من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

حمل الكتاب النادر وسيلة المتوسلين لسيدي بركات العروسي القسنطيني



سيدي بركات بن أحمد وقيل بن محمد بن العروسي القسنطيني عالم فقيه من مدينة قسنطينة بالقطر الجزائري للأسف لم نعثر على ترجمته، فقط هناك من أشار إليه في بعض المصادر بأنه كان حيا قبل 897هـ / 1492م كما استقيناه من كتاب "معحم المؤلفين" لصاحبه عمر رضا كحالة تحت رقم 3181، له "وسيلة المتوسلين في فضل الصلاة على سيّد المرسلين"، وهي عبارة عن مجالس في الذكر والصلاة على سيّدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.



أيضا عثرنا على ترجمة له لم نتأكد بعد من نسبة صحتها له في كتاب "تعريف الخلف برجال السلف" لسيدي أبي القاسم الحفناوي وهي لـ ( أبو محمد بركات القسنطيني) ما نصه:



"الفقيه النجيب المشارك أبو محمد بركات ذو معرفة ودراية كان مشتغلا بالقراءة والإقراء والعكوف على الدرس والتدريس حريصا على الإنتفاع، يقال أنه لا يكتفي بما يقرا في الدرس حتى يأتي إلى الجد عبد الكريم ابن يحي فيقرأ عليه ويمسكه في أي موطن جاء وربما كان بدكانة سقيفته رحمهم الله وغفر لهم وكان واخوته الثلاثة ممن لهم محبة خالصة في الجد عبد الكريم بن يحي يقفون عند أقواله معتقدين في آرائه لا يخرجون عن فتواه في نازلة ما. توفي رحمه الله في زمن الطاعون عام 982 أهـ. من منشور الهداية. فائدة الشيخ عبد الكريم ابن يحي هو المعروف في عائلة بني الفقون بسيدي عبد الكريم الشارف دفين زاوية بني الفقون برأس الخرازين من بلد قسنطينة. يقال أنه يستجاب الدعاء عند ضريحه وتوفي عام 988 كما هو مرقوم برخامة عند راس ضريحه نفعنا الله ببركاته وأعاد علينا وعلى المسلمين من صالح دعواته آمين. وأمّا الشيخ البركة سيدي عبد الكريم الفقون فهو من علماء القرن الحادي ترجمته أشهر من شمس على علم ذكرها صاحب نفح الطيب وصاحب نزهة الحادي والعياشي في الرحلة وخلائق لا يحصون نفعنا الله وإياكم بعلومه آمين أهـ. من كتاب الثائدة اهـ. من خط العلامة حمدان الونيسي القسنطيني".

المصدر:

تعريف الخلف برجال السلف لسيدي أبي القاسم الحفناوي.

وتجدر الإشارة أن لسيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه له مجلسان في نهاية هذا الكتاب "وسيلة المتوسلين".

وفي النهاية وجب التذكير أن الفضل الكبير يعود للأستاذ الفاضل سيدي عمار بن محمد بن مسعود "خنقة سيدي ناجي" قدس سره لمجهوده في تصوير هذا الكتاب ضوئيا فجزاه الله كل خير ونفع به.

بيانات الكتاب:

- كتاب: وسيلة المتوسلين بفضل الصلاة على سيد المرسلين.
- تأليف: سيدي بركات بن أحمد بن محمد العروسي القسنطيني.
- نشر وتقديم: سيدي أحمد بن عبد الحفيظ بن الحاج قسوم خرشي البسكري.
- عدد الصفحات: 162صفحة.
- الحجم: 109 Mo.

رابط التحميل

هنــــا
تكملة الموضوع

ترجمة الخليفة العام للطريقة التجانية سيدي عبد الجبار التجاني



سيدي عبد الجبار التجاني رضي الله عنه (1340هـ / 1427).

المغفور له الخليفة العام للطريقة التجانية حامل السر المحمدي ووارث النور الأحمدي، شيخ الطريقة الراحل ومرجع التحقيق سيدنا عبد الجبار بن سيدي امحمد البودالي ابن سيدي علال بن سيدي أحمد عمار بن سيدي محمد الحبيب بن مولانا أحمد التجاني رضي الله عنه.

مولده:

ولد رضي الله عنه بقرية عين ماضي - في محط السلطان - غرب مدينة الأغواط بالجزائر سنة (1340هـ / 1920م)، وتربى في الصحراء عند أسرة أحمد بن وذنان من عرش أولاد زيان، ونشأ بينهم في عفاف وأمانة، وامتاز بالنجابة والفروسية والشجاعة وتعود على الجد والعزيمة، وكان ذلك قبل بلوغه سن السابعة من عمره ثم رجع إلى مسقط رأسه عين ماضي، فتربى عند والده العارف بالله سلالة القطب المكتوم والختم المحمدي المعلوم سيدنا ومولانا امحمد البودالي رضي الله عنه.

قرأ وحفظ القرآن الكريم وبعض مباديء العلوم في الفقه المالكي كمتن ابن عاشر والرسالة وبعض من مختصر سيدي خليل على السيد الشيخ عبد الرحمان الفيلالي المغربي من مدينة طنجة المغربي أصلا، ثم أكمل دراسته في حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ سيدي الحاج حفصي والشيخ محمد قريد، ثم ترعرع في الزاوية بين أحضان والديه وانتفع ببركة والده سيدي امحمد البودالي وورثه في العلوم والأسرار الربانية والأحوال السابقة والأخلاق النبيلة وأخذ عنه الطريقة التجانية وعمره أنذاك 22 سنة.

ونال رضى والده رضي الله عنه وحبه له أن وضعه في عين رضاه وكلفه بتدبير كل أموره الصغيرة والكبيرة وشهد له بالفضل والنيابة وحسن التصرف والتدبير عن سائر أمور الطريقة التجانية. وأجازه بالإطلاق التام في الطريقة التجانية وفي التقديم من شاء من المتأهلين لذلك ووالده سيدي امحمد البودالي رضي الله عنه عارف رباني حكيم قدسي له النفس الأسمى والفضل العالي، كراماته مشهودة بين الخاص والعام.

مواصلة السير على نهج جده:

توفي سيدنا امحمد البودالي رضي الله عنه (صبيحة يوم الخميس 20 ذي القعدة عام 1386 هـ الموافق لـ لفبراير 1967م) بمقامه الأقدس والأنور - العيــن - قرب مدينة عين ماضي، بعد فقدان والده رضي الله عنه ورثه في العلوم الربانية والأحوال الصادقة والأخلاق الفاضلة والأسرار السامية، وصحب العارف بالله سيدي أحمد العناية الماضوي أحد علماء جامعة الزيتونة ومدرس بالزاوية التجانية بعين ماضي انتفعا من بعضهما البعض علوما وأسرارا وأجازه إجازة مطلقة في طريقة جده رضي الله عنه ثم سافر إلى المغرب مرتين أولها سنة (1369هـ / 1947م) وثانيتها أواخر (1369هـ / 1948م) زائرا ضريح جده الأنور الأعظم البرزخ المعلوم والختم المحمدي المعلوم بفاس.

وأخذ عن الشيخ سيدي أبي الحسن البعقيلي السوسي أصلا البيضاوي موطنا الإجازة المطلقة، وتجول بالمغرب الأقصى حيث التقى أكابر علماء وخلفاء ومشائخ الطريقة التجانية، وفي سنة (1397هـ / 1976م) حج إلى بيت الله الحرام وزار جده المصطفي عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم، كما له إجازة مطلقة عامة خالية من كل تقييد وحصر عن شيخ السادة التجانية سيدي إدريس بن محمد بن العابد الحسيني العراقي. وبذا يصبح وارثا لكل الأسانيد الأحمدية التجانية ومرجع تحقيق في الطريقة السنية الأحمدية التجانية.

زاويته:

إن بيته وزاويته مفتوحة للواردين من أصحاب الشيخ شيوخ الطريقة التجانية من سائر الأقطار والأمصار والزائرين للأخذ عنه والإجازة منه أو التبرك به وطلب الدعاء منه، حيث يقوم بإكرامهم رضي الله عنه بما تيسر مع سعة الصدر والقيام بخدمتهم بنفسه وماله وعياله، وامتاز رضي الله عنه بالكرم العريض والتواضع السامي والنفس العالية، وظلت زاويته ولا تزال مأوى للكرم والجود والولاية فلا سؤال في ذلك إذ أنبته المولى عز وجل نباتا طيبا مسقيا بنور المعرفة والأحوال السنية والربانية فهو خير خلف لخير سلف رضي الله عنهم أجمعين.



وكان رضي الله عنه محبوبا لدى الخاص والعام من أهل هذه الطريقة التجانية وخاصة أبناء وأحفاد سيدي أحمد التجاني وسيدي الحاج علي التماسيني وأولاد سيدي السائح رضي الله عنهم أجمعين. وبين أعراش وقبائل منطقة الأرباع وسائر الأحباب بالقطر الجزائري والأقطار الإسلامية.

من أحبه الله حبب إليه الخلق:

اصطفاه الله تعالى، فخلع عنه ثوب النقص وأفاض عليه حلل الكمال فاتصف بالعلم والحكمة والرحمة والعفة والصفح والإيثار وتحمل الأذى والتواضع، فهو مع الناس بجسمه وفي الملء الأعلى موطن سره وروحه قال عليه الصلاة والسلام: "إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحببه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض" (رواه مالك والشيخان والترمذي رضي الله عنهم)، وقد منّ الله عليه بالمحبوبية، وأحبه أهل السماء والأرض فأقبلت عليه الخلائق إقبالا قلّ أن تجد له نظيرا، للاستماع له والأخذ عنه والتلقي منه والتربية على يديه، والنظر إليه.

خلافتـــه:

اجتمعت كلمت أحفاد الشيخ الأكبر (رضي الله عنه) على مبايعة السيد عبد الجبار بن السيد امحمد (البودالي) ليكون الخليفة العـام للطريقة التجانية في مشارق الأرض ومغاربها وهذا بعد انتقال الخليفة الراحل سيدي علي بن سيدي محمود رضي الله عنهم أجمعين.

وقد أقيم (يوم الاثنين 07 يناير سنة 1411هـ / 1991م) حفلا دينيا عظيما بالزاوية التجانية عين ماضي، حضره عدد كبير من أحفاد الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه منهم: سيدي البشير بن سيدي محمود، سيدي امحمد بن سيدي محمود، سيدي البشير بن سيدي محمد الكبير، سيدي أحمد حيدة بن سيدي امحمد رضي الله عنهم. كما حضره شيخ الزاوية التجانية بتماسين سيدي البشير بن سيدي محمد العيد رضي الله عنهما وجمع غفير من أحفاد الخليفة سيدي الحاج علي التماسيني والأشراف من أولاد سيدي السائح وكثير من الشيوخ والمقدمين والأحباب، وقد بايعوا جميعا سيدي عبد الجبار رضي الله عنه المبايعة التامة والعامة، ونصبوه للخلافة في جو مفعم بالأنوار والأسرار وبتلاوة كتاب الله العزيز الحكيم ومديح النبي صلى الله عليه وسلم.

وبهذا أصبح الشيخ سيدي عبد الجبار التجاني هو المرجع الأعلى والمقام الأسمى لجميع المنتسبين إلى هذه الطريقة التجـانية بالعالم أسره في المشـرق والمغرب وفي كل ما يتصل بالطريقة وشؤونها، وللإشارة فإن سائر الأحباب والعلماء في مصر، السودان، الحجاز، فلسطين، لبنان، ســوريا، الأردن، العراق، اليمن، حضرموت، أندونسيـا، باكستان، الهند، ألبانيا، الصين، المغرب، تونس، السينغال، موريطانيا، فرنسا وإيطاليا... وفي كل بلدان العالم بمــا في ذلك أمريكا قد بايعوا الشيخ سيدي عبد الجبار التجاني (رضي الله عنه) لهذه الخلافة العظمى والعامة للطريقة التجانية.

تلبية نداء ربه:

عن عمر يناهز الخامسة والثمانون (85) وعلى حوالي الساعة الواحدة والنصف من صباح (يوم الأحد 27 نونبر 2005م) لبى رضي الله عنه نداء خالقه بعد شفائه تماما من وعكة صحية، وشيعت جنازته الكريمة في نفس اليوم بعد صلاة العصر بحشد كبير من التجانيين والمحبين لجنابه وعدد من السلطات الوطنية على رأسهم وزير الشؤون الدينية والأوقاف، ودفن المغفور له بمقبرة أبيه سيدي امحمد البودالي رضي الله عنه، أسكنهم الله فسيح جنانه تحت ظله الذي لا ظل إلا ظله جوار سيد المرسلين وخاتم وختم النبيين صلى الله عليه وسلم وألحقنا بهم آمين.

للترجمة مصادر.
تكملة الموضوع

ترجمة سيدي إبراهيم بن محمد التازي نزيل مدينة وهران



بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

سيدي إبراهيم بن محمد بن علي اللنتي التازي نزيل وهران الشيخ أبو سالم وأبو إسحق، الإمام العالم العلامة الناظم البليغ الورع الزاهد الولي الصالح العارف القطب صاحب الكرامات والأحوال البديعة والقصائد الرائقة الأنيقة.

قال أبو عبد الله بن صعد في النجم الثاقب: كان سيدي إبراهيم من الأولياء الزاهدين وعباده الصالحين إماماً في علوم القرآن مقدماً في علم اللسان حافظاً للحديث بصيراً بالفقه وأصوله من أهل المعرفة التامة بأصول الدين إماماً من أئمة المسلمين، وقفت على كثير من تقاييده في الفقه والأصول وعلم الحديث بخطه الرائق، من أهل الحفظ العظيم معروفاً بجودة النظر والفهم الثاقب جامعاُ لمحاسن العلماء ممتعاً بآداب الأولياء لا نظير له في كمال العقل ومتانة الحكم والتمكن في المعارف وبلوغ الدرجة العليا في حسن الخلق وجميل العشرة والمعرفة بأقدار الناس والقيام بحقوقهم، وحسبك من جلالته وسعادته أن المثل ضرب بعقله وحلمه واشتهر في الآفاق، ذكر فضله وعلمه حتى الآن إذا بالغ أحد في وصف رجل قال: كأنه سيدي إبراهيم التازي. وإذا امتلأ أحدهم غيظاً قال: لو كنت في منزلة سيدي إبراهيم التازي ما صبرت لهذا، لما كان يتحمله من إذاية الخلق والصبر على المكاره واصطناع المعروف للناس والمداراة. فهو أحد من أظهره الله لهداية خلقه وأقامه داعياً لبسط كراماته مجللاً برداء المحبة والمهابة مع ماله من القبول في قلوب الخاصة والعامة، فدعاهم إلى الله ببصيرة وأرشدهم لعبوديته بعقائد التوحيد ووظائف الإذكار.




كان أحسن الناس صوتاً وأنداهم قراءة آية في فصاحة اللسان والتجويد. ذكر أنه أيام مجاورته إذا قرأ البخاري أو غيره انحشر الناس إليه لحسن قراءته وجودته. وصلى الأشفاع هناك في رمضان بالناس لحسن تلاوته وطلاوة حلاوته.

وأصله من بين لنت قبيلة من بربر تازا، وشهر بالتازي لولادته بها وقرأ بها القرآن على العالم الصالح الولي العارف أبي زكريا يحيى الوازعي، وكان هذا الشيخ يعتني به على صغر سنه ويقول: لا قرانه هذا سيدكم وصالحكم. وما زال على حاله الحسنة ونشأته الصالحة وهديه القويم إلى أن رحل للشرق وعلمائه على ساق، وعرفت صديقيته هناك واشتهر ذكره وكان رفيقه في وجهته للبلاد المشرقية نظيره في العلم والدين الولي الصالح الزاهد الناصح أحمد الماجري. اه كلام ابن صعد ملخصاً.

قلت: ولما حج لبس الخرقة من شرف الدين الداعي. ولبسها من الشيخ صالح بن محمد الزواوي بسنده إلى أبى مدين، وأخذ عنه حديث المشابكة وتبرك بالشيخ الولي الصالح أبي عبد الله محمد بن عمر الهواري، وتلمذ له فنال بركته وكان عالما زاهداً متصرفاً له كرامات ومكاشفات كثيرة وقصائد في مدحه صلى الله عليه وسلم.

أخذ عنه جماعة من الأئمة كالحافظ التنيسي والإمام السنوسي وأخيه سيدي علي التالوتي والإمام أحمد زروق وغيرهم. قال القلصادي في فهرسته: أقمت بوهران مع الشيخ المبارك سيدي إبراهيم التازي خليفة الهواري في وقته، كان له اعتناء بكلام شيخه. ومن حكمه: العالم لا تعاديه، والجاهل لا تصافيه، والأحمق لا يؤاخيه اه.

قال ابن صعد: وأخذ بمكة عن علامة علمائها وكبير محدثيها قاضي القضاة المالكية سيدي الشريف تقي الدين محمد بن أحمد الحسني الفاسي، قرأ عليه كثيراً من الحديث والرقائق، وأجازه وبالمدينة على جماعة كإمام الأئمة أبي الفتح بن أبي بكر القرشي وغيره. وكان كلامه في طريق التصوف ومقام العرفان: لا يقوم بمعناه إلا من تمكنت معرفته وقويت عارضته وذاق من طعم الحب ما توفرت به مادته. وأخذ بتونس عن شيخ الإسلام الحافظ العلامة عبد الله العبدوسي، وبتلمسان عن علامة وقته خاتمة العلماء محمد بن مرزوق، وأجازاه معا وزار بوهران شيخ المشائخ جنيد أقرانه وحكيم زمانه الهواري اهـ.

قلت: قوله عبد الله العبدوسي لعل صوابه أبي القاسم عبد العزيز العبدوسي، فهو تزيل تونس في ذلك الوقت. وأما عبد الله العبدوسي فهو ولد أخيه لم أعرف له رحلة لتونس ولا ذكره أحد، وإنما كان بفاس وبه توفي والله أعلم.

وتوفي سيدي إبراهيم تاسع شعبان سنة ست وستين وثمانمائة رحمه الله تعالى ونفعنا به، هكذا ذكره غير واحد، ومن شعره قوله رضي الله عنه:

أما آن أر عواؤك عن شنار * كفى بالشيب زجراً عن عوار
أبعد الأربعين تروم هزلاً * وهل بعد العشية من عوار
فخل حظوظ نفسك واله عنها * وعن ذكر المنازل والديار
وعد عن الرباب وعن سعادا * وزينب والمعارف والعقار
فما الدنيا وزخرفها بشيء * وما أيامها ولأعوار
وليس بعاقل من يصطفيها * أتشري الفوز ويحك بالتبار
فتب واخلع عذارك في هوى من * له دار النعيم ودار نار
جمال الله أكمل كل حسن * فلله الكمال ولا ممار
وحب الله أشرف كل إنس * فلا تنس التخلق بالوقار
وذكر الله مرهم كل جرح * وأنفع من زلال للأوار
ولا موجود إلا الله حقاً * فدع عنك التعلق بالشفار

وله قصيدة:

يا صاح من رزق التقى وقلا الدنا * نال الكرامة والسعادة والغنى
فاصرف هوى دنياك واصرم حبلها * دار البلايا والرزايا والعنا
وودادها رأس الخطايا كلها * ملعونة طوبى لمن عنها انثنى
لا تغترر بغرورها فمتاعها * عرض معد للزوال وللفنا
لعب ولهو زينة وتفاخر * لا تخدعنك جنانها مر الجنى
خداعة غدارة نكارة * ما بلغت لخليلها قط المنى
اليوم عندك جاهلها وحطامها * وغداً تراه بكف غيرك مقتنى
فاقبل نصيحة مخلص واعمل بها * يدنيك من رضوان ربك ذي الغنى
يدخلك جنات النعيم بفضله * دار المقامة والمسرة والهنا.

وله أيضاً من قصيدة أخرى:

وغنم مريد في انقياد لكامل * خبرة بالوقت والعلم والحال
حوى السر والأكسير والكيميا لمن * أراد وصولاً أو بغي نيل آمال
وقد عدم الناس الشيوخ بقطرنا * وآخرهم شيخي وموضع إجلال
وقد قال لي لم يبق شيخ بغربنا * وذا منذ أعوام خلون وأحوال
يشير إلى أهل الكمال كمثله * عليه من الله الرضا ما تلا تال

وله أيضاً من أخرى:

حسامي ومنهاجي القويم وشرعتي * ومنجاي في الدارين من كل فتنة
محبة رب العالمين وذكره * على كل أحياني بقلبي ولهجتي
وأفضل أعمال الفتي ذكر بره * فكن ذاكراً يذكرك باري البرية
وما من حسام للمريدين غيره * وكم حسموا ظهراً لزار وباهت
وكم يدعوا شملاً لدي جرأة وكم * أبادوا عدواً مسهم بمضرة
وكم دافع الله الكريم بذكرهم * عن الخلق من مكروهة ومبيرة
وأفضل ذكر دعوة الحق فلتكن * بها لهجاً في كل وقت وحالة
وكثرة ذكر الشيء آية حبسه * وحسب الفتي تشريفه بالمحبة

وله أيضاً من أخرى رحمه الله:

خيرة الخلق من من أجله خلقوا * محمد خير محمود ومن حمدا
من خصه بلواء الحمد حامده * وبالمقام القيامي الذي حمدا
ويوم حشر الورى للفصل يرشده * إلى محامد لم يرشد لها أحدا
وكثرة الحمد من أوصاف أمته * في اليسر والعسر في الكتب العلا وجدا
صلى الحميد على المحمود أحمد * ما بالحمد أفصح حماد وما سجا
لله عبد شكور حامد وعلى * قرباه والصحب أعلا الأمة الحمدا

وله أيضاً قدس الله سره من أخرى:

أبت مهجتي إلا الولوع بمن تهوى * فدع عنك لومي والنفوس وما تقوى
هوان الهوى عز وعذب إجاجه * وعلقمه أحلى من المن والسلوى
وتعذيبه للصب عين نعيمه * وسعى اللواحي في السلو من العدوى
ومن لم يجد بالنفس في حب حبه * فلوعته إبك وصبوته دعوى
وليس بحر من تعبده الهوى * للهو الدنأ فاختر لنفسك ما تهوى
فما الحب إلا حب ذي الطول والغني * وأملاكه والأنبياء وأولي التقوى
وخيرة رسل الله أفضل خلقه * محمد الهادي إلى جنة المأوى

وله أيضاً قدس الله روحه من أخرى:

روحي وراحة روحي ثم ريخاني * وجنتي من شرور الإنس والجان
ومأمني وأماني من سعير لظي * ذكر المهيمن في سر وإعلان
ومدح أحمد أحمى العالمين حمى * وذو المقام الذي مقامه ثاني

إلى أن قال:

هو السراج هو المنجى لمعتصم * هو المعاذ وملجأ الخائف الجاني
يا رحمة الله إنه خائف وجل * يا نعمة الله إنه مفلس عاني

إلى غيرها من قصائده الكثيرة وقد ذكرت كثيراً من أحواله في غير هذا الموضع بل عرف به الشيخ بن صعد في نحو كراسين من النجم الثاقب.اهـ

المصدر:

- تعريف الخلف برجال السلف – لسيدي ابو القاسم الحفناوي ج2 ص7.

هوامش:

توفي سيدي إبراهيم التازي كما ورد في الترجمة يوم الأحد التاسع من شعبان عام 866هـ ودفن بزاويته في مدينة وهران، قرب ضريح شيخه الولي الصالح سيدي الهواري وبقي ضريحه بها مدة خمسين عاماً، ولما احتلها الإسبان، نقل تلامذته رفات شيخهم إلى القلعة (قلعة هوارة أو بني راشد) حيث أعيد دفنها، وأقيمت حول ضريحه بناية عليها قبة وضريحه لا يزال قائما حتى يومنا هذا مزارا يستقطب الزائرين.
تكملة الموضوع

ترجمة العلامة الفقيه الأديب أبي علي الحسن ابن رشيق المسيلي



بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

- هو العالم الفقيه الأديب المحصل الناقد الشاعر البليغ اللغوي الشيخ أبي علي الحسن بن رشيق، المسيلي مولدا، القيرواني دارا، أحد أقطاب الفكر والمعرفة والأدب في القرن الخامس الهجري، ولد في مدينة المسيلة الجزائرية سنة 385هـ/ 995م، كان سليل عائلة معروفة بالعلم والنسب والهيبة الإجتماعية، يعتبر من كبار مراجع وعلماء اللغة العربية في تاريخ العرب والمسلمين، له شهرة واسعة امتدت إلى كل الآفاق وذاعت في كل الأمصار، فكان معاصره الشيخ عبد القاهر الجرجاني (المتوفى سنة 1078م) فكانا طودان لا مثيل لهما في علوم اللغة العربية، اشتهر بكتاب العمدة الذي لا نظير له في تاريخ اللغة العربية، درسه ابن خلدون ودرّسه وقال عنه في مقدمته،"انفرد ابن رشيق بهذه الصناعة ولم يكتب فيها أحد قبله ولا بعده مثله"، أهدى كتابه هذا لشيخه العلامة اللغوي الفلكي الكبيرعلي بن أبي الرجال (المتوفى بعد 1040م) وهو صاحب كتاب البارع في أحكام النجوم، شرحه أحمد ابن قنفذ القسنطيني، وترجم إلى اللاتينية وطبع وبيع في البندقية سنة 1485م.

- يصف ابن خلدون مدينة المسيلة وصفا دقيقا بدءا بالقرن الثالث الهجري، وهي تبعد عن مدينة المسيلة الحالية بكيلومترين اثنين، عرفت تاريخيا باسم مدينة المحمدية، وقد كانت في القرون الثالث والرابع والخامس الهجرية إحدى أهم القلاع الثقافية في شمال افريقيا والعالم العربي.

- الشيخ الحسن بن رشيق كان من سكان مدينة المحمدية (بلاد الحضنة)، كان والده يحترف فيها مهنة صياغة الذهب والفضة، ودرس في مدينة المحمدية، حفظ القرآن الكريم ونال حظا وفيرا من علوم العربية والفقه واللغة والأدب، صاغ أشعاره الأولى فيها مع نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس الهجريين، فهو من مواليد بداية القرن الخامس، توطدت علاقته العلمية بمحيطه الدراسي ونمت بفضل علاقاته العلمية الجيّدة بالشيخ عبد الكريم النهشلي الذي التقاه في مدينة القيروان في السنة التي توفي فيها هذا الشيخ (سنة406هـ)، كان الشيخ النهشلي من مدينة المسيلة أيضا ومقيما في القيروان، كان من أعلامها البارزين الذين ذكرتهم كتب التاريخ والعلم والأدب، كان علي بن أبي الرجّال رئيس ديوان الإنشاء الصنهاجي في بلاط السلطانين: بني زيري والمعز بن باديس وامراء الدولة الصنهاجية التي كانت عاصمتها القيروان، وإذا علمنا ان المعز بن باديس هو من أبناء عمومة الحماديين الذين أسسوا قلعة بني حماد قرب المسيلة نفسها أدركنا بيسر وسهولة سر خروج ابن رشيق والتحاقه بالشيخ النهشلي، لأنه كان يرى في قرارة نفسه بأنه التحق بأهله وذويه في القيروان، وبالتالي فإن هذه السنة (406هـ) هي بداية ظهور الشيخ ابن رشيق المسيلي في ساحة اللغة والأدب والنشاط الثقافي في بلاد شمال افريقيا، وصوله إلى القيروان أقحمه في بعض الصراعات الفكرية والأدبية.

من أشهر مؤلفات الشيخ ابن رشيق المسيلي:

- العمدة في صناعة الشعر ونقده، في مجلدين.
- شذرات الذهب.
- قراضة الذهب في نقد أشعار العرب، يُعنى بالدرجة الأساسية بسرقات الشعراء، فهوكتاب نقد تعرض فيه لبعض الشعراء فوضع مقاربة بين إنتاجهم ومن سبقهم، فيرد المستحدث المُولد إلى صاحبه الأصلي، بداية من العهد الجاهلي وانتهاء بعصر ابن رشيق.



- طراز الأدب.
- كتاب الممادح والمذام.
- كتاب التصحيف.
- كتاب تحرير الموازنة.
- كتاب الإتصال.
- كتاب المن والفداء.
- كتاب غرائب الأوصاف ولطائف التتشبيهات.
- أرواح الكتب.
- الشعراء الكتاب.
- كتاب المدائح.
- كتاب الاسماء المعربة.
- كتاب المنازعة.
- كتاب معالم التاريخ.
- كتاب فضائل التوسع في فضائل القول.
- كتاب الحيل.
- كتاب ميزان العمل في تاريخ الدول.
- كتاب أنموذج الزمان في شعراء القيروان.




- كتاب الشذوذ في اللغة.
- كتاب الروضة الموَشية في شعراء المهدية.
- كتاب ديوان ابن رشيق، وهو من جمع الأستاذ ياغي عبد الرحمن، ذكر في مقدمته أنّه جمع فيه 743 بيتا، وهي معظم ما تركه ابن رشيق من قصائد ومقطوعات.



أما رسائله فله "نحج الطلب" و"قطع الأنفاس" و"المساوئ" وهو مخصص في السرقات الشعرية، و"رسالة نقض الرسالة الشعوذية"، و"القصيدة الدعية"، و"الرسالة المنقوضة"، و"رسالة رفع الإشكال" وله أيضا شرح نفيس لموطأ الإمام مالك رضي الله عنه، وإليه رحمه الله تعالى يُعزى ابتكار سبعة وثلاثين نوعا من أنواع البديع.

- الشيخ الحسن بن رشيق واحد من أقطاب الفكر والمعرفة والأدب وقد ساهم بإنتاج وفير، تعرض إلى ذكر بعضه فضيلة الشيخ العروسي المطوي والدكتور عبد الرحمن ياضي، وهناك الكثير من المصادر التاريخية العربية التي ذكرته وفصلت حياته ومن بينها مايلي:
"روضات الجنات"، "وفيات الأعيان" لابن خلكان، "معجم الأدباء" لياقوت الحموي، "طبقات ابن قاضي شهبة"، "الذخيرة" لإبن بسام الشنتريتي، "شذرات الذهب في أخبار من ذهب" للمسعودي، "الحلل القدسية".

المصدر/

منقول بتصرف من رسالة للمؤرخ الجزائري الدكتور سعيد عيادي، الأستاذ المحاضر بقسم علم الاجتماع الديموغرافي بجامعة الجزائر.

هوامش/

عبد الكريم النهشلي:

هو أبو محمد عبد الكريم بن إبراهيم النهشلي المسيلي (ت405هـ/1014م) من مواليد مدينة المسيلة، بها تلقى أولى معارفه، ثم انتقل إلى القيروان فاستفاد من شيوخها وتولى التدريس فيها، ترك آثار كثيرة وخاصة في الشعر، من مؤلفاته كتاب "الممتع في علوم الشعر وعمله" من أهم المجاميع الأدبية في تاريخ الأدب العربي، وموضوعه في النقد الأدبي، كتبه على نسق كتاب الكامل للمبرد، والأمالي لأبي على القالي، وهو من بين أهمّ المصادر الأساسية التى اعتمدها ابن رشيق أثناء تأليفه لكتابيه (العمدة) و( قراضة الذهب) في نقد أشعار العرب.

علي بن أبي الرجال:

هو العالم الفلكي الشهيرعلي بن أبي الرجال الشيباني التهرتي (ت432هـ)، وإليه ينسب تسمية أحد أكبر النجوم سطوعا في مجرتنا الشمسية (في بيت الجوزاء) الذي يسمى باللاّتيني (rigel) الذي إشتق إسمه من أبي الرجال.



أصله من مدينة تيهرت الجزائرية اشتهر بالعلم في الرياضيات والفلك والتنجيم والأدب والشعر، من أشهر مؤلفاته كتاب "البارع في أحكام النجوم" و"كفاية الطالب في الأحكام الفلكية".
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |