من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة العلامة الشيخ مسروق محمد بن الحاج عيسى مفتـي الديار الورقلية

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


العلامة الشيخ مسروق محمد بن الحاج عيسى (1887-1976م) – (1304-1396هـ).

وُلد الشيخ سي محمد بن الحاج عيسى في قرية الشط إحدى واحات النخيل في ورقلة سنة 1887م وقد تربى بين أحضان أسرة فقيرة متواضعة حرصت على تعليمه القرآن الكريم في صباه، وما إن بلغ السادسة من العمر حتى تولت أمه رعايته بعد وفاة والده وقد حالفها الحظ والتوفيق حين أعدته طالبا مجتهدا محبا للقرآن والعلم.



علومه وشيوخه:

تعلم القرآن صغيرا على عادة أهل بلده فحفظه على يد الشيخ بلخير باعمر وكذا الطالب عبد القادر الإمام وكلاهما في الشط كما جلس إلى العلامة العبيدي وأخذ عن الشيخ أحمد الزروقي وقد سمحت له لقاءات بجملة من العلماء فأخذ عنهم كالشيخ محمد بن الحاج الحافظ من فلسطين وعبد الله السندي نزيل المدينة وأحمد بن الصديق من آل شنقيط في موريتانيا وكذا الشيخ محمود بن عبد الله الأفغاني وأحمد الطيار ومحمد داود ومحمد بن عبد الله بن دحلان من اليمن كما أخذ عن زمرة من شيوخ العلم في مدينة نفطة التونسية وحضر مجالس الشيخ عبد القادر بن الحاج النعيمي في الرويسات فأخذ عنه علم النحو والبلاغة والفقه كما روى لي قرينه وزميله الشيخ الطالب النوي حقيقة.

ولم يغادر شيخه إلا بعد أن حل بالرويسات الشيخ السكوتي دفين المدينة سنة 1913 م وهو الذي رافقه إلى قصور ورقلة أين استقر بها إلى سنة حجه ووفاته كما جالس الشيخ عبد الله الشنقيطي وكانت للشيخ علاقات ومكاتبات مع جملة من شيوخ العلم والفقهاء أمثال الشيخ سي محمد بن محمد الأخضر محجوبي السائحي والشيخ الطاهر بن العبيدي في تقرت ومحمد الإمام قريشي في نقوسة وكذا شيوخ نفطة في تونس إضافة للعديد من العلماء الذين كانت لهم صلات بورقلة كالشيخ محمد عبد القادر بلعالم والشيخ نعيم النعيمي البسكري وغيرهم.

وقد شهد له جميعهم بسعة علمه، ويروى أن أحد علماء الأزهر الشريف في مصر ناقشه في عدة مسائل وحين وقف الجمع للصلاة قدّمه إماما غير أن الشيخ اعتذر قائلا: " يكفيني توفيق الله لي بالصلاة في الأزهر الشريف ولقائي بعلمائه".

بين العلم واكتساب الرزق:

لم يفارق الشيخ منذ صباه خدمة الأرض واكتساب الرزق وهو الذي وفقه الله أن يجمع بين طلب العلم وتبليغه مع تأمين قوته وقوت أولاده يحكمه برنامج دقيق منتظم.

موقفــه مـن ثــورة التحرير:

حين أُشعل فتيل الثورة كان الشيخ رحمه الله من المباركين لها، ومع أنه كان مهتماُ بتربية النفوس على الإيمان والقرآن إلا أنه ساهم بقدر واسعٍ في إحياء النفوس الجامدة وتذكيرها بواجب الجهاد دفاعاً عن حياض الدين والوطن، وكان المجاهدون على صلة به وقد زارته ثلة منهم غداة الاستقلال فخطب فيهم خطبة ألهبت المشاعر وختمها بقصيدة مطولة قال في مقدمتها:

يا زهرةً قد برزت أنوارها وزهت *** إذ لاحت أنوارها في الكون وانتشرت
يا جبهة الأسد يا جيش تحريرنا *** أبشر ببشرى مـن الرحمن قد ظهرت

وقـد ضايقته فرنسا حين رصدت التحركات من حوله متهمة إياه بجمـع السلاح والتخطيط ضدها مما اضطره للتوقف عن التدريس هروباُ من استجواباتها ومداهماتها المفاجئة.

تلاميذه:

لقد تتلمذت على يدي الشيخ محمد بن الحاج عيسى أمة من العارفين والفقهاء وأهل الله من حملة القرآن الكريم وليس في ورقلة راية علمية أو قرآنية إلا ولها علاقة به أو بأمثاله، ولعل من أبرز تلاميذه الذين حملوا الراية من بعده الشيخ سي الطالب علي عياض الذي ظل متنقلاً بين الرويسات وسعيد وبني ثور إلى أن توفاه الله وكذا الطالب بريقش المخدمي والطالب محمد ناجي والطالب الطيـب باعمر والطالب البخاري بن ساسي، أما الشيخ حمزه خضران فهو أشهر تلاميذه إلا أنه توفي قبله وقد كان من أمنيته أن يصلي عليه الطالب حمزة حين وفاته إلا أن العكس هو الذي حدث رحمهما الله جميعاً ، كما تتلمذ عليه جمع كبير من فقهاء ورقلة بقراها ومداشرها وثلة من الوافدين من ولايات عديدة.

آثاره:

لم يكن الشيخ مهتماً بتأليف الكتب والمصنفات بقدر ما كانت جهوده منصبّة على تأليف الأرواح وتربية النفوس وتعليمها لتكونَ مؤلفات ناطقة وأوراقا متحركة ومع هذا فقد ترك بعض الرسائل والتعليقات العلمية في الفقه والحديث واللغة كما ترك ديواناً شعرياً قارب 1400 بيتاً، وقد يكون له إرث علمي عند ذويه وأحبائه ومعارفه لم يصل الباحثون إليه، وهنا نلتمس من هؤلاء تسهيل مهمة الباحثين بتمكينهم من الاطلاع على مآثر الشيخ.

وفاته رحمه الله:

بعد حياة ملؤها العلم والزهد والورع، حياة زاخرة بالعطاء لقي الشيخ سي محمد بن الحاج عيسى ربه يوم 29 جويلية 1976م الموافق لـ شهر شعبان 1396 هـ حيث خرجت له ورقلة بقراها ومداشرها تودع عالمها وفقيهها ومربيها رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.

وتبقى كلمة:

يموت العلماء والصالحون من أهل الله وتبقى توجيهاتهم وكلماتهم تلوكها الألسن وترعاها العقول ولن يضيرهم ما يحدثه الأتباع بعدهم أو ينسبون لهم من الأقوال والأفعال رحمهم الله ورضي عنهم.


مصدر الترجمة:

كتاب من أعلام الجنوب الجزائري لإبراهيم بن ساسي، موفم للنشر والتوزيع الجزائر- 2011م ص: 122.
 

هوامش:

ورقلة هي واحدة من أهم وأعرق مدن الجزائر تقع في الجنوب الشرقي، تحتل الرتبة 30 في التسلسل الولائي وتضم ثلاث مناطق رئيسية هي وادي مية و وادي ريغ وحاسي مسعود، وتتربع على سطح إجمالي يقدر بـ 163.233 كلم² وتعد من الولايات الكبيرة من حيث المساحة يحدها من الشمال ولايتي الجلفة والوادي ومن الشرق الجمهورية التونسية ومن الجنوب ولايتي تمنراست و إليزي ومن الغرب ولاية غرداية.

وهي من أقدم مدن الجزائر، أتت تسمية ورقلة من السكان الأوائل بها وهم بنو الوركلان أو بنو الورجلان بحيث اشتق إسم ورقلة من ذلك وتعتبر هي عاصمة الواحات قال عنها إبن خلدون أنها باب الصحراء سكنتها قبائل زناتة قبل الفتح الإسلامي، بها أكبر واحة على الاطلاق وهي مدينة تقرت التي سميت بالبهجة نسبتا لواحاتها الخضراء، وظهرت في الولاية دولة قائمة بذاتها وهي دولة بني جلاب التي رفظت الاستعمار الفرنسي وحاربته بقوة ولطيبة سكانها تعتبر قطبا هاما من أقطاب التجارة.
تكملة الموضوع

حمل كتاب شرح ديوان عروة بن الورد العبسي لابن السِكِيت

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


- كتاب: شرح ديوان عروة بن الورد العبسي المسمى بـ فحول العرب في علم الأدب.
- شرح: الإمام أبي يوسف يعقوب بن إسحاق ابن السِكِيت.
- مراجعة وتصحيح: الشيخ العلامة محمد بن أبى شنب.
- تاريخ الإصدار: 1926م.
- دار الطبع والنشر: مطبعة جول كربونل، على نفقة كلية الآداب بالجزائر.

رابط التحميل

هنــا

ترجمة المصنف ابن السكيت: (186 - 244 هـ = 802 - 858 م)

يعقوب بن إسحاق، أبو يوسف، ابن السكيت: إمام من أئمة اللغة العربية وعالم نحوي وأديب شهير، حجة في العربية، اشتهر بتشيُّعه، أصله من خوزستان (بين البصرة وفارس)، تعلم ببغداد، واتصل بالمتوكل العباسي، فعهد إليه بتأديب أولاده، وجعله في عداد ندمائه، ثم قتله، لسبب مجهول، قيل: سأله عن ابنيه المعتز والمؤيد: أهما أحب إليه أم الحسن والحسين ؟ فقال ابن السكيت: والله إن «قنبرا» (1) خير منك ومن ابنيك ! فأمر الأتراك فداسوا بطنه، وفي رواية سلوا لسانه، وحمل إلى داره فمات (ببغداد)، ومن العجب أنّه نظم هذين البيتين قبل قتله بأيّام:

«يُصاب الفتى من عثرةٍ بلسانه *** وليس يُصاب المرء من عثرة الرِجل
فعثرته في القول تذهب رأسه *** وعثرته في الرِجل تبرأ في مهل»

كان لابن السّكّيت دور بالغ الأهميّة في جمع أشعار العرب وتدوينها مضافاً إلى نشاطاته الملحوظة في النّحو واللغة، وكان شديد التمسّك بالسّنّة النّبويّة والعقائد الدّينيّة، فقام بجمع الرّوايات ونقلها مع اهتمامه بجمع الشّعر العربيّ وتدوينه، وعدّه الذّهبيّ قويّاً في دينه، برّاً محسناً.

أقوال العلماء فيه:

ـ قال المرزباني(ت:384ه): «وكان عالماً بنحو الكوفيين، وعلم القرآن واللغة والشعر، راوية ثقة».
وقال الخطيب البغدادي(ت:463ه): «كان من أهل الفضل والدين، موثوقاً بروايته».
وقال أبو سهل بن زياد: سمعت ثعلبا يقول: عدي بن زيد العباد يا أمير المؤمنين في اللغة، وكان يقول: قريبا من ذلك في ابن السكيت، قلت: " إصلاح المنطق " كتاب نفيس مشكور في اللغة.

من كتبه:

 "«إصلاح المنطق - ط» قال المبرد: ما رأيت للبغداديين كتابا أحسن منه، و «الألفاظ - ط» و «الأضداد - ط» و «القلب والإبدال - ط» و «شرح ديوان عروة ابن الورد - ط» و «شرح ديوان قيس ابن الخطيم - ط» و «الأجناس» و «سرقات الشعراء» و «الحشرات» و «الأمثال» و «شرح شعر الأخطل» و «تفسير شعر أبي نواس» نحو ثمانمائة ورقة، و «شرح شعر الأعشى» و «شرح شعر زهير» و «شرح شعر عمر بن أبي ربيعة» و «شرح المعلقات» و «غريب القرآن» و «النبات والشجر» و «النوادر» و «الوحوش» و «معاني الشعر» صغير وكبير".

مراجع:

 الأعلام للزركلي ومرآة الجنان 2/110 وتاريخ بغداد 14/274 رقم7566 ووفيات الأعيان 6/400.

هوامش:

(1) «قنبرا» هو مولى علي رضي الله عنه، ذكره محمد بن سعد في كتاب "الطبقات الكبير" في الطبقة الأولى من أهل الكوفة، ممن روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يورد له شيئًا.
تكملة الموضوع

حمل كتاب الفن المعماري الجزائري

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



- كتاب: الفن المعماري الجزائري.
- سلسلة: الفن والثقافة.
- النصوص والصور والتصميم: وزارة الأخبار.
- التوزيع: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع - الجزائر.
- طباعة ونشر: مطبعة: التاميرا - روتوبريس ش.م - مدريد - أسبانيا.
- تاريخ الإصدار: جوان 1970م.

رابط التحميل

هنــا

حول الكتاب:

ليس أجمل من أن تستكشف وطنك وتقف على معالم الجمال فيه، وتسيح في ربوعه متعرّفا على إرثه وتراثه وجذوره الضاربة في العمق التاريخي... هذا كتاب جدير أن تستوقف زمنك وتقرأ ما فيه وتتأمّل صوره، عساك تلامس أزمنة حضارية مرت بها أرض الجزائر الطيبة.. أستوقف زمنك هنيهات ولن أطيل في التوصيف متمنيا لك كل الفائدة.
تكملة الموضوع

حمل كتاب رحلة الأغواطي - الحاج ابن الدين

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


- كتاب: رحلة الأغواطي.
- تصنيف: الحاج ابن الدين الأغواطي.
- ترجمة وتحقيق: د.أبو القاسم سعد الله.
- دار النشر: المعرفة الدولية للنشر والتوزيع – الجزائر.
- تاريخ الإصدار: صدر هذا الكتاب في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011م.

هذا الكتاب يضم مجموعة من الرحلات وقد اخترنا منه فقط رحلة الأغواطي... وذلك مراعاة منا لحقوق المؤلف والناشر... والرحلات التي يضمها الكتاب هي:

1- رحلة ابن حمادوش الجزائري.
2- رحلتي إلى المغرب.
3- رحلتي إلى الجزيرة العربية.
4- زيارة لخنقة سيدي ناجي.
5- حول رحلة ابن طوير الجنة.
6- رحلة الأمير الألماني موسكاو في عنابة.
7- رحلة الأغواطي... "وهو كتابنا اليوم".
8- رحلة الشرشالي إلى الحجاز.

وجميعها للدكتور أبو القاسم سعد الله حفظه الله.

رابط التحميل

هنــا

نبذة حول الرحلة ومصنفها ومترجمها:

يقول أبو القاسم سعد الله في مقدمة هذه الرحلة ما نصه:

" مر عثورنا على هذه الرحلة بمراحل لابد من ذكرها، فأثناء مطالعتي لحياة وأعمال القنصل الأمريكي في الجزائر، ويليام شيلر، وجدت إشارات قادتني إلى حياة خلفه في المهنة، وهو وليام هودسون، ومن خلال تتبعي لحياة ونشاط هودسون وجدت ما ترجمه من رحلة ابن الحاج الدين الأغواطي، وهكذا اتصلت بأحد المؤلفين الجزائريين في الجغرافية والتاريخ عن طريق أحد قناصل الولايات المتحدة في الجزائر.

المؤلف:

أما مؤلف هذه الرحلة فهو، حسب مترجمه، الحاج ابن الدين الأغواطي، ويبدوا أنه لم يكن معروفا على مستوى الجزائر في وقته، رغم أن هذا الاسم – ابن الدين – كان موجودا في المناطق التّلِية بالجزائر، وقد سألنا عنه بعض المثقفين من أهل الأغواط فأفادونا أن عائلة ابن الدين مازالت موجودة وانه كان معروفا في وقته وانه كتب عملا استحوذ عليه الفرنسيون، وعلى الخصوص شيخ بلدية مدينة الجزائر (1).

وإذا أخذنا معلوماتنا عنه من النص الذي بين أيدينا، فإن الحاج ابن الدين كان قليل التعلم لأن معلوماته عن أحوال العصر التي سنشير إليها، في التعاليق، وبتاريخ الحضارة الإسلامية لا تدل على معارف دقيقة، فهو من الظاهر كان من (( المستمعين)) الذين يعرفون ولا يدققون، يلمون ولا يتخصصون، أما كثرة اطلاعه فتدل عليها خبرته بالمناطق التي وصفها والتي يؤكد في مناسبات عديدة.

(1)– من رسالة بعث بها إلى  الدكتور محمد السويدي الأغواطي من الجزائر إلى الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 11 مايو 1978م.

أنه رأى ما كان يتحدث عنه، ولعل اسمه (( الحاج)) يدل على أنه أدى مناسك الحج وتوقف في بعض العواصم الإسلامية مثل حجاج وقته، كما أن وصفه للدرعية، عاصمة أول دولة  سعودية – وهابية يدل على أنه لم يتوقف عند زيارة الحجاز، وقد ذهب إلى وصف أماكن من افريقية مثل شنقيط وتمبكتو وغدامس إلخ ... لا نعرف بالضبط أنه زارها بنفسه، رغم أن كلامه يوحي بذلك.

 وعلى كل حال فإن هودسون لم يفصل الحديث في علاقته الشخصية بالحاج ابن الدين: لماذا سأله هو بالذات كتابة رحلته؟ هل لأنه يعرفه مُطّلعا دون غيره، على أحوال الصحراء وأهلها ولغتها؟ هل ذهب هودسون إلى الأغواط فالتقى به؟ أو هل جاء الحاج ابن الدين إلى مدينة الجزائر فالتقيا ؟ وهل كتب الحاج ابن الدين عملا كبيرا فاختصر منه النص الذي قدمه إلى هودسون وكيف دفع هودسون ثمن المكتوب؟ كل هذه الأسئلة تدور بالخاطر عندما يقرا المرء النص الذي نحن بصدده ويعرف الظروف التي كتب فيها، ولكن معظمها يظل بدون إجابة.

المترجم:

جاء هودسون إلى الجزائر سنة 1825م لكي يساعد شيلر في مهمته كقنصل عام لبلاده في الجزائر، وكانت خبرة هودسون باللغات الشرقية هي التي أهلته لهذه المهمة، وكان الهدف من وجوده رفقة شيلر أيضا تدريبه على الخدمات الدبوماسية، وقد بقي هودسون في الجزائر إلى سنة 1829م، وأثناء هذه الفترة كرَّس جهوده، مثل شيلر أيضا، لإتقان العربية والتركية والتعرف على البربرية وجمع المعلومات حولها ومقارنتها بما كتب عنها الأولون وباللغات الأخرى من فينيقية وعربية وغيرهما.

ويهمنا من هذا التاريخ أن (2) هودسون قد تعرف على الحاج ابن الدين بين سنوات 1825 1829م.

(2)- نشر شيلر كتابه الهام عن الجزائر في مدينة بوسطن سنة 1825، وعنوانه ( مختصر تاريخ الجزائر) عن هذا الموضوع أنظر أيضا دراستنا ( أثر الجزائر في الأدب الأمريكي) مجلة الثقافة، عدد ..أبريل، 1985م.

وبعد عودته إلى واشنطن سنة 1829م اشتغل هودسون كاتبا في وزارة الخارجية فترة، ثم بعثته حكومته رفقة زميل آخر له هو السيّد بورتر إلى القسطنطينية سنة 1831م لكي يترجم موافقة حكومته على المعاهدة التركية إلى العثمانيين، ورغم أنه رجع إلى واشنطن لبضعة شهور فإنه عُيّن مستشارا للمندوبية الأمريكية في اسطنبول، وأثناء وجوده في واشنطن من سنة 1829 إلى 1831 اشترك في عدة أنشطة علمية كإلقائه أبحاثا عن شمال أفريقية ولغته وأهله وجغرافيته، وذلك أمام الجمعية الفلسطينية الأمريكية التي كان مقرها بمدينة فيلادلفيا، وقد نشرت هذه الجمعية أبحاثه في مجلتها، كما نشرت بعضها ملخصة بمجلة "نورث أمريكان ريفيو"، كما أنه ترجم ونشر في هذه الأثناء رحلة ابن الدين الأغواطي التي نحن بصددها.

إن هودسون يعترف في غير ما مناسبة أنه كان مهتما بجمع المعلومات عن البربرية، ولذلك قال انه كان على صلة بأحد طلاب زواوة الذي استفاد منه ترجمة لبعض أشعار هذا اللهجة، كما استعان به في تحليل بعض النصوص القيمة التي فيها أسماء مستمدة من البربرية، ولعل هودسون يعتبر من أوائل المستشرقين المهتمين بهذه اللهجة، وفي هذا النطاق تأتي رحلة الحاج ابن الدين، فهودسون يذكر أن (( هدفي الأساسي من الحصول على المخطوط هو التأكيد على امتداد رقعة اللغة البربرية)).

أهمية الرحلة:

ورغم ما قلناه عن صاحب هذه الرحلة فإنها كنص تاريخي، هامة جدا، فهي تحتوي على معلومات طيبة اجتماعية واقتصادية وجغرافية وسُلالية ولغوية... عن المناطق التي تحدثَت عنها، وقد ذكر هودسون أن هذه الرحلة تحتوي على معلومات لم يسبق للأوروبيين أن عرفوها، حتى أولئك الذين رحلوا وكتبوا عن افريقية.

ولأهمية هذا النص على الأقل من وجهة النظر الأوروبية، سارع الفرنسيون بترجمته وتداوله، وقد كان الفرنسيون أكثر اهتماما عندئذ بافريقية من الأمريكيين، فقد ترجم السيّد دافيزاك (d’Avezac) هذه الرحلة إلى الفرنسية (من الإنكليزية) وقرأ الترجمة في جوان 1833 على أعضاء الجمعية الجغرافية الفرنسية في باريس، ثم نشرها بتعاليق هامة وتذييلات (لكنه لم يعلق على الجزء الخاص بالدرعية واكتفى بالترجمة فقط)، كذلك نشرتها بالفرنسية قبل دافيزاك مجلة (أخبار الرحلات الجديدة).

أما النص الإنكليزي فقد نشره هودسون في وقائع لجنة الترجمة من اللغات الشرقية، في 29 صفحة، ثم لخصته سنة 1832 مجلة (نورث أمريكان رفيو)، وكان موضع اهتمام وتعاليق الباحثين في الميدان ..."اهـ.

مقتطف من مقدمة الرحلة (أبو القاسم سعد الله).
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |