من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تراجم الأولياء والصالحين في الجزائر. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تراجم الأولياء والصالحين في الجزائر. إظهار كافة الرسائل

ترجمة العلامة الشيخ سيدي محمد المبارك المغربي الجزائري الدلسي الحسني المالكي

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



 العلامة الشيخ سيدي محمد المبارك المغربي الجزائري الدلسي الحسني المالكي:

ولد سنة ألف ومائتين وثلاث وعشرين، ولدى تمييزه اشتغل بحفظ القرآن ثم في تحصيل ما لا بد منه من علوم الدين، ثم عكف على العبادة والتقوى في السر والنجوى، وكان في بداية أمره يأوي إلى غابة كثيرة الوحوش والسباع، يعبد الله فيها أياماً ثم يرجع إلى أهله يتزود لمثلها ويرجع لمكانه، حتى نادته هواتف العنايات بلطائف الإشارات، وطابت سريرته واستنارت بصيرته، وتخلى من أوحاله وتحلى بجميل أحواله، فأخذ الطريقة البكرية الخلوتية عن صاحب المآثر الأحمدية، المرشد الكامل والولي الفاضل، سيدي الشيخ علي بن عيسى، ولازم المجاهدة مدة على يده، فلما دنت وفاته أوصى به خليفته الأكبر سيدي الشيخ محمد المهدي السكلاوي، فتولى تربيته، حتى فتح الله عليه فاشتغل بالإرشاد ونفع العباد، وشهر الطريقة وشيد معالمها ونهج منهج الحقيقة وأرشد إليها رائمها، حتى سار صيته في الأقطار وقصدته الناس من صغار وكبار، فبذل في نصح الخلق همته وأحسن لهم نيته، وجمعهم على الملك الحق وسلك بهم مسلك الصدق، وتخرج على يده عدد كثير ووصل إلى مقصوده من لاحظته عين عناية اللطيف الخبير، وسمعت من كثير ممن كان له تردد إليه، أن طائفة من الجن أخذوا عنه واهتدوا على يديه، وكانوا يتلقون من حكمه ومعارفه ويأخذون عنه معالي نصائحه ولطائفه، وكان له في السخاء والكرم والعطاء، اليد الطولى والقدح المعلى، يعطي قاصده العطاء الجزيل ويغمر بوافر فضله ومديد إحسانه الوارد والنزيل، ينفق دائماً على جماعته المتجردين ويحسن إلى الفقراء والمساكين، منزله مأوى لليتامى والأرامل، تلتمس فيه أنواع الفضائل والفواضل.

ولما قصدت الأمة الفرانساوية بلاد الجزائر جمع جموعاً من العباد وسار بهم إلى المدافعة عن الوطن والجهاد، وما زال يحرض الناس على القتال ويساعدهم في الهمة والنفس والمال، إلى أن ظهر الكفار على الإسلام لحكمة أرادها الملك العلام، فقصد بلاد الشام مهاجراً بأهله وقرابته، وتبعه خلق كثير من مريديه وأهل عصابته، واستوطن دمشق الشام، وكان له بها من الله زيادة فتح وإنعام، وأخبر أنه لما استشرف عليها شاهد أولياءها قد أقبلوا بسلمون عليه، وأظهروا الفرح والسرور بقدومه وقدموا أنواع التهاني إليه، وخرج لملاقاته جملة من أشراف البلدة وعلمائها، وتجارها وعوامها وعظمائها، فاستأنسوا به الاستئناس التام واشتهر فضله لدى الخاص والعام، واجتمعت عليه القلوب وصار مقصوداً في التوسل به بدفع الهموم والكروب، فأقام في دمشق عامين، ثم توجه لبيت الله الحرام لأداء فرض الحج وزيارة خير الأنام، وفي خدمته خمسة وأربعون نفراً من أحبابه ومريديه وأصحابه، وبعد رجوعه لداره، اتخذ لنفسه خلوة في منزله لا يخرج منها إلا لقضاء أوطاره، إلا يوم الخميس فإنه جعله لزيارة القاصدين ومذاكرة الواردين، وكثيراً ما يقرأ عليهم كتب الرقائق ويستخرج لهم من كنوزها لآلئ الدقائق، ليزيدهم في فعل المأمور ترغيباً، وعن المآثم ترهيباً، ثم يعود لخلوته ليلة السبت بالهمة العالية والقوة السامية، ولم يزل على ذلك حتى قدم على السيد المالك.

وأخبرني ولده السيد محمد الطيب عن والدته بنت الشيخ محمد المهدي شيخ المترجم المرقوم، أنها دخلت عليه مرة في خلوته لتحظى برؤيته وتغنم جميل زيارته، فلما أشرفت عليه اعترتها هيبة عظيمة وقشعريرة جسيمة، حتى لم تطق أن تسلم عليه ولا أن تنظر إليه، وسمعته يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة ويقول له اضمني يا رسول الله، ثم حمد الله وقال يا رسول الله اضمن أولادي ثم حمد الله، وقال يا رسول الله اضمن أزواجي ثم حمد الله، وقال يا رسول الله اضمن كل من تعلق بي وتلقى وردي وبقي طويلاً وهو يتضرع إليه صلى الله عليه وسلم في قبول مسئلته، ثم حمد الله وأثنى عليه وقال هذا جل آمالي، وربحي منك يا رسول الله ورأس مالي.

ثم سمعته يخاطب والدها ويذكر له بعض الأسرار والمكاشفات، وبعد فراغه من ذلك كله سرى عنها ذلك الحال وزال عنها الشتات، فأقبلت عليه فتلقاها بالرحب والبشاشة والسرور والهشاشة، وكان يعظمها جداً حرمة لأستاذه وقدوته وملاذه، ولما يرى فيها من الخير والصلاح والفوز والفلاح، وعزم عليها أن لا تحدث بهذا الحديث أحداً، ما دام موجوداً في قيد الحياة وإن طال المدى، فما ذكرت ذلك لسواه حتى توفاه الله.

وأخبر الشيخ المحفوظ ابن عم الأستاذ الشيخ محمد المهدي وكان رحمه الله تعالى رجلاً صالحاً تقياً ناجحاً، إنه توجه يوماً مع المترجم وشيخه الشيخ محمد المهدي في بلاد المغرب من قرية إلى أخرى وهو ساع في خدمتهما لينال ثواباً وأجراً، فوقفت بغلة الشيخ قرب قبر في الطريق، فقال الشيخ ما أصابها من البلاء؟ فقال المترجم إن الله كشف لي عن صاحب هذا الضريح، وهو الذي استوقف الدابة يلتمس منك صالح الدعاء، فدعا له فانطلقت، وإلى نحو المطلوب توجهت، ثم مرا في طريقهما على شجرة عظيمة، فقال الشيخ للمترجم ليت شعري في أي زمان غرست هذه الشجرة الجسيمة، ومن غرسها في هذا المكان فهل من يعرف ذلك الآن؟ فأطرق المترجم غير طويل، ثم قال أيها الأستاذ الجليل: إن الله أنطقها لي فأخبرتني أنها غرست في التاريخ الفلاني وإن غارسها فلان ابن فلان الفلاني.

وأخبر عنه أيضاً هذا الرجل الصالح أن المترجم جاء يوماً إلى أستاذه المرقوم، يخبره بوفاة أخ له في الله من مكة من رجال الغيب الكرام، ويستأذنه في التوجه إلى بيت الله الحرام، للصلاة عليه وتشييع جنازته، وحضور دفنه في تربته، فأذن له فغاب، وبعد برهة رجع وآب.

وطلب منه مرة بعض أصحابه زيارة الشيخ الأكبر والدعاء بالمرغوب في فسيح رحابه، فقال له: الرجل هو الذي يجتمع بالولي عند الوقوف بحضرته، وبعد انتقال المترجم إلى الدار الآخرة جاء بعض أولاده لزيارة جده والد والدته وشيخ المترجم المذكور الشيخ محمد المهدي، وفي يده كتاب الابريز في مناقب الشيخ الدباغ عبد العزيز، فأمره أن يسمعه منه شيئاً، فقرأ عليه جملة من كراماته وعلومه المستجادة، فقال له: لو سطر أحد مآثر والدك ومناقبه لبلغت هذا المبلغ وزيادة، وحدث ولده أنه كان يوماً عند الأمير السيد عبد القادر الجزائري، وعنده رجل من أهل فاس يسمى الشيخ عمر بن سودة، فقال له الأمير: إن والد هذا الشاب كان في المجاهدة من أضراب أبي يزيد البسطامي، وأبي سليمان الداراني. وبالجملة لو أردت أن أستقصي أحوال هذا السيد الجليل لأدى المقام إلى الإسهاب والتطويل، وما ذكرته يدل على بعض مقامه، وعلى رفيع رتبته ووجوب احترامه، مات رحمه الله تعالى سنة تسع وستين ومائتين وألف، ودفن في سفح قاسيون في جوار نبي الله ذي الكفل، على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم السلام.

المرجع:

- كتاب: حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر/ عبد الرزاق البيطار، الطبعة الثانية - 1413هـ، دار صادر، بيروت، ج/3، صفحة: 1371.
تكملة الموضوع

حمل كتاب تاريخ الشيخ علي بن عمر شيخ زاوية طولقة الرحمانية

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


- كتاب: تاريخ الشيخ علي بن عمر شيخ زاوية طولقة الرحمانية.
- المؤلف: المؤرخ والمحامي الجزائري سليمان الصيد - رحمه الله -.
- الناشر: دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع – بوزريعة – الجزائر.
- حالة النسخة: منسقة ومفهرسة.

رابط التحميل



*..*..*

مقدمة الكتاب:

إن زاوية الشيخ علي بن عمر الرحمانية تقع في مدينة طولقة الشهيرة بمركزها الفلاحي المهم، وبأنواع تمورها المختلفة ذات المذاق الطيب، من رطب ولين وغير ذلك من خيرات الله، وبالأخص تمرها الممتاز الذي له شهرة عالمية – تمر دقْلة نور – إلى غير ذلك من الفواكه والخضر التي تنتجها هذه المدينة، وذلك لحسن طيبة أرضها ومناخها الجميل، ونشاط أهلها في العمل وحسن معاملتهم مع الناس.

ومدينة طولقة التي تقع في الشمال الغربي من مدينة بسكرة وتابعة لولايتها هي مركز من مراكز العروبة والإسلام في الجزائر، وإلى الأشراف من البوازيد وغير ذلك، وطولقة وما حولها هي مهد للثقافة وللكفاح المرير ضدّ العدوّ الفرنسي المستعمر، فعلى القرب منها توجد مدينة الزعاطشة الشهيدة والشهيرة في الكفاح الوطني الجزائري، وبالقرب أيضا منها بلدة العامري المكافحة ضد العدوّ الفرنسي الغاشم.

إن زاوية الشيخ علي بن عمر الرحمانية توجد في هذه المدينة الخالدة طولقة، ذات التاريخ الحافل بالعلم والعمل لصالح الوطن الجزائري، عبر تاريخ الجزائر، وفي عهد الثورة المجيدة وبعدها، وإلى يوم الدين إن شاء الله.


إنّ الزاوية الرحمانية بطولقة تنسب إلى مؤسس الطريقة الرحمانية الشيخ محمد بن عبد الرحمن القجطولي الزواوي توفي رحمه الله سنة 1208هـ، ودفن بمسقط رأسه آيت إسماعيل بجرجرة – (ولاية تيزي وزو) – الجزائر.

فزاوية الشيخ علي بن عمر الرحمانية بـ طولقة لها شهرة وسمعة في القطر الجزائري، لما قامت به من أعمال جليلة في تحفيظ القرآن الكريم، وتدريس العلوم العربية والإسلامية، إلى غير ذلك من الأعمال المفيدة التي ترجع على المجتمع الجزائري بالخير والصلاح.

إن كتابنا هذا (يقول المؤلف) عن الشيخ علي بن عمر رحمه الله، وعن زاويته المشهورة بنشر الثقافة العربية والإسلامية، وغير ذلك من الأعمال الصالحة، القصد من ذلك التعريف باحد الرجال المخلصين الذين خدموا الثقافة العربية الإسلامية، كما خدموا المجتمع في العصور الحالكة من تاريخه، ليبقى محافظا على عروبته وإسلامه في الوطن الجزائري، فالشيخ علي بن عمر ومن سار على منواله في هذا المجال قد قاموا بأعمال مفيدة، بنّية وصدق وإخلاص.


رحم الله الجميع .. والله الموفق إلى الصواب... والسلام.

قسنطينة في 21 / 07/ 1995م - سليمان الصيد.

*..*..*

ترجمة المؤلف:

سليمان بن بلقاسم الصيد الطولقي القسنطيني: (1348 1425هـ / 1929 2004م)


عالم مدرّس مصلح كاتب مؤلف مؤرخ محام، ولد ببلدة طولقة من عمالة بسكرة بالجنوب الشرقي الجزائري، ونشأ فيها تعلم بمسقط رأسه على الشيخ نعيم النعيمي والشيخ جباب عبد القادر المدوكالي، ثم انتقل إلى تونس فدرس بجامع الزيتونة إلى أن حصل على شهادة الأهلية سنة 1948م وشهادة التحصيل سنة 1951م، كما درس أيضا في معهد البحوث الإسلامية العليا بالخلدونية.

واصل دراسته بالمغرب حتى حصل على شهادة الليسانس في القانون من جامعة الرباط سنة 1966م.

اشتغل بالتدريس منذ عهد الشباب ودرس في مدارس جمعية العلماء المسلمين مثل مدرسة التربية والتعليم بـ بسكرة ومدرسة التربية والتعليم بقسنطينة التي مكث فيها مدرسا إلى غاية غلقها سنة 1957م، بعد الاستقلال عاد إلى التعليم وتولى التدريس بثانوية عبد الحميد بن باديس بقسنطينة ثم بمعهد الحقوق بجامعة نفس المدينة، ويعد التدريس تعاطى مهنة المحاماة إلى آخر عهده بالحياة.

نشر المقالات التاريخية المفيدة في المجلات والجرائد الكثيرة مثل البصائر في سلسلتها الثانية ومجلة النصر بـ تطوان المغربية ومجلتي العروبة والملتقى بقسنطينة، أما جريدة النصر القسنطينية فقد خصها بسلسلة من المقالات الطويلة المهمة تناولت سيرة علماء وأدباء جزائريين تحت عنوان (من تاريخنا الثقافي)، وكان يشارك في الملتقيات التاريخية بمحاضرات مكتوبة مفيدة.

قال عنه مُعِدّا محاضراته (مدرسة الإخاء في بسكرة) ما نصه: "هو الأستاذ البحاثة المنقب الكاتب المؤلف المدقق المحقق المطلع الشغوف بالتراث الجزائري الجامع لأشتات من مطبوع ومخطوط" أهـ.

وقالت عنه موسوعة رابح خدوسي: "كاتب ومحام باحث يكتب في التراث الثقافي والتاريخ، وفي تراجم العلماء والأدباء" أهـ.

ترك سليمان الصيد رحمه الله عددا مُعتَبرا من الكتب المطبوعة تتمثل فيما يلي:

1-  تاريخ الجزائر القديم: يتكون من 79 صفحة طبع سنة 1953م بالمطبعة الجزائرية الإسلامية بقسنطينة، مُصَدرا بتقريظ نثري للشيخ الحفناوي هالي وتقريظ آخر شعري للشاعر محمد العيد آل خليفة، ثم أعيد طبع الكتاب سنة 1966م بنفس المدينة.
2-  الشخصية الجزائرية عبر التاريخ: كُتيب طبع بقسنطينة سنة 1971م.
3-  صالح بن مهنا القسنطيني حياته وتراثه: طبع بمطبعة البعث بقسنطينة سنة 1983م، ويتكون من 196صفحة.
4-  تحقيق كتاب وسيلة الإسلام بالنبي عليه الصلاة والسلام: للشيخ أحمد بن قنفذ القسنطيني يتكون من 182 صفحة، طبع في دار الغرب الإسلامي بـ بيروت الطبعة الأولى سنة 1404هـ - 1984م.
5-  تحقيق كتاب النفحة المسكية في السفارة التركية: للشيخ علي التجمروتي المغربيطبع في مطبعة علي بوسلامة بتونس سنة 1988م.
6-  نفح الأزهار عما في مدينة قسنطينة من الأخبار: كتاب عن بعض أعلام مدينة قسنطينة وتاريخ الحركة الصحفية والجمعوية فيها، يتكون من 255 صفحة طبع في المطبعة الجزائرية للمجلات بالجزائر العاصمة سنة 1994م.
7-  رد شبهات حول موقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من ثورة أول نوفمبر: كتاب من الحجم الصغير، طبع في دار هومة للطباعة والنشر بالجزائر العاصمة سنة 1995م، يتكون من 76 صفحة مع ملحق يضم 8 أوراق غير مرقمة.
8-  تاريخ الشيخ علي بن عمر شيخ زاوية طولقة الرحمانية: كتاب من الحجم الصغير يتكون من 86 صفحة، طبع في دار هومة المذكورة منذ قليل سنة 1988م... وهو كتابنا اليوم.
9-  مدرسة الإخاء في بسكرة سنة 1931م وأثرها في نشر الثقافة العربية والإسلامية في منطقة الزيبان وغيرها: كُتيب يتكون من 39 صفحة، أصله محاضرة طبع بمدينة بسكرة سنة 2003م، باعتناء وتقديم عبد الحميد بن لخضر دبابش وعبد الحليم صيد.

هذا ما يتعلق بمؤلفات سليمان الصيد المطبوعة، أما التي لم تُطبع بعد فتتمثل فيما يلي:

10- تاريخ الجزائر في العصر الإسلامي: ذكره في آخر كتابه "تاريخ الجزائر القديم" ثم قال عنه: "وهو ذو أجزاء".
11- الشيخ محمد خير الدين حياته وتراثه.
12- الشيخ عاشور الخنقي حياته وتراثه.
13- تحقيق كتاب غاية الأمل في فضل النيّة على العمل: لأحمد بابا التنبكتي.
14- تحقيق كتاب: الزهرة النائرة عما جرى في الجزائر حين غارت عليها جنود الكفرة: لابن رقية التلمساني.
15- تحقيق كتاب: ما لا يسع الإنسان جهله من أخبار الرسول وأصحابه الكرام، لابن الدارس الأموي.
16- تاريخ جمعية التربية والتعليم الإسلامية بقسنطينة ودورها في نشر العربية والإسلام في عهد الاستعمار بالجزائر.
17- من تاريخنا الثقافي: كتاب جمع فيه المقالات التي نشرها عن علماء وأدباء الجزائر الذين يربو عددهم على العشرين علما.

توفي سليمان الصيد بقسنطينة ودفن فيها. رحمه الله تعالى وتغمده برحمته الواسعة آمين.

المرجع:

كتاب معجم أعلام بسكرة لمؤلفه الأستاذ عبد الحليم صيد - حفظه الله – الصادر عن محافظة المهرجان الثقافي المحلي للفنون والثقافة الشعبية بـ بسكرة 2012م، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر.

مواضيع ذات صلة:

شرح منظومة المريد في قواطع الطريق وسوالبه وأصوله وأمهاته.
الدر المكنوز في حياة سيدي علي بن عمر وسيدي بن عزوز.
تكملة الموضوع

حمل كتاب منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والولاية

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



- كتاب: منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والولاية.
- تأليف: الشيخ العلامة سيدي عبد الكريم الفكون بن محمد بن عبد الكريم القسنطيني.
- تحقيق: د/ أبو القاسم سعد الله - حفظه الله -.
- الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان.
- رقم الطبعة: ط1.
- تاريخ الإصدار: 1408هـ -1987م.
- عدد الصفحات: 277.
- حالة النسخة: منسقة ومفهرسة.

رابط التحميل



حول الكتاب ومصنفه:

الشيخ الفقيه المشارك العلامة الفهامة سيدي محمد بن العلامة الفهامة الناسك الخاشع الجامع بين علمي الظاهر والباطن سيدي عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الفكون المولود حوالي 988هـ  1580م بمدينة قسنطينة في عائلة أصيلة وراسخة في العلم والدين لقب بشيخ الإسلام وتقلد إمارة ركب الحج وهو تقليد عائلي في آل الفكون حيث بقيت إمارة الحج في أيدي العائلة لقرون عديدة، كان آخر من تولاها محمد بن عبد الكريم بن بدر الدين الذي أدركه الاحتلال الفرنسي وهو في الثمانين من العمر وتوفي عام 1256 للهجرة، ولنفهم ما إمارة الحج؟ نقرأ للمؤرخ الجزائري المهدي البوعبدلي: فكان يذهب إلى الديار المقدسة سنويا وكانت خُطة إمارة ركب الحج لا تُسند إّلا لأمثل عالم تُراعى فيه عِدة مقاييّس، أهمها التبحر في العلم والاستقامة إذ هو المُمثل لبلاده ولنخبة علمائها حيث يجتمع بجل علماء الأقطار الإسلامية ويتبادل معهم الإجازات والتآليف ويُشارك في المناظرات العلمية  التي كانت تعقد لحل المشاكل العويصة فكانت مهمة أمير الركب في رحلته الإفادة والاستفادة.

وعن ابن عبد الكريم الفكون يقول تلميذه عيسى الثعالبي في كتابه  كنز الرُوَاة  "علامة الزمان ورئيس علوم اللّسان وفخر المنابر إذا خطب ولسان المحابر إذا شعر أو كتب"، ويقول عنه أبو سالم العياشي في رحلته ماء الموائد "العلامة الفهامة الناسك الجامع بين علمي الظاهر والباطن، ولما تقدمت به السن انقبض عن الناس وترك الاشتغال بالعلوم إلى أن توفي بالطاعون عام 1662 وهو في نحو 85 سنة"، ومن أهم مؤلفاته منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والولاية الذي يعتبر وثيقة علمية وتاريخية نادرة تؤرخ لمدينة قسنطينة زمن الانقسام وهيمنة الهرطقة  والخرافة، كما أنها تحوي تراجم لا يقصد بها المؤلف التعريف بمناقب المترجم لهم بقدر ما يقصد كشف النقاب عن أدعياء العلم والتصوف في وقته، وقد صدر كتاب منشور الهداية عام 1987م بتحقيق الدكتور أبي القاسم سعد الله.

يصف الباحث الجزائري المهدي البوعبدلي طريقة عبد الكريم الفكون في تراجمه بكتاب منشور الهداية بالقول: "... وقد تتبع المترجمين سواء الممدوحين أو المقدوحين بصراحة وتفصيل لم يتعودها المؤلفون في تراجم القدامى منهم أو المتأخرون فهو يذكر المترجم باسمه ولقبه وأطوار حياته من لدن نشأته ويجسم المحاسن أو المساوئ وأكثر من حمل عليهم هم ممن تربطهم بهم صلة القرابة  أو التلمذة، كما أن جلهم من أعيان بيوتات قسنطينة.

وفي كتابه فتح المولى يذكر عبد الكريم الفكون أن كتاب منشور الهداية جلب عليه نقمة البعض ورمقته العيون بالبغض من أجله، خاصة وأن جُل الأدعياء كانوا وقتئذ من أرباب المناصب والمنابر مثل ما هو الحال في كل الأزمنة.

ويثبت عبد الكريم الفكون بخلفيته التنويرية أن السبب الذي حمله على كشف الزيف والزور والذود عن حِمى الشريعة والدفاع عن أهلها بالقول "... فلما رأيت الزمان بأهله قد تعثر وسفائن النجاة من أمواج البدع تتكسر وسحائب الجهل قد أظلت وأسواق العلم قد كسدت فصار الجاهل رئيسا والعالم في منزلة يُدعى من أجلها خسيسا، وصاحب الطريقة قد أصبح وأعلام الزندقة على رأسه لائحة وروائح السلب والطرد من المولى عليه فائحة إلا أنهم أعني الطائفتين أدعياء العلم وأدعياء التصوف وجُهالهم تمسكوا من دنياهم بمناصب شرعية وحالات كانت قدما للسادة الصوفية، فموهوا على العامة...

كل ذلك والقلب مني يتقطع غيرة على حزب الله العلماء أن ينسب جماعة الجهلة المعاندين الضالين المضلين لهم أو يذكروا في معرضهم وغيرة على جناب السادة الأولياء الصوفية أن تكون أراذل العامة وأنذال الحمقى المغرورين أن يتسموا بأسماءهم أن يظن بهم اللحوق بآثارهم، ولم آل في التنفير من كلتا الطائفتين والتحذير منهم في كل زمان وأوان وبين كل صالح من الإخوان، إلى أن أحسست لسان القول قد انطلق بنسبة ما لا يليق ذكره من أفواههم، فسرح الله صدري في أن أعتكف على تقييد يبدي عوارهم ويفضح أسرارهم ويكون وسيلة إلى الله في الدنيا والأخرى"...

وقد قسم كتابه هذا إلى ثلاثة فصول وخاتمة:

الفصل الأول: في من لقيناه من العلماء والصُلحاء المقتدى بهم ومن قَبْل زمنهم ممن نقلت إلينا أحوالهم وصفاتهم تواترا، أردنا التنبيه عليهم وذكر ما كانوا عليه، وزمانهم، وتواريخ وفاتهم.

الفصل الثاني: في المتشبهين بالعلماء، وهم الذين قصدنا بهذا التقييد إيضاح أحوالهم.

الفصل الثالث: في المبتدعة الدجاجلة الكذابين على طريق الصوفية المرضية.

والخاتمة: في إخوان العصر وما هم عليه.

وخص المؤلف الطائفتين أدعياء العلم وأدعياء التصوف بفصلين التصنيف الثاني عن أدعياء العلم المتفيقهين والتصنيف الثالث عن أهل الهرطقة والإدعاء المستترين تحت راية التصوف، وهو منهم براء، ومهاجمة الفكون للطرق الصوفية كانت موجهة فقط لغلاة هذا المذهب من المتلبسين بلبوس السادة الصوفية رضوان الله عليهم، لأنه كان هو شخصيا من المتصوفة شاذليا زروقيا، وهو لا يخفي ذلك أو ينكره بل يعلنه غاية الصراحة، وكان يسير على مقتضى تعاليم الطريقة الشاذلية والطريقة الزروقية في آرائه وسلوكه.

 فقد كان رضي الله لا ينكر التصوف، ولكن يرى أن أهل عصره انحدروا به إلى الدرك الأسفل وأساءوا فهمه، وحولوه إلى (حضرة) فيها الرقص والموسيقى وغيرها من البدع والمنكرات، كما استغلوه في سلب العامة أموالها وتخدير عقولها وتعطيل الأعمال التي أمر الله بها، ومن ثمة الوهن الذي أصاب المسلمين، ولذلك كان يكثر من الاستشهاد من آثار المتصوفة الأقدمين كالبسطامي والطرطوشي وإبراهيم الشاطبي والغزالي ومحمد بن الحاج وإبراهيم بن أدهم، بالإضافة على الأخضري وزروق والوزان، فثورة الفكون إذن ليست على التصوف في حد ذاته ولكن على سوء فهمه واستغلاله، وليست على المتصوفة عموما ولكن على الدجالين المشعوذين أو ((أدعياء الولاية)) كما يسميهم، أولئك الذين اتخذوا من النساء والرجال، ونصبوا أنفسهم لإعطاء العهد وتلقين الأوراد، وكانوا يخالطون الظلمة والمفسدين...

والخلاصة أن العلامة الفكون رضي الله عنه عاش حياته على مرحلتين، المرحلة الأولى وهي الأطول والأثمر كرسها للعلم تلقيا  وتدريسا وتأليفا وكان أحب العلوم إليه علم النحو وما يتصل به من صرف وبلاغة ولغة ولم يتخلى خلال هذه المرحلة من حياته أبدا عن مبادئ الطريقة الزروقية التي تعلم العلم والعمل وتزكي الصلاح وتنفي البدع والخرافات وتحض على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أما المرحلة الثانية من حياته فقد قضاها في القيام بوظائف الجامع الكبير (الأعظم) من إمامة وخطابة وفتوى، كما كان يتردد على الحرمين الشريفين أميرا لركب حج الجزائر باعتباره شيخا للإسلام أو الشخصية الدينية الأولى في البلاد.

وبعد فما أجمل كلام الفكون نفسه وهو يفرق بين المتصوف الحقيقي والمتصوف الدجال إذ يقول (( والميزان الاعدل في ذلك أن تنظر على المرء وما هو عليه من الطريق القويم والصراط المستقيم في اتباع السنة قولا وفعلا فما كان هو ممن يجب الإعتقاد فيه وما لا فلا)) ولا يهم بعد ذلك إذ درس كل أو بعضها.

مؤلفاته:

له شرح على البسط والتعريف في علم التصريف للمكودي فرغ من تأليفه سنة 1047هـ، وهو مجلد أجاد فيه غاية الإجادة وأحسن كل الإحسان وأعطى النقل والبحث فيه حقهما ولم يمهل شيئا مما يقتضيه لفظ المشروح ومعناه إلا تكلم عليه وأجاد كما هو شأنه وأول خطبته: الحمد الله الذي أجرى تصاريف المقادير بواسطة أمثلة الأفعال وأوضح البيان افتقارها إليه بتغيير حالاتها من حركة وصحة وإعلال و نوع و إشكال وعين وجودها إلى ضم الانظام إليه وكسر الانكسار لديه وفتح الانفتاح في مشاهدة العظمة والجلال اهـ.، وشرح على شواهد الشريف على الأجرومية ومحدد السنان في نحور اخوان الدخان وهي كراريس اشتملت على أدلة عقلية ونقلية على الجزم بتحريمه، وديوان في مدح النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مرتب على حروف المعجم منها قوله:

أيا باهر الإشراق يا غاية المنى *** ومن حاز في تشريفه الرتبة العليا
أزحت ظلام الشرك بالطلعة التي *** اضاءت كما أوليت من نورها هديا
هداك صراط مستقيم من اقتفى *** مراشده استهدى وقد جانب الغيا
به فاز من فاز يا خير مرشد *** لذا ورث الفردوس إذ ورث الوحيا.

وله أيضا شرح جمل المجراد ومخارج الحروف من الشاطبية وتأليف في حوادث فقراء الوقت ولعله كتابنا اليوم المسمى (منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والولاية) وقال العياشي في ماء الموائد ''ومن مروياته مستوفاة في فهرسة شيخنا أبي مهدي عيسى الثعالبي.

للترجمة مصادرها ومراجعها.
تكملة الموضوع

ترجمة الشاعر الأديب العلامة عبد الله بن المبروك عثماني الطولقي

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

عبد الله بن المبروك عثماني الطولقي : ( 1312 - 1385هـ) = ( 1894 - 1965م)

هو العالم الأديب الشاعر عبد الله بن المبروك بن الحفناوي بن سيدي علي بن عمر، ولد في بلدة طولقة التابعة لولاية بسكرة (الجزائر)، وتوفي بالمدينة المنورة، وثوى جسده بالبقيع، عاش في الجزائر - تونس - مصر - والحجاز، حفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ العربية وعلوم الشريعة في زاوية سيدي علي بن عمر رضي الله عنه بمسقط رأسه، ثم شد رحاله إلى تونس طلبًا للعلم في جامع الزيتونة، ومنها إلى مصر، فجاور في الأزهر حتى حصل على شهادة العالمية، عاد إلى طولقة وعمل معلمًا في الزاوية العثمانية، وبقي فيها حتى (1953)، ثم ضاق بالاستعمار الفرنسي وبطشه، فهاجر إلى المدينة المنورة، وظل بها بقية حياته.
 


الإنتاج الشعري:

له قصائد نشرتها صحف ومجلات عصره، وبخاصة جريدة النجاح التي كانت تصدر بقسنطينة، ومنها: «مدح النبي صلى الله عليه وسلم» - 1926/9/14، و«تقلدت شيخ العرب عقدًا مرصعًا» - 1929/4/5، و«في رثاء شيخنا النحرير سيدي المداني» - 1930/9/23.

بعض من قصائده وأشعاره:

عناوين القصائد:

-    في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم.
-    ألا يارعاك الله.
-    في رثاء قريب.
-    أحمد الله.

1) في مدح النبي صلى الله عليه وسلم

أنت الذي سبَّحَ الحصباءُ في يده *** وشُقَّ بدرٌ له في سابقِ القِدمِ
أنت الذي أيـن سارَ ظلَّلتْه غما *** مَةٌ، تَقيهِ وطيسًا للهجيرِ حَم
أنت المرجَّى وأنت المُسْتغاثُ به *** وأنت نعـمَ المنى لكلِّ مُحترَم
أنت الملاذُ وأنت السيّد السَّندُ *** وخُلْقُه ظاهرٌ في نونِ والقلم

2) ألا يا رعاك الله

ألا يا رعاك الله ألا يا رعاكَ اللهُ يـا طلعةَ البدرِ *** ويا كوكبَ الإسعاد يا بهجةَ العصر
إليكمْ شدَدْتُ للرحيل مطـيَّتي *** فضجَّتْ لما تلقـاه من شدة السَّيْر
فلما وصلتُ للقِبابِ أنخْتها *** فألقتْ عُرا الإرجال عـن كاهل الظهر

3) في رثاء قريبٍ

إنما الدنيا كفُلْكٍ سائرٍ *** فـوق ماء البحرِ ذي الماء الكثيرْ
جمعتْ بـيـن ذلـيلٍ وعزيزٍ *** وحـوَتْ كلَّ غنـيٍّ وفقير
ومواني البحر في سـاحلِه *** فإلى وجهتِهـا الناسُ تسير
منهمُ مَنْ جاوزَ الـبحرَ سُرًى *** منهمُ فـيـه غريقٌ وحسير
هكذا الدنيا فناءٌ وردًى *** هكذا الدنيا إلى الـموت تصـير

4) أحمد الله

أحمدُ اللهَ أولاً في ابتداءِ *** وله الشكر سـيّدي وثنـائي
وصلاة الرحمن تتـرى على مَنْ *** أفضلُ الخلق أفصحُ الفصحاء
سيّدُ الرسْلِ والخلائق *** وجمـيع الأملاكِ والأنبـياء
أحمدُ الـمصطفى ويس طه *** صاحب الحوض أسعـدُ السعداء

الأعمال الأخرى:

- نشر له مقال بعنوان «بحث أخلاقي: حياة الإنسان بالتربية الحسنة» - جريدة النجاح - قسنطينة - 1926/9/14 ، وكلمة بعنوان «ونحن معكم أيضًا يا رجال النجاح في جريدة النجاح» - جريدة النجاح - قسنطينة - 1928/8/19.

- شعره يتنوع بين الغزل والمديح والوصف والرثاء، وانتقاد الأوضاع الاجتماعية المتردية في عصره، تغلب عليه الروح العلمية الفقهية.

- حصل على الجائزة الأولى في مسابقة تشطير أبيات لمحمد النجار بن عمارة الحركاتي من بين 120 شاعرًا شاركوا في المسابقة.

مراجع الدراسة:

1 – أبو القاسم سعد الله: تاريخ الجزائر الثقافي - دار الغرب الإسلامي - بيروت 1998.
2 - سليمان الصيد: تاريخ الشيخ علي بن عمر شيخ زاوية طولقة الرحمانية - دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع - الجزائر - (د.ت).
3 - عبد الرحمن بن الحاج: الدر المكنوز في حياة سيدي علي بن عمر وسيدي بنعزوز - مطبعة النجاح – 191.
4 - عبدالله ركيبي: الشعر الديني الجزائري الحديث - المؤسسة الوطنية للنشر والتوزيع - الجزائر 1981.
5 - الدوريات: سليمان الصيد: عبدالله بن المبروك عثماني الطولقي - الحلقة الأولى - جريدة النصر - الجزائر - 7 من يونيو 1987.
6 - عبد الله بن مبروك عثماني الطولقي - الحلقة الثانية - جريدة النصر - الجزائر - 8 من يونيو 1987.

مصدر:

معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين.
تكملة الموضوع

ترجمة الفقيه العلامة أبي عبد الله محمد بن قاسم الأنصاري التلمساني (عُرف بالرَّصَّاع)

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 

الرَّصَّاع ( ...  – 894هـ / ... – 1489م)

محمد بن قاسم بن عبد الله الأنصاري، أبو عبد الله، الشهير بالرَّصّاع، قاض، نحوي، خطيب، عارف بالحديث، من فقهاء المالكية، ولد بتلمسان، ونشأ واستقر بتونس (سنة 831) وولي قضاء الجماعة بها، ثم اقتصر في أواخر أيامه على إمامة جامع الزيتونة والخطابة فيه، متصدرا للإفتاء  وإقراء الفقه وأصول الدين والمنطق وغيرهما، ومات بتونس وعُرف بالرَّصَّاع لأن جده الرابع كان نجارا يصنع المنابر ويزين السقوف، وهو الذي صنع منبر شيخ الشيوخ سيدي أبي مدين شعيب التلمساني رضي الله عنه، ولصاحب الترجمة عقب في تونس إلى الآن.

مؤلفاته:

من آثاره ((الهداية الكافية)) طبع، في شرح الحدود الفقهية لابن عرفة، و((الجمع الغريب في ترتيب آي مغني اللبيب)) مخطوط، في الأحمدية بتونس و((التسهيل والتقريب والتصحيح لرواية الجامع الصحيح)) مخطوط، و((تذكرة المحبين في شرح أسماء سيّد المرسلين)) مخطوط، و((فهرسة الرصاع)) طبع، وتحفة الأخيار في الشمائل النبوية)) مخطوط، في مجلد ضخم، و((إعراب كلمة التوحيد)).

مصادر:

الحلل السندسية 689 وتوشيح الديباج 75 والضوء اللامع 8: 287 ونيل الإبتهاج 323 والبستان 273 وشجرة النور الزكية 259 والأعلام للزركلي 7: 228 وبرنامج القرويين 90.
تكملة الموضوع

ترجمة الشيخ العلامة سيدي المختار بن الحاج محمد القاسمي

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد صلاة أهل السموات والأرضين عليه أجري يا ربي لطفك الخفي في أمورنا والمسلمين
 

الشيخ العلامة سيدي المختار بن الحاج محمد القاسمي: (1284/ 1333هـ= 1867/ 1914م).

هو العالم العارف بالله الزاهد الصالح، زين النية نقي الطوية الشيخ سيدي الحاج المختار بن الحاج محمد الهاملي الإدريسي الحسني، من كبار رجال الطريقة الرحمانية وعلمائها.

ولـد رضي الله عنه سنة 1284هـ = 1867م بقرية الهامل، وحفظ القرآن في حداثة سنه، ثم شرع في تعلم العلم وأخذه عن رجال بلده، فسمع من شيخه سيدي محمد بن أبي القاسم التفسير والحديث والفقه وعلم التصوف، وعندما قدم العلاَّمة محمد بن عبد الرحمن الديسي للزاوية عام 1296هـ = 1878م لزمه وأخذ عنه.

له في الحديث والتفسير وكلام القوم والآداب الأذواق العجيبة والأفهام الغريبة، ذو إشارات صادقة ومعارف فائقة، أجازه شيخه الديسي، كما أجازه العلاَّمة أحمـد الأمين بن عزوز، والقاضي شعيب والشيخ المهدي الوزاني عند اجتماعه به في الجزائر، والشيخ محمد حسب الله والشيخ محمد المكي بن عزوز.

أنابه شيخه عنه في الإرشاد وإعطاء الطريق، فبعثه إلى الناحية الغربية من عمالة وهران، فانتشرت على يده الطريق، وذكّر الناس بدينهم، وعقد لهم مجالس وعظية علمية تفسيرية وحديثية فقهية وآدابيـة، فازدحم الناس عليه وسمعوا منه، وقوبل بينهم بكل حفاوة وإكرام وتبجيل وإعظام، وانتفع به خلق كثيرون، كلفه الشيخ المؤسس بالخطابة بمسجد الأشراف بالهامل في سنة 1892م، و في عام 1910م، عزم على حج بيت الله الحرام وزيارة سيد الأنام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسّلام، ولما أتم حجه على أكمل وجه، ذهب إلى زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يقرأ دلائل الخيرات كل يوم في الروضة الشريفة، ويمكث بها الليالي ذوات العدد.

تولى مشيخة الزاوية بعد وفاة أخيه الشيخ سيدي محمد بن الحاج محمد 3 جمادى الثانية 1331هـ = 9 ماي 1913م، وكان رضي الله عنه على اتصال وثيق بالأمير خالد، خصوصا في ظروف الحرب العالمية الأولى، والتي شارك فيها بإرسال فرقة من 200 مقاتل، وذلك بعد اتفاق مع الأمير خالد وسلطات الاحتلال، على أن تمنح الجزائر حق تقرير مصيرها بعد نهاية الحرب، ومما رواه تلامذته عنه أنه قال مرة لجلسائه: "إذا نصرنا الله على فرنسا وكنت في عداد الموتى، فليقف أحدكم عند قبري ليبشرني بالانتصار".
 
صورة نادرة لسيدي المختار رفقة شيخه العلامة سيدي محمد بن عبد الرحمن الديسي

كان رحمه الله تعالى متواضعا لا يرى عليه مسحة من الكبر في أي حال من الأحوال، ولم تعلم له صبوة، عفيف الازار، محمود السيرة حليما، واسع الصدر، كريما مؤثرا لغيره على نفسه، بارا بوالديه واصلا لرحمه، عاطفا عليهم يتحمل أذاهم، حتى كأنه لم ير منهم إساءة، لا يعيب أحدا ولا يمدحه، ولا تنفق الوشاية في سوق مجلسه.

توفي الشيخ المختار يوم السبت السابع والعشرون من شهر شعبان [1333هـ = العشر من جويليت 1915م]، إثر مرض لازمه ثلاثة أشهر ودفن بمقبرة آبائه بالهامل، ورثاه شيخه الديسي والشيخ الحفناوي الديسي، وتلميذاه الشيخ العابد والشيخ مصطفى بن قويدر الجلاليين، جاء في قصيدة "عنوان المحبة والذوق وترجمان الصبابة والشوق" للشيخ محمد العيد بن البشير الشريف الهاملي مفتي سور الغزلان في مدح الشيخ سيدي الحاج المختار[ وهو من تلاميذه فلك أن تلاحظ] ما يلي:

"اشتغـل بتحصيل العلـوم *** وبـرز فيها عـلى العمـوم
درس الـدروس مع أخيـه *** وعضـد وصـارم يحميـه
شاطره في الـدروس والعمل *** من زمن القطب إلى أن ارتحـل
بحر حقائق وكـنز للأسـرار *** وزاهـد عابـد من الأبـرار
نسيج وحده في الكشف والأذواق *** كالفارضي في الخمرة والأشواق
درس نحو "كـد"  أي أعواما *** الفقه والحديث والكـلامـا
بعثه القطب لإحياء العمـور *** ليرشد الخلق بما يشفي الصدور
وجمـع خـزائن من الكتب *** واختارها على اللجين والذهب
وصدره "حـاو" لها " شامل" *** وفكره "المعيار" وهو" الكامل"
يحـبه جميـع من يـراه *** ولا يضام من أتى حمـاه
أشياخه القطب وصنوه الزكي *** محمد ثم ابن عزوز المكـي
ثم ابن عبد الرحمن ذا عمدة *** وكـان زاده والعـدة"

المرجع:

الترجمة بقلم الأستاذ الدكتور عبد المنعم القاسمي الحسني حفظه الله.
تكملة الموضوع

حمل كتاب من رسائل العلامة الشيخ عمر أبي حفص الزموري - المجموعة ²

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 

- كتاب: من رسائل العلامة الشيخ عمر أبي حفص الزموري.

~ المجموعة الثانية ~

 والتي تضم:

1) إشارات سانحة إلى بعض أسرار الفاتحة.
2) مقالات منشورة عنه.
3) تعاليق صحفية على كتابي: (فتح اللطيف).
4) في رحاب ليلة القدر.

- تصنيف: الغوث الرباني الشيخ العلامة سيدي عمر أبو حفص الزموري الجزائري.
- دار النشر: منشورات حواركم - الجزائر.
- حالة النسخة: منسقة ومفهرسة.

رابط التحميل

هنـــا

- ترجمة المصنف:

الغوث الرباني نجم  التسبيح  سيدي الشيخ عمر أبو حفص الزموري الجزائري قدس الله سره (1913م / 1990م).
 

هو الشيخ  العالم العلامة البحر الفهامة، العارف باللّه الحائز على المعقول والمنقول، المتبحّر في مختلف العلوم اللغوية والدينية إلى أبعد الحدود، أفاض اللّه عليه من كرمه وجوده ما يرضيه وفوق الرضى، نجم التسبيح، من ذرية الولي الصالح سيدي عمر العجيسي قدس الله سرهما، من سلسلة القمر المنير سيدنا الحسين بن علي كرم الله وجهه ورضي عنه، وياقوتة الأنام مولاتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم سيدي عمر أبي الحفص الزموري الجزائري قدس الله.

ولد رضي اللّه تعالى عنه سنة 1913م على الأرجح، وتوفي سنة 1990م، نشأ يتيم الأب، تقيا، نقيا، ورعا، إذ شرع في أداء فريضة الصلاة في السابعة من عمره، وأنعم اللّه عليه بحفظ كتابه العزيز وهو اثنتي عشر سنة، أكرمه الوهّاب الفتّاح بالجلوس بين يدي العلاّمة العالم الكبير سيدي أحمد بن قدور الزموري ــ رضي اللّه تعالى عنه ــ فيسّر له سبل التحصيل في ظرف زمني قياسي، وأنعم عليه ــ فضلا عن تلك العلوم الكسبية ــ بعلوم وهبية لدنية يختص بها من يشاء من أحبابه وأوليائه، مارس التدريس في عدة مدارس ومساجد وزوايا منها: زاوية الجعافرة (برج بوعريريج)، مسجد توررين ببني عيذل (سطيف)، زاوية الحاج أحسن الطرابلسي (عنابة)، زاوية شلاطة وزاوية سيدي موسى نتنبدار (بجاية)، وادي زناتي (قالمة) وبعين فكرون (أم البواقي)، وزاويته الميمونة بقرية أجداده زمورة المحروسة، ثم بمسجد سيدي رمضان بحي القصبة بالعاصمة.

~*~*~

لقد كانت حياته ــ رضي اللّه عنه ــ عامرة بالعلم والصلاح والفلاح، زاخرة بشتى المواقف التي ينبغي أن ترصع جبين الزمان بأحرف من نور فهو فقيه متضلع، ولغوي بارع، وخطيب مصقع، وأديب وشاعر مبدع، ورباني سما بالصوفية إلى قمة القمم، إنه من العبّاد الزّهاد، إنه النور الذي نسير على هديه الذي هو هدي المصطفى، صلى اللّه عليه وسلم، إلى اللّه سبحانه وتعالى، والكنز الذي ننفق منه في دنيانا وآخرتنا سرا وجهرا، وظاهرا وباطنا، ولا غرو، فهو الكنز الأكبر الذي ما بعده كنز إلا الحبيب المصطفى، صلى الله عليه وسلم، والمولى سبحانه وتعالى حبيبه الأكبر الذي عاش به وله وفيه مثلما قيل فيه وفي بعض أحباب اللّه من أمثاله، جسمه بين الخلق يسعى وقلبه في الملكوت يرعى.

لم تله الشيخ ــ رضي اللّه عنه ــ مشاغل الدنيا وزخرفها عن التأليف في علوم العربية التي أحبها وسعى إلى إحيائها في القلوب قبل الألسنة، باعتبارها المفتاح الذي لا غنى عنه لفهم القرآن وإدراك ما يزخر به من إعجاز وأسرار، فالقرآن هو الكتاب الإلهي الوحيد الذي حافظ على نصه الموحد منذ تنزيله مصداقا لقوله تعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم (إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون).

- ومن مؤلفاته المطبوعة:

1 ــ فتح اللطيف في التصريف على البسط والتعريف.
2 ــ المجموعة الأولى من رسائله.
3 ــ المجموعة الثانية من رسائله.
4 ــ المجموعة الثالثة من رسائله المخصصة لفضل الدعاء ومطلوبيته.
5 ــ أبواب الجنان وفيض الرحمن في الصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد ولد عدنان ــ صلى اللّه عليه وآله وسلم ــ
6 ــ ما يفعل الحاج على مذهب الإمام مالك.

- كما منّ اللّه علينا بتأليف مصنفين عنه، هما:

1 ــ العلاّمة الشيخ عمر أبي حفص الزموري.
2 ــ من ثمرات المجالس النورانية مع العلاّمة الشيخ عمر أبي حفص الزموري.

وكلاهما من طبع دار هومة، وخصّ المجلس الأعلى للغة العربية سنة 2008م بإصدار عنوانه: من مآثر العلامة عمر أبي حفص الزموري في خدمة لغة القرآن.

~*~*~

ولقد كان للعلامة إسهام مشهود به في ثورة نوفمبر الخالدة، إذ كان مكلفا من طرف المجاهدين باصدار فتاوى وإصلاح ذات البين، ولطالما تغيّب عن أهله في مثل هذه المهام النبيلة لمدة تتجاوز أربعة أيام، كما كان له الفضل في الاسهام في تكوين رجلات الثورة أمثال العقيد صالح بوبندير المعروف بصوت العرب، قائد الولاية الثانية التاريخية، الأستاد عبد الحميد مهري والشهيد حسن شطايبي وآخرين من الذين كوّنهم في مدرسة التهذيب بوادي الزناتي بولاية قالمة، كما واصل الشيخ جهاده الأكبر في التكوين وتربية المريدين بعد استعادة السيادة الوطنية، حيث تخرّج على يديه العديد من إطارات الدولة إلى غاية انتقاله إلى جوار ربه جل في علاه.

~*~*~

وقد كانت مجالسه النورانية سوانح مشرقة نيرة، بما يفيض فيها على المتحلقين حوله والراغبين في الاغتراف من مناهل علومه الظاهرة والباطنة بفضل ما جاد به المولى عز وجل عليه من معارف وفيوضات وإمدادات، يضيق عنها الحديث ولا تتسع لها الصفحات إذ كان ــ قدس اللّه سره ــ يصول ويجول في شتى العلوم اللغوية والدينية، إضافة إلى المعاني الروحية السامية التي يرصع بها تفاسيره للقرآن العظيم وشروحاته للأحاديث النبوية الشريفة وتدقيقاته في تأويل المعاني الواردة في قصائده الروحية وفي صدارتها نونيته العصماء الموسومة بنور القدس لحضرة الأنس.

ومنذ انتقاله إلى جوار مولاه سبحانه وتعالى والتظاهرات الدينية الثقافية تقام بمناسبة ذكريات وفاته أفاض اللّه عليه من كرمه وجوده ما يرضيه وفوق الرضى، تتولى تغطيتها التلفزة الوطنية وقنوات الإذاعة إلى جانب الصحف المكتوبة.

وهكذا طبّقت شهرته الآفاق ووصلت مؤلفاته إلى مختلف أصقاع المعمورة عبر القارات الخمس فالحمد للّه والشكر للّه.

أعمال أخرى للمؤلف:

* أبواب الجنان وفيض الرحمن في الصلاة والسلام على سيدنا محمد سيّد ولد عدنان.

تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي الحاج بن شرقي

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 


الولي الصالح سيدي الحاج بن شرقي (1831- 1922م):


- اسمه، وأصله و نسبه الشريف:

هو محمد و لقبه بن شرقي بن سيدي قدور بن سيدي قويدر بن الحاج لحسن يرتبط نسبه بسيدي أحمد بن عبد الله الذي يقـع ضريحه شرقـي مدينـة الشلف وينتهي نسبه إلى الحسن بن علي بن فاطمـة الزهراء بنـت سيّدنا رسول صلى الله عليه وآله وصحبه و سلم.

- تاريخ ميلاده:

ولد رضي الله عنه بتاريخ تقديري 1239 هجرية الموافق لـ:1831 ميلادية ببلدية واد الروينة - زدين - ماتت أمه وهو صغير فتولى أبوه تربيته فحفظ القرآن الكريم على والده برواية ورش ثم حج أبـوه الحجة الثانية ومات بالبقاع المقدسة وعمره أنذاك 17 سنة .

- تعليمه:

لما أتم حفظ القرآن الكريم جاء به أبوه من قرية زدين ووضعه في أحضان المربي الصالح العارف بالله الفقيه الشيخ سيدي محمد الفقيه بلعربي وهذا بعد وفاة أمه وعزم أبيه على السفر لأداء فريضة الحج فلم يجد في القوم رجلا أمينا على ابنه مثل الشيخ الأكبر الفقيه بلعربي فنهل منه العرفان والعلوم وقرأ عليه القرآن بالروايات 21 سلكة، وتاقت نفسه بعد ذلك إلى العلم والمعرفة فتتلمذ على يد الشيخ سيدي الحاج جيلالي بن المكي من أبناء عمومته فحفظ متن الشيخ خليل في الفقه والسنوسية في العقائد ثم ساح من مسقط رأسه غربا فساقه القدر إلى حيث ضريحه الآن على ضفاف نهر الشلف ببطحاء العطاف، فحل بالمكان الذي كان به الشيخ الذي يتصل نسبه هو الآخر بسيدي أحمد بن عبد الله المذكور سابقا، فانضم إلى طلبته حيث كان الشيخ يحفظ القرآن على الروايات السبع فختم عليه عشريـن ختمة رغم أنه جاء حافظا من قبل.

~~~

كان خلالها يخدم شيخه ويقوم بحاجته داخل المنزل وخارجه، ولصفاء سيرته وحسن سلوكه زوجه إحدى بناته وهي السيدة عودة التي ولدت له علماء أولهم سيدي الحاج محمد الشارف والسيد الحاج بلعربي، ولمّا دنا أجل الشيخ الفقيه بلعربي أوصى تلميذه الشيخ بن شرقي على عائلته وأولاده القصَـر آنذاك فكان نعم الوصي والحافظ للوصاية والرعاية إلى أن بلغوا الرشد وسعـى إلى تعليمهـم وتفقيههم ثم زوجهم وأفردهم بسكن وحدهم، وبوصية من شيخه أصبح يُشرف على طلبة القرآن الكريم منذ حياة شيخه الذي قدمه على سائر طلبته فكانت وصايته وتقديمه انفتاحا على أفق آخر، أفق الأسرار والأنوار الربانية فذاع صيته في ربوع الأقطار لمّا كان يتحلى به من الورع والتقى والعفة والزهد.

~~~

فعظمة الشيخ بن شرقي في الزهد والبذل للفقراء والمساكين كانت تملأ الزمان والمكان، بما لا نظير له في زمنه فما يزيد طعامه وإطعام أهله إلا على ما وجد ما يسد الرمق، والملبوس الخشن رغم ما كانت الهدايا تفد عليه من كل ناحية بأنواع الملبوسات الحريرية والأطعمة الشهية فيحرم نفسه وأهلـه ويقدمها للأرامل واليتامى وذوي العاهات خصوصا في سنين المسغبة.

~~~

لقد كان يصوم النهار ويقوم الليل ويفطر على خبز الشعير ويختم القرآن الكريم كله في نفله ليلا كل ليلة، فلا مكان في حياة الترف عنده ولا مباهجها ولا مكان للقاعات المفروشة ولا للزرابي المبثوثة ولا للنمارق المصفوفة ولا للأكواب الموضوعة، فكان عبدا ربانيا يقف عند الأثر: أزهد ما في أيدي الناس يحبك الناس، فلم يثبت مطلقا أنه كان يزور تلاميذه وأتباعه رغم محاولتهم ذلك.

~~~

كان شاذلي الطريقة، أخذها عن أشياخه الذين عاصروه، أمثال الشيخ سيدي عدة غلام الله، والشيخ الميسوم والشيخ محمد بن أحمد وكفى بهم من رجال علم الظاهر والباطن.

- مواقفه:

لما جاءت حملة الراهب لفيجري عام 1872 لتمسيح الأهالي وتنصيرهم وشرع في بناء قرية: سان سيبريان - يخصها للأيتام المتنصرين وأسكنها عائلات منهم ومنحهم أراض فلاحية، شعر الشيخ بالخطر الذي يحدق بالإسلام والمسلمين ففتح الزاوية لاستقبال الفقراء والمساكين والمهاجرين بحثا عما يسد به جوعهم، فعلم الجاهل وأدخله الجامع مع طلبته لحفظ القرآن الكريم، وكان إذا جمع الطالب وألمَ بشيء من الفقه قال له: "أسـرع إلى أهلك وافتح محلا اجمع فيه أبناء قريتكم قبل أن يلحقهم التنصير".

والفضل ما شهدت به الأعداء، رسالة كتبها راهب هذه القرية إلى رئيسه - لويس 14- يشكوه الشيخ ليقول له: "إني بليت بشخص اسمه بن شرقي كل ما أبنيه بالنهار يهدمه بالليل" والرسالة هذه وقف عليها المحافظ الوطني لجبهة التحرير بعين الدفلى (السيد قاسة عيسى) لما مر على قرية الشيخ بن يحي (سانت مونيك) سابقا قال: "كان من المفروض أن تسمى قرية الشيخ بن شرقي لأنه هو الذي حارب حملة التنصير".
 
 صورة نادرة لأقدم مسجد بالعطاف بناه سيدي بن شرقي سنة 1900م
 
وللشيـخ بن شرقي مواقف جليلة في نشر تعاليم الإسلام فما بناء مسجد العتيق بالعطاف إلا بأمر لما كان يتسوق سوقه يوم الأربعاء وتجمع حوله الجموع الغفيرة فيذاكرهم ويرشدهم فجمع له مرة مقدارا من المال فامتنع من قبوله وأعطاه لأحد الحاضرين وقال له: "اشتروا به أمتارا من الأرض في هذا المكان وابنوا فيه بيتا يصلون فيه المتسوقين ويبيتوا فيه أفضل من العراء" ذلك لأن الاستعمار كان يقصد الأسواق ويغري المنكوبين والفقراء ويجرهم إلى النصرانية، وهكذا طلـب من أتباعه ومحبيه أن يسعوا إلى فتح بيت للصلاة وقراءة القرآن في كل من وادي الفضة والعبادية وواد روينة، وجاء زائر له من تيسمسيلت آنذاك و قدم مقـدرا من الذهب ليستعين به فسأله الشيخ ما كان معه و قال له: "ابن بهذا مسجدا ورتب فيـه طلبة لتعليم القرآن والدين"، فكان عند حسن الظن فباع جزءا من أملاكه العقارية  ورتب فيه طلبة وشيخا لتعليم القرآن والعلم وأسماه "جامع سيدي بن شرقي" وهو معروف إلى الآن بهذا الاسم.

- كراماته:

أما كرامات الشيخ فهي كثيرة ومتواترة لا نريد التعرض لها لأن الشيخ رحمه الله كان يمنع التحدث بها وكلنا يعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:"إن لله رجالا لو أقسموا على الله لأبرهم".

لقد حاولت فرنسا أن تدفع الشيخ للوقوف إلى صفها بإغرائه ببناء صور يقي الزاوية من فيضانات نهر الشلف في فصل الشتاء وربط الزاوية بالتيار الكهربائي الذي كان يمر بها فلم يقبل بذلك وجاءه قسيس "سان سيبريان " يقول له: "إن فرنسا تطلب منك الأمر أن تساعدك فيما تحتاج إليه" فقال الشيخ: "أريد المساعدة في قول:لا إله إلا الله محمد رسول الله "، إشارة إلى وقوفه ضد ما يريدونه من طمس الوطن ومسح الإسلام منه وأنه واقف لهم بالمرصاد.

ومما جاء على لسان أحد مريديه مشيدا بنفحات الشيخ بن شرقي رضي الله عنه قائلا:

      "شيخنا هذا طبيب *** يبري من كان فيه العيب
      يسقي للمحب حليب *** نظرته ترياق
      يا من ترد القـرب *** زور الشيخ المربي
      صاحب العلم الوهب *** وأستاذي بن شرقي"

وكـان للشيخ رحمه الله و رضي عنه وأرضاه مريدوه من كل الجهات منهم علماء بارزون وفقهاء مشهورون أمثال الشيـخ سيد الحاج أحمـد الفقيه وأخيه السيد الحاج علـي وكذا الشيـخ البوعبيدي والشيخ الحيـاوي والشيـخ سي الحاج الجيلالي عتبة والشيخ سي بلحاج ببلدية عريب والشيخ سي بن أحمد ببلدية بوراشد والشيخ البوعبدلي من بطيوة بالغرب، والشيخ النداتي من بلدية عين الدفلى، هذا في المحيط القريب وكان له مريدون في أرجـاء واسعة من الوطـن في معسكر وشرشال و العاصمة..

- آثاره:

أمـا بالنسبـة لآثـاره فقد رفـض رضي الله عنه أن يقال عنه أو يكتـب عنه شيء أيام حياته، وكثيرا ما كان يقول: "والله لا أملك شيئا و ما أنا إلا واحد من عامة الناس"، شأنـه في ذلك قول الصالحيـن القائلين: "وأمرت أن أكون من المسلمين و أن أتلو القرآن"، وهذا هو دأبه رحمه الله ورضي عنه.

- وفاته:

تــوفي رحمه الله ورضي عنه في أواخر شهر ديسمبر 1922 ميلادية عن عمر ناهز التسعين أفناه في خدمة الله والوطن وعامة الناس خاصة ضعفاؤهم فخلف جيلا من الأتباع المريدين والمحبين وأبناء علماء مكنوا لهذا الدين في هذا البلد الأمين على مر السنين.

فرحمه الله و أسكــنه فسيح جناته آمين.

~~~

للترجمة مصادرها ومراجعها
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي أحمد بن حسن الغماري التلمساني

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


الشيخ الولي الصالح سيدي أحمد بن حسن الغماري التلمساني: ( توفي يوم الاثنين 12 شوال 874هـ - 14 ابريل 1470م)

أصله من عرب رياح، لم يتحدث المترجمون عن ميلاده، ولكنه كان في أواخر القرن الثامن الهجري، وسكن بطيوة وبلاد غمارة مع الشيخ الحاج موسى البطيوي، ونسب غمارة لكونه سكن بها وحذق لهجتها الزناتية، ثم انتقل إلى تلمسان واستقر بها واخذ العلم على الشيوخ موسى البطيوي، واحمد الماواسي، ومحمد بن يخلف، ومحمد بن عمر الهواري الوهراني، واصبح إماما في علوم القرآن، والحديث، والفقه.


وفي أوائل العشرية الرابعة من القرن التاسع الهجري (801) سافر إلى الحجاز لأداء فريضة الحج مع ركب حجيج تلمسان ومر على تونس وحضر بها دروس الشيخ العبدوسي، ثم التحق بالحجاز، وأدى فريضة الحج، وعاد إلى عنابة حيث علم أن أخاه توجه إلى الحجاز للالتقاء به.

فعاد أدراجه إلى الحجاز عبر تونس، ومصر، ولم يدركه إلا بمكة المكرمة فحج حجة ثانية، وعاد إلى تلمسان، واستقر بها واتخذ إحدى مساجدها مأوى له لأنه لم يكن يملك سكنا خاصا به، ودأب على حضور دروس ابن مرزوق الحفيد، وكان يجيد تلاوة القرآن، وكان يتردد على مدن: الحناية، وهنين، وندرومة، ويلازم أداء صلاة الجمعة في مساجدها، ويتردد كثيرا على أسواق ندرومة ويسقى الناس به وكان يحضر يوم الخميس دائما، ويحتطب ويبيع الحطب في الأسواق ليحصل على قوته من عمل يده.
 
 

وفي آخر أيامه أصيب بمرض الإسهال الذي يدعى آنذاك بالزرب وتوفي يوم ( 12 شوال عام 874هـ الموافق 14 إبريل 1470م) وسار في جنازته سلطان تلمسان وعلماؤها وشعبها، ودفن بخلوته شرق الجامع الأعظم الحالي.
 
 
مصدر الترجمة:

كتاب روضة النسرين في التعريف بالأشياخ الأربعة المتأخرين - لإبن صعد التلمساني، صاحب كتاب النجم الثاقب - مراجعة وتحقيق: الدكتور يحيى بوعزيز - دار البصائر للنشر والتوزيع - الجزائر 2009م.
تكملة الموضوع

حمل الكتاب النادر: نثر الدُر وبسطه في بيان كون العلم نقطة

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 


- كتاب: نثر الدُر وبسطه في بيان كون العلم نقطة.
- تصنيف: العلامة الشيخ أحمد بن محيي الدين بن مصطفى الحسني الجزائري.
- الناشر: مطبعة الأهلية - بيروت، لبنان - 1324هـ.

حول الكتاب:

من الكتب النادرة في التصوف، يشرح حقيقة العلم وبدء تصوره وكيفية هذا التصور اعتماداً على المأثور في الكتاب والسنة وعند العلماء، يقول المؤلف عن ذلك في مقدمة كتابه ما نصه: " ... وبعد فيقول عبد ربه الغني، أحمد بن محيي الدين الحسني، نور الحق تعالى لُبه، وسقى من زلال العلوم اللدنية والتقوى جوارحه وقلبه، إنك سألتني أيها المحب أنار الله قلبي وقلبك بنوره، وشرفني وإياك بظهور مكنونه ومستوره، عن قول الإمام علي كرم الله تعالى وجهه، وسددنا بجاهه في كل مسلك وَوِجهه [ العلم نقطة كثّرها الجاهلون] فأجبتك وإن كنت لست أهلا للجواب، ولا ممن يحسن أن يفوه في مجلس الفضلاء بفصل خطاب، متطفلا على ذلك، ومتجاسرا على ما هنالك، مع علمي باني لست من أرباب هذا الشأن، ولا من فرسان هذا الميدان، اعتمادا على الكريم الفتاح، أن يهب لي من خزائن ما يتم به العطاء والامناح، وسميت ما جمعته في هذه الأوراق: (( نثر الدر وبسطه، في بيان العلم نقطة))...أهـ"

وآخر الكتاب تقريظ وإطلاع لنخبة من العلماء الذين، ذكروا آراءهم في هذا الموضوع.

رابط التحميل

هنـــا

تعريف بالمصنف:

العلامة الشيخ أحمد بن محيي الدين بن مصطفى الحسني الجزائري (1249 - 1320هـ / 1833 1902م)، أخ العارف بالله سيدي الأمير عبد القادر الجزائري الحسني قدس الله سره.

السيّد أحمد بن السيّد محيي الدين بن السيّد مصطفى الحسني الجزائري ثم الدمشقي المالكي الأثري إمام لا يدرك شأوه، ولا يُجارى في حلبة اللطائف خطوه، طلع في جبهة عصره غره، وأضحى غنيا عن الوصف بالشهرة، ولد رحمه الله تعالى في شعبان سنة (1249) في القيطنة من ضواحي وهران وتربى  في حجر أخيه العلامة السيّد محمد السعيد لوفاة والده قبل فطامه، ولما بلغ سن التمييز شرع في حفظ القرآن الكريم حتى حفظه عن ظهر قلب وهو دون البلوغ ثم اشتغل بطلب العلم فقرأ على أخيه المنوه به طرفا من مبادئ الفقه وغيره وقرأ على السيّد مرتضى جانبا من النحو والوضع، وحضر في علم الكلام على أخيه العارف الجليل الأمير الشهير السيّد عبد القادر قدس سره، وفي الفقه أيضا على الشيخ محمد بن عبد الله الخالدي ولما سار الأمير على فرنسا اثر وقائعه المعروفة استصحبه في جملة العائلة الكريمة، ولما قدم الأمير على بروسة سار المترجم مع إخوته إلى عنابة من أعمال الجزائر وأقام هو وإخوته بها نحوا من خمس سنين ثم قدموا دمشق سنة (1273).

 وأخذ المترجم في تكميل تحصيل العلوم والفنون فحضر في فن النحو والكلام والبيان والمنطق والوضع والأصول عند العلامة المحقق الطندتائي الأزهري ثم الدمشقي ولازمه سنين وقرأ في النحو أيضا على إبن عمته العلامة السيّد مصطفى بن التهامي إمام المالكية بالجامع الأموي، وحضر في التجويد وغيره على العلامة الشيخ يوسف المغربي مدرس دار الحديث الأشرفية وحضر في التفسير على أخيه العلامة السيّد محمد السعيد المتقدم، وتلقى الحديث عن العلامة الشهير الشيخ قاسم الحلاق فقد سمع منه صحيح البخاري بطرفيه بعد العصر في جامع السنانية في شهر رمضان وحضر في أوائل تفسير البيضاوي في حجرته بجامع حسان، وسمع على أخيه الأمير صحيحي  البخاري ومسلم في مدرسة دار الحديث الأشرفية، وحضر في مواقفه الشهيرة وفي الفتوحات المكية في داره لما قُرِأت بحضوره بعد تصحيحها على نسخة مؤلفها.

وولع المترجم بفن التصوف وأدمن من النظر فيه، وتلقن ذكر الطريقة القادرية من السيّد محمد علي أفندي الكيلاني ومن أخيه الأمير أيضا واشتهر فضله وصلاحه ونبله وقرأ في داره في فنون متنوعة، وكذا في جامع العنابة في جواره من قسم باب السريجه درسا عاما بين العشائين مدة، وكان محافظا على أوقاته قسمها على الذكر والتلاوة ومطالعة العلم والتأليف وزيارة الإخوان وصلة الأرحام والرياضة وكان له معاد بين العشائين ليلتي الاثنين والجمعة في داره يجتمع عنده فيها بعض مريديه يذكرون الله تعالى  قعودا على العشاء، وكان شديد المحافظة على الجماعة أول الوقت قلَّ أن تفوته إلا أن يغلب عليها لأمر مهم، وكان شديد المحافظة على قيام الليل حضرا وسفرا يطيل القيام والركوع والسجود فيها في ابتهال وتضرع زائد.

وكان مجللا عند الخاصة والعامة محببا للكافة مقصودا لحل المشكلات، سمحا بجاهه، فيه دعابة تشف عن رقة حاشية، وله ذوق عربي بقدر قدر البليغ من الكلام، ويقضي بما حوى من رقة وانسجام، مشربه الحديث الصحيح والعمل به والدعوة إلى التمسك به والحث عليه، ألوفا ودودا متواضعا حسن المحاضرة غزير النادرة وكان لا يجيب دعوة من يعلم أن مكسبه حرام وإن اضطر إلى الحضور فلا يأكل بل يجلس على المائدة ويعتذر بأنه اضطر إلى طعام قبل حضوره، وإن أكل في بعض الأحيان فيتقلل منه ثم يتصدق بقيمة ما أكل، هكذا عادته يتأثر بها بعض الصوفية عليهم الرحمة والرضوان.

وله كتابات حسنة في مسائل فقهية وغيرها كما أن له رسائل لطيفة يتخلل مباحثها شذرات من أصول الصوفية وجمع أخيرا تاريخا في سيرة أخيه الأمير ولم يزل على طريقته المثلى إلى أن ألمَّ بمزاجه مرض أعي نطس الأطباء وأسلم معه الروح الطاهرة صباح الأربعاء 17 ربيع الثاني سنة (1320) وصلى عليه في الجامع الأموي في مشهد حافل، ثم واره جدث الرحمة في تربة الباب الصغير قريبا من المرقد المنسوب لبلال الحبشي الصحابي الجليل رضي الله عنه وأرضاه.

المرجع:

الترجمة هذه ملخصة من كتاب (( تعطير المشام في مآثر دمشق الشام)) لصاحبه علامة الشام سيدي جمال الدين القاسمي رحمه الله ورضي عنه.

تكملة الموضوع

ترجمة العلامة الفقيه سيدي معزوز البحري المستغانمي

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 


العلامة الفقيه سيدي معزوز البحري المستغانمي (في حدود أواسط القرن الثاني عشر).

أوحد زمانه وسراج أوانه، حامل لواء كل فن، وواصل ما ظهر من العلوم  بما بطن، المشار إليه عند كل بالمقام السامي، العلامة الناصح والولي الصالح سيدي معزوز البحري المستغانمي، لم يعرف عندنا بغير هذا من قديم غير أن ما أشهر الله من أمره وأظهر عليه من حلل فضله أغني المُعرف عن التعريف و طرزه بطراز التكريم والتشريف، واشتهر بما ذكره لكون متعبده ومدفنة وما بني عليه كان على جبل بشاطئ البحر بمستغانم، إلى أن أحدث بناء المرسى في البحر من ناحيته فاحتيج للجبل الذي هو فيه فأمر بنقله فنقل إلى مقبرة البلد، ودفن بطرفها الموالي للبحر، وكان نقله في اليوم الأحد سادس عشر شعبان سنة سبعة وثلاث مئة وألف (1307) موافقا 6 ابريل 1890، واجتمع لنقله ودفنه خلائق لا تحصى، وأظهر الله في ذلك المشهد مما يؤذن بجلالة قدرة، ويحق أن يسطر في مناقبه ملا يستقصى، وله رحمة الله ورضي عنه تآليف مفيدة معتبرة بعبارات مبسوطة محررة، وله قوة في الاستظهار وعلى ما يستظهره لوائح القبول والاعتبار، وقفت من تآليفه على شرحه على متن السنوسية، قال في خطبته: "الحمد الله رب العالمين حمدا يليق بجلاله، ويوافي ما تزايد علينا من نعمه وأفضاله، لا أحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه" الخ، وله في هذا الشرح فوائد حسنة رائقة، وتنبيهات مفيدة فائقة، منها قوله في مباحث الحمد " تنبيه صيغة الحمد في الحديث يحتمل أن تكون معنية، ويحتمل أن يكون المراد معنى الحمد، وإن كانت بلفظ الفعل كأحد وأن يكون المراد معنى الحمد وإن لم يكن بلفظه حتى ولو بدأ بالبسملة ونحوها كفاه، ولأجل هذه الاحتمالات توسع الغالب في ذلك" اهـ.
 
 



 ثم قال: "وعدل المنصف عن الجملة الفعلية إلى الجملة الاسمية لفوائد" ...الخ فذكر لذلك ستة فوائد، تعلم بالوقوف عليه ومنها نظمه لمتن السنوسية وهي في غاية البسط والبيان والتحرير والإتقان، ومنها شرحه على متن السلم، أخبرني به من أثق به ممن وقف عليه، و نقل لي بعض عبارته فيه، كقوله "باللفظ أو بالمعنى في مبحث تقديم التصور على الحكم وذلك الأصل والغالب وقد يعكس كما في قول المختصر"جاز الخلع وهو الطلاق بعوض" اهـ... إلى نظائر من هذا القبيل يمثل فيها بالمختصر ثم أنا لم نقف على تاريخ وفاته غير أنه كان في حدود أواسط القرن الثاني عشر بيقين، أو ما في قوته أخذا من القرائن الدالة على ذلك من كلامه وغيره، والله تعالى أعلم وصلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما اهـ، من خط التحرير مفتي مستغانم الحالي.

مصدر الترجمة:

تعريف الخلف برجال السلف لسيدي أبي القاسم الحفناوي ص: 570، مطبعة بير فونتانة الشرقية في الجزائر 1906م.
تكملة الموضوع

ترجمة العلامة الشيخ مسروق محمد بن الحاج عيسى مفتـي الديار الورقلية

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


العلامة الشيخ مسروق محمد بن الحاج عيسى (1887-1976م) – (1304-1396هـ).

وُلد الشيخ سي محمد بن الحاج عيسى في قرية الشط إحدى واحات النخيل في ورقلة سنة 1887م وقد تربى بين أحضان أسرة فقيرة متواضعة حرصت على تعليمه القرآن الكريم في صباه، وما إن بلغ السادسة من العمر حتى تولت أمه رعايته بعد وفاة والده وقد حالفها الحظ والتوفيق حين أعدته طالبا مجتهدا محبا للقرآن والعلم.



علومه وشيوخه:

تعلم القرآن صغيرا على عادة أهل بلده فحفظه على يد الشيخ بلخير باعمر وكذا الطالب عبد القادر الإمام وكلاهما في الشط كما جلس إلى العلامة العبيدي وأخذ عن الشيخ أحمد الزروقي وقد سمحت له لقاءات بجملة من العلماء فأخذ عنهم كالشيخ محمد بن الحاج الحافظ من فلسطين وعبد الله السندي نزيل المدينة وأحمد بن الصديق من آل شنقيط في موريتانيا وكذا الشيخ محمود بن عبد الله الأفغاني وأحمد الطيار ومحمد داود ومحمد بن عبد الله بن دحلان من اليمن كما أخذ عن زمرة من شيوخ العلم في مدينة نفطة التونسية وحضر مجالس الشيخ عبد القادر بن الحاج النعيمي في الرويسات فأخذ عنه علم النحو والبلاغة والفقه كما روى لي قرينه وزميله الشيخ الطالب النوي حقيقة.

ولم يغادر شيخه إلا بعد أن حل بالرويسات الشيخ السكوتي دفين المدينة سنة 1913 م وهو الذي رافقه إلى قصور ورقلة أين استقر بها إلى سنة حجه ووفاته كما جالس الشيخ عبد الله الشنقيطي وكانت للشيخ علاقات ومكاتبات مع جملة من شيوخ العلم والفقهاء أمثال الشيخ سي محمد بن محمد الأخضر محجوبي السائحي والشيخ الطاهر بن العبيدي في تقرت ومحمد الإمام قريشي في نقوسة وكذا شيوخ نفطة في تونس إضافة للعديد من العلماء الذين كانت لهم صلات بورقلة كالشيخ محمد عبد القادر بلعالم والشيخ نعيم النعيمي البسكري وغيرهم.

وقد شهد له جميعهم بسعة علمه، ويروى أن أحد علماء الأزهر الشريف في مصر ناقشه في عدة مسائل وحين وقف الجمع للصلاة قدّمه إماما غير أن الشيخ اعتذر قائلا: " يكفيني توفيق الله لي بالصلاة في الأزهر الشريف ولقائي بعلمائه".

بين العلم واكتساب الرزق:

لم يفارق الشيخ منذ صباه خدمة الأرض واكتساب الرزق وهو الذي وفقه الله أن يجمع بين طلب العلم وتبليغه مع تأمين قوته وقوت أولاده يحكمه برنامج دقيق منتظم.

موقفــه مـن ثــورة التحرير:

حين أُشعل فتيل الثورة كان الشيخ رحمه الله من المباركين لها، ومع أنه كان مهتماُ بتربية النفوس على الإيمان والقرآن إلا أنه ساهم بقدر واسعٍ في إحياء النفوس الجامدة وتذكيرها بواجب الجهاد دفاعاً عن حياض الدين والوطن، وكان المجاهدون على صلة به وقد زارته ثلة منهم غداة الاستقلال فخطب فيهم خطبة ألهبت المشاعر وختمها بقصيدة مطولة قال في مقدمتها:

يا زهرةً قد برزت أنوارها وزهت *** إذ لاحت أنوارها في الكون وانتشرت
يا جبهة الأسد يا جيش تحريرنا *** أبشر ببشرى مـن الرحمن قد ظهرت

وقـد ضايقته فرنسا حين رصدت التحركات من حوله متهمة إياه بجمـع السلاح والتخطيط ضدها مما اضطره للتوقف عن التدريس هروباُ من استجواباتها ومداهماتها المفاجئة.

تلاميذه:

لقد تتلمذت على يدي الشيخ محمد بن الحاج عيسى أمة من العارفين والفقهاء وأهل الله من حملة القرآن الكريم وليس في ورقلة راية علمية أو قرآنية إلا ولها علاقة به أو بأمثاله، ولعل من أبرز تلاميذه الذين حملوا الراية من بعده الشيخ سي الطالب علي عياض الذي ظل متنقلاً بين الرويسات وسعيد وبني ثور إلى أن توفاه الله وكذا الطالب بريقش المخدمي والطالب محمد ناجي والطالب الطيـب باعمر والطالب البخاري بن ساسي، أما الشيخ حمزه خضران فهو أشهر تلاميذه إلا أنه توفي قبله وقد كان من أمنيته أن يصلي عليه الطالب حمزة حين وفاته إلا أن العكس هو الذي حدث رحمهما الله جميعاً ، كما تتلمذ عليه جمع كبير من فقهاء ورقلة بقراها ومداشرها وثلة من الوافدين من ولايات عديدة.

آثاره:

لم يكن الشيخ مهتماً بتأليف الكتب والمصنفات بقدر ما كانت جهوده منصبّة على تأليف الأرواح وتربية النفوس وتعليمها لتكونَ مؤلفات ناطقة وأوراقا متحركة ومع هذا فقد ترك بعض الرسائل والتعليقات العلمية في الفقه والحديث واللغة كما ترك ديواناً شعرياً قارب 1400 بيتاً، وقد يكون له إرث علمي عند ذويه وأحبائه ومعارفه لم يصل الباحثون إليه، وهنا نلتمس من هؤلاء تسهيل مهمة الباحثين بتمكينهم من الاطلاع على مآثر الشيخ.

وفاته رحمه الله:

بعد حياة ملؤها العلم والزهد والورع، حياة زاخرة بالعطاء لقي الشيخ سي محمد بن الحاج عيسى ربه يوم 29 جويلية 1976م الموافق لـ شهر شعبان 1396 هـ حيث خرجت له ورقلة بقراها ومداشرها تودع عالمها وفقيهها ومربيها رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.

وتبقى كلمة:

يموت العلماء والصالحون من أهل الله وتبقى توجيهاتهم وكلماتهم تلوكها الألسن وترعاها العقول ولن يضيرهم ما يحدثه الأتباع بعدهم أو ينسبون لهم من الأقوال والأفعال رحمهم الله ورضي عنهم.


مصدر الترجمة:

كتاب من أعلام الجنوب الجزائري لإبراهيم بن ساسي، موفم للنشر والتوزيع الجزائر- 2011م ص: 122.
 

هوامش:

ورقلة هي واحدة من أهم وأعرق مدن الجزائر تقع في الجنوب الشرقي، تحتل الرتبة 30 في التسلسل الولائي وتضم ثلاث مناطق رئيسية هي وادي مية و وادي ريغ وحاسي مسعود، وتتربع على سطح إجمالي يقدر بـ 163.233 كلم² وتعد من الولايات الكبيرة من حيث المساحة يحدها من الشمال ولايتي الجلفة والوادي ومن الشرق الجمهورية التونسية ومن الجنوب ولايتي تمنراست و إليزي ومن الغرب ولاية غرداية.

وهي من أقدم مدن الجزائر، أتت تسمية ورقلة من السكان الأوائل بها وهم بنو الوركلان أو بنو الورجلان بحيث اشتق إسم ورقلة من ذلك وتعتبر هي عاصمة الواحات قال عنها إبن خلدون أنها باب الصحراء سكنتها قبائل زناتة قبل الفتح الإسلامي، بها أكبر واحة على الاطلاق وهي مدينة تقرت التي سميت بالبهجة نسبتا لواحاتها الخضراء، وظهرت في الولاية دولة قائمة بذاتها وهي دولة بني جلاب التي رفظت الاستعمار الفرنسي وحاربته بقوة ولطيبة سكانها تعتبر قطبا هاما من أقطاب التجارة.
تكملة الموضوع

ترجمة سيدي بهلول بن عاصم رضي الله عنه

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما


الولي الصالح و الشريف الواضح سيدي بهلول بن عاصم نفعنا الله به وبذريته.

اشتهر أنه تلميذ الشيخ سيدي يحي والله أعلم وأنه تزوج بنت الشيخ المذكور وكرامته كثيرة وحال أولاده مع الناس كذلك وقد بدأت بزيارة الذاكر لله كثيرا الفاضل الصالح الفقيه المحلي بحلية القبول سيدي محمد ابن سعيد الشريف البابوري وقد اجتمعت معه حيا وزرته مرتين وقد سمعت أنه تلميذ الشيخ سيدي أحمد بن عبد العظيم وسيدي أحمد هذا كان من المحققين في كل علم و شهد بولايته كل من رآه من أهل عصره وقد سمعت ممن سمع سيدي إبراهيم الحاج البجائي أنه سمع الحيتان في البحر تقول سبحان الله أحمد بن عبد العظيم ولي الله.

وسيدي إبراهيم هذا كان صاحب الوقت زمانه وإني سمعت ممن يوثق بخبره أن السيد أبا القاسم الحاج صاحب قوراية في بجاية رأى السيد إبراهيم في السماء الرابعة بحذاء الشمس مع الملائكة و كفى به وإني سمعت العدل الكامل الصالح سيدي علي بن عبد الرحمن البجائي يقول أنه سمع الفقيه الصالح سيدي يحي الصنهاجي يقول سمعت سيدي إبراهيم هذا يقول لا يقف على قبري شقي وتواتر عنه هذا الخبر وقبره معلوم وذلك داخل السور عند باب ميسور قرب الشيخ أبي حامد الصغير أبي علي المسيلي وسيدي علي بن عبد الرحمن هذا سمعت منه أنه رأى فاطمة الزهراء في النوم رضي الله عنها فقالت له أنت من جيراننا ثم إنه ذهب إلى الحج ومات في المدينة المشرفة ودفن في البقيع بلغنا الله ومن تعلق بنا ببركة جميعهم.

وصلنا قرية أولاد الشيخ سيدي بهلول بن عاصم و فعلوا ما أمرناهم به من الصلح مع أعدائهم وردهم إلى محلهم لأنهم أحرقوهم بالنار وأخذوهم وقتلوا منهم ثلاثين وأولاد الشيخ كثيرون غير أن فيهم من يقرأ القرآن ومن يفهم العلم وكثير منهم على طبع العامة من تقليدهم سيف الفتنة وإحكام العوائد نعم غلب عليهم الكرم ثم بعد زيارتهم وقضاء الحوائج منهم ذهبنا لزواوة، فزرنا أهلها الحي والميت والظاهر والخفي على الجملة إلى أن بلغنا بيت الفاضل الأخ سيدي أحمد الطيب واجتمعنا فيها بفضلاء من الناس اهـ. ورتيلاني.


- نبذة عن زاوية شرفاء بهلول:

زاوية سيدي بهلول الشرفاء تقع بقرية شرفة نبهلول بعزازقة ( 35 كلم شرق ولاية تيزي وزو) بالجزائر، أسّسها سيدي بهلول أحمد الغبريني بن عاصم ما بين القرن السّابع والثامن الهجري.

- نسبه الشريف:

يرتفع نسب سيدي  أحمد البهلول بن عاصم إلى الدوحة النبوية الشريفة وإلى عترة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وهذه شجرة النسب الرسمية:

"هو الولي الصالح شريف النسب سيدي أحمد البهلول بن عاصم بن تاج الدين بن الحسين بن علي بن محمد بن عبد الله بن يوسف بن الحسن بن عبد القادر بن الحسين بن جعفر بن علي بن إبراهيم بن أحمد بن ابو القاسم بن الخسن بن عبد القادر بن ابو بكر بن عبد الكريم بن احمد بن موسى بن علي بن عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الاصغر بن إدريس الاكبر بن عبد الله بن الحسن المثنى بن فاطمة الزهراء بنت سيّدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم".

(من وثيقة أصلية، تم تحرير هذا النسب الشريف في عرش بن غبري في 21 من شهر ذي الحجة من سنة 1308 هجري).

- أصل عائلة سيدي بهلول:

عاصم فذهب إلى عرش بن غبري اين اسس زاوية الشرفاء وذلك في القرن الثامن الهجري ويوجد ضريح أحمد بهلول بن عاصم داخل زاوية الشرفاء.



يذكر المؤرخ الورثيلاني: ( الولي الصالح والشريف سيدي عاصم من السوس الأدنى (المغرب) ثم انتقل إلى الساقية الحمراء ثم على سبع مذابح وفيه انتقل  إلى مصر حيث دخل الجامع الازهر ثم انتقل على مكة المكرمة لتأدية فريضة الحج ثم انتقل إلى مدينة بغداد ثم رجع إلى القيروان فملك في موضع يقال له بئر الفكرون، ثم ارتحل إلى بلاد أحنيف وهو مؤسس لها، فمكث فيها إخدى وعشرون سنة، ثم قال لاولاده ارحلوا على بلاد زواوة فتفرق اولاده في منطقة القبائل، أما إبنه أحمد بهلول بن الواضع سيدي بهلول بن عاصم نفعنا الله به وبذريته، وقد اشتهر أمره أنه تلميذ الشيح سيدي يحي، ويقصد الشيخ يحي العيدلي مؤسس زاوية ثامقرة بآقبو الذي توفي في سنة 881هجرية الموافق لـ 1476م، وقد تزوج أحمد بهلول بن عاصم الغبريني ابنة الشيخ المذكور، ولبهلول الغبريني ثلاثة ذكور هم: أحمد، ويوسف، وأحسن.

- زاوية بهلول ابن عاصم:

ترتبط زاوية شرفاء بهلول مع كامل محيط زواوة وعروشها وخاصة عرش بني غبري وقد اشتهرت أنمها زاوية المصالحة وإصلاح ذات البين وتخصصها في تعليم القرىن الكريم وعلومه المختلفة بالإضافة إلى علاقاتها مع مختلف زوايا المنطفة وخارجها وكثيرة تلك الجماعات تربط بالزاوية في شكل زيارات متبادلة كمنطقة أحنيف بالبويرة وأبهلال، وارتبطت الزاوية في الماضي بالطريقة الرحمانية وأصبحت لها علاقات مع زاوية الهامل ببوسعادة كما أنها تحتفل بمختلف المناسبات الدينية وخاصة عاشوراء حيث يكثر الزوار من مناطق مختلفة.

- المرخل التاريخية لتطور الزاوية:

يمكن وصف زاوية شرفاء بهلول عبر أربع فترات كما يلي:

01) سنوات من 1600 إلى 1750م:

هذه السنوات تتميز بالإستقرار وتنمية الزاوية المُسَيرة من طرف أبناء أحمد البهلول بن عاصم بعد وفاته تتميز بعلاقات جيّدة مع قرى عرش آيت غبري وزوايا المنطقة، وفي حالة النزاعات والخلافات بن القرى، مُسيِّري زاوية شرفاء بهلول بن عاصم يتدخلون للعب دور المصالحة وفض النزاعات الذي يعتبر من مهامها الأساسية.

كانت زاية شرفاء تأوي ما يقارب 120 طالب في هذه الفترة، وهي عامرة دائما من خير مايوفره ابناء واحفاد سيدي بهلول الغبريني وعن ذريق المحسنين أثناء الزيارات كما تملك بعض الاوقاف المتمثلة في اراضي فلاحية وأشجار زيتون وغيرها.

زاوية شرفاء بهلول تمد القرى المجاورة بالأئمة معلمي القرآن والصلوات ومبادئ العربية والدين.

02سنوات من 1750 إلى 1830م:

 هذه الفترة غير مستقرة وكثيرة الاضطراب يسودها خلافات ونزاعات باستمرار بين العروش وبسلطة تكاد تكون مفقودة، في هذه الفترة اجتمع أعيان القبائل في جمعة الصهريج بعرش آث فراوسن لإيقاف الفتنة والحروب بين الأعراش قرروا إيقاف ميراث المرأة مما أدى إلى إسقاطه وذلك في سنة 1767م.



03) الفترة الإستعمارية 1830- 1953م:

من ابرز شيوخ الزاوية الين تركوا بصماتهم في هذه الفترة نذكر الشيخ أخداش بوعيدل والشيخ صالح الجزائري والشيخ ابو يعلى والشيخ الحسن والشيخ الحاج شريف والشيخ الطذاهر أوهندو والشيخ محمد السعيد والشيخ القاضي امسيس بن صدوق والشيح موح والشيخ عشابو والشيخ الصديق أبسكري والشيخ بلقاسم تاخوخت والشيخ رزقي والشيح محند سليمان من بني دوالة والشيخ العربي بن عيسى الذي سماه الشيخ عبد الحميد بن باديس بالقمقوم نظرا لبراعته في علوم اللغة العربية والشيخ عبد القادر زيتوني من برج بوعريريج.

الشيوخ والأئمة الذين تعاقبوا على الزاوية أثناء الثورة المباركة:

من أهم الشيوخ أثناء الثورة التحريرية 1954-1962م الشهيد عبد الحفيظ والشيخ وعلي بالخامسة والشيخ بعزيز قازو والشيخ حند أومحند عدنان.



يذكر الشيخ أوبلقاسم رحمه الله الذي كان مُسُّيرا للزاوية والمعروف بلباقته ورزانته وتواضعه، يذكر أن الجنود الفرنسيين احتلوا زاوية شرفاء أثناء الثورة وعبثوا بكتبها ووثائقها وحولوها على مركز عسكري وذلك سنة 1956م ولكنهم اضطروا على مغادرتها وذلك بسبب مقتل جنديين فجأة واحد لسعته عقرب والثاني سقط من البناية – الصومعة-.

أثناء الثورة التحريرية كانت مداخيل الزاوية تُجمع وتُحول إلى قيادة الثورة تدعيما لها حتى الاستقلال، كما ساهمت زاوية الشرفاء بهلول في الثورة التحريرية، وسقط في في ميدان الشرف مجموعة من الشهداء من طلبتها الذين لبوا نداء الجهاد لنصرة الإسلام والوطنية.

04) فترة الإستقلال:

بعد الاستقلال مباشرة تم إعادة فتح زاوية بهلول مجددا واشرف على ذلك الشيخ وعلي بلخامسة وإلتحق بها بعض أبناء القرية وبعض أبناء القيادة الثورية.

أما الشيوخ والأئمة الذين تعاقبوا على الزاوية بعد الإستقلال فهم:

1-    الشيخ وعلي بلخامسة
2-    الشيخ بعزيز قاز
3-    الشيخ أرزقي طهراوي
4-    اعلي جمعة
5-    الشيخ أحمد أيت يسعد
6-    الشيخ أعلي الصدقاوي
7-    الشيخ أحمد اليسعادي
8-    الشيخ أعلي السطايفي
9-    الشيح محند أوبلقاسم

ساهمت سمعة الزاوية ومكانتها في تزايد عدد طلبة القرآن الكريم من جميع أنحاء الوطن، علاوة على دور الصلح الذي تقوم به سواء بين مواطني القرية أو خارجها، وفي بداية السبعينات تحولت الزاوية إلى مدرسة للتعليم الأصلي والشؤون الدينية حيث وصل عدد المتمدرسين إلى أكثر من 250 طابا يؤطرهم عشرة أساتذة معظمهم من الأزهر الشريف، سليمان خميس جمعة، اعلي الشيخ كمال وإبراهيم والشيخ صابر.

قبل أن تعود على صورتها الأولى كزاوية لتعليم القرآن بعد غلق مدارس التعليم الأصلي سنة 1980م، عانت زاوية سيدي بهلول بن عاصم من ويلات الإرهاب حيث تم مهاجمة شيخها الفاضل الحاج محند اوبلقاسم رحمه الله في 5 جوان 1994م الذي نجا من الموت إلا أن العملية الجبانة خلفت مقتل نجله الذي تدخل لنجدة والده، كما تمت مهاجمة الزاوية مرة أخرى وذلك في 31أوت 1994م حيث تم تخريب مكتبتها وسرقتها بالإضافة إلى مواد غذائية وغيرها مخصصة لطلبة القرآن الكريم، إلا أن تعليم القرآن الكريم لم ينقطع في هذه الزاوية منذ إعادة فتحها بعد الاستقلال.


أما في شهر رمضان المعظم فإن للزاوية برنامجا خاصا، حيث يتم تقديم دروس الوعظ والإرشاد يوميا، كما يتابع حوالي 200 طفل من القرية بين الذكور والإناث تعلم القرآن الكريم في نهاية شهر رمضان المعظم ينظم مُسَيِّر الزاوية حفل تكريم على شرف الأطفال الصغار تشجيعا لهم على الإقبال لحفظ القرآن الكريم.

الشرفاء في 16/ أفريل/2012م.
مصدر الترجمة

موقع زاوية سيدي بهلول بن عاصم – شرفاء – عزازقة.
تكملة الموضوع

ترجمة سيدي أبو القاسم محمد الحفناوي صاحب كتاب تعريف الخلف برجال السلف

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

ترجمتنا اليوم هي لأحد ألمع وأبرز العلماء الأجلاء الذين أنجبتهم بلدة الديس بسيدي إبراهيم التابعة لحاضرة بوسعادة التي تقع على بعد 242 كلم جنوب العاصمة الجزائرية، إنه العلامة الشيخ العارف بالله الأديب النحوي الأستاذ اللغوي المؤرخ سيدي أبو القاسم محمد الحفناوي بن سيدي إبراهيم الغول، صاحب الكتاب المشهور" تعريف الخلف برجال السلف "، كتبها تلميذه - الذي كان ملازما له طيلة إقامته في العاصمة - المؤرخ الجزائري الكبير العلامة الشيخ " عبد الرحمان بن محمد الجيلالي " - رحمه الله و نفعنا بعلمه – في كتابه القيم " تاريخ الجزائر العام " في قسم : من مشاهير الجزائر ( ج : 4 ،ص : 425-435 - الطبعة السابعة 1415 هـ/ 1994م - ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ).



أبو القاسم محمد الحفناوي (12661360 هـ 18501942 م).

شيخنا العالم المحقق الفهامة المدقق الأستاذ أبو القاسم محمد الحفناوي بن الشيخ بن أبي القاسم الملقب والمعروف بابن عروس بن الصغير بن محمد – بفتح الميم – المبارك الديسي يتصل نسبه بولي مدينة ( بوسعادة ) صاحب الضريح الشهير بها سيدي إبراهيم ( الغول ) و أمه السيدة خديجة بنت الشيخ العالم الأصولي المدرس محمد المازري الديسي.


ولد قدس الله روحه بقرية ( الديس ) قرب مدينة بوسعادة حوالي سنة 1266هـ/1850 فنشأ في حجر والديه الأكرمين فحفظ القرآن الحكيم ووعاه عن ظهر قلب عن الشيخ الصالح العالم الشاعر محمد بن عبد الرحمن ( البصير ) الديسي، ولقد كان كل من أقربائه وذويه يحفظون القرآن الكريم مع ما لابد منه من علوم الدين وقواعد اللغة، أما والده فكان من أعيان علماء عصره في اللغة والأدب و الفقه والتوحيد وإليه كانت المرحلة في طلب النحو والصرف والتوحيد والمنطق والفقه والحساب وعلوم البلاغة والعروض، فعنه كانت تؤخذ هذه العلوم كلها بتلك الأصقاع، استدعي للتدريس بمختلف زوايا البلاد ومعاهدها الدينية، وتخرج على يده عدد وافر من الطلبة انتشر صيتهم ما بين قسنطينة إلى سوف ومن نفطة إلى الأغواط، ومنهم الشاعر المؤلف الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسي الكفيف، ثم انقطع في بيته مشتغلا بكسب عيشه بطريق الزراعة وتربية الماشية و تعليم أبناء الناحية مع أولاده الذين كان منهم ولده مترجمنا شيخنا الحفناوي.

أخذ الحفناوي مبادئ العلوم عن والده وكان ذا قريحة وقادة مع سرعة في الحفظ حتى أنه كان في بعض الأحيان يحفظ الصفحة من الكتاب من مطالعتها مرتين في الوقت فقط ، ثم ارتحل بإذن والده إلى الاتصال بمشيخة كبار معاهد العلم والزوايا الشهيرة في وقته، فنزل بزاوية طولقة من ولاية بسكرة واتصل بشيخها الحفناوي بن الشيخ علي بن عمرو مؤسس الزاوية، وهو من تلامذة والد المترجم له.


 فأخذ عنه وعن الشيخ مصطفى بن عبد القادر ما عهد تدريسه بالزوايا يومئذ من علوم الشريعة والأدب ومكث هناك أربع سنين، ثم انتقل منها طلبا للاستزادة من تحصيل العلم بالتلقي عن الرجال فنزل بزاوية الشيخ ابن أبي داود بتاسيلت في بلد آقبو من أرض زواوة قضى بها ثلاث سنوات أخذ فيها علوم القرآن الكريم مع دراسة الفقه والفلك على الشيخ محمد الطيب بن أبي داود الزواوي، ثم عاد إلى بوسعادة والتحق بزاوية الشيخ البركة محمد بن أبي القاسم الشريف الهاملي فجاور بها سنتين أخذ فيهما التفسير بالحديث الشريف عن مؤسس زاوية الهامل نفسه وكل من هؤلاء المشائخ المذكورين أجاز مترجمنا بإجازة تشهد لصاحبها بالتحصيل مع الإذن له في التعليم ، ثم انقطع إلى أسرته بالديس عاكفا على المطالعة والبحث مع تحقيق المسائل وتصحيحها على والده وعلى الشيخ محمد الصديق الديسي ...

وفي هذه الفترة ( 1293هـ/1876م ) حضر لديهم العلامة الإمام الشيخ محمد المكي بن عزوز جاء من تونس كعادته ليزور جده لأم ( الشيخ بن عروس ) الذي هو والد الشيخ الحفناوي فانتهزها شيخنا فرصة سانحة فأخذ عن ابن أخته علم الربع المجيب بأرجوزته التي وضعها في هذا الفن المسماة بـ ( الجوهر المرتب في العمل بالربع المجيب ) مطبوعة و قد قرأناها عليه وأمرني بشرحها فكتبت عليها شرحا وافيا ولم تكن مشروحة من قبل إلا ما كتبه واضعها حول تراجم أبوابها فيما أسماه " التقرار المهذب في حل تراجم أبواب الجوهر المرتب " مطبوع وما أخذ عنه أيضا علم العروض مع أشياء أخرى و فوائد كثيرة.

وسألته يوما عن الدافع الموجب أو الباعث السعيد الذي كان سببا في انتقاله عن إقامته في مسقط رأسه ( الديس – بوسعادة ) إلى سكني العاصمة ؟.. فقال لي يا ولدي إنني لما كنت بقريتنا الديس كنت مشغوفا بمطالعة الكتب وأختار منها ما تميل إليه نفسي ويشتهيه خاطري، وكان فيما طالعته هناك وختمته مرارا كتابان جليلان، وهما " كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون " لحاجي خليفة و الثاني هو " مقدمة ابن خلدون "، قال: فأعجبت بهما معا غاية الإعجاب وملكا علي حواسي فاشتدت رغبتي في تحصيل العلم وتاقت نفسي إلى البحث عمن يحسن من العلماء ما احتوى عليه هذان الكتابان من معارف، فقلت إن ذلك لا يوجد إلا في العواصم، فهذا ما دفعني إلى شد الرحل إلى مدينة الجزائر باحثا عن عالم بصير بما هنالك ...

ونزل أستاذنا الحفناوي العاصمة سنة 1300هـ/1883م  يحمل معه كتبا في فنون من علم المعقول وكان من بينها كتاب للجغميني الفلكي في علم الهيئة ( مخطوط ) وصحب معه آلة الإسطرلاب وأخذ يبحث عن علماء عاصمة الجزائر، فدل على دكان الوجيه المرحوم سيد علي ابن الحداد ، وكان متجرا تلتقي فيه النخبة العلمية بالعاصمة في ذلك التاريخ فذهب إليه وبيده آلة الإسطرلاب الذي أحضره معه يوم أن جاء من ( الديس ) فاجتمع ببعض من حضر في ذلك الوقت من العلماء و تباحث معه في شأن الإسطرلاب فلم يجد عنده علما بهذا الشأن فسقط في يد الشيخ ..

وفي العاصمة تعرف إلى فئة طيبة من العلماء كان منهم الشيخ علي بن الحفاف المفتي المالكي ومدرس الجامع الكبير وإمامه الأول الشيخ محمد القزادري والأستاذ الشيخ حسن بريهمات مدير المدرسة، فاقترح عليه هذا الأخير ليكون في صف إخوانه أساتذة المدرسة معلما، وكان الشيخ القزادري المذكور منهم، فامتنع شيخنا من ذلك وقال: إنما جئت طالبا للعلم متعلما لا معلما، ولكن الجماعة رأت فيه الكفاءة التامة ليؤخذ عنه العلم فألحت عليه وأكدت في اقتراحها هذا حتى نزل عند اقتراحها وتقلد منصب التدريس بالمدرسة، وأقبل عليه مديرها حسن بريهمات معجبا بعلمه وأدبه و حسن أخلاقه وتصدى الشيخ لبث معارفه بين صفوف التلاميذ ولم تزد مدة ذلك عن خمسة أشهر فتوفي المدير حسن بريهمات رحمه الله فرثاه شيخنا على قبره بأبيات من الشع، ثم غادر المدينة عائدا إلى مسقط رأسه ديس بوسعادة، وفي ذلك نراه يروي لنا قصته هذه بنفسه في كتابه الحافل " تعريف الخلف برجال السلف " فيقول:

" لما ساقتني الأقدار إلى الجزائر كان المرحوم – حسن بريهمات - أول من ضمني إليه وأطلعني على غثها وسمينها، و قد جئتها طالب علم علمائها وزيارة أهلها فأغناني عن إحيائها بما عنده في المدرسة الدولية وكان رئيس إدارتها إلى أن توفي رحمه الله يوم 10 جمادى الأولى سنة 1301 هـ مأسوفا عليه .... " (1).

وما كاد الشيخ يستقر مطمئنا بين أهله و ذويه في الديس حتى فوجئ بدعوة رسمية جاءته من الولاية العامة بالعاصمة تدعوه إلى الالتحاق بمركز الإدارة بالجزائر، فعاد الشيخ إلى العاصمة من غير أن يدري السبب، فلما عاد (1301هـ/1884م) قدم للتحرير بإدارة جريدة المبشر الرسمية في مكان الوطني الغيور المرحوم الشيخ أحمد البديوي، فكان هذا مما دفع بشيخنا أيضا إلى درس اللغة الفرنسية والإطلاع بها على العلوم العصرية مع مشاركة وإلمام بالتقنيات، وكان شيخه فيها كما يقول هو: العالم المستشرق ( أرنو) رئيس المترجمين بالإدارة، فاعترف له الشيخ بهذا الجميل وذكره في كتابه الخالد " تعريف الخلف" فقال:

" هو شيخي في العلوم العصرية ومعلمي اللغة الفرنسوية، ومساعدي على طلبها، وبتربيته العقلية والعلمية ارتقيت إلى درجة أفتخر بها على أبناء وطني، ونلت منه معارف كثيرة لأنه - أحسن الله إليه - كان لا يتكلم إلا لحكمة ولا يسكت إلا لها، وهو الذي علمني التواضع القلبي والترفع القالبي على أهل الكبرياء، فلله دره من شيخ حكيم .... لازمته في جريدة المبشر وكان مديره وأنا كاتبه مدة اثني عشر عاما ...." (2)

وعندما اشتغل أرنو هذا بترجمة فصل ( فن التصوف ) من كتاب "سعود المطالع" لعبد الهادي نجا الأبياري وعمل على نقله إلى اللغة الفرنسية، كان شيخنا يساعده على شرح النصوص الصوفية التي جاء بها المؤلف وقد صدر هذا البحث منشورا باللغتين العربية والفرنسية - الجزائر - سنة 1305هـ/1889م.

ولقد بلغ من شدة تعلقه بالتقنيات والفنون العصرية أن كان هو أول من امتلك من المسلمين بالعاصمة آلة الفونوغراف أو الجهاز الحاكي - بالجزائر فكان بذلك أول بيت لمسلم جزائري سمع فيه صوت الحاكي، هو بيت الحفناوي، وتزوج الشيخ من أسرة جزائرية فأنجب ذكرا واحدا و ثلاث بنات ...

ومن شدة توقانه إلى حب الإطلاع على مستحدثات الأشياء والمخترعات الحديثة أنه كان كثيرا ما يتردد على الأسواق العمومية حيث تباع فيها الأشياء القديمة أو ما استغنى عن استعماله من الأجهزة البالية فيشتري منها الشيخ هاتيك الآلات والماكينات الخفيفة ويأخذ في فحصها بتفكيك أجزائها كلها ثم يحاول بنفسه تركيبها ثانيا وردها إلى ما كانت عليه من قبل ولا عليه بعد ذلك فيما إذا وفق إلى غرضه أم لم يوفق، كل ذلك حبا في الاطلاع والمعرفة و كان إلى ذلك شغوفا بفن الرسم والتصوير، ومعجبا مغرما كذلك بما جاء به فطاحل رجال التصوف الإسلامي وأعيان علمائه من آراء فلسفية وأفكار غريبة عجيبة، فكان يقدمها لنا بكل احترام ويشرحها شرحا دقيقا حسبما يبلغ إليه فهمه ويكل ما غمض منها إلى الله ولاسيما منها آراء ابن عربي في فتوحاته والدباغ في الإبريز فقد كان له ذوق ممتاز وخاص به في فهم كلامهما وشرحه، وهذا يقرب لما حكاه محمد رشيد رضا على الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده فقال: قد أخبرني أن كتاب الفتوحات المكية عنده كتاريخ ابن الأثير، لا يقف فهمه في شيء منه، ( تاريخ الأستاذ الإمام ج 1 ص 126 ط القاهرة 1350هـ/1931م ) وعلق على كلام الإمام هذا بقوله: لأن لغوامضها مفتاحا من علمه لا يخفى عليه شيء منها.

وفي سنة 1314هـ/1897م شغر منصب التدريس بالجامع الكبير في العاصمة فتقلده الشيخ بالإضافة إلى عمله الإداري وشرع من حينه في تدريسه علوم الشريعة والأدب، فاقرأ الفقه والتوحيد والنحو والصرف والحديث واللغة والمنطق والفلك والحساب وأخذنا نحن ذلك عنه، و كان وئيدا في إلقاء الدرس لا يتسرع كثيرا متعمقا في البحث مع كثير من التأمل ولما توفي المفتي المالكي الشيخ محمد أرزقي ابن ناصر توجهت الأنظار إلى الشيخ الحفناوي ليتولى هذا المنصب الرفيع فتجاف رحمه الله عنه تخلصا من عظم مسؤوليته السياسية والإدارية والدينية أيضا كما اخبرني بذلك هو عن نفسه، وأخيرا وقع الإجماع على تعيينه فقبله ولم يرفض (1343هـ/1925م).

وتهاطل يومئذ على الشيخ كثير من رسائل التهاني و المدح – نظما و نثرا - وفيها ما نشرته الصحف والمجلات ... ومنها هذه القصيدة التالية التي وردت على صحيفة النجاح - القسطنطينية - الجزائر - من القاهرة فنشرتها في عددها الصادر يوم الجمعة 10 جويلية 1925م.

قالت الصحيفة : تهنئة من القاهرة

وردت علينا القصيدة البليغة الآتية لحضرة العلامة الأرفع صاحب الإمضاء في تهنئة فضيلة الشيخ المفتي بالعاصمة الشيخ الحفناوي و قد عزمنا على أن نجعلها آخر تهاني الشيخ إذ هي جديرة بأن تكون خاتمتها و هاهي بلفظها الشائق و إحكامها الفائق:

إن بالغ الناس في الإطراء أو خطبـــوا *** فما يفي بعلاك المدح و الخطب
ترنو العلى لك من وجد و من شغف *** فأنت أنت فتاها الحاذق الأرب
بصرت فيك من الحسنى بأربعــــــة *** الحزم و العزم والإنصاف والأدب
فلم نجدك طروبا عند معضلـة *** و لم تنل منك أخطار و لا ريب
ولم تزل عون مضطر يحيق به *** مستهدفات الأذى و الظلم و النوب
وذا انتصاف له من ظالميه بما *** يقضي ذكاؤك و القانون و الكتب
قسطاس عدلك في الأشياء معتدل *** ومن سنى وجهك الأقمار تكتسب
لو خالك البدر يوما لانثنى خجلا *** و قال مندهشا سبحان من يهب
لله درك فـــردا في شمائلــــه *** ذا رقة تتهــادى مدحــه النجب
يهل شخصك في إنسان باصرتي *** فيستفزني الإعجاب والطرب
سمــوت للمجـد وثابـا بفاضلـــة *** تبارك الله نبــل زانــه حســــب
سلالة "الغول إبراهيم" من وجدت *** فيه الكفـــاءة للافتــا كمـا يجـب
رحب الجناب جمال العلم أجلسه *** على بساط الهنا والعز لا النشب
سمت فضيلة (حفناوي) بنيل منى *** كما سما في السماء السبعة الشهب
فللجزائـر أن تهنـا بخيـر فتــى *** لقد توفــر فيــه الشرط والسبـب
فما بال أبنائها باتوا على ظمأ *** بما عليهم إذا من بـحره شربوا
هذا أوان حياة الروح فاغتنموا *** أرقى حياة فمحيي الروح محتسب
ما الجسم إلا بروح العلم معتبر *** جسما وإلا فمن أفراده الخشب
بدار إفتائه لأوذوا بني وطني *** فما على بابه المفتوح محتجب
يقضي و يمضي على أسلوب مذهبه *** كأنـه ( مالك ) يا حبـذا اللقــب
ألم يكن سيدا من معشر شرفت *** عجانهم للعلى يسمو بهم نسب
آثاره لم تزل في الكون مشرقة *** و من سنى شمسه قد زالت الحجب
وجاء وقت الهنا و الناس في جذل *** و ليس فيهم لفرط الوجد مكتئب
وفي الجزائر عم البشر و انتشرت *** كتب التهاني فلبى العجم والعرب
ومن قسنطينة جاء " النجاح" وفي *** أبهى صحيفته المشهورة الأرب
فضل النجاح عظيم ليس بنكره *** قراؤه ما نأوا دارا و ما قربوا
لولاه ما نهضت من(مصر)بنت حجا *** و لا أخلت (بنيل) ماؤه ضرب
من أزهري بدت تختال في حلل الــــ *** بهــا و في مجلس الآداب تتئب
فللجزائر ما تحتـــاج مــن أدب *** لقد تأتى لها ممن أتى الطلب
فكم إلى وصلــه تاقـت متيمــة *** وكم تمنت و نار الوجد تلتهب
آمالنا فيك أن تسعى بخدمتهــا *** فنحن أبنــاؤها حقا و أنت أب
وانظـر لأم تلاشى مجدها هـدرا *** فمـن لإحياء هذا المجد يرتقب
إن لم تكن همة المفتي فلا أحد *** يسعى لإحياء ما أودت به الحقب
ولا تـــدع أمــة ماتت معارفها *** على ذهاب تليد المجد تنتحب
حتى فشى الجهل في أبنائها وغدا *** يسطو عليهم و حق العلم مغتصب
فانهـض إلى رده رغمـا لمغتصـب *** حقـــا بواسطـــة التعليــم يجتلب
وبث في أمة علما تسود به *** فوصمـــة الجهل في أبنائها وصب
بنو الجزائر هم أبناؤكم أدبــــا *** لســان (تعريفكم) في مدحهم ذرب
إن لم تبرهن على ما فيك نعهده *** فكيــف يطمع في الإتيان مغترب
هذي مراتبكم تسعى لنحوكموا *** مثــل الكواكب للأفلاك تنتسـب
تبوأت منك فضلا فاستطاب لها *** نعم المناخ و نعم المنزل الرحب
فاليوم قد زنتها لما وصفت بها *** موافيا لما به في الناس تلتقب
فأقبل تهاني قلبي دمت مرتفعا *** يا من تعز به الألقاب والرتب

الحسين بن أحمد البوزيدي أحد علماء الأزهر بمصر

ولكنه رحمه الله كان يتفادى بقدر ما تسمح له الظروف مباشرة تسيير الأعمال الإدارية المرتبطة بهذه الوظيفة الشريفة و بذلك أصبح يشغل وظائف ثلاثة، و ما رأيته منذ تولي هذا المنصب وقف خطيبا على منبر الجامع – مع ملازمتي له من قبل التولية إلى وفاته – إلا مرة واحدة فقط، وكان ذلك بإلحاح منا نحن التلامذة فإننا لم نره تقدم إلى المحراب إماما إلا في هذه المرة فصلى الجمعة فقط و هكذا دأبه دائما إذا حضرت الصلاة قدم أحد تلامذته ليؤمنا جميعا في الصلاة ...

وسألته يوما هل تعرف إلى الشيخ محمد عبده واجتمع به يوم أن زار الأستاذ الإمام الجزائر سنة 1903 م... فقال لي نعم بل أنا أول جزائري تشرف بالاجتماع به والتعرف بحضرته إطلاقا، وساق لنا قصته يومئذ حينما كان قائما بمهمة إدارية بفرنسا في مكان مشرف على بحر المانش - نسيت إسمه - قال وعندما انتهيت من تأدية المأمورية التي كلفت بها من طرف الإدارة الجزائرية وأخذت في العودة إلى وطني (صيف سنة 1903م) صادفت وأنا على ظهر الباخرة شيخا وقورا تلوح عليه أنوار المعرفة في مظهر شرقي، رأيته منفردا بنفسه في ناحية من الباخرة، فقلت في نفسي هذا رجل مشرقي غريب يقصد الجزائر، فلا بد لي من أن أقوم بحق الضيافة فأذهب إليه لأزيل عنه وحشته على الأقل، فتقدمت نحوه وسلمت عليه فرد السلام فعلمت أنه مسلم وتحادثت معه في شتى المواضيع حديثا عاما إلى أن خضنا في نشأة هذا الكون العجيب وما اشتمل عليه من معجزات ... وفي أثناء الحديث سقت الآية الكريمة «..أولم ير الذين كفروا أن السموات و الأرض كانتا رتقا ففتقناهما الآية ...»  وسألت صاحبي عن فهمه لهذه الآية الشريفة ؟ ... فاندفع يتكلم عنها من نواح شتى ... إلى أن رأيته وضع كفه على أختها فضمهما إلى بعضهما ثم فصلهما و قال لي : كانتا هكذا فصارتا هكذا ...

فقلت في نفسي لعلا محمد عبده !... وقد كنا قرأنا في الجرائد وأن الأستاذ الإمام هو عازم على زيارة الجزائر وتونس في هذا الصيف، فقلت له: ألستم فلان ؟ فقال نعم، فحصل التعارف بيننا على مائدة القرآن، قال وحينما اقتربنا من الساحل وحان النزول من الباخرة اتفقنا وتواصينا على كتم هذا اللقاء وهذا التعارف الحاصل بيننا نظرا إلى ما كان يحوم حول الشيخ من الدسائس السياسية التي أثارها حوله بعض خصومه بمناسبة زيارته هذه إلى المغرب العربي حيث بعثوا برسائل من الإسكندرية ومصر إلى حكومة الجزائر يحذرونها مما عسى أن ينشره الأستاذ الإمام من الأفكار الحرة بين شعوب المغرب العربي، ولقد خشي شيخنا الحفناوي يومئذ من أن تضايقه السلطة الحاكمة بالجزائر بسبب هذا الاتصال الذي وقع بينه و بين الإمام، فآثر كل منهما كتمان هذا اللقاء حتى لا يقع شيخنا في حرج، وكان الأمر كذلك فافترقا في الميناء وكل واحد منهما نكرة من النكرات عند الآخر، ثم كان اجتماعهما ولقاؤهما بعد ذلك في المدينة فيما ظهر للناس جديدا، وفعلا ذكر لنا من كان يحضر مجالس الإمام عبده في الجزائر أنه كان محاطا برجال الجوسسة السرية حيث ما حل وارتحل، وهم يضبطون إسم كل من يلوذ بالإمام أو يتصل به، ولقد كان الشيخ عبده رحمه الله برا صادقا حين قال قولته المشهورة عنه في السياسة :... « فإن شئت أن تقول أن السياسة تضطهد الفكر أو العلم أو الدين فأنا معك من الشاهدين أعوذ بالله من السياسة».

وفيما يرجع إلى نشاطه في ميدان التأليف نراه مؤلفا بارزا وكاتبا لامعا فيما حرره في كتابه الحافل، "تعريف الخلف برجال السلف" من جمعه لتراجم طائفة من علماء الجزائر وخيرة أدبائها الأبرار الذين لولاه لما عرفهم تاريخ الجزائر ولذهبت عنا أخبارهم مع الأيام، ولولاه أيضا لضاع منا كثير من تاريخ الحركة العقلية بالجزائر في العصر الحديث.



 والكتاب مطبوع في العاصمة في جزأين سنة 1324 - 1327 هـ / 1906 - 1909م وذكر لي أنه كتبه كله وهو عن طهارة كاملة إلى حد أنه كان يقلل جهده من شرب الماء حتى لا يضطر إلى النهوض عن العمل لاسباغ الوضوء، كما أنه ترجم عن الفرنسية - بمشاركة ميرانت - كتابا في تدبير الصحة للحكيم (دركل) واسمه كتاب "الخير المنتشر في حفظ صحة البشر"، طبع بالجزائر سنة 1326 هـ / 1908 م، وكتاب "القول الصحيح في منافع التلقيح" وكتاب "الحكيم (ريسر) فيما يتعلق بتربية النحل واستثمار العسل"، أسماه "رفع المحل في تربية النحل"، وكلاهما مطبوع بالجزائر في مطبعة فونطانا بدون تاريخ، وله مقالات في الأدب والسياسة والاجتماع وبحوث علمية كثيرة صدرت بجريدتي المبشر وكوكب افريقية، و له مقطوعات شعرية نظمها في مناسبات وأغراض مختلفة.

وله من غير المطبوع كتاب "المستطاب في أقسام الخطاب" و"غوص الفكر في حروف المعاني" وهو رجز مشروح بقلمه أسماه "صوغ الدرر على غوص الفكر" و"أرجوزة" له أخرى نظمها في جغرافية ابن خلدون و بحثه حول الأقاليم السبعة الخ...

وهذه قطعة نثرية موجزة نسوقها كنموذج لإنشائه العلمي الرشيق و أسلوبه في بحثه الفلسفي الدقيق، فلقد جاء مستدلا فيها على واجب الوجود سبحانه بطريقة منطقية عجيبة مرتكزا فيها على الظاهرة الطبيعية: ( الرعد ) ومنطلقا من صوته فقال:

كون الرعد اسما لمسمى موجود أمر يعترف به كل ذي سمع حتى الحيوان البهيم، ولكن ما هو هذا المسمى الذي لا شك في وجوده وله في كل لغة اسم معلوم ؟ ... فهل هو الصوت القوي ؟ أو هناك مصوت هو صاحب الصوت ؟ ... لا أحد من أهل العقول يسلم بأن الصوت يصوت، فلزم أن هناك مصوت، وحينئذ يقال ما هو هذا الصوت ؟ ... قال أهل الوقوف عند الحس هو اصطكاك السحاب، وقال أهل الكهرباء هو اجتماع موجبها بسالبها، و قال أهل الدين هو ملك أي جسم نوراني عاقل لا تدركه الحواس يسوق السحاب بسوطه وهو البرق، ويزجره بصوته وهو الرعد.

إذا تأملنا في الصوت وجدناه دليل الحركة مباشرة و دليل الحياة والحرارة والنور بواسطتها، إذ لا وجود للحركة بدون صوت، ولا صوت بدون حياة، ولا حياة بدون حرارة، ولا حرارة بدون نور، فالنور دليل الحرارة، والحرارة دليل الصوت، والصوت دليل الحركة، والحركة دليل الحياة، والحياة دليل الوجود، والموجود دليل الموجد - بفتح الجيم - والموجد دليل الموجد – بالكسر- والموجد هو غير الموجد من كل وجه، فليتأمل وليعلم أن الرعد صوت حركة حار مستتر حي هو الذي نسميه نحن ملكا، وهو الاسم الديني ولا علينا في من سماه بغير ذلك من الألفاظ الاصطلاحية التي ليس تحتها من المسميات إلا ما لا طاقة للعلم بتفسيرها... منقولا من خطه.

وخلاصة ما يقال عن أخلاقه الدمثة وسجاياه الكريمة رحمه الله فكأنما هي سبكت من الذهب المصفى نبلا وكرما وأريحية ومروءة ... وما رئي يوما محتدما أو غضبانا فكان لا يعرف للغضب ولا للعتاب أو التعنيف لفظا ولا معنى، وكان فيه من خصال النبوة كما يقول ابن عباس رضي الله عنه - حسبما جاء في الموطأ : القصد و التؤدة وحسن السمت ...

وأما عن خلقته الطبيعية وصفاته الذاتية فإنه كان تام الخلق قوي البنية أبيض البشرة، ريان المفاصل جميل الشيبة، من أجمل الناس صورة وأكملهم خلقة، وآنقهم شكلا وأحسنهم هيئة و سمتا، و في آخر حياته أبتلي رحمه الله بما أبتلي به كثير من العلماء الأعلام من مرض الشلل فهذا الجاحظ، و هذا ابن دريد، وهذا ابن عبد ربه، وهذا ابن أخته العلامة محمد المكي ابن عزوز، وهذا ناصيف اليازجي ... كلهم نراه قد شكى هذا الداء العضال داء الفالج أو الشلل و كذلك وقع لشيخنا رحمه الله، و بعد ما أصابه الداء وايس من العلاج ارتحل من العاصمة إلى مسقط رأسه بقرية ( الديس ) وهناك قضى بقية أيام حياته سقيما صابرا إلى أن توفاه الله الجمعة 21 ذي الحجة سنة 1360 هـ / 10 جانفي 1942 م ودفن إلى جانب أبويه بمقبرة الديس في بوسعادة تغمدهم الله برحمته.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تعريف الخلف برجال السلف ج 2 ص 113 الجزائر 324هـ/1906م
(2) تعريف الخلف برجال السلف ج 2 ص 401

للترجمة مصادرها ومراجعها.
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |