من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

حمل مخطوط الهمزية للإمام البوصيري، نسخة نادرة

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما


بمناسبة المولد النبوي الشريف الذي سيصادف إن شاء الله يوم الخميس الرابع والعشرون من شهر يناير 2013 إفرنجي الموافق للثاني عشر من شهر ربيع الأول لعام 1434 من هجرة خير الأنام سيّدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسّلام، تتقدّم مدونة "سيدي بن عزوز" لكل زوّارها وروّادها بهديّة قيّمة ونادرة، وهي عبارة عن صورة لوثيقة أصلية عثرنا عليها في بمكتبة زاوية سيدي أحمد بهلول بن عاصم بمنطقة زواوة، عليها تقييد بٍخَّط واحد من أجلة علماء الجزائر وأعلامها البارزين الذي اشتهر بكتابه التاريخي "تعريف الخلف برجال السلف" العلامة سيدي أبو القاسم محمد الحفناوي بن سيدي إبراهيم الغول الديسي، الوثيقة تتعلق بالقصيدة الشهيرة "الهمزية في مدح خير البرية"، لصاحبها الإمام شرف الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري الدلاصي (1) الذي ترجع أصول أسرته إلى قبيلة "صنهاجة" إحدى أكبر القبائل الأمازيغية بالمغرب الأوسط "الجزائر"، كما سيأتي لاحقا في ترجمته، وما ورد في نهاية الوثيقة يعرّف القارئ بما قصدناه... ولا يفوت مدونة سيدي بن عزوز أن تتوجه إلى العالم العربي والإسلامي بأبلغ التهاني راجية أن يعمّ أنوار هذا اليوم العظيم كل أرجاء المعمورة وتسكن إشراقاته كل قلب إنساني.

نص التقييد الذي في نهاية المخطوط:

"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله  وصحبه وأزواجه وذريته وأمته إلى يوم الدين، كتبه المذنب الفقير لربه عز وجل محمد الحفناوي ابن الشيخ أبي القاسم ين سيدي إبراهيم الغول الديسي المدرس في الجامع الأعظم بالجزائر يوم الأحد 8 صفر الخير عام 1337 ..."

بيانات حول المخطوط:

- مخطوط: الهمزية.
- تصنيف: الإمام شرف الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري.
- تاريخ النسخ: 14 من شهر ذي الحجة عام 1284هـ.
- مصدر المخطوط: مكتبة زاوية سيدي أحمد بهلول بن عاصم بمنطقة زواوة (الجزائر).

رابط التحميل

هنــا

هوامش:

(1) الدلاصي : نسبة لمدينة دلس التي تقع بولاية بومرادس الجزائرية، شرق العاصمة الجزائرية بحوالي 70 كلم، هذه الأخيرة التي ولد ونشأ فيها، كانت في الماضي تحت حاضرة دولة بني حماد، ثم رحل منها إلى مصر مع أهله وتوفي بالإسكندرية وضريحه لمّا يزل قائما مقصدا للزوار من كافة أصقاع العالم.



ترجمة الإمام البوصيري:

وهي بقلم الأستاذ محمد الهادي الحسني الجزائري، بعنوان (أعظم مادح لأعظم ممدوح)، على موقع شبكة معرفية، المنشور بتاريخ السادس والعشرون من شهر فبراير 2010م.



نص الترجمة:

مَن مِن أئمة المسلمين وعلمائهم، وشيوخ الطرق الصوفية ومُريديهم، والشعراء، والكتّاب، وأساتذة الأدب.. وغير هؤلاء جميعا من لا يعرفون قصيدة "البُردة"، أو يحفظون بعضها أو كلها؟ ولكن كم من هؤلاء جميعا يعرفون اسم صاحب هذه القصيدة العصماء؟ وكم من هؤلاء "آلهؤلاء" يعرفون أصل صاحبها وقبيله؟

فأما معرفة القصيدة لا مِرْية في أن أكثر من ذكرتُ يعرفونها، حفظا أو سماعا في الموالد والمناسبات الدينية، إذ لم تنل قصيدة من الشهرة والذيوع ما نالته هذه القصيدة، وأما عدد من يعرفون اسم صاحبها - الإمام البوصيري - فهو أقلّ، وأقل منه من يعلمون أن صاحبها أمازيغي من قبيلة صنهاجة، ومن قلعة بني حمّاد بنواحي مدنية المسيلة بالجزائر، وما جعل أكثر الناس في المشارق والمغارب يجهلون أصله إلا نسبته إلى بلدة "بوصير" في مصر، حيث وُلد، لأن والده - فيما يبدو- استقر بها، وتزوج من إحدى بناتها.

والبُوصيري هو محمد بن سعيد بن حماد، وقد أشار إلى اسمه في قصيدة البردة، وتفاؤله به خيرا، حيث قال:

فإن لي ذمّج منه بتمسيتي *** محمدا وهو أوفى الخلق بالذّمم

لقد اختلف الذين تناولوا حياته في تاريخ ميلاده، ولكن الراجح هو أنه رأى النور في 1 شوال من عام 608 هـ (7 مارس من عام 1212م) كما اختلفوا في تاريخ وفاته ومكانها، والراجح أيضا أنه توفي في سنة 696 هـ (1296م)، بالقاهرة، ويردّ على من ذهب إلى أنه توفي بالأسكندرية بأن الرّحالة المغربي عبد الله العياشي ذكر "أنه وقف في 1073 هـ على قبر البوصيري في القاهرة بالقرب من ضريح الإمام الشافعي"(1)


حفظ البوصيري القرآن الكريم، ثم انتقل إلى القاهرة، فطاف على حلق العلم في المساجد، فتلقى العلوم العربية، والشرعية، والسيرة النبوية الشريفة، وتردّد على مدينة الإسكندرية فتعرف على الصوفي الشهير أبي العباس المرسي، واتخذه شيخا.

لم يكن البوصيري من أسرة ميسورة الحال، فاضطر إلى أن يكدح كدحا لتحصيل رزق أهله، ومارس عدة أعمال كتعليم الصبيان، واتخاذ الكتابة للناس حرفة.. عالج البوصيري أغراض الشعر المعروفة، ولكن شهرته قامت على قصائده في مدح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث أنشأ فيه مجموعة من القصائد من بينها:

- القصيدة الهمزية، وسماها "أم القرى في مدح خير الورى"،ومطلعها:

           كيف ترقى رُقيّك الأنبياء ***  يا سماء ما طاولتها سماء

- القصيدة المحمدية ومطلعها

          محمد أشرف الأعراب والعجم  *** محمد خير من يمشي على قدم

- القصيدة الهائية، ومطلعها

            الصبح بدا من طلعته *** والليل دجا من وفدته

ولكن أشهر قصائده في مدح سدينا محمد -صلى الله عليه وسلم- هي قصيدة "البردة"، التي تسمى "الكواكب الدرية في مدح خير البرية"، التي اعتبرت "درّة ديوان شعر المديح في الإسلام"، "لما تميزت به من خالص الحب، وصادق المدح لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن سمو في معانيها، ويسر في وجوه صياغتها، ونبل في مقاصدها، مما جعلها تنال من الخطوة والشيوع والإعجاب لدى عامة المسلمين وخاصتهم مالم تحظ بمثله مديحة أخرى غيرها في غرضها على امتداد عصور تاريخ الأدب العربي"(2)، وهذا ماجعلها تحظى بشروح كثيرة تجاوزت 90 شرحا(3)، آخرها - فيما نعلم- لصديقنا محمد ابن سمينه - رحمه الله - الذي ختم به حياته.

ولم يقتصر الاهتمام بالردة على العرب فقط؛ بل تمت ترجمتها إلى عدة لغات منها الفارسية، والتركية والأوردية، والألمانية، والإنجليزية، والإيطالية، والفرنسية...كما أن كثيرا من كبار الشعراء تأثروا بقصيدة البردة مبنى ومعنى، فراحوا ينسجون على منوالها، ويقلدونها، ومنهم محمود سامي البارودي، وعلي أحمد باكثير، وأحمد محرم، والشاعر الأرمني المسيحي ميشال ويرْدي الذي أسلم وجهه لله - عز وجل- ومما جاء في قصيدته مُخاطبا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-

لو يتبع الخلق ما خلّدت من سنن *** لم يفتك الجهل والإغواز بالأمم
مذاهب أحدثت في الأرض بلبلة *** وأورثتنا بلايا الحرب والإزم
أحببت دينك لما قلت: أكرمكم *** أتقاكم، وتركت الحكم للحكم
وقلت: إني هدى للعالمين، ولم *** تلجأ للعنف، بل أقنعت بالكلم

ومن الشعراء الجزائريين الذين تأثروا بقصيدة البردة، وتفاعلوا معها، الشيخ محمد الأخضر السائحي، رحمه الله، الذي قام بتشطيرها، والأستاذ الصديق مبروك زيد الخير، الذي سمّي قصيدته "الحلة السندسية على نهج البردة الرضية، في مدح خير البرية".

ولكن أشهر من تأثر بقصيدة البردة، وأبدع في النسج على منوالها هو أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته التي سماها "نهج البردة"، معترفا بأنه لا يعارض بقصيدته البوصيري، ومؤكدا أن المادحين تبع لبوصيري، فقال:

المادحون وأرباب الهوى تبع *** لصاحب البردة الفيحاء ذي القدم
مديحه فيك حب خالص وهوى *** وصادق الحب يملي صادق الكلم
الله يشهد أني لا أعارضه *** من ذا يعارض صوب العارض العرم؟
وإنما أنا بعض الغابطين، ومن *** يغبط وليّك لا يذمم، ولا يلم

لقد نسب إلى البوصيري قوله سبب تأليفه لهذه القصيدة: "... أصابني فالجٌ (شلل) أبطل نصفي، ففكرت في عمل قصدتي هذه البردة، فعملتها، واستشفعت بها إلى الله في أن يعافيني، وكررت إنشادها، وبكيت، ودعوت، وتوسّلت ونمت، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- فمسح على وجهي بيده الكريمة، وألقى عليّ بُردة، فانتبهت ووجدت فيّ نهضة، فقمت، وخرجت من بيتي.. "(4).

لم يكن يُهِمني من هذه الكلمة أن أصدر حكما على الإمام البوصيري - رحمه الله، وغفر له - أو أخوض فيما انتقده عليه بعض العلماء في بعض أبيات من غلوٍّ في رسول الله - صلى الله عليه وسلم، ولكنني أحببت أن أنبّه الناس وأذكرهم بأصل هذا الشاعر المبدع، الذي لم يمدح أحد بعد حسان بن ثابت رسول اللله - عليه الصلاة والسلام- مثل ما مدحه هذا الشاعر، الذي تنغرس جذوره في هذه الأرض الجزائرية، ولهذا أدعو المسئولين إلى إطلاق اسمه على المساجد، والمؤسسات التربوية، وأدعو الأساتذة والمعلمين إلى تعريفه لتلاميذهم وطلابهم ليعرفوا أن هذه الأرض كما أنجبت أبطال السّنان، أنجبت فحول اللسان..


وهنيئا لشعبنا المسلم، ولأمتنا الإسلامية، وللإنسانية كلها بذكرى ميلاد سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم- رحمه الله المهداة، ووفّقنا سبحانه وتعالى للاقتداء بخير الخلق كلهم، ورحم أعظم مادح لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- محمد بن سعيد بن حماد، الصنهاجي، المسيلي الجزائري.

مراجع:

1- محمد ابن سمينة: قصيدة البردة للإمام البوصيري، نشر: المجلس الإسلامي الأعلى. ص32
2- المرجع نفسه.. ص 15
3- المرجع نفسه.. ص172
4- المرجع نفسه.. ص 62

لتحميل المقال

إضغط هنـــا

2 التعليقات :

Unknown يقول...

الحمد لله رب العالمين .
محمد أشرف الأعراب والعجم *** محمد خير من يمشي على قدم
عليه الصلاه والصلام

غير معرف يقول...

محمد سيد الكونين والثقلين
والفريقين من عرب ومن عجم

إرسال تعليق

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |