من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

حمل مخطوط شرح منازل السائرين لعفيف الدين التلمساني




- اسم المخطوط: شرح منازل السائرين.
- المؤلف: عفيف الدين التلمساني.
- نوع الخط: نسخ.
- الحجم: 47,3 Mo.

~*~*~*~*~*~

* مخطوط «شرح منازل السائرين» للعارف بالله سيدي عفيف الدين التلمساني وهو في الأصل شرح لكتاب « منازل السائرين إلى الحق المبين» في التصوف، لشيخ الإسلام، الإمام القدوة، الحافظ الكبير أبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن محمد الأنصاري الهروي الحنبلي، وقد شرح هذا الكتاب كذلك الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه «مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين»، توفي الهروي سنة (481هـ).

رابط تحميل المخطوط

هنــا

~*~*~*~*~*~

* وتجدر الإشارة أن هذا الكتاب تتوفر منه نسخة أخرى مطبوعة وهي من إعداد عبد الحفيظ منصور، مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، دار التركي للنشر والتوزيع، الجمهورية التونسية سنة 1989م

«إقرأ المزيد»


تكملة الموضوع

حمل كتاب عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية



بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد/

- لأول مرة على النت وبناءا لطلب ورغبة بعض الإخوة الكرام أضع بين أيديكم واحدا من أندر وأهم الكتب الخاصة بسير وتراجم أعلام الرجال (علماء المغرب الأوسط والأندلس) لصاحبه العلامة المؤرخ المحقق الشيخ أبي العباس الغبريني الجزائري، الكتاب جد هام أنصح الجميع بقراءته خاصة من لهم اهتمام بعلم التراجم والأنساب والتاريخ.

~*~*~*~*~*~

- اسم كتاب: عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية.
- المؤلف: الشيخ العلامة أبو العباس أحمد بن أحمد بن عبد الله الغبريني.

«سبق وأن أفردنا له ترجمة خاصة موسعة على هذا الرابط»



- تاريخ النشر: أبريل (نيسان) 1979.
- حققه وعلق عليه: الأستاذ عادل نويهض.
- الناشر: دار الآفاق الجديدة .بيروت لبنان.
- عدد الصفحات: 460 صفحة.
- الطبعة: 2.
- عدد المجلدات:1.
- اللغة: عربي.

نبذة عن الكتاب من موقع النيل والفرات:

كتاب «عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية» لصاحبه العلامة المؤرخ المحقق الشيخ أبي العباس الغبريني، من أهم المصادر التاريخية في المكتبة العربية، عن الحياة العلمية في القرن السابع الهجري في بجاية، بالمغرب الأوسط،(الجزائر) وسجل حافل بتراجم عشرات العلماء والمؤرخين والأدباء والشعراء وغيرهم ممن عرفتهم المدينة من مشاهير أعلام الجزائر وتونس والمغرب والأندلس، وقد نشر هذا الكتاب لأول مرة في مدينة الجزائر سنة «1910م» بعناية الأستاذ محمد بن أبي شنب.

~*~*~*~*~*~

أما ميزة هذا الكتاب عن غيره من كتب التراجم والسير، هي الشمول في التعريف بغير شيوخ المؤلف، وتسجيله لبعض الأحداث التاريخية، وإثباته لبعض النماذج الشعرية والنثرية المنسوبة للمترجم لهم... زد على ذلك، أنه حفظ لنا صورة صادقة عن الحياة العقلية في مدينة بجاية في مدة قرن كامل، عكست لنا ما كان لهذه المدينة الخالدة من أثر يذكر في تنمية وإنتاج مختلف العلوم الإسلامية، ومدى صلاتها الوثيقة التي كانت تربطها مع مراكز النهضة العلمية الإسلامية في المغرب والمشرق. ولولا هذا الكتاب لظلت أكثر هذه الصفحات من تاريخ الحركة العلمية الجزائرية مجهولة.

تبقى كلمة أخيرة، وهي أن هذا الكتاب «بشهادة كبار العلماء» هو أصدق وأشمل سجل طبع عن الحياة العقلية في المائة السابعة للهجرة لا في بجاية وحدها إنما في المغرب الأوسط أيضاً.

رابط التحميل


~*~*~*~*~*~

لا تنسونا من صالح دعاءكم.
تكملة الموضوع

ترجمة العلامة المؤرخ الجزائري أبو العباس أحمد الغبريني




الغُبريني (644 – 704هـ)/( 1246- 1304م).

- أحمد بن أحمد «وقيل: محمد» بن عبد الله بن محمد بن علي، أبو العباس، الغبريني قاض مؤرخ، له مشاركة في علوم الحديث والتفسير والعربية والمنطق، من كبار فقهاء المالكية.

نسبه ومولده:

نسبته إلى «بني غبري» بطن من قبائل الأمازيغ في أعالي وادي سباو، نشأ في بجاية وتعلم بها وبتونس، وبلغ عدد الشيوخ الذين سمع منهم وأخذ عنهم نحو السبعين شيخا من أعلام المغرب الأوسط وأفريقية والأندلس، ولي قضاء بجاية، وسفر للسلطان أبي البقاء خالد بن يحي الحفصي «أمير بجاية يومذاك» قال النبهاني ولي القضاء بمواضع عدة، آخرها مدينة بجاية، فكان شديدا، مهيبا، ذا معرفة بأصول الفقه، وحفظ لفروعه، وقيام على النوازل، وتحقيق للمسائل، ولما ولي خطة القضاء، ترك حضور الولائم، ودخول الحمام، وسلك طريق اليأس من مداخلة الناس.

وفاته:

قال ابن خلدون عن سفارته ومقتله: «ولما ولي السلطان أبو البقاء اعتزم على المواصلة مع صاحب تونس قطعا للزبون عنه، وعيّن للسفارة في ذلك شيخ القرابة أبا زكريا الحفصي ليحكم شأن المواصلة بينه وبينه، وبعث معه القاضي أبا العباس الغبريني كبير بجاية وصاحب شوارعها فأدوا رسالتهم وانقلبوا إلى بجاية، ووجدت بطانة السلطان السبيل في الغبريني فأغروه به وأشاعوا أنه داخل صاحب الحضرة في التوثب بالسلطان، وتولى كبير ذلك ظافر الكبير وذكره بجرائره وما كان منه في شأن السلطان أبي إسحاق وأنه الذي أغرى بني غبرين به فاستوحش منه السلطان وتقبض عليه سنه أربع وسبعمائة، ثم أغروه بقتله فقتل بمحبسه سنته تلك، وتولى قتله منصور التركي، والله غالب على أمره».

~*~*~*~*~*~

وفي المجلة الزيتونية تحقيق في وفاته بقلم محمد الشاذلي، جاء فيه: «التحقيق أن صاحب «العنوان» توفي سنة أربع وسبعمائة، ومما لا ريب فيه أنها لم تكن سنة 714هـ، كما جاء في شجرة النور الزكية، لأن صاحب الديباج ذكر أنه توفي سنة 704هـ، وكذا إبن القنفذ في «الوفيات» وهو من فقهاء أفريقية لا من فقهاء فاس، لأن بجاية كما يقول العمري في «مسالك الأبصار» أنها ثانية تونس والعاصمة الثانية لأفريقية».

آثاره ومؤلفاته:

له «عنوان الدراية فيمن عرف من علماء المائة السابعة في بجاية» طبع في مدينة الجزائر سنة 1328هـ 1910م بإشراف العلامة محمد أبي الشنب «الماضية ترجمته».




قمنا بتحقيقة والتعليق عليه ونشرناه مزودا بالفهارس الكاملة، له أيضا «المورد الأصفى» و«الفصول الجامعة».


وهنا الطبعة الأولى للكتاب: المطبعة الثعالبية لصاحبها احمد بن مراد التركي واخيه  -الجزائر 



تاريخ النشر: 1328هـ/ 1910م


دِقّة منخفضة  تحميل الكتاب - 43 ميجا


دِقّة عالية تحميل الكتاب - حجم 188 ميجا


مصدر الترجمة:

معجم أعلام الجزائر لعادل نويهض / ص:248- الطبعة الثانية - 1400هـ/1980م.
تكملة الموضوع

ترجمة العلامة الشيخ سيدي أبي عبد الله البوعبدلي البطيوي الرزيوي




حياته:

هو العالم العلامة المرشد المربي اللغوي النحوي المصنف الزاهد المتصوف سيدي أبو عبد الله بن عبد القادر بن محمد بن الجَيْلانيّ بن الموهوب البوعبدلّيّ ترجع أصل أسرته إلى الجدّ الأكبر المدعو: أبو عبد الله المغوفل دفين واد أرهيو، قرب مدينة الشلف.

ولادته:

ولد سيدي أبو عبد الله البوعبدلي عام 1285 هجرية، الموافق لعام 1868 ميلادية في دوّار سْوِيدِيَّنْ، بمكان يدعى دار بن صالح عرش بني خلاّد قرب مدينة "هُنَيَنْ" حفظه للقرآن الكريم تلقى أبو عبد الله البوعبدلي القراءة والكتابة في القرى التالية:

ـ قريته (سْوِيدِيَّنْ) على يد والده تالي كتاب الشيخ عبد القادر البوعبدلّيّ.
ـ قرية أولاد البُوعْنَاِنـي (دشرة الحَمْرَة)، وبهذه الدشرة حفظ القرآن الكريم، وكان ذلك على يد الفقيه الشيخ المختار البُوعنَاني أحد أجدادنا ـ رحمهم الله ـ
ـ قرى وَلْهَاصَة
ـ الساحل (سْوَاحْلِيَا) وبخاصة في قرية (تْيَانَتْ) قرب مدينة الغزوات على يد الشيخ لخضر الخبشي.
ـ مدينة تلمسان.
ـ مدينة مستغانم. إلخ....

طلبه للعلم خارج الوطن:

توجه سيدي أبو عبد الله البوعبدلي إلى المغرب الأقصى (مراكش) ناحية (بني ازْنَاسَنْ) (ويدعى عند أهل مراكش المغرب الشرقي)، وهناك تلقّى العلوم الشرعية واللغوية مدّة أربع سنوات.

شيوخه داخل الوطن:

قرأ سيدي أبو عبد الله البوعبدلي رضي الله عنه على العديد من مشايخ حفظة القرآن الكريم أمثال:

ـ الشيخ سيدي عبد القادر البوعبدلي رضي الله عنه (أبوه).
ـ الفقيه سيدي الشيخ المختار البوعناني رضي الله عنه (بني خلاّد).
ـ الشيخ سيدي لخضر الخبشي (ناحية الغزوات).
ـ الشيخ سيدي شعيب بن علي قاضي الجماعة (تلمسان).
ـ الشيخ سيدي محمد الحرشاوي الندرومي بمدينة تلمسان.
ـ الشيخ العلامة سيدي بن يلس(ألفية ابن مالك) بمدينة تلمسان.
ـ الشيخ سيدي قدور بن سليمان بمستغانم.

الإجازة:

أجازه الشيخ سيدي شعيب بن علي قاضي الجماعة بتلمسان، بأبيات شعرية منها هذان البيتان:

أبا عبد الله يا ابن عبد القـادر*** وقال إله العرش أسباب ذي الفتن
ولا زلت ترقى والعناية سرمدا *** نلاحظكم بأعين ما لها مسـن

تلاميذه:

إن تلاميذ الشيخ أبي عبد الله البوعبدلي كثّر، ومن بينهم أبناؤه:

ـ الشيخ محمد ـ رحمه الله.
ـ الشيخ المهدي ـ رحمه الله.
ـ نصر الله ـ رحمه الله.
ـ الشيخ عبد البرّ ـ رحمه الله.
ـ الشيخ عيا القائم على شؤون الزاوية الآن ـ أطال الله عمره.
ـ الشيخ أمحمّد بن داود المسيفي الجبلي الندرومي الأمين والحافظ لتراث الشيخ أبي عبد الله البوعبدلي.
ـ الشيخ عليش ـ رحمه الله ـ
ـ الشيخ عبد الله النجاري ـ رحمه الله ـ والعشرات من غير هؤلاء.

المعلم والمربي:

أشرف الشيخ أبو عبد الله البوعبدلي على تعليم أطفال قرية (المناصْرّة) أرض الغرابة بناحية (سِرَات) الواقعة بين مدينة سيق وبطيوة ـ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، وتعليم أهل القرية أمور دينهم، ثم تزوّجه أهل القرية إحدى بناتهم.

الاستقرار ببلدة بطّيوة:

انتقل الشيخ إلى قرية بطّيوة ـ أرزيو حوالي ستة 1903م، فأسس فيها مدرسة لتعليم القرآن، ومبادئ الدين الحنيف، تصدّر للإرشاد والتربية عام 1921م يوم انتقل أخوه في الطريق الشاذلية إلى جوار ربّه الشيخ محمد بن سليمان الندرومي.

تأسيس الزاوية:

ـ أسس زاوية باسمه تدعى (الزاوية البُوعَبْدلِّيَّة) بقرية بطّيوة حاليا ـ أرزيو ـ بقرب مدينة وهران بالغرب الجزائري، وما زالت هذه الزاوية قائمة إلى يومنا هذا، وتجدر الإشارة أن الشيخ سيدي أبي عبد الله البوعبدلي يعد واحد من الأعضاء المؤسسين لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

أخذه للطريقة الشاذلية:

ـ إنّ الشيخ قد نصّ هو نفسه وفي أماكن عدة من تراثه، اختيار الطريقة الشاذليّة سبيلا يسير عليه إلى أن يلقى ربّه وهو ما حدث فعلا، ولقد تتبعنا ذلك فوجدناه أخذ الطريقة عن:

ـ الشيخ سيدي محمّد بن أحمد بثنية الحدّ، لقّنه له أبوه الشيخ عبد القادر نيابة عن الشيخ سيدي محمد بن أحمد.
ـ الشيخ قدور بن سليمان، تلقاه عنه تلقينا بمصافحة، ثم أذِن له في التلقين والتذكير، وكتب له ورقة بخط يده نظما ونثرا، وما زال هذا الإذن موجودا، وقد اطلعنا عليه فوجدناه هكذا:

إذن الطريق: بسم الله الرحمن الرحيم. وصلى الله على الحبيب المحبوب، الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه وأفاضِل حزبه. أمّا بعد/
إنه من عبيد الله سبحانه وتعالى أفقر الوَرَى قدور بن محمد بن سليمان بن عبد الله، أمَّنَه الله وأحِبّاءَهُ في الدارين آمين. فهذا إذْنُ خير وفَتْح وتيسير، لأخينا في الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

سيدي أبي عبد الله بن سيدي عبد القادر بن سيدي أبي عبد الله في إعطاء وِرد الطريقة الشاذلية المختارية، كما سُمِّيَت لنا بذلك عن خير البَرِيّة صلى الله عليه وسلّم، فيأذن فيه لمن أراد التمسّك بحَبْلها والانضمام في سِلك أهلها، وأن يكون تحت نظر المصطفى ورعايته الخاصّة، وأن يكون من تلامذته، وخواصّ أحبابه، ويفوز بسِرِّ الصحبة لَدَيْه، كما أخبرنا بذلك ـ صلى الله عليه وسلّم ، وليبشِّر أن داخل حزبنا ـ والحمد لله ـ يُكتَبُ من حينه عارفاً بوَعْدِه الصّادق المَصْدوق ـ صلى الله عليه وسلّم ـ حيث قال لي: أحبابك عارفون مِن حِينِهم ـ إلخ ـ.

وفي قوله: (من حينهم) إخبار بأنَّ حَبَّة المعرفة يَغْرَسُ في لطيفة مَن أحَبَّنَا ولو لحظةً، وإلاّ بأن له وقت معلوم ـ اهـ ـ
وتحصل المغفرة والأمْن من فِتَن الداريْن للأحباب وأحبابهم والذّرِّيّة وذرِّيَّتهم إلى قيام عيسى بن مريم، كما أخبرنا ـ صلى الله عليه وسلّم ـ إلى غير ذلك من البشائر المرْقُوم بعضها بكتابنا "المَرَائي النبوية، والموافق الحقية" إلخ.

والورد هو:

الاستغفار والصلاة على النبي بأيّ صلاة ورَدَت بها الآثار، وأفضلها صلاة الفاتح، ثم الهَيْلَلَة هذه ثلاثمائة بالليل ومثلها بالنهار، ومن أراد السير والسلوك والطَّيَرَان بجواذب الأحوال على حضرة مالك الملوك فعلية بذكر الاِسم الأعظم: الله الله الله بالشدّ والمدّ وتشخيص الحروف بلا غاية ولا حدٍّ ولا وقتٍ ولا مدٍّ، بل في جميع الحركات والسكنات، وكذلك يخصِّص له إن استطاع الفراغ بعض الأوقات، فَحَسَنٌ. ويلازم هذا الاسم حتّى تَنْتَقِشَ في لطيفته حروفا حسية من أنوار، فتَصْفُو له المشارب، وتتَّسِع الدوالب، وتَفِيض من ينابعها عُلوم غِزارٌ وهَيْبَة لدنية من التوحيد الخاصّ الماحي للأكوان والآثار، وهذا هو الفناء، وإن فناه عن فنائه هذا فهو فناء الفناء.

فالمقام الأوّل هو: المباشر إليه في الحديث القدسي: ما زال عبدي ما تقرَّبَ إليّ بالنوافل حتّى أُحِبَّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمَع به، وبصره الذي يبصر به.. الخ. ويسمى هذا حزب النوافل، وهو الفناء في الصّفات.

والمقام الثاني هو: المشار إليه بقوله: كنتُهُ. وهذا يسمّى حزب الفرائض وهو الفناء في الذات. كان الله ولا شيء معه حضرة الطمْس والعَمَاء، حيث لم يعقل هناك إلا الله بالله لله في الله عن الله. فلا اسم، ولا رسم، ولا كيف، ولا أين، ولا عقل، ولا وهْم، ولا نسبة (كل شيء هالك إلا وجهه). وهذا هو الصَّعْقُ والمَحْقُ، فإذا رَحِمَ اللهُ هذا العبدَ بأن سُقِيَ من أنوار الحضرة المحمدية، فيبعث باقياً بها وهو الحو والخروج مَخْرج الصِّدق من غيبته ودخوله مدخل الصدق الذ تقدَّم ذكره. فيرجع بِحُلَل من جمال الحضرة العظموتية ساعيا بالله لله راسخا قدمه بالخضرة المحمدية، فيكون مَن رءاه حينئذ فقد رأى جمال الحضرتين، لأنه قد تلاشا علْمُه في علم الله، ووجوده في وجود الله، وما بَقِيَ إلا خيال بَشَرِيَّة في أعين الناظرين، ولذا يُخاطَبُ بقوله تعالى: "إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله" لمعنى ما ذكرنا كي يقال له: "اخْرُجْ مَن رءاك" فقد رءانا، ومن أحبك فقد أحب أحبّنا، ومن أكرمك فقد أكرمنا. والسلام ختام.

واعلموا إخواني أن الشريعة المحمدية مفتاح كل خير وكنزُ كل سرٍّ، ومن ادّعى وصولا على غير منوالها فيقول له أين قوله تعالى: "واتوا البيوت من أبوابها، ولن تجد لسنة الله تبديلا"، والشريعة معلومة طالبة لنا بالعمل والاكتساب والخروج عن رُؤْيَة الأعمال وشهودها مِنّة من الله الوهّاب. "ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا" ولا اصطفى لحضرة الأحباب، وعليكم بالهمة العالية، كما قيل: إذا سألتم الله فعظموا المسألة لأن الأعمال بالنيات وإن الله يعطي العبد على قدر هِمَّتِه، وقيل في الحديث القدسي: أنا عند ظنِّ عبدي بي الخ. والسلام ختام.

والشرط الأعظم في طريقنا هو: ذكر الحضرة المعهودة بذكر الصدر فإنها زبدة الأسحار وأفضل القربات بشواهد وبرامن، منها طرُوّ الأحوال على أهلها وفيض الجذبات والصلاة والسلام على سيد أهل الأرض والسموات
غوث الزمان وقطب أهل العرفان الفرد الجامع إمام الوقت سيدي قدور بن سليمان بن عبد الله المستغانمي أصلا ومنشأ في الله منه. ( انتهى ما سطره الشيخ أمحمد بن داود رحمه الله )

سلسلة الطريقة البوعبدلية:

إنّ سلسلة الطريقة البوعبدلية كما رسمها الشيخ بقلمه هي على النحو الآتي:

الشيخ أبو عبد الله الببوعبدلّيّ، عن الشيخ قدّور بن سليمان، عن القطب ابن عبد الله الغريسي، عن القطب الشيخ المسوم، عن القطب عدّة بن غلام الله، عن القطب مولانا العَرَبي الدّرقاوي، ثم عن بعد فعن أستاذي القطب المَشْرقي، عن أستاذي القطب محمّد بن أحمد، عن القطب الموسوم بالسند المتقدّم.

وصفه للطريقة:

إن الشيخ أبا عبد الله البوعبدلي نفسه وصف الطريقة الشاذليّة قائلا هي: الطريقة الصوفية النبوية الشاذلية العدّويّة المؤسسة على كتاب الله وسنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

تآليفه:

لم نستطع حصر كلّ ما كتبه العلامة الشيخ أبو عبد الله البوعبدلي لكثرت مؤلفاته، وفي علو شتّى، ولتوزّعها في أنحاء المعمورة، وما استطعنا أن نقف عليه هو الآتي:

1- تاريخ الأنبياء المختصر، طبع بتحقيقنا.
2- تاريخ الأنبياء المطول، لم نقف عليه وهو عند أتباع الطريق.
3- مقصورة الحسن والبهاء، منظومة في الفرائض، نظمها عام 1325هـ، بها (169 بيت).
4- شرح مقصورة الحسن والبهاء (عند أتباع الطريق)
5- حزب بشائر المريد (أدعية وأوراد) لأهل الطريق (مخطوط) بقلم الشيخ نفسه وبقلم الشيخ أمحمد بن داود، نسخ من نسختين، وهو معروف بين أهل الطريق وغيره حقق من قبلنا.
6- ورد الطريقة البوعبدلية حقق من قبلنا.
7- سمير السهران في أخبار الجزائر ووهران (عند أتباع الطريق) لم نطلع عليه.
8- الدستور الجزائري كيف يكون من الكتاب والسنّة في سبع عشرة صفحة من الحجم الكبير، اطّلع عليه الشيخ أمحمد بن داود في خزانة السيد أمحمّد برّحّال، وهو ما أخبرنا به الشيخ أمحمد داخل مكتبته العامرة.
9- ديوان شعر كله في الروحيات في مناسبا شتّى (جمع بعضه في كراسة من قبل الشيخ أمحمد بن داود)
10 ـ بعض المسائل النحوية والصرفية (نحن نسعى لإخراجها إلى النور ـ إن شاء الله ـ )
11 ـ أجوبة في النحو والصرف والعروض واللغة (نحن نسعى لإخراجه إلى النور ـ إن شاء الله ـ)
12 ـ رسم الألف التي تكون آخر الكلمة (منظومة) (نحن نسعى لإخراجها إلى النور ـ إن شاء الله ـ)
13 ـ فتاوى دينية مختلفة (نحن نسعى لإخراجها إلى النور ـ إن شاء الله ـ)
14 ـ طريق القوم وهو الكتاب الذي بين يديك.
15 ـ العظيم في الذكر (مخطوط مبتور من الأخير)
16ـ رسائل عدة في التربية والسلوك في شتّى الموضوعات، وقد جمعنا منها العديد.

بعض من قصائده وأشعاره رحمه الله:

صفوة المصطفين

لـو رأيـتـم حسنَ مـن قـد هـويـنا *** لارتضـيـتـم فـي الهـوى مـا ارتضـيـنا
لارتضـيـتـم فـي الهـوى كلَّ هونٍ *** وارتأيـتـم دونه الصعبَ هـيـنا
واحتـمـلـتـم كلَّ عبءٍ وكـانت *** جفـوةُ الآلام لطفـاً ولـيـنـا
لا تقسْ فـي الـحسن والجـاه يـومـاً *** بـالـذي أهـواه ذاتـاً وعَيْنـا
هـو يـنـبـوعُ الجـمـالاتِ لـولاه *** لـمـا لاقـيـتَ فـي الكـون زَيْنــا
كلُّ مـا فـي الكـون من أيّ حُسنٍ *** لـيس إلا مـن بـهـا مـن هَوَيْنـا
والـذي فـي الكـون مـن نـيّراتٍ *** لـيس إلا مـن سَنـاه اجتلـيـنـا
و عبـيرٍ عطّر الكـونَ طِيباً *** لـيس إلا مـن شذا مـن عَنَيْنا
جلَّ ذو العـرشِ اصطفى الرُّسْلَ لكـنْ *** مَنْ هـويـنـاه صـفـوةُ الـمـصطفَيْنا


وفاته:

توفي الشيخ سيدي أبو عبد الله البوعبلّيّ البطّيوي الرزيوِيّ ـ رحمه الله ـ بمقرّ سكناه بالزاوية البوعبدلية بمدينة بطّيوة سنة 1372هـ، الموافق للرابع من شهر نوفمبر سنة 1952م.

المصدر:

منقول بتصرف عن مقال بعنوان(الشيخ أبو عبد الله البوعبدلي البطيوي الزيوي لغويا) لـ الأستاذ الدكتور المختار بوعناني.
للإستفاضة أكثر موقع الدكتور على هذا الربط

هنـــــا

نبذة مختصرة عن الكاتب:

هو الدكتور المختار بوعناني أستاذ في قسم اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب واللغات والفنون جامعة (السانية) وهران الجمهورية الجزائرية حاصل على الماجستير في اللغة من جامعة وهران والدكتوراه في علم التصريف من مصر التخصّص: الصرف والنحو، أستاذ اللغويات بقسم اللغة العربية وآدابها جامعة السانية وهران ـ الجزائر.
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح العارف بالله سيدي أبو عزي التلمساني




- قال العلامة الكتاني في "سلوة الأنفاس" الشيخ النزيه المعظم المحترم الوجيه الشريف الأصيل البركة النبيل العارف بالله تعالى أبو عبد الله سيدي أبوعزى التلمساني المهاجي من مهاجة وهي قبيلة من بني عامر بقرب تلمسان له زاوية بوجدة وأخرى بتلمسان وله فيهما أصحاب و أتباع وكان هو من أصحاب الشيخ العارف بالله مولاي العربي الدرقاوي وإليه ينتسب وكان من أهل الحقائق والعرفان وجلالة القدر وعظم الشأن يتكلم بما يبهر العقول وبما لا يقدر عليه إلا الفحول ويقول لو نزل إلينا الملائكة من السماء لتذاكرنا معهم وكان مهما جالس العلماء أفحمهم ولا يقدر أحد منهم أن يجادله في شيء ويقال إنه كان في أول أمره ممن يغلب عليه الصمت حتى قال له شيخه المذكور يوما من الأيام تكلم فانطلق حينئذ لسانه وتنسب له تصرفات عديدة وأحوال صادقة وخصال حميدة.

- توفي رحمه الله يوم الجمعة وكان موافقا للخامس عشر من شهر شتنبرعام سبعة وسبعين ومائتين (1277) ودفن بمسجد سيدي أبي مدين الغوث المعروف بأقصى حومة الرملية من عدوة فاس الأندلس بقوس منه عن يمين المحراب وهو مزار متبرك به.

- تنبيه:

هذا المسجد من المساجد المباركة وهو من مزارات هذه الحومة وبه الشيخ سيدي أبو مدين المذكور لما كان قاطنا بفاس وبهذه الحومة منها كان يدرس العلم ويرقي المردين اهـ.

- المصدر: تعريف الخلف برجال السلف لسيدي أبي القاسم الحفناوي الجزء الثاني ص27 مطبعة بيير فونتانة الشرقية في الجزائر 1906م.

- من كلامه رضي الله عنه:

يا لائمي دعني فلو ذقت *** ما ذقت لصرت بمن هويت مثلي والع
فسلم ولا تلم فقد أخذ الحب فؤادي *** وروحي والقوى والْمجامع
وأشهدني أسرارا تهت في حسنها *** بها غنت الأطيار وهي سواجع
ومن أجلها التفضيل صحَّ لآدم *** وخرت لحسنها الأملاك خواضع
ونوح لها حنَّ وفَاضت دموعه *** وكَان بها في الْفلْك ناج ممنَّع
وإبراهيم الْخليل بها عربدا ومال *** على الأصنام بالْكسر شارع
وبها في وسط النار كان ينعم *** وكَيد الأعادي بهم حلَّ و قمعوا
وموسى بها في الطور كان يؤنس *** وعيسى من فَضلها كَسته خلائع
وأحمد خير الرسل أفضل أهلها *** بها أعطي الختام و هو رافع
محمَّد أحمد أحد في حسنه *** لم يدركه سابق ولا من هو تابع
فلم يدركها ذو الْعقل إلا إذا فنا *** عن الأشياء كلها يراها تشعشع
أيا الله يا فتَّاح بالفتح جد لنا *** وبالحق حققنا ولا تبق مانع
وبيِّن لنا الأسرار حيث جعلته *** بنورك يا مبين فيك الْمطامع
وثبِّت عبيدك المهَّاجي أبا عزَّه *** في أنسك واجعله بأمرك صادع
وصل وسلم ثم بارك على الذي *** له تسجد الأقمار وهي طوالع
وآله والأصحاب وأهل إرثه *** وزدنا من الْعلوم ما هو نافع

- فائدة في موطن الشرفاء المهاجيين الأدارسة:

للأمانة قمت بنقلها من موقع: © أحباب الشيخ أحمد العلوي – العلاوي. نشرت بتاريخ: 2007-06-07

موطنهم الجزائر وموطنهم الأصلي من شرفاء غريس، منطقة يقال لها المسيد أو القعدة بين ولايتي معسكر و سيدي بلعباس و أنه يوجد فرقتان للقبيلة فرقة تنحدر من سيدي ميمون و فرقة أخرى تنحدر من أخيه سيدي أيوب تنتشر بالأخص في ناحية سيدي بلعباس .و قد ترجم لهم العلامة الشيخ الطيب الغريسي في كتاب القول الأعم و الشيخ محمد الأعرج الغريسي الفاسي في شرح منظومة بغية الطالب كما توجد ترجمتهم في كتاب اللامع في نسب الأدارسة من آل مهاجة الحسنيين لعلي بن أحمد بن أبي الحسن الفاسي.

من بين أعيان القبيلة الشيخ المذكور الحاج الخضر الذي قام بدور الوساطة بين قبائل الحشم و الباي محمد ، و ابنا الحاج الخضر الشيخ العلامة محمد بن الخضر دفين فاس و قد ترجم له الشيخ جعفر الكتاني في سلوة الأنفاس و أخيه الشيخ بن فريحة بن الخضر الذي ولاه الأمير عبد القادر ولاية معسكر ، و منهم كذلك الشيخ الولي الصالح ابي يعزى المهاجي صاحب الترجمة والشيخ بلاحة المهاجي و قد ذكر قصته مع الاسبانيين الشيخ ابي راس الناصري في عجائب الأخبار . و منهم الشيخ الطيب المهاجي عضو جمعية العلماء المسلمين .

أسس أسلافهم زاوية لطلب العلم وذكر الله بغريس منذ القرن العاشر الهجري وتعرف إلى اليوم بزاوية سيدي الخضير المهاجي الإدريسي واقتفى أثرهم في إنشاء الزاوية كل من وفقه الله للخير. فهناك بغريس زاوية الشرفاء الأدارسة وزاوية الشرفاء المشرفيين وزاوية سيدي عبد القادر بن المختار الإدريسي وزاوية سيدي عبدالرحمن المحمودي الإدريسي وزاوية الشرفاء القادريين وزاوية سيدي محمد الأعرج السليماني وزاوية سيدي محيي الدين بن مصطفى الإدريسي وغيرها وكانت هذه الزواوي رباطات علمية تخرج منها عدد كبير من العلماء جزا الله المحسنين.

انتقل بعض الأشراف المهاجيين الأدارسة من الجزائر إلى مدينة فاس لطلب العلم. منهم أبناء الشريف سيدي عبدالقادر المهاجي الحسني كان رحمة الله عليه من عمداء مقدمي الأحياء زمن باشا فاس المرحوم السيد محمد التازي.

وترجم لهم سي الطيب المهاجي ، منهم فرق كثيرة منها الزراقات او الرزاقة اولاد عبد الرزاق، اولاد بوكلمونة، اولاد الفريح، اولاد ويس، وغيرهم ، تعرفهم من وجوهههم تشوبهم حمرة وجمال ، واكثر اسماء ابنائهم مهاجي ومهاجية، لان جدهم يسمى مها جاء التي اختصرت الى مهاجة انما هم اشراف زواوة شمال فاس وليس زواوة القبائل الجزائرية واسماءهم مركبة اي ثلاثية.

- المصادر:

سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس للشيخ محمد بن جعفر الكتاني (رحمه الله وأفاض على قبره شئابيب رحمته وأنواره).

الشرفاء الأدارسة المهاجيون - ديوان الأشراف الأدارسة
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي أحمد بن موسى الكرزازي



بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

- نبذة عن الطريقة الكرزازية ومؤسسها:

- الطريقة الكرزازية أو الموساوية نسبة إلى مؤسسها الشيخ العلامة القطب الجامع سيدي أبي العباس أحمد بن موسى صاحب كرزاز، وهي من فروع الطريقة الشاذلية، يتصل نسبه بالولي الصالح سيدي عبد السلام بن مشيش، أخذ عهد الطريقة الشاذلية اليوسفية عن الشيخ سيدي أحمـد بن يوسف الملياني، وعن خليفته فيما بعد الشيخ سيدي محمـد بن عبد الرحمن السهيلي، وصار مقدما للطريقة بالمنطقة الغربية.

ورد ذكر هذه الطريقة ومؤسسها وفروعها في «فهرس الفهارس» لسيدي عبد الحي الكتاني وذلك في سلسلة مشايخ العلامة الرحالة سيدي العياشي صاحب الرحلة المشهورة «بماء الموائد» نقلا عن كتاب «المناقب المعزية في مآثر الأشياخ الكرزازية» لـ أبو عبد الله محمد بن محمد الكرزازي ما نصه:



.... وشيخ المترجم أبو زيد عبد الرحمن الكرزازي أخذ عن عبد الرحمن إبن أحمد القصباوي الحمزاوي عن محمد أفراد الساوري عن شيخ الطريقة أبي العباس أحمد بن موسى صاحب كرزاز عن محمد بن عبد الرحمن السهلي عن الملياني عن زروق بأسانيده. ح : واروي الطريقة الكرزازية عن الوالد وغيره عن أبي الحسن علي بن عبد الواحد بن السلطان سيدي بن عبد الله العلوي الفاسي عن أبي عبد الله محمد بن علي الكرزازي المذكور بسنده إلى المترجم عليا عن الشهاب أحمد الجمل النهطيهي عن محمد البهي الطندتائي عن محمد المنير عن الحفني عن محمد علي الأحمدي البولاقي عن المترجم.اهـ

أضاف إلى أوراد الطريقة الشاذلية قراءة البسملة 100 مرة عقب صلاة العشاء و 200 عقب صلاة الصبح، واشتهرت باسم الطريقة الكرزازية أو الأحمـدية نسبة إليه، وعرفت شهرة واسعة بالمنطقة وامتد نفوذها إلى مختلف المناطق المجاورة، وأكثر أتباعها في حميان وتلمسان وعين تموشنت... وذلك لمجهودات المؤسس في التعليم والإكرام والإصلاح، إذ كانت تقوم بنشر العلم بواسطة زاويته التي أنشأها بكرزاز، وحماية الطرق من اعتداء اللصوص. كانت على صلة وثيقة مع الطريقة الزيانية التي أسسها الشيخ محمد بن عبد الرحمن القندوسي«بوزيان».

مولده ونشأته:

ولد رضي الله عنه بأولاد مولى إحدى ضواحي الزاوية الكبيرة بكرزاز ولاية بشار بالجزائرمقر ضريح الشيخ سنة 863هـ الموافق لسنة 1443م وذلك تاريخ ظهور العالم العلامة و البحر الفهامة شيخ الطريقة ومعدد الحقيقة سيدي أحمد بن موسى قدس الله روحه ونور ضريحه و حشرنا و إياكم في زمرته و بعد نعومة أظافره رحل إلى مدينة فاس بالمغرب الأقصى و هناك كان تلقيه للعلم و المعرفة على يد الشيخ الجليل سيدي عبد القادر بن محمد الفاسي ثم اتصل بالشيخ سيدي أحمد بن يوسف الراشد الملياني الذي أخذ عنه الطريقة الشاذلية اليوسفية.

شجرة نسبه الشريف:

يتصل نسب الشيخ سيدي أحمد بن موسى بالدوحة النبوية الشريفة وعترة آل بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم،

فهو سيدي أحمد بن موسى بن خليفة بن موسى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن احمد بن عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر بن علي بن حرمة بن عيسى بن سلام بن مزوار بن علي حيدرة بن محمد بن الدر النفيس المولى إدريس الأزهر بن المولى إدريس الأكبر بن إمام المدينة المنورة مولانا عبد الله الكامل بن مولانا الحسن المثنى بن مولانا الحسن السبط بن الإمام سيدنا علي كرم الله وجهه ومولاتنا وسيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم

شيوخه:



أخذ رضي الله عنه عن الشيخ عبد القادر بن محمد الفاسي المتوفى سنة 949هـ الموافق لـ 1529م وهو شيخه في العلوم الشرعية - الشيخ سيدي موسى بن المسعود التسفاوتي دفين تسفاوت تيميمون وهو شيخ الوصول- الشيخ حجة الإسلام سيدي أبي العباس أحمد بن يوسف الملياني الراشدي المتوفى سنة 946هـ الموافق ل 1526م وهو شيخ التربية و الطريقة- الشيخ عبد الرحمان السهلي التوفى سنة 959هـ الموافق ل 1589م وهو شيخ الطريقة - الشيخ سيدي أحمد العروسي المتوفى سنة 968هـ الموافق ل 1543م .

أهم تلامذته:

سيدي أمحمد بن جراد الساوري المتوفي سنة 1040هـ الموافق ل 1620م دفين الزاوية الكبيرة لكرزازي - سيدي أمحمد بن عومر البوداوي شيخه في الوصول المتوفى سنة 1082هـ الموافق ل 1662م دفين زاويته (زاويـــــة الشيخ ) بودة - سيدي محمد بن إبراهيم البوداوي المتوفى سنة 1067هـ الموافق ل 1647م دفين لعماريين (بودة)- سيدي محمد بن عبد الله السباعي المتوفى سنة 1060هـ الموافق ل 1664م دفين أسبع- سيدي أحمد بن محمد الحداد دفين أجدال واد الساورة المتوفى سنة 1058هـ الموافق ل 1640م - سيدي عبد الله بن عيسى الذهبي المتوفى سنة 991هـ الموافق ل1571م دفين الزاوية الكبيرة كرزاز.

آثاره:

ترك الشيخ العديد من المؤلفات الجليلة في علم التوحيد وعلم التصوف أغلبها لا يزال مخطوطا إضافة إلى بعض الأوراد المحفوظة في قلوب مريديه وأهالي منطقة كرزاز كقراءة البسملة الشريفة التي سبق وأن أشرنا إليها بالعدد المذكور أعلاه والتي قد أضافها الشيخ رضي الله عنه إلى أوراد الطريقة الشاذلية ، و«حزب الفلاح» للقطب سيدي أبو الحسن الشاذلي قدس الله سره، أيضا الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم 80 مرة عقب صلاة عصر الجمعة و كذلك عند المصافحة، إضافة إلى إقامة الذكر الجماعي المعروف «بالسماع» الذي يقال بالمسجد في الشتاء عقب صلاة الصبح و في الصيف كل خميس و هو ما يسمى الآن بخروج الحضرة و دخول الحضرة.

تأسيس الزاوية الكرزازية:

بعد انتهاء شيخنا من رحلته العلمية رجع إلى مسقط رأسه الزاوية الكبيرة وذلك سنة 908 هـ الموافق ل 1483 م فاستقر بها و أسس بها زاويته المشهورة لنشر العلم وإيواء الفقراء و ابن السبيل وهذا إلى أن التحق بالرفيق الأعلى سنة 993هـ الموافق ل1573 م عن عمر يناهز 90 سنة.

تولي شؤون الزاوية بعد وفاته:

بعد وفاته رضي الله عنه خلفه الشيخ سيدي بن جراد تلميذه الفذ وهذا إلى أن وافته المنية سنة 1040هـ الموافق لـ 1620م ثم تولى الخلافة من بعده سيدي محمد بن الشيخ الحمزاوي و بقيت تحت إشرافه حتى سنة 1045هـ الموافق ل1626م، وبعد الشيخ محمد بن الشيخ الحمزاوي تولى الخلافة على الزاوية الشيخ سيدي عبد الرحمان بن بوفلجة في مطلع القرن الحادي عشر سنة 1048هـ ثم تولى خلافة أحفاده إلى الآن.

مصادر

أنظر إلى ترجمته في كتاب «الاغتباط بالجواب عن الأسئلة الواردة علينا من الأغواط» للعلامة القاضي الحاج أحمد سكيرج ( السؤال الحادي عشر)- أيضا «فهرس الفهارس» 473 العياشي: لسيدي عبد الحي الكتاني ص 837. كتاب «المناقب المعزية في مآثر الأشياخ الكرزازية» لأبو عبد الله محمد بن محمد الكرزازي، كتاب «اللبانة الرمزية لمريد المناقب المعزية» للشيخ سيدي محمد بن الكبير حسوني حفظه الله.

هوامش/

كرزاز:

هي إحدى البلديات التابعة لولاية بشار، بالجنوب الغربي الجزائري أصبحت دائرة إثر التقسيم الإداري لسنة 1986، وهي تضم ثلاث بلديات:

01 بلدية كرزاز وهي أيضا مقر الدائرة.
02 بلدية بني يخلف.
03 بلدية تيمودي.




- بلدية كرزاز يسكنها عدة أعراق من أهمهم السكان الأصليون و المرابطون الذين هم في الأصل من سلالة علي بن أبي طالب و فاطمة الزهراء بنت رسول الله ، ينتسبون في كرزاز إلى الشيخ سيدي أحمد بن موسى، يوجد بها ضريحه الشريف بالزاوية الكبيرة التابعة لهذه الأخيرة «كرزاز»، فروعه موجودة في المنطقة و أيضا بولاية أدرار.

تمتد كرزاز على مساحة تقدر بــ 10520 كم مربع وتضم ثلاث تجمعات سكانية هـي:



1- المقسم: إسم على مسمى لموقعه في الوسط ، فاصل بين جبلين، يشمل جميع الهياكل الإدارية التابعة للبلدية و الدائرة معا، وهو في نفس الوقت مركز المدينة.

2- كرزاز القصر: مقر زاوية سيدي أحمد بن موسى، يوجدعلى بعد كيلومترين و مائتي متر شرق مقر البلدية، يُربط بطريق ثانوي معبد، وأول منطقة سكنية تصادفك هي قصر أولاد مراح بأنقاضه يقع على بضعة أمتار من الطريق المعبد قبل الوصول إلى وادي الساورة، كرزاز القصر موزع على ثلاثة أحياء سكنية منفصلة هي: المطلع، القصر القديم ، وأصراف.

3- الزاوية الكبيرة: تبعد عن المقسم بمسافة سبع كيلومترات نحو الغرب أين يوجد ضريح الشيخ سيدي أحمد بن موسى و أضرحة الشيوخ الذين تعاقبوا على مشيخة زاوية كرزاز، على بعد أربع كيلومترات من المقسم اتجاه الزاوية الكبيرة توجد أنقاض قصر تزقارت تتقدمه مساكن طينية سالفة العصور، وعلى بعد 900 م من الزاوية الكبيرة تلاحظ أطلال سيدي موسى بن خليفة.
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي محمد بن يخلف



مولده:

- ولد سيدي محمد الابن الأول لسيدي يخلف يوم العاشر من شهر جمادى الآخرة سنة 756 هجرية بجبل الراقوبة بمنطقة الراشدية و سمي بالفاضل العلامة الذي جعل للمحاسن علامة.

التعريف بحياته العلمية:

- إنه الإمام العامل الورع الزاهد المتفنن في كل العلوم الكثير الإحاطة والتحقيق، ولد بالراقوبة وبمنطقة الراشدية وبها نشأ وحفظ متونا في العربية والفقه والمنطق وغيرها وعرض ما حفظه على شيوخ بلده إنه مفتى الأمة علامة المحققين وصدر الأفاضل المبرزين إنه وحيد دهره و فريد عصره، إنه الشيخ البركة الفقيه الأمام المعمر ملحق الأصاغر بالأكابر، مرتقي دورة الاجتهاد بالدليل والبرهان، كان ذا أبهة وبهاء، وجودة مملوءة بعلم انفرد به أي انفراد بعلم المعقول والمنقول واتخذ في علم اللسان والبيان وهو ما عداه من الفنون يفوق الصدور، ويقبض على مزاحمة البحور، كانت له اليد الطولي في جميع العلوم، ومهما أخذ في تدريس فن حسبته لا يعرف سواه وأنه أفنى عمره فيه وما ذلك إلا لتضلعه وإطلاعه يأتيه الأشياخ فيما يستشكل دونه من الغوا مض فيزيل ما خالج قلوبهم من العوارض و بعد ما نشأ رحمه الله في وطنه، ضاقت نفسه للرحلة في طلب العلم بعد أن حصل ما عند أهل وطنه فدخل على ولهاصة فأخذ بها عن أشياخها وصادف أيام دخوله منطقة ولهاصة الشيخ العلامة حافظ وقته سيدي علي بن مسعود فاتصل به و لازمه.

~*~*~*~

- وكان سيدي محمد ابن يخلف الراشدي لما دخل ولهاصة تصدى لنشر العلم فهرع الناس إليه و حصلت له وجاهة عظيمة عن أهل المنطقة، لقد درس العلم و حصل له إقبال عند أهلها لجودة فهمه و حسن تقريره و هناك تجددت له الرغبة في علم الحديث و كان فيه قبل ذلك من الزاهدين و يقول بعض مشايخ أهل المنطقة ما وصل إلينا من الراشدية إنه أذكى و أحفظ و كان إذا دخل على جماعة يقولون له: "يا سيدي محمد إنك شيق المستمعين علما و عملا" وهكذا هي عادته ما دخل على أحد المشايخ إلا استفاد وأفاد، إنهم كانوا يستفيدون منه أكثر مما يفيدونه، و بالجملة فهو نادر الوقت و مسند الزمان و فوائده رحمه الله كثيرة، لقد عكف على تعليم العلوم فأفاد الأفراد وأمتع جهابذة النقاد وأسمع كل الأسماع ما أشتهى و أراد.

ومن طلبته:

- لقد أخذ عنه جماعة من الطلبة من إبراهيم ابن القاسم العقباني وحصل عنه و برع و ألف و أفتى و السيد أحمد ابن الأستاذ الندرومي، و أحمد ابن الحسن العماري، الولي الكبير ذو الكرامات الطاهرة و الآيات الباهرة درس عليه زمنا طويلا فلازمه للتهجد في مسجده، و أخذ عنه أبو الربيع سليمان بن الحسين، وهذا الأخير كان قائما على دراسة المدونة الكبرى وابن الحاجب و يقول هذا الأخير: "حضرت مجلس سيدي محمد ابن يخلف الراشدي درسا في المدونة الكبرى الخ…".

ما خلفه:

- لقد أنجب سيدي محمد المتنقل إلى ولهاصة أربعة أولاد: سيدي الأحسن الذي يوجد ضريحه بمديونة و لم يعقب، سيدي قادة الذي يوجد ضريحه بجوار أبيه و له عقب صالح، سيدي الحاج الذي يوجد ضريحه بجوار أبيه وسيدي أحمد الابن الأخير الذي انتقل إلى زواوة و بالضبط إلى عزازقة و يدعى هناك سيدي أحمد أغربي ومزاره هناك تلوح عليه الجلالة والبهاء.

رفاق سيدي محمد بندرومة و تلمسان:

- لقد ورد في التقيد التالي ما يلي: « تقييد الشهود المرضيين الذي رضوا بهم أهل تلمسان في شهادة الشرفاء، و الحائزين على وثائق ثبوتيه من مدينة فاس و ذلك من القرن الخامس الهجري إلى القرن السابع الهجري الإمام أبو مدين، سيدي أحمد زروق، سيدي إبراهيم المصمودي السلطان مولاي أحمد بن كربوش»، هذه قائمة اسمية لشهادة الشرفاء.


منظر لمدخل الضريح للولي الصالح سيدي محمد بن يخلف

شهود ندرومة:

- سيدي عيسى بن عبد الرحمان، سيدي محمد بن عبد الله، سيدي علي بن عبد الله، سيدي يوسف بن عمر، سيدي الزوبير بن يخلف الراشدي، سيدي محمد بن عبد الرحمان، وسيدي عمران بن محمد. هؤلاء عدول زمانهم يحملون معهم وثائق ثبوتية لشرفهم و حسبهم و نسبهم الطاهر و لا يخرج منهم إلا فاسق أو كافر، ونعوذ بالله من الشك والشرك و أيضا بـ تلمسان، سيدي يحي بن أعمر، سيدي محمد بن خالد أتواتي سيدي يحي بن عيسى بن عبد الوهاب العجراني، هذه القائمة الثلاثية كتبها سيدي أحمد بن الناصر في القرن الثامن الهجري.

يقول سيدي محمد ابن يخلف دفين ولهاصة: «انتهى هؤلاء الشهود الونشريسيون و القضاة الكائنون من هؤلاء السادات و سيدي يحي بن عبد الواد، هذا الذي رأيت رسم الشجرة المنسوبة على ظاهر مولاي إدريس بـ فاس للشرفاء و شهودها و كاتبها و السلام و يعم الوقف على من كتبه و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما» وقد اتفقوا على صحته العلماء الفقهاء الراغبون الوارعون هذا منقول من ثقات إلى ثقات إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ليلة الخميس من شهر صفر عام 851 هجرية نسأل الله التوفيق و يهدينا و إياكم إلى الطريق بجاه أهل التحقيق آمين و الحمد لله رب العالمين.

~*~*~*~

وفاته:

- وكانت وفاته يوم الأربعاء لست بقين من رجب سنة 857 هجرية ودفن بـ ولهاصة.


المرجع:

كتاب: «معسكر رجال و تاريخ» للأستاذ جلول جيلالى

~*~*~*~

سيرة ذاتية للمؤلف:



هو الأستاذ جلول جيلالي من مواليد 1942م بلدية ماوسة، من طلبة سيدي بن يخلف. تم تسريحه من زاوية سيدي بوعمران والترخيص له بالذهاب إلى مسجد القرويين وذلك سنة 1960 إلى غاية 1963.

من الوظائف التي اعتلاها :

- سلك التربية من 1963 إلى 1972.
- مسير بمصلحة الموظفين.
- رئيس مكتب الأمانة.
- وفي سنة 1986 مسؤول بمصلحة الثقافة على حماية التراث الثقافي وإحيائه.
- أمين ولائي للمحفوظات.

صدر للباحث ما يلي:

- مشاركة كاملة في طبع تأليف « معسكر رجال وتاريخ».
- تأليف في النسب.
- مقالات عديدة في المجالات الولائية العديدة ثم نشرها.
- مقالات في الجرائد: جريدة الشعب، جريدة الجمهورية، جريدة الرأي، جريدة الجزائري، صوت الغرب، منبر الغرب.

مؤلفات تحت الطبع:

- سلسلة أخرى تابعة لأعيان وعلماء المنطقة «معسكر».
- التحقيق حول بعض المخطوطات «الصرف، المنطق، ديوان للشعر الملحون» هي لمؤلفين من قلب مدينة الراشدية.
تكملة الموضوع

حمل كتاب فهرس الفهارس لسيدي عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني



- عنوان الكتاب: فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات.
- المؤلف: عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني.
- المحقق: إحسان عباس.
- الناشر: دار الغرب الإسلامي.
- سنة النشر: 1402 – 1982.
- عدد المجلدات: 3 «تم دمج المجلدات في ملف واحد للتسلسل»
- رقم الطبعة: 2.
- عدد الصفحات: 1621.
- الحجم (بالميجا): 26.
- المصدر: المكتبة الوقفية.


ترجمة المؤلف قدس الله سره

الكتاني (محمد عبد الحي)

(1302 ـ 1382هـ/1883 ـ 1962م)




- محمد عبد الحي بن عبد الكبير بن محمد بن عبد الواحد الكتاني الفاسي الحسني، ولد وترعرع بفاس المغرب، في أسرة اشتهر أفرادها رجالاً ونساءً، بالعلم والفضل والاجتهاد، والتصوف، والتربية، والجهاد. فأبوه، أبو المكارم، المربي المحدث صاحب المؤلفات الكثيرة، من أعلام الاجتهاد، ورواد الإصلاح الديني والسياسي، ودعاة التحرر والجهاد في المغرب العربي في القرن الرابع عشر الهجري.

وأمه فضيلة بنت إدريس بن الطائع، أخت شيخ الإسلام السيد جعفر بن إدريس الكتاني، العالمة بالله، الدالة عليه بحالها ومقالها، وأخوه، أبو الفيض، محمد بن عبد الكبير بن محمد[ر]، حافظ المغرب الشهيد، حجة الإسلام، ومؤسس الطريقة الأحمدية الكتانية، وولده عبد الأحد بن عبد الحي، العلاّمة المشارك، الفقيه القاضي، الأديب الشاعر. ألّف كتباً عدّة، وقدم لكتاب أبيه «فهرس الفهارس» وله ديوان شعر، قتل خطأ في أثناء فتنة السلطان محمد الخامس في حياة والده عام 1954.

~*~*~*~

كان محمد عبد الحي علاّمة نابغة متميزاً بحفظه العجيب لعلم الإسناد وروايته، سريع الكتابة والتأليف فأملى كتابه الشهير الذي يعد من أجلّ ما كتب في علم الإسناد «فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات» الذي يقع في مجلدين في شهر واحد، كما أملى مجلدة كاملة في أسانيده أسماها «ما علق بالبال أيام الاعتقال»، عين مدرساً مع أجلّة العلماء وكبار الشيوخ في الضريح الإدريسي قبل أن يبلغ العشرين، ونال أرقى الرتب العلمية بالقرويين قبل أن يتجاوز الثالثة والعشرين.

كان يبدأ يومه بالمطالعة، ولا ينام إلا والكتاب في يده، وما كان ينام إلا قليلاً، وما اشترى كتاباً إلا وقرأ فيه، وقرأ عليه الشيخ المعمر محمد بن محمد البقالي الطنجي كتاب «الشفاء» للقاضي عياض في ثلاثة أيام. وما ترك التدريس قط، سواء في الزاوية الكتانية بفاس، أم في جامع القرويين الأعظم، أم في جميع رحلاته الدعوية والإرشادية والعلمية إلى مختلف البلاد في إفريقيا وأوربا وآسيا.

وأول ما يسأل عنه في البلد الذي يزوره المكتبات، فيجمع منها النادر والغريب، ويبذل من أجل ذلك الغالي والنفيس، ومن أغرب ما نقل عنه: أنه دخل يعزي بأحد أهل العلم، وفي أثناء ذلك طلب رؤية مكتبته، فنزع خفه ودخل حافياً بأدب واحترام، ثم استعار بعض كتبها. وكان يحب أن يقرأ الكتب قرب أصحابها، فقرأ «الشمائل» للترمذي و«مقدمة صحيح مسلم» في حرم المدينة المنورة، وقرأ عند ضريح الشيخ ابن عربي كتابه «الفتوحات المكية» في إحدى زياراته لدمشق، وفي البقيع حيث مثوى الإمام مالك قرأ كتابه «الموطأ»، وفي بيت المقدس قرأ كتاب «الفرج بعد الشدة» لابن أبي الدنيا، وفي فلسطين قرب ضريح النسائي قرأ كتابه «السنن».

~*~*~*~

كان موسوعة علمية جامعة فهو فقيه مجتهد، عرف الأصول والفروع، والمذاهب ومدارك الخلاف، وفلسفة التشريع، وكشف الحكمة التي عليها التكاليف والأوامر الشرعية، وهو محدث حافظ، عرف الحديث وعلومه جرحاً وتعديلاً، واضطراباً وتعليلاً، أجمع أهل عصره على أنه حافظ العصر ومحدث الزمان، وهو مؤرخ محقق عرف التاريخ الإسلامي وفلسفته، يستحضر الوقائع والحوادث، لا يفرق في محفوظاته بين المشرقي والمغربي والعربي والعجمي، والقديم والحديث، شهد له بذلك ابن علي في تاريخه لسلا، وابن إبراهيم في تاريخه لمراكش، وبوجندار في تاريخه للرباط، وابن زيدان في تاريخه لطنجة، ودوكاستري De Castries في تاريخه للدولة العربية، وليفي بروفنسال Levi-Provencal في أصول التاريخ المغربي، وعرف أنساب العرب والبربر، وأنساب بني هاشم آل البيت الأشراف على الخصوص، وأنساب الأدارسة بنوع أخص.

كان مكتبة متنقلة، ترك ما يربو على خمسمئة مؤلف في مختلف مجالات المعرفة، وأكثر من مئة ألف رسالة بعث بها إلى مختلف الآفاق الشرقية والغربية، وجمع مكتبة تعد الأولى في العالم بين المكتبات الخاصة ضمنها جناحاً للمخطوطات، وآخر للمطبوعات، وجناحاً للمجلات والجرائد والدوريات، وجناحاً للوثائق والمستندات، وجناحاً للعملات النقدية المتداولة وغير المتداولة، وجناحاً للآثار والتحف القديمة التي ترجع إلى مئات السنين، ومنها كرسي السلطان يوسف ابن تاشفين المرابطي، وفيها قاعة تبلغ ألف متر مربع بطابقين خصصها للمحاضرات والندوات والدروس العلمية، فتح أبوابها أمام الرواد للعلم والمعرفة والسياسة من مختلف الأديان والأوطان، وأنفق في سبيلها الأموال الطائلة، وجمع فيها النوادر من الكتب والمخطوطات، ورتبها ترتيباً عصرياً يسرها بالفهارس لكل قارئ أو باحث، وكانت حديث أهل العلم، وأرخ لها كثير من المؤرخين والباحثين، فكان بحق رائد التنقيب عن المخطوطات، ومؤسس علم المكتبات في المغرب.

~*~*~*~

كان الكتاني شيخ طريقة مرموقة تؤدي دورها في التزكية والتهذيب تجاوز عدد أتباعها مئات الألوف، وكان رجل سياسة سبر أغوارها، واطلع على التاريخ السياسي والدبلوماسي الأوربي والعالمي والإسلامي. فكاتب الملوك والزعماء والقادة، المسلمين والأجانب وكاتبوه، كما كاتب أعلام العلم، وفنون المعرفة فأجازهم وأجازوه.

ابتلي الشيخ بمحنة شقيقه الشيخ أبي الفيض، واعتقل بسجن أبي الخصيصات بفاس أشهراً عدة مما كون عنده القناعة التامة بأن البلاد بحاجة إلى إصلاح هادئ شامل بعيد عن العنف، وكانت قناعته -كما هي قناعة جل الطبقة الواعية بالمغرب- الحفاظ على علاقات ودية مع سلطات الحماية الفرنسية، وجعل ذلك مطية لقيامه بنشاطاته الدعوية والإرشادية والعلمية، فقام بجولات متصلة للمدن والقرى والنوادي المغربية والجزائرية ولمختلف دول العالم، وحضر المؤتمرات العلمية الدولية، ومنها مؤتمر المستشرقين في روما، لتعريف العالم بقضايا الأمة، ومشكلاتها.

وأسس لهذا مؤتمر الطرق الصوفية المغربية، على غرار مجمع الطرق الصوفية في مصر، ليعمل على المحافظة على هوية الأمة لغةً وديناً وثقافةً في كل أنحاء المغرب والجزائر وتونس... ووقف بقوة أمام المسخ والتفريغ من المحتوى الحضاري الأصيل لجامع القرويين، لكنه ـ وأمام الضغوط القوية الزاحفة من الداخل والخارج ـ اضطر إلى الانسحاب من التدريس النظامي فيه، وقاد حملة الإصلاح لمكافحة البدع والمنكرات والمخالفات الناشئة من الجهل بالدين وأصوله، وألف من أجل ذلك كتابه «تبليغ الأمانة في مضار الإسراف والتبرج والكهانة».

~*~*~*~

أمام الآراء المريضة الدخيلة التي قامت في أعقاب انحلال دولة الخلافة العثمانية، القائلة بعدم صلاحية الإسلام لكل مكان وقف بقوة وأثبت في كتابه «التراتيب الإدارية في الحكومة النبوية» أن أي إيجابية في النظام الإداري الغربي الحديث لها أصل ثابت استقاه من عصر النبوة والخلافة الراشدة.

وهكذا كانت للشيخ عبد الحي صولات وجولات غرضها الدفاع عن معالم الشريعة الإسلامية، كنظام حكم وسياسة مجتمع وسلوك أخلاقي رفيع.

استفاد حساد الشيخ وأعداؤه من بيعته للسلطان محمد بن عرفة الذي نصبه الفرنسيون ملكاً على المغرب بعد تنحيتهم لابن عمه الملك محمد الخامس عام 1953 مع أنه لم يكن الوحيد في هذه البيعة بل شارك فيها كثيرون ممن انتقدوها وجعلوها قميص عثمان لحرب الشيخ وإساءة سمعته، فما إن عاد الملك محمد الخامس إلى حكم المغرب عام 1955 محملاً بمعاهدة «إكس ليبان» ووثيقة الاستقلال، وأمام الضغوط والمضايقات، اضطر الشيخ إلى النزوح إلى نيس في فرنسا ليبعد نفسه عن جو الفوضى، وقد ساد في بلده ظاهرة الثأر وانعدمت فرص الأمان، وفي هذا الجوّ المحموم وجد الشيخ في منزله بمدينة نيس فجر يوم الجمعة/12/رجب عام /1382هـ/الموافق/1962م/ قد فارق الحياة بظروف غامضة، ودفن بمقبرة المسلمين فيها وأسدل الستار على حياة علم العصر وحجة الزمان الشيخ محمد عبد الحي الكتاني، وقد طالت محنة الشيخ مكتبته الفريدة النادرة، فتوزعت بين الانتهاب والاختلاس والمصادرة، وتوزعت بقاياها بين الخزانة الملكية بمراكش، والخزانة الحسنية بالرباط، والخزانة العامة بالرباط تحت رمز (خ.ع.ك) وخزانة علال الفاسي، وخزانة محمد الفاسي الخاصتين.


المصدر:

نقلا عن الموسوعة العربية (arab-ency.com) بقلم : محمد هشام برهاني

مراجع للاستزادة:

ـ السيد محمد بن جعفر الكتاني، النبذة اليسيرة النافعة في تاريخ البيت الكتاني، تحقيق السيد محمد الفاتح الكتاني ومحمد عصام عرار الحسني (دمشق، د.ت).

ـ عبد الأحد بن عبد الحي الكتاني، فهرس الفهارس والإثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، تحقيق إحسان عباس (طبعة دار المغرب د. ت).

ـ محمد حمزة بن علي بن المنتصر الكتاني، منطق الأواني بفيض تراجم عيون أعيان آل الكتاني (دار الكتب العلمية، بيروت د. ت).
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح الشيخ سيدي بن محمد بن عطية



هو الولي الصالح والعالم الناصح، إمام الطريقة وبحر الحقيقة، الزاهد الشاكر والعابد الذاكر، قدوة السالكين ومربي المريدين الشيخ سيدي بن امحمد بن علي بن النعيم بن العربي بن عطية بن ثامربن سعد بن زريط بن اسليم بن جاب الله بن سي احمد بن سي امحمد بن عبد الرحمان بن سالم بن امليك بن يحي بن يحي بن محمد بن عبد الله «نائل» وينتهي نسبه رحمه الله إلى الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وفاطمة الزهراء بنت سيّدنا رسول الله صلى الله عليه آله وصحبه وسلم.

~*~*~*~*~*~

مولده:

ولد شيخنا - رحمه الله- سنة 1317 هـ الموافق لـ: 1899 م بمكان يسمى «الخرشفة» ببلدية الزعفران «دائرة حاسي بحبح» ولاية الجلفة.

نشأته:

نشأ الشيخ سيدي بن امحمد يتيم الأب ، حيث مات أبوه و تركه رضيعا ، فرعاه الله بعنايته في حضن والدته الحنون السيدة: خيرة بنت الفارح وتحت كفالة زوجها المرحوم بن سليم بن عمر.

تعليمه و أعماله:

ولما بلغ سن القراءة والتعليم التحق بزاوية الشيخ عطية بن بيض الغول المسماة بـ «الجلالية» بالقرب من مدينة الجلفة، وتابع دراسته بها حتى حفظ القران الكريم، وتفقه في الدين ما شاء الله عز وجل، وبعد خروجه منها مباشرة شرع في تعليم القرآن الكريم، ونشر الدعوة الإسلامية للمريدين من أبناء عشيرته وأقاربه عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خيركم من تعلّم القرآن وعلمه ".

وقد تعرف الشيخ بن امحمد على شيخه القطب الرباني شيخ طريق الرحمانية عبد القادر بن مصطفى شيخ زاوية الإدريسية، وتتلمذ على يديه في طلب العلم والمعرفة من فقه، وحديث، وتفسير للقرآن الكريم ولما عاد من زاوية الإدريسية واصل تعليم القرآن وقد بذل جهدا كبيرا في التربية الإسلامية متنقلا بين عدة أماكن بخيمته ولما أراد الله تعالى له الاستقرار والمقام لمواصلة اجتهاده وجهاده على نشر العلم والمعرفة رأى رؤيا صالحة، وفي الحديث الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة و أربعين جزء من النبوة ".

الرؤيا الصالحة:

بينما كان الشيخ سيدي بن امحمد يفكر في حياة الاستقرار، رأى في المنام كأنه في الجلالية، الزاوية التى تعلم فيها وكأنه مع رفقائه وزملائه الطلبة وهم يبحثون ويحفرون عن الماء في مكان العين الموجودة حاليا بالجلالية في الواد الذي يحاذي الزاوية، فرأى نفسه يحفر بالمعول في الموضع السالف الذكر وفجأة انفجرت عين ماؤها كثير كما رأى في تلك اللحظة جنانا وحديقة في المكان المسمى«بالغيشة» أشجارا يابسة فعزم على سقيها فأخذ المعول وشرع في حفر الساقية والماء يتبعه إلى أن وصل إلى تلك الحديقة اليابسة فسقاها حتى ارتوت أشجارها وأورقت أغصانها واخضرت وابتهجت وصارت روضة من رياض الجنة، فاستيقظ الشيخ من نومه مبتهجا مسرورا بتلك الرؤيا وبعدها سأل الناس عن اسم هذا الموضع بالتحديد فقالوا له يسمى
«بلاد الخضر» فزاد اهتمامه بالبناء في هذا الموضع بالذات أو في مكان آخر، وبينما هو يفكر في هذا الموضع غلبه النوم فرأى في المنام مناديا يناديه قائلا: اذهب إلى بلاد الخضر ولا تتأخر.

تأسيس الزاوية:

بعد مشاهدة الرؤيا ذهب الشيخ إلى صاحب الأرض المذكورة السيد الحاج محمد بن الحاج المختار بن بوصوا، فاستقبله بالفرح والسرور ورحب به ووهب له تلك الأرض بدون تردد فبنى فيها مسكنا متواضعا وشرع في تعليم القرآن الكريم إلى أن أتاه الإذن الرباني والأمر الإلهي من طريق شيخه الولي الصالح شيخ الطريقة الرحمانية عبد القادر بن مصطفى شيخ زاوية الإدريسية يأذن له بتأسيس الزاوية وإعطائه الذكر، والتلقين للمريدين، وهذا بتاريخ 15 شعبان 1360هـ الموافق لعام 1941 م فقام الشيخ بن امحمد بتأسيس الزاوية الحالية، وقد ساعده على بنائها وتأسيسها صديقه ورفيقه الحاج محمد بن الحاج المختار الذي وهبه الأرض، وبعد بناء الجامع اجتهد الشيخ في تعليم القرآن الكريم، وإعطاء الذكر والعهد، وفي نشر الدعوة الإسلامية مثل أسلافه الصالحين، وقد تخرج من زاوية الشيخ بن امحمد عدد كبير من الطلبة منهم من حفظ القرآن كله ومنهم من حفظ النصف ومنهم من حفظ الربع.

الرحلة المفاجئة:

وفي أثناء الحرب التحريرية ولما اشتد الأذى والبلاء من طرف الاستعمار البغيض على المواطنين القاطنين بنواحي الجبال، وفي سنة 1960 م بالذات قامت القوات الفرنسية بترحيل المواطنين ووضعهم في محتشدات تحت الرقابة العسكرية، بقي الشيخ سيدي بن امحمد وحده معزولا بعيدا عن المواطنين الجزائريين فخافت الجماعة عن الشيخ من أذى الاستعمار الفرنسي فألحوا عليه بالرحيل إلى وسط المواطنين أو إلى قرية من القرى ، فرحل مضطرا إلى قرية الزعفران وأسس بها زاوية قرآنية إلى أن جاء النصر المبين وطلع فجر الحرية والاستقلال على الشعب الجزائري في سنة 1962 م فعاد المواطنون إلى أراضيهم وديارهم التي هاجروا منها، وعاد الشيخ بن امحمد إلى زاويته الأولى، مع العلم أن الشيخ قد حفظه الله من شر الظالمين وكيد الكائدين حيث لم يمس بسوء طوال أيام الثورة التحريرية.

مميزاته وسيرته:

وقد سار الشيخ سيدي بن امحمد على سيرة أشياخه الصالحين، وعلى أثرهم مقتديا بهم مثل الشيخ عبد القادر بن مصطفى والشيخ عطية بن بيض الغول وغيرهم من السلف الصالح رضي الله عنهم . فقد كان الشيخ سيدي بن امحمد - رحمه الله- عالما وفقيها وعابدا وزاهدا ومجتهدا، لا يتوانى ولا يتراخى عن ذكر الله، وتلاوة القرآن الكريم، وكان نصوحا لخلق الله، جوادا كريما كل أعماله خالصة لوجه الله، وكان يمتاز بالرحمة والشفقة والعطف والحنان لجميع مخلوقات الله، يغضب لغضب الله ويرضى لرضاه وقد وفق لأداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام سنة: 1397 هـ- 1976م ولم يعرف عنه أنه مارس مهنة أو تجاره أبدا فقد كان ملازما للزاوية لا يفارقها إلا للضرورة القصوى، فمدينة الجلفة زارها خمس أو ست مرات فقط مدة حياته، زار على إثرها الشيخ عطية في مرضه - رحمه الله -كما حضر مرة وفاة أخيه في الله علي بن قويدر سنة 1971 م، وقد قدم مرة أخرى لمدينة الجلفة لعيادة صهره الحاج مصطفى - رحمه الله - . . . الخ

مرضه وصبره ووفاته:

ولما ابتلاه الله عز وجل بالمرض مدة ست سنوات من سنة 1984م إلى 1989م. أظهر الصبر الجميل والنطق بالكلمة التي لا يخجل قائلها وهي، الحمد لله على كل حال.

فقد قال الإمام الشيخ أحمد الصغير رحمه الله بخصوص هذه الكلمة التي لا يفتر لسانه عن قولها أبدا: إنه شيخي في كلمة الحمد لله. وكان رحمه الله يستفسر زائريه عن أحوالهم وأحوال أهلهم ناسيا حالته التي هو عليها من مرض وألم ، وكان رحمه الله يوصي ويحث الزائرين على الدين وطاعة الوالدين، فمن ذلك قوله رحمه الله : عليكم يا أولادي بالإكثار من «لا إله إلا الله » وتلاوة القرآن الكريم.



ومن كلامه أيضا رحمه الله ورضي عنه وهي من «متن ابن عاشر»:

وحاصل التقوى اجتناب وامتثال *** في ظاهر وباطن بذا تنال

وكان يقول: اللهم عرفنا بمن تحبهم ويحبونك، عليكم يا إخواني ببر الوالدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، والاستغفار، والاستقامة.

وقال رحمه الله:

عملي اليومي هو قراءة القرآن، والورد، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وكثيرا ما كان يردد على مسامعنا ما نصه من كتاب جوهرة التوحيد:

وحفظ دين ثم نفس مال نسب *** ومثلها عقل وعرض قد وجب

وكذلك ترديد هذين البيتين لسيدي إبراهيم الخواص - قدس الله سره-

لقاء الناس ليس يفيد شيئا *** سوى الهذيان من قيل وقال
فاقلل من لقاء الناس إلا *** لأخذ العلم أو إصلاح حال.

وكذلك هذه الأبيات من متن «متن عاشر»

يصحب شيخا عارف المسالك *** يقيه في طريقه المهالك
يـذكـــره الله إذا رءاه *** ويوصل العبد إلى مولاه
يحاسب النفـس على الأنفاس *** ويزن الخاطر بالقسطاس

وسأل مرة أحد الزائرين قائلا: عدو إذا أكرمته أهانك وإذا أهنته أكرمك، من هو؟ قال: لا أدري يا سيدي، فقال الشيخ رحمه الله: هي النفس فاحذروها.

وقال: إن الطريق الرحمانية لا تنقطع أبدا إلى يوم الدين، وأخيرا وليس آخرا، فإن كل ما ورد ذكره في هذا الباب من كلام الشيخ رحمه الله في الوعظ والإرشاد هو قليل من كثير.

وقد قال عنه الإمام الجليل الشيخ عطية بن مصطفى رحمه الله وهذا أثناء زيارته له بالزاوية أمام جمع غفير من الزائرين، وبحضرة الشيخ قال: يا سيدي بن امحمد فإن كان لنا نصيب من عين الرحمانية عن طريق شيخنا سيدي عبد القادر رحمه الله ونفعنا ببركاته، فالمنبع الكبير من هذه العين هو عندك، وهذه تعتبر شهادة حية من صديقه وأخيه في الطريق تطمئن لها قلوب المؤمنين.وكان رحمه الله مجاهدا مجتهدا، واعظا مرشدا كريما جوادا، حليما حنينا صادقا مخلصا قولا وفعلا.

~*~*~*~*~*~

هكذا كان دأبه مدة حياته ، فعاش عيشة الأبرار ولقي ربه مع المصطفين الأخيار، رضي الله عنه ورضي عنا به، وأمدنا ببركاته دنيا وآخرة- آمين-

وكانت وفاته رحمه الله يوم 17ربيع الثاني 1410 هـ الموافق 16/11/1989م . ودفن بجوار المسجد بالزاوية نور الله ضريحه وأسكنه فسيح جنانه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

وقد ترك رحمه الله أولادا صالحين ومن بينهم ابنه الأكبر الشيخ سيدي عبد القادر خليفته على رأس الزاوية، وعلى نهج والده - رضي الله عنه- استمر في العناية بالطلبة وتسيير شؤون الزاوية فقام بدوره في هذا المجال أحسن قيام. وقد لقي الشيخ وأسرته العنت الشديد وحل بهم الأذى والبلاء من جراء الفتن والمحن التي عمت في البلاد ولهذه الأسباب اضطر الشيخ أن يغادر مقر الزاوية إلى مدينة الجلفة ، وكان كثيرا ما يتمنى ويتوجه إلى الله بالدعاء على أن لا تطول مدة إقامته بها وقد استجاب الله لدعائه فاستعادت المنطقة صحتها وعافيتها ودبت الحياة الطبيعية في أرجائها بفضل الله تعالى.

~*~*~*~*~*~

ورجع الشيخ إلى موطنه ومقر زاويته في شهر جوان من عام 2001 وشرع في ترميم الزاوية وتعميرها بما توفر لديه من الوسائل المادية وغيرها، نسأل الله له التوفيق والنجاح في كل ما هو مقدم عليه من أعمال ومشاريع خيرية.

هوامش/

حاسي بحبح:



واحدة من أهم دوائر ولاية الجلفة، عاصمة عرش أولاد سيدي امحمد من ذرية سيدي نايل الولي الصالح الشهير الذي هو جد أغلب سكان هذه المنطقة، تأسست عام 1959م، تقع على بعد 250 كلم من الجزائر العاصمة جنوبا و50 كلم شمالا من مقر الولاية على الطريق الوطني رقم 01، وتتربع على مساحة قدرها 763 كلم مربع، ويشتمل إقليم البلدية إلى جانب التجمع السكاني الرئيسي تجمعين سكانين ثانوين هما، حاسي المرة والمصران.
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |