سيدي الأخضر بن خلوف من أعلام مستغانم
مقدمة وتعريف
ركب الولي الصالح لخضر بن خلوف عادة قديمة وثقافة عريقة ضاربة بجذورها في أعماق سكان مستغانم بالغرب الجزائري مع كل ما يتطلبه ذلك من قيم دينية وروحية، فالامر يتعلق برمز ليس كبقية الرموز، له علاقة بعادات وتقاليد ورؤي وعقليات أهالي الظهرة يهدف إلي تخليد مآثر أحد أشهر أعلام المنطقة والمغرب العربي.
ويبدأ الركب بتجمع العديد من الناس يتقدمهم أحفاد الولي الصالح في مكان يعرف بحي تحديت ويتجهون إلي زاوية سيدي بلقايم ثم سيدي تغنيف واخيرا سيدي لخضر حيث يوجد ضريح لخضر بن خلوف.
وأول ما يتراءي للسائرين لحظة وصولهم إلي مقام لخضر بن خلوف نخلته الشهيرة التي تطل من الضريح، حيث أوصي بأن يدفن بالقرب منها وقد ذكر ذلك في أحد قصائده "النخلة المثبتة من بعد اليبوس حذاها يكون قبري يا مسلمين". وقد اقترن وجود هذه النخلة بمادح الرسول (صلي الله عليه وسلم)، حيث امتد جذعها كالحارس الأمين والأبدي لضريح الولي الصالح- وقد تعرضت إلي القطع خلال السنوات الأخيرة، لكنها سرعان ما عاودت الظهور ونمت من جديد.
بعد الوصول إلي المقام يجتمع أتباع هذا الولي في حلقات ذكر يتلون كتاب الله، ويتذكرون مناقب هذا الرجل الصالح الذي جمع بين الدين والدنيا، بين التصوف والجهاد، وتختتم السهرة بإحياء بوصلات غناء شعبي مستمد من الديوان الشعري للولي الصالح. واللافت في هذا الصدد أنّ القائمين علي ركبة لخضر بن خلوف أشد حرصا علي تنظيم حفلة غنائية لاشهر قصائده، يختتمها عادة المطرب معزوز بوعجاج بقصيدة الوفاة. فديوان شعر لخضر بن خلوف شكّل علي مر العصور مصدر إلهام لعشرات مطربي الغناء الشعبي في الجزائر، يمكن أن نذكر منهم قطب الاغنية الشعبية (المدرسة العاصمية) محمد العنقي، والهاشمي قروابي، وعمار الزاهي، وبوجمعة العنقيس.
كما تنظم في هذه المناسبة تنظيم ندوات ومحاضرات يشارك فيها أساتذة الجامعات وباحثون مهتمون بالتراث الشعبي وبسيرة الاولياء الصالحين في الجزائر، وهي فرصة بالنسبة لأبناء المنطقة والاجانب والجالية المقيمة بالمهجر لاكتشاف مناقب ومآثر هؤلاء.
وحسب المتخصص في شؤون التصوف والمتصوفة سعيد جاب الخير، فقد كان للطرق الصوفية تأثير كبير علي الثقافة الشعبية والفنون في الجزائر والمغرب العربي، مضيفا أن المرجعيات الصوفية من الزهاد والعارفين وشيوخ الطرق، توسلت منذ وقت مبكر بالفنون والثقافة الشعبية لتقوم بوظيفتها في نشر وتجذير خطابها الديني والروحي والاجتماعي وحتي السياسي أحيانًا في صفوف الفقراء الذين شكلوا، برأيه، الخزّان الذي لا ينضب والمحرّك الأقوي لدواليب الحركة الصوفية من خلال تركيز شيوخ الطرق عليها والتصاقهم بها في اليومي المعيش وحتّي في الشعار الذي اختاروه لأنفسهم وتسموا به (الفقراء). واستشهد الباحث بعمق التأثير الصوفي في الفنون والثقافة الشعبية الجزائرية، حيث لا يزال الجزائريون إلي يومنا هذا يستعملون في لغتهم العامية كلمات وتعابير من أمثال (بابانا، بابا سيدنا، مول الزمان، مول الساعة، مول السر، مول الحال، الوالي، القبة، الديوان، الحضرة، القناوية..الخ).
ولد لخضر بن خلوف، واسمه الحقيقي أبومحمد لكحل بن عبد الله بن خلوف المغراوي من اشهر وكبر الاولياء الصالحين في الجزائر، في حدود سنة 899 هجرية (1479 ميلادية) وتوفي في سنة 1024 هجرية الموافق ل(1585 ميلادية)، وبالتالي فقد عاش كل القرن التاسع الهجري مثلما أكده هوفي احدي قصائده، ما يعني أنه كان شاهدا علي واقعة مزغران.
ينحدر هذا الولي الصالح من قبيلة الزعافرية، عاش 125 سنة وستة أشهر، قضي الجزء الاكبر منها في بلدة مزغران، ويعتبر أحد حراس مدينة مستغانم السبعة، وهومحبوب في كل منطقة المغرب العربي بفضل اشعاره التي تخطت شهرتها حدود مسقط رأسه بل وكل الجزائر.
تزوج بن خلوف امرأة تدعي "غنو" وهي ابنة الولي الصالح سيدي عفيف شقيق سيدي يعقوب الشريف المدفون بغرب مدينة سيدي علي. وقد رزق منها ببنت اسمها حفصة، وأربعة ذكور هم (احمد، محمد، أبا القاسم، الحبيب) وهي كلها اسماء النبي عليه الصلاة والسلام، أما ابنته فاسمها حفصة.
وسمي لخضر بدلا من اسمه الاكحل، وذلك راجع إلي سنة حميدة للنبي صلي الله عليه وسلم، تقضي باتباع الفال الحسن، فالأكحل معناه الاسود ويرمز إلي الجحيم، عكس لخضر الذي هو لون الإسلام والسلام.
لم يكن بن خلوف متصوفا وحسب، لقد جاهد في صفوف جيش حسن باشا ابن خير الدّين بابا عروج في معركة مزغران الشهيرة التي وقعت في الثاني من ذوالقعدة الموافق ل22 أغسطس 1558 ميلادية. ففي هذه المعركة قضي الكونت الاسباني ألكودات وشهدت هزيمة الجيش الملكي. وقد وصف بن خلوف في إحدي قصائده الشهيرة معركة مزغران وصفا دقيقا، وشبهها بغزوة بدر الكبري.
وووفقا للروايات التاريخية فقد انطلقت الحملة الإسبانية من وهران (عاصمة الغرب الجزائري) بقيادة الكونت دالكوديت الذي جر وراءه جيشا مدججا بالأسلحة والمدفعية قوامه 12 ألف جندي، بالإضافة إلي سفن حربية راسية بخليج ارزيوتراقب الوضع عن قرب لتأمين الشريط الساحلي ولتزويد العساكر بالذخيرة والمؤن، قبل أن تعترضها السفن الجزائرية، وبعد مقاومة قصيرة استسلمت سفن الغزاة فكانت الهزيمة والغنيمة مما حفز وشجع المجاهدين الجزائريين، ونزل ذلك كالصاعقة علي الإسبان فانهارت معنوياتهم قبل الدخول في المعركة.
وحسب ما رواه مؤرخون لالراية فقد كانت معركة مزغران سباقا ضد الساعة، فالقوات الإسبانية حاولت التحرك والتقدم بسرعة لاحتلال مستغانم، والتمركز بها، قبل وصول المجاهدين الجزائريين، ووصلت فعلا إلي أبواب المدينة يوم 22 أوت 1558 فاصطدمت بمقاومة شعبية نظمها الأهالي بمشاركة المتطوعين الذين قدموا من المناطق المجاورة، وأسفرت عن وقوع خسائر فادحة في صفوف الطرفين.
ويضيف هؤلاء أنّ كفة المعركة تؤول لصالح الإسبان، غير أنّ وصول المجاهدين الجزائريين ساحة المعركة ودخولهم في مواجهة حامية انتهت بإحكامهم السيطرة علي مشارف المدينة ومداخلها، فتمكنوا من إلحاق خسائر فادحة بصفوف العدوالذي تراجع وتقهقر إلي الوراء واستحال عليه اقتحام أسوار مستغانم.
وفي صبيحة يوم 24 أغسطس تشتت صفوف الجيش الاسباني وضاق عليها الخناق ودارت رحي المعركة التي شارك فيها البحارة المجاهدون بعد أن تركوا سفنهم فما كان من الإسبان سوي الفرار باحثين عن مخرج، غير أن المجاهدين طاردوهم إلي مزغران فقتل الكونت دالكوديت الذي داسته الأقدام ولم يتم التعرف عليه إلا بعد انتهاء المعركة في 26 أغسطس 1558، كما أسر ابنه دون مارتن بعد أن بلغ عدد القتلي والأسري 12 ألف.
كتب بن خلوف المئات من الابيات والقصائد، حكي في بعض منها مغامراته وحياته، لكنه خصص الجزء الاكبر منها لمدح سيد الانام عليه الصلاة والسلام، وعرف بمادح النبي صلي الله عليه وسلم. لقد جعل بن خلوف الشعر الشعبي أوما يعرف بالشعر الملحون في متناول الجميع، كما عرّف بكبار شيوخ هذا الفن من أمثال المغراوي، المجدوب، النجار، سيدي معمر وغيرهم كثير. فهوأحد الحراس السبعة لمدينة مستغانم.
واللافت أنّ شعر الولي الصالح لخضر بن خلوف بسهولته وحسن سبكه ورقّة الألفاظ وخفّة الأوزان ممّا اكسبه شهرة كبيرةً وانتشارّا واسعا. وفي هذا الصدد، يشير كتاب " سيدي لخضر بن خلوف حياته وقصائده" الصادر حديثا عن دار الغرب للنشر، أنّ إنتاج سيدي لخضر بن خلوف الشعري تأثر بنزعته الصوفية، فانقطع إلي مدح النبيّ صلّي الله عليه وسلم ولم يخرج عن ذلك إلاّ في قصيدة قصّة مزغران التي طرق فيها فن الحماسة تلك المعركة الشهيرة التي انتصرت فيها القوات الجزائرية ضد القوات الاسبانية وذلك يوم 28 أوت 1558م .
وتذكر بعض الروايات أنّ الوالي الصالح سيدي بومدين الشعيب كان له عظيم الاثر في نزعة لخضر بن خلوف الصوفية، وتوجيه ملكته الشعرية نحومدح النبي عليه الصلاة والسلام، والذي يؤكد أنه رأه في المنام 99 مرة.
غير أنّ رواية أخري تقول إنّ ابن خلوف وبومدين شعيب لم يلتقيا جسديا بل التقيا في عالم الاوراح، باعتبار أنه عاش في القرن السادس عشر والثاني عاش في القرن الثامن الميلادي.
وكان بن خلوف، وفقا للروايات التاريخية، كثيرا ما يقف علي شاطئ البحر المتوسط متأملا في امواجه وزرقة مياهه، معترفا أن هذا البحر هو بحرهم أي الروم، ملقيا ببصره غربا تجاه المحيط الأطلسي الذي كان يسمي بحر الظلمات، متأملا في ملكوت الله، زاهدا في هذه الدنيا، قائلا :
قدر ما في بحر الظلام
من هوايش وحيتان بلا قدر عايشين
مع الموجات بلا زمام
وعدد الرملة والأحجار اللي كاينين
ومن بين أشهر قصائده
قصيدة بعنوان : قدر ما في بحر الظلام التي يقول فيها
قدر ما في بحر الظلام
من هوايش وحيتان بلا قدر عايشين
مع الموجات بلا زمام
وعدد الرملة والأحجار اللي كاينين
وقصيدة الصلاة والسلام التي يقول فيها
صلي الله علي صاحب المقام الرفيع
والسلام علي الطاهر الحبيب الشفيع
قدر الداعي والمدعي ومن هوسميع
قدر الشاري في السوق ومن جا يبيع
قدر الطايع للحق راه في أمره سميع
قدر ما قبضت اليد الكافلة بالجميع
قدر الحلفة والدوم والزرع والربيع
وقصيدة أخري في مدح النبي صلي الله عليه وسلم بعنوان
اختارك الواحد الأحد، يقول فيها
اختارك الواحد الأحد
سبحانه الجليل الفرد الصمد
لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد
أنت العزيز يا محمد
ما أعز منك إلا رب العباد
سعدي بسيدنا محمد
أنت العزيز يا معزوزي
عزك بالدوام رب العزة
سماك علي الرسل افروزي
نطفة من النعيم مفروزة
الأبيات من مديحك تجزي
والخير الكل من يجزا
مشغوف بك ماني رايد
سوي الجليل وأنت نعم المراد
زعزعتها وزير وقايد
نمدح النبي علي رؤوس الأشهاد
سعدي بسيدنا محمد
مقدمة وتعريف
ركب الولي الصالح لخضر بن خلوف عادة قديمة وثقافة عريقة ضاربة بجذورها في أعماق سكان مستغانم بالغرب الجزائري مع كل ما يتطلبه ذلك من قيم دينية وروحية، فالامر يتعلق برمز ليس كبقية الرموز، له علاقة بعادات وتقاليد ورؤي وعقليات أهالي الظهرة يهدف إلي تخليد مآثر أحد أشهر أعلام المنطقة والمغرب العربي.
ويبدأ الركب بتجمع العديد من الناس يتقدمهم أحفاد الولي الصالح في مكان يعرف بحي تحديت ويتجهون إلي زاوية سيدي بلقايم ثم سيدي تغنيف واخيرا سيدي لخضر حيث يوجد ضريح لخضر بن خلوف.
وأول ما يتراءي للسائرين لحظة وصولهم إلي مقام لخضر بن خلوف نخلته الشهيرة التي تطل من الضريح، حيث أوصي بأن يدفن بالقرب منها وقد ذكر ذلك في أحد قصائده "النخلة المثبتة من بعد اليبوس حذاها يكون قبري يا مسلمين". وقد اقترن وجود هذه النخلة بمادح الرسول (صلي الله عليه وسلم)، حيث امتد جذعها كالحارس الأمين والأبدي لضريح الولي الصالح- وقد تعرضت إلي القطع خلال السنوات الأخيرة، لكنها سرعان ما عاودت الظهور ونمت من جديد.
بعد الوصول إلي المقام يجتمع أتباع هذا الولي في حلقات ذكر يتلون كتاب الله، ويتذكرون مناقب هذا الرجل الصالح الذي جمع بين الدين والدنيا، بين التصوف والجهاد، وتختتم السهرة بإحياء بوصلات غناء شعبي مستمد من الديوان الشعري للولي الصالح. واللافت في هذا الصدد أنّ القائمين علي ركبة لخضر بن خلوف أشد حرصا علي تنظيم حفلة غنائية لاشهر قصائده، يختتمها عادة المطرب معزوز بوعجاج بقصيدة الوفاة. فديوان شعر لخضر بن خلوف شكّل علي مر العصور مصدر إلهام لعشرات مطربي الغناء الشعبي في الجزائر، يمكن أن نذكر منهم قطب الاغنية الشعبية (المدرسة العاصمية) محمد العنقي، والهاشمي قروابي، وعمار الزاهي، وبوجمعة العنقيس.
كما تنظم في هذه المناسبة تنظيم ندوات ومحاضرات يشارك فيها أساتذة الجامعات وباحثون مهتمون بالتراث الشعبي وبسيرة الاولياء الصالحين في الجزائر، وهي فرصة بالنسبة لأبناء المنطقة والاجانب والجالية المقيمة بالمهجر لاكتشاف مناقب ومآثر هؤلاء.
وحسب المتخصص في شؤون التصوف والمتصوفة سعيد جاب الخير، فقد كان للطرق الصوفية تأثير كبير علي الثقافة الشعبية والفنون في الجزائر والمغرب العربي، مضيفا أن المرجعيات الصوفية من الزهاد والعارفين وشيوخ الطرق، توسلت منذ وقت مبكر بالفنون والثقافة الشعبية لتقوم بوظيفتها في نشر وتجذير خطابها الديني والروحي والاجتماعي وحتي السياسي أحيانًا في صفوف الفقراء الذين شكلوا، برأيه، الخزّان الذي لا ينضب والمحرّك الأقوي لدواليب الحركة الصوفية من خلال تركيز شيوخ الطرق عليها والتصاقهم بها في اليومي المعيش وحتّي في الشعار الذي اختاروه لأنفسهم وتسموا به (الفقراء). واستشهد الباحث بعمق التأثير الصوفي في الفنون والثقافة الشعبية الجزائرية، حيث لا يزال الجزائريون إلي يومنا هذا يستعملون في لغتهم العامية كلمات وتعابير من أمثال (بابانا، بابا سيدنا، مول الزمان، مول الساعة، مول السر، مول الحال، الوالي، القبة، الديوان، الحضرة، القناوية..الخ).
ولد لخضر بن خلوف، واسمه الحقيقي أبومحمد لكحل بن عبد الله بن خلوف المغراوي من اشهر وكبر الاولياء الصالحين في الجزائر، في حدود سنة 899 هجرية (1479 ميلادية) وتوفي في سنة 1024 هجرية الموافق ل(1585 ميلادية)، وبالتالي فقد عاش كل القرن التاسع الهجري مثلما أكده هوفي احدي قصائده، ما يعني أنه كان شاهدا علي واقعة مزغران.
ينحدر هذا الولي الصالح من قبيلة الزعافرية، عاش 125 سنة وستة أشهر، قضي الجزء الاكبر منها في بلدة مزغران، ويعتبر أحد حراس مدينة مستغانم السبعة، وهومحبوب في كل منطقة المغرب العربي بفضل اشعاره التي تخطت شهرتها حدود مسقط رأسه بل وكل الجزائر.
تزوج بن خلوف امرأة تدعي "غنو" وهي ابنة الولي الصالح سيدي عفيف شقيق سيدي يعقوب الشريف المدفون بغرب مدينة سيدي علي. وقد رزق منها ببنت اسمها حفصة، وأربعة ذكور هم (احمد، محمد، أبا القاسم، الحبيب) وهي كلها اسماء النبي عليه الصلاة والسلام، أما ابنته فاسمها حفصة.
وسمي لخضر بدلا من اسمه الاكحل، وذلك راجع إلي سنة حميدة للنبي صلي الله عليه وسلم، تقضي باتباع الفال الحسن، فالأكحل معناه الاسود ويرمز إلي الجحيم، عكس لخضر الذي هو لون الإسلام والسلام.
لم يكن بن خلوف متصوفا وحسب، لقد جاهد في صفوف جيش حسن باشا ابن خير الدّين بابا عروج في معركة مزغران الشهيرة التي وقعت في الثاني من ذوالقعدة الموافق ل22 أغسطس 1558 ميلادية. ففي هذه المعركة قضي الكونت الاسباني ألكودات وشهدت هزيمة الجيش الملكي. وقد وصف بن خلوف في إحدي قصائده الشهيرة معركة مزغران وصفا دقيقا، وشبهها بغزوة بدر الكبري.
وووفقا للروايات التاريخية فقد انطلقت الحملة الإسبانية من وهران (عاصمة الغرب الجزائري) بقيادة الكونت دالكوديت الذي جر وراءه جيشا مدججا بالأسلحة والمدفعية قوامه 12 ألف جندي، بالإضافة إلي سفن حربية راسية بخليج ارزيوتراقب الوضع عن قرب لتأمين الشريط الساحلي ولتزويد العساكر بالذخيرة والمؤن، قبل أن تعترضها السفن الجزائرية، وبعد مقاومة قصيرة استسلمت سفن الغزاة فكانت الهزيمة والغنيمة مما حفز وشجع المجاهدين الجزائريين، ونزل ذلك كالصاعقة علي الإسبان فانهارت معنوياتهم قبل الدخول في المعركة.
وحسب ما رواه مؤرخون لالراية فقد كانت معركة مزغران سباقا ضد الساعة، فالقوات الإسبانية حاولت التحرك والتقدم بسرعة لاحتلال مستغانم، والتمركز بها، قبل وصول المجاهدين الجزائريين، ووصلت فعلا إلي أبواب المدينة يوم 22 أوت 1558 فاصطدمت بمقاومة شعبية نظمها الأهالي بمشاركة المتطوعين الذين قدموا من المناطق المجاورة، وأسفرت عن وقوع خسائر فادحة في صفوف الطرفين.
ويضيف هؤلاء أنّ كفة المعركة تؤول لصالح الإسبان، غير أنّ وصول المجاهدين الجزائريين ساحة المعركة ودخولهم في مواجهة حامية انتهت بإحكامهم السيطرة علي مشارف المدينة ومداخلها، فتمكنوا من إلحاق خسائر فادحة بصفوف العدوالذي تراجع وتقهقر إلي الوراء واستحال عليه اقتحام أسوار مستغانم.
وفي صبيحة يوم 24 أغسطس تشتت صفوف الجيش الاسباني وضاق عليها الخناق ودارت رحي المعركة التي شارك فيها البحارة المجاهدون بعد أن تركوا سفنهم فما كان من الإسبان سوي الفرار باحثين عن مخرج، غير أن المجاهدين طاردوهم إلي مزغران فقتل الكونت دالكوديت الذي داسته الأقدام ولم يتم التعرف عليه إلا بعد انتهاء المعركة في 26 أغسطس 1558، كما أسر ابنه دون مارتن بعد أن بلغ عدد القتلي والأسري 12 ألف.
كتب بن خلوف المئات من الابيات والقصائد، حكي في بعض منها مغامراته وحياته، لكنه خصص الجزء الاكبر منها لمدح سيد الانام عليه الصلاة والسلام، وعرف بمادح النبي صلي الله عليه وسلم. لقد جعل بن خلوف الشعر الشعبي أوما يعرف بالشعر الملحون في متناول الجميع، كما عرّف بكبار شيوخ هذا الفن من أمثال المغراوي، المجدوب، النجار، سيدي معمر وغيرهم كثير. فهوأحد الحراس السبعة لمدينة مستغانم.
واللافت أنّ شعر الولي الصالح لخضر بن خلوف بسهولته وحسن سبكه ورقّة الألفاظ وخفّة الأوزان ممّا اكسبه شهرة كبيرةً وانتشارّا واسعا. وفي هذا الصدد، يشير كتاب " سيدي لخضر بن خلوف حياته وقصائده" الصادر حديثا عن دار الغرب للنشر، أنّ إنتاج سيدي لخضر بن خلوف الشعري تأثر بنزعته الصوفية، فانقطع إلي مدح النبيّ صلّي الله عليه وسلم ولم يخرج عن ذلك إلاّ في قصيدة قصّة مزغران التي طرق فيها فن الحماسة تلك المعركة الشهيرة التي انتصرت فيها القوات الجزائرية ضد القوات الاسبانية وذلك يوم 28 أوت 1558م .
وتذكر بعض الروايات أنّ الوالي الصالح سيدي بومدين الشعيب كان له عظيم الاثر في نزعة لخضر بن خلوف الصوفية، وتوجيه ملكته الشعرية نحومدح النبي عليه الصلاة والسلام، والذي يؤكد أنه رأه في المنام 99 مرة.
غير أنّ رواية أخري تقول إنّ ابن خلوف وبومدين شعيب لم يلتقيا جسديا بل التقيا في عالم الاوراح، باعتبار أنه عاش في القرن السادس عشر والثاني عاش في القرن الثامن الميلادي.
وكان بن خلوف، وفقا للروايات التاريخية، كثيرا ما يقف علي شاطئ البحر المتوسط متأملا في امواجه وزرقة مياهه، معترفا أن هذا البحر هو بحرهم أي الروم، ملقيا ببصره غربا تجاه المحيط الأطلسي الذي كان يسمي بحر الظلمات، متأملا في ملكوت الله، زاهدا في هذه الدنيا، قائلا :
قدر ما في بحر الظلام
من هوايش وحيتان بلا قدر عايشين
مع الموجات بلا زمام
وعدد الرملة والأحجار اللي كاينين
ومن بين أشهر قصائده
قصيدة بعنوان : قدر ما في بحر الظلام التي يقول فيها
قدر ما في بحر الظلام
من هوايش وحيتان بلا قدر عايشين
مع الموجات بلا زمام
وعدد الرملة والأحجار اللي كاينين
وقصيدة الصلاة والسلام التي يقول فيها
صلي الله علي صاحب المقام الرفيع
والسلام علي الطاهر الحبيب الشفيع
قدر الداعي والمدعي ومن هوسميع
قدر الشاري في السوق ومن جا يبيع
قدر الطايع للحق راه في أمره سميع
قدر ما قبضت اليد الكافلة بالجميع
قدر الحلفة والدوم والزرع والربيع
وقصيدة أخري في مدح النبي صلي الله عليه وسلم بعنوان
اختارك الواحد الأحد، يقول فيها
اختارك الواحد الأحد
سبحانه الجليل الفرد الصمد
لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد
أنت العزيز يا محمد
ما أعز منك إلا رب العباد
سعدي بسيدنا محمد
أنت العزيز يا معزوزي
عزك بالدوام رب العزة
سماك علي الرسل افروزي
نطفة من النعيم مفروزة
الأبيات من مديحك تجزي
والخير الكل من يجزا
مشغوف بك ماني رايد
سوي الجليل وأنت نعم المراد
زعزعتها وزير وقايد
نمدح النبي علي رؤوس الأشهاد
سعدي بسيدنا محمد
من كرامات هذا الولي الصلح شاهدهذه النخلة العجيبة التي خرجت من قبر ه.
قصيدة الأمانة
يقول لخضر بن خلوف في هذه القصيدة:
آه يا سعدي وفرحتي بهذا الملقي فيها شلا نصيب من نعايم الأسرار
كنت علي كل يوم تاخذني ضيقة مكاوية منورة بنور الأسرار
حتي جاد الإلاه من له البقا نعم عليا بصورة إمام الجدار
شديت علي عمامتي وركبت مهري سريع ساري للفتنة
وطلعت جبال عزالتي سيفي في يدي مشهره عز الشطنة
الاحد والاثنين والثلاثا والاربعا وانا بين الاجبال سايح طول الليل
عيني علي العاشقين سخفت بالدمعة تري الافضال من الغيوب جيل بجيل
دخلت تلمسان بنهار الجمعة في جبل حنيف بت ساجد طول الليل
غير انايا وسبحتي طلع عليا الصبح واديت السنة
لا حالة كيف حالتي تفكرت اصحاب قانتي في مزغنة
يوم الجمعة طلعت ساري للعباد ثما نادي وهب لي بومكحلة
نصيب مغارة مجاورة سيدي عباد وكفيت علي السجود ما لاح للقبلة
ونظرت خيال جاي يفرفد كالفرفاد يا محسنه بزين مكمول الطولة
ومكنت له بريتي منين فراها انا وإياه تسالمنا
وعجباته جماعتي قضيت منه مسايلي وتعاهدنا
بتنا متذاكرين الليل وما طال علي دين النبي أحمد طه المبرور
قال أنا بومدين أصلي من الأفضال في الأندلس همتي فيها مذكور
قلت أنا بن خلوف مداح المرسال هاويني بالحديث يا مصباح النور
كي ينظر في صيفتي يوجدها نحيلة سقيمة من الامحانا
من فراق اولادي وغربتي بعد كمال الحديث هب لي اليد اليمني
بعد كمال الحديث قالي يا لكحل خوذ الأمانة وسير بها بإذن الله
مية وعشرين شيخ من والي كامل طبعولك بالنصيف ها الكاغط اقراه
وتمم الختمة الشفيع المفضل سقاك بالسر الزمزمي رسول الله
اديت منه أمانتي وثنيت علي الرحول بعدما تعاهدنا
وشديت اطراف ناقتي مع بومدين بكيت يوم تفارفنا.
والحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا كما يحب ربنا ويرضى، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا ومولانا محمد، سيد الوجود، وفيض المدد والجود، ورضي الله عن الخاصة من هذه الأمة السابقين منهم واللاحقين...
6 التعليقات :
انا اعجبت بها
كل شيئ جميل ماشاء الله
يذكر الشيخ المهدي البوعبدلي ان سيدي لخضر بن خلوف كان تلميذا لسيدي محمد بن شعاعة او بن شاعة الشريف تلميذ سيدي احمد بن يوسف الملياني وقد كان شيخه شاعرا فحلا تأثر به كثيرا ومنه اخذ التصوف والشعر اما لفاءه بابي مدين الغوث ففي عالم الارواح لا غي عالم الاشباح وهو الاصح اخوكم بومدين بوداود
إني أبحث عن قصيدة مزغران
لم تذكروا النسب الصحيح لي سيدي لخضر بن خلوف
هو ابو محمد لخضر بن عبد الله بن عيسى بن الحسن بن يعقوب الشريف بن عبدالله بن عمران بن صفوان بن يسار بن موسى بن موسى بن سلمان بن يحي بن موسى بن محمد بن عيسى بن إبراهيم بن عيسى بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه و فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم.
مازال شعر سيدي لخضر بحاجة الى جمع في كتاب حافل يتضمن جميع اقواله وحكمه خصوصا ماذكره عن احوال اخر الزمان الذي هو عن كشف رباني وهذا بالاستعانة بالشيوخ الذين مازالو يحفظون شعره وماثره قبل رحيلهم الى الدار الاخرة وهذا ليكون نبراسا ومعلما تاريخيا للاجيال اللاحقة ارجو من يهتم بهذا الامرقبل فوات الاوان وشكرا جزيلا
إرسال تعليق