي طبعة دار النشر "مجمع الملك فهد لطباعة المصحف"


الرابط الثاني :

نسخة مخطوطة نادرة جدا بخط مغربي واضح وأنيق ...
صورة من المخطوط



تحميل النسخة الأولى

تحميل النسخة الثانية

هوامش:

الإمام العلامة أبي عبد الله محمد بن عبد الله التَّنسي سبق وأن وضعنا له ترجمة خاصة بالمدونة

على هذا الربط
تكملة الموضوع

حمل كتاب أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض للمقري التلمساني



أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض للعلامة أبي العباس أحمد بن محمد المقري التلمساني الجزائري (ت 1041هـ)

موسوعة ضخمة، تقع في خمسة مجلدات. جعل المقّري محورها أخبار القاضي عياض، كما جعل محور كتابه (نفح الطيب) أخبار الوزير لسان الدين ابن الخطيب. وجمع في كل من الموسوعتين ألواناً من المعارف التاريخية والأدبية واللغوية.

شرع في جمعه وهو في مدينة فاس سنة 1013هـ تلبية لرغبة أهالي بلده (تلمسان) في التعريف بالقاضي عياض، عالم المغرب الأقصى وقاضيه الأشهر. وقد ألمّ في هذا الكتاب بكثير من شؤون بلاد الأندلس، وأحوال المسلمين في عصر الجلاء عنها، وفيها الكثير من مشاهداته، وأخبار تنقلاته في البلاد.

ويمتاز باحتفاظه بطائفة كبيرة من الأخبار والنصوص المغربية والأندلسية، التي لم ترد في نفح الطيب، ولا غيره من الكتب المطبوعة، وإنما بادت أصولها، أو هي لا تزال سراً مطوياً في خزائن الكتب. طبع الجزء الأول منه لأول مرة في تونس سنة 1322هـ ثم طبعت الأجزاء الثلاثة الأولى منه سنة 1939م في بيت المغرب في القاهرة، برعاية سمو الأمير مولاي الحسن بن المهدي، الخليفة السلطاني سابقاً بالمنطقة الشمالية من المملكة، ثم أعيدت هذه الطبعة، مع طباعة الجزئين المتبقيين، من الكتاب سنة 1978م برعاية صندوق إحياء التراث الإسلامي المشترك بين المملكة المغربية، ودولة الإمارت العربية المتحدة.

فرغ المقري من كتابة (أزهار الرياض) في حدود سنة 1038هـ.



عدد الأجزاء: 5





تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |