من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

حمل كتاب الكامل في القراءات العشر والأربعين الزائدة عليها

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما


- كتاب: الكامل في القراءات العشر والأربعين الزائدة عليها.
- المؤلف: يوسف بن علي بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سواده أبو القاسم الهُذَلي البسكري الجزائري، (المتوفى: 465هـ).
- المحقق: جمال بن السيد بن رفاعي الشايب.
- الناشر: مؤسسة سما للنشر والتوزيع.
- سنة النشر: 1428 – 2007.
- عدد المجلدات: 1.
- رقم الطبعة: 1.
- عدد الصفحات: 667.


ترجمة المصنف:

لقد سبق وأن أفردنا له ترجمة كاملة
على هذا الرابــــــط

تكملة الموضوع

حمل كتاب ديوان الشاعر الجزائري محمد العيد آل خليفة

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

كتاب: ديوان محمد العيد آل خليفة.
دار النشر: الهدى للطباعة والنشر والتوزيع – عين مليلة – الجزائر.
عدد الصفحات: 544.
سنة الطبع: 2010م.

رابط تحميل الكتاب

هنـــا

ترجمة صاحب الديوان:

هو الشاعر الجزائري الكبير سيدي محمد العيد بن محمد علي بن خليفة من محاميد سوف المعروفين بالمناصير من أولاد سوف، ولد في مدينة عين البيضاء بتاريخ 28 أوت 1904م الموافق لـ 27 جمادي الأولى 1323هـ بعد تلقي القرآن والدروس الإبتدائية بمدرستها الحرة عن الشيخين محمد الكامل إبن عزوز واحمد بن ناجي، انتقل مع أسرته على بسكرة سنة 1918م وواصل دراسته بها على المشائخ علي بن إبراهيم العقبي الشريف والمختار بن عمر اليعلاوي والجنيدي أحمد مكي.




وفي سنة 1921م غادر الشاعر بسكرة على تونس حيث تتلمذ سنتين بجامع الزيتونة ثم رجع سنة 1923م على بسكرة وشارك في حركة الإنبعاث الفكري بالتعليم والنشر في الصحف والمجلات (صدى الصحراء) للشيخ أحمد بن العابد العقبي و(المنتقد) و(الشهاب) للشيخ عبد الحميد بن باديس و(الإصلاح) للشيخ الطيب العقبي.

 وفي سنة 1927م دعي إلى العاصمة للتعليم بمدرسة الشبيبة الإسلامية الحرة حيث بقي مدرسا بها ومديرا لها مدة اثني عشر عاما وفي هذه الفترة أسهم في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وكان من أعضائها العاملين، ونشر الكثير من قصائده في صحف الجمعية (البصائر،السنة، الشريعة، الصراط) وكذا في صحيفتي (المرصاد والثبات) لمحمد عبابسة الأخضري.

وفي سنة 1940م بعد نشوب الحرب العالمية الثانية غادر العاصمة الجزائرية إلى بسكرة ومنها دعي إلى باتنة للإشراف على مدرسة التربية والتعليم إلى سنة 1947م ثم إلى عين مليلة لإدارة مدرسة العرفان إلى سنة 1954م وبعد إندلاع الثورة الكبرى أغلقت المدرسة وألقي القبض عليه وزج به في السجن وامتحنته السلطة الإستعمارية بعد إطلاق سراحه بمنحة غاشمة وفرضت عليه الإقامة الإجبارية ببسكرة فلبث بها معزولا عن المجتمع تحت رقابة مشددة إلى أن فرج الله عليه وعلى الشعب الجزائري بالتحرير والإستقلال.

مصدر الترجمة:

 من الكتاب ذاته الذي بين أيديكم اليوم (ديوان محمد العيد آل خليفة).


تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي أبو زكريا الزواوي البجائي

                


أبو زكرياء يحيى بن أبي علي المشتهر بالزواوي

... - 611هـ  - ... 1214م

 فمنهم الشيخ الفقيه، الصالح العابد، الولي الزاهد على التحقيق، المتوجه إلى الله بكل وجهة طريق، أبو زكرياء يحيى بن أبي علي المشتهر بالزواوي وهو عندما يكتب اسمه يكتب الحسني "منسوب إلى بني حسن" من أقطار بجاية، والناس ينسبون فيه الحسناوي، ولد في "بني عيسى" من قبائل "زواوة" وقرأ رضي الله عنه أول أمره "بقلعة بني حماد" على الشيخ الصالح أبي عبد الله ابن الخراط وغيره ثم ارتحل إلى المشرق، ولقي الفضلاء والأخيار والمشائخ من الفقهاء والمتصوفة وأهل طريق الحق.

وكان، رحمه الله، منذ ظهر بانيا على ترك الدنيا والانقطاع إلى الدار الآخرة، استوطن بجاية رحمه الله بعد رجوعه من المشرق، وجلس بها لنشر العلم وبثه والدعاء إلى الله تعالى، فانتفع الخلق على يديه وظهرت عليهم بركته وفعلت فيهم سريرته الصالحة ونيته، ولم يكن أحد أجلد منه على القيام والصيام، وما كان عيشه، رضي الله عنه، إلا من المباح كالبقول المطروحة وما جرى مجراها وإذا اشتهى اللحم ينزل إلى البحر فيصيد السماك على الأحجار، وهي لحمه رضي الله عنه، وما من ناحية من النواحي إلا وله فيها مسجد معلم، وكلها معروف البركة، وكراماته رضي الله عنه أكثر من أن تحصى، ولو كتبت لكانت مجلدات وأحواله كلها كرامات.

وكان يجلس لعلوم الحديث ولعلوم الفقه ولعلوم التذكير، وكان الغالب عليه رضي الله عنه الخوف، ما يمر بمجلسه إلا ذكر النار والأغلال والسعير، وتكاد تفيض قلوب الحاضرين في مجلسه، هذا هو حاله دائما، وهذه الطريق هي أحسن الطريق في الدعاء إلى الله تعالى، إذ جبل الله الخلق على أنهم لا ينفعلون غالبا إلا بالخوف، ولأجل هذا كان أكثر الشريعة تخويفا.

وما زال رضي الله عنه مستمرا على هذا الحال إلى يوم وفاته، يبسط أمل الناس ورجاءهم في رحمة الله وفي سعة مغفرته، ومناهم بما عنده من كثرة الثواب، وإنه لا يضيع أجر من أحسن عملا، إلى غير ذلك مما اشتمل عليه مجلسه، وهذا طريق حسن، لأنه لم يبق عند لقاء الله إلا الطمع في رحمته والرغبة فيما عنده، لأن الخوف فائدته إنما هي الحض على العمل، وحين الموت انقطع العمل، ولم يبق إلا قوة الأمل لتلقى الله طيبة نفسه، فيحب لقاء الله فيحب الله لقاءه، حسبما اقتضاه الحديث.

ولقد رأيت فصلا فيه ذكر وفاته، بخط الشيخ المقرئ، أبي العباس ابن الخراط وأنا أذكره بنصه، قال رحمه الله: أن وفاته كانت بعد صلاة العصر من يوم الجمعة، الرابع عشر من شهر رمضان المعظم من عام أحد عشر وستمائة، وتوفى في هذا اليوم فجأة من غير تقدم مرض، وكان قد رتب ميعادا بالقراءة لسماع تفسير القرآن العظيم، وميعادا بعد صلاة الظهر لسماع حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على جري عادة السلف الصالح في شهر رمضان، فبينما أنا أقرأ بين يديه بالغداة وقد مرت آية فهم منها ما لم نفهم، وعلم من نحواها ما لم نعلم، إذ وثب قائما طيلسانه وطرح رداءه، وحسر رأسه وبسط يديه ومد ذراعيه، فأمسك عن القراءة، فتعوذ بصوت رفيع وبسمل، فافتتح بقول الله تعالى } (قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) { ولم يزل يرددها ويكررها بتحذير وترنين، ثم أقبل على الناس بخضوع وخشوع، وأخذ يبين لهم ما أعد الله من سعة الرحمة وأضعاف الحسنات والتجاوز عن السيئات، وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، ثم قال: يا إخواني سألتكم بالله إلا ما ضممتم صبيانكم وأولادكم وأصاغركم ودعوتم لي، ولا تنسوني فإني جار لكم، ولست أنساكم، وأكثر من هذا القول في بكاء شديد حتى كأنه أشعر إنه راحل من الدنيا، وان ذلك وداع منه للناس، ثم دخل زاويته دون أن يختم مجلسه بالدعاء المعهودة منه، ولما حانت صلاة الجمعة وأخذ الناس في الرواح وجلس الإمام على المنبر، وأذن المؤذن، خرج على الناس من زاويته، وجلس منصتا لاستماع الخطبة، فلما قضيت الصلاة، نصبوا له كرسيه واستوى عليه، وازدحم الناس ينظرون إليه، فأخذت في قراءة كتاب المسند الصحيح، من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، تصنيف الإمام الحافظ، أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رضي الله عنه، وهو ينظر إلي، فاعتراه شبه غشي أماله على جانبه الأيمن، فبادرت إليه مع بعض من قرب خشية السقوط، فحملناه وأدخلناه زاويته وأطبقنا الباب دونه، فبادر إليه من كان يخدمه من أهله وجلسنا ننتظر عاقبة أمره، إلى أن أذن مؤذن العصر وأخذ الناس في التنفل، ثم أقيمت الصلاة، فسمعنا في الزاوية حركة اغتسال نفهم منها تجديد طهارة، ثم سكنت تلك الحركة، وقد أدرك فضل صلاة الجماعة، ثم استلقى مستقبلا فقبض طاهرا صائما صامتا معتكفا في الجامع الأعظم، صحيحا سويا، دون مرض ولا ألم، قدس الله روحه، وبرد ضريحه، ونفع به وبصالح دعائه.

وفشا الخبر في الناس، فتسابقوا إليه، وحشروا من كل ناحية عليه، وارتفع صراخهم واشتبكت أصواتهم، ونما ذلك إلى من كان له الأمر ببجاية حينئذ، فوجهوا نقيبا لصيانة جثته الطاهرة الزكية من ابتذال من يلي بها ويقتحم للتبرك بما بين ثوبها. فلما جن الليل أمروا بحمله إلى روضته، وكلفوا أمناء بجهازه، ثم بادروا بأنفسهم وشهدوا الصلاة عليه على شفير قبره، ضحى يوم السبت، الخامس عشر المتقدم الذكر، ووقفوا حتى واروه عن الناس، وعزى الناس عن مصابهم بعضهم بعضا، رحمة الله عليه. انتهى كلامه رحمه الله.

ومن أشياخه، الفقيه أبو الطاهر إسماعيل بن مكي بن عوف الزهري، روى عنه الموطأ، والقاضي أبو سعيد مخلوف ابن جاره روى عنه "المصابيح" وكتبا عدة إجازة وسماعا، والإمام أبو طالب أحمد بن رجا اللخمي، قرأ عليه وأخذ عنه الأصلين حفظا واتقانا، والحافظ أبو طاهر السلفي صحبيه وأخذ عنه إعجاز القرآن للخطابي، ومن شعر أبي طاهر:

ما لي لدى ربي جزيل وسيلة *** إلا اتباع نبـيه ويقـينـي
والدين حصن للفتى وعقيدتي *** أن القليل من اليقين يقيني

ومن شيوخه، رضي الله عنه أيضا، الإمام أبو عبد الله ابن بكرة الكركني قرأ عليه المذهب رواية ودراية، وأبو القاسم بن فيرة الشاطبي الضرير، والفقيهان الأخوان أبو عبد الله وأبو العباس الحضرميان عنهما الشهاب [أي شهاب الأخبار في الحكم والأمثال والأدب من الأحاديث النبوية] للقاضي والفقيه أبو زيد عبد الرحمن بن سلامة، والزاهد أبو عبد الله المغاور، والشيخ أبو عبد الله السلاوي، وغير هؤلاء، رضي الله عنهم ونفعنا بالجميع آمين.

مصدر الترجمة:

كتاب: عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية - للشيخ العلامة أبو العباس أحمد بن أحمد بن عبد الله الغبريني منشورات دار الآفاق الجديدة بيروت لبنان- أبريل (نيسان) 1979م.
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي محند بن أوقري



بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد صلاة أهل السموات والأرضين عليه أجري يا رب لطفك الخفي في أموري والمسلمين

سيدي محند أوقري ومناقبه العلمية

يعتبر سيدي محند أوقري أحد علماء بلاد القبائل (زواوة) البارزين في ميدان نشر العلم بمنطقة آث يعلى، وأحد أقطاب الأولياء الصالحين، عمل لدنياه ولآخرته، وفق منهاج معتدل، جعله يمسك القلم بيد، والفأس بالأخرى، فعاش من ثمار جهد عرقه بعد أن أحيا أرضا مواتا، حوّلها إلى بساتين غناء، وشيّد زاوية (ثيمعمرث) للمعرفة والتعبّد والمصالحة، اشتهرت باسم "الجامع أوقري"، ظلت تشعّ نورا، وتهدي الخلق إلى الصراط المستقيم. وعندما اندلعت الثورة التحريرية الكبرى صارت قلعة للمجاهدين، ومازالت بفضل جهود المخلصين من أحفاده ـ

يتقدمهم عبد الوهاب حمودة ـ تواصل رسالتها العلمية والاجتماعية، وعليه فهي جديرة بوقفة نستذكر فيها تاريخها التليد، وننفض غبار النسيان عن أمجادها الجديرة بالإشهار.

من هو سيدي محند أوقري؟

يسود الاعتقاد لدى أحفاده أن الشيخ سيدي محند أوقري، ينتمي إلى أشراف الساقية الحمراء، يكون قد درس في مدينة فاس حسب رواية الحسين الورثلاني، ثم انتقل إلى بلاد الزواوة، واستقر في آث يعلى رفقة إخوانه؛ بوعبد الله، وعبد الرحمن، وتواتي، والحسين، وبعض رفاقه من عائلة إكثاف (أكتوف) الحالية.

ويرجح الأستاذ عبد الحميد زاهير ـ وهو من أحفاده ـ أن سيدي محند أوقري يكون قد عاش مابين القرن السابع عشر، والنصف الأول من القرن الثامن عشر(1635 ـ 1720)، واستخلص ذلك من قول الحسين الورثلاني (1713 - 1780)، الذي ذكر أنه أدركه في طفولته.

استقر الشيخ سيدي محند أوقري في مكان منخفض يدعى "لخناق"، وهو موقع متميّز بتوسّطه لمناطق آث يعلى، وجعافرة، وثاسمارث، وبوفرة المياه، لذا بنى طاحونة لرحي الحبوب. ولكنه لم يلبث أن ترك هذه المنطقة الخصبة، لينتقل إلى قمة جبل تدعى "تيزي نتعساسث"، ميزتها الحصانة، والإشراف على العديد من قرى آث يعلى، وآث ورثيلان، وإلماين، ويمتد النظر فيها إلى جبال جرجرة، وأكفادو، والبيبان، لذا استحق هذا المكان تسمية "القلعة" عن جدارة. وحظي سيدي محند أوقري بالترحاب من طرف العائلات القليلة المقيمة هناك؛ آث مسعود، وآث عيسى، واعلي، وآث أومزيان، وآث بوطيح، وعائلة بلعزوق. ومن المرجح أن يكون قد اختار هذا المكان المقفر، من أجل التعبد والتصوف وإبعاد طلبته عن ضوضاء العمران، وأكد ذلك الحسين الورثلاني بقوله: "... ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى الزاهد في الدنيا رأسا، المتخلي عنها نفسا، سيدي محمد بن قري، وقد اعتزل بأهله وسكن القلعة، في غيضة عظيمة، لا يسكنها إلا الوحوش، ينعدم الماء فيها، ومع ذلك فإنه بنى دوره في الأوعار من الجبل، مع بعدها من الوادي الى رأس الجبل، وبنى فيها مساجد بفضل الله، سيما الجامع الكبير فقد بناه بناء معتبرا، إلا إذا كان مثله في تونس، وأشار، رحمه الله، إلى أنها تصير مدينة قاهرة آخر الزمان، وقد تحمل المشاق العظيمة في مجاهدة نفسه وأهله وأولاده وأصحابه، وكان لا يفتر عن ذكر الله تعالى، طريقه صعب لا يسلكه إلا من نبذ نفسه وراء ظهره، وقد أدركته صغيرا"(1). هذا والجدير بالذكر أن الرحالة الحسين الورثلاني قد تزوّج بنت الشيخ الفقيه سيدي بركات، وهو من أحفاد سيدي محند أوقري(2).


 

وعقب سيدي محند أوقري خمسة أولاد وبنتا هم:

1- بركات، تنتمي إليه عائلات: بركات، قري، توتي، توازي بن حماده.
2- بلقاسم ، عقب بنتين.
3- حموده، تنتمي إليه عائلات: حمودة، بداني، كبير.
4- عبد المجيد، تنتمي إليه عائلات: باجي، عبد الحميد، موسي.
5- لونيس، تنتمي إليه عائلة بزاز.
6- بنت توفيت عازبة.

فضائل المعمرة:

واعتبارا لمكانة الشيخ سيدي محند أوقري السامقة في المجتمع، فقد ساعده السكان في بناء مؤسسته العلمية، بناءً جيدا بمواصفات عصره، وبطريقة فنية جميلة، أبدع فيها البناؤون في استعمال الحجارة المنحوتة، وتنميق  سقفها بالأخشاب والقرميد، زادها بهاء ورونقا. وخصص الطابق الأرضي للتعليم، والطابق العلوي مسجدا للصلاة، ولكل منهما مدخله الخاص، وقصد طلاب العلم هذه الزاوية حتى من خارج آث يعلى.


تخرج منها العديد من العلماء، أكثرهم من صلب أحفاده، منهم سيدي عبد الرحمن بن بركات، الذي رافق الحسين الورثلاني إلى البقاع المقدسة، وسيدي المدني بن حمودة بن قري الملقب بالقطب الرباني، وسيدي العربي لونيس، وسيدي محمد الصغير بن سنوسي، والشيخ الطيب أوقري، والشيخ الصالح أوقري، وغيرهم، اشتهروا بالإفتاء، وتوثيق عقود البيع والزواج، وتحرير محاضر اجتماعات المصالحة وتقسيم الميراث، ولاتزال عائلات أحفاد الشيخ محند أوقري تحتفظ بكم هائل من الوثائق والمدونات، أكدت نجاح هذه الزاوية في جعل اللغة العربية لغة عمل، وهذا خلافا لادعاءات الفرنسيين الذين شوّهوا تراثنا العربي الإسلامي، حين ربطوه بالشعوذة والدروشة. ونقدم هنا وثيقة عقد الزواج حررت سنة 1883م، تؤكد ما ذكرناه: "الحمد لله تعالى وحده، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. إعلاما للواقف عليه أن حامله المكرم سي الطيب بن المرحوم سيدي الصغير بن باجي بن قري، شوّر ابنته زينب لما زفت لزوجها سي علي بن سي أحمد وَعْلي بن عماره تاماستي، ما قيمته 62 فرنكية ونصف، بين حايك صغير، وأسفايف، وتوناس من فضة، وقلادة فضية أيضا، وأفنيق بلوازمه، وغير ذلك. قوّم الجميع بالقدر المذكور. رد الاب المزبور ذلك لأبنته المسطورة بحضرة الكاتب محمد الصغير بن قري، وسي محمد الطاهر بن بوطيح، وسي السعيد بن باجي، وسي أحمد منـّه، وسي الربيع بن الربيع بن علجية، وسي سليمان بن عماره، وسي الطيب بن سي الطاهر بن عمارة، وسي السعيد معـّه.

وقع ذلك لتاريخ السادس رجب الفرد من شهور عام 1301هـ( 1883م)، واحد وثلاثماية بعد الألف"(3).

هذا وقد تأثرت زاوية سيدي محند أوقري بالكارثة الطبيعية التي ألمت بالجزائر في سنوات 1865 - 1866 - 1867 حينما ضرب الجفاف بقوة، أدى إلى انتشار المجاعة والأوبئة الفتاكة، فاضطر سكان القلعة إلى هجر قريتهم، ونزح أحفاد الشيخ  سيد محند أوقري إلى القريتين ثامالوث، وثيقرث القريبتين من القلعة. هذا وقد أطلعني الأستاذ عبد الحميد زاهير على مخطوط هام أشار إلى هذه المجاعة: "ولما ثبتت ديون مترتبة على المتوفى جوعا في السنة التي مات فيها خلق كثير من شدة الجوع، وأكل فيها الناس الحشيش والأحريش والميتة والدم، وغير ذلك من المحظورات الأكل في غير الضروري...".

ومن جهة أخرى، لم يهمل أبناؤه وأحفاده الأشغال الفلاحية، إذ استصلحوا الأرض، وأقاموا المصاطب لتلافي ظاهرة انجراف التربة، وبنوا حاجزا مائيا (أولميم)، وبئرا لتجميع المياه، وغرسوا الأشجار المثمرة كالتين والزيتون والرمان والإجاص، فحوّلوا الجبال ذات التضاريس الوعرة إلى بساتين غنّاء، تدر محاصيل زراعية وفيرة، ضمنت العيش الكريم لأهلها.

علاقة الزاوية بالثورة:

من الطبيعي أن تحتضن زاوية سيدي محند اُوقريُ الثورة َالتحريرية الكبرى التي اندلعت من أجل استرجاع السيادة الوطنية، واتخذها جيش التحرير مكانا مفضلا لعقد اجتماعاته، وفي يوم 8 ديسبمر1955م جرت معركة بقربها، كانت من أعنف المعارك، امتدّ لهيبها إلى قريتي ثيقرث، وثالاسوسث، وعلى إثر ذلك قام الجيش الفرنسي بتدمير وتخريب الزاوية، وتهجير سكان القرى المجاورة لها، فصارت تلك الأرض منطقة محرّمة، قصد عزل الثورة عن الشعب. ومن المعارك التاريخية التي شهدتها القلعة، معركة 8 مارس 1960م، بين الجيش الفرنسي الذي جند قوات برية وجوية كبيرة، وبين 10 مجاهدين كانوا تحت قيادة الشهيد الطيب عبد الحميد (المدعو الطيب أوباجي)، نالوا الشهادة ولم ينج منهم سوى هذا الأخير، وتكبّدت فرنسا خلال هذه المعركة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، إذ تم إسقاط طائرتين لايزال حطامهما في بوعفير، وإغزر أوذرغال  شاهدا على ضراوة القتال، علما أن المعركة دامت يوما كاملا.
 
 




الزاوية بعد الاستقلال:

شرع محند أكلي أوقري حمودة (1903 - 1975) في ترميم الزاوية منذ سنة 1965م، بمساعدة وزارة الشؤون الدينية والولاية والبلدية والمواطنين، وتضمن التجديد شق الطريق لفك العزلة عن الزاوية، ولم تنتهِ أشغال الترميم والتوسيع إلا سنة 1984م، أصبحت الزاوية بعد ذلك تضم المرافق التالية:

- الجامع حيث تقام الصلوات، وتلقى الدروس.
- المرقد يتكون من أربع غرف كبيرة.
- مطبخ ، ومخزن للمؤونة، وقاعة للإطعام.
- غرفة خاصة بوكيل الزاوية.
- أرض وقف محيطة بالزاوية، غير زراعية، ليس لها أي مدخول مالي، لكنها قابلة للاستصلاح.
ودشنت الزاوية يوم 3 مارس1987م، بعد تعيين معلم من طرف وزارة الشؤون الدينية، وتولى الأستاذ عبد الوهاب حمودة مهمة وكيل الزاوية. وفضلا عن ذلك، صارت الزاوية معلما تاريخيا يجلب الزوار باستمرار، يأتون من مناطق عديدة.

وفي الأخير، لابد من التنويه بجهود أحفاده الذين نجحوا في إعادة الحياة إلى هذه المؤسسة العلمية بعد الاستقلال، بمبادرة من السيد محند أكلي حمودة (1903 - 1975) ، ثم استلم منه نجله الأستاذ عبد الوهاب حمودة المشعل، كما تجدر الإشارة أيضا، إلى جهود الأستاذ عبد الحميد زاهير، الذي انكبّ على الحفر في الماضي، من أجل إنقاذ تراث هذا العالم العارف وأحفاده، المخبوء في الذاكرة الجمعية، والمخطوطات المبعثرة لدى عائلات كثيرة، وأرجو له التوفيق في سعيه هذا، وأملنا أن نراه مجسّدا في كتاب يثري صرح المكتبة الجزائرية. كما نرجو كل النجاح للجمعية الثقافية العلمية، التي أسسها أحفاد سيدي محند أوقري، بنيّة إعادة الإشراق إلى هذه المنارة بما يقتضيه العصر من أدوات وأساليب وأفكار جديدة، يساعد الزاوية (ثيمعمرث) على تغذية عقول الناشئة بأفكار الأصالة والمعاصرة والتجديد، لأن الأبناء مخلوقون لزمن غير زمن الأجداد.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

مصادر الترجمة:

1- الحسين الورثلاني، نزهة الأنظار، مطبعة بيير فونتانة، الجزائر،1908، ص45.
2- مختار فيلالي، رحلة الورثلاني، دار الشهاب، باتنة، الجزائر، بدون تاريخ، ص16.
3- الوثيقة في حوزة الأستاذ عبد الحميد زاهير.
---
هوامش:

زاوية سيدي محند أوقري، المشهورة باسم ''الجامع أوقري''، في بلدية فنزات بولاية سطيف، على بعد أربعة كلم من مقر البلدية من الناحية الغربية، حيث تقع في أعلى جبل من جبال الناحية يسمّى بـ''القلعة''، المحاذي لمرتفع ''تلاسوست''، ويتوصّل إليها عن طريق معبّدة فتح سنة .1969 وتبعد عن عاصمة الولاية سطيف بحوالي 90 كلم، وعن مدينة برج بوعريريج بحوالي 45 كلم شمالاً.

تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |