من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة العلامة المؤرخ سيدي أبي راس الناصر المعسكري الجزائري



بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

إذا ذُكر التأريخ والتاريخ يتصدّر العلامة ابن خلدون الأسماء عبر العصور، ويغفل البحث والباحثين إفراد مكانة تليق بواحد من أعظم العلماء والأعلام، أعدّه الكثيرون، ثاني مؤرّخ بعد ابن خلدون في مجال التأريخ، ولكن "شخصية" موضوعنا اليوم، يتجاوز مؤسس "علم الاجتماع" ورائد التاريخ، بأنه كان مجاهدا فذا بالسلاح فقد شارك في تحرير وهران من الأسبان سنة 1206 هـ /1795م إلى جانب الباي محمد بن عثمان، ليس هذا فحسب بل كان عالما ربانيا متصوفا جمع بين علمي الشريعة والحقيقة، فضلا عن سعة معرفته العميقة دينيا وأدبيا بروح علمية رصينة وفكر حصيف وغزارة إنتاج حيث تجاوزت مصنفاته في حقول التأريخ والفقه المائة كتاب...
وإذ نقدّم هذه الشخصية للبيان عن عظمة الفكر الجزائري وقوة حضوره في صناعة الحضارة العربية والإسلامية عبر العصور، وأيضا لنقول بكل بساطة أن روّادا أنجبتهم الجزائر ولم ينصفهم لا البحث ولا التاريخ ونهيب بالباحثين أن يتصدّوا لتسليط الكشافات العلمية والبحثية وتقديم شخصيات يفخر بها الجزائريون ويتأسون بها عملا وفكرا وخلقا.

"أبي راس الناصري"، الاسم الذي لم تسعه دفاتر التاريخ ولكن صفحات الباحثين لم تحفل به.. من يكون وما هي سيرته ومسيرته؟


أولا: نورد ترجمته كما أوردها سيدي أبي القاسم الحفناوي في كتابه "تعريف الخلف برجال السلف" بما أنه من أوثق المصادر المعتمدة في تراجم الرجال بالمغرب العربي.

يقول سيدي أبي القاسم الحفناوي:

- العلامة المحقق الحافظ البحر الجامع المتدفق اللافظ من هو ليث الدين أوثق أساس وأضوأ نبراس الإمام القدوة المتفنن سيدي محمد أبو راس بن أحمد بن ناصر الراشدي الناصري كان رحمه الله ورضي عنه إماما في المعقول والمنقول وإليه يرجع في الفروع والأصول ورحل في طلب العلم واكتساب المعارف، وافى الأفاضل من أهل مصر وتونس وفاس وأخذ عنهم التالد والطارف ودرس وأفاد ورفع منار العلم وأشاد وكان يدعى في زمانه الحافظ لقوة حفظه وتمكنه متى شاء من استحضار مسائله حتى كأنّ العلوم كتبت بين عينيه وله تآليف مفيدة بديعة سارت بها لعزتها الركبان واشتدت إليها لنفاستها رغبة القاصي والدان فمنها رحلته التي ذكر فيها سياحته للمشرق والمغرب وذكر من لقي فيها من الأعيان وجرت فيه المذاكرة بينهم وما يتنزه الطرف فيه ويتعجب ومنها حاشيته على الخرشي مع الزرقاني زحاشيته على السعد وحاشيته على المكودي وشرح مقامات الحريرية وشرح الشمقمقية وشرح حلله السندسية وكتاب التأسيس وكتاب درء الشقاوة وغير ذلك توفي رحمه الله تعالى ورضي عنه ونفعنا ببركاته عام ثمان وثلاثين ومائتين وألف (1238) وقد جاوز التسعين وصلى عليه ألف وخمسمائة نفس بتحرير من حضر جلهم حملة قرآن وعلماء واشراف وكان إمام الجميع تلميذه سيدي احمد الدائح رحمه الله ودفن بمعسكر على شاطئ النهر الفاصل بين داخل البلد وقريته بابا علي وعليه بناء مشهور أهـ. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.

ثانيا: ما كُتب عنه في العصر الحديث

- يقول عنه الدكتور عبد الحق زريوخ " هو أبو راس احمد بن ناصر الراشدي العلامة المحقق و البحر الجامع المتدفق اللافظ بل هو ليث الدين أوثق أساس و أضوأ نبراس الإمام القدوة المتفنن " ولد بنواحي معسكر في يوم 8 صفر 1165 هـ الموافق 27 ديسمبر 1751 م و توفى رحمة الله عليه في يوم 15 شعبان 1238 هـ الموافق 27 أفريل 1823 م و دفن بمعسكر.

- أما الشيخ بن حنيفة العابدين المعسكري فيقول في محاضرة له بعنوان "قطوف من حياة أبي راس الناصري" أن ولادته كانت سنة 1150هـ ويعتمد في هذا القول على كتاب يُعزي أنه قد أُلُّف بعده بوقت قصير وهو « القول الأحوط في بيان ما تداول من العلوم والكتب بالمغربين الأقصى والأوسط».

- أما الأستاذة سميرة أنساعد فتقول عن مولده "إذ كان مولده سنة 1150 هـ /1757م قرب جبل كرسوط بالغرب الجزائري ثم نشأ و عاش فقيرا، توفيت أمه ثم أبوه فكفله بعدهما أخوه الأكبر الذي سافر إلى معسكر و هناك حفظ أبي راس الناصري القرأن الكريم و تعلم الأحكام ثم الفقه فكان له أن درس منذ صغره في مازونة كتاب مختصر خليل المغربي و أشتهر بذلك ثم تولى القضاء في قرية غريس قرب معسكر، ثم رجع إليها أي معسكر ليزاول التعليم مدة ست وثلاثين سنة متتالية ".

لم تكن حياته تخلو من المغامرة و الدسائس، حيث رمي من قبل خصومه الحاسدين بالمشاركة في ثورة درقاوة ضد الأتراك 1217 هـ/1802 م خاصة وأنه كان مقرب من الحاكم التركي حينها، مما جعله يهرب إلى الجبال، حتى أنطفئت نار الغضب، فعاد إلى معسكر و ألف كتاب بعنوان " درء الشقاوة في حرب درقاوة ".

رحلاته:

عرف أبي راس الناصري بكثرة رحلاته إلى الأمصار مقلدا بذلك السابقين من العلماء، حيث تقول الأستاذة سميرة أنساعد "لم يكتفي أبو رأس الناصري بالتنقل بين مدن الغرب الجزائري فحسب بل تنقل إلى مدينة الجزائر فقسنطينة، ثم تونس و مصر و الحجاز ثم الشام و فلسطين و كان بدء سفره إلى المشرق سنة 1204هـ و عرف أبوراس الناصري في هذه البلدان بعلمه الواسع و كثرة حفظه، حتى لقب في مصر بشيخ الإسلام و صار عند المصريين شهيرا بعد امتحانهم له " و في نفس المنوال يقول عنه الدكتور عبد الحق زريوخ "...ثمّ ركب البحر إلى مصر، ولقي بها أهل العلم والأدب، منهم الشّيخ مرتضى الذي روى عنه أوائل "الصّحيحين"، و"رسالة القشيري" في التصوّف، و"مختصر العين"، و"مختصر الكنز الراقي" كما لقي الشيخ عصمان الحنبلي الذي قرأ عليه المذهب الحنبلي ..‏.




ثمّ رحل إلى مكّة، واجتمع بعلمائها وفقهائها، كالعلامة عبد الملك الحنفي المفتي الشّامي القلعي (ت 1229هـ) الذي أخذ عنه بعضاً من الحديث، ونبذة من "الكنز"، وشيئاً من التفسير و مثل مفتي الشّافعية عبد الغني، ومفتي المالكية الحسين المغربي الذي جالسه طويلاً، كما اجتمع، بمكّة، بالشّيخ العارف المشارك عبد الرّحمن التّادلي المغربي، وقرأ عليه شرح العارف بالله ابن عبّاد على "الحكم" ثمّ طوّف بالمدينة المشرّفة، وكان له بها مناظرات وأبحاث مع علمائها ويبدو أنّ هذه الرِّحلة كانت رحلة روحية، لأنّ أبا راس وجد الفرصة في زيارة ضريح المصطفى صلى الله عليه وسلم، وضريحي صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقبور الصّحابة بالبقيع.‏

ثمّ رحل إلى الشّام، وتحدّث إلى علمائها في مسألة من "الحبس" نصّ عليها الشّيخ أبو زكريا ابن الحطّاب (ت 995هـ) ونهاية، رجعوا إلى رأيه ووافقوه بعد الدّليل القاطع، بل جمعوا له مالاً كثيراً عندما أراد السّفر تكريماً له وتعظيماً، وبعد ذلك، دخل "الرّملة" إحدى مدن فلسطين، ولقي مفتِيها وعلماءَها، وكان بينهم مفاوضات حول "الدّخان" و"القهوة"، فأجابهم بما ذكره نصّ أبي السّعود (ت 951هـ)، فأكرموا وِفادته، وبعدها، رحل إلى غزّة فزار قبر هاشم ثالث آباء النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ولقي علماءها وأعيانها، فأكرموا ضيافته وكان بينه، كعادته، وبينهم مناظرات في مسائل مختلفة، اعترفوا له بها بالفضل وسعة العلم، إلاّ أنّه لم يجد عالماً واحداً يعوِّل عليه كما يذكرعندما غادر إلى العريش.‏ "

كما تتلمذ على كثير من العلماء و الفقهاء في عصره، فنهل من علمهم و ارتوى من مشربهم حيث يقول عن نفسه، أن أول من تتلمذ على يده والده الشيخ أحمد الذي قرأ عليه شيئا من سورة البقرة، ثم الشيخ علي التلاوي والشيخ منصور الضراري والشيخ علي بن شنين وكثيرا من العلماء و المشايخ كما تذكر كتب التاريخ التي تروي حياته مما قوى علمه وأنمى معارفه فكان بذلك من كبار علماء معسكر، كما تذكر هذه الكتب أيضا أنه تتلمذ على يده الكثير من فقهاء معسكر في المدرسة التي كانت تسمى المدرسة المحمدية، التي كان بها أكثر من سبعة مائة طالب في زمن كانت معسكر تسمى فيه مصر الصغرى على عكس ما توصف به معسكر اليوم من قبل أناس لا يعرفون عنها إلا الاسم فقط.

مؤلفاته:



ترك أبي راس الناصري مؤلفات و كتب كثيرة تتجاوز أو تفوق المائة كتاب في الفقه و التاريخ ، سنذكر من أشهرها حسب تصنيف الدكتور عبد الحق زريوخ وفق المواضيع المدروسة :

أولاً ـ القرآن:‏

1."مجمع البحرين، ومطلع البدرين، بفتح الجليل، للعبد الذّليل، في التّيسير إلى علم التّفسير"، في ثلاثة أسفار.‏
2."تقييد على الخرّاز و"الدّرر اللّوامع" و"الطِّراز".‏

ثانياً ـ الحديث:‏

1. "الآيات البيِّنات، في شرح دلائل الخيرات"‏
2. "مفاتيح الجنّة وأسناها، في الأحاديث التي اختلف العلماء في معناها".‏
3. "السّيف المنتضى، فيما رويت بأسانيد الشّيخ مرتضى".‏

ثالثاً ـ الفقه:‏

1."درّة عقد الحواشي، على جيد شرحي الزّرقاني والخراشي" في ستّة أسفار.‏
2."الأحكام الجوازل، في نُبذ من النّوازل".‏
3."نظم عجيب في فروع، قليل نصّها مع كثرة الوقوع".‏
4."الكوكب الدّرّي، في الرّدّ بالجدري".‏
5."النّبذة المنيفة، في ترتيب فقه أبي حنيفة".‏
6."المدارك في ترتيب فقه الإمام مالك".‏

رابعاًـ النّحو:‏

1."الدرّة اليتيمة التي لا يبلغ لها قيمة".‏
2."النكت الوفية، بشرح المكودي على الألفية".‏
3."عماد الزّهّاد، في إعراب: كلا شيء وجئت بلا زاد".‏
4."نفي الخصاصة في إحصاء تراجم الخلاصة".‏

خامساًـ المذاهب:‏

1."رحمة الأمّة في اختلاف الأئمّة".‏
2."تشنيف الأسماع، في مسائل الإجماع".‏
3."جزيل المواهب، في اختلاف الأربعة المذاهب".‏
4."قاصي الوهاد، في مقدِّمة الاجتهاد".‏

سادساً ـ التّوحيد والتّصوّف:‏

1."الزّهر الأكم، في شرح الحكم"(27).‏
2."الحاوي لنبذ من التّوحيد والتصوف والأولياء والفتاوى".‏
3."كفاية المعتقد، ونكاية المنتقد" على شرح الكبرى للشّيخ السّنوسي.‏
4."شرح العقد النّفيس، في ذكر الأعيان من أولياء غريس".‏
5."التّشوّف إلى مذهب التّصوّف".‏

سابعاًـ التاريخ:‏

1."زهرة الشّماريخ في علم التاريخ
2."المنى والسّول، من أوّل الخليقة إلى بعثة الرّسول".‏
3."درّ السّحابة، فيمن دخل المغرب من الصّحابة
4."درّ الشّقاوة في حروب درقاوة".‏
5."المعالم الدّالّة على الفرق الضّالّة".‏
6."الوسائل إلى معرفة القبائل".‏
7."الحلل السّندسية فيما جرى بالعدوة الأندلسية".‏
8."روضة السّلوان المؤلّفة بمرسى تيطوان.‏
9. "ذيل القرطاس في ملوك بني وطّاس".‏
10. "مروج الذّهب في نبذة من النّسب، ومن انتمى إلى الشّرف وذهب".‏
11. "الخبر المعلوم في كلّ من اخترع نوعاً من أنواع العلوم".‏
12. "تاريخ جربة".‏
13."عجائب الأسفار، ولطائف الأخبار"، والمسمّى أيضاً "غريب الأخبار عمّا كان في وهران والأندلس مع الكفار

ثامناًـ اللّغة:‏

1."ضياء القابوس على كتاب القاموس".‏
2."رفيع الأثمان في لغة الولائم الثِّمان".‏

تاسعاًـ البيان:‏

"نيل الأماني على مختصر سعد الدين التّفتازاني".‏

عاشراًـ المنطق:‏

"القول المسلّم في شرح السّلم"، وهو شرح على سلم الأخضري.‏

حادي عشرـ الأصول:‏

"شرح المحلَّى".‏

ثاني عشرـ العروض:‏

"شرح مشكاة الأنوار، التي يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسَسْه نار".‏

ثالث عشرـ الشّروح الأدبية:‏

1.شرح المقامات:‏

1."النّزهة الأميرية في شرح المقامات الحريرية".‏
2."الحلل الحريرية في شرح المقامات الحريرية".‏

2.شرح القصائد:‏

1. "البشائر والإسعاد، في رح بانت سعاد".‏
2. "نيل الأرب في شرح لامية العرب".‏
3. "كل الصّيد في جوف الفرا".‏
4. "إزالة الوجم عن قصيدة لامية العجم".‏
5. "الوصيد في شرح سلوانية الصّيد".‏
6. "الدّرّة الأنيقة في شرح العقيقة.‏
7. "طراز شرح المرداسي لقصيدة المنداسي".‏
8. "الحلّة السّعدية في شرح القصيدة السّعيدية".‏
9. "الجُمان في شرح قصيدة أبي عثمان".‏
10. "نظم الأديب الحسيب، الجامع بين المدح والنّسيب والتّشبيب
11. "الرِّياض المرضية في شرح الغوثية".‏
12. "لبّ أفياخي في عدّة أشياخي".‏
13. "حلّتي ونحلتي في تعدّد رحلتي".‏
14. "الفوائد المخبتة في الأجوبة المُسكتة".‏

مصادر الترجمة:

1) "تعريف الخلف برجال السلف" لسيدي أبي القاسم الحفناوي - الجزء الثاني/ مطبعة بيير فونتانة الشرقية في الجزائر/ 1906م.
2) "أبو راس الناصري الجزائري و مؤلفاته" للدكتور عبد الحق زريوخ.
3) "قطوف من حياة أبي راس الناصري" للشيخ بن حنيفة العابدين المعسكري الجزائري.
4) "صورة المشرق العربي من خلال رحلات الجزائريين في العهد العثماني" للأستاذة سميرة أنساعد.
تكملة الموضوع

ترجمة الإمام أبو عبد الله محمد المقري التلمساني (صاحب القواعد).



المقري ( .. – 759هـ)
(.. – 1359م)

محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن، القرشي المقري التلمساني، أبو عبد الله: باحث أديب، قاض، من أكابر المذهب المالكي في وقته، وشيخ لسان الدين ابن الخطيب وعبد الرحمن بن خلدون.

ولد ونشأ بتلمسان، وتعلم بها وبتونس والمغرب ورحل إلى المشرق، وحج، فأخذ عن علماء مصر ومكة والمدينة ودمشق وبيت المقدس وعاد إلى بلده، ثم دخل المغرب وعبر إلى الأندلس، وانتهت به الرحلة إلى غرناطة وعاد، فانقطع للإقراء وخدمة العلم.

ولمّا وليَّ أبو عنان المريني سنة 749هـ، استتب أمره بعد وفاة أبيه (سنة 752هـ) ولاّه قضاء الجماعة في فاس (( فاستقل بذلك أعظم الاستقلال، وأنفذ الحق، وألان الكلمة، وآثر التسديد، وحمَل الكَلّ، وخفض الجناح، فحسنت عنه القالة، وأحبته الخاصة والعامة)) وبنى له أبو عنان (( المدرسة المتوكلية)) الشهيرة بالطالعة الكبرى.

ثم اعتزل القضاء، ورحل إلى الأندلس في مهمة كُلّف بها (جمادي الثانية 756هـ) ولما أنهى مهمته (( أراد التخلي إلى ربه)) فوشي به إلى أبو عنان، فنقم عليه، وسعى العلماء إليه، فزالت نقمته وعفا عنه، فعاد إلى فاس، فتوفي في السنة نفسها، ثم نقلت رفاته - بعد سنة- إلى تلمسان مقر أسلافة...

ولإبن مرزوق الحفيد كتاب في سيرته سماه (( النور البدري في التعريف بالمقري))، وللونشريسي كتاب في سيرته أيضا.



من آثاره ((القواعد)) اشتمل على 1200 قاعدة، قال الونشريسي في حقه (( إنه كتاب غزير العلم، كثير الفوائد، لم يسبق إلى مثله، بيد أنه يفتقر على عالم فتاح)) و(( الطرف والتحف)) و((عمل من طب لمن حب)) و(( المحاضرات)) و(( شرح لغة قصائد المغربي الخطيب)) و((إقامة المريد)) و((رحلة المتبتل)) و(( الحقائق والرقائق)) و(( شرح التسهيل)) و((النظائر)) و(( المحرك لدعاوى الشر من أبي عنان)) و(( اختصار المحصل)) لم يكمله، و(( شرح جمل الخونجي)) لم يكمله أيضا وله نظم جيّد أورد ابن الخطيب نماذج منه في كتاب الإحاطة.

مصدرالترجمة:

معجم أعلام الجزائر لعادل نويهض / الطبعة الثانية - 1980م/ ص:(312-313).
تكملة الموضوع

حمل كتاب أخبار ملوك بني عبيد وسيرتهم لابن حماد الصنهاجي



- كتاب: أخبار ملوك بني عبيد وسيرتهم.
- تصنيف: المحدث الأديب المؤرخ أبي عبد الله محمد بن علي بن حماد الصنهاجي.
- تحقيق ودراسة: دكتور التهامي نقرة ودكتورعبد الحليم عويس.
- طبعة: دار الصحوة - ج.مصر العربية.

1- تعريف بالمصنف والكتاب:

مؤلف هذا الكتاب هو من المؤرخين الجزائريين الذين عاشوا عقيب سقوط دولة بني حماد التي انفصلت عن بني زيري، وحكمت المغرب الأوسط (الجزائر) خلال فترة تقرب من نصف قرن (405-542هـ) .. وإلى حكام هذه الدولة الأشاوس ينتسب مؤلف هذا الكتاب، ومن مجده يأخذ بعض مجده وإلى عاصمتها الأولى (قلعة بني حماد) يعود أصله.
وكانت دولة بني حماد قد خلفت تراثا حضاريا مزدهرا في عاصمتها (بجاية) التي نافست القيروان، بل قامت مقامها بعد أن دمرها أعراب بني هلال وبني سليم، فأصبحت (بجاية) الحاضرة الكبرى بالمغرب العربي، وبجاية بخاصة، وما أورده أبو العباس الغبريني في كتابة (عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية) إذ أنه بعد أن أورد عشرات العلماء قبيل القرن السابع .. اعتذر بأنه لا يستطيع أن يستمر في حصرهم - لكثرتهم- وحيث إن شرط الكتاب (وهو القرن السابع) لا يشملهم.
وفي ظلال هذا المجد الحمادي، وفي دولة الموحدين التي ورثت هذا المجد وحكمت المغرب العربي الإسلامي كله من منتصف القرن السادس حتى منتصف القرن السابع – عاش صاحبنا أبو عبد الله محمد بن علي بن حماد بن عيسى بن أبو بكر الصنهاجي العلامة المحدث الأديب المؤرخ.
وقد ترجم لأبي عبد الله كثيرون في القديم والحديث، فممن ترجم له أبو العباس الغبريني (ت714) في كتاب الآنف الذكر (عنوان الدراية)، كما ترجم له لسان الدين بن الخطيب (776هـ) في أمال الأعلام (الجزء الثالث)، ولا مارى في المكتبة الصقلية، والكتاني في فهرس الفهارس (الجزء الثاني) ومحمد بن مخلوف في ( الشجرة الزكية في طبقات المالكية)، وعبد القادر بن سودة في (دليل مؤرخ المغرب الأقصى)، وخير الدين الزركلي في (الأعلام) وعمر رضا كحالة في (معجم المؤلفين).
ولا تضيف التراجم اللاحقة في ترجمته على أبي العباس الغبريني كثيرا إذ أن أبا العباس الغبريني كان من معاصري ابي عبد الله ابن حماد في المكان والزمان، ولذا كان أبصر، وعلى الترجمة الصادقة له اقدر.

2- ترجمة المصنف:



قال الغربيني في ترجمة ابن حماد في كتابه (عنوان الدراية) ما نصه:

55- أبو عبد الله محمد بن علي بن حماد بن عيسى بن أبي بكر الصنهاجي (628هـ =1231م).

((ومنهم، الشيخ الأجل، الفقيه الرئيس الأكمل، العالم الأوحد، أبو عبد الله محمد بن علي بن حماد بن أبي عيسى بن أبي بكر الصنهاجي أصله من قرية تعرف "بحمزة" من حوز قلعة بني حماد، وهو من أهل قلعة بني حماد، من كبراء الأئمة وفضلائهم، قرأ ببلده بالقلعة وكانت حاضرة علم، وقرأ ببجاية ولقي بها جلة منهم الشيخ أبو مدين رضي الله عنه.

قال: في "برنامجه" إنه سمع عليه كتاب "المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" من فاتحته قراءة تفقه، قال: فأول مجلس حضرته عليه أردت أن أقيد ما يقوله على الكتاب، قال: فمشيت إلى داري وقيدت ما علق بخاطري من كلامه، فلما كان من الغد ووقع الحضور للدرس، كان أول ما افتتح به الشيخ كلامه أن قال: أنا لا أريد أن يقيد علي شيء مما أقوله على هذا الكتاب، أو كلاما ما هذا معناه، فكانت تلك إحدى كراماته رضي الله عنه التي شاهدتها منه، فأمسكت عن التقييد، قال: وكان ذلك بداره ببجاية سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. ومنهم القاضي المحدث العالم أبو محمد عبد الحق الأزدي الاشبيلي، روى عنه مباشرة ببجاية كتاب "الموطأ" وغيره من الكتب، وروى عنه بواسطة عن الأستاذ أبي ذر مصعب بن محمد عنه، وهذا مما يدل على فضله، فان المألوف أن الإنسان إذا شارك في الشيخ لا يروى عنه بواسطة، غير أن هذا إنما هو من رعونات النفس، والحق أن الإنسان كيف ما وجد الفائدة تلقاها.

ومنهم القاضي الإمام أبو علي المسيلي، ومنهم القاضي ميمون بن جبارة وأبو العباس ابن مبشر، ولقي غير هؤلاء بالقلعة والجزائر وتلمسان وغيرها من بلاد المغرب.

ومن جملة من أخذ عنه، القاضي العالم أبو عبد الله محمد بن عبد الحق بن سليمان التلمساني وغير هؤلاء من صدور العلماء، ورأيت له "برنامجا" ذكر فيه شيوخه ومقرؤاته من الكتب يشتمل على مائتين كتابا واثنين وعشرين كتابا، كلها مسندة إلى مؤلفيها مذكور السند فيها، وما رأيت برنامجا أحسن منه، لأن أكثر البرنامجات تقع فيها الإحالات، أما في الكل أو في البعض، إلا هذا البرنامج، فإنه ما أحال فيه على كتاب أصلا، وذكر فيه إنه لخص كتاب الطبري، يعني تاريخه وكل من روى عنه فما هو إلا من الجلة الأعلام، واشتهر عنه رحمه الله من التحصيل والعلم أكثر مما اشتمل عليه برنامجه، والذي يدل عليه برنامجه من علومه، هو علم القرآن العزيز وعلم الحديث وعلم الأصول وعلم النحو وعلم الأدب والتاريخ وعلوم الرقائق والأذكار، وكان له في كل فن من هذه الفنون حظ وافر وعلم ماهر.

ولي قضاء الجزائر الخضراء ثم صرف عنها وولي قضاء "سلا" سنة ثلاث عشر وستمائة.
وله تآليف، منها كتاب "الإعلام بفوائد الأحكام" لعبد الحق الاشبيلي، وشرح "مقصورة ابن دريد" وله تاريخ سماه "بالنبذ المحتاجة في أخبار صنهاجة بافريقية وبجاية" وتوفي سنة ثمان وعشرين وستمائة، وقال ابن زيتون في عشر الأربعين وستمائة، وكان ينيف على الثمانين، رحمه الله. ويتصل إسنادي عنه من طريق الفقيه أبي عبد الله الخطيب عن أبي محمد بن برطلة عنه)).أهـ

رابط التحميل

هنـــــــــا
تكملة الموضوع

حمل مخطوط منظومة إضاءة الدجنة للإمام المقري التلمساني



بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

- مخطوط منظومة إضاءة الدجنة للإمام العلامة الأديب شهاب الدين أبي العباس أحمد بن محمد الْمَقَّرِيُّ التلمساني (992-1041هـ) "صاحب موسوعة نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب"، وهي منظومة ألفها رضي الله عنه في تبيين عقيدة أهل السنة وتعتبر من المنظومات المعتمدة لدى المدرسة الأشعرية المالكية ولها شروح عديدة لعل أشهرها شرح العلامة عبد الغني النابلسي رضي الله عنه التي وسمها بـ (رائحة الجنة في شرح إضاءة الدُجُنة).

وكلمة الدُّجْنَةُ: تعني السوادُ والظُّلْمةُ والجمع : دُجَنٌ.
راجع كتاب المعجم الوسيط.

جاء في أولها:

يقول أحمد الفقير المقري * المغربي المالكي الأشعري
الحمد لله الذي توحيده * أجل ما اعتنى به عبيده
العالم الحي القديم الباقي * القادر الغني بالإطلاق
مرشدنا من فضله وجوده * بصنعه المعرب عن وجوده
سبحانه جل عن النظائر * وكلما يخطر في الضمائر



و آخرها:

وههنا نظم العقيدة انتهى * مبلغا لمن وعاه ما اشتهى
وفأعدها بنصف ألف * والرمز بالجمل فيه ألف
وكان إتمامي له في بالقاهرة * وفيه تاريخ حلاه ظاهره
وارتجي من مانح العطايا * سبحانه الغفران للخطايا
بجاه نبراس الهدى الوهاج * احمد من ارشد للمنهاج
كنز البرايا الهاشمي العربي * منيلهم ما أملو من ارب
عليه مع آل وأصحاب علوا * قدرا وإتباع بإحسان تلوا
أزكى تحيات وأسمى وأتم * يزكو بها مبتدأ ومختتم



مصدر المخطوطة: مكتبة الأزهر الشريف تحت رقم 331424– ج.مصر العربية.

رابط التحميل

هنـــا
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |