من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير

ترجمة العلامة المحدث الحافظ سعيد بن أحمد المقري التلمساني

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم
 

سعيد بن أحمد المقري: (928هـ / 1522م).

هو أبو الحسن سعيد بن أحمد المقري التلمساني منشأ ودارا عم الشيخ أبي العباس أحمد المقري المشهور ولد عام 928هـ (1522م) تولى خطة الإفتاء بتلمسان مدة ستين سنة كما تولى الخطابة بالجامع الأعظم مدة خمس وأربعين سنة ولا نعرف تاريخ وفاته وإنما كان على قيد الحياة عام 1001هـ (1593م).

إن الشيخ سعيد المقري كان علاوة على العلوم الشرعية التي كان له الباع الطويل فيها فإنه كان حافظا للعربية والشعر والأمثال كما كان عذب الكلام فصيح القلم ممتع المحضر.

وإليك نموذجا من نثره وهو خطبة جمعة تتضمن أسماء سور القرآن: (( الحمد لله الذي افتتح فاتحة الكتاب بسورة البقرة ليصطفى من آل عمران رجالا ونساء وفضلهم تفضيلا، ومد مائدة أنعامه ورزقه ليعرف أنفال كرمه وحقه على أهل التوبة وجعل ليونس في بطن الحوت سبيلا – ونجى هودا من كربه وحزنه كما خلص يوسف من جبه وسجنه وسبح الرعد بحمده ويمنه، واتخذ الله إبراهيم خليلا، الذي جعل في حجر الحجر من النحل شرابا نوّع اختلاف ألوانه وأوحى إليه بخفي لطفه سبحانه واتخذ منه كهفا قد شيد بنيانه أرسل روحه إلى مريم فتمثل لها تمثيلا، وفضل طه على جميع الأنبياء فأتى بالحج والكتاب المكنون حيث دعا إلى الإسلام: قد أفلح المؤمنون إذ جعل نور الفرقان دليلا، وصدق محمد صلى الله عليه وسلم الذي عجزت الشعراء في صدق نعمته وشهد النمل بصدق بعثه وبين قصص الأنبياء في مدة مكثه ونسج العنكبوت عليه في الغار سترا مسدولا.

وملئت قلوب الروم رعبا من هيبته وتعلم لقمان الحكمة من حكمته وهدى أهل السجدة للإيمان بدعوته وهزم الأحزاب وسباهم وأخذهم أخذا وبيلا، فلقيهم فاطر السموات والأرض بياسين كما نفد حكمه في الصافات وبين صاد صدقه بإظهار المعجزات وفرق زمر المشركين وصبر على أقوالهم وهجرهم هجرا جميلا، فغفر له غافر الذنب ما تقدم من ذنبه وما تأخر وفصلت رقاب المشركين إذ لم يكن أمرهم شورى بينهم وزخرف منار الإسلام وخفي دخان الشرك وخرت المشركون جاثية كما أنذر أهل الأحقاف فلا يهتدون سبيلا، وأذاق الذين كفروا شدة القتال وجاء الفتح للمؤمنين والنصر العزيز وحجر الحجرات العزيز وبقاف القدرة قتلا الخراصون تقتيلا..

كلم الله موسى على جبل الطور فارتقى نجم محمد صلى الله عليه وسلم فاقتربت بطاعته مبادئ السرور واقع الرحمن واقعة الصبح على بساط النور فتعجب الحديد من قدرته وكثرت المجادلة في  أمته إلى أن أعيد في الحشر بأحسن مقيلا، امتحنه في صف الأنبياء وصلى بهم إماما في تلك الجمعة ملئت قلوب النافقين من التغابن خسرا وإرغاما فطلق وحرم تبارك الذي أعطاه الملك وعلم بالقلم ورتل القرآن ترتيلا وعن علم الحاقة كم سال فسال الإيمان ودعا به نوح فنجاه الله تعالى من الطوفان وأتت إليه طائفة الجن يستمعون القرآن فأنزل عليه يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا فكم من مدثر يوم القيامة شفقة على الإنسان إذ أرسل مرسلات الدمع فعم يتساءلون أهل الكتاب وما تقبل من نازعات المشركين إذ عبس عليهم مالك وتولاهم بالعذاب وكورت الشمس وانفطرت السماء وكانت الجبال كثيبا مهيلا، فويل للمطففين إذا انشقت السماء بالغمام وطوت ذات البروج وطرق طارق الصور للقيام وعز اسم ربك الأعلى الغاشية الفجر فيومئذ لا بلد ولا شمس ولا ليل طويل، فطوبى للمصلين الضحى عند انشراح صدورهم إذ عاينوا التين والزيتون وأشجار الجنة فسجدوا باقرأ باسم ربك الذي خلق هذا النعيم الأكبر لأهل هذه الدار ما أحيوا ليلة القدر وتبتلوا تبتيلا، ولم يكن للذين كفروا من أهل الكتاب من أهل الزلزلة من صديق ولا حميم وتسوقهم كالعاديات على سواء الجحيم وزلزلت بهم قارعة العقاب وقيل لهم ألهاكم التكاثر هذا عصر العقاب الأليم وحشر الهمزة وأصحاب الفيل إلى النار فلا يظلمون فتيلا.

وقالت قريش ما أنتم من هول الحشر أرأيت الذي يكذب بالدين كيف طرد عن الكوثر وسيق الكافرون إلى النار وجاء نصر الله والفتح وتبت يدا أبي لهب إذ لا يجد إلى سورة الإخلاص سبيلا، فتعوذ برب الفلق من شر ما خلق وتعوذ برب الناس ملك الناس من شر الوسواس الخناس الذي فسق، ونتوب إليه ونتوكل عليه وكفى بالله وكيلا.

مصدر الترجمة:

كتاب باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زيان- لـ الحاج محمد بن رمضان شاوش- .ج2 ص154- ديوان المطبوعات الجامعية 2011.
تكملة الموضوع

حمل مخطوط عمدة الإثبات لأبي عبد الله محمد المكي ابن عزوز

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


مخطوط: عمدة الإثبات في الاتصال بالفهارس والأثبات.
تصنيف: العلامة سيدي أبي عبد الله محمد المكي ابن عزوز.
مصدر المخطوط: المكتبة الكتانية لصاحبها سيدي محمد عبد الحي الكتاني الفاسي.
عدد الأوراق: 27.

رابط التحميل

هنـا

 رابط آخر ثانوي للمخطوط على مركز الخليج


حول المخطوط:

يقول سيدي عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني في كتابه  فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمسلسلات ما نصه:
 

477 - عمدة الإثبات في الاتصال بالفهارس والأثبات: للأستاذ العلامة المحدث المسند المتبحر النظار الشيخ أبي عبد الله محمد المكي ابن عزوز التونسي دفين الآستانة العلية، وهو اسم الثبت الذي ألفه باسمنا، قال في أوله: " الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد فإن أندر العلوم في هذا الزمان علم الحديث ومعالم السنة مع كونه أرفعها وأشرفها وأنفعها، إذ لا يقبل تحرير أي مسألة من مسائل الدين ومطالع اليقين إلا به، ولا يعتد بعمل صالح إلا ما كان يسير فيه على منهاجه، حتى إنه لا يقال زيد عالم في الحقيقة إلا إذا كان عالما بهذا الشأن وما سواه فعالم مجازا...

ترجمة المصنف:

محمد المكي بن عزوز(1270هـ ـ 1334هـ).

هو العلامة الجليل السند الثبت الحجة أبو عبد الله سيدي محمّد المكيّ بن مصطفى بن الولي الأكبر والقطب الأشهر الولي الصالح الزاهد نور الصحراء ناشر الطريقة الرحمانية في الصحراء الجزائرية العلامة سيدي محمد بن عزوز البرجيّ الجزائريّ رضي الله عنه.

عَلَم تفخر بانتسابه إليها الجزائر وتونس، وقد نضيف إليهما تركيا، إذ من الأولى أصله وتوجيهه، وفي الثانية نشأته وتحصيله، وفي الأخيرة تعليمه ووفاته.

ربي في حجر والديه، فحفظ القرآن وهو لم يتجاوز الإحدى عشرة سنة من عمره، واعتنى بحفظ المتون، واجتهد في مزاولة مبادئ العلوم، قرأ شرح الشيخ خالد الأزهري على الأجرومية، وشرح ميارة على ابن عاشر في الفقه، وقرأ الرحبية والدرة البيضاء في علم الفرائض للأخضري ومبادئ علم الفلك على شيخه محمد بن عبد الرحمان بن التارزي بن محمد عزوز البرجي، وهو ابن عمه، مع كتب أخرى ابتدائية، وقرأ ألفية ابن مالك بشرحها، ومختصر خليل بشروحه مع جملة كتب أخرى، وحضر دروس شيخ الشيوخ الأستاذ المدني بن عزوز في شرح الترمذي.

يقول فيه الشيخ المحدّث محمّد عبد الحيّ الكتانيّ، في كتابه «فهرس الفهارس والأثبات» : (هو صديقنا الإمام العلاّمة المحدّث المقريء الفلكيّ الفرضيّ الصوفي المسند الشهير الشيخ أبو عبد اللّه سيّدي محمّد المكيّ بن وليّ اللّه سيّدي مصطفى ابن العارف الكبير أبي عبد اللّه محمّد بن عزّوز البرجي...) والبرجيّ هنا نسبة إلى برج بن عزّوز القرية المحاذية لمدينة طولقة. ويضيف: (... هذا الرجل كان مسند إفريقية ونادرتها، لم نرَ ولم نسمع فيها بأكثر اعتناءً منه بالرواية والإسناد والإتقان والمعرفة، ومزبد تبحّر في بقيّة العلوم، والاطّلاع على الخبايا والغرائب من الفنون والكتب والرحلة الواسعة وكثرة الشيوخ، إلى طيب منبت وكريم أرومة، وكان كثير التهافت على جمع الفهارس وتملّكها ...)، ثمّ يقول: (... وأعجب ما كان فيه الهيام بالأثر، والدعاء إلى السنّة، مع كونه كان شيخ طريقة، ومن المطّلعين على الأفكار العصريّة، وهذه نادرة النوادر في زماننا هذا الذي كثر فيه الإفراط والتفريط، وقلّ من يسلك فيه طريق الوسط، والأخذ من كلّ شيء بأحسنه ...).

أثاره:

ترك سيدي محمد المكي بن عزوز العديد من المصنفات النفيسة نذكر منها ما يلي:

- رسالة في أصول الحديث.
ـ السيف الرباني فى عنق المعترض على الغوث الجيلانى، رد فيه على من أنكر كرامات القطب سيدي عبد القادر الجيلاني.
ـ مغانم السعادة في فضل الإفادة على العبادة.
ـ عمدة الإثبات في رجال –الحديث... وهو كتابنا اليوم (مخطــــوط).
ـ إرشاد الحيران في خلاف القالون لعثمان في القراءة.
ـ الجوهر المرتب في العمل بالربع المجيب.
ـ الحق الصريح.
ـ الذخيرة المكية، في الهيئة.
ـ إسعاف الأخوان في جواب السؤال الوارد من داغستان.
ـ هيئة الناسك.
ـ أصول الطرق وفروعها وسلاسلها.
ـ إقناع العاتب في آفات المكاتب.
ـ انتهاز الفرصة في مذاكرة متفنن قفصة،.
ـ الأجوبة المكية عن الأسئلة الحجازية، نظم.
- بروق المباسم في ترجمة محمد بن أبي القاسم.
- شرح بهجة الشائقين لوالده سيدي مصطفى بن عزوز.

للترجمة مصادرها ومراجعها.
تكملة الموضوع

حمل كتاب التوحيد للعارف بالله سيدي حسنين محمد بن موسى

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على سيدنا محمد ميم الملكوت والعزة والجبرءوت والعرش والكرسي وحاء الحكمة واللوح والقلم وميم الملكين المعنوي والحسي ودال الدوام من أعطيته الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة والمقام المحمود سر الأسرار ونور الأنوار وإبريز كنز الأبرار وآله وصحبه وسلم تسليما بقدر جلالك وجمالك.


كتاب: التوحيد.
تصنيف: الشيخ العارف بالله سيدي حسنين محمد بن موسى.
سنة التأليف: 2004م
دار النشر: المطبعة الصحراوية – بسكرة – الجزائر.

رابط التحميل

هنــا

ترجمة المصنف:

سيدي حسنين محمد بن موسى (1917 / 2007م - 1336 / 1428هـ ).


هو الإمام العلامة الكبير مربي المريدين ومرشد السالكين الشيخ العارف بالله المحقق الأب الروحي للجماعة القادرية ببسكرة الولي الصالح سيدي حسنين محمد بن موسى من أولاد الولي الشهير سيدي محمد موسى الإدريسي الحسني أي من سلالة سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وفاطمة الزهراء رضي الله عنهم جميعا، وقع ازدياده عام 1917م  ببلدة سيدي محمد موسى قرب مدينة الحوش دائرة سيدي عقبة من عمالة بسكرة جنوب شرق الجزائر...

تكملة الموضوع

حمل مخطوط السلسبيل المعين في الطرائق الأربعين

بسم الله الرحمن الرحيم  والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.


مخطوط: السلسبيل المعين في الطرائق الأربعين.
تصنيف: العلامة سيدي محمد بن علي السنوسي الخطابي الحسني الإدريسي المستغانمي.
مصدر المخطوط: مكتبة الملك عبد الله بن عبد العزيز الجامعية - المملكة العربية السعودية.

رابط التحميل

هنـــا

السَّنوسي (1202- 1276هـ) / (1787- 1859م)


محمد بن علي السنوسي الخطابي الحسني الإدريسي المستغانمي أبو عبد الله: مؤسس الطريقة السنوسية، ولد في مستغانم بالغرب الجزائري، ونشأ في بيت علم ودين وفضل، فدرس علوم الشريعة واللغة والمذاهب الإسلامية والطرائق الصوفية والفلسفة والمنطق وعلوم الفلك وغير ذلك من فنون المعرفة.

قضى حياته على جناح سفر، فتنقل إلى البلاد العربية وتمكن خلالها من الإطلاع على الأحوال العامة والخاصة للشعوب الإسلامية، فكانت رحلاته بمثابة دراسة لنفسيات أبنائها والإلمام بالقوى المؤثرة عليها.

وفي سنة 1257هـ رحل إلى برقة وأقام في الجبل الأخضر وبنى (الزاوية البيضاء) فانتشر خبره وعمّت السنوسية ليبيا.

وفي عام 1270هـ انتقل إلى زاوية (العزبات) ومنها إلى زاوية الجغبوب سنة 1273هـ فاقام على أن توفي فيها بعد ثلاث سنوات.

له المسائل العشر، المسمى بغية المقاصد وخلاصة المرصد والدرر السنية في أخبار السلالة السنوسية والمسلسلات العشر و(السلسبيل المعين في الطرائق الأربعين) وهو كتابنا اليوم الذي تكلم فيه عن سلسلة الطرق الصوفية الموجودة في وقته، وبين طرق اتصالها إلى أصحابها، وإيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن والدرر الفردية في ذكر أوائل الكتب الأنزهية والمنهل الروي الرائق في أسباب العلوم وأصول الطرائق والشموس الشارقة في أسماء مشائخ المغاربة والمشارقة وشفاء الصدر وهداية الوسيلة وشذور الذهب في مخض محقق النسب وعجالة في أول من ألف في فن الحديث ورسالة تتضمن البحث في مسألتي القبض والتقليد وإزاحة الأكنة في العمل بالكتاب والسنة ومواهب القيوم في نزيل روضة الفهوم وبغية السول في الإجتهاد والعمل بأحاديث الرسول والبدور السافرة في إختصار الشموس الشارقة ونزهة الجنان في أوصاف مفسر القرآن ومنظومة السلوك إلى ملك الملوك والمواهب السرية في منتقى الأوضاع الحرفية وتحف المحاضرة في آداب التفهم والمناظرة ورسالة الفلاح في الفتح والنجاح وريحانة الحبوب في عمل السطوح والجيوب وقرة أهل الصفا في صلوات المصطفى وفحم الأكباد في مواد الإجتهاد والكواكب الدرية في أوائل كتب الأثرية وعصمة الرسل ومفتاح الجفر الكبير والتحفة في أوائل الكتب الشريفة وسيف النصر والتوفيق وغاية السلوك والتحقيق ولوامح الخذلان على من لا يعمل بالقرآن ومختصر بغية الطلاب في علة الأنساب وشرح البسملة.

مصدر الترجمة

معجم أعلام الجزائر - عادل نويهض ص: 179، الطبعة الثانية 1400هـ 1980م مؤسسة نويهض الثقافية للتأليف والترجمة والنشر -  بيروت - لبنان.
تكملة الموضوع

حمل كتاب الجزائر الأمة والمجتمع

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


- كتاب: الجزائر الأمة والمجتمع (مصطفى الأشرف).
- ترجمة : د.حنفي بن عيسى.
- دار النشر: القصبة للنشر، فيلا6، حي سعيد حميدين - 16012، الجزائر.
- الطبعة: الثانية - الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007م.

مقدمة الناشر "دار القصبة للنشر" للكتاب:

هذا الكتاب  أنجز ضمن فعاليات الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007م، تكريما للمفكر والمناضل الراحل مصطفى الأشرف، الذي نشر باللغة الفرنسية سنة 1968م ونقله للعربية في أحسن ترجمة المرحوم حنفي بن عيسى سنة 1983م، الكتاب كان له تأثيرا كبيرا لدى طلبة الستينيات والسبعينيات، بفضله تمكن هؤلاء من معرفة تاريخ المجتمع  الجزائري وسسيولوجيته، وبه تزّودوا بأدوات التحليل النقدي وكيفية إخضاع المعرفة للممارسة.

بنشر هذا الكتاب نكون في دار القصبة قد فضلنا الفعل وابتعدنا عن الانفعال، تكريما للمفكر المناضل وعرفانا للأستاذ المترجم الذي قدم الكثير لإثراء العمل التعريبي ننشر هذا الكتاب في طبعة ثانية قناعة منا أن الجزائر هي أمة ومجتمع.

الناشر

الكتاب هذا يحتوي على إحدى عشر فصلا:

أولا المقدمة: دروس من التاريخ للعبرة.

الفصل الأول: بين الإستعمار والإقطاعية
الفصل الثاني: الوطنية في البوادي والأرياف
الفصل الثالث: الجوانب النفسية في الغزو الإستعماري
الفصل الرابع: مسيرة الجزائر إلى الحرية
الفصل الخامس: مسيرة القومية التحريرية إلى الوحدة
الفصل السادس: الاتجاه الثوري في المدن منذ 1830م.
الفصل السابع: الخط الثابت في سلوك الإستعمار.
الفصل الثامن: الجوانب المجهولة من الثورة الجزائرية.
الفصل التاسع: الجزائر المستقلة: من النكسة إلى الوحدة.
الفصل العاشر: وقائع وآفاق ثورية.
الفصل الحادي عشر: نظرات اجتماعية حول الحركة القومية والثقافة في الجزائر.

رابط التحميل

هنـــا
تكملة الموضوع

ترجمة الشيخ العلامة الإمام سعيد التُّجِيبي العقباني التلمساني

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

الشيخ العلامة الإمام سعيد التُّجِيبي العقباني التلمساني (720- 811هـ / 1360- 1408م).


- اسمه:

هو: أبو عثمان سعيد بن محمد بن محمد التُّجِيبي العقباني التلمساني، إمام تلمسان وعلامتها في عصره، قاض، من أكابر فقهاء المالكية، والعقباني نسبة على قرية من قرى الأندلس تسمى عُقبان كما جاء في "البستان"، أو لعُقاب اسم قرية كما في "شجرة النور" .

- مولده ونشأته:

ولد الإمام سعيد العقباني بتلمسان سنة (720هـ) ولا تسعفنا المصادر التي ترجمت له بالوقوف على ظروف نشأته وعائلته وغير ذلك، واكتفت بذكر اسمه ومهامه التي تقلدها وبعض شيوخه وتلاميذه ومؤلفاته، إلا أننا نعلم أن الإمام العقباني نشأ في ظل الدولة المرينية التي اعتنت بالعلوم الشرعية أيّما اعتناء، حتى كان منهم سلاطين علماء، كأبي عنان المريني (729ـ759هـ) الذي تنقل بعض المصادر أنّ العقباني روى عنه صحيح البخاري والمدونة.

- توليه القضاء:

وقد ولي الإمام العقباني القضاء ببجاية وتلمسان وسلا ومراكش، وأكد ذلك ابن فرحون قائلا: "وصدراته في العلم مشهورة، وُلي قضاء الجماعة ببجاية في أيام السلطان أبي عنان والعلماء يومئذ متوافرون، وولي قضاء تلمسان، وله في ولاية القضاء مدة تزيد على أربعين سنة." ونقل التنبكتي عن ابن مرزوق الحفيد قوله: "كان علامة، خاتمة قضاة العدل بتلمسان" .

- ثناءُ العلماء عليه:

شهدت نصوص العلماء برفعة قدر الإمام العقباني، فنَعته معاصره ابن فرحون بأنه "إمام عالِم فاضل، فقيه مذهب مالك، متفنِّن في العلوم" ، ووصفه تلميذه شيخ الإسلام ابن مرزوق الحفيد بأنه "وحيد دهره وفريد عصره، بقية العلماء الراسخين، ووارث الفضلاء المجتهدين" ، ووصفه الإمام السنوسي عند حديثه عن كتابه "المقرّب المستوفي في شرح فرائض الحوفي" ذاكرا أنه اعتمد فيه على شرح الإمام العقباني على تلك الفرائض، واصفا إياه بـ"الشيخ الإمام العلامة العلَم ذي الآراء العجيبة والتصرفات الفائقة الغريبة" وواصفا شرحه بأنه "تقف عقول النجباء عنده، وأنه لم يَرَ الراءون ولا يرون ـ والله أعلم ـ مثله قبله ولا بعده" اهـ، ونقل التنبكتي عن بعضهم قوله في حقِّ الإمام العقباني: "وكان يقال له رئيس العقلاء."

- شيوخه في العلم:

أخذ الإمام سعيد العقباني العلم عن أبرز مشايخ عصره بالمغرب، وصار راسخ القدم في العلوم العقلية والنقلية، وبلغت رتبته في تحقيق العلوم الشرعية رتبة أعلم أهل عصره بالغرب الإسلامي كالإمام ابن عرفة والإمام الشريف التلمساني والإمام المقري . وقد ترك مشايخُه بصمات على توجهه في التأليف والتخصص، سيما في علم الفرائض الذي أتقنه على السطي الآتي ذكرُه والآبلي، فصنف فيه شرحه المتميز على الحوفية. وفيما يلي ذكر بعض من أخذ العُقباني عنهم العلوم.

1 ـ محمد بن إبراهيم بن أحمد العبدري التلمساني عرف بـ"الآبلي" (681 ـ757هـ). الإمام العلامة، مجمع على إمامته. أعلم العالم بفنون المعقول. أخذ عن أبي الحسن التنسي وابن البناء المراكشي. قال التنبكتي: "وأخذ عن صاحب الترجمة أئمة كالشريف التلمساني وابن الصباغ والرهوني وابن مرزوق والعُقباني وابن عرفة وابن عباد."

2 ـ محمد بن علي بن سليمان "السطي" (تـ749هـ). وأخذ الفقه عن أبي الحسن الصغير الزرويلي وأبي إسحاق اليزناسني، والفرائض عن علي الطنجي. وإليه المرجع في حل عقد "الحَوفي" فيها. له مشاركة تامة في الحديث والأصلين واللسان. وهو ذو ديانة شهيرة وصلاح متين. وله تقييدات على "الحَوفي". مات غريقا في نكبة الأسطول المريني في 8 ذي القعدة الحرام سنة 749هـ، وقيل في التي تليها. نقل التنبكتي في ترجمة العقباني أنه "قرأ الفرائض على الحافظ السطي."

3 ـ أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن الإمام التنسي التلمساني (تـ743هـ) . "العالم الراسخ والعلم الشامخ الحافظ النظار المتحلي بالوقار الشائع الصيت شرقا وغربا. وهو أكبر الأخوين المشهورين بابني الإمام التنسي" . قال ابن فرحون: "سمع ـ أي سعيد العقباني ـ من ابني الإمام أبي زيد وأبي موسى وتفقّه بهما."
4 ـ أبو موسى عيسى ابن الإمام التنسي التلمساني (تـ749هـ) . نعته مخلوف بخاتمة الحفاظ بالمغرب. وهو أخو أبا زيد المتقدم ذكره. سمع العقباني عليه جميع صحيح البخاري؛ قال الوادي آشي في ثبته: "وقال القاضي أبو عثمان العقباني: سمعت جميعه على الإمام أبي موسى عيسى بن محمد ابن الإمام المذكور بمدرسته بتلمسان في مجالس آخرها غرة ذي الحجة عام اثنين وأربعين وسبع مائة."

- تلاميذه:

بعد أن بلغ الشيخ سعيد العقباني مرتبة عالية في تحقيق العلوم، صار من المنطقي أن يتخرج به ثلة من العلماء الذين كانوا في زمانه وبعد ذلك أئمة وُصفوا بالمحققين والمجتهدين، بل وبمشايخ الإسلام. وفيما يلي ذكر لبعضهم.

1 ـ قاسم بن سعيد بن محمد العقباني التلمساني التجيبي، أبو القاسم، ويكنى بأبي الفضل (768ـ 854هـ)، وهو ابن الإمام سعيد العقباني. وصفه صاحب البستان بشيخ الإسلام ومفتي الأنام الفرد الحافظ القدوة العلامة المجتهد العارف المعمر ملحق الأحفاد بالأجداد الرحلة الحاج، له أخلاق مرضية قل أن يرى مثلها. قرأ على والده وغيره وتوفر على البحث والدرس حتى حصّل العلوم وبلغ درجة الاجتهاد.

2 ـ ابن مرزوق الحفيد، محمد بن أحمد بن محمد، أبو الفضل (766ـ842هـ)، الإمام المشهور العلامة الحجة الحافظ المطلع المحقق الكبير الثقة الثبت الفقيه النظار المجتهد. قال التنبكتي: "أخذ العلم عن جماعة كأبيه وعمه والإمام سعيد العقباني."

3 ـ إبراهيم بن محمد المصمودي. نعته مخلوف في شجرة النور بالشيخ الإمام العلامة الفقيه المحقق الفهامة رئيس الصلحاء والزهاد والأئمة العباد صاحب الكرامات المشهورة والديانة المأثورة الولي المجاب الدعوة. ثم قال: أخذ عن أعلام كموسى العبدوسي والآبلي وأبي عبد الله الشريف وسعيد العقباني."

4 ـ أبو الفضل محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن محمد بن عبد الله بن الإمام التلمساني. حلاه ابن مريم بالإمام العلامة الحجة النظار المحقق العارف اللوذعي الرحلة أحد أقران الحفيد بن مرزوق. ثم قال: "وأخذ هو عن سعيد بن محمد العقباني."

5 ـ أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الشهير بابن زاغو المغراوي التلمساني (782ـ 845هـ). الإمام العالم الفاضل القدوة الناسك العابد المصنف. قال التنبكتي: "أخذ عن إمام المغرب سعيد العقباني."

6 ـ محمد بن محمد بن ميمون أبو عبد الله الأندلسي الجزائري المغربي المالكي ويعرف بابن الفخار لكونها حرفة جده. ولد بالجزائر ثم رحل إلى المغرب وقرأ بها القرآن والفقه ثم تحول إلى تلمسان وقطن مدة حريصاً على قراءة العلم على جماعة من شيوخها كقاضي الجماعة بها أبي عثمان سعيد العقباني.

7 ـ أبو يحيى عبد الرحمان ابن الإمام محمد الشريف التلمساني (757ـ 826هـ)، وهو معروف بأبي يحيى. وصفه مخلوف بالإمام العلامة العمدة الفهامة شريف العلماء وعالم الشرفاء وخاتمة المفسرين. ثم قال: "أخذ عن أبيه وبه تفقّه، وسعيد العقباني."

- مصنفاته:

تشهد بعض العناوين التي وصلتنا عن مؤلفات الإمام العقباني على تبحره في شتى المعارف والعلوم التي تتعاطى يومئذ في الإسلام، فقد صنف في أصول الدين، وهو علم يحتاج في مراتب إلى الجدل والمنطق لكشف اللبس عن المعتقد ورفع الشُّبَه وتحقيق الحق وإبطال الباطل بالأدلة العقلية النظرية الموصلة إلى حكم الضرورة عند المنكر لها، ومن هنا كان للعقباني شرح على متن الجُمل الشهير في المنطق للخونجي، كما تخصص في علم الفرائض وغيره من العلوم الفقهية التي أهلته لتولي القضاء أكثر من أربعين سنة. وفيما يلي تعريف بما وصلنا من مصنفاته.

1 ـ شرح الحَوفية. ومتن الحوفية هو مختصر في علم الفرائض للشيخ أحمد بن محمد بن خلف أبو القاسم الحوفي القاضي المالكي العالم بالفرائض (تـ588هـ). قال ابن فرحون: وله تآليف منها شرح الحوفي في الفرائض لم يؤلَّف عليه مثله." وتقدم أن الإمام السنوسي اعتمد عليه في تصنيفه لكتابه "المقرّب المستوفي في شرح فرائض الحوفي"، وأنه وصف بالشرح الذي "تقف عقول النجباء عنده، ولم يَرَ الراءون ولا يرون ـ والله أعلم ـ مثله قبله ولا بعده" اهـ. والشرح لا يزال مخطوطا ولم يحقق والله أعلم.

2 ـ شرح الجُمل للخونجي في المنطق. قال الشيخ ابن مرزوق الحفيد في مقدّمة شرحه لجمل الخونجي الذي سماه: "نهاية الأمل في شرح الجمل": "وشرحه شيخنا وحيد دهره وفريد عصره، بقية العلماء الراسخين، ووارث الفضلاء المجتهدين: أبي عثمان سعيد بن محمد العقباني أمتع الله ببقائه وزاد في علوّه وارتفاعه" . توجد منه نسخة بمكتبة حسين جلبي، ضمن مكتبة بروسه الوطنية/تركيا. تحت رقم 725.

3 ـ الوسيلة بذات الله وصفاته.

4 ـ شرح العقيدة البرهانية. وهو شرح على عقيدة الإمام أبي عمرو عثمان السلالجي (521ـ 594هـ) التي اختصرها من كتاب "الإرشاد" لإمام الحرمين. وقد منَّ الله تعالى بجمع بعض نسخه النادرة وتحقيقه.

5 ـ شرح مختصر ابن الحاجب الأصولي. قال التنبكتي: وألف "شرحًا جليلا على ابن الحاجب الأصلي . وقد أشار إليه الإمام العقباني في آخر شرحه لكتاب "الوسيلة" الذي بين يديك. والشرح مخطوط توجد منه نسخة في خزانة القرويين بفاس، وقطعة من آخره بالمكتبة الوطنية بتونس.

6 ـ شرح التلخيص لابن البناء. وهو كتاب تلخيص أعمال الحساب لأبي العباس أحمد بن البناء المراكشي (654 ـ721هـ).

7 ـ شرح قصيدة ابن ياسمين في الجبر والمقابلة.

8 ـ شرح البردة.

9 ـ شرح سورتي الأنعام الفتح. قال ابن فرحون: "وشرحه لسورة الفتح أتى فيه بفوائد جليلة."

10 ـ لب اللباب في مناظرات القباب. ذكر الحجوي في ترجمة القباب أنه "له مناظرات مع إمام تلمسان العقباني ألّفها العقباني وسماها: لبّ الألباب في مناظرات القباب، نقلها الونشريسي في نوازله" .

11 ـ وللقاضي سعيد العقباني فتاوى عديدة نقل بعضها الونشريسي في "المعيار المعرب".

- وفاته:

توفي الإمام سعيد العقباني عام أحد عشر وثمانمائة (811هـ) كما نقل التنبكتي ذلك عن الونشريسي في وفياته ، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة وأدخله فسيح جنانه ورفع درجته في علِّيين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

مصدر الترجمة:

كتاب الوسيلة بذات الله وصفاته لصاحب الترجمة الإمام أبي عثمان سعيد بن محمد العقباني – تحقيق: نزار حمادي -  الطبعة الأولى 1429هـ.
تكملة الموضوع

ترجمة الولي الصالح سيدي محمد بن عبد الرحمان النعاس

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 


الولي الصالح العارف بالله سيدي محمد بن عبد الرحمان النعاس (1860- 1945م) - (1276-1364هـ)

نسبه:

هو العارف بالله سيدي محمد بن عبد الرحمان بن سليمان بن بلخير بن قويدر بن عثمان بن بو عبد الله بن العقون بن بو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان بن سالم إلى أن يصل نسبه إلى محمد بن عبد الله المكنى بنائل الذي يرجع نسبه إلى أولاد فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم. أما جده من جهة الأم فهو الشيخ الفاضل عبد القادر بن طمار صاحب الأسرار النورانية والفيوضات الربانية، أحد شيوخ الزوايا الرحمانية في ربوع أولاد نائل، كان معروفا بالكرم والجود والعلم والمعرفة الذي يلحق نسبه إلى عرش أولاد أم هانيء.

مولده:

ولد رضي الله عنه في سنة 1860م، نشأ وترعرع في حجر والده حيث تربى في كنف الحنان والمودة محفوفا بالرعاية الأبوية في جو روحي وعلمي وفي وسط رواد الزاوية من طلبة علم ومعرفة، حيث قرأ القرآن وأجاد حفظه على يد الشيخ السعيد بن إبراهيم في سن مبكرة ثم شرع في دروس الفقه والأحاديث والتفسير وعلم الميراث وعلم الفلك على يد نخبة من العلماء أبرزهم الشيخ آدم الدلماجي، دفين قبة والده الشيخ النعاس، ثم الشيخ مهني بن الوناس وبعد ذلك و بتوجيه من والده انتقل إلى زاوية الشيخ محمد بن عبد الله (مولى الشرشارة)، فأكمل دراسته وأخذ عنه مبادئ وآداب في طريق القوم. عاد بعدها إلى زاوية أبيه أين وجد أباه قد عين السيد القاضي المختار بن علي مدرسا بالزاوية، حيث كان معروفا بمكانته العلمية خاصة في فن الخطابة والبلاغة، وفن البديع وعلم الأصول والنحو والصرف فلازمه وأخذ عنه نصيبه من العلم خاصة في هذه الاختصاصات. تلكم هي بعض النقاط المضيئة في حياته الدراسية.

أما في الجانب الروحي وآداب الطريق، فإن والده أحاطه بعناية كاملة ورعاية سامية، وذلك كإشارة منه في المهمة التي تنتظره وهي: رئاسة الزاوية، وخدمة المخلوقات وفي هذا الشأن وجهه لأخذ العهد عن الشيخ محمد بن أبي القاسم، فأخذ عنه ونصحه بأن يلازم أباه وٌيخلص في خدمته، وكان حريصا على تلاوة القرآن، وقيام الليل، وصيام الأيام التي ورد فضلها في السنة النبوية، وملازما لحلقات الذكر.

أخلاقه ومناقبه:

كان قليل الكلام، إلا في مذاكرة الإخوان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، جدي في كلامه قوي الشخصية لا يحب المزاح ولا يميل إلى كثرة الكلام، يرى عليه هيبة العلماء العاملين، وأخلاق الأتقياء الصادقين، يتصدر المجالس، ويذاكر الجالسين، يحترمه العلماء والأمراء، إلى غير ذلك من الأخلاق الفاضلة والسيرة الحسنة التي شهد له بها الجميع ومن إشارات أبيه في التزكية له وتعيينه فيما بعد على رأس الزاوية:أبرزها ما كان يخاطب الشيخ عبد الرحمان النعاس به الأخوان ومقدمي الزاوية والطلبة حيث كان يقول لهم إن أخاكم محمد فقد إحدى عينيه ثمنا لخدمة الزاوية وتسيير شؤونها والإشراف على تنظيمها والسير في طريق منهاجها.كان يرسله الشيخ ممثلاله في بعض اللقاءات التي كانت تتم بين مشايخ الزوايا. وكان في حين سفره يتركه نائبا له في الزاوية والإشراف على خدماتها كل هذه المؤشرات دفعت مشايخ الزوايا و الأخوان و تلاميذ الزاوية وافرد عائلته يزكونه بإجماع لتولى رئاسة الزاوية مباشرة بعد وفاة والده الشيخ عبد الرحمان النعاس في سنة 1907م.

المهام التي كان يقوم بها كشيخ للزاوية:

قام بواجب خدمة الطريق و الالتزام بآدابها و سلوكها و رعاية روادها من طلبة وأيتام و معوزين و كل من تقطعت بهم سبل الحياة ، من إيواء وإطعام وتقديم مساعدات لمن يحتاجون ذلك وكان أيضا يقوم بنفسه بإلقاء الدروس الفقهية من عبادات و معاملات و تفسير للقرآن الكريم وعلوم الحديث للطلبة الذين كانوا يأتون من جهات بعيدة و يقيمون بشكل داخلي في الزاوية بمعدل حصتين في اليوم بالإضافة إلى درس عام في المسجد بعد تأسيسه يحضره عامة الناس وما كان يقوم به أيضا إشرافه شخصيا على قراءة الراتب وحلقة الذكر وكذلك القيام بمهام تتعلق بمراقبة مداخيل الزاوية من موارد الأوقاف وغيرها.

وفي المجال الاجتماعي كان يقوم بإصلاح ذات البين وفك النزاعات والخلافات بين الناس وكان يحضى بالتقدير و الاحترام لدى الجميع مما أهله أن يستعان به حتى بعض مشايخ الزوايا في القيام بوضع حد للخصومات التي يصعب حلها فعلى سبيل المثال الشيخ محمد بن عزوز "شيخ زاوية الأحداب" ساعده في حل القضايا الشائكة التي عرضت عليه، كما ساهم في إخـماد بعض الفتن الطائفية التي كانت تحدث بين القبائل و كان يغذيها الاستعمار الفرنسي بوسائل مختلفة و ذلك لتحقيق أهدافه و مخططاته الجهنمية.

- الإنجازات التي تحققت في عهدته:

• بناء مسجد من ماله الخاص الذي ورثه من تركة أبيه حيث أشار إليه بعض الإخوان لتوسيع المسجد فقال لهم بل أحدد مساحته وفق الغلاف المالي الذي أملكه.
• إقامة صلاة الجمعة بعدما توفرت شروطها وكان يؤم المصلين بنفسه.
• توسيع الزاوية وبناء المرافق الخاصة بالطلبة.
• تحديد و تنظيم الحبوسات التابعة لممتلكات الزاوية.

- نشاطه:

تغييره للسوق الأسبوعي في مدينة دار الشيوخ من يوم الجمعة إلى يوم السبت وذلك لتحقيق هدفين:

-1: لكي لا يشتغل الناس بقضاء حاجتهم من السوق على أداء صلاة الجمعة.

-2: قطع الطريق أمام الجالية اليهودية حتى لا تتمكن من القيام بنشاطها التجاري لذلك لكون يوم السبت مقدسا عندهم.
كما قام أيضا بتغيير تسمية المدينة- من حوش النعاس إلى دار الشيوخ في السجل الرسمي الذي كان آنذاك تدون فيه أسماء المدن والأحياء، وذلك لغايتين:

-1: تأخذ التسمية طابع الشمولية لكل المشايخ الموجودين بالمنطقة كالشيخ الحـدي وميصرى والشيخ محمد بن برابح ومن ضمنهم أيضا الشيخ النعاس وكلهم من قبيـلة أولاد العقون والصحاري وأولاد بن عليا وأولاد الغويني ...الخ.

-2: كإجراء احتياطي فيما يتعلق بملكية الأراضي بموجب التسمية التي قد تتخذ كقرينة لذلك وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ذكاء الرجل وتفكيره الواسـع و صفة الورع وإبعاد الشبهات حتى لا يتحمل -رحمه الله- أي مسؤولية حيا أو ميتا.

- حبـه للعلم و تقديره للعـلماء:

كان يحب العلماء ويعظمهم ويخلص في النصيحة لهم ويحث الناس في مواعظـه على تعليم أبنائهم، وفي هذا الشأن لما سمع بثناء الناس على الشيخ عطية مسعودي بعدما أكمل دراسته استدعاه في الزاوية وأقام عنده ضيفا لمدة 03 أيام تحاور خلالها معه في مواضع عديدة فأعجب به ودعا له بالتوفيق وقال له: "يا ولدي كنت عازما أن نعرض عليـك وظيفة الإمامة بمسجدنا وإلقاء الدروس للطلبة بزاويتنا لكن بعدما أجريت هـذا الحوار معك تبين لي أن مستواك لا يواكب قريتنا الصغيرة لأن العالم إذا سكن البادية أو القرية يموت علمه وينساه الناس، فأنصحك أن تلتحق بمدينة الجلفة ثم تابع الشيخ قضيته فأقترح على السيد الشريف بن أحمد بن الشريف أن يعينه بمسجده المسمى بـ"جامع الجمعة" آنذاك فتم ذلك فعلا .

وفي إحدى المرات حدثت وشاية بينهما تسبب في نقلها أحد العوام بدعوى أن الشـيخ عطية ينكر الصالحين في محاولة منه لقطع صلة المودة والمحبة بينهما فنهر ذلك الواشي وقـال له تأدب لأنك طعنت في عالم جليل وإن لحوم العلماء مسمومة ،و لما سمع عطيــة ذلك بعث إليه بالقصيدة التالية يفند فيها مزاعم الشخص فقال:

مـن بعد إهداء السلام والرضا لمن بأفقي العلم نوره أضاء
محمد بن الشيخ عبد الرحــمان بن صفي المرتضى سليمان
يا سيدا حاز الكمال ورعــا وحرس الشرع الشريف ووعى
وجـد في فعل الجميل مخلصا أعـماله لله نرجو مخلصا
اقصص إليـك سيدي حكاية قد حملت في طيها شكاية
وذاك أن بعض أوباش الورى ممن غدوا في سيرهم الى الورى
وهم يرون الغي رشدا والهدى ضلالة وفي السلامة الردى
ويحسبون أنهم عـلى شيء وقد شوتهم نار جهلهم شيا
كنت قد اجتمعت ذات ليلة به في بـيت عبد صالح منتبه
فـجرنا الـحديث أن ذكرنا مـسألة الـدخان اعتبرنا
بقول أهل العلم حيث اختلفوا في حكمه وصنفوا و ألفوا
فـمن مـحرم ومـن مبيح وكـلهـم ذو نظر صحيح
وقلت قال صـاحب المبـاشر في شرح متن القدوة بن عاشر
ومـنع الـتبـاك الأكـثرون وقـد أبـاحـه الـمحققون
فـانظر لـقوله الـمحققون مع تـأمل تـجده قول من جمع
لـكنـه لـما دنـا للـحرم بـموجة من بحر علمكم رمى
فبـاء بـالخيبـة وهـو ممتلى بـالغيظ قائلا بصوت معتلي
لا كـانـت الجهـالة المشؤمة ولا حياة أهـلها الـمذمومة
وليـحي أهل العلم سادة البشر من بـهم دين الحنفي انـتشر
فإنـهم عيـون خــلق الله مبينو الفـروض والـمنـاهي
الحائزون رتبة الكمــــال في الدين والدنيـا وفي المـآلى
هذا تمام القصـة الطريفة بعثتها للحضرة الشـــريفة
تسلية تعــم وفيها عبرة لكل ذي درايــة و خـبرة.

- مواقفه:

من مواقفه كان إذا شرع في إلقاء درس لا يتوقف حتى يكمله مهما كانت الظـروف والأسباب ، و في إحدى المرات بينما هو يلقي درسا بالمسجد للطلبة كعادته إذ جاء وفد من مدينة الجلفة يتكون من القضاة والمسئولين في ذلك العهد فاستقبلوا من طرف الحارس بالزاوية (المقدم) بدار الضيافة وطلبوا مقابلته إلا أنه أمر المقدم بأن يقدم لهم ما يحتاجون إليه من كرم الضيافة وينتظرون إن كانوا في حاجة ماسة لاستقباله حتى يكمل الدرس وفعلا تم ذلك، وفي مجال الدعوة ومناهضة الاستعمار وتشجيع روح المبادرة ما قام به بعد ما تم تأسـيس خلية لجمعية العلماء بالجلفة حيث كان البعض يراها معادية لنشاط الزوايا بينما هو يراها مكملة لنشاطات الزوايا في تلك الحقبة لأن مؤسسها الشيخ عبد الحميد بن باديس - رحمـه الله- كان من أبناء الزوايا (تعلم بالزاوية العساوية ) فاستبشر خيرا للمبادرة وباركهـا وذلك بدعوة لأعضائها وأعيان الجلفة ببيته فقدم كلمة بالمناسبة هنأهم فيها على هذا المجهود التربوي الجديد وعاتب من تخلف عن ركب الجمعية خاصة الوجوه البارزة، و أثناء تأديته لفريضة الحج كان بصحبته مجموعة من خدام الزاوية منهم بوعمارة الحـاج المصطفى من سحارى أولاد إبراهيم وإبراهيمي الحاج أحمد بن الجمعي من فرقة أولاد سـعد عرش أولاد عيفة حيث استقبل الشيخ بصحبتهما من طرف الملك عبد العزيز آل سعود رفقة وفود من عدة دول إسلامية حيث قدم الشيخ بالمناسبة كلمة شكر فيها الملك على المجهودات التي يقوم بها خدمة للحرمين الشريفين ولضيوف الرحمان من جهة ومن جهة أخرى ذكره بالمسؤولية الكبرى التي يتحملها على صعيد واسع فأعجب به الملك ورد على كلمته بالشكر ويروى أنه أستدعي من طرفه في لقاء خاص، كما تروى له عدة مواقف خلال حياته الحافلة بالنشاطات لا يمكننا سردها كاملة في هذه الترجمة المتواضعة.

- آثاره:

من أهم آثره مقال في جريدة البلاغ التي كانت تصدر بمصر الشقيقة بعنوان "الصفات والأخلاق التي ينبغي أن تتوفر في المريد و المنتسب لطريق القوم " نبه فيها ببعض المتطفلين والمشعوذين الذين لا يخلو منهم أي قطاع حيث ذكر في مقالته بأن الطريق أساسها ومبناهـا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،كما كان مشتركا في صحيفة أسبوعية عنوانها" الإسـلام" تصدر عن وزارة التربية والمعارف المصرية تهتم بالجوانب الروحية والتربوية في الإسلام والفتاوى الشرعية توجد منها أعداد كثيرة بمكتبة الزاوية، كما ترك مكتبة غنية بالمخطوطات والمجلدات والمجلات في جميع العلوم والمعـارف توجد بالزاوية.

- وفـاته رضي الله عنه:

توفي إثر مرض ألزمه الفراش لفترة قصيرة سنة 1945 م بمسقط رأسه ودفن بجوار أبيه بالزاوية، ترك ولدين هما الشريف الذي تولى خلافة الزاوية من بعده و عبد الله اللذين كانا خير خلف لخير سلف، رحم الله الفقيد ونفعنا ببركاته - آمين آمين آمين-

مصدر الترجمة:

زاوية الفلاح - قسم مشايخ المنطقة - المنشورة بتاريخ الخميس أكتوبر07 - 2010م.

تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |