من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة الولي الصالح سيدي محند بن أوقري



بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد صلاة أهل السموات والأرضين عليه أجري يا رب لطفك الخفي في أموري والمسلمين

سيدي محند أوقري ومناقبه العلمية

يعتبر سيدي محند أوقري أحد علماء بلاد القبائل (زواوة) البارزين في ميدان نشر العلم بمنطقة آث يعلى، وأحد أقطاب الأولياء الصالحين، عمل لدنياه ولآخرته، وفق منهاج معتدل، جعله يمسك القلم بيد، والفأس بالأخرى، فعاش من ثمار جهد عرقه بعد أن أحيا أرضا مواتا، حوّلها إلى بساتين غناء، وشيّد زاوية (ثيمعمرث) للمعرفة والتعبّد والمصالحة، اشتهرت باسم "الجامع أوقري"، ظلت تشعّ نورا، وتهدي الخلق إلى الصراط المستقيم. وعندما اندلعت الثورة التحريرية الكبرى صارت قلعة للمجاهدين، ومازالت بفضل جهود المخلصين من أحفاده ـ

يتقدمهم عبد الوهاب حمودة ـ تواصل رسالتها العلمية والاجتماعية، وعليه فهي جديرة بوقفة نستذكر فيها تاريخها التليد، وننفض غبار النسيان عن أمجادها الجديرة بالإشهار.

من هو سيدي محند أوقري؟

يسود الاعتقاد لدى أحفاده أن الشيخ سيدي محند أوقري، ينتمي إلى أشراف الساقية الحمراء، يكون قد درس في مدينة فاس حسب رواية الحسين الورثلاني، ثم انتقل إلى بلاد الزواوة، واستقر في آث يعلى رفقة إخوانه؛ بوعبد الله، وعبد الرحمن، وتواتي، والحسين، وبعض رفاقه من عائلة إكثاف (أكتوف) الحالية.

ويرجح الأستاذ عبد الحميد زاهير ـ وهو من أحفاده ـ أن سيدي محند أوقري يكون قد عاش مابين القرن السابع عشر، والنصف الأول من القرن الثامن عشر(1635 ـ 1720)، واستخلص ذلك من قول الحسين الورثلاني (1713 - 1780)، الذي ذكر أنه أدركه في طفولته.

استقر الشيخ سيدي محند أوقري في مكان منخفض يدعى "لخناق"، وهو موقع متميّز بتوسّطه لمناطق آث يعلى، وجعافرة، وثاسمارث، وبوفرة المياه، لذا بنى طاحونة لرحي الحبوب. ولكنه لم يلبث أن ترك هذه المنطقة الخصبة، لينتقل إلى قمة جبل تدعى "تيزي نتعساسث"، ميزتها الحصانة، والإشراف على العديد من قرى آث يعلى، وآث ورثيلان، وإلماين، ويمتد النظر فيها إلى جبال جرجرة، وأكفادو، والبيبان، لذا استحق هذا المكان تسمية "القلعة" عن جدارة. وحظي سيدي محند أوقري بالترحاب من طرف العائلات القليلة المقيمة هناك؛ آث مسعود، وآث عيسى، واعلي، وآث أومزيان، وآث بوطيح، وعائلة بلعزوق. ومن المرجح أن يكون قد اختار هذا المكان المقفر، من أجل التعبد والتصوف وإبعاد طلبته عن ضوضاء العمران، وأكد ذلك الحسين الورثلاني بقوله: "... ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى الزاهد في الدنيا رأسا، المتخلي عنها نفسا، سيدي محمد بن قري، وقد اعتزل بأهله وسكن القلعة، في غيضة عظيمة، لا يسكنها إلا الوحوش، ينعدم الماء فيها، ومع ذلك فإنه بنى دوره في الأوعار من الجبل، مع بعدها من الوادي الى رأس الجبل، وبنى فيها مساجد بفضل الله، سيما الجامع الكبير فقد بناه بناء معتبرا، إلا إذا كان مثله في تونس، وأشار، رحمه الله، إلى أنها تصير مدينة قاهرة آخر الزمان، وقد تحمل المشاق العظيمة في مجاهدة نفسه وأهله وأولاده وأصحابه، وكان لا يفتر عن ذكر الله تعالى، طريقه صعب لا يسلكه إلا من نبذ نفسه وراء ظهره، وقد أدركته صغيرا"(1). هذا والجدير بالذكر أن الرحالة الحسين الورثلاني قد تزوّج بنت الشيخ الفقيه سيدي بركات، وهو من أحفاد سيدي محند أوقري(2).


 

وعقب سيدي محند أوقري خمسة أولاد وبنتا هم:

1- بركات، تنتمي إليه عائلات: بركات، قري، توتي، توازي بن حماده.
2- بلقاسم ، عقب بنتين.
3- حموده، تنتمي إليه عائلات: حمودة، بداني، كبير.
4- عبد المجيد، تنتمي إليه عائلات: باجي، عبد الحميد، موسي.
5- لونيس، تنتمي إليه عائلة بزاز.
6- بنت توفيت عازبة.

فضائل المعمرة:

واعتبارا لمكانة الشيخ سيدي محند أوقري السامقة في المجتمع، فقد ساعده السكان في بناء مؤسسته العلمية، بناءً جيدا بمواصفات عصره، وبطريقة فنية جميلة، أبدع فيها البناؤون في استعمال الحجارة المنحوتة، وتنميق  سقفها بالأخشاب والقرميد، زادها بهاء ورونقا. وخصص الطابق الأرضي للتعليم، والطابق العلوي مسجدا للصلاة، ولكل منهما مدخله الخاص، وقصد طلاب العلم هذه الزاوية حتى من خارج آث يعلى.


تخرج منها العديد من العلماء، أكثرهم من صلب أحفاده، منهم سيدي عبد الرحمن بن بركات، الذي رافق الحسين الورثلاني إلى البقاع المقدسة، وسيدي المدني بن حمودة بن قري الملقب بالقطب الرباني، وسيدي العربي لونيس، وسيدي محمد الصغير بن سنوسي، والشيخ الطيب أوقري، والشيخ الصالح أوقري، وغيرهم، اشتهروا بالإفتاء، وتوثيق عقود البيع والزواج، وتحرير محاضر اجتماعات المصالحة وتقسيم الميراث، ولاتزال عائلات أحفاد الشيخ محند أوقري تحتفظ بكم هائل من الوثائق والمدونات، أكدت نجاح هذه الزاوية في جعل اللغة العربية لغة عمل، وهذا خلافا لادعاءات الفرنسيين الذين شوّهوا تراثنا العربي الإسلامي، حين ربطوه بالشعوذة والدروشة. ونقدم هنا وثيقة عقد الزواج حررت سنة 1883م، تؤكد ما ذكرناه: "الحمد لله تعالى وحده، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. إعلاما للواقف عليه أن حامله المكرم سي الطيب بن المرحوم سيدي الصغير بن باجي بن قري، شوّر ابنته زينب لما زفت لزوجها سي علي بن سي أحمد وَعْلي بن عماره تاماستي، ما قيمته 62 فرنكية ونصف، بين حايك صغير، وأسفايف، وتوناس من فضة، وقلادة فضية أيضا، وأفنيق بلوازمه، وغير ذلك. قوّم الجميع بالقدر المذكور. رد الاب المزبور ذلك لأبنته المسطورة بحضرة الكاتب محمد الصغير بن قري، وسي محمد الطاهر بن بوطيح، وسي السعيد بن باجي، وسي أحمد منـّه، وسي الربيع بن الربيع بن علجية، وسي سليمان بن عماره، وسي الطيب بن سي الطاهر بن عمارة، وسي السعيد معـّه.

وقع ذلك لتاريخ السادس رجب الفرد من شهور عام 1301هـ( 1883م)، واحد وثلاثماية بعد الألف"(3).

هذا وقد تأثرت زاوية سيدي محند أوقري بالكارثة الطبيعية التي ألمت بالجزائر في سنوات 1865 - 1866 - 1867 حينما ضرب الجفاف بقوة، أدى إلى انتشار المجاعة والأوبئة الفتاكة، فاضطر سكان القلعة إلى هجر قريتهم، ونزح أحفاد الشيخ  سيد محند أوقري إلى القريتين ثامالوث، وثيقرث القريبتين من القلعة. هذا وقد أطلعني الأستاذ عبد الحميد زاهير على مخطوط هام أشار إلى هذه المجاعة: "ولما ثبتت ديون مترتبة على المتوفى جوعا في السنة التي مات فيها خلق كثير من شدة الجوع، وأكل فيها الناس الحشيش والأحريش والميتة والدم، وغير ذلك من المحظورات الأكل في غير الضروري...".

ومن جهة أخرى، لم يهمل أبناؤه وأحفاده الأشغال الفلاحية، إذ استصلحوا الأرض، وأقاموا المصاطب لتلافي ظاهرة انجراف التربة، وبنوا حاجزا مائيا (أولميم)، وبئرا لتجميع المياه، وغرسوا الأشجار المثمرة كالتين والزيتون والرمان والإجاص، فحوّلوا الجبال ذات التضاريس الوعرة إلى بساتين غنّاء، تدر محاصيل زراعية وفيرة، ضمنت العيش الكريم لأهلها.

علاقة الزاوية بالثورة:

من الطبيعي أن تحتضن زاوية سيدي محند اُوقريُ الثورة َالتحريرية الكبرى التي اندلعت من أجل استرجاع السيادة الوطنية، واتخذها جيش التحرير مكانا مفضلا لعقد اجتماعاته، وفي يوم 8 ديسبمر1955م جرت معركة بقربها، كانت من أعنف المعارك، امتدّ لهيبها إلى قريتي ثيقرث، وثالاسوسث، وعلى إثر ذلك قام الجيش الفرنسي بتدمير وتخريب الزاوية، وتهجير سكان القرى المجاورة لها، فصارت تلك الأرض منطقة محرّمة، قصد عزل الثورة عن الشعب. ومن المعارك التاريخية التي شهدتها القلعة، معركة 8 مارس 1960م، بين الجيش الفرنسي الذي جند قوات برية وجوية كبيرة، وبين 10 مجاهدين كانوا تحت قيادة الشهيد الطيب عبد الحميد (المدعو الطيب أوباجي)، نالوا الشهادة ولم ينج منهم سوى هذا الأخير، وتكبّدت فرنسا خلال هذه المعركة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، إذ تم إسقاط طائرتين لايزال حطامهما في بوعفير، وإغزر أوذرغال  شاهدا على ضراوة القتال، علما أن المعركة دامت يوما كاملا.
 
 




الزاوية بعد الاستقلال:

شرع محند أكلي أوقري حمودة (1903 - 1975) في ترميم الزاوية منذ سنة 1965م، بمساعدة وزارة الشؤون الدينية والولاية والبلدية والمواطنين، وتضمن التجديد شق الطريق لفك العزلة عن الزاوية، ولم تنتهِ أشغال الترميم والتوسيع إلا سنة 1984م، أصبحت الزاوية بعد ذلك تضم المرافق التالية:

- الجامع حيث تقام الصلوات، وتلقى الدروس.
- المرقد يتكون من أربع غرف كبيرة.
- مطبخ ، ومخزن للمؤونة، وقاعة للإطعام.
- غرفة خاصة بوكيل الزاوية.
- أرض وقف محيطة بالزاوية، غير زراعية، ليس لها أي مدخول مالي، لكنها قابلة للاستصلاح.
ودشنت الزاوية يوم 3 مارس1987م، بعد تعيين معلم من طرف وزارة الشؤون الدينية، وتولى الأستاذ عبد الوهاب حمودة مهمة وكيل الزاوية. وفضلا عن ذلك، صارت الزاوية معلما تاريخيا يجلب الزوار باستمرار، يأتون من مناطق عديدة.

وفي الأخير، لابد من التنويه بجهود أحفاده الذين نجحوا في إعادة الحياة إلى هذه المؤسسة العلمية بعد الاستقلال، بمبادرة من السيد محند أكلي حمودة (1903 - 1975) ، ثم استلم منه نجله الأستاذ عبد الوهاب حمودة المشعل، كما تجدر الإشارة أيضا، إلى جهود الأستاذ عبد الحميد زاهير، الذي انكبّ على الحفر في الماضي، من أجل إنقاذ تراث هذا العالم العارف وأحفاده، المخبوء في الذاكرة الجمعية، والمخطوطات المبعثرة لدى عائلات كثيرة، وأرجو له التوفيق في سعيه هذا، وأملنا أن نراه مجسّدا في كتاب يثري صرح المكتبة الجزائرية. كما نرجو كل النجاح للجمعية الثقافية العلمية، التي أسسها أحفاد سيدي محند أوقري، بنيّة إعادة الإشراق إلى هذه المنارة بما يقتضيه العصر من أدوات وأساليب وأفكار جديدة، يساعد الزاوية (ثيمعمرث) على تغذية عقول الناشئة بأفكار الأصالة والمعاصرة والتجديد، لأن الأبناء مخلوقون لزمن غير زمن الأجداد.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

مصادر الترجمة:

1- الحسين الورثلاني، نزهة الأنظار، مطبعة بيير فونتانة، الجزائر،1908، ص45.
2- مختار فيلالي، رحلة الورثلاني، دار الشهاب، باتنة، الجزائر، بدون تاريخ، ص16.
3- الوثيقة في حوزة الأستاذ عبد الحميد زاهير.
---
هوامش:

زاوية سيدي محند أوقري، المشهورة باسم ''الجامع أوقري''، في بلدية فنزات بولاية سطيف، على بعد أربعة كلم من مقر البلدية من الناحية الغربية، حيث تقع في أعلى جبل من جبال الناحية يسمّى بـ''القلعة''، المحاذي لمرتفع ''تلاسوست''، ويتوصّل إليها عن طريق معبّدة فتح سنة .1969 وتبعد عن عاصمة الولاية سطيف بحوالي 90 كلم، وعن مدينة برج بوعريريج بحوالي 45 كلم شمالاً.

تكملة الموضوع

حمل كتاب شيخ الشيوخ أبو مدين الغوث (نسخة مفهرسة)


بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


كتاب: شيخ الشيوخ أبو مدين الغوث - حياته ومعراجه إلى الله.
تصنيف: الإمام العلامة سيدي عبد الحليم محمود.
الناشر: دار المعارف - القاهرة - ج.مصر العربية.
سنة الطبع: 1985م.



ترجمة المصنف:


هو شيخ الإسلام والمسلمين، وإمام أئمة أهل السُنة والجماعة في عصره، فريد دهره ووحيد عصره مولانا عبد الحليم محمود الأشعري المالكي الشاذلي قدّس الله روحه، ونوّر ضريحه، عالمٌ ربانيٌ أزهريٌ جليل، وعلامةٌ محققٌ كبير، فقيهٌ، أصوليٌ، مُحدِّثٌ، مسندٌ، لغويٌ، متكلمٌ، صوفيٌ، فيلسوفٌ نظار، مفكرٌ، جامعٌ بين علوم الشريعة وأسرار الحقيقة، المجمعُ على جلالة قدره وولايته وإمامته في الدّين في سائر أنحاء العالم العربي والإسلامي، وزير الأوقاف المصري، وشيخ الجامع الأزهر الشريف في الفترة بين عامي (1393 - 1398هــــ / 1973 – 1978م).

- الميلاد:

وُلد رضي الله عنه في قرية أبو أحمد من ضواحي مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية في 2 من جمادى الأولى سنة 1328هـ الموافق 12 من مايو 1910م، والقرية منسوبة إلى جده (أبو أحمد) الذي أنشأ القرية وأصلحها، وتُسمَّى الآن باسم (السلام).

- نشأته ومراحل تعليمه:

نشأ الشيخ الإمام عبد الحليم محمود في أسرة كريمة مشهورة بالصلاح والتقوى، فحفظ القرآن الكريم في سِنٍّ مبكرة مِمَّا أثار إعجاب قريته ومحفظه، وكان والده -رحمه الله- صاحب دين وخلق وعلم، ذا همة عالية وثقافة، وكان ممن شغفوا بالثقافة الدينية وحلقات الأزهر العلمية، مما كان له الأثر في توجيه ابنه للدراسة بالأزهر، فدخل الشيخ عبد الحليم الأزهر سنة 1923م، وظل به عامين ينتقل بين حلقاته، حتى تم افتتاح معهد الزقازيق سنة 1925م، فألحقه والده به لقربه من قريته، ثم التحق بعدها بمعهد المعلمين المسائي، فجمع بين الدراستين، ونجح في المعهدين، ثم عُيِّن مُدَرِّسًا، ولكن والده آثر أن يكمل الشيخ عبد الحليم دراسته، فتقدم الشيخ لامتحان إتمام الشهادة الثانوية الأزهرية فنالها سنة 1928م، ثم استكمل الشيخ الإمام دراسته العليا، فنال العَالِمية سنة 1932م، ولم يكتف والده بأن يعمل ابنه الشيخ عبد الحليم مُدَرِّسًا بل تطلع لأكبر من ذلك، واختار لدراسة ابنه جامعة السوربون في باريس على نفقته الخاصة، وآثر الشيخ عبد الحليم أن يدرس تاريخ الأديان والفلسفة وعلم الاجتماع، وحصل في كل منهما على شهادة عليا، وفي نهاية سنة 1937م التحق بالبعثة الأزهرية التي كانت تدرس هناك، وفاز بالنجاح فيما اختاره من علوم لعمل دراسة الدكتوراه في التصوف الإسلامي، وكان موضوعها: أستاذ السائرين الحارث بن أسد المحاسبي، وفي أثناء إعداد الرسالة قامت الحرب العالمية الثانية في سبتمبر سنة 1939م، وآثر كثير من زملائه العودة، ولكنه بالإيمان القوي والعزيمة الصلبة أصر على تكملة الرسالة وبلغ هدفه وتحدد لمناقشتها يوم 8 من يونيه سنة 1940م، ونال الدكتوراه بدرجة امتياز بمرتبة الشرف الأولى، وقررت الجامعة طبعها بالفرنسية.

بدأ الشيخ الإمام حياته العملية مُدَرِّسًا لعلم النفس بكلية اللغة العربية، ثم نقل أستاذًا للفلسفة بكلية أصول الدين سنة 1951م، ثم عميدًا للكلية 1964م، وعين عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية، ثم أمينًا عامًّا له، وبدأ عمله بدراسة أهداف المجمع، وكوَّن الجهاز الفني والإداري من خيار موظفي الأزهر ونظمه خير تنظيم، وأنشأ المكتبة به على أعلى مستوى من الجودة، وبعدها أقنع المسؤولين في الدولة بتخصيص قطعة أرض بمدينة نصر لتخصيصها للمجمع لتضم جميع أجهزته العلمية والإدارية إلى جانب قاعات فسيحة للاجتماعات، فكان أول من وضع لبنات مجمع البحوث الإسلامية واهتم بتنظيمه، وواصل الشيخ عبد الحليم محمود اهتمامه بالمجمع بعد تعيينه وكيلا للأزهر ثم وزيرًا للأوقاف وشؤون الأزهر، ثم شيخًا للأزهر.

في سنة 1970م صدر قرار جمهوري بتعيينه وكيلا للأزهر، فازدادت أعباؤه، واتسعت مجالات جهوده، فراعى النهضة المباركة في مجمع البحوث، وبدأ يلقي محاضراته في كلية أصول الدين، ومعهد الدراسات العربية والإسلامية، ومعهد تدريب الأئمة، إلى جانب محاضراته العامة في الجمعيات والأندية الكبرى بالقاهرة وغيرها من الأقاليم، وكان مع هذا كله يوالي كتابة الدراسات والمقالات في المجلات الإسلامية الكبرى، ويواصل الدراسات ويصنف المؤلفات القيمة ويشرف على رسائل الدكتوراه، ويشارك في المؤتمرات والندوات العلمية، وامتد نشاطه إلى العالم الإسلامي كله بنفس الهمة والنشاط.

- مؤلفاته:

اتسم الإمام الأكبر بغزارة إنتاجه الفكري الذي يربو على مائة كتاب تأليفًا وتحقيقًا وترجمة، وكان أول ما نشر له قصة ترجمها عن الفرنسية من تأليف أندريه موروا عام 1365هـ=1946م، ثم تتابعت مؤلفاته الغزيرة في كثير من المجالات خاصة في مجال التصوف الذي يُعَدُّ من أسبق رواده في العصر الحديث، فقد تبدى مثالا للصوفية المقيدة بكتاب الله البعيدة عن الإفراط والتفريط حتى لُقِّبَ بغزالي مصر وأبي المتصوفين فكانت كتاباته الصوفية لها الحظ الأوفر من مؤلفاته، فكتب (قضية التصوف: المنقذ من الضلال) والذي عرض فيه لنشأة التصوف وعلاقته بالمعرفة وبالشريعة وتعرض بالشرح والتحليل لمنهج الإمام
الغزالي في التصوف، كما ترجم لعشرات الأعلام الصوفيين مثل سفيان الثوري وأبي الحسن الشاذلي وأبي مدين الغوث وغيرهم الكثير.

كما كتب في الفلسفة الإسلامية، ويعد كتابه (التفكير الفلسفي في الإسلام) من أهم المراجع التي تتناول علم الفلسفة بمنظور إسلامي حيث يؤرخ فيه للفكر الفلسفي في الإسلام ويستعرض التيارات المذهبية المتعددة فيه ليبين أصالة الفلسفة الإسلامية، وسبقها الفلسفة الغربية في كثير من طرق التفكير، كما تعرض للغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام في عدة كتب مثل (الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام) و (فتاوى عن الشيوعية).

كما ظهر اهتمامه بالسنة النبوية فكتب العديد من الكتب عن الرسول وسنته، ويعد كتابه (السنة في مكانتها وتاريخها) من أهم كتبه في هذا المجال، كما كتب عن (دلائل النبوة ومعجزات الرسول).

واستعرض الإمام سيرته الذاتية في كتابه (الحمد لله هذه حياتي) والذي جاء خلاصة لأفكاره ومنهجه في الإصلاح أكثر منه استعراضًا لمسيرة حياته، وعَبَّر عن منهجه التفصيلي في الإصلاح في كتابه القيم (منهج الإصلاح الإسلامي في المجتمع).

كما قام بتحقيق الكثير من أمهات الكتب مثل: (لطائف المنن) لابن عطاء الله السكندري، و(اللمع) لأبي نصر السراج الطوسي، و(المنقذ من الضلال) لحجة الإسلام الغزالي وغيرها.

وترجم العديد من الكتب في الفلسفة اليونانية والأخلاق مثل (الفلسفة اليونانية أصولها وتطورها) لألبير ريفو، و(الأخلاق في الفلسفة الحديثة) لأندريه كريسون.

- ولايته للمشيخة:

صدر قرار تعيين الشيخ الإمام عبد الحليم محمود شَيْخًا للأزهر في 27 من مارس سنة 1973م، وقد باشر فيه السعي لتحقيق أهدافه العلمية السامية التي بذلها وهو أستاذ بكلية أصول الدين، ثم وهو أمين عام لمجمع البحوث الإسلامية، ثم وهو وكيل للأزهر، ثم وهو وزير للأوقاف وشؤون الأزهر.

وقد صدر قرار جمهوري استصدره وزير شؤون الأزهر كاد يسلب به من الشيخ كل سلطة ويجرده من البقية الباقية من نفوذه، فغضب الشيخ الإمام عبد الحليم محمود لا لنفسه، وإنما غضب للأزهر، ولمكانة شيخه التي اهتزت واهتز باهتزازها مقام الأزهر في مصر وفي العالم العربي، بل في العالم الإسلامي كله، فلم يجد الإمام بدًّا من تقديم استقالته في 16 من يوليو سنة 1974م، ثم شفعها بخطاب آخر قدمه إلى السيد رئيس الجمهورية شَارِحًا فيه موقفه وأن الأمر
لا يتعلق بشخصه، وإنما يتعلق بالأزهر وقيادته الروحية للعالم الإسلامي كله، مبينًا أن القرار الجمهوري السابق يغض من هذه القيادة ويعوقها عن أداء رسالتها الروحية في مصر وسائر الأقطار العربية والإسلامية، وقبل هذا أخطَرَ وكيل الأزهر بموقفه ليتحمل مسؤوليته حتى يتم تعيين شيخ آخر، وروجع الإمام في أمر استقالته، وتوسط لديه الوسطاء فأصرَّ عليها كل الإصرار؛ لأن الموقف ليس موقف انتقاص من حقوقه الشخصية، وإنما هو انتقاص لحقوق الأزهر وهضم لمكانة شيخه.

ولو كان الأمر يتعلق بحقوق الإمام عبد الحليم محمود لتساهل فيها؛ لأنه صديق قديم لوزير شؤون الأزهر؛ ولأنه بفطرته زاهد في المناصب، عازف عن المظاهر، منصرف عن متاع الحياة الزائل وزخرفها الباطل، مؤمن كل الإيمان بأن الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابًا وخير أملا، فأَصَرَّ على تقديم استقالته وامتنع عن الذهاب إلى مكتبه، ورفض تناول مرتبه، وطلب تسوية معاشه، ووجه إلى وكيل الأزهر -وقتها- الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار خطابًا يطلب منه فيه أن يُصرِّف أمور مشيخة الأزهر حتى يتمَّ تعيين شيخ جديد.

وأحدثت الاستقالة آثارها العميقة في مصر وفي سائر الأقطار الإسلامية، وتقدم كثيرون من ذوي المكانة في الداخل والخارج يُلحِّون على الإمام راجين منه البقاء في منصبه، لكنه أبى.

- وفاته:

بعد عودة الشيخ الإمام عبد الحليم محمود من رحلة الحج في 16 من ذي القعدة 1398هـ، الموافق 17 من أكتوبر 1978م قام بإجراء عملية جراحية بالقاهرة فتوفي على إثرها وتلقت الأمة الإسلامية نبأ وفاته بالأسى، وصلى عليه ألوف المسلمين الذين احتشدوا بالجامع الأزهر ليشيعوه إلى مثواه الأخير تاركًا تُرَاثًا فِكْرِيًّا ذَاخِرًا ما زال يعاد نشره وطباعته.

- مصادر ترجمته:

- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد العظيم.

---*---
منقول بتصرف عن موقع دار الإفتاء المصرية.

تكملة الموضوع

حمل كتاب المفاخر في معارف الأمير الجزائري عبد القادر


بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



- كتاب: المفاخر في معارف الأمير الجزائري عبد القادر والسادة الأولياء الأكابر
- تصنيف: الدكتور أحمد كمال الجزار.
- مراجعة وتقديم: محمد زكي إبراهيم (رائد العشيرة المحمدية).
- الطبعة: الأولى 1417هـ/ 1997م.
- دار النشر والتوزيع: مطبعة العمرانية للأوفيست - الجيزة - ج.مصر العربية.

رابط التحميل




يخجل التاريخ أحيانا عندما يفتح صفحاته عن شخصيات تضيق صفحات التاريخ ذاته في تتبع خطاها ومسالكها وآثارها وإنجازاتها لأممها وللإنسانية جمعاء.. ومن بين هذه الشخصيات سيدي "الأمير عبد القادر الجزائري الحسني قدس سره" الذي استحقّ أن يكون "إنسانا عالميا" عرفت قدره مشارق الأرض ومغاربها في زمن لم يكن الاتصال والتواصل ميسّرا مثلما هو حاله اليوم.

ما السرّ الذي جعل الأعداء يحترمون الأمير ويقدّرونه ويعلون مكانته ومقامه؟ وما السرّ الذي جعله ّمركز جاذبية" العلماء والأدباء والمفكرين العرب من مختلف المشارب والأديان في زمنه؟
لعل بعض السرّ في شخصية الأمير.. ولعل بعض السرّ في معارف الأمير ومداركه وتبحّره الأدبي والعلميّ و.. ولكن كل السرّ، في مستوى النقاء والسموّ الطّهر الذي بلغه الأمير، وهذا السر مرتبط بمسالك التصوّف التي سلكها الأمير وبلغ منها مبلغا عظيما، وترك في ذلك آثارا هادية وفاتحة ولمّا تزل تحتاج إلى الكثير لاستكشافها والإبحار فيها...

مع الأمير عبد القادر الجزائري هذا المفتاح لعوالم متصوّفة عظام من أمثال ابن عربي.. نترككم تغرقون وتستغرقون في ضياء هذا المحيط الزاخر كنوزا وكنوزا..

تكملة الموضوع

حمل كتاب في صحبة الأميرين أبي فراس الحمداني وعبد القادر الجزائري


بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما




- كتاب: في صحبة الأميرين أبي فراس الحمداني وعبد القادر الجزائري.
- تصنيف: الدكتور أحمد درويش.
- سنة الإصدار: 2000.
- عدد الصفحات: 208.
- حجم الكتاب: 23,4 Mo.
- الناشر: مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري.


~~~ . ~~~

نبذة عن الكتاب:

هذه مقارنة أوحت بها مناسبة وليس كل ما توحي به المناسبات يذهب بذهابها فروميات أبي فراس جاءت من وحي مناسبة أسرة وقصائد المتنبي وراءاها مواقف مناسبات من الرضا والغضب وروائع ابن الرومي تثيرها أسباب منن التوجس والتخوف والتشاؤم وبما لا تصلح في نظر غيره من الناس لأية مشاعر.

تاريخ الأدب والفنون يعرف الكثير من الأعمال الخالدة التي أوحت بها مناسبات عابرة وفكرة التقاء الأمير أبي فراس الحمداني والأمير عبد القادر الجزائري في كاتب واحد أوحت بها فكرة تنظيم دورة للشعر ونقده في الجزائر تحمل أسم ( أبي فراس الحمداني ) في إطار ما تقوم به مؤسسة البابطين من نشاط في هذا المجال وبرزت فكرة الجمع بين الأميرين انطلاقاً من كونهما مرا بتجارب متشابهة على اختلاف المكان والزمان فهما أميران وفارسان وأسيران في بلاد الفرنجة وشاعران على تقارب في نصيب كل منهما في بعض هذه الصفات وهما في نهاية المطاف يستظلان بثقافة واحدة وقيم تجلت أصالتها وجمالياتها في حياة كل منهما.

ولقد قام الكتاب بمدخل تمهيدي ينافس منهج رسم الشخصية ومواطن الائتلاف والاختلاف في الشخصيتين اللتين تدور الدراسة حولهما وما يميله ذلك من طبيعة النظرة التي ترصد من خلالها ما ينبغي تلاقيه في أطار رسم الصورة المتوخاة وقد أعقب ذلك المدخل بابان تم في أولهما الوقوف في رحاب أبي فراس انطلاقا من النص الشعري الذي يمثل موهبته الأولى التي أحلته مكانا مميزاً في الصدارة العربية أوج تألقها واستعانة بجوانب الضوء من السيرة الفردية والجماعية واعتمادا على المنهج الجمالي في قراءة النصوص.

وفي الباب الثاني تم الوقوف في رحاب الأمير عبد القادر انطلاقا من السيرة التي شكلت مسيرته كمجاهد وقائد وصاحب هدف دقيق في بناء الدولة الحديثة واستنهاض مشاعر الأمة التي أهلته لأن يكون في طليعة رجال نهضة الأمة العربية والإسلامية واستعانة ببقية مواهبه التي ساعدته على أداء هدفه ومن بينها الشعر والعلم .

ولعل في لقاء هذين العلمين طيات كتاب واحد ما يساعد على انعكاس مزاياهما الصافية فيتولد عن التقاء النور إشعاعات ينعكس ضوءها على الحضارة والفن العربيين مما قد يغري بالتأمل في مزيد من صفحاتهما الناصعة وتمثلها تأهبا لغد أفضل.

~~~ . ~~~

أشرف على طباعة هذا الكتاب و راجعه الباحث في الأمانة العامة للمؤسسة ماجد الحكواتي - تصميم الغلاف و الإخراج الداخلي: محمد العلي. - الطباعة والتنفيذ: أحمد متولي - أحمد جاسم. - حقوق الطبع محفوظة: مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري.
تكملة الموضوع

حمل مخطوط جواهر الإكليل لسيدي خليفة بن حسن الأقماري




بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على سيّدنا محمد صلاة أهل السموات والأرضين عليه أجري يا رب لطفك الخفي في أموري والمسلمين آمين.

- مخطوط: جواهر الإكليل في نظم مختصر الشيخ خليل.
- تصنيف: العلامة سيدي خليفة بن حسن الأقماري السوفي
- مادية المخطوط: نسخة جيّدة مبتورة الآخر، تنقصها بعض الأوراق.
- مصدر المخطوط: خزانة الشيخ الموهوب أولحبيب للمخطوطات بجاية - الجزائر.

رابط التحميل

هنـــــا

~*~*~*~

ترجمة المصنف سيرة ومسيرة في سطور:

السوفي ( ..- حيا 1318هـ / ..- 1901م):

هو العالم العلامة المصنف البارع الإمام المجتهد الفقيه المحدث سيدي خليفة بن حسن بن مبارك بن محمد بن أبي عافية الأقماري منشأ ودارا من أهل «قمار» بوادي سوف و القماري: نسبة لمدينة «قمار» واحدة من أهم الحواضر العلمية في الجزائر تقع بمدينة الألف قبة «وادي سوف»، وصفها المؤرخون والرحالة العرب قديما بمنارة العلم، أنجبت عبر تاريخها الطويل الحافل بالأمجاد العديد من العلماء بقيت أسماءهم خالدة في سجل تاريخ الجزائر الديني والعلمي والثقافي ومن بين أبرز ما أنجبته هذه الأرض الطاهرة خلال القرن الثاني عشر الهجري هو صاحب مؤلفنا اليوم الشيخ العلامة المصنف سيدي خليفة بن حسن القماري السوفي رحمه الله.



من آثاره «جواهر الإكليل في نظم مختصر الشيخ خليل» في فقه المالكية طبع سنة 1318هـ قال صاحب كتاب تعريف الخلف نظمه نظما عجيبا. أهـ «منقول بتصرف عن كتاب "معجم أعلام الجزائر" لعادل نويهض. ».

~*~*~*~

وتعميما للفائدة واستفاضة في سيرة الشيخ نقلنا ما ورد في كتاب تاريخ الجزائر الثقافي لشيخ المؤرخين الجزائريين الدكتور أبو القاسم سعد الله حفظه الله ما نصه:

".. ومن أشهر من نظم خليل بالفقه المالكي عناية خاصة خليفة بن حسن القماري، وقد ولد هذا الشيخ بقمار إحدى بلديات وادي سوف، وعاش حياته العلمية متنقلا بين مسقط رأسه وبين بسكرة وسيدي عقبة وخنقة سيدي ناجي، ولا ندري إن كان قد رحل إلى تونس وغيرها لطلب العلم وأيضا الحج. ورغم عزلته فقد ظلّ ينهل من مصادر تونس وقسنطينة، وهناك مصادر أخرى لغذائه الروحي وهو ركب الحج المغربي الذي كان يسلك طريق الصحراء في ذهابه وعودته، ودليلنا على ذلك تلك المراسلات التي دارت بين خليفة بن حسن وبين علماء بسكرة من جهة، وملاقاته لبعض علماء المغرب أثناء مرورهم بالزيبان وإجازتهم له.

ومن هؤلاء "عبد القادر بن أحمد بن شقرون الفاسي" الذي لقي خليفة بن حسن في بسكرة أثناء توجه الفاسي على الحج فقد سماه « الفقيه الفاضل، الجامع لأشتات الفضائل، المشارك المتقن، والبارع المتفنن، ذا الحسن الخلق، سيدي خليفة بن حسن». وقال الفاسي عن نظم الشيخ خليفة العبارات الآتية التي كتبها على نسخة المؤلف، وهي « وقد أطلعني على نظمه الجليل، لمختصر أبي الدنيا خليل، المكتوب هذا على أول ورقة منه، فطالعت منه البدء والختام، ومواضيع منه أنبأتني على أنه مقدام، من فرسان البراعة وأئمة اليراعة إذ هو نظم عذب الموارد مهذب المقاصد سلس العبارة رائق الإشارة .. وقد طلب مني أن أوقع عليه ما تيسر، فأسعدته إسعاد محب صادق، فرمقت له هذه الحريفات.. ».

وكان ذلك سنة 1193 بمدينة بسكرة، ويدلنا هذا النص على شيئين الأول قيمة هذا النظم في نظر أحد فقهاء المغرب المعروفين، والثاني الصلة العلمية التي كانت تربط علماء المغرب والجزائر.

وقد كان من عادة علماء القرى والمناطق النائية الخروج لركب الحاج المغربي وملاقات العلماء الذين يرافقونه والأخذ عنهم وربط الصِّلات العلمية معهم. وقد ذكر العياشي أنه تراسل مع بعض علماء الجزائر أثناء مروره بهذه النواحي أيضا. ويبدو أن سمعة خليفة بن حسن كانت ذائعة في عصره. فهذا الناصري الدرعي صاحب الرحلة الكبرى قد سجل انطباعه أيضا من ملاقاته بالشيخ خليفة، وقال إنه كان قد سمع به ولم يلقه أثناء ذهاب الركب على الحج لأن خليفة بن حسن عندئذ كان في بلاده.

أما عند عودة الركب فقد خرج الشيخ خليفة إلى سيدي عقبة للقاء علماء المغرب. وقد حكم الدرعي على منظومة خليفة بن حسن حكما لا يختلف قليلا عن حكم الفاسي، وهذا نص ما كتبه الدرعي عن هذا اللقاء في رحلته (( وكان ممن اجتمعنا به في هذه البلدة المباركة «سيدي عقبة» العالم العلامة المسن البركة، سيدي خليفة بن الحسن السوفي، نسبة إلى سوف، قرى صحراوية على خمس مراحل من بسكرة، وكنا سمعنا به ولم نلقه لمغيبة بلده (أثناء الذهاب على الحج)، وجاء بقصد ملاقات (كذا) الركاب النبوية على عادتهم، وأوقفني على نظمه لأبي المودة الخليل، وزاد عليه قيود وتنبيهات. وهو نظم سلس لا بأس به، غير أن صاحبه غير متمكن في الصناعة العروضية، وإنما للنظم عنده سجية، وهو زهاء ثمانية آلاف بيت)).

سمي خليفة بن حسن نظمه المذكور ( جواهر الإكليل في نظم مختصر الشيخ خليل).
وكان قد فرغ من نظمه سنه 1192، عندما أصبح طاعنا في السن ولم يكن له سوى هذا النظم، الذي امتاز بسلاسته ودقته، بل ألف غير ذلك في الفقه أيضا، فله كتاب يعرف بـ (الكنش) أو الكناش، جمع فيه مسائل فقهية هامة على شاكلة النوازل والفتاوي، وقدره من رآه بثلاثمائة صفحة من الحجم الكبير.

كما ألف شرحا على السنوسية ونظم الأجرومية، وله قصيدة في معرفة الأثر، وفتاوي وآراء اجتماعية سنعرض لبعضها بعد حين، وما تزال آثار خليفة بن حسن القماري لم تجمع ولم تطبع باستثناء نظمه المذكور، فهو مطبوع" اهـ.

~*~*~*~

وتجدر الإشارة أنه قد صدر عن المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر كتيّب بعنوان ''إتحاف القارئ بحياة الشيخ خليفة بن حسن الأقماري 1207هـ/ 1792م'' للشيخ "محمد الطاهر التليلي في طبعته الثـانية، ذات الحجم المتوسط في 100 صفحة، وقام بتحقيقه والتعليق على محتواه الدكتور أبو القاسم سعد الله.




جاء الكتيّب على شكل رسالة خالية من الأبواب والفصول، ويقوم فقط على نظام الفقرات ذات العناوين المتميّزة، حيث أعاد الدكتور أبو القاسم سعد الله تصفيفه وتبويبه على شكل مقدمة وفصول، تارِكًا الفقرات كما جاءت، كما احتفظ ببعض العناوين الفرعية أو الفقرات الأصلية، وأضاف للبعض منها، مع وضع تعاليق توضيحية لأسماء ومصطلحات وتواريخ، تارِكًا ملحقات واستطرادات المؤلف في مكانها.
وجمع الشيخ التليلي في ''إتحاف القارئ'' أشتاتًا من الوثـائق المكتوبة والشّهادات المعاصرة، وكتبها مرّتين، مرّة سنة 1944إبان الحرب العالمية الثـانية، والمرّة الثـانية حين اكتشف الشيخ معلومات أخرى تتعلّق برسالته، فأضافها وحفظها بغية كتابتها من جديد.
وتتضمّن الرسالة في فصلها الأوّل: السيرة الذاتية للشيخ خليفة بن حسن الأقماري، ابتداءً بنسبه المتصل بأبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، وولادته والبيئة الّتي ترعرع فيها وشيوخه وتلامذته ووفاته، بينما تطرّقت في الفصل الثـاني إلى تراثـه العلمي في الفقه المالكي والأدب العربي والعقيدة في بلاده، خاصة في الجزائر وتونس عامة. فيما جاء الفصل الثـالث في ما قيل فيه وإجازاته وبعض أخباره، وأخيرًا ملحقين وعدّة فهارس للأعلام والأماكن والدول والقبائل والعشائر والمؤسسات والمخطوطات والكتب والمجلات.
تكملة الموضوع

حمل كتاب مذكّرات خير الدّين بربروس(النسخة العربية).



بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

- كتاب: مذكّرات خير الدّين بربروس.
- ترجمة: الدكتور محمد دراج أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الجزائر.
- دار النشر: شركة الأصالة للنشر والتوزيع الجزائر العاصمة- طبعة الأولى 1431هـ/ 2010م.

رابط التحميل

هنــا

نبذة عن الكتاب:

مذكرات خير الدين بربروس لأول مرة تصدر باللغة العربية، ترجمها من التركية الدكتور محمد دراج أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الجزائر في كتاب صدرت طبعته الأولى في 2010م عن شركة الأصالة للنشر والتوزيع، والكتاب حسب المترجم تم إملاؤه باللغة التركية العثمانية في عصر السلطان سليمان القانوني و بأمر منه، وتوجد نسخة مخطوطة منه بمكتبة جامعة إسطنبول، ومكتبة طوب كابي سراي بإسطنبول، وقد ترجم الكتاب إلى لغات عدة، الفرنسية، والإيطالية، والانجليزية، والإسبانية ما عدا العربية.


حظيت هذه المذكرة اهتمام كبير من المؤرخين والباحثين الأتراك والغربيين، وهي عبارة عن وصف لرحلة الأخوين خير الدين وعروج بربروس الطويلة في فتح الجزائر والغزوات التي قاما بها حتى الآن جعلت ملك الأسبان "كارلوس" يعنف قادته و أميرالاته بالقول : " لقد جعلتموني مسخرة بين الملوك، فليس فيكم من يستطيع التصدي لبربروس..."اهـ.

وهذا رابط مباشر للكتاب 

 
تكملة الموضوع

حمل كتاب "منظومات في مسائل قرآنية" للعلامة محمد الطاهر التليلي



بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

كتاب: منظومات في مسائل قرآنية، وهي مجموع لثلاث رسائل.

1) الرسالة الأولى: المدخل في غريب القرآن.
2) الرسالة الثانية: حجر المخلاة في مجالس المحاجات.
3) الرسالة الثالثة: تلخيص الأرقام والأعداد لما وجد في القرآن من المواد.

- تصنيف: العلامة سيدي محمد بن الطاهر بن بلقاسم التليلي القماري.
- دار النشر: المؤسسة الوطنية للكتاب - الجزائر - 1986م.


رابط التحميل

هنـــا

سيرة ومسيرة للمصنف رحمه الله في سطور:



هو الفقيه العلامة النبيه العالم الموسوعي المصنف الشيخ سيدي محمد بن الطاهر التليلي وقع ازدياده رحمه الله في شهر ذي الحجة سنة 1328 هجرية الموافق للثامن من شهر ديسمبر عام 1910 م، بقمار من أعمال مدينة وادي سوف، بالجنوب الشرقي الجزائري من عائلة تنحدر أصولها من بلدة فريانة (قرب قفصة) جنوب تونس، وما تزال بقاياها تعرف بأولاد تليل ولهم زاوية كانت تنشر العلم مسماة على جده سيدي تليل الذي ينتهي نسبه إلى الخليفة سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وكانت لبايات تونس مصالح مع الزيبان والجريد ولاسيما خنقة سيدي ناجي ووادي سوف والجد الذي وصل إلى وادي سوف من هذه العائلة الشريفة هو سيدي محمد التليلي الذي استقر في إحدى قراه وتولى التعليم والقضاء وأنجب أولادا... ثم تولى بعده ابنه قاسم التليلي وظيفة القضاء أيضا وترك عقودا رسمية ووثائق وتقاييد عن أحوال عصره وتوالت الذرية إلى صاحبنا، فهو إذن محمد بن الطاهر بن بلقاسم بن الأخضر بن عمر بن أحمد بن قاسم بن أحمد التليلي من ذرية سيدي تليل رضي الله عنه المشار إليه آنفا.

تعليمه :

ترعرع الشيخ في أسرة محافظة في رعاية أبيه وجده الذي عني بتربيته وتحفيظه القرآن الكريم، فأتم حفظ كتاب الله في سن مبكرة. تعلم علوم اللغة والشريعة والأدب على يد الشيخ عمار بن لزعر والشيخ محمد اللقاني السايح رحمهما الله، وبوصية من جده وعلى نفقته أتم الشيخ تعليمه في جامع الزيتونة بتونس، فأتم دراسته وتحصل على شهادة التطويع سنة 1934 م.

حياته العملية :

بعد أن أكمل دراسته في جامع الزيتونة، عاد إلى قمار، وعاهد نفسه على تعليم الأجيال كل ما تعلمه وتلقاه من ثقافة وعلم وأدب، وكان يعتبر العلم أمانة ورسالة، لا حرفة وتجارة، لكن الشيخ بعد العودة كان بانتظاره واقع مرير، فبعد أن زوجه والده سنة 1934 م، أرسل إليه والده رسالة شفوية عن طريق أحد أفراد الأسرة الأقربين، يطلب فيها من ابنه أن يتوكل على الله ويشمر على ساعديه ويعتمد على نفسه، وعن عمل يعيله وأهله، أو حرفة تعيشه، وأن يبحث لنفسه عما يعيش ويريش، وأن لا يكون ريشة بين الريش، ليصطدم الشيخ مع واقع مرير تكاد تنعدم في وقته فرص العمل، فأضطر الى ممارسة الأعمال الشاقة كتحميل الرمال، أو العمل في المزارع كأجير، وكان يضطر في كثير من الأحيان الى بيع كتبه، لكن رغم ذلك كان ينشر العلم قدر ما استطاع، حتى التف حوله الكثير من الناس.

نشاطه النضالي الفكري والأدبي :

حيويته والتفاف الناس والطلبة من حوله أقلق السلطات الاستعمارية، وهددته وهددت كل من يقترب منه بأقسى العقوبات، مما جعله يفلس في تجارة أنشأها بعد أن اقترض مبلغا من المال، وجعله يهجر بلدته إلى البادية بعيدا عن أعين الناس، بعدها اتصل الشيخ برئيس جمعية العلماء المسلمين الشيخ عبد الحميد بن باديس، وعين معلما في إحدى قرى مدينة بجاية، ولكن السلطات الفرنسية طردته بدعوى عدم امتلاك رخصة رسمية للتعليم، فعاد الشيخ إلى بلدته قمار، وبقي حبيس الفقر والبطالة، وزادت الحرب العالمية الثانية حاله من سيئ إلى أسوأ، ورغم التضييق الإداري على الشيخ التليلي باعتباره من تيار الإصلاح، فإن أهل قمار طلبوا منه أن يعلّم أولادهم في مدرسة النجاح الحرة التي بقي يديرها بنفسه ويعلّم فيها إلى استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962م ولم يتوقف عن رسالة تعليم الأجيال إلى أن تقاعد سنة 1972م.

مؤلفاته :

- منظومات في مسائل قرآنية،الكتاب الوحيد الذي طبع.
- مجموعة تشتمل على مسائل في رسم القران و ضبطه.
- رسائل في رسم الألف في القران الكريم.
- التعليقات البيانية على منظومات مسائل قرآنية.
- قواعد البيان في الثابت والمحذوف في القران على رواية ورش.
- منظومات تربوية للمدارس الابتدائية.
- سلم الوصول إلى ورقات الأصول.
- نظم متن الاستعارات للسََّمرقندي.
- ديوان الدموع السوداء.
- شواهد الكلمات العامية من اللغة العربية الفصحى.
- بدائع الجنان واللسان في غريب الألفاظ و مسائل القرآن.
- زهرات لغوية من الألفاظ الكتابية لعبد الرحمن الهمذاني.
- إتحاف القاري بحياة سيدي خليفة بن حسن القماري.
- تجريد شعر مقامات الحريري.
- مجموع الأمثال العامية في سُوف.
- معجم الكلمات العامية الدارجة في الصحراء الجزائرية.
- تلخيص كتاب الأضداد.
- شواهد الكلمات العامية من اللغة العربية الفصحى.
- قصة الشيخ العجوز.
- الدموع السوداء ديوان شعر.

من أشعاره رحمه الله :

فمغربنا إذا لم يكن فيه *** رجال في السياسة و الثراء
يعززهـم رجال الدين ردءا *** كمصباح المنارة في العِشاء
يذودون الأجانـب عن تراث *** من الإسلام أو عُرب الفداء
سيصبح في الدنى مصداق قـول *** يقـرّره البغـاة بـلا حياء
بأنـه فـي الدفاتر (فرنسي) *** (فرنسـا) أمـه ذات العطاء
ومـا الإسـلام إلا أجـنبي *** و مـا الأعـراب إلا كالهباء
أيرضى من لـه عقل سليم *** ومـعرفـة بـهذا الإدعاء
و يسمع منكر الأقــوال يتلى *** ويقرأ في المـجـامع والخاء
و يسكت أو يفر إلى الأقـاصي *** ويتـرك شعبـه نـهب الهراء

مناقبه :

حباه الله تعالى بسجايا ومزايا وأخلاق عالية موهوبة لا مكسوبة قلما تجتمع لغيره، فهو عظيم من أي جانب نظرت إليه، أوتي ذاكرة أمينة وحافظة واعية وذكاء حادا،وبصيرة نافذة وعقلا راجحا، وجديّة صارمة، ومن أبرز صفاته:الإباء وعلو الهمة، والصدق في القول، والإخلاص في العمل، والنفور من حب الظهور لعلمه أن حب الظهور محبط لثواب الأعمال وقاصم للظهور، والإخلاص التام والنصح لكتاب الله وسنة نبيه ولخاصة إخوانه المسلمين وعامتهم يتجلى كل ذلك في حسن إسلامه وصدق وطنيته فقد عاش مجاهدا بلسانه وقلمه، بنثره وشعره، بسلوكه وعمله، في سبيل إعزاز دينه ورفع شأن وطنه لا يطلب من دنياه إلا الكفاف الذي يحفظه من الإسفاف.

وفاته :

وبعد هذه الحياة المليئة وحافلة بالجهد والعلم أخذا وعطاءا، رحل عالمنا من دار الفناء وانتقل إلى الرفيق الأعلى وذلك يوم الأربعاء السابع عشر من رمضان المبارك عام 1424 هـ الموافق للثاني عشر من شهر نوفمبر عام 2003م، بمسقط رأسه "قمار" عن عمر يناهز ثلاثة وتسعون عاما وقد حضر جنازته جمع غفير من أصدقاء الشيخ وطلبة العلم وأعيان المنطقة.

للترجمة مصادرها ومراجعها

* وتجدر الإشارة أنه قد صدر مؤخرا للدكتور والباحث الجزائري إبراهيم رحماني الأستاذ بالمركز الجامعي بالوادي كتاب متوسط الحجم في 126 صفحة عن مطبعة صخري بمدينة الوادي بعنوان:" الشيخ محمد الطاهر التليلي وجهوده في البحث الفقهي والإفتاء"..كتاب حسنُ الإخراج واضح الكتابة، جيّد الترتيب والتنسيق.. مكوّنات الكتاب: بعد الإهداء الموجه إلى روح العلامة المترجم له، والمقدمة قسم الدكتور رحماني كتابه إلى ثلاثة مباحث:



1 ـ المبحث الأول: أضواء على سيرة الشيخ محمد الطاهر التليلي، وفيه لمحة وافية عن حياة الشيخ، وسيرته العلمية والعملية، وتطرُّقٌ إلى نسبه، مولده، أسرته، دراسته،أعماله، وظائفه،فضائله، وفاته، ثم آثاره.

2 ـ المبحث الثاني: منهج الشيخ التليلي في البحث والإفتاء، وفيه لمحة في وصْف مخطوط " المسائل الفقهية"، ثم تناول المؤلف الملامح العامة لمنهج البحث الفقهي عند الشيخ التليلي.

3 ـ المبحث الثالث: نماذج من فتاوي الشيخ التليلي..في هذا المبحث تطرق المؤلف إلى عرْض مجموعة مختارة من الفتاوي والتوثيق، والتعليق عليها.

هوامش/

قمار بلدة جزائرية تابعة لمدينة وادي سوف، وهي البلدة الثانية أو الثالثة فيها من حيث النشأة تقع في شمال المدينة على بعد أربعة عشر ك/م على الطريق الوطني الرابط بين وادي سوف وبسكرة، نشأت بلدة قمار القديمة في جزيرة صغيرة يكونها وادي سوف المنحدر جنوبا عندما يتفرع إلى فرعين وقد دفنت الرمال اليوم فرعي الوادي ولكن السكان يعرفون آثار الجزيرة من التربة، فإن كانت عند الحفر رملية هشة فذلك دليل على مجرى الوادي المدفون، وإن كانت التربة صلبة أو صخرية فذلك دليل على أنها تقع خارج مجرى الوادي، أما اليوم فلا أثر لمياه الوادي على سطح الأرض، لقد توسعت بلدة قمار القديمة مع ازدياد عدد السكان فخرج العمران من الجزيرة إلى الأراضي الشاسعة من حولها.



تاريخ المنطقة :

يعود تاريخ المنطقة إلى حوالي سنة 1460م أما عن مؤسسيها فلعلى من سكن المنـطقة بادئ الأمر مـن تـلك العائـلات القديمة كما يشيع لدى العامة من أولاد سيدي سعيد و أولاد زان و أولاد ماني وهم الذين بدءوا البناء قدر أربعين مسكن ويحيط بهذه المساكن جامع سيدي مسعود.



أصل التسمية :

أما اسم ( قمار) فهو قديم، وربما يرجع إلى القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر ميلادي، وهو اسم موجود أيضا في الهند، غير أن قمار الهندية مفتوحة القاف، كما جاء في القاموس المحيط، وقد ضرب صاحب القاموس مثلا لذلك بكلمة (قطام) بينما قمار الجزائرية مضمومة القاف، ويقول صاحب ترجمتنا اليوم الشيخ العلامة سيدي محمد الطاهر التليلي الذي قيد أخبار قمار في كناشه:" إن في الأندلس بلدة تسمى قمار بضم القاف أيضا. وفي تونس توجد (تاقمرت) جهة توزر، كما توجد في ضواحي تونس (قمرت). وفي السودان بلدة اسمها (قمار). وفي التقاليد الشعبية طائر حمام يسمى (القمري) بضم القاف، وهناك عود الطيب المعروف في الهند باسم العود القماري وهو مضموم القاف أيضا وقد سمعت النسبة إلى قمار قماري وأقماري، وكان أحد علماء قمار في القرن الثاني عشر للهجرة، وهو الشيخ خليفة بن حسن، يوقع اسمه هكذا: الأقماري".اهـ.
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |