من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة سيدي عبد القادر بن محمد المكنى سيدي الشيخ







مولده و تعليمه:

ولد رضي الله عنه بضواحي الشلالة الظهرانية سنة 940 هـ إحدى أهم وأقدم مدن الجنوب الغربي في الجزائر "البيض حاليا" ووالده الفقيه الآجل سيدي محمد بن سليمان بن بوسماحة دفين الشلالة درس القرآن وأتقن حفظه وسافر في بداية أمره إلى قورارة وحط الرحال بقصر أولاد سعيد بولاية أدرار وذكر الفقيه أحمد بن أبي بكر السكوني في كتابه" تقوى إيمان المحبين" في مناقب سيدي عبد القادر بن محمد ولما نزل بقصر أولاد سعيد صادف نزوله ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان فطلب منه أن صلي بهم تلك الليلة فصلى بهم وختم القرآن في ركعتين ثم انتقل بعدها إلى فقيق بالمغرب الأقصى فأخذ بها عن سيدي محمد بن عبد الجبار بن احمد وارتحل إلى فاس وأخذ عن العلامة سيدي عبد القادر القاضي العلوم الشرعية واللغة ثم أخذ عن قطب زمانه العالم الشهير أبي عبد الله سيدي محمد بن عبد الرحمان السهلي المتوفي سنة 990 هـ.

حيث خلد ذلك في منظومته الياقوتة بقوله:

* فعنه أخذنا أعني عن قمر الدجى ورثنا طريق القوم دون استرابة

وكان رحمه الله أقرب تلاميذ الشيخ بن عبد الرحمان السهلي فقال فيه شيخه أفضلكم عبد القادر وأخبره بأنه يولد له ثمانية عشرا ولدا وكان له ذلك وقد وصفه السكوني أنه كان جميل الصفـات شريف الأخلاق ،كامل الأدب ،كثير التواضع ومجاب الدعوى ظاهر الكرامات وكان له رحمـه الله علاقـة وطيـدة بعلمـاء عصـره في مختلف الأماكـن التي زارهـا وأخذ عن علمائها أساسها المحبة لله تعالى أما جده سيدي سليمان بن بوسماحة فقد خلق من الأولاد سيدي احمد المجدوب ببلدية عسلة وسيدي عبد الله ببني ونيف وسيدي التومي المكنى بالقناديل بالأبيض سيدي الشيخ ولالا صفية بتيوت دائرة العين الصفراء وآيت بوسماحة الذي انتقل إلى المغرب والآن يسمى آيت بوسماحة بقبائل البرابر وسيدي محمد بن سليمان بالشلالة أبو سيدي عبد القادر بن محمد والذي افردته بهذه الترجمة لما له من المكانة الخاصة والتبجيل والاحترام بين الناس.

تأسيس زاويته بالعباد بالمغرب الأقصى:

أسس زاويته بالعباد بالمغرب الأقصى شعارها "إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا فكانت محج الزائرين وإيواء الفقراء والمساكين بين العباد والأوتاد ذاع صيتها في الآفاق وعمت بركتها جميع أنحاء المعمورة قائمة على تعليم كتاب الله وإحياء سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
القائل : خيركم من تعلم القرآن وعلمه.

طريقتــه الصوفيـــة:

له طريقة في التصوف تعرف بالطريقة الشيخية المنبثقة من الطريقة الشاذلية نسبة إلى أبي الحسن الشاذلي إمام العارفين وقدوة السالكين نفعنا الله ببركته ولها أتبــاع بالجزائــر وجميــع دول المغرب العربي.

عبادتــه بالخلــوات:

انقطع للعبادة والخلوة مدة من الزمن عابدا في الخلوات قائما ليله صائما نهاره لا يفتر طرفة عين عن ذكر الله لقوله تعالى (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا) ولمـا ســأل في ذلك قال (عبدت مائة خلوة وخلوة وماديت الفايدة حتي اعطيت المايدة

منظومتــه الياقوتــة:

له منظومة في التصوف تعرف بالياقوتة ذكر فيها مشايخ الطريقة فهي نصح لدين الله ثم رسولـه ولعامة المسلمين طبعت منها عدة نسخ وأحسن مطبوع مطبعة الأغواط عمالة الواحات سابقا علـى نفقة الشريف بن سيد الحاج بن عامر مولاي عبد الله النور ومن الشراح لهذه المنظومــة الشريف الإدريسي مولاي احمد ببلاد التوات ويوجد مخطوط لشرحها بخزانة سيـدي محمــد التواتي تحت يد أبنائه وقد اطلعت على مخطوط لشرحها للسيد الفاضل أمد الله في عمره سي عبد الله طواهريـة أستاذ بجامعة أدرار وله كذلك تذكرة الخلان وكذا سلوة الأحزان في مناقب سيـدي الشيــــخ فهو موسوعة بحث في تاريخ أسلافـه أنـار الله بصيرته وألهمه خزائن أسراره لإحياء طريقـة أسلافه.

كــرامــاتــه:

ظهرت كراماته للعيان منها كرامة عبد الله المراكشي وكذا انجلاء بصر المقدم محمد بن علي بن كبار الذي نظم قصيدة متوسلا فيها بالله وبكرامة سيد الشيخ بإجلاء بصره فرد الله عليه بصـره (ولله الأمر من قبل ومن بعد ) وقد خص الله سبحانه وتعالى أحبابه وأوليائه بقبول الإجابة مصداقا لقوله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني) نسأل الله تعالى أن يرزقنا محبة أوليائه وأهل بيته الطاهرين وعليه فقد اقتصرت على ذكر كرامتين من كراماته رضي الله عنه نظرا لتعدادها وحيث لا يتسع المقام لذكر كراماته كلها.

وفـــاتــه:

لما حضرته الوفاة طلب حضور أبنائه من جميع أصقاع المعمورة ودعا لهم بالخير والصلاح وأسند الولاية للقطب الشيخ سيد الحاج بحوص ووارث سره فقد خلف من الأبنـاء ثمـانيـة عشرة ولدا كبيرهم سيدي الحاج بن الشيخ وصغيرهم سيد احمد المازوزي نفعنا الله بالجميـع بجاه النبي الشفيع ، أما تاريخ وفاته فكان يوم 18/05/1616 عن عمـر يناهـز الخامسـة والثمانون سنة بالمكان المسمى مقام سيد الشيخ ببلدبة استيتن وسافروا بجثمانه إلى الأبيض سيدي الشيخ البلدة المسماة باسمه حاليا وأقيمت له قبة فهي مكان للزيارة والتبــرك وأثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر هدم ضريحه ونقلت رفاته إلى الثكنة العسكرية بمدينة البيض وذلك سنة 1881 من طرف الضابط الفرنسي نقري انتقاما لثورة الشيخ بوعمامة كما اشتدت موجة الغضب في القبائل المؤيدة لسيدي الشيخ ومقاديم الزوايا أرادت السلطات الفرنسية إخماد موجة الغضب هذه برجوع جثمانه إلى مكانه الأصلي بفرعة سيدي الشيـخ وقد بنى الشيــخ بوعمامة ضريحه من جديد ومن حينها فهو قبلة للزوار من جميع أنحاء القطر وأثناء تهديم الضريح قال في ذلك الشاعر محمد بلخير : هدموا قنطاس الهمة ولوقار ولا بقى حد من السادات محروم * ليانك من لبيض فرحة وتبشار الشيخ تبنى ولا مازال مهدوم.

جهــــاده:

كان رحمه الله رافعا للواء الجهاد في وجه الكفر والطغيان في الحروب الأسبانية التي دارت راحاها بين الأسبان والمسلمين في مدينة وهران وأبلى فيها البلاء الحسن وجرح في أثنائها عدة جروح كانت سببا في وفاته وقد أخفاها عن الناس إلا عن زوجته التي كانت تقوم بتمريضه ومعالجة جراحه

الزوايا المتفرعة عن الزاوية المركزية لسيدي الشيخ:

زاوية سيد الحاج الدين ببلدية بريزينة كان لها السبق في عقد لواء الجهاد لثورة أولاد سيــد الشيخ بقيادة سليمان بن حمزة سنة 1864 وكذلك قادة ثورة التحرير المباركة بناحية البيـض والقائمون عليها

هم الســادة :

فتاتي بوبكر بن الحاج احمد وفتاتي الطيب بن الحاج الدين وفتاتي حمزة بن محمد فهي مأوى للفقراء وإطعام المساكين وعابري السبيل وبها مدرسة لتعليم القرآن الكريم زاوية متليلي الشعانبة لمؤسسها سيد الحاج احمد بن بحوص دفيم متليلي بالهضبة المطلة على زاويته بشعبة سيد الشيخ وله قبة تزار ه*** والقائم عليها نجله سيدي عبد القادر بن الحاج احمد أطــال الله عمره وبها مدرسة لتعليم القرآن الكريم زاوية عين السخونة بولاية سعيدة لمؤسسها زوي الحاج محمد دفين السخونة وبها مدرسـة لتعليـم القرآن والقائم عليها ابنه الحاج المختار وأبنائه وبها قبة لسيد الحاج محمد المعروف بمـول السخونة قبلة للزوار وكذا ضريح ابنه الحاج عبد القادر الرجل التقي صاحب الكرامات قدس الله سره ونفعنــا ببركتـــه زاوية الموحدي ببلدية الشقيق ولاية البيض والقائم عليها الزوي سي حكوم جزاه الله خيرا لإحيـاء طريقة إبائه زاوية عسلة لمؤسسها سيدي محمد بن يمنة بدائرة شروين ولاية أدرار بالمكان المسمى تبــو أين أسس هذه الزاوية ثم انتقل بها إلى بلدية عسلة بولاية النعامة المكان الذي توفي به رحمه الله ودفن بمقبرة سيدي احمد المجدوب فهو مقصد الزائرين للتبرك به والقائم على الزاوية حاليا إخوته سي الناصر وسي المبروك قوى الله عزيمتهم وزادهم من فضله إنــه لا يضيع أجر المحسنين زاوية سي محمد الطيب بالأبيض سيدي الشيخ بمدخل المدينة وبها مدرسة لتعليم القرآن وإيــواء الطلبة من جميع أنحاء القطر فهو مشروع خيري أرجو أن يوفقه الله لإتمامه ونحن بصدد التعريف لهذه الزوايا المتفرعة عن الزاوية المركزية لزاوية سيدي الشيـخ ونظرا لوجود هذه المدرسة القرآنية ببلدية الأبيض سيدي الشيخ لابد أن نعرج على هــذا الصرح الديني لصاحبه أخونا في الله سيدي محمد الشعراوي الذي قضى زهـرة شبــابـه في مدرسة شيخنا الحاج محمد بالكبير خادما لضيوفه إلا أن استأذنه في فتح مدرسته الكائن مقرها بالقصر القديم بالأبيض سيد الشيخ فهي بحق مدرسة لتعليم النشأ كتاب الله والقاصـد لرحابها يحضى برعاية خاصة من طرف القائم عليها زاد الله من أمثاله وجعله امتدادا لطريقة شيخه الأستاذ العلامة ومنارة العلم سيدي محمد الكبير اسكنه الله فسيح جنانه ورزقنــا الله محبته ومحبة العلماء أمثاله.

تكملة الموضوع

عبد الرحمن الجشطولي



الشيخ شمس الدين محمد بن سالم الحفني ( ت 1190 هـ 1767 م ) وهو أحد أهم أعلام الصوفية في مصر إذا يعتبر من أهم رجال الطريقة الخلوتية، وعلى رغم كثرة من تناول سيرته من إخواننا المشارقة في مصر فإن أحداً منهم لم يشر إلى أثره في الجزائر فهو من أصول جزائرية.
وهذا الأثر الصوفي المهم كان عن طريق الشيخ عبد الرحمن الجشطولي مؤسس الطريقة الرحمانية , إحدى فروع الطريقة الخلوتية في المغرب العربي , وُلد الشيخ عبد الرحمن الجشطولي , الجرجري , في بلدة أيت إسماعيل ببلاد القبائل الكبرى بالجمهورية العربية الجزائرية , سنة 1130 هـ , وتلقى تعليمه في زاوية الشيخ صديق في بلدة أيت براثن , ثم ارتحل إلى مدينة الجزائر العاصمة . وفي سنة 1146 هـ خرج قاصداً بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج في رحلة طويلة جداً استغرقت سبعةً وثلاثين سنةً متصلةً ابتدأها بتوقّفٍ في العاصمة المصرية القاهرة لمدةٍ غير قصيرةٍ اجتمع خلالها بالشيخ محمد بن سالم الحفني وصحبه وتربىّ على يديه وأخذ عنه الطريقة الخلوتية , ومن القاهرة إلى الديار المقدسة حيث أدى فريضة الحج وجاور لمدةٍ وأعطى الطريقةً الخلوتيةً لمن شاء الله لهم ذلك , وواصل توغله في القارة الآسيوية ناشراً للطريقة مُعلماً ناصحاً آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر حتى بلغ الهند مروراً بإستانبول .
ورجع بعد الجهاد الطويل المكلل بالإخلاص والتوفيق في الدعوة إلى الله تعالى إلى بلده الجزائر, حيث نشر الطريقة الخلوتية التي سميت منذ أول يوم ابتدأ في نشرها فيه في الجزائر باسم الطريقة الرحمانية , ولإقبال الناس عليه وتحلقهم حوله وائتمارهم بأمره وانتهائهم بنهيه خاف الوالي التركي منه , فدبّر له مع شرذمةٍ من علماء السوء الذين لا يخلو منهم بلاط الحاكم عادةً , مؤامرةً تمثلت في إصدار فتوى فقهية ضد طريقته ولكن نور الله لا تذهبه نفخات الحاقدين والمرضى فقد انتشرت الطريقة الرحمانية في بلاد القبائل الكبرى والصغرى أيضاً وأخذ عن الشيخ عبد الرحمن خلفُ لا يحصون وبلغت الطريقة أوسع انتشارها وأسس في بلدة جرجرة بشمال الجزائر زاويةً كبيرةً اعتُبرت هي زاوية الطريقة الرحمانية الأم ومنها انتشرت هذه الطريقة المباركة في دول المغرب العربي حيث أسست لها الزوايا الكبرى بعد وفاة شيخها في قسنطينة , ونفطة في تونس وإطرابلس بليبيا .
واستمر مدد الله سبحانه , وسارت هذه الطريقة على أكمل وجه وأتمه حتى انتقل الشيخ عبد الرحمن إلى جوار الرحمن في سنة 1208 هـ الموافق 1793 م ودُفن في بلدة أيت إسماعيل بالجزائر .
واشتهر بعد موته بلقب ( بوقبرين ) وسبب هذا اللقب أن الأتراك خافوا تكاثر المريدين والقبائل حول ضريحه فنقلوا جثمانه إلى العاصمة الجزائر وأودعوه قبراً هناك ليكون الزائر له تحت سمعهم وبصرهم , فنبش رجال القبائل قبره في إيت إسماعيل فوجد كأنه دفن اليوم , فلقب بهذا اللقب .
ومن أبرز رجال الطريقة الرحمانية الشيخ محمد أمزيان الحداد شيخ زاوية صدوق الرحمانية , قائد الجهاد في شرق الجزائر سنة 1871 م ضد فرنسا وقد عمدت فرنسا على إثر انخراط كل مريدي الطريقة الرحمانية الذين قُدر عددهم بمائة ألف في حركة الجهاد واشتباكهم مع جند الإحتلال في معارك ضارية إلى إغلاق زاويتهم الرئيسة في جرجرة ثم استطاعت القبض على الشيخ الحداد وابن الشيخ عبد الرحمن الجشطولي المجاهد الكبير الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن الجشطولي حتى سنة 1875 م حيث استطاعت القوات الفرنسية تسجيل انتصارٍ عسكريًّ ساحقٍ عليهم .
تكملة الموضوع

ترجمة سيدي محمد بلقايد الشريف الحسني الإدريسي ''قدّس الله سرّه''

الولـي الذاكـر ذي النسب الزاهر سيدي محمد بلقايد الشريف الحسني الإدريسي ''قدّس الله سرّه''

يقول أحد العارفين بالله:
أسرد حديث الصالحين و سمّهم فبذكرهم تتنزّل الرحمات واغش مجالسهم تنل بركاتهم و قبورهم زرها إذا ما ماتوا ومن بين هؤلاء الصالحين الذين تتنزّل - إن شاء الله تعالى - بذكرهم الرحمات، وتعمّ الخيرات سيدي محمد بلقايد الشريف الحسني الإدريسي·
ولد - رضي الله عنه - بجوهرة الغرب الجزائري تلمسان سنة ,1911 وبها دفن في مقبرة العالم الربّاني سيدي السنوسي رضي الله عنه سنة ,1998 إثر وفاته بمدينة وهران يوم الجمعة 28 ربيع الثاني 1419 هـ الذي يوافق 21 أوت .1998


سيدي محمد بلقايد و ابنه و وارثه سيدي محمد عبد اللطيف و هو كهل قدّس الله سرهما


ويمتد نسبه الشريف إلى ياقوتة الأنام سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها، بنت الحبيب المصطفى وبضعته صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى باب مدينة العالم الخليفة الراشد سيدنا ومولانا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ورضي عنه·
ويمتد نسبه الروحي من حيث طريق القوم إلى سيدي محمد الهبري المتصل السند بمولانا العربي الدرقاوي، عن سيدنا أبي الحسن الشاذلي، عن سيدنا عبد السلام بن مشيش رضي الله عنهم وعن إخوانهم أجمعين·

ترعرع في بيت العزّ والشرف والعلم الظاهري والباطني...

فحفظ القرآن الكريم في الثالثة عشرة من عمره، وارتوى من معين علمي الشريعة والحقيقة عن طريق علماء أجلاء بحاضرة تلمسان، وعن والده وجدّه قدس الله أسرار الجميع، وكانت له، في طلب العلم جولات وسياحات روحية عبر حواضر الوطن، وبلدان المغرب والمشرق العربيين، فأجازه الكثير من المشايخ الشوامخ، وتصدى للتربية الروحية في تواضع العارفين بالله، فكان أهلا لها، وارتوى من ورده خلق كثير، إذ له أتباع في عدة جهات من المعمورة حيث طبقت شهرته الآفاق، ومن مريديه من هم ذائعو الصيت، ما زالت علومهم عن طريق مؤلفاتهم و- دروسهم المتلفزة والمذاعة - تشفي الغليل، أمثال العلاّمة الفهامة الشيخ سيدي متولي الشعراوي رضي الله عنه، الذي يظهر في الصورة المرفقة يجثو إجلالا لسيدي بلقايد، واعترافا بفضله وشكرا لله سبحانه وتعالى القائل عزّ من قائل: ''ولا تنسوا الفضل بينكم''، واقتداء بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم القائل:''من لم يشكر الناس لم يشكر الله''·

وقد أشفع الشيخ الشعراوي الفعل بالقول إذ منّ الله تعالى عليه - عقب خروجه من خلوة الشيخ بلقايد بسيدي عفيف رضي الله عنه بتلمسان - بقصيدة عصماء ستظلّ عربون وفاء، وعنوان تقدير وثناء، أبرز فيها مزايا الطريقة الهبرية وسجايا المنتسب إليها، والممثل لها سيدي محمد بلقايد عليه رضوان الله .

ويقول فيها:

نور الوجود وريُّ روح الوارد * هبرية تدنـي الوصـول لعابـد
تزهـو بسلسلـة لهـا ذهبيـة * من شاهدٍ للمصطفى عن شاهـد
طَوَّفتُ في شرق البلاد وغربها * وبحثتُ جهدي عن إمام رائـد
أشفي به ظمـأ لغيـب حقيقـة * وأهيمُ منه في جـلال مشاهـد
فهدانيَ الوهـابُ جـلّ جلالـه * حتى وجدت بتلمسان مقاصـدي
واليوم آخذُ نورها عن شيخنـا * محيِ الطريـقِ محمـد بلقايـد
ذقنا مواجيـد الحقيقـة عنـدهُ * وبه عرجنا في صفاء مصاعـد
عن شيخه الهبري درِّ كنـوزه * فاغنم لآلئـهُ وجـدّ وجاهـد
دنـدنْ بمـا لُقِّنتَـه مـن ورده * بصفاء نفـس متيّـم متواجـد
إيّاكَ من لفـتِ الفـؤادِ لغيـره * واجعل سبيلكَ واحـداً للواحـد
شاهد رسـول الله فيـه فإنّـه * إرثٌ توُورثَ ما جدا عن ماجـد
فإذا وصلتَ به لنور المصطفـى * فالمصطفـى لله أهـدى قـائـد
وهناك تكشِفُ كلّ سرّ غامـض * وتشاهد الملكوت مشهد راشـد
وإذا البصائرُ أينعـتْ ثمراتهـا * نالتْ بها الأبصارُ كـل شـوارد
لا تُلـقِ بـالاً للعـذولِ فـإنّـه * لا رأي قطُّ لفاقـد فـي واجـدِ
لو ذاقَ كانَ أحدّ منـك صبابـةً * لكنّـه الحرمـان لـجَّ بجاحـد
سر في طريقك يا مريد ولا تًعِرْ * أذناً لصيحـة منكـرٍ ومعانـد
لا يستوي عند العقولِ مجاهـدٌ * في الله قـوّامُ الدّجـى بالرّاقـد
اللهَ قلِ بحوى الهيـامِ وذرهـمُ * يتخبّطـونَ بكـل زورٍ فـاسـد
ثابر أخَيَّ علـى تجـارة رابـحٍ * واترك لحزبهمُ تجـارة كاسـد
اللهُ قصدكَ و الرّسولُ وسيلـةٌ * وخطاك خلـف محمـد بلقايـد







صورة نادرة للشيخ محمد متولي الشعراوي وسيدي محمد بلقايد قدس الله سرهما

وستظل زاويته العامرة في سيدي معروف رضي الله عنه بوهران مقصد طلاب العلم، ومجمع العلماء لاسيما بعد ازديانها بسلاسل الدروس المحمدية التي تنوّر الفضاءات الثقافية في الجزائر وفي العالم الإسلامي مشفوعة بنفحات شهر رمضان المعظم ومقرونة ببركاته وخيراته، فالحمد لله والشكر لله·

تكملة الموضوع

الشيخ محمد خضر حسين الجزائري

الشيخ محمد خضر حسين الجزائري 1293 هــ -1377 هـ
يحـفـل تـاريخـنـا الإسـلامـي في الـقـديم والحـديـث بـنـمـاذج مشرفة للعلماء الذين ضربوا المثل الأعلى في الفضل والعلم والجهاد ، وكثير من هؤلاء مغمورون ، وقليل من الناس من يعرفهم .وسـأحـاول في هـذه الـمـقـالـة عرض حياة علم من هؤلاء العلماء الأعلام، وسترى فيه أخي القارئ ، نموذجاً للصبر على العلم والتحصيل والتبليغ والجهاد والمواقف الجريئة . فما أحوجنا لأمثاله من العلماء العاملين الذين هم بحق ورثة الأنبياء .هـو: محمد الخضر حسين الذي ينتسب إلى أسرة عريقة في العلم والشرف، حيث تعود أسـرتـه إلى البيت العمري في بلدة (طولقة) جنوب الجزائر، وقد رحل والده إلى (نفطة) من بلاد الجريد بتونس بصحبة صهره (مصطفى بن عزوز)
من أفاضل علماء تونس، وخاله (محمد المكي) من كـبـار الـعـلـماء وكان موضع الإجلال في الخلافة العثمانية .وسنتتبع حياة عالمنا في مراحل ثلاثالأولى : في تونس: حيث ولد الشيخ بنفطة عام 1293 ، وعلى أرضها درج ونشأ ، وهو - كأي عالم مسلم - تبدأ حياته في أجواء البيت المسلم ، والأسرة المسلمة ، ثم أخذ العلم في نفطة وكان لا يتعدى مبادئ علوم الدين ووسائلها ، وقد ذكر أن والدته قد لقنته مع إخوانه (الكفراوي) في النحو و (السفطي) في الفقه المالكي ، وفي عام 1306 انتقل مع أسرته إلى العاصمة ، فتعلم بالابتدائي ، وحفظ القرآن مما خوله الانتظام بجامع الزيتونة فجد واجتهد وثابر على مواصلة العلم ، حتى صار مثار إعجاب أساتذته وعارفيه ، حيث درس على أستاذه (سالم أبو حاجب) صحيح البخاري ، وعنه أخذ ميوله الإصلاحية وأخذ التفسير عن أستاذيه (عمر بن الشيخ) و (محمد النجار) ، وفي عام 1316 نال شهادة (التطويع) التي تخول حاملها إلقاء الدروس في الزيتونة تطوعاً وكانت هذه الطريقة درباً للظفر بالمناصب العلمية وميداناً للخبرة والتدريب على مهنة التعليم ، فعظمت مكانته في نفوس زملائه ، وذاع صيته في البلاد حتى صار من قادة الفكر وذوي النفوذ ، وأعجب به طلبة الزيتونة وكانت الحركة الفكرية هناك في حاجة لإبراز نشرة دورية تنطق بلسانها ، ولم يكن يوجد آنذاك بتونس سوى الصحف . فقام بإنشاء مجلته (السعادة العظمى) فنالت إعجاب العلماء والأدباء وساء بعضهم صدورها لما اتسمت به من نزعة الحرية في النقد واحترام التفكير السليم ، ولتأييدها فتح باب الاجتهاد حيث قال الشيخ عنه في مقدمة العدد الأول :(.. إن دعوى أن باب الاجتهاد قد أغلق دعوى لا تسمع إلا إذا أيدها دليل يوازن في قوته الدليل الذي فتح به باب الاجتهاد) .وكان منهج المجلة كما جاء في المقدمة أيضاً يتمثل في : 1- افتتاحية لكل عدد تحث على المحافظة على مجدنا وتاريخنا .2- تعرض لعيون المباحث العلمية . 3- ما يكون مرقاة لصناعة الشعر والنثر .4- الأخلاق كيف تنحرف وبم تستقيم .5- الأسئلة والمقترحات .6- الخاتمة ومسائل شتى .وهكذا صدرت هذه المجلة فملأت فراغاً كبيراً في ميدان الثقافة الإسلامية وتسابق العلماء والكتاب للمشاركة فيها حتى أغلقها المستعمر الفرنسي حينما تعرض لهجومها عام 1322 هـ أي بعد مضي عام واحد فقط على صدورها ، فاتجهت إلى الشيخ الجمعيات الرسمية وغيرها للاشتراك في أعمالها ، ثم تولى قضاء (بنزرت) عام 1323 مع الخطابة والتدريس بجامعها ، وحدثت اشتباكات بين المواطنين والمستعمر ، فتطور الأمر ، وأعلنت الأحكام العرفية وعطلت الصحف ، وسجن أو نفي معظم ذوي الشأن من القادة والمفكرين فأصبحت كل حركة تبدو من الطلاب محمولة عليه . فنظر إليه المسؤولون شذراً ، خصوصاً بعد إضراب الطلاب عن التعليم. وفي هذا الجو المكهرب والمحبوك بالمؤامرات دفع به الضيق إلى طلب حياته الفكرية والعملية في خارج تونس ، خصوصاً وأنه من أنصار (الجامعة الإسلامية) الذين يؤمنون بخدمة الإسلام خدمة لا تضيق بها حدود الأوطان .فـقـام بـعـدة سـفـرات متوالية بادئاً بالجزائر عام 1327 لإلقاء المحاضرات والدروس فلقي ترحيباً من علمائها ، وكانت هذه الرحلة بداية جديدة شرع بعدها في إعداد نفسه وأفكاره الإصلاحية . ثم عاد إلى تونس لمزاولة التدريس . واشترك في مناظرة للتدريس من الدرجة الأولى ، فحرم من النجاح فحز ذلك في نفسه لسيطرة روح المحاباة على الحياة العلمية في بلده . وفي عام 1329 وجهت إليه تهمة بث العداء للغرب ، ولاسيما فرنسا ، فيمم وجهه صوب الشرق ، وزار كثيراً من بلدانه ، وزار خاله في الآستانة ولعل هذه الرحلة لاكتشاف أي محل منها يلقي فيه عصا الترحال . ثم عاد لتونس فلم يطب له المقام والمستعمر من ورائه.المرحلة الثانية : عدم الاستقراروصل دمشق عام 1330 مع أسرته ومن ضمنها أخواه العالمان المكي وزين العابدين ، فعين الشيخ (محمد الخضر حسين) مدرساً بالمدرسة السلطانية ، وألقى في جامع بني أمية دروساً قدّره العلماء عليها، وتوثقت بينه وبين علماء الشام الصلة وبخاصة الشيخ البيطار، والشيخ القاسمي ، ولما كانت آنذاك سكة الحديد الحجازية سالكة إلى المدينة المنورة زار المسجد النبوي عام 1331 وله في هذه الرحلة قصيدة مطلعها : أحييك والآماق ترسل مدمعاً كأني أحدو بالسلام مودعاًوفي هـذه الفـتـرة شـده الحـنـيـن إلى تـونـس الخـضـراء، فزارها وله في ديوانه ذكريات في الصفحات 26 ، 134 . وكـان الشـيـخ دائـمـاً ما يـدعـو للإخاء بـين العرب وإخوانهم الأتراك حينما بدأت النعرة القومية تفرقهم. وقد ذهب إلى الآستانة، ولـقـي وزيـر الحربية (أنور باشا) فاختير محرراً للقلم العربي هناك فعرف دخيلة الدولة، فأصيب بخيبة أمل للواقع المؤلم الذي لمسه ورآه رؤيا العين، فنجد روحه الكبيرة تتمزق وهي ترى دولة الخلافة تحتضر وقال في قصيدة (بكاء على مجد ضائع) : أدمـى فـؤادي أن أرى الـ أقـلام تـرسـف في قـيـود وأرى ســيــاسـة أمــتــي في قبضة الخصم العـنـيدوفي عام 1333 هـ أرسله (أنور باشا) إلى برلين في مهمة رسمية ، ولعلها للمشاركة في بث الدعاية في صفوف المغاربة والتونسيين داخل الجيش الفرنسي والأسرى في ألمانيا لحملهم على النضال ضد فرنسا ، أو التطوع في الحركات الجهادية . وظل هناك تسعة أشهر أتقن فيها اللغة الألمانية وقام بمهمته أحسن قيام ، وقد نقل لنا من رحلته هذه نماذج طيبة مما يحسن اقتباسه ، لما فيه من الحث على العلم والجد والسمو . نجدها مفرقة في كتبه ففي كتاب (الهداية الإسلامية) ص 155 ، 164 ، 175 ، وفي كتابه (دراسات في الشريعة) ص 135 ، ولما عاد للآستانة وجد خاله قد مات فضاقت به البلد ، وعاد إلى دمشق ، فاعتقله (جمال باشا) عام 1334 بتهمة علمه بالحركات السرية المعادية للأتراك ، ومكث في السجن سنة وأربعة أشهر برئت بعدها ساحته ، وأطلق سراحه فعاد للآستانة فأرسل في مهمة أخرى لألمانيا . ثم عاد إلى دمشق ، وتولى التدريس بثلاثة معاهد هي : (المدرسة السلطانية - المدرسة العسكرية - المدرسة العثمانية) ثم نزح عن دمشق التي أحبها حينما أصدر ضده حكم غيابي بالإعدام - لما قام به ضد فرنسا من نشاطات في رحلاته لأوربا - وذلك بعد دخول المستعمر الفرنسي إلى سورية، وكان أمله أن يعود إلى تونس، ولكن إرادة الله شاءت أن تكون مصر هي مطافه الأخير ، وبهذا تتم المرحلة الثانية .المرحلة الثالثة : مصروقد وصلها عام 1339 فوجد بها صفوة من أصدقائه الذين تعرف عليهم بدمشق ومنهم: (محب الدين الخطيب) ونظراً لمكانته العلمية والأدبية اشتغل بالكتابة والتحرير ، وكان العلامة (أحمد تيمور) من أول من قدر الشيخ في علمه وأدبه . فساعده وتوطدت العلاقة بينهما. ثم كسبته دار الكتب المصرية . مع نشاطه في الدروس والمحاضرات وقدم للأزهر ممتحناً أمام لجنة من العلماء اكتشفت آفاق علمه ، فاعجبت به أيما إعجاب فنال على أثر ذلك (العالمية) فأصبح من كبار الأساتذة في كلية (أصول الدين والتخصص) لاثنتي عشرة سنة ، وفي عام 1344 أصدر كتاب (نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم) رد فيه على الشيخ (علي عبد الرزاق) فيما افتراه على الإسلام من دعوته المشبوهة للفصل بين الدين والدولة ، وفي عام 1345 أصدر كتابه (نقض كتاب في الشعر الجاهلي) رداً على طه حسين فيما زعمه في قضية انتحال الشعر الجاهلي وما ضمنه من افتراءات ضد القرآن الكريم . وفي عام 1346 هـ شارك في تأسيس جمعية الشبان المسلمين، وفي السنة نفـسـهـا أسـس جمعية (الهداية الإسلامية) والتي كانت تهدف للقيام بما يرشد إليه الدين الحنيف من علم نافع وأدب رفيع مع السعي للتعارف بين المسلمين ونشر حقائق الإسـلام ومـقـاومـة مـفـتـريات خصومه، وصدر عنها مجلة باسمها هي لسان حالها، وفي عـام 1349 هـ صـدرت مـجـلة (نور الإسلام - الأزهر حالياً) وتولى رئاسة تحريرها فترة طويلة . وفي عام 1351 منح الجنـسـية المصرية ثـم صـار عـضـواً بالمجمع اللغوي . ثم تولى رئاسة تحرير مجلة (لواء الإسلام) مدة . وفي عام 1370 تـقـدم بطـلـب عضوية جمعية كبار العلماء فنالها ببحثه (القياس في اللغة) وفي 21/12/1371 هـ تـولـى مـشـيـخـة الأزهـر وفـي ذهـنـه رسالة طالما تمنى قيام الأزهر بها، وتحمل هذا العبء بصبر وجد وفي عهده أرسل وعاظ من الأزهر إلى السودان ولاسيما جنوبه، وكان يـصـدر رأي الإسـلام في المواقـف الحاسـمـة، وعمل على اتصال الأزهر بالمجتمع واستمر على هذا المنوال، ولما لـم يـكـن للأزهـر مـا أراد أبـى إلا الاستقالة .ولابد من ختم هذا المقالة بذكر بعض من المواقف الجريئة التي تدل على شجاعته ، وأنه لا يخشى في قول الحق لومة لائم شأنه شأن غيره من علماء السلف الذين صدعوا بالحق في وجه الطغيان في كل زمان ومكان . 1- حينما كان في تونس لم تمنعه وظيفته من القيام بواجبه في الدعوة والإصلاح بالرغم من أن الاستعمار ينيخ بكلكله على البلاد ، فقد ألقى في نادي (قدماء مدرسة الصادقية) عام 1324 محاضرته (الحرية في الإسلام) والتي قال فيها :(إن الأمة التي بليت بأفراد متوحشة تجوس خلالها ، أو حكومة جائرة تسوقها بسوط الاستبداد هي الأمة التي نصفها بصفة الاستعباد وننفي عنها لقب الحرية) .ثم بيّن حقيقتي الشورى والمساواة ، ثم تحدث عن حق الناس في حفظ الأموال والأعراض والدماء والدين وخطاب الأمراء . ثم بيّن الآثار السيئة للاستبداد وهذه المحاضرة من دراساته التي تدل على شجاعته وعلى نزعته المبكرة للحرية المسؤولة وفهمه لمنهج الإسلام فهماً راقياً سليماً .2- وفي عام 1326 عرضت عليه السلطة المستعمرة الاشتراك في المحكمة المختلطة الـتـي يكون أحد طرفيها أجنبياً . فرفض أن يكون قاضياً أو مستشاراً في ظل الاستعمار . ولخدمة مصالحه وتحت إمرة قانون لا يحكم بما أنزل الله .3- ولا أزال أذكر ما قصه علينا أستاذ أزهري كان آنذاك طالباً في أصول الدين إبان رئاسة الشيخ للأزهر ، حين دعا أحد أعضاء مجلس الثورة إلى مساواة الجنسين في الميراث ، ولما علم الشيخ بذلك اتصل بهم وأنذرهم إن لم يتراجعوا عن ما قيل فإنه سيلبس كفنه ويستنفر الشعب لزلزلة الحكومة لاعتدائها على حكم من أحكام الله ، فكان له ما أراد .أواخر حياتهواستمر الشيخ محمد الخضر حسين -رحمه الله- في أواخر حياته يلقي المحاضرات ويمد المجلات والصحف بمقالاته ودراساته الـقـيمة، بالرغم مما اعتراه من كبر السن والحاجة إلى الراحة وهذا ليس غريباً عمن عرفنا مشوار حياته المليء بالجد والاجتهاد والجهاد .وكان أمله أن يرى الأمة متحدة ومتضامنة لتكون كما أراد الله خير أمة أخرجت للناس، وحسبه أنه قدم الكثير مما لانجده عند الكثير من علماء هذا الزمان .وفي عام 1377 هـ انتقل إلي رحاب الله ، ودفن في مقبرة أصدقائه آل تيمور جزاه الله عن الإسلام خير الجزاء ، ورحمه رحمة واسعة ، وعفا الله عنا وعنه ..........................

تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |