الشيخ العالم الصالح الولي الزاهد أبو إسحق، أحد شيوخ الإمام ابن مرزوق الحفيد. أفرد ترجمته بتأليف، قال الشيخ أبو عبد الله بن صعد التلمساني في كتابه النجم الثاقب: كان هذا الولي أحد من أوتي الولاية صبياً، وحل من رئاسة العلم والزهد مكاناً علياً، عرف به شيخ شيوخنا الإمام ابن مرزوق في جزء قال فيه: ومن شيوخي الذين انتفعت بهم الإمام العالم العلامة المحقق المدرس رئيس الصالحين والزاهدين في وقته، ذو الكرامات المأثورة والديانة المشهورة، الولي بإجماع، المجاب الدعوة، إبراهيم المصمودي من صنهاجة المغرب قرب مكناسة، بها ولد ونشأ، ثم طلب العلم وأخذ بفاس عن جماعة من الأكابر كالإمام حامل راية الفقهاء في وقته موسى العبدوسي والإمام الشهير محمد الأبلي، وقرأ كثيراً على الإمام شريف العلماء أبي عبد الله الشريف التلمساني، ثم انتقل بعد وفاته للمدرسة التاشفينية، فقرأ بها على العلامة خاتمة قضاة العدل بتلمسان سعيد العقباني، ثم لبويته المعروفة، وما زال مقبلاً على العلم والعبادة والاجتهاد في المجاهدة آخذاً بالغاية القصوى ورعاً وزهداً وإيثاراً مثابراً على البر متبعاً طريق السلف أحب الناس لمذاكرة العلم، لا يسمع بكبير في علم أو منفرد بفن إلا اجتمع به، وذاكره أعلم أهل وقته بالسير وأخبار السلف والصالحين والعملاء كافة من متقدمين ومتأخرين، كفاه الله ما أهمه كما ضمن لمن انقطع لخدمته وله كرامات كثيرة.
وحدثني كبير أصحابه الشيخ أبو عبد اله ابن جميل أنه عرض له شيء منعه من اتباع المشهور في مسألة واضطر لفعله، فبحث حتى وجد جوازه لابن حبيب وأصبغ فقلدهما. قال ثم مضيت لزيارة أمي وسقط على حجر آلمني شديداً، واعتقدت أنه عقوبتي لمخالفة المشهور وتقليد غيره، وما علم بذلك أحد. ثم زرت الشيخ وأنا متألم، فقال لي: ما لك يا فلان؟ قلت له: ذنوبي، فقال لي فوراً: أما من قلد أصبغ وابن حبيب فلا ذنوب عليه. وهذا من أكبر الكرامات.
وحدثني بعض صالحي أصحابه قال: كنت جالساً معه في بيته ليسر معني أحد، وهو يقرأ القرآن ويشير بقضيب في يده إلى محل الوقف ضارباً على عادة أشياخ التجويد فقلت في نفسي لمَ يفعل هذا؟ أتراه يقرأ عليه أحد من الجن؟ فما تم الخاطر حتى قال لي: يا محمد كان بعض الشيوخ يجود عليه الجن القرآن، وذكر لي عن غير واحد ممن يهدي طعاماً من لبن أو غيره وربما رده عليهم فيتفقدون أنفسهم فيجدون موجب الرد من شبهة من ضجر أهل البيت أو غيره.
وحدثني غير واحد أنه كان خارج البلد في وقت لا يدرك الباب عادة إلا وقد غلقت ثم يرونه في البلد اهـ.
قال ابن صعد عن جده أبي الفضل أن الشيخ أبيض اللون طويل لا يلبس سوى الكساء الجيدة يعري رأسه أكثر الأوقات، وذكر جماعة من الفضلاء أنه في ملازمته للجبل إذا وجد نوار الربيع أمعن النظر في أنواعه وألوانه وصنعته، فيغلبه الحال ويتواجد ويتبختر ويقرأ حينئذ ((هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه)). سورة لقمان، الآية 11 وقال عن جده أنه توفي عام خمسة وثمانمائة، وحضر جنازته السلطان ماشياً على قدميه اهـ.
وذكر الونشريسي في وفياته أن وفاته سنة أربع وثمانمائة اهـ.
المصدر:
نيل الابتهاج بتطريز الديباج لأحمد بابا التنبكتي.
1 التعليقات :
شكرا وبارك الله فيكم
إرسال تعليق