من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة الشيخ سيدي أحمد الصغير صادقي رَحمهُ الله




ولد الإمام الفاضل و العلامة الكامل الشيخ سيدي أحمد الصغير صادقي سنة : 1325هـ ــ (1907م ) ببلدية الزعفران ( ولاية الجلفة ) حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ سيدي عبد الرحمان خالدي –رحمه الله- في زاوية جدّه الشيخ سيدي أحمد الكبير ( بوادي القصب ) بالزعفران و تعلم مبادئ علوم الدين على يد جدّه شيخ الزاوية.

---------------------

التحق بزاوية الشيخ سيدي محمد بن أبي القاسم الهاملي و ذلك سنة: 1341هـ ــ ( 1922م) فتزود من ثمارها و كنوز أسرارها فأتقن علوم القرآن الكريم و نبغ في العلوم الدينية من فقه و تفسير و حديث، و تضلع في علوم اللغة العربية على يد شيخ الزاوية سيدي بلقاسم الهاملي و على الشيخين سيدي بن عزوز و سيدي المكي ـ رحمهم الله ـ و أخذ عن شيخه سيدي بلقاسم الهاملي الورد في الطريقة الرحمانية و أجازه في تلقينه لمستحقيه، و نال منه كمال الرتب و رتب الكمال و حصل بهمّته على المراد.

---------------------


و عاد إلى مسقط رأسه سنة : 1344 هـ ــ 1925 م و قصد زاوية جده بوادي القصب و شرع في تدريس الفقه الإسلامي ( بإذن من جده ) إلى حين اندلاع الثورة التحريرية و شارك فيها مشاركة فعالة ماديا و معنويا، و في سنة 1960 م تولى الإمامة بمسجد الزعفران و تصدر للتدريس فأقبل عليه طلاب العلم فأفاد و أجاد، و قد وفقه الله تعالى لحج بيته الحرام و زيارة قبر نبيه عليه الصلاة و السلام و ذلك سنة : 1373 هـ ــ 1953 م.

---------------------


و كانت له صلة صداقة و محبة قوية بالمربي الكبير و القطب الشهير شيخ زاوية القيشة سيدي بن امحمد بن عطية ـ رضي الله عنه ـ حيث كان لا يغفل عن زيارته كلما سنحت له الفرصة لذلك و يقول في شأنه " إنه شيخي في ذكر التحميد ( الحمد لله ) هذه الكلمة الطيبة التي لا يفتر لسانه عن ذكرها في السراء و الضراء طوال حياته ". و بدوره كان الشيخ سيدي بن امحمد بن عطية ـ رحمه الله ـ يزوره سنويا مرفوقا ببعض الإخوان و كان الإمام الجليل ـ رحمه الله ـ علامة عصره و إمام وقته له اليد الباسطة في المذهب المالكي و شهدوا له بذلك أقرانه من السادة مشايخ العلم بالمنطقة و من صفاته ـ رحمه الله ـ الزهد و الورع و الحياء و لم يلف نظيره في الجود و الكرم، و كان فوق هذا خفيف الظل لا يمل الناس حديثه مهما طال.

---------------------


و كان ـ رحمه الله ـ مواظبا على العبادات و خادما أمينا لعامة المخلوقات غنيهم و فقيرهم سيدهم و وضيعهم، إلى أن ناداه الله و فارق الحياة الدنيا و عرجت روحه الزكية إلى الرفيق الأعلى و استقرت مع الذين نزلت في حقهم الآية الكريمة : (( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا )) النساء / 69

---------------------


و شيع جنازته إلى جانب العلماء و الأئمة و الأعيان خلق لا يحصون ، و دفن بمقبرة وادي القصب بالزعفران و كانت وفاته ـ رحمه الله ـ يوم الأربعاء 19 رمضان المعظم 1419 هـ (06/01/1999 م).



صورة بعد صلاة الجنازة


---------------------


و قد رثاه تلميذه الشيخ مصطفى شحطة بمقطوعة رثاء كان لها وقع مثير في نفوس الحاضرين...


و هذه هي:


أيا أحمد أتاك اليــــــــقيـــــــــن *** فبشرت لحظة يوم السفـــــــــر

فناداك ربّك في العـــــــــالميــن *** نداء لعبد صبور شكــــــــــــور

فلبيت ذاك النــــــــــدا بيقيــــــن *** لتسكن جنته و نهـــــــــــــــــــر

و هذا المقام إلى المتقيـــــــــــن *** من استغفر الله عند السحــــــر

بشوقك لمن قد مضوا من سنين *** كحاشي و مسعود حبر أبــــــر

فنادوا عليك نداء الحنيـــــــــن *** فهيا لنا قد وفيت العمـــــــــــــر

فكنتم جمانة عقد ثميــــــــــــن *** و قمتم جميعا بسعي و بـــــــــر

و للشعب ستر بحق مبيــــــن *** مصابيح علم هداة البشـــــــــــر

و أنت لشعبك حصن حصيـن *** تقيهم وقاء جليد و حــــــــــــــر

و كيف تركت وراك البنيــــن *** و كيف الجماعة قل ما الخبـــر

و ما حال مسجدكم في التقلين *** فأنت له كصديق العمـــــــــــــر

و يا مسجد قد سمعنا الحنيـــن *** نحن كجذع أحن لخير البشــــر

أيا أحمد أتاك اليــــــــقيـــــــــن *** فبشرت لحظة يوم السفــــــر

فكنت تذود بعلم و ديـــــــــــــن *** بذا كنت فيهم كنور البصــــر

ببذل و جود سخاء قميــــــــــن *** بحلم و لين أديب جديـــــــــر

و قد ظهر النفع للظاهريـــــــن *** نتائج صدق كغيث المطــــــر

لشيخك و جدك كنت الأميـــــن *** بل للقاسمي كريح الزهـــــــر

و صادف موتك الفتح المبيــــن *** فوافق قبرك وتر العشــــــــر

رضاء عليكم من السابقيـــن *** سلام عليكم ممن قد حضـــــر

سلام عليكم من الوافديـــــن *** و طبتم مقاما و طاب الأثـــــر


---------------------


رحم الله شيخنا الإمام وأسكنه فسيح جنانه،وجعل من عقبه خير خلف.

عن كتاب "تنبيه الأحفاد بمناقب الأجداد بمنطقة الجلفة و ضواحيها"
تكملة الموضوع

ترجمة العارف بالله سيدي محمد باي بلعالم رحمه الله



نسبه الشريف :

هو الشيخ الولي الصالح العارف بالله سيدي باي أبو عبد الله بن محمد عبد القادر بن محمد بن المختار بن أحمد العالم القبلوي الجزائري (مالكي المذهب) الشهير بالشيخ سيدي باي يرجع نسبه إلى قبيلة فلان والتي تضاربت حولها الأقوال واختلفت فيها الآراء والشهير أن أصولها تعود إلى قبيلة حمير القبيلة العربية المشهورة باليمن ولد الشيخ عام 1930 م في قرية ساهل من بلدية اقبلي بدائرة أولف ولاية أدرار بجنوب الجزائر، وله أربعة إخوة هو خامسهم وترتيبه بينهم الثالث، كان والده محمد عبد القادر فقيها وإماما ومعلما ، من مؤلفاته: ( تحفة الولدان فيما يجب على الأعيان – منظومة الولدان في طلب الدعاء من الرحمن – منظومة حال أهل الوقت – وله عدة قصائد في مدح سيد الوجود محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم) ، أمه خديجة بنت محمد الحسن كان والدها عالما قاضيا في منطقة تيديكلت ، تربى في أسرة اشتهرت بالعلم والمعرفة، اهتمت بتعليمه، فقد بدأ تعليمه بدراسة القرآن الكريم في مدرسة ساهل أقبلي ،هذه القرية التي كانت تعد منارة للعلم والمعرفة والتي تخرج منها العديد من العلماء والفقهاء ، فدرس القران الكريم على يد المقرئ الحافظ لكتاب الله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن المكي بن العالم ، ثم قرأ على يد والده المبادئ النحوية والفقهية ، ودرس على يد الشيخ محمد عبد الكريم المغيلي مدة من الزمن ، ثم انتقل إلى زاوية الشيخ مولاي أحمد بن عبد المعطي السباعي ، ومكث فيها سبع سنوات ، قرأ فيها الفقه المالكي وأصوله ،النحو ، والفرائض ، والحديث ، والتفسير
وخلال فترة دراسته تحصل على عدد من الإجازات منها:
إجازة عامة من الشيخ الطاهر بن عبد المعطي عند انتهاء الدراسة .
وإجازة عامة من السيد الحاج أحمد بن محمد الحسن بأسانيد متعددة.
وإجازة من السيد علي البودليمي في الحديث .
إجازة من الشيخ السيد محمد علوي المالكي المكي رحمه الله تعالى .
شهادة الليسانس في العلوم الإسلامية من وزارة الأوقاف ( الشؤون الدينية حاليا ) عام 1971م.
بعد أن تخرج الشيخ من الزاوية المذكورة آنفا انتقل إلى مدينة أولف حيث قام بتأسيس مدرسة للعلوم الشرعية تعنى بتدريس الطلاب والطالبات الأمور الدينية واللغوية للمساهمة في رفع المستوى الثقافي الديني لدى أبناء وطنه إبان الاستعمار الفرنسي وقد كان نظام الدراسة فيها خارجيا أسماها مدرسة مصعب بن عمير الدينية ، ولما تغلغلت الثورة في الجزائر واستحكمت قرّر إغلاق المدرسة مؤقتا خوفا على طلبته من المعارك التي كانت تدور آنذاك ، ولما حصل الشعب الجزائري على حريته ونالت الدولة استقلالها واستتبّ الأمن أعاد افتتاح المدرسة من جديد لتستقبل الطلاب بأعداد كبيرة وأضاف إليها قسما داخليا جديدا ، وفي سنة 1964 التحق بالسلك الديني فأصبح من الناحية الرسمية إماما وخطيبا ومفتيا ومدرِّسا معترفا به من قبل الدولة لمسجد أنس بن مالك ومدرسة مصعب بن عمير الدينية ، وفي عام 1971 م شارك في مسابقة وزارة الأوقاف التي أجرتها لمجموعة من المشايخ لتحديد مستواهم العلمي ، فتحصل على شهادة تعادل الليسانس في العلوم الإسلامية، وفي عام 1981م قام بتوسيع مدرسته وأضاف إليها قسما جديدا خاصا بالإناث، فأصبحت تستقبل أعدادا كبيرة من الفتيات على غرار ما تستقبله من الفتيان، وقام بتوسيع الأقسام الداخلية بحيث أصبحت تستوعب طلابا من خارج البلاد.
ورغم انشغاله وجسامة المسؤوليات الملقاة على عاتقه إلا انه لم يتوقف عن التحصيل العلمي فقد ارتحل إلى عدد من البلدان العربية والتقى فيها بعدد من طلبة العلم والمشايخ فأفاد واستفاد، من هذه البلدان : تونس والمغرب الأقصى وليبيا والمملكة العربية السعودية، حيث كانت زيارته الأولى للمملكة العربية السعودية عام 1964م، بقصد الحج والزيارة، وعاد إليها عام 1974م للمرة الثانية ، ومنذ ذلك العام لم يتخلف عن أداء هذه الفريضة إلى عامنا هذا ، فله اليوم 01 محرم 1430هـ 29 ديسمبر 2008م : 37 حجة و14 عمرة نسأل الله له الزيادة.
تزوج عام 1954م فأنجب ثلاثة أبناء ذكور على الترتيب: عبد الله، محمد عبد القادر، أحمد العالم، وجميعهم موظفون في الحكومة، وله أيضا ست بنات.



صورة تذكارية له مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

أسفار الشيخ ورحلاته :

سافر الشيخ رحمه الله إلى عدة بلدان في داخل الوطن و خارجه، وكانت له في جميع رحلاته لقاءات مع العلماء وطلبة العلم ، مفيدا ومستفيدا، فزار ( تونس والمغرب الأقصى وليبيا والمملكة العربية السعودية ) حيث كانت أول زيارة له إلى المملكة العربية السعودية من أجل أداء فريضة الحج سنة 1964 م ، ليعود إليها سنة 1974م للمرة الثانية ، ومنذ ذلك العام لم يتخلف عن أداء هذه الفريضة ، فله أكثر من 30 حجة . تقبل الله منه طاعته. وكان رحمه الله في الحج يعقد الجلسات العلمية في الحرم المكي في السطح غالبا، وفي المخيم في "منى" ويجتمع عليه طلبة العلم، وكثير من المحبين له.
وقد دون الشيخ رحمه الله رحلاته في كتابه " الرحلة العلية " جمع فيه أخبار هذه الرحلات وأحوال المناطق التي زارها.

برنامجه في التدريس :

يعكف الشيخ في كل عام على إتمام ختم صحيح البخاري وتدريسه كاملا ما بين شعبان وذي الحجة ، حيث يختم في الأربعاء الأخيرة من شعبان من كل سنة ، ويدرس أيضا موطأ الأمام مالك كاملا ، وشرح صحيح مسلم كل سنتين ، كما يدرس تفسير القران الكريم وله في ذلك خمسة أيام في الأسبوع ويقوم بتدريس المتون والكتب التي ألفها ، كما يعكف على تدريس الطلاب وتأطيرهم مع كوكبة من المشايخ والذين تخرجوا على يده منهم فضيلة الشيخ بن مالك احمد والشيخ لكصاسي محمد والشيخ عبد القادر حامد لمين والشيخ عبد الله حامد لمين والشيخ لعروسي عبد القادر ، فتقوم الزاوية بدور هام في المنطقة فتساهم في تعليم الطلاب أمور دينهم ودنياهم ، حيث يقصد المدرسة القرآنية التابعة لزاوية مئات الطلاب من داخل الوطن وحتى من خارجه فتضم المدرسة عدة أقسام منها قسم لطلبة الداخليين وقسم أخر لطلبة الخارجيين وقسم للبنات وقسم أخر لنساء ، فتضم الزاوية ما يزيد عن 200 طالب وطالبة ، فتدرس الزاوية القران وعلم التجويد والفقه وأصوله والتصوف والنحو والتوحيد ...

كتبه ومؤلفاته :

ألف الشيخ في فنون عديدة وتجازوت مؤلفاته (40) كتابا منها الصغير والكبير في عدة أسفار فكتب و نظم وشرح وحقق في ( علوم القرآن والحديث والفقه وأصوله والتزكية والتصوف والميراث والسيرة والتاريخ والوعظ والإرشاد والتوجيه …). و منها (15) مؤلفا في الفقه المالكي. ومن أهم مؤلفاته:
1- شرح على نظم خليل للشيخ خليفة بن حسن السوفي القماري، والذي نظمه في ما يقرب من عشرة آلاف بيت، شرحه الشيخ بلعالم رحمه الله في عشرة أسفار سماه:
- مرجع الفروع للتأصيل من الكتاب والسنة والإجماع الكفيل شرح نظم الشيخ خليفة بن حسن السوفي على مختصر خليل . وهو تحت الطبع بدار الفكر.
2- إقامة الحجة بالدليل شرح على نظم بن بادي على مهمات خليل في ( أربعة أجزاء ) طبع دار ابن حزم.
3- ملتقى الأدلة الموضح للسالك على فتح الرحيم المالك في ( أربعة أجزاء ) وهو شرح على منظومته (فتح الرحيم المالك في فقه الإمام مالك) والتي تشتمل على(2509) أبيات
4- الإشراق البدري على الكوكب الزهري لنظم المختصر الأخضري. وهو شرح على نظم الأخضري وكلاهما للشيخ رحمه الله.
5- المباحث الفكرية على الأرجوزة البكرية.
6- زاد السالك على أسهل المسالك (في مجلدين)
7- السفر القاطع والرد الرادع لمن أجاز بالقروض المنافع . وهو رد على من أفتى بجواز المعاملة مع البنوك الربوية وفيه فوائد جمة في التنديد بمن يفتي بغير علم.
8- السبائك الإبريزية على الجواهر الكنزية . وهو شرح على نظم المقدمة العزية في الفقه المالكي.
9- الاستدلال بالكتاب والسنة النبوية على نثر ونظم العزية . يقول عنه الشيخ رحمه الله أنه جعل له منهجية خاصة .
10- كشف الجلباب عن جوهرة الطلاب في علمي الفروض والحساب ( شرح على نظم الشيخ عبد الرحمن السكوتي في الفرائض)
11- كشف الدثار على تحفة الآثار ( في مصطلح الحديث)
12- ضياء المعالم على ألفية الغريب لابن عالم وهو شرح على ألفية الشيخ بلعالم الزجلاوي في غريب القرآن (في مجلدين)
13- المفتاح النوراني شرح فيه نظم الشيخ الطاهر التليلي السوفي في غريب القرآن.
14- الدرة السنية في علم ما ترثه البرية (نظم)
15- الأصداف اليمية شرح الدرة السنية
16- فواكه الخريف شرح بغية الشريف في علم الفرائض المنيف
17- ركائز الوصول على منظومة العمريطي في علم الأصول
18- ميسر الحصول على شرح سفينة الأصول
19- فتح المجيب على سيرة النبي الحبيب
20- منحة الأتراب على ملحة الإعراب
21- اللؤلؤ المنظوم على نثر ابن آجروم
22- الرحلة العلية إلى منطقة توات لذكر بعض الأعلام والآثار والمخطوطات والعادات في ( جزأين) ذكر فيها رحلاته التي تزيد عن عشرين رحلة للحج والعمرة، ورحلته إلى المغرب الأقصى.
23- قبيلة فلان في الماضي الحاضر وما لها من العلوم والمعرفة والمآثر .
24- قصيدة في الرد على الزنديق سلمان رشدي أطلعني عليها سنة 1990
25- منحة الأتراب على ملحة الإعراب
26- الغصن الدّاني في حياة الشيخ عبد الرحمن بن عمر التنلاني
27- محاضرة عنوانها كيفية التعليم القرآني والفقهي في منطقة توات.
28- محاضرة عنوانها الرسول المعلم
29- انقشاع الغمامة والإلباس عن حكم العمامة واللباس من خلال سؤال سعيد هرماس
30- قصيدتان في الرد على ألغاز بعث له بها الشيخ مولاي أحمد الطاهري السباعي.
31- قصيدتان في رثاء الشيخ مولاي أحمد الطاهري السباعي.
32- مرثية الشيخ مولاي محمد الرقاني الفقيه.
33- مرثية الشيخ الطالب الزاوي.
34- مرثية الشيخ عبد العزيز شيخ مهدية.

نشاطات الشيخ:

للشيخ باي عدة أنشطة علمية تعليمية اجتماعية أهمها ملاقاته ومدارسته مع بعض أعلام توات مثل شيوخ تمنطيط ، وبعض شيوخ تيمي أدرار ، يذكر منهم: الولي الصالح سيدي محمد بن الكبير رضي الله عنه، والشيخ الحاج عبد القادر البكراوي، والشيخ عبد العزيز المهداوي، والشيخ الحاج الحسن الإنزجميري، والشيخ عبد الرحمن بكراوي، والشيخ سالم بن ابراهيم، والشيخ مولاي التهامي غيتاوي، والشيخ عبد القادر البكري، والشيخ الحبيب بن الحبيب، والشيخ الرقاني محمد، والشيخ مولاي عبد الله الطاهري، والشيخ أحمد البوحامدي، وصنوه، والشيخ أحمادو، والشيخ محمد عبد القادر الفلاني، والشيخ مَحمد بن مالك، والشيخ الحاج أحمد بن مالك، والشيخ محمد بالحاج جعفر، والشيخ محمد البرمكي، والشيخ محمد بالحاج عيسى رحمه الله، والشيخ عبد الكريم الدباغي، والشيخ الحاج عبد الرحمن حفصي (المكلف بالتدريس في المدرسة الدينية مصعب بن عمير، هو والشيخ أحمد الطالب بن مالك، ومحمد لكصاسي، و عبد القادر حامد لمين، وعبد الله حامد لمين، وعبد القادر لعروسي.)
ولا يخفى أن المدارس الدينية في توات مثل مدرسة الشيخ بالكبير في أدرار، ومدرسة الغمارة في بودة، ومدرسة الشيخ الطاهري السباعي، ومدرسة تاسفاوت، و مدرسة نوم الناس، ومدرسة تمنطيط، ومدرسة أولف، ومدرسة تيميمون، قد تخرج منها الكثير من الفقهاء والعلماء والأئمة الأعلام ومعلمي القرآن الكريم ورجال السلك الديني في الشعب الجزائري، ويوجد في بعض الجهات الأخرى من القطر الجزائري مدارس وزوايا قامت بنفس الدور، منها مدارس دينية داخلية في توات يطول ذكرها، أهمها: مدرسة بني مهلال، ومدرسة زاجلو، ومدرسة الكنتي بزاوية كنته، ومدرسة حفصي بأولف، وأما مدارس القرآن في المساجد وغيرها تُعَدّ بالمئات لا يتسع المقام لذكرها.

وقفياته على مكتبة الحرم النبوي الشريف:

وقف فضيلته على مكتبة الحرم النبوي الشريف عدد من الكتب المطبوعة والمخطوطة، منها الكثير من مؤلفاته، ونسخ من المخطوطات، ولوحة للقرآن الكريم مكتوب فيها ثمن يستبشرون ، ولوحة مكتوب فيها ما يكتب للطفل عند دخوله أول مرة للكُـتّاب، وإداوة كتابة، وقلم الكتابة، وما زال حفظه الله كلما تيسر له كتاب يأخذه معه. محمد الكاتب الأول للتعريف هو: (علي الأمين بن يوسف التواجيوي الحسني الإدرسي الشنقيطي ثم المدني بتاريخ: 22 رجب 1419 هـ في قسم المخطوطات بالحرم النبوي الشريف بباب عثمان رضي الله عنه.) جزاه الله خيرا آمين.
توفي الشيخ رحمه الله تعالى يوم الأحد :19 أبريل العام 2009 ميلادية .
تكملة الموضوع

ترجمة مؤسس زاوية الهامل سيدي محمد بن أبي القاسم الهاملي




بسم الله الرحمن الرحيم

ترجمة مؤسس زاوية الهامل الولي الصالح الشيخ سيدي محمد بن أبي القاسم الهاملي

جاء في حلية الأولياء للأصفهاني عند حديثه عن أولياء الله ما يأتي :

"هؤلاء المحبون يتوجهون إلى الله تعالى بصدق الانقطاع إليه سبحانه، فلا يلتفتون إلى هجوم الأرزاق، وقد انخلعوا من الحول والقوة، قلوبهم دائمة الحضور مع حبيبهم حياء منه سبحانه، شديدة الانكسار هيبة لله تعالى، راضية وموافقة لكل ما يفعله المولى بهم، فهم المنخلعون من حظوظهم، التاركون لأحكام نفوسهم... فهؤلاء هم الذين يستحقون لطف البارئ وعنايته ومحبته."
ونجد كل هذه الصفات مجسدة في شخصية مؤسس زاوية الهامل، ومنها نستطيع فهم بعض أسرار سرعة اشتهارها وبروزها على الساحة الدينية في البلاد الجزائرية، واكتسابها هذه المكانة الرفيعة في هذا الظرف الوجيز من الزمن. ومن خلال هذه المفاتيح نستطيع تركيز النور أكثر فأكثر على بعض المعطيات والنقاط الغامضة. نستطيع فهم التطور الذي حصل في هذه المؤسسة العلمية الدينية الرائدة.
مؤسس زاوية الهامل هو الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي الشريف الإدريسي، من أشهر رجالات القرن التاسع عشر في الجزائر، ومن كبار العلماء والمصلحين ورجال التعليم، ينحدر من أسرة شريفة كريمة متمسكة بالدين متحلية بالخلق الكريم.

نسبـه الشريف:

هـو أبو عبد الله محمد بن أبي القاسـم بن ربيح بن محمـد بن عبد الرحيم بن سائب بن منصور بن عبد الرحيم بن أيوب بن عبد الرحيم بن علي بن رباح بن أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الكريم بن موسى بن عبد الرحيم بن عبد الله بن أبو زيـد بن علي بن مهدي بن صفوان بن موسى بن سليمان بن يسار بن سليمان بن مـوسى بن عيسى بن محمد بن عيسى بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامـل بن الحسن المثـنى بن الحسن السبط بن فاطمة بنت رسول الله.
وهو ينتمي بذلك إلى العترة الطيبة من آل البيت الطاهرين، الذين دخلوا الجزائر في حوالي القرن السادس الهجري، وقد كان سيدي بوزيد أول من دخل البلاد من هذه السلالة الكريمة، وهو يعتبر جد معظم الأشراف الموجودين في مناطق الهضاب العليا وشمال الصحراء، كما أكدَّ ذلك كثير من الأساتذة الباحثين المعاصرين، ومن قبلهم العلماء والحكام، من أمثال الشيخ عبد الرحمن الثعالبي، والشيخ محمد بن عرفه، وقد شهدت السلطات التركية بانتماء سيدي بوزيد إلى آل البيت، وذلك في وثاثق رسمية صادرة عن الدايات هنا بالجزائر، وشهادة الشرف لا تمنح من طرف الأتراك إلا بعد التأكد من صحة النسب، لأن ذلك يعني سقوط الضرائب عنهم وتمتعهم بحماية الدولة.
أما صحة انتساب المؤسس إلى سيدي بوزيد هو ثابت بالتواتر، إذ أن أجداد الشيخ محمد بن أبي القاسم الذين قدموا من جبل العمور كانوا هم أحفاد سيدي بوزيد رأسا، وحظيت المنطقة باحترام وتقدير كبيرين من طرف السكان المجاورين، احتراما لمن حلَّ بها من أحفاد الشريف الحسني الإدريسي.

أسـرتـه الكريمة:

ينتمي الشيخ محمد بن أبي القاسم إلى فريق أولاد سيدي علي، أحد فرق شرفة الهامل الخمسة، وهم:
أولاد سيدي أحمد البكاي ـ أولاد سيدي أحمد ـ أولاد سيدي علي ـ أولاد سيدي بلقاسم بن علي الحسينات ـ أولاد سيدي أحمد بوعدي.
أبوه الشيخ "أبو القاسم" الحسني، عرف بسعة علمه وصلاحه وتقواه، وكان صاحب غيرة على الدين والأهل مربيا للأيتام، ولد في بداية القرن الثالث عشر الهجري ( 1201هـ= 1784م)، بمنطقة أولاد نايل، واصل مهمة آبائه بالمنطقة، إذ كانوا قد قدموا من الهامل لتدريس مبادئ الشريعة الإسلامية، بطلب من أهالي الناحية، حج إلى بيت الله الحرام مرتين سيرا على الأقدام، وكان من مريدي الطريقة الرحمانية، ومن أتباع الشيخ المختار بن خليفة شيخ زاوية أولاد جلال. كان يختم نصف القرآن الكريم في اليوم الواحد، خصوصا في أواخر أيامه، ويروى عنه أنه ما ترك قراءة القرآن في اللوح حتى مات.
رزق من الأبناء ثلاثة، توفي أحدهم في شبابه، وعاش الآخران، وهما المترجم له، والشيخ سيدي الحاج امحمد بن أبي القاسم ـ جد الأسرة القاسمية ـ.
توفي رحمه الله غرة ربيع الأول سنة 1278هـ= 1861م بالهامل ودفن بها.
أمه السيدة عائشة بنت مازوز، شريفة حسنية من أقارب والده، اشتهرت هي أيضا بالصلاح والتقوى والزهد ومحبة الصالحين، لا نعرف عنها الشيء الكثير إلا ما رثاها به الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسي :
أم الفضائل ما لهـا في عصرنـا أبدا مـدان في خـلال فاخره
ذات الديانة والصيانة والحيـا والحلم والشيم الحسان الزاهره
صوامة قوامـة قـد خصصت بمعـارف وعـوارف متوافره
لـم تترك الأعمال حتى بضعفها فهـي المسبحة الالـه الذاكره
وقد توفيت رضي الله عنها سنة 1301هـ.
في هذا الوسط الديني المفعم بالتربية الروحية والأخلاق العالية، ولد محمد بن أبي القاسم.

مـولـده:

ولد الشيخ في أول محرم الحرام سنة 1240هـ ـ كما وجدنا ذلك في إحدى الوثائق بخط يده، وهو ما وجدناه أيضا في وثيقة الشرف التي أعدت بإشراف الشيخ محمد بن الحاج محمد ـ والموافق 26 جويليت 1824م. ـ بينما يذكر ابن أخيه الشيخ محمد بن الحاج محمد أن مولده كان في شهر رمضان من سنة 1239هـ، وهو التاريخ الذي تناقلته أقلام الذين ترجموا للشيخ فيما بعد ـ. كما وجدنا في بعض التقارير الفرنسية أنه من مواليد سنة 1820م وهو أمر نستبعده.
وكان مولده ببادية "الحامدية" في ناحية جبل تاسطارة، بين بلديتي دار الشيوخ وحاسي بحبح بولاية الجلفة، وهو أمر لم يقع حوله اختلاف، بل على العكس المكان لا يزال معروفا لدى الخاصة والعامة، ومحاط بمجموعة من الحجارة، وهو من المقامات المقدسة لدى سكان المنطقة.

طلبه العلم:

نشأ على محبة العلم منذ نعومة أظفاره، ولما بلغ سن التعلم وكعادة السادة أشراف الهامل، أرسله والده إلى الكتاب. وفي السنة التي دخل فيها الاحتلال الفرنسي الجزائر بدأ حفظ القرآن الكريم أي سنة 1246هـ = 1830م. وأتم حفظه على يد ابن عم له يدعى محمد بن عبد القادر العروف بـ "كريرش".
في سنة 1252هـ= 1836م ـ حسب الرواية الشفوية المتداولة ـ وعند مرور الأمير عبد القادر بمنطقة بوسعادة اجتمع به أعيان المنطقة ومنهم: الشيخ أبو القاسم والد المؤسس رفقة ابنه وبايعوه على الخلافة، وهي البيعة التي ذكر الشيخ أنه لن ينزعها من عنقه ما حي.
انتقل سنة 1253هـ= 1837م إلى زاوية علي الطيار بمنطقة البيبان رفقة أخيه سيدي الحاج محمد، لمواصلة طلب العلم، فأتقن القراءات السبع وفن التجويد على يد أحد شيوخ الزاوية المسمى "سي الصادق". أقام هناك سنتين. عاد بعدها إلى بلده الهامل.

مقابلة الأمير عبد القادر:

في سنة 1260هـ = 1844م أراد الالتحاق بصفوف المقاومة بجيش الأمير عبد القادر إلا أن هذا الأخير رفض ـ وذلك في مقابلة معه بمنطقة الجبل الأبيض بالبيرين ـ ولاية الجلفة ـ، وفيها جدد البيعة ثانية للأمير عبد القادر ـ ورأى أنه من الأفضل له مواصلة تعلمه والقيام بمهمة التعليم والإرشاد والتوجيه، وكان ذلك في آخر سنوات المقاومة، وعند مرور الأمير عبد القادر بمنطقة الهضاب العليا حوالي سنة 1260هـ.
وفي السنة نفسها نزل بزاوية سيدي السعيد بن أبي داود بزواوة، ـ كما ذكر ذلك الشيخ المؤسس في ترجمته لنفسه، وما وجدناه في ترجمة المؤسس في شجرة الأسرة القاسمية ـ. ويذكر بعض الباحثين أن ذهابه إلى زاوية الشيخ بن أبي داود كان سنة 1256هـ= 1840م.
وزاوية سيدي السعيد بن أبي داود هي من أشهر زوايا القطر آنذاك وعرفت بأنها تقدم الجانب الفقهي على الصوفي، وأما لماذا اختار بالذات زاوية الشيخ سيدي السعيد بن أبي داود، فالنص الذي أورده الشيخ الحفناوي قد يبين لنا الأمر ويجليه، وإن كان يبقى في الأخير مجرد فرضية . وهو أن المعتقد في تلك الزاوية أن الفتح لخريجي زاوية سيدي علي الطيار لا يكون إلا في زاوية سيدي السعيد بن أبي داود، وعليه فطلبة علي الطيار يتوجهون رأسا إلى زاوية سيدي السعيد. ولعل الشيخ محمد بن أبي القاسم لم يشأ الخروج عن العادة والمألوف، ثم لاشتهار أمر هذه الزاوية بالمنطقة.
أقام بالزاوية المذكورة لتعلم الفقه والنحو وعلم الكلام والفرائض والمنطق وغيره، وبرز في ذلك.
وفي السنة الثانية من إقامته بالزاوية كلفه شيخه بتدريس المبتدئين، في السنة الرابعة عينه مناوبا له في الدرس، في السنة الخامسة أمره بالتدريس في زاوية ابن أبي التقى قرب برج بوعريريج، وقام بمهمته أحسن قيام، وترك هناك أثرا طيبا وذكرا حسنا.
في نهاية السنة الخامسة اجتمع ثلاثة من أعيان أشراف الهامل هم: محمد زيان الشريف، إبراهيم بن الحاج، السيد أبو الأجدل بن عمر، بالشيخ أحمد بن أبي داود، وطلبوا منه السماح للطالب محمد بن أبي القاسم بالرجوع معهم إلى قريتهم ونشر العلم هناك، بإذن منهم فكان لهم ما أرادوا، وكتب الشيخ أحمد بن داود جوابا للشيخ يأمره بالتدريس ببلدته، وعاد الطالب إلى بلده وذلك سنة 1265 هـ = 1848م.

تأسيس الزاوية القاسمية بالهامل:



في سنة 1279هـ= 1862م شرع في بناء زاويته المعمورة على جهة الغرب من قرية الأشراف في سفح جبل يقال له "عمران"، فبنى منزلا للعائلة في غاية العلو والارتفاع محفوفا من كل الجهات بالعمارات، وبنى في جنبه من جهة المشرق حوشا يجلس فيه لإرشاد الخلق وتصريف أحوالهم، وتأكل فيه الطلبة والإخوان، وبيتا يطبخون بها التلامذة الطعام تسمى " النوالة"، وعمّر بلصقها مسجدا يصلي فيه الخمس مع خاصة تلامذته الملازمين له، يسمى بمسجد سيدي عبد القادر ويتلى فيه القرآن بمحضره في كل ليلة نحو الخمسة أحزاب، ويدرس به الحديث والنحو والتفسير ويقرأ فيه الموالد النبوية وتنشد فيه المدائح النبوية.
وعمل بلصق الجميع من كل جهة نحو خمسين مسكنا للمصالح الوقتية.
دخل زاويته ـ وكانت الزاوية الوحيدة الموجودة بالمنطقة ـ رفقة الأهل والإخوان أول محرم الحرام 1280هـ= 18 جويليت 1863م.
وفي سنة 1281هـ= 1864م شرع في بناء مسجد للطلبة والإخوان ولدرس الفقه وغيره، فجاء مسجدا عظيما في الاتساع والطراز.
وعمل مساكن للطلبة والإخوان خارجة عن منازله الخصوصية، فكانت نحو المائة مسكن وهي من عمل الطلبة والإخوان بحيث أنه من رغب في السكنى يبني دارا ويحبسها على الزاوية.
ومع اشتغاله بالخلق على كثرة أصنافهم لا يترك الدروس في علوم عديدة منها: الفقه، الحديث، التفسير، النحو، الكلام وغير ذلك.
أما الفقه من سنة 1279هـ= 1863م إلى سنة 1288هـ= 1871م يتولى درسه بنفسه، ولما تكاثرت عليه الأشغال فوّض التدريس إلى نجباء الطلبة.
وختم عدة وافرة من كتب الحديث المعتبرة ختمات عديدة كالموطأ وصحيح البخاري وصحيح مسلم والجامع الصغير وشروح شمائل الترمذي وشرح الأربعين النووية وسيدي عبد الله بن أبي جمرة وشفاء القاضي عياض.... يسرد على التوالي نحو الثلاث كراسات بلا تعب ولا ملل، ولولا سآمة أهل المجلس أو ما يعرض من الحوائج أو أوقات الصلوات ما كان يقطع القراءة.
وذاعت شهرة الشيخ في المناطق المجاورة، فقصد الزاوية الطلبة من كل مكان من: المدية، تيارت، شرشال، سطيف، المسيلة، الجلفة.........
وتوافد على الزاوية الأساتذة والعلماء من جميع الجهات، وتحولت إلى مركز لقاء بينهم ومنتدى علمي ثقافي يؤمه خيرة علماء البلد. وصفها أحد الشيوخ فقال:"كانت الزاوية المعمورة محلا للعلماء العاملين".
وكان يرتادها في هذه الفترة ما بين 200 و300 طالب سنويا. يدرسهم 19 أستاذا على رأسهم الأستاذ نفسه.

من أعماله:

ـ في سنة المجاعة 1285هـ= 1868م (عام الشر) قام الشيخ بإيواء عشرات العائلات والإنفاق عليها.
ـ في سنة 1288هـ = 1871م، ساهم بمد ثورة المقراني بالرجال والسلاح، وبعد الهزيمة أحضر أبناء الزعيم المقراني، وحوالي ثمانين عائلة من الذين تضرروا من اضطهاد سلطات الاحتلال، وأقاموا بالزاوية معززين مكرمين، ولا يزال "حي المقارنة" بالقرية شاهدا على ذلك.
ـ قدم سنة 1304هـ= 1886م إلى زيارة شيخ المشايخ سيدي محمد بن عبد الرحمن وسيدي عبد الرحمن الثعالبي وأهل الله بحاضرة الجزائر، وتتلمذ له جل أهلها من علمائها وفضلائها، وكذا نواحيها كالمدية والبليدة ومتيجة وشرشال والحراش وتابلاط، وفي هذه الزيارة رمم ضريح الشيخ بن عبد الرحمن بالزليج والرخام.
في هذه الزيارة عرضت عليه السلطات الفرنسية الإقامة بالجزائر، وإنشاء مدرسة له، رغبة منها في مراقبته والسيطرة على تحركاته والحد من تأثيره على الأوساط الشعبية، بعد قضائها على مختلف الحركات الثورية، لكن الشيخ رفض طلبها، محتجا بأن بقائه بالجزائر سيؤدي حتما إلى المزيد من المشاكل، ويثير العديد من الهزات الاجتماعية فرنسا في غنى عنها.
وظل يتردد على الجزائر العاصمة كل سنة غالبا، آخرها السنة التي انتقل فيها إلى جوار ربه.
ـ اهتم رضي الله عنه بتعمير الأرض واستصلاحها وزراعتها، وذلك لتأمين مصدر رزق للزاوية، فاستصلح عشرات الهكتارات بوادي الهامل والمناطق المجاورة له، كمرحلة أولى، وبنى به السدود وشق السواقي ورفعها، وجعل كل ذلك وقفا على الزاوية يستفيد منه الطلبة والفقراء والمحتاجين، ثم بدأ في مرحلة ثانية بشراء الأراضي الزراعية في المناطق الأخرى مثل المسيلة والجلفة وتيارت والمدية تيزي وزو وغيرها من المناطق، وجعلها أيضا وقفا على طلبة العلم من رواد زاويته.
ـ أوقف أموالا وعقارات وبساتين على زوايا شيوخه في أولاد جلال، برج بن عزوز، آقبو، طولقة والجزائر العاصمة، على مقام محمد بن عبد الرحمن الأزهري، بل هو الذي بنى الحائط الذي يحمى المقبرة ويحيط بها.
ـ كان ? يدفع مرتبات دائمة لطلبة العلم والقرآن الكريم بالحرمين الشريفين ويساعد العلماء والشيوخ في ذلك، تشهد بذلك مراسلاتهم الكثيرة والمتعددة.
ـ في سنة 1307هـ= 1889م جدد بناء مسجد الأسلاف المشهورين بـ "حجاج الهامل"، محافظا على طرازه القديم.
ـ أنشأ أكثر من ثلاثين زاوية تابعة للزاوية الأم بالهامل.

وفاتـه:

كان ? في طريق عودته من الجزائر، أين جاءه جواب من عند تلامذته في بويرة السحاري، يخبرونه بحدوث هرج ومرج بينهم واستدعوه للقدوم عليهم ليجري الصلح بينهم كما هي عادته في نشر الأمن والعافية، فلبى دعوتهم وأجرى الصلح بينهم، وتوفي بعد ذلك عندهم على الساعة الثانية زوالا من يوم الأربعاء أول محرم الحرام 1315هـ= 2 جوان 1897. عن عمر يناهز 73 سنة. وأخبرت أن السجادة التي توفي عليها لا تزال الأسرة التي كان عندها تحتفظ بها إلى يوم الناس هذا، ورفضت منحها إلى شيوخ الزاوية القاسمية الذين طلبوها منهم.
وقد اشتهر على ألسنة الناس آنذاك أنه مات مسموما، وهو أمر لا نستبعده بالنظر إلى الأوامر التي جاءت من السلطات العسكرية بوجوب إخراج الرجل من الجزائر العاصمة لما أصبح يشكل خطرا على الأمن والاستقرار في المدينة بسبب كثرة الإخوان والمريدين، طلبت إخراجه وحددت أماكن إقامته في المدن التي ينزل بها ومدة إقامته، ولم تراع في ذلك كبر سنه ولا تدهور صحته.
دفن صباح يوم الخميس 2 محرم الحرام على الساعة العاشرة صباحا، وتولى الصلاة عليه الشيخ سيدي محمد. وحضر جنازته جم غفير من العلماء الأبرار والأتقياء الأخيار من أعيان البلدة وأفاضل الأمصار.
وكانت مدة إقامته بزاويته منذ بناها إلى توفاه الله نحو من سبع وثلاثين سنة، ودفن بمسجده بالهامل، وبنيت عليه قبة بمبلغ جسيم من المال سنة 1323هـ= 1904م إلا أنها سقطت سنة 1326هـ= 1907م وأعاد بنائها الشيخ محمد بن الحاج محمد.

مكانته:

بفضل مكانة الشيخ ومستواه وانتمائه إلى أهل البيت، أعطى الشيخ بعدا آخرا للطريقة الرحمانية، وامتد بواسطته تأثيرها إلى أبعد المناطق الممكنة.
جاء في إحدى التقارير السرية للضباط الفرنسيين: "... وشيئا فشيئا بدأ مقدموه بالتوغل في بلاد القبائل، وحتى إلى البلاد التونسية، وذاع اسم الشيخ محمد بن أبي القاسم، أكثر فأكثر".
ربطته علاقات ممتازة ـ دلت عليها المراسلات الكثيرة الموجودة بمكتبة الأسرة القاسمية ـ مع الأسر الثورية في الجزائر: المقراني، بوعزيز، الأمير عبد القادر، وكذا الأسر العلمية: أبناء أبي داود، أسرة محمد بن عزوز البرجي، أسرة علي بن عمر الطولقي، باش تارزي بقسنطينة، الحداد ببلاد القبائل، بن الحفاف بالجزائر العاصمة، الموسوم بقصر البخاري، غلام الله بتيارت...مما حير عقول الضباط الفرنسيين وأثار دهشتهم. كما عبروا على ذلك في تقاريرهم السرية التي كانوا يرفعونها دوريا إلى الحكومة العامة بالجزائر.
ترك ورائه ابنته الوحيدة "لالا زينب" والتي تولت مشيخة الزاوية بعده، وأدارت شئونها مدة سبع سنوات، واتبعت خطوات أبيها خطوة خطوة، ولم تحد عنها قيد أنملة، في التعليم والإرشاد، أتمت بناء المسجد، الذي بدأ بناؤه والدها.

بقلم: الدكتور عبد المنعم قاسمي مدير مركز القاسمي للدراسات والأبحاث الصوفية

www.kacimisoufisme.org
تكملة الموضوع

الشيخ عبد الحفيظ زبدي الدريدي


مسجد الصحابي الجليل سيدي عقبة بن نافع رضي الله عنه وأرضاه (بسكرة)الجزائر

الشيخ عبد الحفيظ زبدي الدريدي

ولد الشيخ عبد الحفيظ زبدي بسيدي عقبة سنة 1890 م نشا في أسرة متدينة تنتهج الطريقة الرحمانية وكان والده مقدما على هذه الطريقة حفظ نصف القرآن في صباه زاول دروسه الفقهية في جامع عقبة بن نافع على يد جمع من العلماء أمثال ' البشير بن عبد الرحماني العقبي وبن دايخة محمد منصوري وغيرهم....) ولما بلغ العشرين صار مقدما على إخوان الطريقة ( العثمانية ) الرحمانية بسيدي عقبة.

وفي بداية الخمسينات كان يخلف الإمام بن مبارك الهاشمي في الإمامة بمسجد عقبة بن نافع إلى أن توفي الشيخ الهاشمي فعين رسميا من طرف وزارة الشؤون الدينية للصلوات الخمس إلى أن توفي في ديسمبر 1975 م
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |