بسم الله الرحمن الرحيم
اللّهمّ صلّ وسلّم على سيّدنا محمّد وآله وصحبه صلاة أهل السموات والأرضين عليه وأجر يا ربّ لطفك الخفيّ في أموري والمسلمين.
مخطوط شرح (النفحات القدسية) أو"أنيس الجليس في جلو الحناديس" تصنيف العلامة الفقيه سيدي إبن الحاج البيدري الورنيدي التلمساني، وهي شرح "لسينية إبن باديس" الآتية ترجمته في مناقب أربعين رجلا من أقطات التصوف، مخطوطة نفيسة نسخت في القرن السادس عشرهجري الثامن عشر ميلادي عثرنا عليها بخزانة المخطوطات بالمكتبة الموهوبية ببجاية.
جاء في بدايته:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيّدنا محمد واله وصحبه وسلم تسليما
قال الشيخ الإمام علم الأعلام واسطة عقد النظام أبو العباس سيدي أحمد بن محمد رحمه الله تعالى ورضي عنه وأفاض علينا من بركاته.
الحمد لله الذي أسبغ على أوليائه نعمه ظاهرة وباطنة، وجعل قلوبهم أوعية توحيده ومواطنه، ومراح سرح أسراره ومعاطنه، وطهر لكل منهم ظواهره و بواطنه، فصارت الحكمة في ألسنتهم قاطنة، وأنوار المعارف في صدورهم ساكنة، نحمده سبحانه من عرف إحسانه ومحاسنه، وشرب صافي التوحيد وتجنب أسنه، ونشكره شكرا يفتح لنا من مزيد إنعامه وخزائنه، ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبلغنا بعد الخوف مآمنه، ونشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله بكر أمه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ينابيع الخير ومعادنه، صلاة وسلاما يدومان ويتجددان آونة بعد آونة.
وبعد فان بعض أصحابنا من طلبة العلم، الموسومين بالدين والحلم، سألني أن أشرح ألفاظ القصيدة السينية المسماة «بالنفحات القدسية»، المنسوبة لابن باديس، أحلنا الله وإياه أعلى الفراديس...
~*~*~*~
بيانات حول المخطوط:
شرح النفحات القدسية أو "أنيس الجليس في جلو الحناديس عن سينية ابن باديس".
- تصنيف: العلامة أحمد بن الحاج البيدري الورنيدي التلمساني.
- تاريخ النسخ: ق 16هـ - 18م.
- مادية المخطوط: نسخة حسنة غير كاملة تنقصها بعض الصفحات.
- نوع الخط: مغربي.
- عدد الأوراق: 38.
- مصدر المخطوط: خزانة المخطوطات بالمكتبة الموهوبية – بجاية.
ترجمة المصنف:
أحمد بن الحاج البيدري الورنيدي التلمساني ( .. – نحو 930هـ) / (.. – نحو 1524م).
سيدي أبو العباس أحمد بن محمد بن عثمان بن يعقوب بن سعيد البيدري الورنيدي عرف بابن الحاج، أخذ عن سيدي أحمد بن محمد بن زكري التلمساني الأصول والمنطق والمعاني والبيان والعربية و الحساب وكان شاعرا ماهرا ومعاصرا للإمام محمد بن غازي وكل منهما يلغز لصاحبه بالمسائل نظما ويجيبه نظما فمما بعث به إليه ابن غازي قوله:
«وميـت قبر طعمه عند رأسه *** إذ ذاق مـن ذاك الطعام تكـلما
يقوم فيمشي صامتا متكلما *** ويـأوي إلى القبر الذي منه قوما
فلا هو حي يستحق زيارة *** ولا هـو ميت يـستحق ترحما».
يقوم فيمشي صامتا متكلما *** ويـأوي إلى القبر الذي منه قوما
فلا هو حي يستحق زيارة *** ولا هـو ميت يـستحق ترحما».
فأجابه سيدي أحمد بن الحاج:
«بحمد الإله أبتدئ ثم بـعـده *** أصلي عل خير الأنـام مسلما
هـو القلم القبر الدواة وطعمه *** مـداد كـلامه الكتابة فافهما
وكاتب هـذا أحمد بن محمد *** عفا الله عنه كل ما كان أجرما».
هـو القلم القبر الدواة وطعمه *** مـداد كـلامه الكتابة فافهما
وكاتب هـذا أحمد بن محمد *** عفا الله عنه كل ما كان أجرما».
وتخرج عليه جماعة كسيدي الحاج بن سعيد ولد أخته وسيدي محمد بن جلال المديوني أخذ عنه القراءات السبع والعربية والتصوف وسيدي عبد الرحمن اليعقوبي وشرح "سينية ابن باديس" و شرح "البردة" ولم يكمله فقيل له في ذلك فقال انتقلت من رتبة إلى رتبة أعلى منها جمع فيه بين شرح الحفيد ابن مرزوق وشرح العقباني وشرح سيدي علي بن ثابت رضي الله عن الجميع وزاد فيه معنى وإعراب رضي الله عنه وأرضاه عنا وكان يخدم نفسه بنفسه و المعاصرون له يسمونه سيدي أحمد الجبلي لأنه من جبل بني ورنيد.
وصفه ابن مريم بالمهارة في العربيَّة وتدريس علوم القرآن، حيث قال: "وقرأ على سيدي أحمد بن محمَّد بن زكري التلمساني، أخذ عنْه الأصول والمنطق والمعاني والبيان والعربيَّة، وكان ماهرًا فيها، وتخرج عنه جماعة؛ كسيدي الحاج بن سعيد ولد أخته وابن عمه، وخرج عنه سيدي محمَّد بن بلال المديوني، أخذ عنْه القراءات السَّبع والعربيَّة والتصوّف".
وقد اشتغل بتدريس أحكام القرآن والعربيَّة وهو لا يزال شابًّا يافعًا، ممَّا أثار دهشة مشايخ علماء تلمسان، وله قصة طريفة في ذلك ذكرها ابن مريم في "البستان" ننقلها لأهميَّتها: "وحدَّثني مَن يوثق به أنَّه حدَّثه الشَّيخ محمد بن العبَّاس أنَّه قال: دخلت مدرسة سيدي الحسن لأتوضَّأ، فوجدت غلامًا يقرأُ ويلحن في قراءته، فسألتُ: من أين هو؟ فقال لي بعض مَن حضر: هو ولد سيّدي الحاج البيدري واسمه أحمد، فبقِيت مدَّة نحو عام فدخلتُ المدرسة المذكورة لأتوضَّأ؛ لأنَّه وافاني حال الوضوء بها، فوجدت الغلام المذكور يُقرئ الطَّلبة في أحكام القرآن والآجروميَّة ونحوهما، فسألتُ مَن حضرني فأخبرَني أنَّه الغلام المذكور ولد الشيخ سيدي الحاج، فاشتدَّ تعجُّبي مِن كونه وصل إلى هذه العلوم والمعارف كلّها في عام، فسبحان المدبِّر الحكيم!".
توفي في حدود سنة 930 و دفن في روضة فيها أبوه سيدي الحاج في بلد بني إسماعيل من جبل بيدر. وله يطلب الإجازة من سيدي أحمد بن زكري.
وصفه ابن مريم بالمهارة في العربيَّة وتدريس علوم القرآن، حيث قال: "وقرأ على سيدي أحمد بن محمَّد بن زكري التلمساني، أخذ عنْه الأصول والمنطق والمعاني والبيان والعربيَّة، وكان ماهرًا فيها، وتخرج عنه جماعة؛ كسيدي الحاج بن سعيد ولد أخته وابن عمه، وخرج عنه سيدي محمَّد بن بلال المديوني، أخذ عنْه القراءات السَّبع والعربيَّة والتصوّف".
وقد اشتغل بتدريس أحكام القرآن والعربيَّة وهو لا يزال شابًّا يافعًا، ممَّا أثار دهشة مشايخ علماء تلمسان، وله قصة طريفة في ذلك ذكرها ابن مريم في "البستان" ننقلها لأهميَّتها: "وحدَّثني مَن يوثق به أنَّه حدَّثه الشَّيخ محمد بن العبَّاس أنَّه قال: دخلت مدرسة سيدي الحسن لأتوضَّأ، فوجدت غلامًا يقرأُ ويلحن في قراءته، فسألتُ: من أين هو؟ فقال لي بعض مَن حضر: هو ولد سيّدي الحاج البيدري واسمه أحمد، فبقِيت مدَّة نحو عام فدخلتُ المدرسة المذكورة لأتوضَّأ؛ لأنَّه وافاني حال الوضوء بها، فوجدت الغلام المذكور يُقرئ الطَّلبة في أحكام القرآن والآجروميَّة ونحوهما، فسألتُ مَن حضرني فأخبرَني أنَّه الغلام المذكور ولد الشيخ سيدي الحاج، فاشتدَّ تعجُّبي مِن كونه وصل إلى هذه العلوم والمعارف كلّها في عام، فسبحان المدبِّر الحكيم!".
توفي في حدود سنة 930 و دفن في روضة فيها أبوه سيدي الحاج في بلد بني إسماعيل من جبل بيدر. وله يطلب الإجازة من سيدي أحمد بن زكري.
إجـازة تـعمه و نـسلـه *** حـوية معنى الذي سيقـت له
تـقضي لـه بالمجد و الـتعزز *** وتبسـط البذل بوعـد منجز
وتـقتضي رضي بغير سخط *** تغنيه عن نـوال كــل معط
مـطلقة في الفقه و النحو وما *** سـواهما والـقيد لن يلتزمـا
لأنهـا كـل الـعلوم شمـلت *** إن تـك ممـا قيدت به حلت
ولا تخـصص نوع ما قد يحسن *** لأن قـصـد الجنس فيـه بين
ومـا يكون منه منقوصا ففي *** صحبته إياك ما به يـفي
وانقل بها للـثاني حكم الأول *** مما روى عن الشــيخ الأول.
تـقضي لـه بالمجد و الـتعزز *** وتبسـط البذل بوعـد منجز
وتـقتضي رضي بغير سخط *** تغنيه عن نـوال كــل معط
مـطلقة في الفقه و النحو وما *** سـواهما والـقيد لن يلتزمـا
لأنهـا كـل الـعلوم شمـلت *** إن تـك ممـا قيدت به حلت
ولا تخـصص نوع ما قد يحسن *** لأن قـصـد الجنس فيـه بين
ومـا يكون منه منقوصا ففي *** صحبته إياك ما به يـفي
وانقل بها للـثاني حكم الأول *** مما روى عن الشــيخ الأول.
إلى أن يقول:
أقـسـم بـالله الـذي هدى لذا *** لقد سما على العدا مستحـوذا
ومـالـنـا غــيره نرجو أبدا *** فمالنا إلا إتباع أحمدا
ومـا سواه ناقص والنقص في *** متبعيهم ظاهر غير خفـي
فـلا تـقـس حـبرا به ولو نفد *** وعن سبيل القصد من قاس انـتبذ
وزكـه تـزكـيـة وأجمــلا *** في وصفه إجمال ما قد فـصلا
يـا مـن عـلى الورى لـه أتي *** زيد منير وجهه نعم الفتى
كـل امتنان من لدنك قد حصل *** من صلة أو غيرها نلت الأمـل
فـرج دعـاء مـستغـيث وجل *** مروع القلب قليل الحيـل
وجوزنه مطلقا في كل ما *** يجيز فيه مـن لذاك كلما
أحصى مـن الكـفاية الخلاصة *** كما اقـتضــى غنى بلا خصاصة
ثم الصلاة والسلام قل على *** محمد خـير نبي أرسلا
وآلـه و التابعين أثره *** وصحبه المنتخبين الخيرة.
ومـالـنـا غــيره نرجو أبدا *** فمالنا إلا إتباع أحمدا
ومـا سواه ناقص والنقص في *** متبعيهم ظاهر غير خفـي
فـلا تـقـس حـبرا به ولو نفد *** وعن سبيل القصد من قاس انـتبذ
وزكـه تـزكـيـة وأجمــلا *** في وصفه إجمال ما قد فـصلا
يـا مـن عـلى الورى لـه أتي *** زيد منير وجهه نعم الفتى
كـل امتنان من لدنك قد حصل *** من صلة أو غيرها نلت الأمـل
فـرج دعـاء مـستغـيث وجل *** مروع القلب قليل الحيـل
وجوزنه مطلقا في كل ما *** يجيز فيه مـن لذاك كلما
أحصى مـن الكـفاية الخلاصة *** كما اقـتضــى غنى بلا خصاصة
ثم الصلاة والسلام قل على *** محمد خـير نبي أرسلا
وآلـه و التابعين أثره *** وصحبه المنتخبين الخيرة.
مصادر الترجمة/
معجم أعلام الجزائر ص/68- والبستان ص/8 وتعريف الخلف للحفناوي ج1- ص/39.
~*~*~*~
ترجمة العلامة ابن باديس "أبو علي حسن بن القاسم" ( 701 – 787هـ) / ( 1320 – 1385م).
يقول الأستاذ الميسوم فضة الذي قام بتحقيق وتقديم كتاب «أنيس الجليس في جلو الحناديس عن سينية ابن باديس» لمؤلفة العلامة سيدي أبو العباس أحمد ابن الحاج البيدري التلمساني ما نصه:
يقول الأستاذ الميسوم فضة الذي قام بتحقيق وتقديم كتاب «أنيس الجليس في جلو الحناديس عن سينية ابن باديس» لمؤلفة العلامة سيدي أبو العباس أحمد ابن الحاج البيدري التلمساني ما نصه:
"كان من الصعب أن أنقل ترجمة لابن باديس تفي بالغرض وتعطي للقارئ صورة متكاملة الجوانب عن هذا العلم، ومرّد ذلك قِلة ما تضمنته كتب السّيّر التي توفرت لي، إذ لم يرد فيها إلاّ النزر القليل عنه، ولهذا ارتأيت نقل ما وجدته بتصرف يسير آملا أن تُعرف بالشيخ.
قال ابن قنفذ تلميذ ابن باديس في كتابه (( كتاب الوفيات)) مترجما له: "هو أبو علي حسن بن القاسم بن باديس، فقيه محدّث، ولد عام 701 هـ روى عن ناصر المشداليّ، وابن غريون البجائي، وابن عبد الرّفيع القاضي وغيرهم، ورحل إلى المشرق، فأخذ عن صلاح الدين العلائيّ، وخليل المكيّ، وابن هشام صاحب ((المغني))، وكان من تلامذته ابن الخطيب القسنطيني صاحب كتاب الوفيات الذي أخبره شيخه أنه ختم على ابن هشام ألفية إبن مالك ألف مرة".
مؤلفاته:
كانت لابن باديس تقاييد منها: ((السّر لخير البشر)) وهو مختصر ابن الفارض في السيرة و((النفحات القدسية)) المتضمن قصيدته السّينية.
وقد أردك في حداثة سنه من المعارف العلمية ما لم يدركه غيره في السنة، ولغلبة الإنقباض عليه قلّ النفع به لمن أدرك حياته، كما تولي القضاء ولم يذكر أين ومتى كان ذلك ربما كان ذلك في مدينة قسنطينة إذ هي بلدته التي ولد وعاش بها. وتوفي سنة 787هـ.
سبب تأليف الكتاب:
نظم إبن باديس قصيدته تأثرا بكتاب « روض الناظر في مناقب الشيخ عبد القادر» الذي أعاره إياه شيخ بيت المقدس صلاح الدين العلائي، وقد تشرف بقراءته مدة إقامته ضيفا عند الشيخ، فلما قفل راجعا إلى الجزائر جالت بخاطره وهو ما بين مصر والشام، ذكريات هذا الكتاب، فحنّ إلى ذكر الأولياء الذين تضمّن الكتاب ذكرهم، وجادت قريحته بهذه المنظومة التي ضمّنها أسماء الأولياء والإشارة إلى كراماتهم وحكاياتهم تبركا بها، وتوسّلا بهم لبلوغ مرضاة الله تعالى.
وقد أشار النّاظم إلى ذلك في كلامه الذي نقله عنه الشارح فقال: "وبعد إنه لمّا وقفت بالقدس الشريف على كتاب «الروض النّاضر في مناقب الشيخ عبد القادر»، وسرحت البصر فيما احتوى عليه من المآثر والمفاخر، وكنت على قدم السفر والارتحال، علق بالخاطر بعض ما تضمنه من كرامات أكابر الرجال، فجرى على اللّسان في أثناء الطّريق إلى مصر كلما تشير إلى طرف من كراماتهم، وما أظهره الله من بركاتهم وشاهده الثّقات من تصرفاتهم، ففيه من درر كلامهم ما دلّ على رفيع مقامهم وأقل مراتب النّاظر فيه المحبّة لهم، والتصديق بأحوالهم، وكفى بذلك وسيلة التّعلق بأذيالهم، فالمرء مع من أحب إن شاء الله تعالى"اهـ.
المرجع:
كتاب "أنيس الجليس في جلو الحناديس عن سينية ابن باديس" تصنيف العلامة سيدي أبي العباس أحمد ابن الحاج البيدري التلمساني/ تحقيق وتقديم الأستاذ: الميسوم فضة - طبع الكتاب بمناسبة الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007م.
هوامش/
قال ابن قنفذ تلميذ ابن باديس في كتابه (( كتاب الوفيات)) مترجما له: "هو أبو علي حسن بن القاسم بن باديس، فقيه محدّث، ولد عام 701 هـ روى عن ناصر المشداليّ، وابن غريون البجائي، وابن عبد الرّفيع القاضي وغيرهم، ورحل إلى المشرق، فأخذ عن صلاح الدين العلائيّ، وخليل المكيّ، وابن هشام صاحب ((المغني))، وكان من تلامذته ابن الخطيب القسنطيني صاحب كتاب الوفيات الذي أخبره شيخه أنه ختم على ابن هشام ألفية إبن مالك ألف مرة".
مؤلفاته:
كانت لابن باديس تقاييد منها: ((السّر لخير البشر)) وهو مختصر ابن الفارض في السيرة و((النفحات القدسية)) المتضمن قصيدته السّينية.
وقد أردك في حداثة سنه من المعارف العلمية ما لم يدركه غيره في السنة، ولغلبة الإنقباض عليه قلّ النفع به لمن أدرك حياته، كما تولي القضاء ولم يذكر أين ومتى كان ذلك ربما كان ذلك في مدينة قسنطينة إذ هي بلدته التي ولد وعاش بها. وتوفي سنة 787هـ.
سبب تأليف الكتاب:
نظم إبن باديس قصيدته تأثرا بكتاب « روض الناظر في مناقب الشيخ عبد القادر» الذي أعاره إياه شيخ بيت المقدس صلاح الدين العلائي، وقد تشرف بقراءته مدة إقامته ضيفا عند الشيخ، فلما قفل راجعا إلى الجزائر جالت بخاطره وهو ما بين مصر والشام، ذكريات هذا الكتاب، فحنّ إلى ذكر الأولياء الذين تضمّن الكتاب ذكرهم، وجادت قريحته بهذه المنظومة التي ضمّنها أسماء الأولياء والإشارة إلى كراماتهم وحكاياتهم تبركا بها، وتوسّلا بهم لبلوغ مرضاة الله تعالى.
وقد أشار النّاظم إلى ذلك في كلامه الذي نقله عنه الشارح فقال: "وبعد إنه لمّا وقفت بالقدس الشريف على كتاب «الروض النّاضر في مناقب الشيخ عبد القادر»، وسرحت البصر فيما احتوى عليه من المآثر والمفاخر، وكنت على قدم السفر والارتحال، علق بالخاطر بعض ما تضمنه من كرامات أكابر الرجال، فجرى على اللّسان في أثناء الطّريق إلى مصر كلما تشير إلى طرف من كراماتهم، وما أظهره الله من بركاتهم وشاهده الثّقات من تصرفاتهم، ففيه من درر كلامهم ما دلّ على رفيع مقامهم وأقل مراتب النّاظر فيه المحبّة لهم، والتصديق بأحوالهم، وكفى بذلك وسيلة التّعلق بأذيالهم، فالمرء مع من أحب إن شاء الله تعالى"اهـ.
المرجع:
كتاب "أنيس الجليس في جلو الحناديس عن سينية ابن باديس" تصنيف العلامة سيدي أبي العباس أحمد ابن الحاج البيدري التلمساني/ تحقيق وتقديم الأستاذ: الميسوم فضة - طبع الكتاب بمناسبة الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007م.
هوامش/
البيدري كما في "تعريف الخلف" و"معجم أعلام الجزائر" أو اليبدري كما في البستان وهي نسبة لوادي بيدر أو يبدر من بلد بنو إسماعيل التي انتقل إليها بعدما كان بوضع يقال له إثلاثن أوليلي، وهي المساكن الأصلية لقبائل بني ورنيد بتلمسان وبهذا اشتهر رضي الله عنه- أنظر البستان ص 24.