من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة الولي الصالح الشيخ سيدي بن محمد بن عطية



هو الولي الصالح والعالم الناصح، إمام الطريقة وبحر الحقيقة، الزاهد الشاكر والعابد الذاكر، قدوة السالكين ومربي المريدين الشيخ سيدي بن امحمد بن علي بن النعيم بن العربي بن عطية بن ثامربن سعد بن زريط بن اسليم بن جاب الله بن سي احمد بن سي امحمد بن عبد الرحمان بن سالم بن امليك بن يحي بن يحي بن محمد بن عبد الله «نائل» وينتهي نسبه رحمه الله إلى الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وفاطمة الزهراء بنت سيّدنا رسول الله صلى الله عليه آله وصحبه وسلم.

~*~*~*~*~*~

مولده:

ولد شيخنا - رحمه الله- سنة 1317 هـ الموافق لـ: 1899 م بمكان يسمى «الخرشفة» ببلدية الزعفران «دائرة حاسي بحبح» ولاية الجلفة.

نشأته:

نشأ الشيخ سيدي بن امحمد يتيم الأب ، حيث مات أبوه و تركه رضيعا ، فرعاه الله بعنايته في حضن والدته الحنون السيدة: خيرة بنت الفارح وتحت كفالة زوجها المرحوم بن سليم بن عمر.

تعليمه و أعماله:

ولما بلغ سن القراءة والتعليم التحق بزاوية الشيخ عطية بن بيض الغول المسماة بـ «الجلالية» بالقرب من مدينة الجلفة، وتابع دراسته بها حتى حفظ القران الكريم، وتفقه في الدين ما شاء الله عز وجل، وبعد خروجه منها مباشرة شرع في تعليم القرآن الكريم، ونشر الدعوة الإسلامية للمريدين من أبناء عشيرته وأقاربه عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خيركم من تعلّم القرآن وعلمه ".

وقد تعرف الشيخ بن امحمد على شيخه القطب الرباني شيخ طريق الرحمانية عبد القادر بن مصطفى شيخ زاوية الإدريسية، وتتلمذ على يديه في طلب العلم والمعرفة من فقه، وحديث، وتفسير للقرآن الكريم ولما عاد من زاوية الإدريسية واصل تعليم القرآن وقد بذل جهدا كبيرا في التربية الإسلامية متنقلا بين عدة أماكن بخيمته ولما أراد الله تعالى له الاستقرار والمقام لمواصلة اجتهاده وجهاده على نشر العلم والمعرفة رأى رؤيا صالحة، وفي الحديث الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة و أربعين جزء من النبوة ".

الرؤيا الصالحة:

بينما كان الشيخ سيدي بن امحمد يفكر في حياة الاستقرار، رأى في المنام كأنه في الجلالية، الزاوية التى تعلم فيها وكأنه مع رفقائه وزملائه الطلبة وهم يبحثون ويحفرون عن الماء في مكان العين الموجودة حاليا بالجلالية في الواد الذي يحاذي الزاوية، فرأى نفسه يحفر بالمعول في الموضع السالف الذكر وفجأة انفجرت عين ماؤها كثير كما رأى في تلك اللحظة جنانا وحديقة في المكان المسمى«بالغيشة» أشجارا يابسة فعزم على سقيها فأخذ المعول وشرع في حفر الساقية والماء يتبعه إلى أن وصل إلى تلك الحديقة اليابسة فسقاها حتى ارتوت أشجارها وأورقت أغصانها واخضرت وابتهجت وصارت روضة من رياض الجنة، فاستيقظ الشيخ من نومه مبتهجا مسرورا بتلك الرؤيا وبعدها سأل الناس عن اسم هذا الموضع بالتحديد فقالوا له يسمى
«بلاد الخضر» فزاد اهتمامه بالبناء في هذا الموضع بالذات أو في مكان آخر، وبينما هو يفكر في هذا الموضع غلبه النوم فرأى في المنام مناديا يناديه قائلا: اذهب إلى بلاد الخضر ولا تتأخر.

تأسيس الزاوية:

بعد مشاهدة الرؤيا ذهب الشيخ إلى صاحب الأرض المذكورة السيد الحاج محمد بن الحاج المختار بن بوصوا، فاستقبله بالفرح والسرور ورحب به ووهب له تلك الأرض بدون تردد فبنى فيها مسكنا متواضعا وشرع في تعليم القرآن الكريم إلى أن أتاه الإذن الرباني والأمر الإلهي من طريق شيخه الولي الصالح شيخ الطريقة الرحمانية عبد القادر بن مصطفى شيخ زاوية الإدريسية يأذن له بتأسيس الزاوية وإعطائه الذكر، والتلقين للمريدين، وهذا بتاريخ 15 شعبان 1360هـ الموافق لعام 1941 م فقام الشيخ بن امحمد بتأسيس الزاوية الحالية، وقد ساعده على بنائها وتأسيسها صديقه ورفيقه الحاج محمد بن الحاج المختار الذي وهبه الأرض، وبعد بناء الجامع اجتهد الشيخ في تعليم القرآن الكريم، وإعطاء الذكر والعهد، وفي نشر الدعوة الإسلامية مثل أسلافه الصالحين، وقد تخرج من زاوية الشيخ بن امحمد عدد كبير من الطلبة منهم من حفظ القرآن كله ومنهم من حفظ النصف ومنهم من حفظ الربع.

الرحلة المفاجئة:

وفي أثناء الحرب التحريرية ولما اشتد الأذى والبلاء من طرف الاستعمار البغيض على المواطنين القاطنين بنواحي الجبال، وفي سنة 1960 م بالذات قامت القوات الفرنسية بترحيل المواطنين ووضعهم في محتشدات تحت الرقابة العسكرية، بقي الشيخ سيدي بن امحمد وحده معزولا بعيدا عن المواطنين الجزائريين فخافت الجماعة عن الشيخ من أذى الاستعمار الفرنسي فألحوا عليه بالرحيل إلى وسط المواطنين أو إلى قرية من القرى ، فرحل مضطرا إلى قرية الزعفران وأسس بها زاوية قرآنية إلى أن جاء النصر المبين وطلع فجر الحرية والاستقلال على الشعب الجزائري في سنة 1962 م فعاد المواطنون إلى أراضيهم وديارهم التي هاجروا منها، وعاد الشيخ بن امحمد إلى زاويته الأولى، مع العلم أن الشيخ قد حفظه الله من شر الظالمين وكيد الكائدين حيث لم يمس بسوء طوال أيام الثورة التحريرية.

مميزاته وسيرته:

وقد سار الشيخ سيدي بن امحمد على سيرة أشياخه الصالحين، وعلى أثرهم مقتديا بهم مثل الشيخ عبد القادر بن مصطفى والشيخ عطية بن بيض الغول وغيرهم من السلف الصالح رضي الله عنهم . فقد كان الشيخ سيدي بن امحمد - رحمه الله- عالما وفقيها وعابدا وزاهدا ومجتهدا، لا يتوانى ولا يتراخى عن ذكر الله، وتلاوة القرآن الكريم، وكان نصوحا لخلق الله، جوادا كريما كل أعماله خالصة لوجه الله، وكان يمتاز بالرحمة والشفقة والعطف والحنان لجميع مخلوقات الله، يغضب لغضب الله ويرضى لرضاه وقد وفق لأداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام سنة: 1397 هـ- 1976م ولم يعرف عنه أنه مارس مهنة أو تجاره أبدا فقد كان ملازما للزاوية لا يفارقها إلا للضرورة القصوى، فمدينة الجلفة زارها خمس أو ست مرات فقط مدة حياته، زار على إثرها الشيخ عطية في مرضه - رحمه الله -كما حضر مرة وفاة أخيه في الله علي بن قويدر سنة 1971 م، وقد قدم مرة أخرى لمدينة الجلفة لعيادة صهره الحاج مصطفى - رحمه الله - . . . الخ

مرضه وصبره ووفاته:

ولما ابتلاه الله عز وجل بالمرض مدة ست سنوات من سنة 1984م إلى 1989م. أظهر الصبر الجميل والنطق بالكلمة التي لا يخجل قائلها وهي، الحمد لله على كل حال.

فقد قال الإمام الشيخ أحمد الصغير رحمه الله بخصوص هذه الكلمة التي لا يفتر لسانه عن قولها أبدا: إنه شيخي في كلمة الحمد لله. وكان رحمه الله يستفسر زائريه عن أحوالهم وأحوال أهلهم ناسيا حالته التي هو عليها من مرض وألم ، وكان رحمه الله يوصي ويحث الزائرين على الدين وطاعة الوالدين، فمن ذلك قوله رحمه الله : عليكم يا أولادي بالإكثار من «لا إله إلا الله » وتلاوة القرآن الكريم.



ومن كلامه أيضا رحمه الله ورضي عنه وهي من «متن ابن عاشر»:

وحاصل التقوى اجتناب وامتثال *** في ظاهر وباطن بذا تنال

وكان يقول: اللهم عرفنا بمن تحبهم ويحبونك، عليكم يا إخواني ببر الوالدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، والاستغفار، والاستقامة.

وقال رحمه الله:

عملي اليومي هو قراءة القرآن، والورد، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وكثيرا ما كان يردد على مسامعنا ما نصه من كتاب جوهرة التوحيد:

وحفظ دين ثم نفس مال نسب *** ومثلها عقل وعرض قد وجب

وكذلك ترديد هذين البيتين لسيدي إبراهيم الخواص - قدس الله سره-

لقاء الناس ليس يفيد شيئا *** سوى الهذيان من قيل وقال
فاقلل من لقاء الناس إلا *** لأخذ العلم أو إصلاح حال.

وكذلك هذه الأبيات من متن «متن عاشر»

يصحب شيخا عارف المسالك *** يقيه في طريقه المهالك
يـذكـــره الله إذا رءاه *** ويوصل العبد إلى مولاه
يحاسب النفـس على الأنفاس *** ويزن الخاطر بالقسطاس

وسأل مرة أحد الزائرين قائلا: عدو إذا أكرمته أهانك وإذا أهنته أكرمك، من هو؟ قال: لا أدري يا سيدي، فقال الشيخ رحمه الله: هي النفس فاحذروها.

وقال: إن الطريق الرحمانية لا تنقطع أبدا إلى يوم الدين، وأخيرا وليس آخرا، فإن كل ما ورد ذكره في هذا الباب من كلام الشيخ رحمه الله في الوعظ والإرشاد هو قليل من كثير.

وقد قال عنه الإمام الجليل الشيخ عطية بن مصطفى رحمه الله وهذا أثناء زيارته له بالزاوية أمام جمع غفير من الزائرين، وبحضرة الشيخ قال: يا سيدي بن امحمد فإن كان لنا نصيب من عين الرحمانية عن طريق شيخنا سيدي عبد القادر رحمه الله ونفعنا ببركاته، فالمنبع الكبير من هذه العين هو عندك، وهذه تعتبر شهادة حية من صديقه وأخيه في الطريق تطمئن لها قلوب المؤمنين.وكان رحمه الله مجاهدا مجتهدا، واعظا مرشدا كريما جوادا، حليما حنينا صادقا مخلصا قولا وفعلا.

~*~*~*~*~*~

هكذا كان دأبه مدة حياته ، فعاش عيشة الأبرار ولقي ربه مع المصطفين الأخيار، رضي الله عنه ورضي عنا به، وأمدنا ببركاته دنيا وآخرة- آمين-

وكانت وفاته رحمه الله يوم 17ربيع الثاني 1410 هـ الموافق 16/11/1989م . ودفن بجوار المسجد بالزاوية نور الله ضريحه وأسكنه فسيح جنانه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

وقد ترك رحمه الله أولادا صالحين ومن بينهم ابنه الأكبر الشيخ سيدي عبد القادر خليفته على رأس الزاوية، وعلى نهج والده - رضي الله عنه- استمر في العناية بالطلبة وتسيير شؤون الزاوية فقام بدوره في هذا المجال أحسن قيام. وقد لقي الشيخ وأسرته العنت الشديد وحل بهم الأذى والبلاء من جراء الفتن والمحن التي عمت في البلاد ولهذه الأسباب اضطر الشيخ أن يغادر مقر الزاوية إلى مدينة الجلفة ، وكان كثيرا ما يتمنى ويتوجه إلى الله بالدعاء على أن لا تطول مدة إقامته بها وقد استجاب الله لدعائه فاستعادت المنطقة صحتها وعافيتها ودبت الحياة الطبيعية في أرجائها بفضل الله تعالى.

~*~*~*~*~*~

ورجع الشيخ إلى موطنه ومقر زاويته في شهر جوان من عام 2001 وشرع في ترميم الزاوية وتعميرها بما توفر لديه من الوسائل المادية وغيرها، نسأل الله له التوفيق والنجاح في كل ما هو مقدم عليه من أعمال ومشاريع خيرية.

هوامش/

حاسي بحبح:



واحدة من أهم دوائر ولاية الجلفة، عاصمة عرش أولاد سيدي امحمد من ذرية سيدي نايل الولي الصالح الشهير الذي هو جد أغلب سكان هذه المنطقة، تأسست عام 1959م، تقع على بعد 250 كلم من الجزائر العاصمة جنوبا و50 كلم شمالا من مقر الولاية على الطريق الوطني رقم 01، وتتربع على مساحة قدرها 763 كلم مربع، ويشتمل إقليم البلدية إلى جانب التجمع السكاني الرئيسي تجمعين سكانين ثانوين هما، حاسي المرة والمصران.
تكملة الموضوع

حمل كتاب المورد العنبري على المنظومة المسماة بالعبقري



- إسم الكتاب : المورد العنبري على المنظومة المسماة بالعبقري في حكم السهو في الصلاة.
«نظم الشيخ الأخضري»
- المؤلف : العلامة عبد الله محمد بن أب المزمري التواتي دفين تيميمون.
- الطبعة: الثانية على ثقافة أبو عامر محمد بن أحمد.
- المصدر: تازولت- زاوية كتنة أدرار. الجزائر.
- الحجم: 5,79 Mo.



* ترجمة موجزة للمؤلف:

- هو الإمام العلامة المصنف الفقيه أبو عبد الله سيدي محمد بن أب بن أحمد، وفي رواية بن أحميد، بن عثمان، بن أبي بكر، المزمري نسبا، التواتي مولدا ودارا، ولد بقرية أولاد الحاج ضواحي مدينة أولف التابعة حاليا لبلدية تيمقطن دائرة أولف ولاية أدرار في العقد الأخير من القرن الحادي عشر للهجرة...

اضغط هنا لقراءة المزيد


~*~*~*~*~*~

فحوى الكتاب:

لما كثر الإقبال على نظم « العبقري في حكم سهو الأخضري »، وهو نظم في سجود السهو وترقيع الصلاة على المذهب المالكي، لصاحبه رحمه الله « العلامة أبي عبد الله محمد بن أبّ المزمري التواتي »، طلب من الشيخ « عبد الله محمد بن أبا عمر التواتي »، أن يضع له شرحا لطيفا ليس بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل، فأجابهم لذلك - رحمه الله - فكان هذا الشرح الذي بين أيدينا، والذي سماه : « المورد العنبري على المنظومة المسماة بالعبقري في حكم السهو في الصلاة»

~*~*~*~*~*~

رابط التحميل

هنــا
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي مصطفى الرماصي



- العلامة المتفنن المحقق و الجهبذ النقاد المدقق، من أذعنت له في وقته الأقران، ولم يختلف في فضله وسعة علمه اثنان وتزاحم على بنات فكره وعرائس سره الداني من أهل العلم والقاصي، الشيخ الإمام القدوة سيدي مصطفى بن عبد الله بن مومن الرماصي، نسبة إلى رماصة1، «قرية صغيرة من قرى مستغانم»، هذا هو الأشهر في عنوانه، وقد يدعى عند بعضهم بأبي عبد الله محمد بدل مصطفى لكنه خلاف الجاري على ألسن العلماء و عملهم في الرمز إليه كما في البناني وغيره.

~*~*~*~*~*~

كان رحمه الله تعالى ممن اشتهر بالتحقيق والتحرير والمتانة في الدين، وسمع الكلمة عند السوقة والأمير، مع لين جانب وتوءدة وتسليم وسريرة صافية وقلب سليم، ومع ذلك ربما يقول في بعض فتاويه لمن يتخيل منه أباية أو تساهلا فيما يلقي عليه فان امتثلت وإلا فسهام الشريعة صائبة مسمومة وعادة الله بهتك من أعرض عنها واضحة معلومة، ورحل رحمه الله إلى مصر في طلب العلم واكتساب الآداب، واقتنى النفائس واجتلى العرائس عن أكابر أهلها من الأصحاب ورحل قبل إلى بلد مازونة 2، وأخذ عن أكابر أهلها من أسلاف السادات الراسيين، وموضع درسه من مسجدهم إلى الآن مشار إليه ومتبرك به، ويتنافس الطلبة على الجلوس فيه.




ومما يناسب هنا ما حكاه لي العلامة سيدي محمد أبو راس مفتي الديار المازونية الآن أنه سمع من جده سيدي أحمد بن سيدي هني أن الشيخ المصطفى الرماصي، وسيدي عمر بن دوبة، و سيدي العربي بن الحطاب كانوا مسافرين بمازونة لقراءة الفقه على أحد الشيوخ من أسلافهم الأقدمين يعني أسلاف سيدي أحمد بن سيدي هنى المذكور، فذات يوم أذن لهم الشيخ في الانصراف وأمر كلا بالرجوع إلى وطنه وقال للشيخ مصطفى أنت المذهب وللشيخ عمر أنت الولي وللشيخ العربي أنت البندير(الرق أو الدف)، ففرح الأولان واهتم الثالث واغتاظ ووقع في قلبه شيء من مقاله البندير وحكى لوالديه ذلك فسألاه هل قال لك الشيخ ذلك في حالة رضى منه أم سخط؟ فقال بل في حالة رضى، فقالا إذا لا بأس عليك، فلم يطمئن قلبه حتى انطلقا به إلى شيخه متضرعين طالبين العفو و الرجوع عن كلمة البندير، فأجابهما الشيخ بأن هذه قسمة وقعت من سيد الوجود صلى الله عليه وعلى آله و سلم، فإن كرهتموها فقد كرهتم قاسمها، ففرحوا حينئذ بذلك وكان من أمره أن صار يمدح النبي صلى الله عليه و آله وسلم و يذكر شمائله بحضرته، ومدحه يماثل مدح سيدي الأخضر مما هو محفوظ عند أولاده مقرر اهـ.



وتآليفه رضي الله عنه بديعة عزيزة المقال، لا زال الأفاضل يقتنونها مستصغرين فيها نفائس الأموال منها شرحه على متن السنوسية ذكر أنه أشبع فيه الكلام على ما يتعلق بالبسملة و الحمدلة، ومنها و هو أشهرها حاشية على شرح شمس الدين عامر ابن ضرب العدواني التتائي على متن أبي الضياء سيدي خليل في فقه مذهب ملك بن أنس رضي الله عن الجميع، قال في طالعتها بعد البسملة والصلاة و تعريفه بنفسه لما كان علم الفقه أفضل العلوم بعد كتاب الله و سنة رسول الله إذا به تعرف الأحكام و يتميز الحلال من الحرام، وقد صنف فيه الأئمة الأعلام دواوين لا تحصى الخ، ولم نقف أيضا على تعيين مولده ووفاته، غير أنه كان في حدود أوائل القرن الثاني عشر بيقين بمستندات لا شبهة فيها ولا مين، هذا ما يسره الله تعالى من ذلك المطلوب، وصلى الله على الحبيب المحبوب سيدنا محمد و على آله و سلم تسليما.

~*~*~*~*~*~

المصدر/

كتاب «تعريف الخلف برجال السلف» لسيدي أبي القاسم محمد الحفناوي - الجزء2 - ص: 566 - مطبعة بيير فونتانة الشرقية في الجزائر- سنة 1906 م

هوامش/

1- رماصة:

هي قرية صغيرة من قرى مدينة مستغانم بالغرب الجزائري

2- مازونة:

- مدينة تاريخية جزائرية تقع في الغرب في قلب جبال الظهرة تابعة الآن لولاية غليزان يعود تاريخ نشأة هذه المدينة قبل ميلاد سيدنا عيسي عليه السلام، و روى ابن خلدون أن مازونة أسست من قبل الأمازيغ ...كانت عاصمة بايلك الغرب في الحكم العثماني، ومنارة للعلم والعلماء...ومن بين أبرز علماءها العلامة أبي زكريا يحيى بن عيسى بن موسى المازوني صاحب كتاب الدرة المكنونة في نوازل مازونة، الغني عن كل تعريف والذي يُعدُّ من الكتب المعتمدة في الفتوى في المدرسة المالكية.
تكملة الموضوع

ترجمة العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد المعروف بالشريف التلمساني



الشريف التلمساني (710هـ - 771هـ ) - (1310م - 1370م ).

- هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن يحيى الإدريسي الحسني العلويني «نسبة إلى قرية من أعمال تلمسان تسمى العلوين» المعروف بالشريف التلمساني، من أعيان المالكية وكبار باحثيهم. نشأ بتلمسان وأخذ عن علمائها، وقد لازم العالم الكبير الآبلي مدة طويلة، وأصبح علماً معروفاً انتهت إليه الإمامية بالمغرب، فنال شهرة عظيمة لدى علماء الأندلس، راسله أكبر علماء الأندلس يطلبون منه إبداء الرأي في مسائل فقهية أو في كتب من أمثال أبو سعيد بن لب شيخ علماء الأندلس وأبو عبد الله لسان الدين بن الخطيب.

~*~*~*~*~*~

- انتقل الشريف من تلمسان إلى تونس عام 740هـ أين التقى علماء كبار وأخذ عنهم من أمثال عز الدين بن عبد السلام، وفي عام 753هـ ضمه السلطان المريني أبو عنان لمجلسه العلمي وأراد نقله إلى فاس، ولكن الشريف حنّ إلى مسقط رأسه والاستقرار بموطنه الأصلي، فاعتقله أبو عنان وأساء معاملته، ثم عاد إليه واسترضاه وجعله من المقربين إليه وذلك بعد استيلائه على مدينة قسنطينة والمغرب الأوسط بكامله. وبقي ملازم السلطان إلى حين وفاة أبو عنان عام 759 هـ، فاستدعاه حمو موسى بن يوسف الزياني بعد أن استرجع تلمسان من المرينيين، وقربه إلى مجلسه وزوجه ابنته وشيد له مدرسة بتلمسان درس فيها إلى أن وافاه أجله عام 771هـ.

~*~*~*~*~*~

- وصفه ابن خلدون الذي عاصره، بالإمام العالم الفذ وبفارس المعقول والمنقول وصاحب الفروع والأصول. وللونشريسي كتاب في ترجمته أسماه «القول العنيف في ترجمة الإمام أبي عبد الله الشريف»، ترك الشريف التلمساني آثاراً كثيرة تدل على مكانته العلمية، منها المطبوع والمخطوط والمفقود، منها: كتاب في القضاء والقدر، مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول، فتاوي في مسائل فقهية.



المراجع/

عادل نويهض ،معجم أعلام الجزائر، بيروت: الطبعة الثانية 1400هـ، محمد بن محمد مخلوف، شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، بيروت: دار الكتاب العربي، د.ت. ابن قنفذ القسنطيني، كتاب الوفيات، تحقيق عادل نويهض، بيروت: منشورات المكتب التجاري، 1971. ابن خلدون، التعريف بابن خلدون ورحلته غرباً وشرقاً، تحقيق: محمد بن تاويت الطنجي، القاهرة: مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1951.
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |