من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة سلطان الأولياء سيدي عبد الرحمن الثعالبي قدس الله سره



سلطان الأولياء فخر الجزائر المحروسة سيدي عبد الرحمن الثعالبي قدس الله سره
(786هـ / 1385م - 875هـ / 1471م )


أ ـ نسبـــه:

هو القطب الغوث الجامع بين الشريعة والحقيقة الولي الصالح الزاهد سيدي أبو زيد عبد الرحمان، بن محمد،بن مخلوف، بن طلحة، ابن عامر ابن نوفل ، بن عامر، بن موصور بن محمد، بن سباع، بن مكي ابن ثعلبة بن موسى، بن سعيد بن مفضل، بن عبد البر، ابن فيسي، ابن هلال، ابن عامر، بن حسان، بن محمد بن جعفر، بن أبى طالب ، فهو جعفري النسب.

ب ـ مولده ونشأته :

ولد الثعالبي في سنة 785هـ الموافق لـ : 1384 م بواد يسر على بعد 86 كلم بالجنوب الشرقي من عاصمة الجزائر. ونشأ هناك بين أحضان أبويه، نشــأة علم وصلاح وأخلاق مرضية، وقد تلقى مبادئ قراءته وتعلمه بالجزائر العاصمـــة وضواحيها، وقد كان حاضرا يوم غزى الاسبان " تـدلس " في دولة بنى عبد الـواد ، واخوتهم من بنى مرين، وكان عمره 15 سنة .

ج ـ رحلته لطلب العلم :

نزح الثعالبي من مسقط رأسه صحبة والده محمد بن مخلوف في أواخر القرن الثامن الهجري وأواخر القرن الرابع عشر الميلادي طالبا المزيد من العلوم والعـرفان باحث عن مكانها في مناكب الأرض وقصد المغرب الأقصى حـيث اجتمع ببعض علمائها الفطاحل وأخذ عنهم ما تيسر أخذه وقد سمع ورأى هناك عن عالم الدنيا، محمد بن احمد بن محمد ابن مرزوق العجيسي التلمساني المعروف بالحفيد وكان الثعالبـي إذ ذاك يناهز البلوغ ثم يمم شطر بجاية فدخلها صحبة والده أيضا سنة 802 هـ الموافق لـ1392م فـمكث بها زهاء سنة ثم توفى والده ودفن هناك، وعلى إثر وفاة والده عاد إلى الجزائر قصد زيارة أقاربه ثم رجع إلى بجاية أيضا، حيث قضى ما يقارب من السبع سنوات تلقى خلالها دروسا شتى في مختلف الفنون عن زمرة من فطاحل العلماء وفي سنة 809 هـ الموافق لـ 1406م انتقل إلى تونس حيث مكث حوالي ثماني سنوات انتفع خلالها بمعظـم علمائها وأجازوه فيما هو أهل أن يجاز فيه، وفي سنة 817 ـ 1414 م توجه إلى مصر حيـث أفاد واستفاد وأجازه بعض علمائها ولم يلبث طويلا هناك بل يمم شطر تركيا، ونزل بـ "بورصة " حيث استقبل استقبالا كريـما، وقد أقيمت له زاوية هناك، وما تزال تـلك الزاويـة وقـفا محبسا على الثعالبي إلى يومنا هذا. ومن هناك توجه صوب الحرميـن الشرفيـن ، حيث أدى فريضة الحج واغتنم الفرصة فأخذ عن بعض علماء الحجاز وأجازه فـي فنون شتى ثم عاد إلى مصر وفي سنة 819 هـ 1414م عاد إدراجه إلى بلده المحبـوب الجزائـر بعدما غاب عنه حوالي عشرين سنـة قـضاها كلها في اكتناز المعـــارف واغتـراف العلوم ، أين كانت وحيث بانت ، وهكذا استقر بمدينة الجزائر، حيث راح يشتغل بعبادة ربه ، وبث العلوم الشريفة بين أبناء ملته خصوصا في الجامع العتيق ( الكبير) الذى ألف فيه كتابه "العلوم الفاخرة في النظر فى أمور الآخرة " و "الجامع الكبير" وغيرهــم من المصنفات، وقد زاول التعليم إلى أن ناداه آجله المحتوم صبيحة يوم الجمعة 23 من شهر رمضان المعظم سنة 875 هـ الموافق لـ : 15 مارس لسنة 1479 م بعد أن قضى تسعين ربيعا، كانت كلها طاعة ومرضاة لله عز وجل ووقفا على مصالح العباد.

نقلت جتثه الكريمة من منزله إلى مكان يقع على ربوة خارج "باب الواد " تعرف آنذاك بجبانة الطلبة ودفن هناك، ومنذ ذلك اليوم أصبح ضريحه مزارا يتبـرك به ولم يـزل الزائـرون يقصدونه ذكور وإنـاثا يوميا وطوال السنة إلى وقت غـير معلوم ، رحم الله الـولى الصالـــح، سيدى عبد الرحمان الثعالبي وقد دفن معه شيخه المسمى أبي جمعة المكناسي رحمهم الله.

رحل رحمة الله مخلفا وراءه مؤلفات ومصنفات له تقريبا مائة كتاب فى علم التألـيف ومن أهم مؤلفاته "الجواهر الحسان في تفسير القرآن" وله العلوم الفاخرة في النظر في أمـور الآخرة .

وقد دفن معه شيخه المسمى بأبي جمعة ابن الحسين المكناسي رحمهما الله في الضريح المسمى بإسمه، وقد بناه له الأتراك وأعيد ترميمه في كل مناسبة عندما تطول المدة ، يعاد ترميمه وإصلاحه إلى يومنا هذا وهو بصدد الترميم والإصلاح ومن بين المدفونين معه بعض بناته وبعض الأتراك وبعض من الأولياء الصالحين .

من مخلفــاتـــه :



لقد اهتم سيدي عبد الرحمن الثعالبي رضي الله عنه بالتدوين والتأليف لخدمة الشريعة الإسلامية المطهرة وله في ذلك الباع الطويل. فلقد ترك رضي الله عنه ما يزيد عن المائة مؤلف بين رسائل وشروح وحواشي وتعاليق وكتـب مستقلة في الوعظ والرقائق والتذكير والتفسير والفقه والحديث واللغة والتراجم التاريخ وغيرها...

منها :

01 كتاب: "الجواهر الحسان في تفسير القرآن" في أربعة أجزاء
02 كتاب: المعجم الغوي
03 كتاب: الرؤى
04 كتاب: "روضة الأنوار و نزهة الأخيار" في الفقه
05 كتاب: "جامع الهمم في أخبار الأمم" في سفرين ضخمين
06 كتاب: جامع الأمهات في أحكام العبادات
07 كتاب: الإرشاد في مصالح العباد
08 كتاب: رياض الصالحين و إرشاد السائلين
09 كتاب: جامع الخيرات
01 كتاب: التـقاط الدرر
11 كتاب: نور الأنوار ومصابيح الظلام
12 كتاب: الأنوار المضيقة بين الشريعة والحقيقة
13 كتاب: تحفة الإخوان في إعراب بعض الآيات من القرآن
14 كتاب: الذهب الإبريز في غرائب القرآن العزيز
15 كتاب: العلوم الفاخرة في أحوال الآخرة
16 كتاب: الأربعين في الوعظ
وكتب أخرى كثيرة لا تحصى بين مطبوع ومخطوط وما هذه إلا نقطة من بحر لا ساحل له وأغلب هذه الكتب ألفها بأرض السودان...

لقد كانت كتبه عبارة عن خزانة علم عظيمة لا يقدر قدرها فكان الكتاب قبل أن ينتهي النساخ من نسخه ينتظرونه لشرائه والانتفاع به وما هذا إلا سر إلاهي لم يتسنى لمن سبقه كالغزالي وغيره من أئمة الهدى.

II ـ وصفه عام لمحيط الثعالبي :

تولى سيدي عبد الرحمن الثعالبي القضاء بالجزائر ومشيختها ولكنه تخلى عنهما ورفضهما وفضل القيام بالتعليم، فالقضاء والمشيخة رأى أنه موجود من يقوم بهما وبقي في وسعه أن يصلح بين الناس ويرشدهم لما فيه الخير والفلاح(1) ولهذا أصبح الثعالبي يتمتع باحترام تام لدى الخاص والعام وخاصة وجهاؤهم، وقد دفع هذا الاحترام والتبجيل إلى بناء مسجد قرب منزله وأسموه باسمه "مسجد سيدي عبد الرحمن الثعالبي" وبعد موته دفن بالمكان الذي كان يعلم فيه الطلبة وكان يمسى آنذاك بـ :"جنان الطلبة" قرب بيته.

نظرا للمكانة الخاصة التي يتمتع بها الثعالبي لدى كل الجزائريين دفعتهم إلى أن يبنوا حول ضريحه المبارك مقاما يكون لهم بمثابة تعبير صادق عن شعورهم الخاص ولباسهم الروحي نحو طاعة شيخهم الموقر حيا وميتا(2) كان الضريح في السنين الأولى ـ يتوسط المقام ـ وبعد تجديد بنيان المقام على عهد الأتراك زيد في مساحته في ناحية الشرق، فأصبح الضريح جانبا كما و الآن، نجده عن اليمين عند دخولنا المقام.

تظم القاعة ضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي المغطى بتابوت خشبي وعند قدميه يوجد قبر سيدي أبي جمعة بن الحسين المكناسي، وعند شمال المحراب يوجد قبر السيدة روزة بنت محمد الخزناجي زوجة يحي آغا وعند منتهى الشمال الشرقي يوجد الشيخ علي بن الحفاف، وقبور أخرى منها قبر لحسن باشا، وقبر لمصطفى باشا، وقبر لعمر باشا وقبر للحاج أحمد داي(3).

1 ـ الحياة السياسية لعصر الثعالبي :

سقطت الدولة المؤمنية في القرن السابع للهجرة فبدأ الانحطاط وكثر الملوك واشتد الصراع على السلطة، وسادت الفوضى، كما شهد المغرب الإسلامي في هذا القرن انقساما سياسيا جديد إلى ثلاث دول مستقلة، سببها انهيار دولة الموحدين، وبهذا يكون القرن الثامن للهجرة عصر صادت فيه الفتن والحروب بين القبائل والولاة، خاصة بين الحفصيين، الزيانيين والمرنيين الذين كانوا يتنافسون حول السلطة، وفي هذه الظروف ولد عبد الرحمن الثعالبي.

نتيجة لهذا الصراع ضعفت مملكة الموحدين وظهرت على انقاضها دويلات جزأت المغرب فاستقل الحفصيون في تونس "واستقل بنو عبد الواد تحت قيادة" يغمراسن مؤسس هذه الدولة بتلمسان وضواحيها واستولى بنو مرين على فاس (4).

وبهذا اقتسم بنو مرين وبنو عبد الواد بلاد المغرب فاختص بنو مرين بالمغرب الأقصى، في حين استقل بنو عبد الواد بالمغرب الأوسط، وهكذا تم انفصال المغربين عن دولة الموحدين التي استقلت عنهم بقيادة زكريا الحفصي.

وكان قادة هذه الدويلات يهدفون إلى إعادة توحيد المغرب العربي وكل يمني نفسه بوضعه موحدا تحت سلطته.

وفي هذه الأثناء كان للثعالبة دورا كبيرا في الحرب التي خضوها ضد المرنين والحفصيين وبني عبد الواد لهذا بدأت الجزائر العاصمة تتقهقر خاصة بعد قتل زعيمهم "سالم التومي" وتتبع إخوانه وقبيلته فأصبحت الجزائر لا تستطيع فرض نفسها كمدينة مستقلة تحت سلطة الثعالبة، المتمركزة في متيجة.

فالملاحظ أن عبد الرحمن الثعالبي عاش في عصر يسوده الانحطاط الحضاري في مختلف الميادين، لكن كل هذا لم يمنعه بأن يكون علامة كبيرا ونابغة في علم التصوف، بل كان منقذا للدولة الجزائرية خاصة بخطابه الواقعي الذي كان يلقيه أمام الجماهير التي تؤيده(5).

2 ـ الحياة الاجتماعية لعصر الثعالبي :

لقد ولد الثعالبي في عصر يموج بالفتن وكل مظاهر التخلف الحضاري بسبب الحروب القبلية الدائرة بين المغرب العربي وخاصة بين الحكام والولاة، هذا ما دفع بالمواطن المغربي للهروب إلى أشياء أخرى كالتصوف وأهل التصوف وإلى التصديق بالكرامات والمعجزات، وتقديس الأولياء(6) سيما من له شرف النسب كأبي مدين التلمساني والشيخ أحمد بن يوسف الملياني واشيخ بعد الرحمن الثعالبي.

3 ـ الحياة الثقافية لعصر الثعالبي :

كانت الحياة الثقافية في المغرب الإسلامي في الفترة ما بين القرن الثالث عشر والقرن السادس عشر ميلادي تتميز بظهور مدارس في فاس وتلمسان وبجاية وتونس على غرار المدارس التعليمية الدينية، التي عرفها المشرق الإسلامي اتسمت هذه المدارس بالإشراف الرسمي للحكام، وبهذا انتصر الإسلام السني وساد المذهب المالكي واستعملت المدارس الرسمية منهجين متعارضين : هما الاجتهاد والاعتقاد، فبالرغم من إن شاء المدارس لتعليم القوانين الشرعية والعلوم اللغوية، فقد انتشر فيها التصوف أكثر بالرغم من معاداة الفقهاء للمتصوفين، فظهر عدد من المتصوفين في القرن الخامس عشر ميلادي فكان الحكام في الممالك الثلاث يخصون الصوفيين بتقدير خاص.

خاصة بعد انتشار تصوف الغزالي ابتداءا من القرن الثاني عشر ميلادي.

فتأثر الشيخ عبد الرحمن الثعالبي آنذاك كثيرا بالحركة الصوفية التي كانت في أنشط فتراتها. فظهرت بعض المدارس التي أنجبت شعراء ورجال التربية كما عرفت اللغة العربية ازدهارا بعدما كانت تتخبط في طي النسيان فأسس مجمع العلم والبحث والثقافة إذا كان يقصده كل طالب علم ومحو الأمية(7).


III ـ انتشار التصوف السني :

خلال القرنين الثالث والرابع للهجرة نجد أن مشايخ الصوفية الكبار كالجنيد والسري السقطي والخراز وغيرهم اهتموا بجمع المريدين حولهم من أجل التربية والإصلاح، ومن هنا ظهرت الطرق الصوفية المتمثلة في المدارس التي تلقن المريدين أصولا في التربية والتكوين علما وعملا.



1 ـ الإمام الغزالي والتصوف السني :

وجاء بعده حجة الإسلام الإمام الغزالي، حيث أقام للصوفية الصحيحة بنيانها وبين لها شروطها وأركانها ورفض رفضا قاطعا الأفكار الدخيلة ونزهها عن كل ما يتنافى مع الشرع، وكرس لسانه وقلمه في خدمة التصوف الحقيقي، فألف العديد من الكتب تظهر الأفكار الإسلامية الصوفية الصحيحة كما قام بتطبيق سلوكيات الصوفي ودعا إلى التصوف الحقيقي القائم على الشريعة.

إذ يرى الغزالي أن التصوف الحقيقي يكمن في تطهير القلب بالكلية عما سوى الله تعالى، واستغراقه في ذكر الله وعدم انشغاله إلا بذكر الله، ويوضح الغزالي طريقة التصوف فيقول "طريقة طهارتها ـ وهي أول شروطها تطهير القلب بكلية عما سوى الله تعالى، ومفتاحها الجاري منها ـ مجرى التحريم من الصلاة ـ استغراق القلب بالكلية بذكر الله وآخرها الفناء بالكلية الله" (11).

أقام الإمام الغزالي مدرسة تربي فيها المئات من طلبة العلم والحقيقة فهؤلاء نشروا التصوف وازدهر بهم، فانتشر التصوف الحقيقي بعده، وبعده انتشر التصوف السني الصحيح، هذا التصوف القائم على الكتاب والسنة.

فاختص الصوفية المحققون من أهل السنة في معتقدهم وسلوكهم الذي يجب أن يكون مؤسس على الشرع باستنباط حقائق الشرع من ظاهر معاني الكتاب ومدلولاته العقلية : وجعل الشرع بألفاظه ومعانيه معيارا لتلك الحقائق العليا المستنبطة في مجموع الشريعة كتابا وسنة : وإرجاع القضايا إلى نصوص الشرع بعد التفقه فيه و التأدب بأدبه، قبل أن يسلكوا طريق التصوف، ثم الاهتداء ثانيا بهدي الكتاب والسنة حال سلوكهم.

فكان صوفية أهل السنة علماء بعلوم الشرع، وعلماء بنظم المعتقد على أساس العقل، وعلماء بالله والنفس (12).

2 ـ تصوف الثعالبي :

ألف سيدي عبد الرحمن الثعالبي العديد من الكتب منها "تفسير الجواهر الحسان" و "روضة الأنوار ونزهة الأخيار" وكتاب "الأنوار في معجزات النبي المختار" و"الأنوار المضيقة بين الشريعة والحقيقة".

نظرا لما لهذه المؤلفات من فوائد فإن العديد من العلماء أجازوا سيدي عبد الرحمن الثعالبي منهم الشيخ أبي زرعة العراقي بقوله : "الشيخ الصالح الأفضل الكامل المحرر المحصل الرحال أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي ..".

وحلاه الشيخ العلامة الإمام سيدي عيسى بن سلامة البسكرى في كتابه "لوامع الأسرار في منافع القرآن والأخبار" "بالشيخ الصالح الزاهد العالم العارف أبو زيد عبد الرحمن الثعالبي"(13).

وقال هو عن نفسه :"ولم يكن بتونس يومئذ من يفوتني في علم الحديث إذا تكلمت انصتوا وقبلوا ما أرويه تواضعا منهم وإنصافا واعترافا بالحق"(14).

تعد أعمال الثعالبي في إطار تصوف إسلامي صحيح يسند أصوله من الكتاب و السنة إذا استوحى الثعالبي تصوفه من المدرسة الغزالية فنلمس ذلك من جل كتبه خاصة و أن النزعة الغزالية كانت سائدة آنذاك وما دفع الثعالبي إلى التصوف والزهد حالة العصر التي كانت سائدة آنذاك، وتتمثل في الركود والضعف في المجال السياسي والتمزق الاجتماعي، وخاصة معالم البذخ والانحلال في المجتمع الجزائري التي حملها النازحون من بلاد الأندلس، كما كان التصوف الثعالبي ضد الفتن والأجواء السياسية والمجادلات العقلية والعصبيات المذهبية لا سيما ما كان منها يعود إلى الحياة الاجتماعية والحضارية عامة من ألوان الترف والبذخ.

فحاول الثعالبي أن يتفلسف في إطار الكتاب والسنة، كما فعل من قبله شيخه الروحي الغزالي.

*منهج الثعالبي : لقد سلك الثعالبي في منهجه الصوفي مسلك معظم المتصوفة فاتخذ من التوبة والورع والزهد والتوكل وسائل لبلوغ غايته، كما أنه اعتنى عناية كبيرة بعلم الكلام وهذا ما نكتشفه من مؤلفاته في التعريف تشمل أكثرعلى تحديد المصطلحات الكلامية بالإضافة إلى تحديد مصطلحات في التصوف فيعرف علم الكلام فيقول "هوالعلم بأحكام الألوهية، وإرسال الرسل، وصدقهم في جميع أخبارهم، وما يتوقف عليه شيء من ذلك خالصا له بقوة هي مظنة لرد الشبهات وحل المشكلات وجلى الشكوك"(15).

لقد كان تصوف الثعالبي يقوم على توفيقه بين الشريعة والحقيقة الصوفية والدعوة إلى التحرر من الحياة المادية كمظاهر البذخ والترف والغفلة عن ذكر الله والتمسك الشديد بالكتاب والسنة في كل أحكامه وموافقة الظاهر للباطن في جميع تصرفاته تحقيقا لكسب رضى الله(16).

كما أن الثعالبي ربط بين الدين والأخلاق بل اعتبر الأخلاق جزءا أساسيا من الدين منها أخلاق اجتماعية، وهي التي تتعلق بالقلوب والأقوال والأفعال، وإلى أخلاق نفسية وهي ما يتصل بالخوف والرجاء والصبر والشكر والمحبة.

2 ـ علاقة المؤسس بالإرشاد الديني :



في عصر بني عبد الواد الجزائر عرفت بعض التوترات عندما كان أبو حمو الأول مضطر لمواجهة المرينيين في الغرب والحفصيين في الشرق، وبهذا السبب بدأت الجزائر العاصمة تتقهقر عندما أصبحت عاجزة عن فرض نفسها كمدينة مستقلة تحت سلطة الثعالبة التي كانت متمركزة في متيجة، كل هذه التوترات أدت إلى ظهور عبد الرحمن الثعالبي كمنقذ لها، وما ساعده في ذلك الخطاب الواقعي الذي كان يلقيه أمام الجماهير، وكانت الجزائر بالمقابل تستعد لتصبح عاصمة المغرب العربي للبحر الأبيض المتوسط بفضل التوسعات التي كانت تكتسبها عن طريق ربط علاقات مع الدول الأوروبية المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط، حيث كان ميناء الجزائر يتمتع بمركز استراتيجي نظرا لمرور السفن الأوروبية فكانت تربط الجزائر علاقات اقتصادية مع الدول الأوروبية الأخرى(الايطالية والاسبانية)، فضلا عن إدخال ميناء الجزائر ضمن الخرائط البحرية عند الأوروبيين لأهميته الاقتصادية.

كما عرفت الجزائر في هذه الفترة إشعاعا علميا وثقافيا موازيا للدول الإسلامية والأخرى في الشرق الأوسط، والمغرب العربي بفضل العمل الكبير الذي قام به عبد الرحمن الثعالبي، فعرفت الجزائر العاصمة ظهور بعض المدارس والمراكز الثقافة التقليدية منها المدرسة الثعالبية التي تدرس فيها كل المواد العلمية والروحية والتدريس التقليدي (كعلم النجوم، التاريخ والجغرافيا، والقواعد) أصبحت هذه المدارس تثير اهتماما كبيرا من طرف الجماهير خاصة بعد اختصاصها في تدريس مادة أو مجموعة مواد، لهذا أصبح طلبة سيدي عبد الرحمان الثعالبي يمثلون فئة كبيرة من السكان، فأسس الجزائريون آنذاك ما سموه بـ (مجمع العلم والبحث والثقافة) حيث كان يقصده كل طالب علم ومحو الأمية، فلقد زاره أحد وزراء المغرب وهو أبو الحسان العالي، ابن محمد التمكروتي عندما كان متوجها إلى اسطمبول فقال عن ذلك المجمع "الجزائر مكتظة بالسكان كثر طالبي العلم إذ أصبح عددا هائلا من الطلاب مثقفين، كما كانت الجزائر موسوعة علمية لوجود عدد هائل من الكتب"(17).

ساهمت المدرسة الثعالبية في جمع عدد هائل من الطلبة، وبالتالي من السكان وكذلك المسجد الذي يسمى باسمه "مسجد سيدي عبد الرحمن الثعالبي" الذي أصبح مركزا عمرنيا بدأت البنايات حوله تكثر وتزداد يوما بعد يوم حتى شكل هذا النسيج العمراني الملتف حول المسجد مدينة، لذا قيل أن بناء المسجد في الإسلام أساس العمران في المدن الإسلامية، إذ لا يلبث العمران أن ينموا حول المسجد حتى صار المسجد نقطة التحول في الدراسة الطبوغرافية التاريخية للمدينة الإسلامية(1.

نستنتج من هذا أن لسيدي عبد الرحمن الثعالبي دورين هامين في مدينة الجزائر العاصمة تمثلا في التمركز السكاني والتمركز الثقافي.

ولهذا أصبحت مدينة الجزائر العاصمة مقترنة في اسمها بعبد الرحمن الثعالبي إلى اليوم" مدينة سيدي بعد الرحمن ـ أولاد سيدي عبد الرحمن".

لقد كثر هذا التعبير في الأغاني والأهازيج الشعبية إذ لا يكاد أحد من عامة الشعب أن يذكر الجزائر إلا مقترنة بعبارة "مدينة سيدي عبد الرحمن الثعالبي".


ضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي قدس الله سره

الهــــوامــــش

نور الدين (عبد القادر) صفحات في تاريخ مدينة الجزائر (من أقدم عصورها إلى إنتهاء (العهد التركي) مطبعة البحث، قسنطينة ط2 ، ص 1956 ص 171.
محمد (بن ميمون) التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بلاد الجزائر المحمية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر ، ط2 ،1981، ص 348.
محمد بن ميمون مرجع سابق، ص : 351.
عبد الرزاق (قسوم) ، عبد الرحمن الثعالبي والتصوف، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر 1978 رقم النشر 701 ـ 78 ساند ص 13.
عبد الرزاق (قسوم) مرجع سابق ، ص 16
علي محي الدين (القرة الداعي) ، للإمام أبي حامد الغزالي، الوسط في المذهب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لدولة قطر الجزء الأول ، 1993، ص : 201
علي محي الدين (القرة الداعي)، مرجع سابق ، ص : 202
علي محي الدين (القرة الداعي)، المرجع نفسه، ص : 202
علي محي الدين (القرة الداعي)، مرجع سابق ، ص : 201
محمد جلال (شرف) دراسات في التصوف الإسلامي (شخصيات ومذاهب)، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت ، 1984، ص : 154
عبد الرحمن (الجيلالي) تاريخ المدن الثلاث : الجزائر ومليانة والمدية ط2 ، 1972 ص : 273.
الحفناوي ، تعريف الخلف برجال السلف، غير موقع للنشر ج1، 1991، ص : 74 – 75
عبد الرزاق (قسوم) عبد الرحمن الثعالبي والتصوف ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ، الجزائر ، 1978 ، ص : 42.
عبد الرزاق (قسوم) عبد الرحمن الثعالبي والتصوف ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر 1978، ص : 75.
عبد العزيز (سالم) تاريخ المسلمين وأثارهم في الأندلس ، من الفتح العربي حتى سقوط الخلافة بقرطبة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، بيروت ص ت
مكتبة الأبحاث التاريخية والأثرية ، 1981 ، ص : 376
تكملة الموضوع

كرامات أولياء الله الصالحين



بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد نقطة دائرة الوجود الخلقي ومستودع سر الوجود الحقي صلاة نصعد بها في المعراج الحبي و مدارج الإقبال الصدقي ويمتزج بها العلم اليقيني في المشرب الذوقي.

وبعد/

قال الله تعالى في القرءان الكريم: { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ ‏آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ ‏الْعَظِيمُ (64)} [سورة يونس].‏‎ ‎

وقال الإمام القشيري رضي الله عنه : الولي من توالت طاعاته، ومن تولى الحق سبحانه حفظه، وإنّما يديم توفيقه ‏الذي هو قدرة الطاعة قال الله تعالى: { وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)} [سورة الأعراف] ولا يكون ‏معصوما كالأنبياء بل يكون محفوظا حتى لا يصر على الذنوب.‏‎ ‎

*.*.*

وقال الله تعالى: { وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ‏ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا(16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت ‏تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ (17)} [سورة الكهف] الآية.

*.*.*‎ ‎

وقد بسط الكلام في تفسير هذه الآية على إثبات كرامات الأولياء الفخر الرازي في تفسيره الكبير ‏فقال: "احتج أصحابنا الصوفية بهذه الآية على صحة القول بالكرامات".

*.*.*

ومن دلائل الكرامات نص القرءان في قصة صاحب سليمان عليه السلام "آصف بن برخيا" في قوله ‏تعالى: { أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ (40)} [سورة النمل] ولم يكن نبيا، والأثر عن أمير ‏المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيح أنه قال: يا سارية الجبل الجبلَ في حال خطبته يوم ‏الجمعة، وتبليغ عمر إلى سارية في ذلك الوقت حتى تحرزوا من مكامن العدو من الجبل تلك الساعة.‏‎ ‎

*.*.*

وأنشدوا: (الرجز)‏‎ ‎

وأثبتن للأوليا الكرامهْ ... ومن نفاها فانبذن كلامهْ‎ ‎

واعلم أن كرامات الأولياء ثابتة بالقرآن والحديث وما تواتر من أخبار على مر العصور والأزمان، ‏وهذا هو الحق عند جمهور أهل السنة، وهي أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة ولا هو ‏مقدمة لها يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح ملتزم متابعة نبيّ كلف بشريعته، مصحوب بصحيح ‏الاعتقاد والعمل الصالح علم بها أو لم يعلم، فامتازت بعدم الاقتران (أي بدعوى النبوة) المذكور عن ‏المعجزة، كما وأنها تختلف عن الإرهاص، والإرهاص ما يحصل للنبي قبل نزول الوحي عليه ‏كتسليم الحجر على رسول الله في شعاب مكة، وامتازت بظهور الصلاح عما يسمى معونة كالتي ‏تظهر على يد بعض عوام المسلمين تخليصا لهم من المحن والمكاره، وبالتزام متابعة نبي كلف ‏بشريعته عن الخوارق المؤكدة لكذب الكذابين وتسمى إهانة كبصق مسيلمة الكذاب في بئر عذبة الماء ‏ليزداد ماؤها حلاوة فصار ملحا أجاجا.‏‎ ‎

وليس إنكار الكرامة من أهل البدع بعجيب إذ لم يشاهدوا ذلك من أنفسهم ولم يسمعوا به من رؤسائهم ‏مع اجتهادهم في العبادات صورة واجتناب السيئات بزعمهم، فوقعوا في أولياء الله تعالى أهل ‏الكرامات يأكلون لحومهم ويمزقون أديمهم جاهلين كون هذا الأمر مبنيا على صفاء العقيدة ونقاء ‏السريرة واقتفاء الطريقة واصطفاء الحقيقة.‏‎ ‎

*.*.*




وقال الإمام القشيري: قال أوحد فنه في وقته القاضي أبو بكر الأشعري رضي الله عنه: ان المعجزات ‏تختص بالأنبياء، ولا تكون للأولياء معجزة لأن من شرط المعجزة اقتران دعوى النبوة بها، ‏والمعجزة لم تكن معجزة لعينها إنّما كانت لحصولها على أوصاف كثيرة، فمتى اختل شرط من تلك ‏الشرائط لا تكون معجزة وأحد تلك الشرائط دعوى النبوة، والولي لا يدعي النبوة، فالذي يظهر عليه ‏لا يكون معجزة، قال القشيري: وهذا القول الذي نعتمده ونقول به، فشرائط المعجزة شكلها أو أكثرها ‏توجد في الكرامة الا هذا الشرط الواحد.‏‎ ‎

واعلم أن كل كرامة لولي هي معجزة للنبي الذي يتبعه ذلك الولي، وما جاز أن يكون معجزة لنبي ‏جاز أن يكون كرامة لولي الا ما كان من خصائص النبوة.‏‎ ‎

وانشدوا قولهم: (الكامل)‏

- والأوليا اذكرهم بخير انهم *.*.* تبعوا الرسول بصحة الآداب‎ ‎
خدموا الشريعة وما اتبعوا الهوى *.*.* مـتمسكين بأشرف الأنساب‎
صـحت ولايتهم بشاهد حالهم *.*.* فَـعَلَوا وصاروا وجهة الطلاب‎‎
لهم الكرامات التي ظهرت بنا *.*.* كـالشمس ما حجبت ببرد سحاب.

فإذا عرفت ذلك فاعلم أن الذي يدل على جواز كرامات الأولياء القرءان والأخبار والآثار.‏‎ ‎

فأما الأول: ما جاء في قصة مريم عليها السلام وولادتها عيسى دون زوج، وكفالة زكريا لها عليه ‏الصلاة والسلام، وكان لا يدخل عليها غيره وإذ خرج من عندها أغلق عليها سبعة أبواب، وكان يجد ‏عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف، ومن قصة أصحاب الكهف ولبثهم‎ ‎في ‏كهفهم سنين بلا طعام ولا شراب، ومن قصة آصف بن برخيا وإتيانه بعرش بلقيس قبل ارتداد ‏طرف سليمان عليه السلام، وكذلك قصة إماتة عزير مائة عام ، ومن ذلك قصة ذي القرنين وتمكينه ‏في الأرض وملكه تلك المساحة الشاسعة في المدة القليلة.‏‎ ‎

والثاني: ما ورد في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن الصالح جريج الذي ‏أكرمه الله بأن أنطق له غلاما في المهد وخبر الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فدخلوه فسدت ‏عليهم الغار صخرة فأكرمهم الله بأن نجاهم بصالح أعمالهم.‏‎ ‎

وكذلك قوله النبي صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" رواه ‏مسلم والأخبار كثيرة، ومنها ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه أنّه قال: "فاذا أحببته ‏كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها" رواه البخاري، ويقول الإمام ‏الرفاعي رضي الله عنه في شرح هذا الحديث: "الصقوا بأولياء الله، الولي من وادَّ الله وآمن به ‏واتقاه، فلا تحادّوا من وادّ الله. الله ينتقم لأوليائه ممن يؤذيهم، عليكم بمحبتهم والتقرب اليهم تحصل ‏لكم البركة، أما الآثار فمنهما أن الملائكة كانت تسلم على عمران بن الحصين، وكان سليمان وأبو الدرداء يأكلان ‏في صحفة فسبحت الصحفة وسبح ما فيها، وعباد بن بشر وأسيد بن حضير خرجا من عند رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فأضاء لهما طرف السوط فلما افترقا اقترق الضوء معهما رواه ‏البخاري وغيره، وخرجت أم أيمن مهاجرة وليس معها زاد ولا ماء فكادت تموت من العطش فلما ‏كان وقت الفطر وكانت صائمة سمعت حسا على رأسها فرفعته فاذا دلو برشاء أبيض معلق فشربت ‏منه حتى رويت وما عطشت بقية عمرها، وسفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرَ الأسدَ ‏أنه رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فمشى معه الأسد حتى أوصله إلى مقصده، وخالد بن الوليد ‏حاصر حصنا فقالوا: لا نسلم حتى تشرب السم، فشربه فلم يضره، وعمر رضي الله عنه نادى سارية ‏من المنبر والقصة مشهورة، ومثله كثير...

*.*.*



صورة أغرب من الخيال مأخوذة من أرشيف المكتبة الوطنية (فرنسا) مكتوب عليها "أسد الأولياء" بالجنوب الوهراني ... مدينة (وهران) بالجزائر.

ومثل ما جرى لأبي مسلم الخولاني الذي مشى هو ومن معه من العسكر على دجلة وهي ترمى ‏بالخشب من مدها، ثم التفت إلى أصحابه فقال: هل تفقدون من متاعكم شيئا حتى أدعوا الله فيه، فقال ‏بعضهم: فقدت مخلاة فقال: اتبعني فاتبعه فوجدوها قد تعلقت بشيء فأخذوها، وطلبه الأسود العنسي ‏الذي ادعى النبوة فقال له: أشهد أني رسول الله فقال: ما أسمع، فأمر بنار فألقي فيها فوجده قائما ‏يصلي وقد صارت بردا وسلاما، قال عمر رضي الله عنه حين علم بذلك: الحمد لله الذي لم يمتني ‏حتى أراني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الله، وكذلك وصلة ‏بن أشيم مات فرسه وهو في الغزو فقال: اللهم لا تجعل لمخلوق عليّ منة ودعا الله سبحانه فأحياه له، ‏فلما وصل إلى بيته قال: يا بني خذ سرج الفرس فإنّه عارية، فأخذ سرجه فمات (أي الفرس)، وكان ‏سعيد بن المسيب في أيام الحرة يسمع الأذان من قبر النبي صلى الله عليه وسلم أوقات الصلاة وكان ‏المسجد قد خلا فلم يبق غيره، وكان إبراهيم التميمي يقيم الشهر والشهرين لا يأكل شيئا، وكان ‏عبد الواحد بن زيد أصابه الفالج فسأل ربه سبحانه أن يطلق له أعضاءه وقت الوضوء و الصلاة، فكانت ‏تطلق له أعضاؤه.

*.*.*

و نذكر أيضا ما حصل أيضا لعبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه رجع من سفر كان فيه ‏مرة فوجد جماعة على الطريق فقال: ما هذه الجماعة، فقالوا: الأسد قد قطع الطريق عليهم فنزل عن ‏دابته ومشى إليه فأخذ بأذنه ونحاه عن الطريق، ولا يخفى ما وقع للإمام علي الرضا ابن الإمام ‏موسى الكاظم حيث روي أن المتوكل أمر خدام السباع أن يجوعوا منها ثلاثة ويحضروهم إلى قصره ‏ففعلوا وقعد هو في المنظرة مع أصحابه وأغلق الدرج، وبعث إلى الإمام علي الرضا حتى يحضر ‏وأمر أنه إذا دخل من باب القصر يغلق الباب، فلما دخل أغلق الباب ودخل بين السباع وقد أصمت ‏بزئيرها الأسماع فلما مشى في الحصن يريد الدرجة مشت إليه السباع وقد سكتت وما سمع لها حس ‏حتى تمسحت به ودارت حوله وهو يمسح رءوسها بكمه ثم ضربت السباع بصدرها الأرض ‏وربضت، فما هاجت ولا زأرت حتى صعد الدرجة وتحدث عند المتوكل مليا ثم نزل ففعلت السباع ‏كفعلها الأول وربضت وما سمع لها حس ولا زئير حتى خرج الإمام رضي الله عنه، وقال أويس ‏القرني لهرم بن حيان حين سلم عليه: "وعليك السلام يا هرم بن حيان" ولم يكن رآه قبل ذلك، وهذا ‏من باب الكشف وهو من الكرامات.‏‎ ‎

*.*.*

ولا يخفى ما حصل لشيخ العريجا السيد الجليل أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه ما أخبر به الامام ‏الرافعي من أن امرأة وضعت بنتا لها حدباء، فلما كبرت وآن أوان مشيها اذا بها عرجاء، ثم سقط ‏شعر رأسها لعاهة، ففي يوم من الأيام حضر السيد أحمد الكبير محلة الحدادية حيث البنت‎ ‎‏ فاستقبله أهلها والعرجاء فاطمة بين الناس وبنات الحدادية يستهزئن بها، فلما أقبلت قالت للسيد أحمد ‏رضي الله عنه: أي سيدي أنت شيخي وشيخ والدتي وذخري أشكو إليك ما أنا فيه لعل الله ببركة ‏ولايتك وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعافيني مما أنا فيه فقد زهقت (تعبت) روحي ‏من استهزاء بنات الحدادية، فأخذته الشفقة عليها وبكى رحمة لحالها ثم ناداها: ادني مني فدنت منه ‏ووضع شيئا من ردائه عليها ومسح بيده المباركة على رأسها وظهرها ورجليها فنبت بإذن الله ‏شعرها وذهب احديدابها وتقومت رجلاها وحسن حالها. وكراماته كثيرة رضي الله عنه.‏‎ ‎

هذا وفي القدر كفاية وصلى الله على سيدنا محمد سر الوجود والسبب الأعظم لكل موجود صلاة أهل السموات والارضين عليه اجري يارب لطفك الخفي في أموري والمسلمين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
تكملة الموضوع

حمل كتاب حياة الأمير عبد القادر (د.أبو القاسم سعد الله)



بيانات الكتاب:

- كتاب: حياة الأمير عبد القادر.
- المؤلف: شارل هنري تشرشل.
- ترجمة وتحقيق وتقديم: أ.د.أبو القاسم سعد الله ~ رحمه الله.
- الناشر: الدار التونسية للنشر ~ تونس.
- تاريخ النشر: 1974.
- عدد الصفحات: 336.
- حجم الملف: 12 ميجا.
- حالة الفهرسة: منسقة ومفهرسة.


رابط آخر للكتاب 


تكملة الموضوع

حمل كتاب أنيس الخائفين وسمير العاكفين فى شرح شطرنج العارفين

 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

تعريف بالمؤلف:


هو العارف بالله و الدال عليه سيدي الشيخ محمد بن أحمد بن الهاشمي بن عبد الرحمن التلمساني أصلاً، الدمشقي سكناً، الشاذلي العلوي طريقة، عالم دين سني متصوف، وشيخ الطريقة الشاذلية في بلاد الشام في عصره .... ولقد سبق وأن أفردنا له ترجمة خاصة هنا بالمدونة على هذا الرابط


- عنوان الكتاب: كتاب أنيس الخائفين وسمير العاكفين في شرح شطرنج العارفين للشيخ الأكبر ابن عربي.


- المؤلف: سيدي محمد الهاشمي التلمساني.
- عدد الصفحات: 63.

- تعريف موجز:

كتاب في التصوف يهدف مؤلفه إلى الدلالة على الله والإرشاد إلى صراطه المستقيم بصدق التوجه إلى الله بما يرضاه، وبمجاهدة النفس الأمارة فيما تهواه، ومعرفة دسائسها ومفازات الطريق وآفاتها وقد تناول موضوعات شتى منها:

- العبد وأقسامه
- العدم وأقسامه
- الوجود وأقسامه

رابط التحميل


تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |