من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

عائلة ابن عزوز الإدريسية

إنها عائلة دينية صوفية عريقة من سلالة النبيّ صلى الله عليه و اله و سلم. أصلها من مكة المكرمة من قبيلة آل عزوز
و هذا فخر لها لا يدعو إلى تكبر ، لأنّ الله سبحانه و تعالى في محكم كتابه يقول: خلق الإنسان من صلصال كالفخار. وقوله سبحانه و تعالى : " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " . و قال صلى الله عليه و اله و سلم كلكم من آدم و آدم من تراب. و كذالك قوله صلى الله عليه و اله و سلم " ان الناس سواسيه متساوون كاسنان المشط ".
لعلّ هناك الكثير من الناس لا يعلمون ان لهذه العائلة تاريخاً عريقاً ليس في الفكر والأدب والدعوة والفقه فحسب بل في مقاومة الإحتلال الفرنسي و كانت حركة الطريقة الرحمانية العزوزية من أكبر حركات المقاومة الجزائرية التي هددت المشروع الاستعماري الفرنسي في الجزائر و تونس
لقد وفقهم الله في نشر الوعظ و الإرشاد ونشر الحرف العربي عبر التراب الجزائري و التونسي ، فلم يشهروا سيفا ولم يجادلوا بالباطل ، بل تسلحوا بعرى الأيمان وقدموا علما يسمى بالتصوف فصدقوا مع الله ربهم فسخر الله لهم قلوب العباد بالصبر واليقين
كانت العزة لدعاة الإسلام من عائلة بن عزوز وعلى رأسهم الشيخ محمدبن عزوز من البرج و الشيخ مصطفى مؤسس زاوية نفطة بتونس و كانت هذه الزاوية قبلة المجاهدين و المناظلين
إلا أن كثيرًا من الطرق قد انحرفت بعد وفاة مشائخها عن الخط العام الذي رسمه مؤسسوها الأوائل
العلامة محمد المكي بن عزوز
كان الشيخ التونسي محمد المكي بن عزوز "رحمه الله" - الذي يقول عنه الكتاني في فهرس الفهارس 3/856 : " كان مُسند أفريقية ونادرتها ، لم نر ولم نسمع فيها بأكثر اعتناء منه بالرواية والإسناد والإتقان والمعرفة ومزيد تبحر في بقية العلوم
هو الإمام العلاّمة المحدث المقري الفلكي الفرضي الصوفي المسند الشهير الشيخ أبو عبد الله سيدي محمد المكي بن ولي الله سيدي مصطفى بن العارف الكبير أبي عبد الله محمد بن عزوز البرجي النفطي مولداً التونسي تعلماً القسطنطيني هجرة ومدفناً، ولد في حدود سنة 1270، وسماه بالمكي عمه الشيخ محمد المدني بن عزوز وكنّاه بأبي طالب تيمناً بأبي طالب المكي صاحب القوت (2) وقرأ بتونس وتصدر للتدريس بها، وولي الإفتاء ببلد سكناه نفطة عام 1297 وهو ابن 26 سنة ثم قضاءها، ثم انتقل إلى السكنى بتونس سنة 1309، وفي سنة 13 انقل إلى الآستانة فبقي بها إلى أن مات بها على وظيفة معلم الحديث الشريف بدار الفنون ومدرسة الواعظين.
هذا الرجل كان مسند أفريقية ونادرتها، لم نر ولم نسمع فيها بأكثر اعتناءاً منه بالرواية والإسناد والإتقان والمعرفة ومزيد تبحر في بقية العلوم والاطلاع على الخبايا والغرائب من الفنون والكتب والرحلة الواسعة وكثرة الشيوخ، إلى طيب منبت وكريم أرومة وكان كثير التهافت على جمع الفهارس وتملكها حتى حدثني بزاوية الهامل الشمس محمد بن عبد الرحمن الديسي الجزائري الضرير عنه أنه اشترى ثبتَ السقّاط وهو في نحو الكراسين بأربعين ريالاً، وهذا بذلٌ عجيبٌ بالنسبة لحاله، وأعجب ما كان فيه الهيام بالأثر والدعاء إلى السنّة مع كونه كان شيخ طريقة ومن المطالعين على الأفكار العصرية، وهذه نادرة النوادر في زماننا هذا الذي كثر فيه الإفراط والتفريط، وقلَّ من يسلك فيه طريقَ الوسط والأخذ من كل شيء بأحسنه، عاملاً على قوله تعالى (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) وكانت وفاته رحمه الله
__________
(1) انظر بروكلمان، التكملة 888:2 وإيضاح المكنون 60:1 والزركلي 330:7 (وفيه اعتماد على فهرس الفهارس).
(2) يعني كتاب " قوت القلوب " .
بالقسطنطينية العظمى سنة 1334، ورثاه جماعة من أدباء القطرين الجزائر وتونس بيدي بعضها.
حلاه شيخ الإسلام بمكة الشهاب دحلان في إجازته له بقوله: " قد اشتهر في الأقطار بلا شكّ ولا مين، ولا سيما في الحرمين الشريفين، بالعلم والحلم نخبة العلماء الأعيان، وخلاصة الأعيان من ذوي العرفان، سراج أفريقية، بل بدر تلك الأصقاع الغربية، الأستاذ الكامل، جامع ما تفرق من الفضائل والفواضل " الخ. وهذه الحلاة نادرة من مثل الشيخ دحلان، يعلم ذلك من تتبع حلاه في إجازته لأهل المشرق والمغرب وهي كثيرة.
وقال فيه عالم الطائف العلاّمة عبد الحفيظ القاري أثناء سؤال قدمه له:
من نرتجي للدينِ يكشفُ غُمّةً ... عمّتْ على الإسلام بالإغماءِ
غير ابن عزّوز إماماً للهدى ... بالحقّ يُفتي لا بأخذ رشاء
من مغربٍ في مشرقٍ يبدي السنا ... في المطلعين له ضياً كذُكاء
إن كان فينا قائمٌ فهو الذي ... بالعلم يرقى ذروة الجوزاء.
شيوخ المترجم يقرب عددهم من الثمانين، وهذه أسماء مجيزيه، منهم: 1 مجيزنا مسند الجزائر أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى وأخذ عنه أيضاً 2 السيد شيخ بن محمد بن حسين الحبشي الحضرمي، 3 شيخ الإسلام حميدة بن الخوجة التونسي، 4 العمعمر يونس وهبي أفندي قاضي العسكر التركي بالآستانة، 5 مجيزنا المعمر محمد فرهاد المدرس بها أيضاً، 6 محمد بن دلال اليمني الصنعاني، 7 المعمر أحمد أمين النويني الحسيني الشرواني، 8 أحمد دحلان، واستجازه أيضاً مكاتبة عام 1301، 9 بكري بن حامد العطار الدمشقي مكاتبة .

كان "رحمه الله" في بداية شبابه - أيام عيشه بتونس زمن الدولة العثمانية ، , وقد ألف - حينها - عدة كتب ، منها كتابه " السيف الرباني في عنق المعترض على الغوث الجيلاني " يرد فيه على من أنكر كرامات الشيخ الشهير عبد القادر الجيلاني وما نُسب إليه من خرافات ـ هو بريء م
نها بإذن الله.
تكملة الموضوع

ترجمة العارف بالله سيدي محمد الصوفي البوتشيشي قدس الله سره


العارف بالله سيدي محمد الصوفي البوتشيشي قدس الله سره ( ت 1424 هـ _ 2004 م ):

بسم الله الرحمان الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سينا محمد الأمين وعلى اله وصحبه أجمعين.

العارف بالله تعالى سيدي محمد الصوفي الإدريسي الحسني شيخ الطريقة البوتشيشية القادرية الصوفية بالجزائر قدس الله سره.

ولادته :

ولد سيدي ومولاي وسندي وقدوتي ومربي العارف بالله تعالى والدال عليه مربي المريدين ومرشد السالكين تاج العارفين القطب الرباني والغوت الصمداني شيخنا سيدي محمد الصوفي الإدريسي الحسني المسيردي التلمساني الجزائري سليل بيت النبوة الهاشمية الإدريسية شيخ الطريقة القادرية البوتشيشية الصوفية في القرن العشرين الميلادي قدس الله سره ولد بقبيلة التحاتة بمسيردة سوق التلاتاء باب العسة التابعة لمدينة لاله مغنية ولاية تلمسان بالجزائر المحروسة ولد في بيت والديه الكريمين الشريفين سنة 1909م على الأصح وقيل سنة 1914م نشأ في بيت والده على التقوى والصلاح ولما شب وترعرع أدخله والده سيدي قدور إلى الكتاتيب لحفظ القرا ن الكريم فقرأ شيخنا الصوفي رضي الله عنه القران على عدة مشايخ ومن أبرزهم شيخه العلامة الجليل والفقيه المالكي الزاهد الشريف القادري البوتشيشي نسبة ونسبا العارف بالله تعالى سيدي عبد القادر القادري بوتشيش الملقب بمولاي بودخيلي الشريف القادري الحسني وهو شقيق مولانا الغوت الأعظم سيدي بومدين القادري بوتشيش شيخ الطريقة البوتشيشية القادرية ومؤسسها بالمغرب الشقيق قرأ سيدي محمد الصوفي القران عليه وحفظه عن ظهر الغيب وعمره لا يتجاوز 10سنين حيت ختم القران 14 سلكة أو ختمة بطريقة حفظ المغاربة عن طريق اللوح كما ذكره لي هو عن نفسه رضي الله عنه وأرضاه.

سلوكه طريق القوم :

دخل سيدي محمد الصوفي عالم التصوف وانطوى تحت لواءه وذلك بإشارة من شيخه سيدي عبد القادر بوتشيش حيت صلى بطلابه صلاة الصبح وقال لتلامذته أنا اليوم متجه إلى زيارة أخي وشقيقي سيدي بومدين بوتشيش بمدينة احفير بالمغرب فمن أراد زيارته فليتبعني فألهم شيخنا الصوفي لزيارة هذا الشيخ العظيم وتوجه مع طالب من تلمسان حامل لكتاب الله ولما وصل إلى الزاوية البوتشيشية قبل يد شيخه سيدي بومدين تم سأله سيدي بومدين قائلا له ما اسمك فقال له الطالب التلمساني يا سيدي اسمه محمد ولقبه صوفي فنظر إليه سيدي بومدين بوتشيش نظرة بصيرة وكشف ورضا تم قال له اسمك يدل على مقامك بشره سيدي بومدين بالولاية العظمى وهو لم يتجاوز من العمر 23 عاما وذلك سنة 1936م فكان من أوائل المريدين الذين سلكوا الطريقة البوتشيشية على يد سيدي بومدين بوتشيش هدا ما سمعته من شيخنا سيدي محمد الصوفي مباشرة من فمه الشريف والله على ما أقول شهيد وللحديت بقية ولله الحمد.

كتبها بيده ونقله بفمه خادمه مقدم الطريقة القادرية البوتشيشية عبد العزيز بن علال الإدريسي الحسني الجزائري عفا الله عنه
تكملة الموضوع

ترجمة القطب الغوث سيدي أبو مدين شعيب رضي الله عنه



هو الشيخ شعيب بن الحسن الأندلسي التلمساني من مشاهير السادة الصوفية أصله من الأندلس وأقام بفاس وسكن بجاية في الجزائر وكثر أتباعه حتى خافه السلطان يعقوب المنصور وتوفي بتلمسان سنة594هـ عن عمر ناهز الثمانين.

يعدالشيخ شعيب الرجل الثاني بعد عبد القادر الجيلاني في تسلسل أخذ الطريقة الشاذلية لأبي الحسن الشاذلي الذي أخذ عن الشيخ عبد السلام بن مشيش عن أبي مدين شعيب عن سيدي عبد القادر الجيلاني رضوان الله عيهم والتي آلت لسيدي أبو العباس المرسي رحمه الله

كما يعد الجد الأكبر لآل مدين الأسرة الصوفية العريقة بمصر ولقبه أبو مدين التلمساني نسبة إلى أبنه مدين الأول وتلمسان المدينة التي فاضت روحه بها وكان آخر قوله الله الحي والشيخ شعيب كم كان يعرف في بلاد المغرب من أعيان مشايخها في القرن السادس الهجرى، وكان جميل الخلقة متواضعا زاهدا ورعا محققا ظريفا متحليا بكل مكارم الأخلاق، فأجمعت المشايخ على تعظيمه وإجلاله وتأدبوا بأدبه وكثر تلاميذه ومريدوه وذاعت شهرته في كل شمال أفريقيا. وقد نشأ الشيخ شعيب في بلدة بجاية بالمغرب الأوسط وأنجب ولده مدين هناك فعرف بأبى مدين، وظل يمارس الوعظ والإرشاد في جامع البلدة ومدرستها حتى بلغ الثمانين من عمره وعرف في كل بلاد المغرب، وسمع به أمير المؤمنين أحد أحفاد الأدارسة ، وخليفة المغرب الأقصى في ذلك الوقت وكان موجودا بمدينة تلمسان فأرسل في طلبه. ويقص علينا عبد الوهاب الشعراني وغيره من مؤرخى الطبقات قصة ذهابه إلى تلمسان فيقول: وكان سبب دخوله تلمسان أن أمير المؤمنين لما بلغه خبره أمر بإحضاره من (بجاية) ليتبرك به، فلما وصل الشيخ شعيب إلى تلمسان، قال: مالنا للسلطان، الليلة نزور الإخوان، ثم نزل وذهب إلى المسجد الجامع هناك، واستقبل القبلة وتشهد وقال: ها قد جئت ها قد جئت، وعجلت إليك رب لترضى، ثم قال: الله الحى ، ثم فاضت روحه إلى بارئها قبل أن يرى السلطان ".



مسجد وضريح أبو مدين شعيب بمدينة تلمسان


ومن أقوال الشيخ أبى مدين المأثورة : ليس للقلب إلا وجهة واحدة متى توجه إليها حجب عن غيرها وكان يقول :الغيرة أن لا تعرف ولا تعرف وأغنى الأغنياء من أبدى له الحق حقيقة من حقه وأفقر الفقراء من ستر الحق حقه عنه

وعن تاريخه أوردت صحيفة الأهرام المصرية في معرض الحديث عن وقف حي المغاربة بالقدس الشريف دعا الملك الأفضل بن صلاح الدين الأيوبي لاقامة الوقف لآله وتلاميذه‏..‏؟ وحدود وقف سيدي أبومدين التي نصت عليها المواثيق التاريخية؟ حدود وقفية سيدي أبومدين أو وقف المغاربة تبدأ بباب المغاربة حتي باب السلسلة وهي الأبواب الرئيسية للحائط الغربي للمسجد الأقصي المبارك وهو حائط البراق

و قطب الاقطاب أبومدين الغوث شعيب ابن الحسين الانصاري المدفون في مسجده الكبير بالعباد بمدينة تلمسان في الجزائر معروف عبر التاريخ الإسلامي وفي كل كتب التراق والتاريخ الإسلامي وفي كتاب ابن قنفذ ودائرة المعارف الإسلامية وشذرات الذهب للامام الشعراني وفي كتاب الامام الدكتور عبد الحليم محمود "شيخ الشيوخ أبومدين الغوث" وفي العديد من المراجع الإسلامية ويقال إنه خرج علي يده ألف تلميذ وجميعهم من العلماء ولذلك يقال له شيخ مشايخ الإسلام‏,‏ وإمام العباد والزهاد‏..‏ وقد كان له الفضل في نشر الإسلام في بلدان غرب إفريقيا والطريقة المدينية انبثقت عنها الطريقة الشاذلية والعديد من المذاهب الصوفية وقد ذكر المستشرق سبنسر تريمنجهام في كتابه الطرق الصوفية في الإسلام أن طريقة أبي مدين استمرت من خلال تلميذه عبد السلام بن مشيش المتوفي عام‏625‏ هـ‏1228‏ م والشيخ عبد السلام بن مشيش من أعظم تلاميذه البارزين هو أبوالحسن الشاذلي الذي أسس الطريقة الشاذلية والتي انتشرت في شمال إفريقيا من المغرب العربي الي مصر‏,‏ كما كان لها أتباع في سوريا وبلاد العرب كافة‏.‏ لذلك فان الشيخ أبومدين الغوث شعيب ابن الحسين يعتبر قطب الاقطاب‏.‏



صورة من الداخل لمسجد سيدي بومدين رضي الله عنه


وعلى مسئولية الدكتور أحمد عبد اللطيف أبومدين أحد احفاد الشيخ أبومدين الغوث بين يديه العديد من المستندات والوثائق التي تثبت وقفية آل أبومدين في حي المغاربة بالقدس الشريف والذي تحاول إسرائيل حفر نفق اسفله‏.‏بداية‏..‏ ما هو التاريخ الحقيقي لحي المغاربة بالقدس الشريف؟ وما هي علاقة آل أبومدين به؟الدكتور أحمد عبد اللطيف أبومدين الأستاذ المتفرع بطب القاهرة‏:‏ تاريخ انشاء باب المغاربة الذي تبدأ منه وقفية آل أبومدين هو جزء من التاريخ الإسلامي للقدس الشريف‏,‏ فقد كانت مدينة القدس الشريف بعد الفتح الإسلامي موئلا‏:‏ لقراء وحفاظ القران الكريم ورواة الحديث الشريف‏..‏ ونقطة التقاء حجاج بيت الله الحرام‏..‏ وموطنا للتقوي والعبادة والتسبيح‏,‏ فكان هذا حافزا للولاة والأعيان أن يخصصوا أوقافا للصرف علي هؤلاء القراء والحفاظ والعباد‏.‏ وكان ممن استفاد من هذه الأوقاف طائفة من المغاربة آل وتلاميذ سيدي أبومدين رضي الله عنه‏,‏ حيث أقاموا علي الجانب الغربي من الحرم الشريف‏...‏ وأوقف لهم الملك الأفضل بن صلاح الدين الايوبي‏(‏ صلاح الدين يوسف أيوب شاد‏)‏ سنة‏1193 (583‏ هـ‏)‏ هذا الوقف المعروف بوقف أو حي أو حارة المغاربة أو وقفية سيدي أبومدين علي الجانب الغربي من المسجد الشريف تتوسطه مدرسة الملك الأفضل وهذا الوقف كانت تقوم فيه زاوية سيدي أبومدين‏.‏

‏..‏ وماذا عن الحقوق والمواثيق التاريخية المسجلة لآل أبومدين في وقفية المغاربة بالقدس الشريف؟ قال‏:‏ نص الوقفية أعيد تقييده مرتين‏:‏ عامي‏661‏ هجرية ثم ‏1004‏ أي‏1267‏ م ثم‏1595‏ م وتوجد صورة من نص وقفية الملك الأفضل بن صلاح الدين لآل أبومدين المغربي محفوظة في مكتبة كلية سانت انتوني بجامعة اكسفورد وفي مدرسة الدراسات الشرقية بجامعة لندن وفي سجل المحكمة الشرعية بالقدس ‏(‏ ص‏588‏ سجل‏77).‏ويوجد اعتراف من مؤلف يهودي اسمه عوزي بنزعان في كتابه‏(‏ القدس بلا أسوار‏)‏ طبعة‏1974‏ بكل هذه الوثائق وأوردها في كتابه‏...‏ وكان الفضل لجمعها يعود إلي العالم والمؤرخ الكبير الاستاذ الدكتور السيد فهمي الشناوي في مقالته التاريخية بعنوان مؤامرة صهيونية علي حائط البراق منذ واحد وعشرين عاما وبالتحديد في يونيو عام‏1986.‏



_الحكم الغوثية_

عدد هذه الحكم مائة وسبعون حكمة,قالها الشيخ في أحوال مختلفة ,لذلك سننقل هذه الحكم كما نظمها الشيخ سيدي أحمد بن مصطفى العلاوي في فصول , فقد شرحها في كتاب سماه :(المواد الغيثية الناشئة عن الحكم الغوثية),حيث فصلها في ثمانية عشر فصلا,حسب المقامات,ومقتضى الأقوال.
الفصل الأول:في النفس ومعالجتها

قال رضي الله عنه:

1_ من تعلق بوعد الأماني لم يفارق التواني.
2_ الأسارى:أسير نفس,وأسير شهوة,وأسير هوى.
3_ ما وصل إلى صريح الحرية من على نفسه بقية.
4_ بالمحاسبة يصل العبد إلى درجة المراقبة.
5_ عمرك نَفَسٌ واحد فاحرص أن يكون لك لا عليك.
6_ لا تَعْمَ عن نقصان نفسك فتطغى.
7_ من نسب إلى نفسه حالا أو مقاما فهو بعيد عن طرقات المعارف.
8_ أنصف الناس من نفسك واقبل النصيحة ممن هو دونك تدرك أشرف المنازل.
9_ من تحقق بالعبوديه نظر أفعاله بعين الرياء وأحواله بعين الدعوى,وأقواله بعين الافتراء.
10_ من عرف نفسه لم يغتر بثناء الناس عليه.........
11_ آفات الخلق سوء الظن
12_ لكل شيء آفات,وآفات الصوفية متابعة الهوى.
13_ من ضيع الفرائض فقد ضيع نفسه.
14_ لا طريق أوصل إلى الحق إلا من متابعة الرسول في أحكامه.
15_ بالغفلة تنال الشهوات.
16_ كثرة الطعام وكثرة المنام وكثرة الكلام تقسي القلب.
17_ الصمت نجاة.
18_ إذا سلا القلب عن الشهوات فهو معافى.
19_ ليس للقلب إلا وجهة واحدة فمهما توجه إليها حجب عن غيرها.
20_ المحفظون على طبقات أي على مراتب ثلاثة فمنهم مقتصد,ومنهم سابق بالخيرات.
21_ يا نفس هذه موعظة لك إن اتعظت.
22_ من لم يستعن بالله على نفسه صرعته.


هذا وفي القدر كفاية وصلي اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



بوابة مسجد الولي الصالح سيدي بومدين بتلمسان

---------------------------------
(2) أحسن التقاسيم.

(3) صبح الأعشى ص 128.

(4) ياقوت الحموى ص 165.

الأهرام 23/2/2007م السنة 131 العدد 43908 عن مقالة بعنوان " مفاجأة يفجرها آل أبومدين في مصر - حي المغاربة بالقدس‏..‏ وقف إسلامي " حوار : عبد العظيم الباس
----------------------------------
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
شعيب أبو مدين
تكملة الموضوع

الثمار الشهية.. في الزاوية العثمانية...

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

الزاوية لغة هي الركن من البيت، وتقول انزوى القوم إلى بعضهم تضاموا، والزاوية هي المكان المخصّص للتعبّد وتعليم القرآن وعلوم الشريعة، وتعتبر الزوايا العلميّة في القديم مراكز للتربيّة الصوفيّة ، ساهمت بكل وعي في جمع شتات أبناء المجتمع الجزائري إبان فترة الاستعمار وفي التكفل بالفقراء واليتامى، ولعبت دورا كبيرا في المحافظة على القرآن الكريم واللغة العربيّة وعلوم الشريعة، وفي محاربة التنصير... كما أنها هيأت الأرضيّة للجهاد ومحاربة الغزاة..

01- مدخل:

الزوايا جانب مضيء من جوانب الحضارة الإسلامية،اتخذت لنفسها موقعا في الصدارة لتشكل معلما من معالم التاريخ ورحما دافئا تنمو فيه الأرواح الطاهرة وتتغذى المواهب، وبين حناياها تولد المحبة ويعيش التسامح وتتشابك الأنفس على طاعة الله وتوحيده، في هذه البيئة الصحراويّة المتفرّدة بجمالها وطيبة أهلها يجتمع الناس على السطح وينصرفون ولكنهم يتواصلون ويتفاعلون، إنها بيئة عابقة على الدوام برائحة التعاون والتضامن، عابقة بالحياة المتجددة، في فضائها الرحب ونسيجها الإنساني المتميز، ولدت الزاوية العثمانيّة وانبعثت أنوارها تضئ سماء الزيبان،زاوية تنبض بدبّة الحياة لتشكل أقنوم الحياة، قلعة من أهم قلاع العلم في الجزائر بله في المغرب العربي ، إنها العثمانية المحروسة {سيدي علي بن عمر}.قدّس الله روحه ، هي القلعة الشامخة من قلاع العلم والصرح الثقافي الذي لا يضاهى ، كانت ولا تزال مأوى للفقراء والمساكين، ومدرسة لتعليم القرآن الكريم ، ومعهدا لطلبة علوم الشريعة وأصول الدين، زاويّة تزخر بالتراث العلمي الأصيل وبالمخطوطات ذات القيمة العلميّة النفعيّة والبحثيّة الكبرى، ومكتبة تضم بين جنباتها ذخائر وعلى رفوفها ترقد كنوز المعرفة الأصيلة، وفي طيّات آلاف الكتب القيّمة النادرة يجد الباحث فيها والدارس ضالته ومبتغاه، ويحس الزائر وهو يقف على عتبات المقام الطاهر بكرم الضيافة وحسن الاستقبال، فيشعر أنه في زاويّة علميّة عاملة تقود حركة علميّة تربويّة تعليميّة مباركة، ونهضة فكريّة صوفيّة عظيمة، وقودها الإخلاص في المسعى، وخدمة رسالة الإسلام بصدق ووفاء، زاوية واكبت الأحداث منذ إنشائها عام {1780} وتفاعلت مع المستجدات عبر مسارها الحافل بالانجازات وكان لها يومئذ شأن عظيم في تفعيل الفكر الإسلامي وما تزال إلى يوم الناس هذا، دار مجانيّة للضيّافة والقاصدين، شأن الزوايا الجزائرية ذات التقاليد العربية الإسلامية العريقة، زاويّة تألق نجمها في الميدان الدعوي الأصيل وفي شتى المعارف، وبزغ نورها في علم التصوف، وكان لمشايخها عليهم الرحمة والرضوان، اليد الطولي في التربيّة الروحيّة وتهذيب السلوك، وآية ذلك أن التصوف كما هو معروف عند أهل الاختصاص، فيض من النور وقبس من الذات المحمديّة، ومرتبة عالية من مراتب التهذيب الأخلاقي وإحياء الوازع الديني، فللتصوف دور كبير في الدعوة إلى الله عن طريق القدوة الطيّبة والأسوة الحسنة، والمتصوّفة يعتنون بالنواحي الروحيّة والأخلاقيّة والوجدانيّة كثيرا، إذ التصوف سلوك قائم على التذوق، وهذه الجوانب مهمة للغاية في عالم التربيّة بكل أبعادها وفروعها، وما أحوجنا لهذه التربيّة في حاضرنا الموسوم بحب المادة، والذي صار فيه الإنسان لا ينشد المادة فحسب ولكنه يلهث خلفها ليذوب في ملذاتها، ويدير الظهر عن كل القيّم، فهذا ابن تيمية رضي الله عنه لما سئل عن التصوف والصوفيّة قال: "... والصواب أنهم مجيدون في طاعة الله، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله..." والتصوف لقب أطلق على زهاد أهل السنة والجماعة بعد ظهور زهاد مبتدعين. يقول علماء الأخلاق والتهذيب: "... إن حقيقة التصوف الكاملة الفاضلة هي مرتبة {الإحسان} والتي يذكرها الحديث الشريف {...الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك...} ".. والتصوف تجربة دينيّة ظاهرها التواضع والافتقار وباطنها النزوع إلى التأله أي التخلق بالأخلاق الإلهية ..." أحمد النقشبندي} والصوفي من صفا قلبه لله..

02- النشأة و التأسيس :

 تأسّست الزوايا أول الأمر لتعليم القرآن، وتلقين علوم الدين الشرعيّة، ومبادئ اللغة العربيّة، فهي مدارس قرآنيّة ما لبثت أن تحوّلت إلى مرافق لإيواء الفقراء والأيتام وعابري السبيل، وتطورت بإضافة سكنات للطلبة المقيمين، واعتمدت طرقا وأساليب لتلقين الأذكار والتفرغ للخلوة والعبادة ، ثم أقيمت من حولها الأبنية لإسكان الطلبة ودور للضيافة، وظل هذا المعنى قائما في الجزائر إلى يومنا هذا، ومن أهم هذه الزوايا وأكبرها، الزاويّة العلميّة العثمانيّة التي تأسّست عام {1780م-1193 هـ} على يد الوليّ الصّالح والعالم الجليل الشيخ سيّدي علي بن عمر طيّب الله ثراه، ببلدية طولقة إحدى حواضر ولاية بسكرة، وظلت الزاوية العامرة منارة الزيبان محجّة المريدين والمحبين والمحسنين، ومقصد الطلبة والعلماء والباحثين، انتشر اسمها وذاع صيتها في الوطن وخارجه ،ساهمت بكل جرأة وثبات في المحافظة على الإسلام، وتصدّت كأخواتها بكل ما أوتيت من قوّة وعلم لجحافل التنصير، أولئك الذين كانوا يتردّدون على الجهة ولديهم من الخطط والبرامج التنصيريّة الشيء الكثير، كما وقفت بقوّة ضدّ أصحاب البدع والشعوذة، ويشهد الله والتاريخ بأنها كانت رباطا لحراسة ثغور المسلمين، ومنطلقا للمجاهدين المقاومين للاحتلال، {وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون }.

 03- حياة الشيخ المؤسس :

وان الشيخ علي بن عمر العالم الرباني الجهبذي المحب للعلم والعلماء، كان صوّاما قوّاما دائم التلاوة للقرآن الكريم طيّب القلب رحب الصد، حلو المعشر، صاحب عفو وتسامح، ولد حوالي عام1166هـ- 1750م} واستشهد عام 1258 هـ -1842م وفقه الله إلى تأسيس الزاوية عام 1780م، وان مؤهلات المشايخ الأتقياء ليست علما فحسب وإنما هي علم و إلهام من الله وعون منه ومؤهلات أخرى، منها الزهد والورع والتسامح وحب الخير،كان الشيخ علي بن عمر رضي الله عنه مثالا في هذه الصفات يستلهم سلوكه من القرآن الكريم ونمط حياته من السنة النبوية ونهج الصالحين والمصلحين اعتمد الطريقة الرحمانية المستوحاة من التصوف، وهي من بين المجموعات المنبثقة عن الخلواتية والتي أسسها الشيخ محمد بن عبد الرحمان القشتولي الزواوي عام 1715 وهو من أنبغ تلاميذه الشيخ الحفناوي في الأزهر {مصر} وكان فارسا مغوارا تنقل بين السودان {دارفور} والهند والحجاز وليبيا ، أسس زاويتين إحداهما في العاصمة والثانية في أيت إسماعيل في بلا القبائل..

 04- موقع الزاوية:

تأخذك الرحلة المباركة إلى الزاوية العثمانيّة المحروسة ، عبر مدن بسكرة عاصمة الزيبان، والتي تفتح صدرها للزوار وتضمهم إليها ضيوفا أفاضل وإخوانا بررة، وأنت في الطريق إليها المظلل بالنخيل كأنك قارئا للتاريخ، تلهمك المناظر الخلابة، والآثار الضاربة في عمق حضارة أهل الزيبان، تستلهم من آثار الكون المعاني النبيلة ومن التاريخ العبر والدروس مما يجعلك تسرح بخيالك في الواحات الجميلة، وتتخيّل أنك تعيش في حلم، والأحلام سماد الواقع كما يقال، فأنت تشاهد على امتداد البصر حقول النخيل والمزارع وكثبان من الرمل الجاثم على كنوز الصحراء، وحيث ما التفت ترى الأغنام منتشرة ومعها حاديها، وقطعان من الإبل طليقة في الفيافي، وفي هذا التزاوج البديع بين الرّمال الذهبيّة والنخل بشموخه، المتميز بجودة تموره {دقلة نور}، ترى النور يصعد إلى السّماء، والنور عادة يهبط إلى الأرض من السّماء، عندما تتراءى لك مئذنة المسجد المخروطيّة الأشكال، تصل الزاوية فتراها عروسا متربعة على واحة غناء، تصافحك خضرة أشجارها الفارعة الطول، ونخل طلعها نضيد، والنخل مؤشر عافية وثقافة وتراث ومودّة ورحمة وخير كثير، فهو الشموخ والطموح والعطاء، وما إن تطأ قدماك أرض فناء الزاويّة حتى تشعر بطهارة المكان وقدسيّته، وحفاوة الاستقبال وكرم الضيّافة، فيمتلئ قلبك خشوعا وابتهاجا، وتنعم بدفء الكلمات، وتشعر أن الحركة من حولك هي السّلام والأمل، إذ الزائر لهذه الزاويّة لا يستطيع إلا أن يحلم وهو يقف أمام الشواهد التاريخيّة الحيّة ليقرأ أسرار العمارة الصحراويّة وثقافة أهل الزاب التي تعبر عن نفسها بجرأة أقوى من اللغة، فالمسجد التحفة ذو الأروقة والساحات والمنارة المثيرة للإعجاب، ودور الطلبة وضريح الشيخ عبد الرحمان الأخضر، والشيخ سيدي محمد بن عزوز البرجي الذي تتلمذ على يديه شيخ الزاوية ومراقد مشايخ وعلماء أجله و فضاءات وأبنية، كلها معالم تزيد المقام هيبة وتألقا، وانك لتعيش صوّرا من التعاطف والإخوة الإنسانيّة بعيدا عن الصّخب، وخواء الرّوح، وجدب الفكر، ونضوب المحبّة، وانعدام التضامن والتآخي، تجلس مرتاحا في رحاب المسجد التحفة، فلا ترى إلا عبّادا ذاكرين الله مخبتين منصتين لأحاديث الشيخ الممتعة ولدروسه المشوّقة التي يجلدها فهما وتطبيقا ويشبعها أمثلة من سيّر الصالحين ليكحل بها العيون، فهو أديب يعيد تشكيل خرائط الخطاب الديني، لذلك تجده يعتني بالعبارات عناية واسعة وينتخب لها الكلمات المعبّرة ذات الرنين ، فتستقر في نفسك أفكار مجلوه، أوعيتها ألفاظ مهذبة لا تمل، وتسعد بحلقات العلم وتلاوة القرآن الكريم جماعيا والأذكار،فتعيش في حالة انتشاء بالجماليات المنعشة للروح المطمئنة للقلوب ،المشعّة بالأجواء النورانيّة الواعظة بفيوض من المعارف الإيمانية ، فالزاوية الصّدقة الجاريّة، مشرع خيري متكامل، يحمل عبر مراحل من الزمن فكرا وثقافة وعادات ذات سمة إنسانية وعبق تراثي مضمخّ بأريج من الذكريات والأعمال الخوالد، وان مشيخة الزاوية وعلماءها الأفذاذ قد رفعوا بيارق النهج التصوفي ذي النبع الصافي المستمد من بيت النبوة ومن السلف الصالح، وكانوا قدوة في التربيّة الروحيّة،وطلائع في الدعوة إلى الله ،سكبوا إرشاداتهم في النفوس الظمأى والأرواح المتعطشة فارتوت علما ومحبّة وجمالا وتسامحا، ونذروا أنفسهم للذبّ عن الإسلام والوطن وحياض اللغة العربيّة، أكرم بهم من سادة أفاضل.

05- مشايخ الزاوية:

تولى شأن الزاويّة منذ إنشائها أشياخ أجله وعلماء عاملين أوفيّاء تميزت فترة كل من تولى المشيخة بميزات خاصة تبعا للظروف السائدة يومئذ، وكانت سيّرهم العطرة حافلة بخدمة العلم وبالوعي بالأهداف والمرامي التي رسمها المؤسس عليه الرحمة والرضوان،{ وكلهم من رسول الله ملتمس*غرف من البحر أو رشفا من الديم }ولعل هذا ما جعل الزاويّة تتألق، لتحظى الأسرة العثمانيّة كلها بالاحترام والتقدير،.."وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا.."وفيما يلي أسماء المشايخ الذين تولوا أمر الزاويّة منذ إنشائها ..

01 - الشيخ علي بن عمر{1780 - 1842 }.
02 - مصطفى بن عزوز {1842- وبقي ستة أشهر فقط }.
03 - علي بن عثمان { 1842-1898}.
04 - عمر بن علي بن عثمان{ 1898-؟ }.
05 - الشيخ الحاج{-1948....؟}.
06 - الشيخ عبد الرحمان{ 1948-1966}.
07 - الشيخ علاوة {1966-1968}.
08 - الشيخ عبد القادر {1968- إلى يومنا هذا...}.

 1- تجدر الإشارة أن الشيخ علي بن عمر مات شهيدا في حادث تعرض له اثر محاولته إصلاح ذات البين في خلاف نشب بين قبيلتين وكانت وفاته صلحا.

 2 - وان الشيخ عبد القادر حفظه الله سار على نهج جدّه فهو الفقيه المجتهد المحدّث المفسر مع طول باع في التربيّة، وهوا لدائم الحضور في الزاويّة، المنضبط الخادم للمقام والعلم بحق ،استطاع أن يجدد أبنية الزاوية ويطوّر أ داءاتها ويكسبها حبا وتعاطفا وسمعة طيّبة، وقد جمع الله له الجهادين فلمع نجمه في خدمة علوم الشريعة مذ كان يافعا وتقلد مناصب هامة سواء في المغرب الأقصى يوم أن كان لاجئا أو في الجزائر بعد الاستقلال، إذ تولى مهام في وزارة الأوقاف ثم في وزارة التربيّة الوطنيّة ، وساهم في إعداد الوثائق البيداغوجيّة وتأليف الكتب المدرسيّة على مستوى المعهد التربوي، ولد الشيخ بـ طولقة عام 1929 ونشأ في أسرة شريفة النسب عريقة في العلم والإصلاح، وظل طوال حياته وما يزال يساهم في الندوات الفكريّة والملتقيات، وينشط داخل المجلس الإسلامي الأعلى بمداخلات قيّمة ومحاضرات دسمة، نالت إعجاب ذوي الاختصاص وجمهور المثقفين، وكانت لفتاواه الصّدى الطيّب والأثر الحسن في النفوس لأنه لايجا مل في أمور الدين ولا يخشى في الله لومه لائم، وللشيخ كتب قيمة وبحوث، فجزاه الله عن صنيعه وأدام عليه الصحّة والعافيّة وختم له بالخاتمة الطيّبة..

06- الزاوية والحركات الوطنية:

 تاريخ الزاوية مليء بالمساهمات والأعمال الخيريّة لصالح الوطن، ويشهد لها التاريخ وعامة الناس بأنها قلعة جهاد وأنها كانت سبّاقة إلى احتضان قادة المقاومة ورجالها،أمدتهم بالرّجال والسلاح والمال وكانت ملتقى لرجال الإصلاح والشيخ شكل جيشا للمقاومة عام 1830وكان للزاوية دور بارز في المقاومة الشعبية مما دفع بالمستدمرين إلى غلقها مدة06 سنوات وفرض الإقامة الجبرية على شيخها واعتقال مساعديه وبعض الطلبة.

 07- الزاوية وحرب التحرير:

كانت الزاوية في مقدمة المهللين بالثورة، قاعدة خلفية لها مكث فيها العقيد الحواس وعقد عدة لقاءات ،كانت مركزا للتجنيد وجمع الأموال واستقبال بعض الأسر من أبناء المجاهدين ولذلك تعرضت لمضايقات كادت أن تعصف بالأسرة كلها لولا لطف الله ، وبلغت المضايقات أوّجها في سنة 1957 لما اكتشفت سلطات الاحتلال الفرنسي دور الزاويّة في المقاومة وفي تغذيّة العمل الجهادي ، والوقوف بحزم مع ثورة التحرير، فاعتقلت شيخ الزاويّة الأستاذ عبد الرحمان عليه الرحمة وناله من العذاب ما ناله ، وفرّ الأستاذ عبد القادر الشيخ الحالي للزاويّة إلى المغرب الأقصى ،وكان ملاحقا بينما التحق اثنان من أخوته بجيش التحرير وهما عبد الحميد والأزهري ، يقول الملازم {بوسري } :"...إن مشايخ الزاوية يختارون في مدارسهم للقراءة نصوصا من القرآن معاديّة لنا،مما يحطم وبسرعة الشعور الذي سعينا إلى بنائه..."

 08- علاقة الزاوية بغيرها:

للزاويّة أعراس وأفراح ،وأعظم أعراسها السنويّة إحياء ذكرى مولد المصطفي {صلى }بالمناسبة قال الأستاذ علاوة عثماني في مداخلته بوجوب الاحتفال بالمولد النبوي نظريا وعمليا وأبطل بالحجة الدامغة أصوات الناعقين الذين يفتون بغير علم ، وتقوم الزاوية بإحياء المناسبات الدينيّة والوطنيّة وتجتهد في تنظيم الملتقيات والندوات الفكريّة واللقاءات الاخوانيّة، بهدف التعارف بين مختلف الزوايا العلميّة ،وتبادل الآراء ومدّ جسور التعاون لخدمة الإنسان وتهذيب السلوك الرّوحي ، وزيادة مساحات التآلف ، وتفعيل دور الزوايا والفكر الصوفي عامة ،إيمانا من مشيختها بأهمية التصوف في زرع الفضائل، واقتلاع الرذائل ، وإنهاض واستنهاض همّة الأمّة العربيّة والإسلاميّة حتى تستعيد مجدها التليد، ومكانتها العلمية والدينية خاصة المرموقة بين الأمم، وتجابه أطروحات العولمة وحوار الأديان بوعي،فالطرق الصوفيّة قادرة على استيعاب متغيرات العصر فكرا ومبتكرات وتألقا في علوم الشريعة والعلوم الإنسانية وترقيّة الخطاب الدعوي ، إذ بتضافر الجهود والوعي بالأهداف والمرامي تتحقق الغايات ويمكن اختراق الظواهر والمظاهر والتأثير فيها..

 9- المكتبة والمخطوطات:

تزخر مكتبة الزاوية بأمّهات الكتب النادرة وبأعداد وفيرة بلغ عددها7000كتاب وبجوار هذا الكم الهائل قسم للتوثيق في جنباته تتناثر عدة وثائق ومخطوطات ،وبين بطون الكتب ترى ملاحظات وتعليقات على الحواشي وإسقاطات على بعض الصفحات ، بعض التدوينات تشرح وتفسر ،وتستقطبك بعض أغلفة الكتب وتضبيرها من طرف أصحابها، أما خزانة المخطوطات للثقافة الإسلامية فتتنوع لتشمل مؤلفات في التاريخ ومصنفات في الأدب إلى جانب الكتب الفقهية، وانك لتقرأ في الكتب القديمة التي يعود بعضها إلى قرن ونيف ما لذ وطاب..

 10- تآليف شيوخ الزاوية:

 منها ..الدر المكنوز في تاريخ سيدي علي بن عمر وشيخه بن عزوز تأليف الشيخ عبد الرحمان - كتاب للشيخ عبد القادر يشتمل على مجموعة محاضرات ومقالات وفتاوى -منظومة في التصوف تشتمل على 800 بيت للشيخ الحاج بن عزوز بن على مخطوطة، وهناك مخطوطات ووثاق هامة.

 11- الذين زاروا الزاوية وكتبوا:

 ومن أبرز من زاروا الزاوية رئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقة حفظه الله ووزراء وعلماء من المغرب وتونس ومصر، منهم الشعراوي عام 1968م ، ومشايخ الزوايا وكتب عنها سعد الله وآخرون..

 12- الخلاصة:

 وإن الشيخ علي بن عمر رضي الله عنه رجل صالح ومصلح، فقيه متصوف، أسّس زاويّته الجامعة الشعبية على تقوى من الله لخوض المعترك التربوي التعليمي ،وخدمة الدين الإسلامي ،كان قدوة في الأخلاق، ومثالا يحتذي في المجال الجهادي والدعوي، كانت زاويته وما تزال منارة علم ومركز إشعاع ومأوى للفقراء والمساكين وعابري السبيل، وكان المشايخ الذين تولوا أمر الزاوية خير خلف لخير سلف، بذلوا جهدا يكتب لهم في ميزان حسناتهم إن شاء الله ،إذ جعلوا الزاويّة تؤدي رسالتها على أحسن وجه وأكمل صورة، وان الطرق الصوفيّة تصدّت ومنذ القديم إلى الغزو الفرنسي ألتنصيري ووقفت في وجه كل الحملات المغرضة التي تروج ضد التصوف وأعلامه، وإن الزوايا العلمية بإرثها الحضاري وتراثها العلمي، ونضج تجربتها في مجال الدّعوة إلى الله ونصرة النبي {صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم } قادرة على الثبات، لا تزحزحها الأراجيف عن رسالتها الصادقة قيد أنملة، وإن الزاويّة العثمانيّة مافتئت تتبرأ من المنكرات التي تحدث في بعض الزوايا التي ليس لها انتماء صوفي إلا الاسم، إذ المشايخ ألأجله يخجلون من أعمال بعض الدجّالين الذين شوّهت أعمالهم سمعة الزوايا بما يقومون به من شعوذة ودجل وأعمال لا تشرف المسلم، وللأسف يحدث هذا نتيجة الجهل والفقر المعرفي والعلمي وطلب الدنيا، وإن الزوايا العلميّة ساهمت بكل وعي في البحث وفي مختلف القضايا التي ترفع من شأن المسلمين وتذبّ عن الأوطان، وإن الزاويّة العثمانيّة مافتئت تعمل وتسعى جاهدة وسعيها مشكورا إلى بناء عقلية الاجتهاد المحكومة بتأطير الشريعة وقواعدها السمحة...

 نفعنا الله بعلم مشايخها وورعهم وأمدّنا بمددهم وبفيوض بركاتهم وبشذى عطر ذكرهم وشكرهم..... وعلى الله قصد السبيل.

بقلم: محمد الصغير داسه
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |